الجمعة ٠٥ سبتمبر ٢٠١٤
انتهى اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في 30 آب (أغسطس) الماضي إلى وقف الخلاف بين السعودية والإمارات والبحرين من جهة، وقطر من جهة أخرى، وأن تصعيده لم يعد مجدياً. لماذا بعد أكثر من خمسة أشهر من الخلافات والاجتماعات التي قيل إن بعضها كان عاصفاً، استقر الرأي على أن هذا هو السبيل الوحيد لتجاوز الأزمة؟ لم يكن هو السبيل الوحيد؛ لأن الخلاف كان شكلياً. ولا لأن قطر لا تغرد أحياناً خارج السرب الخليجي، على الأقل من وجهة نظر الدول الثلاث. ليس من السهل تقديم إجابة تعكس بدقة المبررات والمعطيات التي استندت إليها الدول الخليجية في اجتماعها الأخير. فكل ما يتعلق بمنشأ الخلاف وطبيعته وتفاصيله ومتطلبات حله، وكذلك المفاوضات التي دارت بشأنه، ظل حبيس أسوار الاجتماعات واللقاءات الرسمية. لا يعرف أحد من غير المسؤولين مباشرة عن موضوع الخلاف شيئاً عن «وثيقة الرياض» التي تم التوافق على جميع بنودها كآلية لحل الخلاف. ولا أحد يعرف غير المسؤولين شيئاً عما ما هو مطلوب من قطر، ولا عن المطالب المقابلة لهذه الدولة، ولا عن مواقف الدول الأخرى، ولاسيما الكويت وعمان اللتين لم تسحبا سفيريهما. كانت هناك تسريبات تقول بعض الصحف الخليجية إنها حصلت عليها من مصادر رسمية ترفض ذكر اسمها. ولأنها ظاهرة جديدة، فإن كل هذه التسريبات تقريباً دائماً ما تعكس وجهة نظر…
الأحد ٣١ أغسطس ٢٠١٤
أعود إلى موضوع تناولته هنا قبل أسبوعين (17 آب (أغسطس) 2014). ما كتبته آنذاك كان عن حديث الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى علماء الدين، وعتبه على صمتهم، وما ران عليهم من كسل، كما قال، أمام هجمة إرهاب يأخذ من الدين لباساً له. لعله من الواضح أن سبب عودتي إلى هذا الموضوع أنه لم يكتمل. فالمقالة الأولى لم تكن في الواقع أكثر من حلقة في موضوع كبير بحجمه، وخطر في ماهيته لا يمكن أن يأخذ حقه في مقالة أو اثنتين، أو حتى أكثر من ذلك. ولذلك فإن له من الأهمية والخطورة ما يفرض أن يكون موضوعاً لحوارات ونقاشات مطولة بين السعوديين جميعاً، خصوصاً الساسة وعلماء الدين، ومختلف النخب بمختلف مشاربهم. كان حديث الملك في جوهره عن دور علماء الدين في الدولة. وهؤلاء يمثلون في السعودية رموز المؤسسة الدينية التي هي في جانبها الرسمي أحد أجهزة الدولة. وكنت ختمت مقالتي السابقة بالقول بأن «المؤسسة الدينية الآن ضعيفة، وخارج السياق. لا تعبّر عن مرحلتها، وإنما عن حالها في هذه المرحلة. وبما أنها واحدة من مؤسسات الدولة، فإن ضعفها ينعكس على الدولة أيضاً، حتى ولو أنها تريد غير ذلك. من هنا فإن عتب الملك عبدالله بن عبدالعزيز في محله تماماً، لكنه عتب يجب أن يتوجه أيضاً إلى ما هو أبعد من المؤسسة الدينية». وما…
الأحد ١٠ أغسطس ٢٠١٤
أخيراً تحامل الرئيس الأميركي باراك أوباما على نفسه وقرر، نهار الجمعة الماضي، توجيه ضربات عسكرية محدودة إلى مواقع تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش)، في شمال العراق. لو سئل رئيس وزراء العراق المنتهية ولايته، نوري المالكي، عن الموضوع لأجاب بأن أوباما تأخر كثيراً، وضرباته الجوية لن تفيد كثيراً. وهو يقصد بذلك أن أوباما لم يواجه قوات التنظيم لحظة استيلائها على الموصل في حزيران (يونيو) الماضي. لو فعل ذلك لحقق المالكي مكاسب سياسية كانت ستغطي فشله وطائفيته، ولأزاحت العراقيل أمام السماح له بولاية ثالثة في رئاسة الحكومة. يبدو أن أوباما كان يريد تفادي هذه النتيجة تحديداً، عندما لم يندفع بتوجيه ضربات جوية إلى «داعش» بعد استيلائه على الموصل. هو يقول إنه لا يريد أن يجعل من سلاح الجو الأميركي سلاحاً للشيعة في العراق ضد السنّة، ولذا حصر هدف ضرباته الأخيرة بمنع سقوط أربيل في يد «داعش»، حماية لإقليم كردستان وحماية لموظفي القنصلية الأميركية في عاصمة الإقليم. هو يشترط توسيع تدخله العسكري بتشكيل حكومة تمثل كل العراقيين. هذا موقف أميركي متوازن، لكنه أولاً موقف محدود من الناحيتين السياسية والجغرافية، ثانياً، هو موقف جاء متأخراً، أو كما يقال «جاء بعد خراب البصرة». ثالثاً، والأهم من ذلك، أنه موقف معزول ومن دون استراتيجية متكاملة، كما أشارت صحيفة «الواشنطن بوست» أمس (السبت). من هنا…
الأحد ٢٧ يوليو ٢٠١٤
كثيرون فوجئوا برد فعل بعض الكتاب والإعلاميين العرب إزاء الحرب الإسرائيلية على غزة. بعض المصريين ذهب في موقفه بعيداً إلى حد يثير الذهول. الجزء الثاني من عنوان هذه المقالة مثال، وهو ليس مثالاً يتيماً. استعرت هذا الجزء من الكاتب المصري مصطفى النجار الذي جعله عنواناً لمقالته في صحيفة «المصري اليوم» (18 تموز / يوليو، 2014). والمدهش أن العنوان، بحسب النجار، هو ما قالته إحدى مذيعات التلفزيون الرسمي المصري عن أهل غزة في سياق حديثها عن المبادرة المصرية. هو مدهش أولاً: لأن مضمونه يستهين بآلام ودماء شعب عربي محاصر يتعرض لأبشع أنواع القتل والتدمير. وثانياً: لأنه يكشف موقفاً من الصراع العربي - الإسرائيلي كان مكبوتاً لدى بعضهم ثم انفجر في هذه اللحظة. وثالثاً: لأنه قيل من على شاشة تلفزيون رسمي. هل حصل هذا التزاماً بحرية التعبير؟ أبداً. حصل لأنه سمح لثقافة الكراهية في الإعلام نكاية بـ»الإخوان». وهي ثقافة تطاول كل مخالف. هذا يشير إلى التحول الذي أصاب الخطاب الرسمي المصري حيال القضية الفلسطينية، منذ جمال عبدالناصر، مروراً بأنور السادات وحسني مبارك، وصولاً إلى عبدالفتاح السيسي. يرسم هذا التحول خطاً بيانياً كان يتراجع بشكل بطيء وغير معلن، ثم أخذ ينحدر بشكل سريع مع بداية حرب غزة. خطاب الرئيس السيسي نفسه الأربعاء الماضي، لمناسبة «ثورة» 23 يوليو، عبّر عن مواقف من القضية الفلسطينية…
الأحد ٢٠ يوليو ٢٠١٤
ماذا لو تركنا هجاء الإرهاب جانباً للحظة وانشغلنا بدلاً من ذلك بالسؤال. والسؤال الذي يجب أن يحتل بؤرة اهتمامنا: لماذا ظهر الإرهاب أصلاً؟ وكيف تحول إلى ظاهرة تهدد الجميع؟ والسؤال الأهم في هذا السياق: ما هو دور الدولة العربية في ظهور هذا الإرهاب؟ وما حجم مسؤوليتها عنه؟ الإرهاب الذي تعاني منه المنطقة منذ أكثر من ثلاثة عقود إرهاب مؤدلج، ويملك مشروعاً سياسياً يقوم على آيديولوجيا مناهضة للدولة. ليس من نوع الإجرام المجاني أو المنظم الذي يريد البقاء في الظل داخل الدولة، لكن خارج أطرها القانونية. الإرهاب مشروع يريد أن ينسف الدولة وتاريخها ومنظومتها القانونية، ويطمح إلى استبدالها بـ «دولة» مختلفة، لها تاريخ مختلف وقانون مختلف. يتساوى في ذلك الإرهاب السنّي والإرهاب الشيعي. والمفارقة أنه من هنا تنبع مسؤولية الدولة عن هذا التطور... كيف؟ لو أمعنت النظر قليلاً لتبين لك أن العالم العربي يتعرض لعملية تفسخ بطيئة وطويلة. تخلق حال التفسخ فراغات سياسية وأمنية وآيديولوجية، والفراغات بطبيعتها جاذبة لأشياء كثيرة، منها التدخلات الأجنبية، ومنها الإرهاب أيضاً. مؤشرات التفسخ كثيرة ويتضافر بعضها مع الآخر. من هذه المؤشرات أنه بعد 100 عام على تأسيسها لا تزال الدولة العربية من دون مشروع سياسي أو حضاري. وليس مفاجئاً والحال كذلك أن جميع مشاريع التنمية العربية فشلت، في التعليم والتدريب والصناعة والزراعة. لماذا قامت هذه الدولة…
الأحد ١٣ يوليو ٢٠١٤
عندما قررت إسرائيل إطلاق حملتها العسكرية على غزة الثلثاء الماضي، والتي أطلقت عليها بالعبرية اسم «عملية الجرف الصلب»، كانت تعرف أن يدها ستكون مطلقة من دون قيود تقريباً. فأميركا تعتبر حربها دفاعاً عن النفس، وروسيا ربما لا تعتبرها كذلك، لكنها مشغولة في أوكرانيا وفي سورية. أما العالم العربي فغارق في همّ حروب أهلية، بدأت ولا أحد يعرف كيف ومتى تنتهي؟ ما يهم إسرائيل أكثر من غيرها في هذا السياق، بعد أميركا، هي الحال العربية. والأرجح أن القيادة الإسرائيلية، قبل أن تطلق حربها على غزة، تداولت، ربما للمرة الألف، قدرة «المنظومة السياسية العربية» على استيعاب آلام الحرب وجروحها، وتبعاتها أيضاً. ربما قال أحد أفراد القيادة - أثناء النقاش في جدوى وتوقيت الحرب - إذا كانت المنظومة العربية قادرة على استيعاب الاستبداد السياسي وتبريره أحياناً، وهو استبداد يمتد عمره ليس عقوداً فقط، بل قروناً مديدة، فإنها قادرة على استيعاب ضغوط هذه الحرب، وتكاليفها السياسية. تجربتنا معهم تبرهن على ذلك، استوعبوا كل الحروب التي أطلقناها تجاههم. كانوا يخسرون كل شيء تقريباً. يخسرون المعركة والأرض، ويخسرون الموقف الدولي. لم ينتبهوا إلى أنهم كانوا يخسرون أنفسهم. ومع ذلك كانوا يرفضون وجود إسرائيل، ويعتبرونه أمراً غير قابل للنقاش. والمفاجئ أنه بعد الحرب اليتيمة التي أعلنوها علينا عام 1973 اعترف بعضهم (مصر والأردن ومنظمة التحرير) بنا من…
الأحد ٢٢ يونيو ٢٠١٤
مهما قيل عن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، فقد أصاب نجاحاً كبيراً في تحقيق ثلاثة أمور لم تكن مطروحة من قبل، أولها وأقلها أهمية أنه قضى على المستقبل السياسي لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي رجل طهران وواشنطن في الوقت نفسه. الآن بات خروج المالكي على رغم أنه الفائز الأكبر في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، شرطاً لإخراج العراق من مأزقه الحالي، إن كان هناك ثمة مخرج، وربما أن هذا ما أفقد المالكي رشده ودفعه للإفصاح عن رؤية طائفية للأحداث وللمكون الآخر من الشعب الذي يفترض أنه يمثله في البرلمان والحكومة، إذ ألقى خطاباً أخذ به العراقيين إلى أكثر من 1400 عام إلى الوراء، معلناً أن ما يحدث الآن استمرار لما كان يحدث، وأنه «مواجهة بين أنصار يزيد وأنصار الحسين». وتساءل البعض إن كان المالكي يتكلم هنا باعتباره رئيساً لحكومة وطنية، أم رئيساً لحسينية في النجف؟ الأمر الثاني أن «داعش» أرغم الرئيس الأميركي على مراجعة موقفه الراسخ بعدم التدخل في أحداث المنطقة، إذ لا يزال أوباما متمسكاً بعدم وضع جنود أميركيين على الأرض في العراق، لكن الأحداث ربما تضطره لاحقاً إلى ذلك. حتى الآن أرسل 300 من المستشارين العسكريين للمساعدة في السيطرة على الوضع، وتقدر صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية أن هذا الرقم ربما يرتفع إلى 600. أصبح موقف واشنطن رهينة لأحداث…
الأحد ١٨ مايو ٢٠١٤
دعوة وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل لوزير الخارجية الإيراني إلى زيارة السعودية، وبدء التفاوض حول قضايا المنطقة فاجأت الجميع. توقيت التصريح أكثر من لافت. فهو يأتي في خضم إعادة ترتيب بيت الحكم السعودي، ما يوحي وكأنه محاولة في اتجاه تهيئة الأجواء الإقليمية للفريق الذي سيتولى صناعة القرار السعودي قريباً، وربما يعكس خيارات هذا الفريق، ويأتي بعد زيارة باراك أوباما أواخر آذار (مارس) الماضي، ما يترك الانطباع وكأن الطرف الأميركي أقنع الرياض أخيراً بجدوى التفاهم مع إيران. ويأتي ثالثاً بعد فشل مسار جنيف، واستقالة الأخضر الإبراهيمي، وتحقيق قوات النظام السوري مكاسب عسكرية، وإن لم تكن حاسمة ضد المعارضة، ما ربما يعني اقتناع السعودية بأن الظروف الإقليمية والدولية لم تعد تسمح بحل عسكري للصراع في سورية. السؤال: هل حدث تغير بالفعل في السياسة السعودية تجاه القضايا موضوع الخلاف مع إيران، أم أن هناك مؤشرات التقطتها الخارجية السعودية على بوادر تغير في المقاربة الإيرانية لتلك القضايا؟ قبل تصريح الفيصل ليست هناك مؤشرات واضحة على تغير في موقف أي من هذين الخصمين، لكن التصريح أوحى لكثيرين بأن السعودية تقترب من مراجعة وربما تغيير موقفها، بخاصة في سورية. وهذا استنتاج متسرع. جوهر الموقف السعودي لم يتغير في سورية، بل يمكن القول إن الرياض قطعت خط الرجعة مع بشار الأسد، لأن بقاءه يعني القبول بنفوذ…
الأحد ٠٤ مايو ٢٠١٤
لا بد من أن المناورة العسكرية الأكبر في تاريخ السعودية الأسبوع الماضي لفتت أنظار كثيرين. شملت جميع أفرع القوات المسلحة، ودارت عملياتها في مناطق ثلاث من مناطق المملكة في وقت واحد، وبتوجيه من مركز واحد للقيادة في العاصمة الرياض. كانت المناورة سابقة، ليس فقط من حيث الحجم، بل من حيث إدارة هذه المناورة في ثلاث مناطق تفصل بينها مئات، بل آلاف الكيلومترات. الرسالة التي تنطوي عليها، في هذا التوقيت الإقليمي المضطرب، واضحة، والطرف المعني بهذه الرسالة واضح أيضاً. هل ترى المملكة بأن خطراً ما بدأ يلوح في الأفق، وأن المناورة هي لوضع القوات في أجواء الحرب قبل حدوثها، أم أن الظرف الإقليمي وما يحبل به من تطورات، وصل إلى مرحلة ربما يغري بعضهم بمغامرة؟ مهما يكن، تحمل المناورة رسالة بأن المملكة مستعدة لأي ظرف، ولمواجهة أية مغامرة محتملة. ومع أهمية هذه الأسئلة، إلا أنني لم أتفاد هاجس أن لهذه المناورة علاقة ما بزيارة الرئيس الأميركي أواخر آذار (مارس) الماضي للرياض. بحجمها وسابقتها وتوقيتها توحي المناورة أن الرياض لم تكن مطمئنة لما جاء به الرئيس الأميركي إليها. لا نعرف ما الذي دار في قمة الرياض، لكن الرئيس أوباما أجرى ما بين 2012 و2014 ثلاثة أحاديث مطولة مع اثنتين من أهم المجلات الأميركية، «نيويوركر» و«أتلانتيك»، وثالثة مع موقع «بلومبرغ فيو» الأميركي أيضاً…
الأحد ١٣ أبريل ٢٠١٤
من آثار الربيع العربي حال الارتباك التي أصابت الجميع تقريباً: مواقف، وسياسات، ونظماً، وأحزاباً. والمفارقة أن هذا الأثر أيضاً من بين العوامل التي أربكت الثورات نفسها، فانزلقت، ما عدا تونس، إلى حالات من العنف، وعدم الاستقرار السياسي، والحروب الأهلية. كل نظر إلى الحدث من زاويته. البعض أخذته المفاجأة فانساق مع وهجها، ثم بدأ في التراجع شيئاً فشيئاً. والبعض الآخر تورط في تأييد الثورات من دون أن يحسب أن ما يحدث موجة قد تصيبه أيضاً. من بين هؤلاء إيران و»حزب الله» اللبناني. يقدم هذا الحزب نفسه على لسان أمينه العام حسن نصرالله، أنه «رمز المقاومة». كان موقفه هو الأكثر ارتباكاً وإرباكاً لأنصاره. المفترض أن المقاومة التي يقول بها «حزب الله» هي صيغة من صيغ الثورة. واتساقاً مع ذلك، كما بدا الأمر للوهلة الأولى، احتفل الحزب بالثورات العربية. ثم اتضح أن الحزب تسرع في ذلك. يبدو أنه استكان إلى ما قاله الرئيس السوري لصحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية قبل شهرين من الثورة السورية بأن «سورية تختلف عن مصر وعن تونس». وصلت الثورة بالفعل إلى أبواب الشام. هنا انتكس موقف الحزب. تمسك حسن نصرالله بحال إنكار مكشوفة له هو قبل غيره. كيف تؤيد الثورة على حسني مبارك، وزين العابدين بن علي، ومعمر القذافي، وعلي عبدالله صالح، ثم تتنكر لها في حق بشار الأسد؟…
الأحد ٠٦ أبريل ٢٠١٤
هناك خلط، بخاصة في الأدبيات الإسلامية، بين العلمانية مفهوماً وفصل الدين عن الدولة بوصفه حالة سياسية قانونية. ما الفرق بين العلمانية وفصل الدين عن الدولة؟ أليست العلمانية في الأخير هي عملية الفصل هذه؟ هذا سؤال منطقي. قبل محاولة الإجابة عنه هناك سؤال آخر تاريخي عن التجربة الإسلامية، ولا يخرج عن حدود المنطق ذاته: هل عرفت الدول الإسلامية التي جاءت بعد انهيار دولة الخلافة الراشدة فصلاً بين الدين والدولة، أم أن هذه الدول لم تعرف هذا الفصل البتة؟ (تناولت هنا جانباً من الموضوع في مقالة سابقة. (انظر «الحياة» الأحد 23 شباط/ فبراير 2014). هناك معضلة أمام الإجابة عن هذا السؤال، انطلاقاً من فرضية أن العلمانية هي فصل الدين عن الدولة، والعكس كذلك. فإذا قلنا إجابة عن السؤال إن الدول الإسلامية لم تعرف أي شكل من أشكال الفصل بين الدولة والدين فسيترتب على هذه الإجابة أنه لا يوجد أي فرق من هذه الناحية بين جميع الدول الإسلامية التي عرفها التاريخ، منذ دولة النبوة في المدينة وحتى وقتنا الحاضر. ومعنى هذا أنه لا فرق بين دولة المدينة من ناحية، والدولة الأموية أو العباسية أو السلطنة البويهية... إلى آخره، من ناحية أخرى، وهذا يتعارض رأساً مع المنطق ولا يتفق مع واقع التاريخ أو الواقع الذي كانت عليه هذه الدول. من ناحية ثانية، لو أجبنا…
الأحد ٣٠ مارس ٢٠١٤
منذ تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، يتركز الخلاف السعودي - الأميركي حول مسألتين: تخلي إدارة الرئيس أوباما عن الثورة السورية، وميلها للتوصل إلى تفاهم سياسي مع إيران، انطلاقاً من اتفاق نهائي ينتظر الوصول إليه معها حول برنامجها النووي. تفاجأ كثرٌ في السعودية وخارجها بموقف الرئيس الأميركي من هاتين المسألتين، لكن وفق روبرت غيتس وزير الدفاع الأميركي السابق في إدارة جورج بوش الأب، وفي الفترة الثانية للرئيس أوباما، ليس هناك ما يدعو للمفاجأة. في مذكراته التي صدرت في شهر كانون الثاني (يناير) الماضي يقول بالنص: «منذ إدارة كارتر (1976 - 1980) حاول كل رئيس (أميركي) بطريقة أو بأخرى أن يمد يده للقيادة في طهران لتحسين العلاقات معها، وقد فشل كل واحد من هؤلاء في الحصول على استجابة واضحة منها» (ص 178). ثم يضيف بأنه شارك في تشرين الأول (أكتوبر) 1979 (بعد الثورة الإيرانية بأكثر من ثمانية أشهر) مع مستشار الأمن القومي للرئيس كارتر، زبيغنيو بريزنسكي، في أول اجتماع أميركي مع الإيرانيين بعد الثورة في الجزائر العاصمة. هذا يعني أن الخط السياسي الذي ينتهجه الرئيس الحالي أوباما تجاه إيران هو جزء من استراتيجية أميركية ثابتة، ويعني كذلك أن الاختلافات التي يواجهها أوباما داخل الولايات المتحدة حول هذا الموضوع، اختلافات تتعلق بالتفاصيل وطريقة أداء الإدارة، وليس بالفكرة الأساسية ذاتها، وقد حدد أوباما نفسه في…