جمال الشحي
جمال الشحي
كاتب و ناشر من دولة الإمارات

انثروا القمح على رؤوس الجبال

السبت ٠٢ مارس ٢٠١٣

في مقولة إنسانية مميزة للخليفة عمر بن عبدالعزيز، يذكر أنه قال: «انثروا القمح على رؤوس الجبال، حتى لا يقال جاع طير في بلاد المسلمين». هكذا قيل عن الحيوان فما بالك عن البشر! لهذه الجملة وقع مختلف وأعترف بأنها أوقعت في داخلي أشياء وأشياء، وأثارت أسئلة عن العطاء وأيضاً عن الأخذ، هناك من يعطي بمقابل وهناك من يعطي أيضاً بلا مقابل، قلوب سخرها الله للآخرين، أيادٍ تجزل في العطاء.. تعرف طريقها بصمت وصدق. قد تكون الكلمات الطيبة قصيرة وسهلة النطق، غير أن صداها يتردد إلى غير المتناهي.. «غاري منهوك» الأخذ والعطاء ليس في المال فقط، هناك من يحتاج لكلماتك، فهي بالنسبة له خريطة طريق.. وآخرون ينتظرون ابتساماتك ليبدأوا بها حياتهم، تعينهم على مآسيهم، تحرك فيهم ما قد انطفأ في لياليهم. قدراتك على العطاء غير محدودة، أنت تملك الكثير لتعطي فلا تبخل بما تملك، كثير هم حولك بصمت ينتظرون، لكلماتك وقع مختلف.. قد تعلم ذلك وقد لا تعلم، أختيارك لمفرداتك يصنع الفارق لديهم، جود بحب بما تملك، أنثر عبير عطائك ولا تنتظر النتيجة! أو كما قيل سابقاً أعمل الخير وأرمه في البحر! هناك أشياء المال لا يستطيع شراؤها قبل أعوام انتشرت مادة إعلانية للبطاقة الائتمانية ماستر كارد بعنوان «لا تقدر بثمن»، وكان الإعلان يقوم على مبدأ الشراء، وأهم جملة فيه كانت «هناك…

لو أن الفجر تأخر ثانية عن موعده

السبت ٢٣ فبراير ٢٠١٣

الوقت عملة حياتك، وهي العملة الوحيدة التي تملكها، وأنت وحدك تستطيع أن تحدد كيف يمكن أن يُنفَق، فاحرص على ألا تدع آخرين ينفقونه بالنيابة عنك    كارل ساندبرغ بعض الأسئلة تحتمل عدة أجوبة وبعضها قذائف مرسلة، تفجر فينا كل الأسئلة! نعيش في نظام كوني معقد أحد أركانه الزمان وقد يكون الزمن مصطلح يصعب تفسيره لاختلاف وجهات النظر والقياسات حوله، هناك الكثير من الخيال عندما يتعلق الأمر بالزمن،فهناك نقطة اللاعودة وهنالك أيضا مقدار يتناقص ويختفي شيئا فشيئا، وفي تعريف آخر للزمن أنه أحداث تتوالى والمسافة الفاصلة بينها هي الوقت وموضوعنا هنا هي “الثانية” تلك النقطة البسيطة الصغيرة على جدار الزمن التي يقاس بها الوقت. انظر إلى قوة الثانية الواحدة وما تقدر أن تفعله في وقتك القصير جدا قد يغير حياتك بأكملها. هناك كم كبير من الأحداث تحدث دائما لنا يتحكم الوقت في مجرياتها، ماذا لو تقدمنا قبل موعدنا أو تأخرنا! مالذي سينتظرنا ؟ ماذا لو قررنا أن نعبر إلى الضفة الأخرى من أحلامنا، هناك من تفقده في ثانية وتجده في ثواني، هناك ابتسامات أهديت لك وتسلمها غيرك ونظرات اقتنصتها لم تكن لك، عرفت بها أسرار من حولك، في ثانية تلتفت وترى أشياء ولو التفت بعدها بثانية لرأيت أشياء مختلفة، الشارع المتحرك أمامك ليس لوحة جامدة معلقة توجد حياة تنبض في كل…

أن تكون وحيداً.. باختيارك

السبت ٠٩ فبراير ٢٠١٣

«بعض الأحيان صمتنا يعني أننا قلنا الكثير» ايميلي دكنسون قرأت مؤخراً مقالاً مؤثراً للكاتب البرازيلي باولو كويلو بعنوان “أن تكون وحدك تماماً”، يصف فيه مشاعره وتجربته مع الوحدة في ليلة من ليالي مدينة جنيف ومشيه في شوارعها، ذكر في ذلك المقال بعضا من انطباعاته ومشاهداته لغرباء يشعرون بالوحدة مثله، قضى ليلته متجولاً ورجع بعدها وحيداً لغرفته. في الضفة الأخرى من العالم وفي ليلة مختلفة، كنت وحدي، حاولت الاتصال بأصدقائي، لكن لم يرد أحد، قررت بعدها أن أكون وحيداً، لكن باختياري، في هاتفي أرقام يضجر بها، إن هاتفتهم الآن سيحملون صخب الحياة معهم، مقود سيارتي في يدي والشارع المظلم أمامي، قررت أن أبدأ رحلة الوحدة معي. أن تكون مع نفسك تماماً بعيداً عن ضجيج الحياة، قد يكون اختياراً موفقاً يناسب الكثيرين في فترات من حياتهم، نحتاج لذلك الوقت مع أنفسنا، نحتاج لأن نصرخ في دواخلنا ونوقظ أحاسيس نائمة، نحتاج إلى تلك المحادثة الهادئة معنا، نراجع أشياءنا ونبحث عن ما ينقصنا، عندما تتحدث بصمت مع نفسك، تنتبه لأمور مضت ولحظات انقضت ومحطات تركت لم تعرها الاهتمام الكافي، عبرت بسرعة عليها، كنت حينها تبحث عن حياتك، لم يتوقف عندها قطارك، تتذكرها الآن وتقول لنفسك ماذا لو انتظرت قليلاً. الشارع أمامي لم ينته بعد، أحدق في المسافات التي تفصل بين خطوطه، وكلما زادت سرعتي…

مرت سنة

السبت ٠٢ فبراير ٢٠١٣

الأوراق الأخيرة تسقط متراقصة.. لا بد من جرعة كبيرة من فقدان الحس كي نواجه الخريف... إميل سيوران سألني صديق مرة عن عمري، فأجبته أربعين سنة، فقال: خيبة! (وهي كلمة تستخدم محلياً لتضخيم الأمور)، وأخذت بالتفكير بعمق في عمري، هل أنا فعلاً كبرت؟ أم هو يعتقد إني كبير لدخولي الأربعين! كقطار سريع مر علي شريط حياتي، تذكرت عندها طفولتنا الساذجة، وسنوات الدراسة، والسفر بعيداً في رحلة العلم، وعلى الرغم من مضي عشرين سنة على بداية تلك المرحلة ما زلت بشوق أتذكر أحداثها اليوم كأنها حدثت بالأمس. أتذكر من بحب ودعني في المطار، وأتذكر من ساعدني في غربتي، وأصدقائي على مقاعد الدراسة، ولحظات ضياعنا في شوراع مدينة لا تعرفنا ولا نعرفها، حيث لا قيمة لأوقاتنا، ولا لساعات أيدينا، التي نلبسها لا نعرف لماذا! وننساها على معاصمنا وتنسانا. كيف هرب ذلك الماضي الجميل منا؟ كيف مضى في غفلة عنا، سنين مضت، وما زلت أتذكر الأحداث، مرت كحلم أنيق، كلحن قصير، أشك حتى أنني عشته بتفاصيله، أيقظت كل ذكرياتي، كلمة صاحبي.. خييبة! قسوة الأيام تجعلنا خائفين من غير أن ندري تماماً ما يخيفنا.. إذ إن الأشياء التي تخيفنا ليست إلا مجرد أوهام... شكسبير كالمطر يتساقط العمر، سريعاً ووحيداً، وعندما نظن أنها النهاية تفاجئك الحياة بحياة جديدة. كأوقات الغروب، بداية الظلام فرصة لتتلألأ النجوم. أنت…

باليد التي تعطيك الورد يلتصق العطر

السبت ٢٦ يناير ٢٠١٣

راهب يبيع سيارته الفيراري كنت قد قرأت مؤخراً كتاب «الراهب الذي باع سيارته الفيراري»، للكاتب روبن شارما، وهي قصة خيالية عن ثري يملك الكثير ويصاب بأزمة قلبية مفاجئة، ويقرر بعدها بيع كل ما يملك والرحيل في رحلة بحث إلى حضارة قديمة، ليجد أجوبة لكثير من أسئلة حياته، ويرجع بعدها بشخصية صحية مختلفة، حاول الكاتب، من خلال كتابه، إرسال رسائل عن تطوير الذات، والهدوء الروحي الذي يجعل الإنسان يتصالح مع نفسه، بعيداً عن الصخب الذي يغطي حياتنا. نجح الكاتب في إيصال الكثير من الرسائل من خلال قصة خيالية بسيطة، وقد حقق الكتاب نجاحاً لافتاً بسبب محتواه الجيد وعنوانه المثير. أعتقد أنه من الصعوبة بمكان أن نترك ونبيع كل ما نملك ونهاجر في رحلة بحث، كما فعل بطل القصة، نحن مثقلون بالتزامات وأولويات تبطئ كثيراً من خطواتنا في طريق الحياة السريع، وأحد أكبر مشكلاتنا أن خياراتنا أحياناً ليست بأيدينا، وحريتنا مقيدة بحريات من حولنا، لا نقدر بسهولة أن نغادرهم أو يغادروننا، في رحيلك بعيداً لطلب حياتك وتركك لحياة ثانية خلفك بانتظارك، هذا الأمر يتطلب كثيراً من الأنانية وحب الذات، هناك الكثير من القسوة في أن تمضي وحيداً وتترك وراءك من ينتظرك، لكن لكل شيء في هذه الدنيا ضريبة ندفعها مقدماً حتى في النجاح! شؤون صغيرة.. تمر بها أنت دون التفات.. تساوي لدي…

مساء الخير يا أمي

السبت ١٩ يناير ٢٠١٣

*الذكرى العاشرة لرحيلك مساء الخير.. إنني في المكان نفسه، أقف الأن أمام غرفتك أمام باب كان يفصلنا عن رؤيتك و ليس عن حبك و بقايا لمسات لا تزال أثارها على مقبض بابك تحتضنها يدي ، عشر سنين و افتح الباب و لا يزال مكانك يحمل دفئ مكانك ، مثلي بشوق ينتظرك،كأنه يقول معي : اطلت الغيبة يا أمي. للمكان ذاكرة و هذه الغرفة كانت تحتضن ذكرياتنا و تفاصيل تفاصيلنا و أحلامنا المؤجلة، فقط لو تعرفين وجع الذاكرة عندما تنزفك . بعض اللحظات تبقى و تسافر عبر الزمن معنا ، البعض يصنفها كبقايا و نحن نحسبها جزء منا، ليته يعود ذلك الزمن لأجلس للأبد بقربك ، أمسح بقايا الغبار عن نظارتك ، ألملم أشواقي في أحضانك وأشكو كطفل وأحكي قصصي الساذجة و كل مغامراتي الفاشلة ! من يسمعك في هذا الكون الصاخب سوى أمك . *هرمت..فردي نجوم الطفولة.. حتى أشارك صغار العصافير..درب الرجوع لعش انتظارك..محمود درويش سألني صديقي مرة ماذا أفعل؟ و كيف أعبر عن حبي لأمي؟ قلت له : قبل أن تنحني لتقبل يد أمك تذكر أن هذه اليد ستدخلك الجنة ! و بعد أن تنحني تأمل لأنك تقبل الأن من قبلتك بحب مئات القبل ! عروق و خطوط يدها، علامات حب تدل إليك و شهادة سهر و تعب عليك…

انعكاس أشعة الشمس على البحر

السبت ١٢ يناير ٢٠١٣

حينما تكونين في خريف العمر.. بشعرك الرمادي.. وعيناك تغرقان في النوم.. ورأسك يتمايل بالقرب من النار.. خذي إليك هذا الكتاب.. وأقرئيه بتأنٍ.. وأحلمي بالنظرات الناعمة التي كانت لعينيك ذات يوم وظلالها العميقة.. كم هم الذين أحبوا لحظاتك المبتهجة، وأحبوا جمالك، واهتموا بك زيفاً وحقيقة.. تمتمي بشيء من الحسرة، كيف هرب الحب! من قصيدة “خريف العمر” وليم بتلر ييتس في كل صباح يفتح البحر ذراعيه للنور، يستسلم لنداء الحياة، يستيقظ من الظلام، كل يوم بشوق ينتظر لم يمل يوماً من الانتظار، يعرف مسبقاً أن هناك غداً، وفي منظر متكرر يشبه صورة الأمس، بشوق يعانق البحر ضوء الشمس، تخيل معي كم من لوحة جميلة يرسمها الوجود في هذا العناق، سيمفونية جميلة حالمة تعزفها الحياة كل يوم، والدخول بالمجان! لا حواجز ولا جدران، بينك وبين هبات الطبيعة، فقط لو نتأمل بهدوء حولنا سنرى الجمال فيما حولنا. «لو أن شيئاً يدوم على حال.. لماذا تتعاقب الفصول» نجيب محفوظ كم هي جميلة الأشياء بيننا، نمر عليها، ومن فرط جمالها نكاد ألا ننتبه لجمالها، لكل شيء معنى، هل نحن أدركنا معاني الأشياء في حياتنا؟ ننظر أحياناً بتفكر ونضيع كجملة في الترجمة! حياتنا مبعثرة ما بين الزمان والمكان، لا نعرف عدد خطواتنا، ومتى نخفف من سرعتنا! ماذا لو؟ نجلس للحظات نتأمل في كنوز الأشياء، في هبة الحياة،…

لماذا نكتب؟

السبت ٠٥ يناير ٢٠١٣

“الزمن هو الذي يحكم.. الزمن هو المقامر الآخر قبالتنا..على الجانب الآخر من الطاولة.. وفي يده كل أوراق اللعب وعلينا نحن أن نحزر الأوراق الرابحة في هذه الحياة” جوزيه ساراماغو سألني صديق عزيز يوما: هل قرأت “رواية العمى” لجوزيه سراماغو فأجبته بالنفي وصديقي من النوع الذي يتلذذ بكلمة “لا” ليمطرك بعدها بسيل من المعلومات عن الذي لم تعرفه! خسرت! وأنا الذي كنت أعتقد أنني لا أهزم عندما يأتي الحديث عن القراءة ومما أغاظني كثيرا جملته بعدها “غريبة كيف لم تقرأها “ وضعتها في قائمة كتبي وعندما حان وقتها وأنا بين الصفحات كأن أصابني العمى مثل أبطال القصة. وبعيدا عن هذه الرواية الإنسانية الباذخة والترجمة الجميلة، تساءلت لماذا كتب هذه الرواية ؟ ولماذا نحن نكتب؟ يقول واسيني الأعرج “نعم نكتب لأننا نريدُ من الجرح ان يظل حياً ومفتوحا. نكتبُ لأن الكائن الذي نحب ترك العتبة وخرج ونحن لم نقل له بعد ما كنّا نشتهي قوله . نكتبُ بكل بساطه لأننا لا نعرفُ كيفَ نكره الآخرين، ولربما لأننا لا نعرفُ أن نقولَ شيئا آخر”. الكتابة مثل الصرخات في الوسادة ، نحتاجها لنفرغ طاقات ومشاعر مكبوة، نحتاجها لننسى رغم ان كلماتنا تذكرنا، نكتب لنغير ونتغير، نكتب في العالم الافتراضي لتصل حروفنا إلى العالم الحقيقي، نكتب لنخفف أوزاننا كم نحن ثقلاء بكلماتنا وعسى ويا ليت…

لماذا ترفع الفرس حوافرها

السبت ٢٩ ديسمبر ٢٠١٢

“لقد قدر رسالتك بشدة ووضعها بجانبه على السرير” (زوجة ستيف جوبز ) بحسب ماورد في صحيفة بريطانية، يقول بيل جيتس مؤسس شركة ويندوز أن لورين زوجة ستيف جوبز اتصلت به، وتحدثت عن كتاب “سيرة ستيف جوبز” الذي كتبه والتر أكاسون، وقالت له إن زوجها يكن له الكثير من الاحترام أكثر مما كتب، وأن الكتاب لم يعطه كامل حقه، وقالت له أيضاً إن رسالتك نامت بجانبه على السرير، وكأنها كانت تقصد سرير الموت، حيث توفي بعدها بأيام قليلة. ما الذي كتبه بيل جيتس في رسالته لمنافسه الوحيد الشديد ستيف جوبز ؟، والسؤال الثاني الذي أحاول جاهداً الإجابة عليه هو لماذا كتب له الرسالة؟ (الرحمة قنديل القلب و العطف وهجها) في حادث يخسر أبويه ويكفله شخص نبيل، ينشأ يتيما مكسور النظرات تذكره الوجوه بمن فقد، أحيانا القوة و الضعف لا تقاس بالجسد، في داخل كل منا جبال من القوة ومناطق من الضعف، اليتامى مثلنا تكسرهم الكلمات وتذكرهم اللحظات باللحظات، لأنه عندما تفقد عزيزاً تكف أرضك عن الدوران ويتوقف زمنك، ويقسم عالمك إلى زمنين قبل الفقد وبعده، وأنت تحمل بهم همومك، يأتي من يخطئ على عزيزك أو يشتم فقيدك، قمة القسوة عندما تملك الرحمة وتقدم العذاب، ومن الصعوبة بمكان أن تملك العطف، وتقدم الشدة. هذه المشاعرالإنسانية الجميلة أودعها الله فيك لتشاركها مع الآخرين،…

كُر و أنت حُر

السبت ٢٢ ديسمبر ٢٠١٢

(يَا دَارَ عَبْلـةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمِـي              وَعِمِّي صَبَاحاً دَارَ عبْلةَ واسلَمِي) عنتر بن شداد المشهد الآن حسب الرواية، قبيلة طي تغزو قبيلة بني عبس و توشك أن تنتصر عليهم وعنترة جالس في خيمته لا يشارك في المعركة! يدخل والده الذي لم يعترف به إلى الآن ويطلب نجدته ويقول له عنتر بن شداد: أنا لست سوى عبد! وحينها يعقد له والده صفقة تضمن حريته ويقول له قولته الشهيرة “ كُر و أنت حُر” وحسب نهاية القصة يخوض عنترة المعركة وينتصر ويصبح من أسياد قومه بعدها. كما تعلمنا أن التاريخ يكتبه المنتصرون! يقولون عنه أنه رجل كتب تاريخه بيديه، قبل أكثر من 1500 سنة لا نتذكر الآن سوى معلقة عنتر وقصة حبه لعبلة وشجاعته. رحل الجميع وفنى وفنت معهم أثارهم وعنصريتهم وما تبقى سوى الإنتاج والإبداع ومعهم الحب يسافرون مع التاريخ عبر الأزمان وأينما يكونون تبدأ الحياة و تكون. (معرفة مكامن قدراتك يساعدك على الوصول سريعاً لأهدافك) لكل منا قدرات مختلفة ونقاط قوة، قدرتنا على الإنطلاق نحن من يحددها، بدايتنا البطيئة لا تعني أبدا أننا سنصل إلى خط النهاية متأخرين! ما بين البداية والنهاية جسر طويل، طريق حياة، نقطعه بأمل ونعبره بثقة وعندما نسقط دائما هناك فرص أخرى للوقوف. أنت فقط من يحدد وقت وصولك إلى خط…

قصص غير مكتملة

السبت ١٥ ديسمبر ٢٠١٢

في روايته الرائعة “الجميلات النائمات” يسافر بنا الكاتب الياباني كواباتا إلى عالم “أزمة نهاية العمر”! عن قصة مسن يحاول أن يجد نفسه في أجساد الآخرين عبر مغامرات أكبر من عمره وأصغر من سنه! يريد بها أن يسترجع ماضيه وجزءا من شبابه، هذه المحاولة اليائسة من بطل القصة كانت كأكسير الحياة بالنسبة له، هو الآن على بضع خطوات من النهاية، أقرب للموت منه للحياة وعذابات الشيخوخة تؤرقه يستمد الأمل من الجسد الآخر النائم! سمي من بعض القراء “بالعجوز المتهور” يقال إن بعض الأشياء قد لا نفهمها نحن الآن لأن لكل عمر شيفرته الخاصة. هناك أشياء لا تعني لنا الكثير لكنها تعني للآخرين حياة بأكملها. في اعتقادي أنه كان ينام بين حياتين وأصعب أنواع النوم عندما تتوسد التأمل وتلتحف التفكر. الكثير من حكايات حياتنا هي قصص غير مكتملة، نجاهد أحيانا حتى النهاية بقوة فارس وذكاء خارق لنكملها ويأبى الموت إلا أن يوقع على الصفحة الأخيرة. (تلتفت بهدوء وتمضي.. البعض يتركون خلفهم قصصا غير مكتملة) في محطة، في طائرة، في زحمة، أو حتى في مقهى تقابلهم صدفة ويبتسمون وتبتسم ويرحلون بعدها وترحل، وتبقى تلك الابتسامة قصة غير مكتملة وفي مشهد آخر تقابل أحدهم مستعجلا ويدور بينكما حديث ممتع، يشعرك حينها بأنك تعرفه منذ زمن، كم هو غريب أن يفهمك شخص في لحظة قصيرة…

النهايات.. بدايات متنكرة

السبت ٠٨ ديسمبر ٢٠١٢

(الموت لا يأتي مع الشيخوخة بل بفعل النسيان” غارسيا ماركيز) بعد أكثر من ثمانين عاما، أعلن شقيق الكاتب العالمي غابرائيل جارسيا ماركيز، عن إصابته بالخرف، و قبلها بعدة سنوات انتشرت “رسالة وداع” لنفس الكاتب فيها من الإلهام والحكمة ما يجعل للنهاية طعم البداية. كان يرى الأشياء من خلال عدسة مكبرة، بينما الكثير منا يرى الحياة من زاوية ضيقة، تحدث عن الوقت في وقته الضائع، وتمنى لو أن الله يمد في عمره لينظر إليها بطريقة مختلفة ! و كان مما قال في رسالته: “هناك دوما يوم الغد، والحياة دائما تعطينا الفرصة لنفعل الأفضل، لكنني لو كنت مخطئا، وهذا يومي الأخير أحب أن أقول كم “أحبك” و أنني لن أنساك أبدا، و لأن غدا غير مضمون لأحد فربما يكون هذا اليوم هو المرة الأخيرة التي ترى فيها من تحبهم. فلا تنتظر أكثر، تصرف اليوم لأن الغد قد لا يأتي و لا بد أن تندم على اليوم الذي لم تجد فيه الوقت الكافي من أجل ابتسامة، أو عناق، أو قبلة أو حتى إرسال أمنية أخيرة لهم”. (“عندما تفقد عزيز.. تختلط عليك كل الأوراق..و تبقى تلك اللحظة الاخيرة في الذاكرة معلقة.. الناس يعيشون أوقاتهم و أنت أسير لحظة الفراق”). يقال عندما تضيق بك سبل الحياة وتقسو عليك، فهي في طريقها للانفراج تماما كحالة الولادة…