السبت ٠٢ فبراير ٢٠١٣
الأوراق الأخيرة تسقط متراقصة.. لا بد من جرعة كبيرة من فقدان الحس كي نواجه الخريف... إميل سيوران سألني صديق مرة عن عمري، فأجبته أربعين سنة، فقال: خيبة! (وهي كلمة تستخدم محلياً لتضخيم الأمور)، وأخذت بالتفكير بعمق في عمري، هل أنا فعلاً كبرت؟ أم هو يعتقد إني كبير لدخولي الأربعين! كقطار سريع مر علي شريط حياتي، تذكرت عندها طفولتنا الساذجة، وسنوات الدراسة، والسفر بعيداً في رحلة العلم، وعلى الرغم من مضي عشرين سنة على بداية تلك المرحلة ما زلت بشوق أتذكر أحداثها اليوم كأنها حدثت بالأمس. أتذكر من بحب ودعني في المطار، وأتذكر من ساعدني في غربتي، وأصدقائي على مقاعد الدراسة، ولحظات ضياعنا في شوراع مدينة لا تعرفنا ولا نعرفها، حيث لا قيمة لأوقاتنا، ولا لساعات أيدينا، التي نلبسها لا نعرف لماذا! وننساها على معاصمنا وتنسانا. كيف هرب ذلك الماضي الجميل منا؟ كيف مضى في غفلة عنا، سنين مضت، وما زلت أتذكر الأحداث، مرت كحلم أنيق، كلحن قصير، أشك حتى أنني عشته بتفاصيله، أيقظت كل ذكرياتي، كلمة صاحبي.. خييبة! قسوة الأيام تجعلنا خائفين من غير أن ندري تماماً ما يخيفنا.. إذ إن الأشياء التي تخيفنا ليست إلا مجرد أوهام... شكسبير كالمطر يتساقط العمر، سريعاً ووحيداً، وعندما نظن أنها النهاية تفاجئك الحياة بحياة جديدة. كأوقات الغروب، بداية الظلام فرصة لتتلألأ النجوم. أنت…
السبت ٢٦ يناير ٢٠١٣
راهب يبيع سيارته الفيراري كنت قد قرأت مؤخراً كتاب «الراهب الذي باع سيارته الفيراري»، للكاتب روبن شارما، وهي قصة خيالية عن ثري يملك الكثير ويصاب بأزمة قلبية مفاجئة، ويقرر بعدها بيع كل ما يملك والرحيل في رحلة بحث إلى حضارة قديمة، ليجد أجوبة لكثير من أسئلة حياته، ويرجع بعدها بشخصية صحية مختلفة، حاول الكاتب، من خلال كتابه، إرسال رسائل عن تطوير الذات، والهدوء الروحي الذي يجعل الإنسان يتصالح مع نفسه، بعيداً عن الصخب الذي يغطي حياتنا. نجح الكاتب في إيصال الكثير من الرسائل من خلال قصة خيالية بسيطة، وقد حقق الكتاب نجاحاً لافتاً بسبب محتواه الجيد وعنوانه المثير. أعتقد أنه من الصعوبة بمكان أن نترك ونبيع كل ما نملك ونهاجر في رحلة بحث، كما فعل بطل القصة، نحن مثقلون بالتزامات وأولويات تبطئ كثيراً من خطواتنا في طريق الحياة السريع، وأحد أكبر مشكلاتنا أن خياراتنا أحياناً ليست بأيدينا، وحريتنا مقيدة بحريات من حولنا، لا نقدر بسهولة أن نغادرهم أو يغادروننا، في رحيلك بعيداً لطلب حياتك وتركك لحياة ثانية خلفك بانتظارك، هذا الأمر يتطلب كثيراً من الأنانية وحب الذات، هناك الكثير من القسوة في أن تمضي وحيداً وتترك وراءك من ينتظرك، لكن لكل شيء في هذه الدنيا ضريبة ندفعها مقدماً حتى في النجاح! شؤون صغيرة.. تمر بها أنت دون التفات.. تساوي لدي…
السبت ١٩ يناير ٢٠١٣
*الذكرى العاشرة لرحيلك مساء الخير.. إنني في المكان نفسه، أقف الأن أمام غرفتك أمام باب كان يفصلنا عن رؤيتك و ليس عن حبك و بقايا لمسات لا تزال أثارها على مقبض بابك تحتضنها يدي ، عشر سنين و افتح الباب و لا يزال مكانك يحمل دفئ مكانك ، مثلي بشوق ينتظرك،كأنه يقول معي : اطلت الغيبة يا أمي. للمكان ذاكرة و هذه الغرفة كانت تحتضن ذكرياتنا و تفاصيل تفاصيلنا و أحلامنا المؤجلة، فقط لو تعرفين وجع الذاكرة عندما تنزفك . بعض اللحظات تبقى و تسافر عبر الزمن معنا ، البعض يصنفها كبقايا و نحن نحسبها جزء منا، ليته يعود ذلك الزمن لأجلس للأبد بقربك ، أمسح بقايا الغبار عن نظارتك ، ألملم أشواقي في أحضانك وأشكو كطفل وأحكي قصصي الساذجة و كل مغامراتي الفاشلة ! من يسمعك في هذا الكون الصاخب سوى أمك . *هرمت..فردي نجوم الطفولة.. حتى أشارك صغار العصافير..درب الرجوع لعش انتظارك..محمود درويش سألني صديقي مرة ماذا أفعل؟ و كيف أعبر عن حبي لأمي؟ قلت له : قبل أن تنحني لتقبل يد أمك تذكر أن هذه اليد ستدخلك الجنة ! و بعد أن تنحني تأمل لأنك تقبل الأن من قبلتك بحب مئات القبل ! عروق و خطوط يدها، علامات حب تدل إليك و شهادة سهر و تعب عليك…
السبت ١٢ يناير ٢٠١٣
حينما تكونين في خريف العمر.. بشعرك الرمادي.. وعيناك تغرقان في النوم.. ورأسك يتمايل بالقرب من النار.. خذي إليك هذا الكتاب.. وأقرئيه بتأنٍ.. وأحلمي بالنظرات الناعمة التي كانت لعينيك ذات يوم وظلالها العميقة.. كم هم الذين أحبوا لحظاتك المبتهجة، وأحبوا جمالك، واهتموا بك زيفاً وحقيقة.. تمتمي بشيء من الحسرة، كيف هرب الحب! من قصيدة “خريف العمر” وليم بتلر ييتس في كل صباح يفتح البحر ذراعيه للنور، يستسلم لنداء الحياة، يستيقظ من الظلام، كل يوم بشوق ينتظر لم يمل يوماً من الانتظار، يعرف مسبقاً أن هناك غداً، وفي منظر متكرر يشبه صورة الأمس، بشوق يعانق البحر ضوء الشمس، تخيل معي كم من لوحة جميلة يرسمها الوجود في هذا العناق، سيمفونية جميلة حالمة تعزفها الحياة كل يوم، والدخول بالمجان! لا حواجز ولا جدران، بينك وبين هبات الطبيعة، فقط لو نتأمل بهدوء حولنا سنرى الجمال فيما حولنا. «لو أن شيئاً يدوم على حال.. لماذا تتعاقب الفصول» نجيب محفوظ كم هي جميلة الأشياء بيننا، نمر عليها، ومن فرط جمالها نكاد ألا ننتبه لجمالها، لكل شيء معنى، هل نحن أدركنا معاني الأشياء في حياتنا؟ ننظر أحياناً بتفكر ونضيع كجملة في الترجمة! حياتنا مبعثرة ما بين الزمان والمكان، لا نعرف عدد خطواتنا، ومتى نخفف من سرعتنا! ماذا لو؟ نجلس للحظات نتأمل في كنوز الأشياء، في هبة الحياة،…
السبت ٠٥ يناير ٢٠١٣
“الزمن هو الذي يحكم.. الزمن هو المقامر الآخر قبالتنا..على الجانب الآخر من الطاولة.. وفي يده كل أوراق اللعب وعلينا نحن أن نحزر الأوراق الرابحة في هذه الحياة” جوزيه ساراماغو سألني صديق عزيز يوما: هل قرأت “رواية العمى” لجوزيه سراماغو فأجبته بالنفي وصديقي من النوع الذي يتلذذ بكلمة “لا” ليمطرك بعدها بسيل من المعلومات عن الذي لم تعرفه! خسرت! وأنا الذي كنت أعتقد أنني لا أهزم عندما يأتي الحديث عن القراءة ومما أغاظني كثيرا جملته بعدها “غريبة كيف لم تقرأها “ وضعتها في قائمة كتبي وعندما حان وقتها وأنا بين الصفحات كأن أصابني العمى مثل أبطال القصة. وبعيدا عن هذه الرواية الإنسانية الباذخة والترجمة الجميلة، تساءلت لماذا كتب هذه الرواية ؟ ولماذا نحن نكتب؟ يقول واسيني الأعرج “نعم نكتب لأننا نريدُ من الجرح ان يظل حياً ومفتوحا. نكتبُ لأن الكائن الذي نحب ترك العتبة وخرج ونحن لم نقل له بعد ما كنّا نشتهي قوله . نكتبُ بكل بساطه لأننا لا نعرفُ كيفَ نكره الآخرين، ولربما لأننا لا نعرفُ أن نقولَ شيئا آخر”. الكتابة مثل الصرخات في الوسادة ، نحتاجها لنفرغ طاقات ومشاعر مكبوة، نحتاجها لننسى رغم ان كلماتنا تذكرنا، نكتب لنغير ونتغير، نكتب في العالم الافتراضي لتصل حروفنا إلى العالم الحقيقي، نكتب لنخفف أوزاننا كم نحن ثقلاء بكلماتنا وعسى ويا ليت…
السبت ٢٩ ديسمبر ٢٠١٢
“لقد قدر رسالتك بشدة ووضعها بجانبه على السرير” (زوجة ستيف جوبز ) بحسب ماورد في صحيفة بريطانية، يقول بيل جيتس مؤسس شركة ويندوز أن لورين زوجة ستيف جوبز اتصلت به، وتحدثت عن كتاب “سيرة ستيف جوبز” الذي كتبه والتر أكاسون، وقالت له إن زوجها يكن له الكثير من الاحترام أكثر مما كتب، وأن الكتاب لم يعطه كامل حقه، وقالت له أيضاً إن رسالتك نامت بجانبه على السرير، وكأنها كانت تقصد سرير الموت، حيث توفي بعدها بأيام قليلة. ما الذي كتبه بيل جيتس في رسالته لمنافسه الوحيد الشديد ستيف جوبز ؟، والسؤال الثاني الذي أحاول جاهداً الإجابة عليه هو لماذا كتب له الرسالة؟ (الرحمة قنديل القلب و العطف وهجها) في حادث يخسر أبويه ويكفله شخص نبيل، ينشأ يتيما مكسور النظرات تذكره الوجوه بمن فقد، أحيانا القوة و الضعف لا تقاس بالجسد، في داخل كل منا جبال من القوة ومناطق من الضعف، اليتامى مثلنا تكسرهم الكلمات وتذكرهم اللحظات باللحظات، لأنه عندما تفقد عزيزاً تكف أرضك عن الدوران ويتوقف زمنك، ويقسم عالمك إلى زمنين قبل الفقد وبعده، وأنت تحمل بهم همومك، يأتي من يخطئ على عزيزك أو يشتم فقيدك، قمة القسوة عندما تملك الرحمة وتقدم العذاب، ومن الصعوبة بمكان أن تملك العطف، وتقدم الشدة. هذه المشاعرالإنسانية الجميلة أودعها الله فيك لتشاركها مع الآخرين،…
السبت ٢٢ ديسمبر ٢٠١٢
(يَا دَارَ عَبْلـةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمِـي وَعِمِّي صَبَاحاً دَارَ عبْلةَ واسلَمِي) عنتر بن شداد المشهد الآن حسب الرواية، قبيلة طي تغزو قبيلة بني عبس و توشك أن تنتصر عليهم وعنترة جالس في خيمته لا يشارك في المعركة! يدخل والده الذي لم يعترف به إلى الآن ويطلب نجدته ويقول له عنتر بن شداد: أنا لست سوى عبد! وحينها يعقد له والده صفقة تضمن حريته ويقول له قولته الشهيرة “ كُر و أنت حُر” وحسب نهاية القصة يخوض عنترة المعركة وينتصر ويصبح من أسياد قومه بعدها. كما تعلمنا أن التاريخ يكتبه المنتصرون! يقولون عنه أنه رجل كتب تاريخه بيديه، قبل أكثر من 1500 سنة لا نتذكر الآن سوى معلقة عنتر وقصة حبه لعبلة وشجاعته. رحل الجميع وفنى وفنت معهم أثارهم وعنصريتهم وما تبقى سوى الإنتاج والإبداع ومعهم الحب يسافرون مع التاريخ عبر الأزمان وأينما يكونون تبدأ الحياة و تكون. (معرفة مكامن قدراتك يساعدك على الوصول سريعاً لأهدافك) لكل منا قدرات مختلفة ونقاط قوة، قدرتنا على الإنطلاق نحن من يحددها، بدايتنا البطيئة لا تعني أبدا أننا سنصل إلى خط النهاية متأخرين! ما بين البداية والنهاية جسر طويل، طريق حياة، نقطعه بأمل ونعبره بثقة وعندما نسقط دائما هناك فرص أخرى للوقوف. أنت فقط من يحدد وقت وصولك إلى خط…
السبت ١٥ ديسمبر ٢٠١٢
في روايته الرائعة “الجميلات النائمات” يسافر بنا الكاتب الياباني كواباتا إلى عالم “أزمة نهاية العمر”! عن قصة مسن يحاول أن يجد نفسه في أجساد الآخرين عبر مغامرات أكبر من عمره وأصغر من سنه! يريد بها أن يسترجع ماضيه وجزءا من شبابه، هذه المحاولة اليائسة من بطل القصة كانت كأكسير الحياة بالنسبة له، هو الآن على بضع خطوات من النهاية، أقرب للموت منه للحياة وعذابات الشيخوخة تؤرقه يستمد الأمل من الجسد الآخر النائم! سمي من بعض القراء “بالعجوز المتهور” يقال إن بعض الأشياء قد لا نفهمها نحن الآن لأن لكل عمر شيفرته الخاصة. هناك أشياء لا تعني لنا الكثير لكنها تعني للآخرين حياة بأكملها. في اعتقادي أنه كان ينام بين حياتين وأصعب أنواع النوم عندما تتوسد التأمل وتلتحف التفكر. الكثير من حكايات حياتنا هي قصص غير مكتملة، نجاهد أحيانا حتى النهاية بقوة فارس وذكاء خارق لنكملها ويأبى الموت إلا أن يوقع على الصفحة الأخيرة. (تلتفت بهدوء وتمضي.. البعض يتركون خلفهم قصصا غير مكتملة) في محطة، في طائرة، في زحمة، أو حتى في مقهى تقابلهم صدفة ويبتسمون وتبتسم ويرحلون بعدها وترحل، وتبقى تلك الابتسامة قصة غير مكتملة وفي مشهد آخر تقابل أحدهم مستعجلا ويدور بينكما حديث ممتع، يشعرك حينها بأنك تعرفه منذ زمن، كم هو غريب أن يفهمك شخص في لحظة قصيرة…
السبت ٠٨ ديسمبر ٢٠١٢
(الموت لا يأتي مع الشيخوخة بل بفعل النسيان” غارسيا ماركيز) بعد أكثر من ثمانين عاما، أعلن شقيق الكاتب العالمي غابرائيل جارسيا ماركيز، عن إصابته بالخرف، و قبلها بعدة سنوات انتشرت “رسالة وداع” لنفس الكاتب فيها من الإلهام والحكمة ما يجعل للنهاية طعم البداية. كان يرى الأشياء من خلال عدسة مكبرة، بينما الكثير منا يرى الحياة من زاوية ضيقة، تحدث عن الوقت في وقته الضائع، وتمنى لو أن الله يمد في عمره لينظر إليها بطريقة مختلفة ! و كان مما قال في رسالته: “هناك دوما يوم الغد، والحياة دائما تعطينا الفرصة لنفعل الأفضل، لكنني لو كنت مخطئا، وهذا يومي الأخير أحب أن أقول كم “أحبك” و أنني لن أنساك أبدا، و لأن غدا غير مضمون لأحد فربما يكون هذا اليوم هو المرة الأخيرة التي ترى فيها من تحبهم. فلا تنتظر أكثر، تصرف اليوم لأن الغد قد لا يأتي و لا بد أن تندم على اليوم الذي لم تجد فيه الوقت الكافي من أجل ابتسامة، أو عناق، أو قبلة أو حتى إرسال أمنية أخيرة لهم”. (“عندما تفقد عزيز.. تختلط عليك كل الأوراق..و تبقى تلك اللحظة الاخيرة في الذاكرة معلقة.. الناس يعيشون أوقاتهم و أنت أسير لحظة الفراق”). يقال عندما تضيق بك سبل الحياة وتقسو عليك، فهي في طريقها للانفراج تماما كحالة الولادة…
السبت ٠١ ديسمبر ٢٠١٢
يقول الكاتب الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس ‘’إن الوقت لا يُقاس بالأيام كما يُقاس المال بالدولارات، لأن كل يوم يختلف عن الآخر’’! جدلية الوقت معنا صراع لا ينتهي وسباق محموم نتيجته محسومة، دائماً هو الفائز المتوج لأنك - إذا توهمت أنك انتصرت عليه - لا محالة مهزوم!. لكنه كعادته يأبى إلا أن يترك علينا آثاره، لذلك تجدنا نعيشه ويضيع من بين أيادينا! وعندما ننساه لا يتذكرنا، وتمر اللحظات تلو اللحظات، نكبر ويكبر معنا، وكلما حاولنا بجهد أن نسبقه، نتفاجأ بسرعته يسبقنا. ◆ أمنية لن تتحقق: أن أرجع للماضي وآخذ ما أشاء أو أسبق الغد وأغير ما أريد. بخيالنا نسافر بعيداً في آلة الزمن، نخترق حاجز الذاكرة، نبحر بين الذكريات، نرجع للماضي لنصحح أخطاء اقترفناها، ونمسح كلمات كتبناها، نعتذر منهم، نبكي في أحضانهم، كم نود حقيقة أن نكون الآن معهم! هل يسمح بذلك الزمن؟ ونغادر إلى محطة أخرى لنتساءل بضعف: كيف سولت لنا أنفسنا فعل ذلك؟ ولماذا فعلناه في الأساس؟ ونواصل بعدها رحلة جلد الذات، ونتمنى بصدق وبصدق نتمنى! فقط لو قدر لنا أن نغير ما بأيدينا ارتكبناه أو نأخذ معنا من يعز علينا تركهم، لكنه الزمن قد قال كلمته ومضى. وفي لوحة أخرى، ماذا لو بريشتنا رسمنا مستقبلنا واخترنا كل الألوان وعلقناها على جدران الفرح وغطينا بها ثقوب وفراغات الحزن والقلق!…
الإثنين ١٩ نوفمبر ٢٠١٢
يقول الشاعر إبراهيـم خفـاجي في إحـدى قصائـده المغنـاة: “يا ريتني أملك الأفراح وأتصرف بها وحدي!” عند سماعي تلك الكلمات قفزت إلى ذهني مجموعة أسئلة، ماذا لو أننا نملك الأفراح؟ ولمن سنقدمها؟ وهل هناك من يستحقها ومن لا يستحقها؟ قد يبدو هذا الموضوع بسيطا لكنه مع بساطته لا يخلو كثيرا من التعقيد ! فكلنا نستحق الفرح ونبحث عنه وفي سبيل الأفراح نذهب أحيانا إلى أبعد الأمكنة بحثاً وحباً عنه وله. هناك من يقضي العمر كله يبحث عن الفرح وفي المقابل هناك من يعيش العمر كله يقدم للآخرين الفرح وهذا هو محور موضوعنا. بعض الابتسامات فيها من الجمال ما يجعلها قمة في الجمال مرحى للذين يقضون حياتهم في خدمة الآخرين في سبيل زرع بساتين المحبة والسعادة ليستظل بها الجميع، وكنت فيما سبق أستغرب وأنظر بكثير من الإعجاب للذي يقدم سعادته على سعادة الآخرين وقد قال لي صديق مرة إن “الحياة عطاء” في المقام الأول وعندما تتأمل جيدا في المعنى تستطيع بكل سهولة أن تفكك رموز الفرح وتفهم شفيرة السعادة. بعض من جماليات الحياة في العطاء بلا مقابل وعدم انتظار أي مقابل. البكاء لا يعبر عن الحزن..ولا الابتسامة تعبر عن السعادة..تأمل بعمق هناك شيء خلف تعابير الوجوه. رغم أن الابتسامة هي تحريك بسيط لعضلات الوجه لكنها بقدرة سحرية تقدر أن تصل بنا الى…
السبت ٠٣ نوفمبر ٢٠١٢
يقول عنها ميشيل ليفي: تستطيع ثنيها أو لفها، تشويهها أو مهاجمتها.. لكن لا أحد يستطيع تغيير الحقيقة بعض الحقائق نعرفها متأخراً جداً، وأحياناً بعد فوات الأوان، أحياناً تصدمنا الحقيقة بقوتها ونقف مشدودين لسماعها، صامتين لوقعها وتختلف ردود أفعالنا حينها، لأننا، فعلاً، مختلفون في التعامل مع الأحداث، فهناك من يقبلها ويباشر، وأيضاً هناك من يرفضها ويعاند، وآخرون يفقدون القدرة على التعبير ! وعلى الرغم من اختلاف ردود الأفعال والتعامل تبقى الحقيقة هي الحقيقة ! أن تنتظرا عمراً كاملاً لتعتذر ! هل يرمم الاعتذار جروح الحقيقة ؟ يأتيك أحدهم في الوقت الضائع معتذراً، يحمل هموم معرفة الحقيقة، وبصدق يمد يديه مصافحاً، وهو لا يعلم أنه باليد الأخرى ينبش في ماضٍ تركته في أرفف النسيان، يحرك صفحات في كتابك قد تجاوزتها وأحداث عفا عليها الزمن ، يذكرك بما جاهدت سنين لتنساه ! ويطلب الصفح في موقف يتطلب النسيان ! وربما بحسن نية لا يعلم أنه يقدم لك الألم في طبق الغفران وهكذا الحقيقة، قد تكون مؤلمة قبل الأوان، وأحياناً بعد الأوان. لو قلت الحقيقة فلا داعي لتذكر أي شيء.. (مارك توين) يقال إنك لا تعرف نفسك إلا عندما تواجه الحقيقة، لهذا أصعب أنواع المواجهات هي مواجهة النفس. عندما تكون صادقاً مع نفسك، فإنك تلقائياً تكون صادقاً مع الآخرين. و من لا يهتم بالحقيقة…