الثلاثاء ١٦ سبتمبر ٢٠١٤
أي إصلاح ديني؟ مع تصاعد الارهاب، تزداد المطالبات بإصلاح جذري في الإسلام. وبين الموقفين، يتقدم كثر، من وزير الخارجية الاميركي جون كيري الى أعضاء هيئة العلماء المسلمين، للتأكيد على أن «الاسلام ليس كذلك». السؤال الاول الذي يتبادر الى الذهن «كيف هو الاسلام إذاً؟» أو على أي نموذج ينبغي ان تُبنى النظرة والفكرة الصحيحتان الى الاسلام؟ بعد هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001، صدرت دراسات عن مراكز أبحاث أميركية تحدد العنف كعلة أساسية في الاسلام، ولاحباطها اقترح كتاب الدراسات خيارات منها اعادة النظر في المناهج الدراسية في عدد من البلدان الاسلامية وتعزيز «قوى الاعتدال» الاسلامي وذهبت احدى الكاتبات الى اقتراح الصوفية كعلاج للاسلام الجهادي. تيار عريض من «الباحثين» الاميركيين والغربيين في الشأن الاسلامي لم يجدوا مانعاً من الاعتراف بـ«الإخوان المسلمين» كممثلين للنبض الحقيقي للشارع العربي الذي لا يمكن تصور أي حراك سياسي فيه من دون خلفية اسلامية. عقدت ندوات وصدرت كتب وأوراق بحثية كثيرة لاستطلاع امكان الحوار مع «الاخوان» وبناء الجسور معهم. وافضت تجربة الحكم الاخواني الى كوارث في مصر وتونس، معروفة تفاصيلها للجميع. يعود العالم اليوم الى حديث الاصلاح الديني. جيد. لكن ما المطلوب اصلاحه على وجه التحديد؟ ومن هي الجهات التي يفترض ان تجريه؟ ومن هم، على المستويين السياسي والاجتماعي، القوى التي ستجني الفوائد من الاصلاح المنشود؟ تذكر طروحات الاصلاح،…
الجمعة ١٢ سبتمبر ٢٠١٤
يجادل كيفن ماكدونالد، أستاذ علم الاجتماع في جامعة ميدلسكس البريطانية، أن «داعش» كظاهرة لا يرجع في الفكر والممارسة إلى القرون الوسطى بحسب ما تقول تصريحات المسؤولين السياسيين والصورة الشائعة عنه. ويوضح ماكدونالد، في مقال نشرته صحيفة «ذي غارديان» البريطانية قبل أيام، أن «داعش» ينتمي إلى الحداثة التي أسستها الثورة الفرنسية، مستشهداً بذلك بفقرات من مؤلفات أبي الأعلى المودودي وظهرت في خطبة «الخليفة» أبي بكر البغدادي في المسجد الكبير في الموصل. ويرى أن الإسلام الجهادي يوفر للشباب المسلم فرصة إبداء تمسكه الحقيقي بدينه، على الضد من أهالي هؤلاء، الذين يعتبرون الإسلام، وفق الجيل الجديد من الجهاديين، مجرد «تقليد وثقافة». يتيح «داعش» للشبان المسلمين فرصة الانتماء إلى مشروع سياسي ديني ودنيوي تقوم أسسه على فكرة السيادة التي وضعتها الحداثة الأوروبية واشتغل أبو الأعلى المودودي على نقلها إلى الإسلام، على ما يرى ماكدونالد. مقالة الأستاذ البريطاني من الكتابات القليلة التي تحاول سبر الأبعاد الاجتماعية والثقافية لظاهرة تنظيم «الدولة الإسلامية» والخروج من كليشيهات الترهيب وقطع الرؤوس وسبي النساء ورد الظاهرة إلى سوية ماضوية لا تربطها صلة بالمجتمعات العربية المعاصرة وتشكل تهديداً للعالم بأسره، وتتجه إلى النظر للتغيرات الجذرية التي تشهدها المجتمعات والتي انفجرت ثورات ونيراناً لم يهدأ أوارها بعد. لكن في الوسع الإضافة إلى ما كتبه ماكدونالد نقاط عدة: نزعم أولاً أن ما أورده…
الجمعة ٢٢ أغسطس ٢٠١٤
اشترطت سالومي قطع رأس يوحنا المعمدان لتعطي الملك هيرودس ما يريد. كان في وسعها قبول نصف مملكته الذي عرضه مقابل رقصها أمامه، لكنها قررت مع أمها أن درء خطر المعمدان سيجعلهما تكسبان المملكة كلها فيما وجوده سيظل يهددهما. وفي ماض قريب، طلب العرب بدء عملية سلام جدية وشاملة مع إسرائيل مقابل مشاركتهم في الحرب على صدام حسين الذي احتل الكويت. كان صدام قد حدد ثمن انسحابه من الكويت بإنهاء إسرائيل احتلالها للضفة الغربية وغزة. شرط صدام حسين كان دعائياً لكن لم يكن من المتاح سحب هذه الورقة من يده من دون خطوة حقيقية مقابلة. فكانت العملية التي بدأت بمؤتمر مدريد. اليوم، تظهر دعوات الى «قطع رأس داعش». لا جدال في أن القضاء على هذا الوباء الأسود ضرورة للدول والمجتمعات العربية بسبب الكلفة المادية والسياسية الضخمة التي يلقيها على عاتق المنطقة، وبسبب تشويهه تشويهاً عميقاً لصورة الإسلام والمسلمين والعرب، على نطاق غير مسبوق في العصر الحديث. بيد أن كل هذا يفترض أن يقترن بثمن للمشاركة العربية. فليس سراً أن عدداً لا يستهان به من الأطراف ومن المواطنين العرب ينظر إلى «داعش» باعتباره ورقة أفلحت في لجم التقدم الإيراني في العراق، وأن «الإنجاز» هذا أفضى إلى إرباك القيادة الإيرانية وحملها على تغيير تكتيكاتها وتغيير «مبعوثها» الى العراق وسورية اللواء قاسم سليماني، الذي…
الجمعة ٠٨ أغسطس ٢٠١٤
صحيح كل ما كُتب في معرض الدفاع عن المسيحيين ودورهم في المشرق العربي. وسليم تماماً الاعتراف بفضلهم على الثقافة واللغة العربيتين والإقرار لهم بدور جوهري في منح معنى إنساني شامل لتمسكهم بالبقاء في هذه المنطقة من العالم على رغم كل ما عانوه ومروا به على امتداد القرون، تارة باسم الدين وطوراً باسم الاستبداد السلطاني. وجاهل من لا يرى في اضمحلال الدور والحضور المسيحيين في المنطقة ضربة قاسية الى قلب المجتمعات والثقافة العربية والإسلامية، ذلك أن اختفاء المسيحيين من المشرق سيحيله صحراء عرقية ودينية وحضارية لا أمل فيها بنمو وتطور أي ظاهرة حضارية تتأسس حكماً على التفاعل والتبادل والحوار. ملامح الصحراء هذه بدأت تتكرس في نواح شاسعة اجتاحتها جحافل الإرهابيين المستترين بستار الدين، الذين لا يخجلون من وضع عبارة «الحمد لله» تحت صور الرؤوس التي يجزونها. ويصب في إطار الحرص العربي على دور مهم لمسيحيي المشرق، الحفاظ على موقع رئاسة الجمهورية في لبنان في عهدة شخصية مسيحية تحظى بتمثيل وازن في صفوف طائفتها وتمارس سلطات واسعة في إطار الدستور والقوانين اللبنانية، بالإضافة طبعاً إلى المناصب الحساسة الأخرى من قيادة الجيش وحاكمية المصرف المركزي وسوى ذلك. هذه المناصب، في واقع الأمر، شهادة ليس فقط على دور المسيحيين المركزي في لبنان، بل أيضاً على قدرة المسلمين على التعايش والتفاعل مع التعدد المذهبي والديني…
الجمعة ٠١ أغسطس ٢٠١٤
تشييع «حزب الله» أحد قياديه، إبراهيم محمد الحاج، الذي سقط في العراق، في ذروة العدوان الإسرائيلي على غزة، وفّر على الحزب قول الكلام المنمق عن معاني المعارك التي يخوض على جبهات سورية والعراق. سقوط الضحية الأولى لـ «الواجب الجهادي» على ساحة قتال بعيدة، يعلن من دون لبس وجهة «البوصلة» التي قرر الحزب اتباعها. وبعد مئات القتلى الذين ذهبوا في القتال بذرائع امتدت من حماية القرى الشيعية في سورية ثم الدفاع عن المقامات المقدسة ثم منع سقوط نظام الممانعة، نعى الحزب فقيده الأول في صراع لم يعلن المتحدثون باسم الحزب حتى الآن أسباب الانخراط فيه. ولن يكون من العسير على هؤلاء إدراج إرسال المقاتلين اللبنانيين، الذين يعتقد انهم يؤدون حتى اليوم دور المستشارين العسكريين للميليشيات الطائفية العراقية، ضمن سياق مواجهة التكفيريين. وكان الأمين العام لـ «حزب الله» قد ساوى بين الحركات التكفيرية والاحتلال الإسرائيلي في واحدة من خطبه. القتال ضد التكفيريين يعادل مواجهة إسرائيل. أي أن الحرب الأهلية بين الطوائف والجماعات العربية لا تقل نُبلاً عن التصدي للعدو التاريخي للعرب، إسرائيل. بهذه الحجة يستطيع «حزب الله» الرد على محاولات الإحراج التي تقوم بها حركة «حماس» عبر مطالبته ببذل المزيد من الجهد وصولاً الى فتح جبهة الجنوب اللبناني الهادئة منذ 2006، لنصرة قطاع غزة في نكبته الحالية التي حصدت حتى الآن أرواح…
الجمعة ١٨ يوليو ٢٠١٤
إلى جانب الحاجة الإسرائيلية إلى تدمير أي توافق فلسطيني ومنع تشكيل حكومة غزة- رام الله وتفعيلها، وإضافة إلى حرمان الفلسطينيين من أي مصدر قوة يمكن في مرحلة ما أن يحسن موقعهم التفاوضي، ثمة سمة لا تخفى للحرب الحالية على غزة تضعها بسهولة ضمن ما يجري في المشرق العربي من تفكك. تذكّر أحداث الأسابيع القليلة الماضية يوضح العلاقة هذه. فبعد أعوام من المفاوضات غير المجدية والاتفاقات التي توزعت أماكن توقيعها بين مكة والدوحة والقاهرة، نجح ممثلو حركتي «حماس» و»فتح» في التفاهم على تشكيل حكومة وحدة وطنية تقوم على تمثيل منصف للتيارات الرئيسة على الساحة الفلسطينية وتضم عدداً من الخبراء والتكنوقراطيين. رفضت إسرائيل الاتفاق الجديد واعتبرته عقبة أمام السلام فيما ألمحت الولايات المتحدة إلى استعدادها التعاون مع الحكومة الجديدة التي أيدها الاتحاد الأوروبي. جاء خطف المستوطنين الثلاثة وقتلهم قرب الخليل في لحظة سياسية حرجة ما طرح أسئلة صعبة عن الجهة التي أمرت بالعملية والهدف منها. إيران تحاول عبر مؤيديها تدمير التوافق الفلسطيني، قال البعض. المتطرفون في «حماس» لا يريدون التقدم نحو المصالحة الوطنية، أوضح آخرون. مهما يكن من أمر، قُتل المستوطنون الثلاثة ضمن سياقين متناقضين: تصعيد الاستيطان الإسرائيلي في الضفة وتفاقم اعتداءات المستوطنين على السكان المحليين والتعنت في ملف الأسرى الفلسطينيين لدى إسرائيل والجمود الكامل للعملية التفاوضية الفلسطينية - الإسرائيلية من جهة،…
الجمعة ١١ يوليو ٢٠١٤
لوهلة، يبدو الجدال حول امتلاك أبي بكر البغدادي شرائط الخلافة وكأنه لا ينتمي إلى هذا العالم. والقول ببطلان إعلان الخلافة وتنصيب الخليفة لافتقارهما إلى الشرائط الشرعية يعطي انطباعاً أن المرء لا يقرأ مقالاً في صحيفة اليوم، بل إنه فتح كتاباً في تاريخ القرن الثاني الهجري. ومدهشة فعلاً كمية الكتابات التي تناولت هذا الجانب من مسألة الخلافة الداعشية وحق البغدادي في تنصيب نفسه من دون اجتماع الشرائط له وفيه. لكن إلى جانب الطبيعة السريالية، إذا جاز التعبير، المتعارضة مع ما بات من بداهات تداول السلطة وانتقالها والاستيلاء عليها ومصادرتها، حتى في هذا الجزء المنكوب من العالم، يتعين النظر إلى السجالات من زاوية أوسع. قد لا تعني الاقتباسات والاستشهادات من الكتب الدينية وأعمال كتاب القرون الهجرية الأولى والتي ساقها أنصار الخلافة ومعارضوها، لمراقب من خارج النسيج الذي أفرز ظاهرة «داعش» وقبلها «القاعدة» و»النصرة» وما يدخل في بابها، غير انتكاسة إلى الماضي البعيد واختراع تقليد جديد (بالمعنى الذي صاغه المؤرخ اريك هوبزباوم) يتأسس على سردية غير واقعية للتاريخ ومعطياته. أو ربما، دليل إضافي على فشل مشروع الدولة الوطنية وعودة المكوّن القبلي ليتحكم في آليات تكوين السلطة في المشرق. في الوسع الزعم أن ثمة ما يفيض عن التفسير هذا لظاهرة إعلان الخلافة والجدالات الفقهية - السياسية التي رافقته. إذا ألقينا نظرة على الخلفية الاجتماعية…