ممدوح المهيني
ممدوح المهيني
المدير العام لقناتي «العربية» و«الحدث»

مشروع الخليج ومشروع الميليشيات

الثلاثاء ٢٧ أغسطس ٢٠٢٤

الخليج تحول مزيجاً من الجنسيات، والأعراق، والأديان، والثقافات. مركز للأعمال وجاذب للاستثمارات ورؤوس الأموال، ومتصل ومندمج مع الغرب والشرق، سياسياً واقتصادياً وثقافياً. الناجحون من كل مكان والباحثون عن مستقبل لأطفالهم يذهبون إليه. لم يعد الخليج محصوراً بمواطنيه، لكنه مكان مفتوح ووطن للجميع. في شوارعه وأسواقه ومطاراته خليط من كل الوجوه. يشعر الجميع بالانتماء له وأنه جزء منه ومسؤول عنه. وهذه ميزة كبيرة؛ لأن هذا المزيج الإنساني المتعدد المتناغم هو سمة الدول المتحضرة في عالمنا المعاصر. ومع هذا، فإن أكثر بقعة يتم التحريض عليها هي منطقة الخليج؟ الدول الخليجية تتبنى سياسات واقعية وليست عدوانية. دفاعية وليست هجومية. لماذا إذن الهجوم عليها؟ هل الأمر محير؟ بالطبع لا. الهدف هو إضعافها وتقويضها. والسبب بسيط وواضح وعملي يجب أن نفهمه بوضوح وبعقل بارد وبلا مشاعر أو تفكير مؤامراتي. مشروعها السياسي والاقتصادي والثقافي مختلف تماماً ويقف على الضد من مشروع الميليشيات والجماعات المتطرفة. نجاح المشروع الخليجي هو هزيمة للمشروع الآخر والعكس صحيح. ولهذا نرى أن حجم التحريض مكثف ومركّز على مشروع الدول الخليجية؛ لأن إضعافها وتقويضها يعني فتح الباب على مصراعيه للمشروع الآخر لكي يسود ويسيطر في عموم المنطقة. ومع كل الفوضى الحاصلة وكل تفاصيلها المهمة يجب ألا ننسى الصورة الكبيرة، وهي أن هناك مشروعين في المنطقة. مشروع الازدهار والسلام، ومشروع الفقر والحروب. مشروع الدولة…

قطرة السم في كأس الماء

السبت ٢٤ أكتوبر ٢٠٢٠

في محاضرة بجامعة في واشنطن، قدم الأستاذ تفسيرات متعددة لموجة التطرف والإرهاب الصاعدة في العالم. ردد حزمة منها، مثل: ردة فعل على الحداثة ونمط الحياة الغربية التي تهجم على الثقافات المحافظة. تفسير آخر يتحدث عن حالة التهميش التي تعيشها جيوب في الأطراف يعيش فيها ملايين الشباب، فيلجأون إلى ثقافات متطرفة للخروج من الإحباط النفسي. وأخيراً التفسير الكلاسيكي الذي يرى أن صعود موجة التطرف كان تحدياً للإمبريالية الغربية والأميركية تحديداً. كل هذه التفسيرات المرتعشة هي أكثر ما يتمناه المتطرفون؛ لأنها تساعدهم وتقدم لهم خدمة مجانية في عمليات التجييش وإثارة المشاعر والتهيئة النفسية لملايين الشباب المسلمين، من خلال التأكيد على أنهم معزولون ومغتربون في عالم لا ينتمي لهم، ويتعرضون لحرب صليبية شعواء تستهدف دينهم وثقافتهم. تبريرات جاهزة قام حتى زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن بالاقتباس منها، من أجل إضفاء شرعية علمية أكاديمية على أفعال تنظيمه الإجرامية. وتتجاهل هذه التبريرات الخطيرة التفسير الوحيد والحقيقي، وهو أن الإشكالية تكمن في ثقافة التطرف والكراهية التي تنتج شخصيات مريضة، مثل قاطع الرؤوس «الجهادي جونز» وأشباهه. والواقع أن الإرهابيين لابسي الأحزمة، وليس منظروهم، أكثر صراحة ووضوحاً في التنظير لأفعالهم، فهم يُفصحون قبل أن يقدموا على عملياتهم الانتحارية عن السبب الحقيقي لتصرفاتهم، وهو القضاء على الكفار والضالين وتطهير العالم من دنسهم. أي أن محركهم الرئيسي الفكر المتطرف الذي…

داخل عقل جو بايدن

السبت ٢٢ أغسطس ٢٠٢٠

«بايدن متجمد في عقلية الحرب الباردة»؛ هكذا ينتقده الجناح اليساري المتشدد في الحزب الديمقراطي منافس الرئيس ترمب. ولكن هذه إيجابية تُسجّل له، وليست ضده، وهي التي تجعله مختلفاً عن رئيسه السابق، باراك أوباما. بايدن قضى 36 عاماً في الكونغرس، وتشكلت مبادئه في السياسة الخارجية خلال المواجهة مع الاتحاد السوفياتي، وينتمي لنوعية الديمقراطيين الذين ما زالوا يؤمنون بالنظام الأميركي، وأهمية التعاون مع الحلفاء لترسيخه، وهذا ما يجعل نقّاده من اليسار يتوجسون منه. في خطاب له في دافوس، أكد بايدن النقطة المحورية في رؤيته، حيث قال إن النظام الليبرالي يتآكل، وعلينا حمايته. ومن هنا هو يختلف بشكل أساسي عن الرئيس باراك أوباما، الذي يُعدّ ديمقراطياً حديثاً، ولم يقضِ وقتاً طويلاً في الكونغرس، حيث ساعدته بلاغته وشخصيته الكاريزمية وعِرقه المختلط بوصوله السريع للبيت الأبيض. لم يترعرع في أجواء الصراع مع السوفيات ولَم يكن متحمساً للدفاع عن النظام الأميركي العالمي، ولَم يتردد في التخلي عن الحلفاء، وسخر منهم، وسماهم الراكبين بالمجان، بل كان يحمل نظرة آيديولوجية مختلفة تماماً عن العالم. بايدن يختلف، ومن هذا الاختلاف نرى موقفين مهمين اتخذهما في الأيام الأخيرة يؤكدان هذه النقطة؛ الأول موقفه من إردوغان وتصرفاته المتهورة وخرقه للقوانين الدولية وتحديه للقوى الأوروبية. ففي لقاء مع صحافيي «نيويورك تايمز»، هاجم المرشح الديمقراطي الرئيس التركي، ووصفه بالمستبد، وتعهّد بدعم خصومه، وطالب…

من التواطؤ الروسي إلى «واتساب» بيزوس

الجمعة ٣١ يناير ٢٠٢٠

لا بد أن جيف بيزوس يعيش وسط فورة من الزوبعات العاطفية، فـ«النرد» الثري ورجل العائلة التقليدي كان يقول إن غسل الصحون في المطبخ أكثر شيء مثير للاهتمام يقوم به كل ليلة. لكنه تحول إلى شخص آخر بطباع مختلفة. مهتاج لعوب تتصدر صوره الصحف الصفراء. انفصل عن زوجته وارتبط بنجمة تلفزيون ونُشِرت له رسائل غرامية مستعرة شبيهة برسائل المراهقين. كل ذلك يبدو أمراً شخصياً وغير مهم ومكرراً في عالم المشاهير. ولكنه أيضاً يعاني -وهذا الأهم- من فوضى ذهنية جعلته يطلق النار في كل الاتجاهات. لقد قام بإحراج نفسه أمام العالم ليس مرة واحدة ولا مرتين، ولكن ثلاث مرات. فعندما هددته مجلة «ذَا أميريكان إنكوايرر» بنشر صور فاضحة له كتب في مدونته أن خلف القصة مؤامرة دولية بقيادة واشنطن والرياض، رداً على موقف صحيفته «واشنطن بوست» السلبي نحو العاصمتين. بدا هذا تفسيراً متهافتاً لا يقبله العقل، فهذه الحكومات لديها ما هو أهم من سرقة صور بيزوس عارياً مع عشيقته. وبالفعل كانت اتهامات هشّة لم تعش طويلاً وفُنِدت سريعاً. نشرت حينها صحيفة «وول ستريت جورنال» تحقيقاً كشف أن شقيق العشيقة هو مُسرِب الصور والرسائل من أجل 200 ألف دولار. بيزوس لم يقتنع بإحراج نفسه مرة واحدة وفعلها ثانية، حينما قرر تعيين محامٍ خاصّ ووظف صحيفته «واشنطن بوست» ليرددا تماماً ما يطلبه المالك، أي:…

نهاية الأوبامية أم بدايتها؟!

الجمعة ٠٦ يونيو ٢٠١٤

خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما الأخير في الـ«ويست بوينت» هو أول السكاكين التي سنها للإجهاز على العقيدة الأوبامية في السياسة الخارجية التي هي مزيج من الانعزالية والعمليات والصفقات السرية وغير الاستراتيجية كما يقول بعض منتقديه. التراجع والترميم عادة أغلب الرؤساء في سنواتهم الأخيرة حينما يضطرون للتخلي عن الأفكار النظرية والقبول بالواقع بعد أن يئسوا من تغييره. لكن هل هذا يعني نهاية الأوبامية؟! ربما لأربع سنوات أو ثمان، ولكنها قابلة للصعود من جديد. مبدئيا يمكن القول إنه حتى لو لم يتراجع أوباما فإن الرئيس القادم، سواء كان الجمهوري جيب بوش أو الديمقراطية هيلاري كلينتون، سيقوم بقلب الصفحة. جيب بوش الجمهوري سيعيد الولايات المتحدة للشرق الأوسط وللعالم من جديد في محاولة لاستعادة النفوذ والثقة، خصوصا بعد الاحتلال الروسي للقرم، الذي صدم الإدارة الأميركية الحالية التي تقول كل الأخبار إنها لم تتوقعه مطلقا ولم تستعد له أبدا. ولكن حتى هيلاري اختلفت مرارا مع نهج أوباما في أكثر من مكان أهمها الانسحاب من أفغانستان والحرب السورية. من المؤكد أن الأوبامية ستمرض خلال الأعوام المقبلة ولكنها لن تموت. حتى لو أراد أوباما أن يخنق بيديه عقيدته في السياسة الخارجية هذا لا يعني أنه قادر على قتلها. الكل يريد أن يكون أوباما جديدا في السياسة الخارجية. هناك عدد كبير من الساسة، خصوصا الصاعدين الشباب من الحزبين…

رئيس جديد من عائلة بوش!

السبت ٢٦ أبريل ٢٠١٤

يحكي الرئيس بوش الابن أنه بعدما قرر الترشح لانتخابات منصب حاكم ولاية تكساس، قام بالاتصال بأمه ليخبرها بالنبأ السعيد إلا أنها ردت عليه بالقول: «لا تحاول، لا يمكنك الفوز!». الأم غير المشجعة أبدت ذات الاعتراض على الأخبار عن ترشح ابنها جيب بوش للانتخابات الرئاسية المقبلة. قالت الأم مرة أخرى إن هناك عائلات أخرى غير عائلة بوش قادرة على إنتاج القيادات السياسية. لا أحد بين الجمهوريين يهتم لآرائها «السلبية» ويصفها بعضهم بأنها لا تمسك لسانها وتخرج عن النص دائما، في محاولة للتقليل من تأثيرها على الناخبين. لكن الحقيقة أن اسم جيب (61 عاما) يبدو الآن أكثر رواجا من بين المرشحين الجمهوريين الذي يسعون لاستعادة البيت الأبيض وإنهاء أيام الرئيس أوباما الكئيبة بالنسبة لهم. جيب يبدو أكثر من غيره الشخص الأقوى لمقارعة الديمقراطيين والفوز عليهم. كبار الجمهوريين الخبراء بطبيعة السباقات الانتخابية يلتفون حوله لإدراكهم بقدرته على المنافسة والانتصار. أما لماذا هذه الرغبة الجمهورية المتزايدة لدفعه للصفوف الأمامية؟ فلأكثر من سبب. جيب أكثر من غيره قادر على جمع الأموال والمساعدات التي تلعب دورا كبيرا لإنجاح حملته الانتخابية ومنحها الزخم والحيوية لأطول وقت ممكن. مؤخرا اجتمع المتبرعون وأهم جامعي الأموال وأعلنوا دعمهم له وهذا دليل كبير على ثقتهم به. بحسب الـ«واشنطن بوست»، قائمة المائة الأهم، الذين دعموا رومني أعلنوا الاصطفاف خلفه. من المؤكد أن…

غلطة برنامج «60 دقيقة» القاتلة!

الأربعاء ٠٤ ديسمبر ٢٠١٣

لطالما كان برنامج «60 دقيقة» علامة مشعة على أعلى مستويات العمل الصحافي المتقن. لكن البرنامج يتعرض هذه الأيام لنقد واسع مستحق، بسبب غلطة قاتلة ارتكبتها المراسلة المحترفة لارا لوغان، خلال تقرير قامت به عن الهجوم على القنصلية الأميركية في ليبيا، والذي أدى إلى مقتل السفير الأميركي كريستوفر ستيفنز. في التقرير التقت المراسلة بحارس أمن مخادع اسمه ديلان ديفيز، ادعى أنه ضرب أحد أعضاء «القاعدة» وتسلق جدارا عاليا ورأى السفير ميتا. تبين بعدها أن القصة بأكملها من نسج خياله. هو لم يكن موجودا هناك، بل كان يتشمس على الشاطئ. السبب الذي دفعه لذلك هو البحث عن النجومية والمال. الانتقادات الموجهة لفريق البرنامج ليست لمجرد أنه أخطأ، فالجميع يرتكب الهفوات الصحافية، ولكن بسبب تصديقه بشكل غريب لرواية يتضح من سياقها «الهوليوودي» أنها مختلقة، أو مبالغ فيها على أقل تقدير. فشل البرنامج، الذي أدى إلى إيقاف لوغان، زاد مرارته هجوم المعلقين الساخرين الذين لا يفوتون فضائح كهذه. في البرنامج الكوميدي «ساترداي نايت لايف» قلد أحد الممثلين شخصية عمدة مدينة تورونتو الكندية روب فورد، الذي اعترف مؤخرا بتدخينه مادة الكوكايين. قال الممثل مجسدا دور العمدة المخمور، بعدما أرهقه الصحافي الذي يحاوره بالأسئلة: «سأذهب لبرنامج يصدق كل ما أقول!». لا يمكن أن تسمع بهفوة البرنامج هذه، والهجوم الذي يتعرض له، من دون أن تتذكر أحد…

أوباما وستيوارت وكلينتون!

الأربعاء ٠٦ نوفمبر ٢٠١٣

يعاني الرئيس الأميركي باراك أوباما أسوأ أوقاته. الصحافيون الذين استماتوا في السابق في الدفاع عنه يهاجمونه الآن.. المشاريع التي راهن عليها تترنح بشدة.. كبار الديمقراطيين ينتقدونه.. صورته كرجل سلام وكاره لمنظر الدماء تضررت كثيرا.. وبالطبع نتائج سياساته الخارجية سلبية جدا، وحلفاء الولايات المتحدة لعقود طويلة في الشرق الأوسط وأوروبا غاضبون عليها. من أهم الصحافيين الذين هاجموه في الفترة الأخيرة المعلق الكوميدي جون ستيوارت. ستيوارت هو أكثر من دافع عن الرئيس وسخر بخصومه. لكن كل ذلك تغير الآن بعد المشاكل التي يتعرض لها نظام التأمين الصحي شبه المتعطل بسبب بطء المواقع الخاصة بالتسجيل. أوباما ظهر أخيرا في خطابات متعددة تمتدح مزايا التأمين الصحي الجديد لإصلاح بعض الأضرار، إلا أن ستيوارت شبهه بـ«مندوب المبيعات» المحبط في المسلسل الكارتوني «سمبسون» الذي يقول لزبائنه المحتملين «أرجوك اطلب الكثير.. الكثير». الاستراتيجية الإعلامية التي يتخذها العديد من الصحافيين والمعلقين المهووسين بالدفاع عن أوباما تعتمد على التعليق على بعض التصريحات الغريبة والمخبولة التي يقولها بعض متعصبي الجمهوريين وحزب الشاي بحق الرئيس، وتجاهل التصريحات والتعليقات المنطقية المتماسكة. هذه الاستراتيجية ليست نافعة هذه الأيام، لأن المشاكل أكبر من تجاهلها، وهو ما جعل حتى أحد داعمي الرئيس يقول إن سبب كل مشاكل الإهمال ورداءة الأداء يعود لأن الرئيس «يقضي الكثير من الوقت في لعب الغولف ولا يعرف أي شيء!». كما…