السبت ٠١ يونيو ٢٠١٣
(“نحن عدنا ننشد الهولو على ظهر السفينة.. نحن عدنا يا بلادي لشواطئنا الحنينة”)، في صغري سألت جدي: كيف توفي صديقك؟ نظر إليَّ بجسده المتعب، ومسح بكلتا يديه، تجعدات جبينه تريد أن تقول شيئاً، طال صمته، كنت أعلم أنه يتذكر الأعماق، ذلك القاع المظلم، وقبور من ماء، لرجال كانوا في صراع مع الطبيعة في سبيل الرزق، يتصارعون مع أسماك متوحشة، وأمراض غير متوقعة، فقط سكين في يده، يحمى بها نفسه، وكيس في خصره يجمع بها غنيمته. كان يعلم مسبقاً أن كل اللآلئ التي سيجمعها لن تكون له، إنه العيش على الفتات أو الموت جوعاً، صراع بقاء في الماء، ما أصعبها من حياة. طال صمته، كان عليَّ الحذر، كنت أعبث بذاكرة تتذكر! ما أقسى الذكريات على الرجال عندما تأتي على غير موعدها! بهدوئه المعتاد أجاب، وأخذ يسرد القصة.. قبل المغرب بقليل في القاع، كأنما انفجرت أذنه! رفع إلى المركب نازف الأذنين، غسل وكفن وتمت الصلاة عليه، ربط بعدها بحجر ثقيل، وألقي ثانية في البحر، لم يكمل الثلاثين بعد، كأني أسمع الآن صوت ارتطام جثته بالأعماق، وبكاء زوجته عندما أعطيتها صندوقه، ونحيب الفقد. لم يكمل قصته، رجع لوحدته، وأخذ يحرك في مسبحته. -ما الفرق عند الموت وقبرك حفرة في التراب أو قبرك في قاع البحر؟ سألته ثانية، كنت صغيراً جداً لم أفهم حينها…
الأحد ٢٦ مايو ٢٠١٣
خرج من نافذة غرفته في الطابق الأخير، يائسا من كل شيء، أراد أن يقفز و ينهي كل شيء، لم يعد هناك قيمة للأشياء من حوله ويعتقد في قرار نفسه أنه ليس ذا قيمة، من الأعلى تبدو المدينة صغيرة ومختلفة ولم يكن يعرف حينها أن كل المشاكل الكبيرة عندما نراها من زاوية أخرى تبدو صغيرة و وقعها مختلف، وأنا هنا لا أقلل من المشاكل لكن دائما هناك نظرة أخرى! ببطء كفارس جبان يريد أن يهرب من المعركة يتسلق الجدار لينهي حياته، أخذ القرار في لحظة ضعف وقرر التنفيذ، الآن ثوانٍ تفصله عن النهاية، يظن بجهل أنه سيرتاح ويريح، ما يهمه الآن أنه لا يريد أن يكون في هذه الحياة! فجأة يراه جاره ويصرخ عليه: يا مجنون ماذا تفعل؟ لا تتهور! التفت بحزن عليه وتساءل بصمت هل هو فعلاً مجنون؟ وهل اختيار الموت جنون؟ ما هي إلا ثوانٍ حتى تجمع جمع غفير الكل ينظر إليه، بعضهم يصرخ لا تفعل وآخرون دخلوا إلى العمارة ليساهموا في إنقاذه. فرق من الطوارئ والإنقاذ في الطريق، الكل أتى ليشهد ويشاهد، كيف يستطيع هذا الإنسان أن ينهي حياته بهذه القسوة والألم، ولماذا اختار أن ينتهي كأشلاء ما أقساها من ميتة وما أصعبها من نهاية. لحظات تمر وتحول المكان لساحة حرب و في نظري “لساحة حب”، والكل بانفعال…
السبت ١٨ مايو ٢٠١٣
في الصباح ينظر في مرآته، يلبس قناعه ويمضي في حياته وفي المساء يرجع إلى نفسه، يخلع جميع أقنعته هكذا ينتهي يومه. هذه الجملة ليست مقطعا من رواية خيالية لكنه واقع يعيشه البعض، هو ليس هو عندما يكون معك، مجاملاته نفاق وابتساماته مزيفة هناك أسباب تمنعه أن يكون هو، يغطي نفسه بهالة ويخفي شخصيته الحقيقية، تصطدم بجدرانه، يحصن نفسه بأقنعته، يستبدلها كلما دعت الحاجة وهو لا يعلم إنها تستنفذه بطيئاً تشتته وتخفي ملامحه الحقيقية. يضيع العمر بين أقنعته، يبحث فيها عن ذاته ويوما ما يريد أن يرجع كما كان نقيا، بسيطاً وعفويا! تخذله حينها كل الأقنعة، تتساقط أمامه ومعها وجهه الحقيقي، لا شيء يستره الآن ولا يستطيع التفريق بينها، بيأس يختار قناعاً آخر وبألم يمضي ثانية في حياته. يقول لي صاحبي نحن وجوه وأقنعة نضعها صباحاً و نخلعها مساء وأتساءل ما الذي يجبرنا على التصنع والعيش بزيف؟ ممن نخاف؟ وهل الحياة بتحدياتها وصعوبتها تجبرنا على ذلك؟ أم أن الخلل فينا! لا نقدر على مواجهة الآخرين بشخصيتنا الحقيقية وأيضاً لا نقدر أن نواجه أنفسنا. أحيانا نظن أن عقدة النقص التي فينا تعرينا فنتغطى بثياب غيرنا، وبسذاجة نعتقد أن الحياة قاسية لا مكان فيها للضعفاء، صعبة على البسطاء فنغير طباعنا لتقبلنا ويقبلوننا. وزميل آخر قسي عليه من قسى، لا يملك الكثير، متعثرة كانت…
السبت ١١ مايو ٢٠١٣
سأتبع النور هل أخاف من المستقبل؟ نعم! هل لديّ الكثير من الأفكار؟ لا! هل أعرف الطريق؟ لا أعتقد الذي يهم الآن هو أنني لا أريد العيش في الظلام ما بين الظلام والنور خيط رفيع تبدأ معه قصتنا الآن! كان يعلمنا معاني النور، بفرح كان ينشد أغاني الحياة، على الرغم من فقدانه حس البصر كان يساعدنا على المسير، حضرت له أمسية تحدث فيها عن تجربته المختلفة، عن قصة حياته وكتابه (للحياة مذاق آخر)، بهدوء تحدث عن مسيرته الطويلة مع الظلام من حوله وقصته مع النور بداخله! كم كان طريقه طويلاً ومؤلماً، ألا ترى أمامك وتعيش في ظلام مع نفسك قد يكون من أعظم الابتلاء. الإعاقة البصرية اختبار قاسٍ يمر به القليل، يختارهم الرحمن ليعلمونا معاني وأسرار الحياة، نستمتع بنعم الله سبحانه ولا نعرف قيمتها، وآخرون محرومون يعلموننا كيفية المحافظة عليها. قال لي نحن لا نريد كلمات ونظرات الشفقة! نحن نريد أن نكون كما نريد، نريد أن نختار طريقة حياتنا، لا أن تختاروا لنا كيف نعيش، المكفوفون ليسوا غرباء ولا هم مختلفون، نملك الكثير وسنقدم لهذا الوطن الجميل الكثير، مثلكم أنتم لنا نحن القدرة على فعل الكثير، قدراتنا غير محدودة وبصيرتنا تهدينا، نملك مثلما تملكون ولنا القدرة على اتخاذ القرار والمضي قدماً، كما نريد سنمضي لا كما تريدون. لم ير نظرات الشفقة…
السبت ٢٧ أبريل ٢٠١٣
(أقول دون رهبة أقول دون زيف.. أموت لا أخاف أين أو متى وكيف! بغتة.. مستمتعا بأنجم السماء ليل صيف رصاصة في القلب، طعنة من سيف أموت في الظلام، في الزحام، تحت غفلة بساحل الطريق حريق، غريق، أموت في سريري، كيفما يشاء لي مصيري أموت لا أخاف، قدر ما أخاف، أن يموت لحظة ضميري..) محجوب شريف كانت هذه الكلمات مقطعا من كلمات الشاعر محجوب شريف، سمعته يلقيها و أنا أنتظر دوري في برنامج صباح الخير يا عرب. مباشرة الكلمات و عمقها حركت في نفسي أشياء و كيف لا وهو يتحدث عن الموت ولا يهابه ويخاف أكثر أن يموت ضميره. طريقة الإلقاء و عمق المعنى و أيضا اللحظة المناسبة تجعل للكلمات بريقا ينير أماكن الغفلة في أحاسيسنا. كنت أتحدث مع صديقي عن النهايات المريحة، عن أشخاص وصلوا خط النهاية ولا يهابون النهاية ، ينتظرون بهدوء، يحملون عمراً كاملا من الإنجازات، إنجاز إنساني يحملك لخط النهاية ، يقدمك على الكثير، ويستغنون هم عن الكثير، العمر لديهم الآن مجرد رقم، من مقعدهم ينتظرون لم يخسروا يوماً ضميرهم، لهذا في هذه الحياة المتعبة القصيرة عندما يموت ضميرك تخسر عمرك، العدالة يا سيدي في نفسك، قد تنجو من محكمة البشر لكن أين ستهرب من قاضي ضميرك؟ تحدثنا طويلا أنا وصاحبي عن التصالح مع النفس، عن من…
السبت ٢٠ أبريل ٢٠١٣
الزهرة التي تتبع الشمس تفعل ذلك حتى في اليوم المملوء بالغيوم ... روبرت ليجتون سيحدثونك عن شعاع في كهف مغلق وعن شمس كلما غربت أشرقت ثانية، وعن فصول تتعاقب وتتغير، سيقولون لك إن دوام الحال من المحال، وإنه لا ليل مهما طال لن يستمر للأبد، سيتحدثون عن نافذة صغيرة في غرفة مظلمة تطل على الحياة! عن مرفأ النجاة وقطار مهما طال انتظارك سيعبر محطاتك. يريدون أن يصفو الأمل، وأن يقولوا لك ببساطة، إن هناك دائماً أملاً، لكن ما هو الأمل؟ وهل نستطيع وصفه بالكلمات؟ هل هو مجرد إحساس نحسه؟ ومن يضمن لنا صدق الإحساس؟! تخيل أن لهذه الحياة ابتسامة جميلة وكما نعلم أن الأشياء الجميلة باقية كالأمل تماماً وخالدة وغائرة فينا، هناك أشياء ما بين الأرض والسماء ما لا نستطيع إدراكه وتفسيره بسهولة، أشياء أمامنا جزء منا، نحيا بها ونقتات عليها، وقود مهم لاستمرارنا، دونها كم ستكون صعبة حياتنا أشياء كثيرة وأولها الأمل. سؤال: من يستطيع إطفاء جذوة الأمل فيك؟ الجواب: لا أحد. هناك تكمن في أعماقنا، سر من أسرارنا، ننساها بشقاء وتظل معنا حتى عندما نهملها لا تهملنا، نرجع كالأطفال إليها كلما ضاقت بنا السبل تلك هي شعلة الأمل! لا تنطفئ ولكن ستبقى ما بقينا رفيقتنا في دروبنا، كلما أظلم الطريق أنارت لنا طريقاً آخر. إذا نظرت بعين التفاؤل…
السبت ١٣ أبريل ٢٠١٣
البداية: يخبرني صديقي برغبته في القيام برحلة بحرية في محمية القرم الشرقي مع مجموعة من الأصدقاء، ومن هنا تبدأ القصة كانت رحلة عبر الزمن، يحملنا قارب، قصيرة بوقتها، عميقة بمعانيها، في محمية طبيعية، يقول لي صاحبي، إنها زيارة قصيرة، وقلت له لا بل هي سفر عبر الزمن. أن تسافر بين أشجار تبني جذورها في البحر، وتعيش على الماء المالح تجربة ثرية ومختلفة، يا إلهي كم يشبهنا الشجر وإلى الآن لا نعرف وجه الشبه! في الرحلة، كنت وحدي على الرغم من أني كنت معهم وحولي قبيلة من أشجار القرم، أشجار عقدت صداقات من ماء البحر، وتصالحت مع الطبيعة من حولها، وقبلت بالآخر، وهو أيضاً قبل بها، عندما تتناسق مع من حولك يتناسق معك ويعم السلام أرجاءك، إحدى مشكلاتنا عندما نظن أننا وحدنا ونقدر أن نعيش وحدنا، في رحلتنا كان الشجر وبكل تواضع يعلمنا كيف نتصالح مع ذواتنا. السفر يعني أن نقوم برحلة داخل نفسك.. دان كاي القارب شارف على الوصول الآن في رحلة تمنيت أن لا تنتهي، تمنيت لو توقف الوقت وصراحة كم تمنيت لو كنت وحدي، أحياناً بعض اللحظات العابرة في حياتنا نمر عليها مرور الكرام ولا نتوقف ولو لبعض الوقت لنتأمل كمية الجمال في الأشياء من حولنا، ونتفكر في معاني الصبر والقدرة على التكيف على الرغم من الصعوبة، في…
السبت ٠٦ أبريل ٢٠١٣
إننا لا نعرف القيمة الحقيقية للحظات العمر إلى أن تغيب في أعماق الذاكرة .. جورج دوميل ظاهرة الديجا فو وهي كلمة فرنسية الأصل تعني «حدث من قبل» وباللغة الإنجليزية تخدم نفس المعنى وهو «سبق أن شاهدته أو رأيته» وهذه الظاهرة تعني أن تعيش اللحظة في الحاضر وتشعر أنك قد عشت نفس اللحظة بكل ما فيها من قبل والآن يتكرر لك المشهد نفسه ! ويصاحب ذلك نوع من الغرابة والدهشة وأنت تتذكر التفاصيل. وقد قام العلماء بمحاولة تفسير و تحليل هذه الظاهرة و قدموا نظريات وفرضيات ودخل فيها معهم الأطباء النفسيون وأطباء الأعصاب في محاولة لاكتشاف أسرار هذه الظاهرة الغريبة التي تعطيك إحساسا بأنك قد عشت اللحظة نفسها في الماضي والان تتكرر أمامك وتضعنا أمام أسئلة معقدة ومثيرة للأسئلة متى عشتها؟ وكيف؟ وأين؟ فهل نجح العلم الآن في فك شفرتها؟ أراهن على العلم والزمن بفك كل الشفرات والأحجيات وما لا نعرفه في الماضي ونرجعه لظواهر خارقة وغير معروفة أجاب عليه العلم اليوم بكل بساطة! وأبسط مثال أنظر إلى هاتفك الآن وخدماته وتخيل لوهلة أنك تحدث أصدقائك عن الهواتف ومميزاتها قبل عشرين سنة! سيتهمونك بالجنون وسيسخرون منك كيف يستطيع جهاز صغير أن يحمل العالم وأحداثه وصوره! ضرب من الخيال و مستحيل قبل عشرين سنة أما اليوم وقد تطور العلم والتكنولوجيا فالجاهل من…
السبت ٣٠ مارس ٢٠١٣
( قف على الأرض كأنك تملك أربع أرجل) .. من فيلم صلاة طعام وحب اسمي نك فيجيسيس وقد ولدت بلا أطراف!.. هكذا عرف بنفسه اختزل حياة كاملة في عبارة. بلا أطراف يعني ببساطة و صعوبة وألم أنه ولد بلا أرجل و لا أيادٍ! السؤال هل ما زال على قيد الحياة ؟ الجواب نعم! ومازال يعيش حياته التي قدرت له والتي قرر أن يعيشها بكل أفراحها و أحزانها بكل قسوتها وسرعتها، اتخذ القرار ونفذ سوف يبقى ويعيشها للرمق الأخير قرأت مرة في كتاب مترجم بعنوان: تخلص من “ولكن” يقول الكاتب شون ستيفنسون أن الألم إجباري والمعاناة اختيارية، كلنا نتشارك بالألم لكننا نختار كيف نتعامل معه، هناك من بقي متألما في مكانه وهناك أيضاً من اختار أن يتفوق على آلامه في هذه الحياة وصاحبنا على الرغم من أنه لم يمتلك مقومات الحياة الصحيحة يعطينا دروساً بالمجان كيف نعيش حياة سعيدة. (يقال إن في نهاية اليوم أنت من تدفع فواتيرك) من عجائب الحياة أنها وعلى الرغم من كثرة من هم حولك ومن بحب يساعدك ستجد في نهاية اليوم أنك أنت الذي تدفع فواتيرك! عندما تسقط سيتفرج عليك الكثير وسيساعدك القليل ويتركك البقية رهينة لآلامك وأحزانك ومن ساعدك مرة، سينساك مرات، لا تنتظر الآخرين، الجميع في سباق محموم في هذه الحياة، وللأسف أن من…
السبت ٢٣ مارس ٢٠١٣
(إن واحداً من أهم الأشياء في الحياة هو أن يكون لديك الشجاعة لتتبع حدسك الداخلي،لأن بداخلك حدساً يعرف بطريقة معينة،ما ستصبح عليه يوما ما، وكل ما عدا ذلك هو شيء ثانوي) ستيف جوبز مجرد حبل لكنه يربط بين حياتين ، حياة تنتظر و أخرى على قائمة الإنتظار ، تبدأ منه أسرار الحياة ، حتى قبل وجودنا هناك حبل يربطنا ، نتشكل في أروقته ، نمضي بين طرقاته ، دم يجمعنا بالآخرين و أنساب و جينات ، قدرة الخالق تحفظنا قبل وجودنا و بعد الوجود، فكر معي في البدايات ؟ و ذلك الحبل الذي يربط علاقتنا بالآخرين حبل سري قدره أن يبقى سري ! يسافر معنا قبل و بعد ! كبرنا و بقيت الحبال معنا و إن اختلفت الطريقة و تبدلت الظروف ، لم نعد الآن بين جدران أربعة ، هناك فضاءات بحجم الكون و علاقات متشابكة ، و تبقى الحبال تربطنا بهم و تقربنا منهم ، قد نعرف أسبابها و قد لا نعرف ، مبدأ السرية لا زال يحكم ! و الحبل السري الذي لا نراه يمارس دوره بكل إقتدار ، يعرفنا أكثر منا ، يحرك مشاعرنا و أحيانا يتحكم في أحاسيسنا ، نقاوم مشاعرنا بمشاعرنا ، نهزم و نحن نلعب في ملعبنا ، يجذبنا لهم و لم نكن نتوقع…
السبت ١٦ مارس ٢٠١٣
الأحلام حقيقة أيها الأصدقاء، الفشل في تحقيقها هو الشيء الوحيد الزائف «توني بامبيرا» «ليس لي حاجة في أميركا بعد الآن، لن أعود لأميركا حتى و لو ظهر فيها يسوع المسيح» ، قالها بأسى عندما طرد من أميركا حسب الاتهامات الموجهة له من قبل لجان مكارثي، ولكنه في نهاية حياته عاد لها بعد عشرين سنة لتكريمه في حفل جائزة الأوسكار. كان نجم السينما الصامتة، كان معبراً جداً بالصمت وحتى عندما اكتسحت السينما الناطقة العالم، أصر على تقديم أفلامه الصامتة! ومابين أفلامه «المتشرد» و«الديكتاتور العظيم» قصة حياة مؤلمة بدأها من ملجأ الفقراء في لندن و أنهاها على منصة التتويج في أمريكا، عاش حتى بلغ الثامنة والثمانين، يقال إنه كان يقضي آخر أيامه جالساً لساعات على كرسيه، صامتاً كعادته متأملا تلك البحيرة الصامتة أمامه! بماذا كان يفكر حينها؟ وقد تحققت معظم أحلامه. ابنِ حلماً و سوف يبنيك الحلم «روبرت شولر» قال عن زوجته: «إنه منذ أن سمع صوتها لم يعرف قلبه الألم»، لم يرها أبداً! فقد نظره بعد أن أصيب بالرمد و هو في الرابعة من عمره، لقب بعميد الأدب العربي، تفوق على نفسه و على الظلام بداخله، عاش فترة مغتربا و حاز على الدكتوراه وأصبح وزيراً، كتب و لم يكن يرى قلمه، و آخرون يملكون كل الأقلام ولا يعرفون كيف يكتبون، خاض…
السبت ٠٩ مارس ٢٠١٣
يجب ألا تفقدوا الأمل في الإنسانية. إن الإنسانية محيط وإذا ما كانت هناك بضع قطرات قذرة فلا يصبح المحيط بأكمله قذراً غاندي حسب القصة أن الأديب الراحل نجيب محفوظ رأي طفلاً يبيع حلوى عند إشارة المرور، فبكى وقال: أحلام الأطفال قطعة حلوى، وهذا طفل يبيع أحلامه! كم طفل باع أحلامه إلى الآن؟ وكم اشترينا من أحلام لم نعلم قيمتها عندهم؟ لم نعلم أنها كانت أحلامهم. ليس هناك أشد إيلاماً من شعور طفل يرى أشياء ويتمناها، ولكنه لا يستطيع أن يحصل عليها، وحتى يصل إليها يبدأ ببيع أحلامه في الطرقات. هناك من يعيش حياة كريمة ولا يعرف قدرها، وآخرون قست عليهم الحياة ولا يزالون يستبشرون بالحياة. سألني صديق مرة هل اضطررت يوماً أن تتخلى عن أحلامك لأسباب قاهرة؟ فكرت ملياً في سؤاله وعميقاً في أحلامي، وقفز إلى ذهني ذلك الطفل الصغير يجول في شوارع يعرفها وتعرفه يبيع أحلامه، ليحقق حلمه في العيش الكريم. عندما تقسو علينا الأيام لا تعترف الأعمار! ولا تفرق بين صغير وكبير، تخذلك وأنت في أشد الحاجة إليها، تعزلك بعيداً ووحيداً، تملي عليك شروطها، تحدد أجندتها وعليك التنفيذ. إنها الحاجة يا صاحبي وما أدراك ما الحاجة! زمن التنازلات يأتي عندما تطرق الحاجة أبوابنا، يقول الإمام علي بن أبي طالب لو كان الفقر رجلاً لقتلته ولقتلته أنا أيضاً! الحياة..…