الخميس ١٥ مايو ٢٠١٤
ليست الجوائز الإبداعية أمرا جديدا على البشرية وعلى العرب، فهي موجودة منذ القِدم، لكنها تتطور مع تطور الزمن، وتتماشى مع متطلباته وما يستجد فيه. فلا يشبه أسلوب ومعايير التحكيم في سوق عكاظ القديم ما قبل الإسلام، أسلوب ومعايير التحكيم في سوق عكاظ الحديث؛ لاختلاف أغراض الأدب وأنماط الإبداع وتغيرها بعد مرور قرون كثيرة. كذلك للجوائز أهميتها الخاصة.. ولعل عوامل التقدير والتحفيز والمنافسة، وتقديم الجديد المختلف والرصين، تأتي في صدارة غايات إنشاء الجوائز، إضافة إلى ترسيخ اسم الجهة المانحة كجهة راعية لقضايا الثقافة والفكر والمعرفة والكتابة. ومع التطور التنموي والمعرفي والإعلامي، تكاد تكون الجوائز الثقافية والأدبية والإنسانية في دول الخليج العربي هي الأبرز عربيا، من حيث قيمها المعنوية والمادية.. وبكل تشعباتها وتفرعاتها من عالمية وعربية ومحلية. ولا جدال في أن المملكة تتصدر الدول المانحة للجوائز تليها دولة الإمارات ثم الكويت. وإذا كانت جائزة الملك فيصل العالمية هي الأقدم والأشهر، فإن الجائزة العالمية للغة العربية التي أطلقها قبل أيام نائب رئيس دولة الإمارات رئيس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد هي الأحدث، مع وجود جوائز أخرى كبيرة أخذت مكانتها على الساحة الثقافية مثل جائزة خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة، وجائزة الأمير نايف للسنة النبوية وعلومها، وجائزة الشيخ زايد للكتاب، والجائزة العالمية للرواية العربية في أبوظبي بالشراكة مع مؤسسة…
الخميس ٠٨ مايو ٢٠١٤
تحولت الأمور في العالم الافتراضي خاصة "تويتر" إلى واقعية لدى كثير ممن يكتبون بأسمائهم الصريحة، وشبه واقعية لدى بعضهم الآخر، ومازالت غالباً غير واقعية لدى أصحاب الأسماء المستعارة أو بعض من يضعون أسماء صريحة لكنها في الحقيقة ليست لهم. ومع تباين الحالات تتباين أنماط الكتابة وتأويلاتها أيضا، وتظهر أحيانا قراءة النيات وتقويل الغير ما لم يقولوا لغايات بعينها، كما يظهر من يتعمدون الإساءة ظنا منهم أنه لا توجد محاسبة على ما يُكتب في الإنترنت، مثل من يعتقدون أنه يصعب الوصول إلى الأسماء المستعارة أو من يفصلون بحسب فهمهم بين الكلام المباشر الصريح وجها لوجه وبين توجيه الكلام كتابة، ويرون أن الحالة الأولى فيها إدانة والثانية لا يدان صاحبها لأنه عبر عن رأيه في العالم الافتراضي. مع تطور الزمن وتطور القوانين صار ما يكتب على "تويتر" مثلا وثيقة يعتد بها قانوناً، ولو ادعى أحدهم أنه ليس صاحب الحساب أو أن حسابه مخترق فمن السهل كشفه، وبرغم من ذلك مازال عدد من المغردين لم يدركوا تلك المعادلة، من حيث تعمدهم الإساءة أثناء الكتابة أو من حيث تعمد إساءة الفهم ومن ثم بناء اتهامات غير صحيحة. لذلك صارت فكرة التقاضي بسبب تغريدات أمرا مألوفا في مجتمعاتنا العربية لعدم فهم الكثير لأساسيات "التغريد"، وكم من دعوى رفعت ضد هذا أو ذلك لتطاول أو سب…
الخميس ٢٤ أبريل ٢٠١٤
تحدثت ذات مقال عن إمكانية أن يبلغ العالم مرحلة التوثيق الإلكتروني فقط فيختفي شيء اسمه المخطوطات نتيجة الاستغناء عن الورق فلا يورث عصرنا الحالي للأجيال المقبلة سوى مخطوطات إلكترونية قابلة للضياع بكبسة زر أو خطأ إلكتروني. إلى ذلك بات كثير من الكتاب والمبدعين يكتفون بالأرشيف المحفوظ على مواقع الصحف أو مواقع الكتب ولا يحتفظ أحدهم بالنسخ الورقية، مما يعني أن ذلك الأرشيف بدوره عرضة للفقدان لو أُغلق الموقع أو أصابه خلل أدى إلى مسح المعلومات المخزنة فيه، وقد حدث هذا الأمر أكثر من مرة في العديد من المواقع. قلة الاهتمام بحفظ الورق ربما تتسبب في حدوث انقطاع تراثي، فالجيل الذي سبقنا ترك كثيرا من المخطوطات الورقية فيما قل عدد المخطوطات لدى الجيل الحالي، وربما تتلاشى لدى الجيل المقبل.. وهنا قد يتساءل البعض عما إذا كان عصرنا الحالي يمكن أن يترك بصمة بعد قرون عدة، وهل سيكون لوقتنا الراهن ذكر عند الحديث في الغد البعيد عن الآثار والتراث، أم سيبقى ما تركه الذين سبقونا هو المسيطر على المشهد التاريخي والتراثي؟ هل تستطيع الأبنية الشاهقة والأبراج أن تصمد مئات أو آلاف السنين لتغدو حينها شاهدا أثريا على مطلع الألفية الثالثة؟ وإن لم تصمد، فهل هناك من سوف يهتم ببقاياها ليجعلها من آثار الأولين لمن سيأتون بعدهم؟.. وما إلى ذلك من تساؤلات قابلة…
الخميس ١٧ أبريل ٢٠١٤
لم أكد أبدأ الكتابة حول الآثار والوثائق التي نهبت من البلاد العربية من قبل الدول الغربية خلال فترات سابقة، وأخذت موضعها في متاحف فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة وغيرها، حتى مارست عليّ الإعلامية ومقدمة البرامج الإخبارية في قناة العربية "ميسون عزام" حبها للاستكشاف ومعرفة ما أكتب، فحدثتها عن أن هذه الآثار والوثائق يجب استعادتها؛ لأنها تندرج ضمن حقوق الملكية الفكرية التي ينادي بها الغرب وصدّع رؤوسنا بها، وكعادتها.. لا بد أن تأخذ ميسون موقف المحاور لخلق تداعيات للحوار وإدخاله في متاهات معرفية تندرج ضمن السياق الرئيس برغم وجود تضاد في الرؤى. وفيما أنا أهاجم ذلك الغرب السارق راحت ميسون تشكره؛ لأنه أخذ إرثنا الثقافي والمعرفي والسياسي وحافظ عليه، وانطلق الجدل حول مشروعية ذلك السلوك.. فنظريتها تقول إن تلك الآثار والمخطوطات والوثائق الموجودة حاليا في أوروبا وأميركا لو بقيت لدينا لكنا أضعناها أو أضعنا معظمها على الأقل، واستشهدت بما حدث من نهب للآثار في العراق وبعدها في مصر وسورية خلال فترة الاضطرابات التي شهدها كل بلد، ورأت أننا كعرب لا نعرف قيمة ما نمتلك من كنوز، فالنزعة الفردية تغلب على مصلحة الأوطان لدى بعض الأشخاص ممن يريدون التكسب عبر سرقة الآثار وبيعها. لا أخفي أن ميسون بجدلها حركت العقل ليبحث في الأفكار التي تطرحها، فوجهة نظرها قابلة للنقاش من أكثر من زاوية،…
الخميس ١٠ أبريل ٢٠١٤
تحضر العاطفة غالباً بقوة لدى العرب والمسلمين، الأمر الذي جعل استغلالها سهلا على من يريدون التكسب، خاصة تحت مسمى التبرعات الخيرية. وقد تنبهت كثير من الدول إلى بعض الجمعيات التي تدعي أنها خيرية فيما هي في حقيقتها تمول نشاطات مشبوهة تتدرج حالاتها لتبلغ الذروة في تمويل الجماعات الإرهابية، وهذا الأمر انكشف للعيان بالوثائق الدامغة في أكثر من دولة عربية وغربية، ولن تكون ألمانيا آخر الدول مادام مسلسل الإرهاب باسم الدين وغير الدين مستمرا. أول من أمس أعلنت الحكومة الألمانية حظر جمعية اسمها "مشروع لأيتام لبنان" اشتبهت في كونها تجمع تبرعات لحزب الله اللبناني بعد أن داهمت مكاتب تابعة لها، واكتشفت أنها تمول بملايين "اليوروهات" مؤسسة "الشهيد" التابعة لحزب الله. والغريب في الأمر أن ألمانيا في حيثيات الحظر قالت على لسان وزير داخليتها إن تلك الجمعية "تشجع أهداف حزب الله بالقضاء على دولة إسرائيل"، متجاهلة أن حزب الله نسي إسرائيل وتلوثت أيادي قياداته وعناصره بدماء الشعب السوري لحماية النظام السوري والإبقاء عليه، فلم يؤثر ذلك في الحكومة الألمانية بقدر ما صارت تدافع عن إسرائيل وكأنها تدفع ضريبة أفعال النازية المتهمة "بالهولوكوست" اليهودي. ألمانيا من حيث لا تقصد خدمت الشعب السوري ولو جزئيا بقطع أحد مصادر تمويل قتله، لكن المصادر التي يصعب حظرها مازالت كثيرة، وهي لا تبدأ بروسيا ولا تنتهي بإيران.…
الخميس ٠٣ أبريل ٢٠١٤
من الجيد أن يعود الحديث الجاد عن المسرح في المملكة بالتزامن مع يومه العالمي قبل أيام، ومن الجيد أيضا أن جميع آراء المهتمين والمتخصصين التي نشرت على صفحات "الوطن"، مثل سلطان البازعي ومحمد العثيم، وفي غيرها من الصحف، تصب في مصلحة هذا الفن، الذي ينعكس تراجعه أو تطوره على بقية الفنون المقاربة كالسينما والدراما التلفزيونية. التطوير والتغيير نحو الأفضل، وتكريس حالة مسرحية إبداعية صحيحة متميزة يحتاجان لإعادة بناء تنطلق من صناعة وعي مسرحي جمعي، يبعد المفهوم السائد بأن المسرح مكان للإضحاك والتهريج والشتم والركل، بحسب الصورة التي كرستها الأعمال التي كانت التلفزيونات تعرضها. وكم من مرة خرج عدد من الحضور بعد دقائق من بداية عرض مسرحي جاد قائلين: "المسرحية ما تضحّك".. سمعت هذه الجملة أكثر من مرة، وسمعها غيري، ولا بد من إبعادها عن أذهان الناس. إلى ذلك، لا تكفي إعادة افتتاح شعبة المسرح في جامعة الملك سعود أو غيرها، فالمفترض هو افتتاح كيان مستقل تحت مسمى "المعهد العالي لفنون المسرحية" أو أي اسم آخر، تكون مرجعيته إلى وزارة الثقافة والإعلام بحكم الاختصاص، وكذلك يجب العمل على تأسيس اتحاد أو رابطة للفنانين تضم في جمعيات فرعية خريجي "المعهد"، ومن يعملون في الغناء وتشعباته من تلحين وعزف، والتمثيل وأنواعه ومتطلباته. فجمعية المسرحيين الموجودة حاليا مثلا تكون جزءا من اتحاد الفنانين، وهو…
الخميس ٢٧ مارس ٢٠١٤
لأن العرب أمة تجذر فيها الشعر حتى صار "ديوانها"، ما كان يجب أن يمر يوم الشعر العالمي قبل أيام عرضا بفعاليات نمطية لا تتجاوز الأمسيات والمحاضرات في بعض الدول وعدد من مراكز وأندية الأدب والثقافة. يستطيع أي متابع أن يكتشف أن المدارس والجامعات كانت بعيدة عن مناشط الشعر في يومه، وأن وسائل الإعلام خاصة المرئية منها لم تتفاعل، وكان بإمكانها أن تقدم الكثير من برامج معدة مسبقا عن الشعر وأهم الشعراء العرب قديما وحاضرا.. أو برامج تبث على الهواء يتحدث فيها مبدعون ونقاد ومتخصصون يضيئون المساحات للمتلقي البسيط، الذي بدأت تختلط عليه الأمور بعد أن صار كل من هب ودب يدعي كتابة الشعر فيما هو يكتب نثرا، ولعلها إحدى جنايات العصر الحديث، فبعض من خرجوا عن الموزون في الكتابة قدموا الشعر بطريقة جعلت الشباب يستسهلونه فيكتبون تهويمات على أنها شعر أسوة بمن يعتبرون أنفسهم روادا. ربما لم أكتب قصيدة النثر؛ لأني لم أقتنع بها كنمط شعري بعد تجربة طويلة مع الشعر العمودي وشعر التفعيلة، وقد يكون فعل مثلي معظم من امتلكوا ناصية الوزن، فما هان عليهم أن ينثروا ويسمون نثرهم شعرا فشتان بين الشعر والنثر، فلكلٍّ مكانه وجمهوره، ولكلٍّ أصوله وضوابطه.. وما يلفت النظر أن كثيرا ممن يكتبون النثر يحاولون أن يموسقوا كتابتهم ويجعلوا أواخر الجمل مقفاة، في حالة ذهنية…
الخميس ٠٦ مارس ٢٠١٤
أن يحتضن معرض الرياض الدولي للكتاب أكثر من 600 ألف عنوان تطرحها نحو 900 دار نشر، فذلك ليس بالرقم البسيط، بل إنه يجعل من المعرض واحدا من أهم الأحداث الثقافية الجاذبة حاليا، والقادرة مع الاستمرارية على صناعة ذائقة قرائية جمعية، يمكن من خلالها الخروج من دوامة جلد الذات التي ألفتها النخب العربية عامة، والمحلية على المستوى السعودي على وجه الخصوص، فكم سمعنا جملة "أمة اقرأ لا تقرأ"، وكم تصدعت الرؤوس بحكاية ما ترجم إلى اللغة العربية من كتب منذ زمن المأمون لغاية وقت متأخر لا يوازي ما أنتجته إسبانيا في عام واحد.. وغير ذلك من قصص محبطة. 600 ألف عنوان يتجول الناس مزدحمين بينها، تفند كثيرا من الأقاويل، ولولا وجود مَن يتلقى لما ظهر الإنتاج الكتابي مطبوعا. قد تكون القراءة تراجعت ذات يوم، لكن ثمة مؤشرات لدى الجيل الجديد أن كثيرا من الشباب يقرؤون بشغف، والمسألة لديهم ليست نخبوية كما هو الحال لدى الجيل الأكبر منه، بل هي إحساس وتعمق ورؤية، وبالتالي يمكن القول إنه باستمرار النشر وعدم استسلام معارض الكتب والناشرين لحكايات المحبطين فالمعادلة سوف تتغير، وتصبح "أمة اقرأ.. تقرأ"، وهذا هو المأمول في زمن التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي التي تستهلك أوقات الناس. إلى ذلك، فإن مبادرة القائمين على معرض الرياض الدولي للكتاب بتكريم الرواد من الخطاطين البارزين على…
الخميس ٢٧ فبراير ٢٠١٤
مجموعة أصدقاء ظرفاء معظمهم من المبدعين، أسسوا مجلة ساخرة وصفحة على "فيس بوك" من أجل أن "يكشفوا" الطاغية القابع على أكوام الدمار في وطنهم. وما إن اشتعلت الثورة الأوكرانية حتى صبوا جام سخريتهم على الواقع السوري من باب أوكرانيا، فجادت قرائح أبو دومان، وخطيب بدلة، وماهر حميد، وبشر إمام، ووافي بيرم، وهادي كيوان، ومحمد الحديدي، ودريد جحا.. والآخرين.. بما يخطر ولا يخطر على البال من مقارنات ومفارقات لاذعة كانت هي عزاءهم لشعورهم بتخلي العالم عن حماية وطنهم وأهاليهم. أحدهم يسال صاحبه عما يقترح على أهل أوكرانيا لتسمية "جمعة الأحد" المقبل، وآخر يتحدث عن إعلان القائد العام للفرقة الرابعة الأوكرانية عن "شلح" البيجاما ولبس البدلة العسكرية.. وغيره يؤكد أن يانكوفيتش كان بخيلاً لأنه لم يشترِ "بيجاما" لأخيه.. في تلميح إلى العبارة التي شاعت عن شقيق طاغية بلدهم. وفي خبر عاجل من كييف، ينقل كاتب ساخر أن الفنانة الأوكرانية رغدوشكا ناناوفسكي طالبت الرئيس الأوكراني بضرب المتظاهرين بالكيماوي، بينما "باس" جورجيو واسوفكوف قدمي ابن خال الرئيس طالباً منه شيئاً ما. ويشرح غيره تفاصيل بيان الجيش الأوكراني الذي ينفي أي نية للتدخل في الأزمة السياسية في البلاد، مستغرباً ومتسائلاً عمن سوف يدافع عن "الممانعة". أما خبر عزل البرلمان الأوكراني للرئيس فيكتور، فجاء للمقارنة مع البرلمان السوري الذي أدمن التصفيق لحاكم مستبد. وهناك من خاب…
الخميس ٢٠ فبراير ٢٠١٤
حمل الموسيقي والمطرب السوري "إبراهيم كيفو" صوته الأصيل وارتحل به في كثير من الدول العربية والأوروبية حتى أصبح علامة فارقة في مهرجان مورغن لاند الألماني. ومن يعرف "كيفو" عن قرب يدرك مدى إخلاصه للفن الأصيل وللتراث الموسيقي لمنطقته، ولعل ذلك من أسرار نجاحه الباهر على المستوى الأوروبي، بالإضافة إلى الوجه المشرق الذي قدمه في مهرجان بيت الدين في لبنان وغيرها من المهرجانات والسهرات الفنية مثل "الكرين" الكويتي، ومسرح ملتقى أسرة جامعة الإمارات في العين. في ثمانينات القرن العشرين أيام الدراسة في جامعة حلب، كثيرا ما تحاورت مع "إبراهيم كيفو" - الذي كان صديقا وأخا - حول من يتكسبون عبر الهبوط بالفن إلى سوية منخفضة من الذائقة، وكان يرفض ذلك حتى لو عرضت عليه الملايين - على حد تعبيره -، مؤكدا أن الفن رسالة. والجميل فيه أنه أصر على موقفه بعد أن كبرنا، وصبر حتى صار يقطف ثمار إخلاصه في السنوات الأخيرة. تمكن "كيفو" في حفلاته الموسيقية الراقية من توظيف الإرث الموسيقي الهائل لمنطقة الجزيرة السورية، التي يعشقها ويتقن لغاتها كالعربية والسريانية والكردية والأرمنية والمردلية والآشورية، ولأنه "موسوعة" في موسيقى ومقامات وإيقاعات الشرق فقد ارتقى بالأداء والتوزيع الموسيقي حتى قطع مسافات يحلم بما هو أبعد منها. ففي آخر مهرجانات بيت الدين عزف "كيفو" مع الفرقة الموسيقية المرافقة بإبداع، وغنى بست لغات…
الخميس ٠٦ فبراير ٢٠١٤
مع اندلاع الحروب اعتاد لصوص الآثار أن ينشطوا لنهب أكبر قدر ممكن من آثار الأماكن المضطربة كما حدث في العراق عام 2003، وكما حدث في مصر بعد الثورة، وما يحدث في سورية اليوم وغيرها من بلدان. لا تتوقف أضرار الحرب على تدمير الإنسان بل تقضي على كل شيء، وتكبر المشكلة حين يكون البقاء في الحكم لدى النظام القائم أهم من الإنسان والمكان، فلا يكتفي بالتخلي عن حماية شعبه وتاريخ دولته بل يسهم في تدميرهما بآلته العسكرية، وهذا ما فعله النظام السوري، فاعتقل وقضى على مئات الألوف من البشر وهجر الملايين من بيوتهم، وقصف المواقع الأثرية والأسواق التاريخية، وعندما ظهر ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" ترك لهم جزءا من المهمة غير الأخلاقية. فخلال الشهور الماضية تواترت الأخبار عن نهب الآثار السورية في كثير من المواقع التاريخية، وتفيد المعلومات بأن عناصر "داعش" و"جبهة النصرة" استولوا في بلدة معلولا قرب دمشق على التحف الموجودة فيها وقت سيطرتهم عليها، وأجروا عمليات تنقيب غير قانونية عن الآثار في مواقع أخرى بحسب رئيسة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) إيرينا بوكوفا التي حذرت حينها صالات المزادات والمتاحف من هذه المشكلة. "داعش" في كل مكان خضع لسيطرتها في سورية مارست أعمال نهب الآثار، فأصابع الاتهام تتوجه إليها في سلب آثار موقع مملكة…
الجمعة ٣١ يناير ٢٠١٤
عند الإعلان عن اسم مدينة ما عاصمة للثقافة العربية، أو عاصمة للثقافة الإسلامية.. أو عاصمة للسياحة العربية، يبدأ الناس بالحديث عن تلك المدينة معتبرين إياها أهم مدينة عربية في المجال الذي اختيرت فيه، ويعتقدون أن تفوقها على العرب جميعا جعلها تصبح عاصمة ثقافية أو سياحية، ليظهر الأمر كأنه مسابقة يفوز بها الأميز والأبرز والأفضل من حيث المنتج. وهذا ما يستدعي توضيحا من اللجان القائمة على الاختيار وانتقال الراية من دولة إلى أخرى ومن مدينة إلى غيرها. كذلك للإعلام دوره في ذلك؛ كي لا تنتشر المفاهيم الخاطئة كما حدث مع زميلة حدثتني قبل أيام عن "تفوق" مدينة أربيل العراقية على جميع المدن العربية بمقوماتها السياحية، مما أهلها لـ"الفوز" بلقب عاصمة السياحة العربية. وأمضيت وقتا أشرح لها عن فكرة العواصم من ثقافية وإسلامية وسياحية، وأن البداية جاءت باختيار القاهرة عاصمة للثقافة العربية عام 1996، بناء على مقترح قدمته المجموعة العربية في اليونيسكو في العام الذي سبقه للقيام بتجربة مشابهة لتجربة الاتحاد الأوروبي؛ تهدف إلى منح الشأن الثقافي موقعا مهما في المجتمعات، فيتم تكثيف النشاطات في مدينة ما على مدار عام كامل، بكل ما تضمه من فعاليات ومبادرات واستضافات للمثقفين والمبدعين والمفكرين من بلاد أخرى، فتختصر المسافات عبر الحوار والتلاقي بين ثقافات الشعوب المتنوعة. بعد ذلك، سلكت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة النهج…