الخميس ١٢ ديسمبر ٢٠١٣
مثقف حقيقي صاحب موقف، جريء حتى في قراراته المستقبلية.. فنان تشكيلي من طراز رفيع، وصاحب مكتبة تضم كنوزا معرفية متشعبة المشارب، وفوق ذلك كله فهو قارئ ذو ذائقة راقية وصاحب حرف أنيق. برغم كون أرسين قيومجيان أرمني الأصل إلا أنه لم ينسلخ عن كينونته السورية، وأزيد عليها عروبته، فهو عروبي أكثر من كثير من العرب.. عاش حياته كلها في الرقة، وحين تكالبت الأقدار على مدينته التي يحب، لم يذهب إلى أرمينيا، شأن كثير من أرمن سورية الذين استقبلوا بترحاب في موطن أجدادهم، بل هاجر إلى السويد مع أهله الرقيين الذين ولد ونشأ وكبر معهم. وطوال مرحلة الهجرة وصولا إلى شبه الاستقرار مرّوا جميعاً بمختلف الظروف القاسية التي عانوها، ولم تفارق مخيلته صورة الوطن، وببراعة المثقف المرهف يقول: (ثمة تناسق وتناغم وتكامل بين سوريا والسويد، فالسويد لم تعد بحاجة إلى سجونها، وسوريا لم تعد بحاجة إلى شعبها). يمتلك الصديق أرسين قدرة كبيرة على رسم المفارقة بحروفه بعد أن افتقدنا ريشته زمنا، وها هو أول من أمس يرسم لوحة تداخلت فيها المدرسة الواقعية بالوحشية، وعبرها يصنع مشهدا يجعل المرء يفكر قبل لحظة اكتشاف الحقيقة. فيقول: (في مثل هذا اليوم العاشر من كانون الأول – ديسمبر - عام 1896 توفي ألفرد نوبل. وفي مثل هذا اليوم من كل عام تقام مراسم الاحتفال لتوزيع…
الخميس ٠٥ ديسمبر ٢٠١٣
لكون الثقافة لا تنال الحظ الوافر من الاهتمام على المستوى العربي، فإن تقرير التنمية الثقافية العربية الذي يصدر سنويا عن مؤسسة الفكر العربي يأتي ليسد فراغا في هذا المجال، وينبه إلى كثير من الأمور الواجب ملاحظتها للعمل على تفادي بعض السلبيات والمضي إلى تكريس الإيجابيات لعل شيئا ينصلح وتخف حدة الهم الثقافي العربي. في تقريرها السادس للتنمية الثقافية الذي أطلق منذ ثلاثة أيام ركزت المؤسسة على أكثر من نقطة حيوية في العصر الحديث، فجاء فيه أن البحوث العلمية غير قابلة للتطبيق وأن المنتج العلمي ضعيف، ولأن المسألة لا تخضع للمجاملات بقدر ما تخضع للمعلومات والأرقام، فالتقرير ينبه بذلك على أن التطور والرقي والتنمية لا تتحقق من غير بحث علمي متميز قابل للتطبيق، أما أن تتم البحوث لمجرد أن تسمى بحوثا وتكون بعيدة عن الواقع فإن هذا سوف يكرس الحالة السلبية التي لا بد من الخروج منها لاستدراك ما فات في البحث العلمي. إلى ذلك، فأن يشير التقرير إلى أن الخطاب الديني أغفل قدسية العمل، فهو بذلك يطالب بطريقة غير مباشرة بتغيير الخطاب الديني ويدعوه للتخلي عن الموضوعات النمطية التي حفظها الناس، ويتوجه إلى موضوعات مواكبة للزمن الحديث، بحيث يتمكن من محاكاة واقع الإنسان العربي، وتقريبه من منطقة المثاليات التي يطمح أي مجتمع بالوصول إليها. وعندما يقول التقرير إن هناك ضرورة…
الخميس ١٤ نوفمبر ٢٠١٣
من طرائف معرض الشارقة الدولي للكتاب أن دار نشر شهيرة تورطت في عرض رواية جديدة للكاتب الإماراتي ياسر حارب، وما إن بدأ الجمهور بالشراء حتى اكتشف ياسر أن هناك مقاطع ناقصة من فصول روايته، فأطلق تغريدة على تويتر يناشد من اشتروا روايته وصاروا في بيوتهم إعادتها لدار النشر التي سوف تعيد طباعة نسخة جديدة غير ناقصة. دار أخرى ارتكبت خطأ مقاربا، إذ حكى لي كاتب وإعلامي سعودي معروف أنها أصدرت نسخة غير مدققة من كتاب جديد له، والسبب أنه أرسل لهم نسخة أولية غير منسقة أو مدققة لإجراء حساباتهم التقديرية على أساسها، ثم أرسل إليهم النسخة النهائية المعتمدة، فكان أن طبعوا النسخة غير المعتمدة ووضعوا الكاتب في مأزق مع نفسه ومع قرائه. ليست تلك الدار والأخرى وحدهما من يقع في الخطأ، بل بات ذلك يحدث كثيرا في عالم النشر نتيجة التسرع والارتجالية، والأشد خللا تلك الإصدارات التي تصدر من غير تدقيق لغوي، كما في "دهشة لوميض باهت" لعبده خال وما كان على دار النشر أن تصدر الكتاب قبل التأكد من تدقيق اللغة، وكذلك في كثير من الروايات والإصدارات التي اطلعت على بعضها لكتاب شباب من أكثر من دولة خليجية، فالمسألة لم تعد مرتبطة بشخص أو دار نشر، بل بإنتاجية مرحلة من إبداع العرب وثقافتهم. تعجل النشر ليس إيجابيا بأي حال…
الخميس ٠٧ نوفمبر ٢٠١٣
من الجيد أن يخصص يوم عالمي للغة العربية يتم من خلاله العمل على دعمها وإبراز سحرها، فهي مهما اعترضها من مكدرات تبقى لغة راقية، وتظل متوهجة إن أتقن من يستخدمها توظيف مفرداتها وقدرتها على التعبير. ولعل اختيار محور "دور الإعلام في تقوية أو إضعاف اللغة العربية" محوراً رئيساً للاحتفال باليوم العالمي للغة العربية هذا العام بحسب المنشور في "الوطن" أول من أمس على لسان رئيس الهيئة الاستشارية للخطة الدولية لتنمية الثقافة العربية "أرابيا" السفير المندوب الدائم للمملكة العربية السعودية لدى اليونسكو زياد الدريس، يأتي في وقت مهم تزاحمت فيه وسائل الإعلام على المشاهد العربي، خاصة الفضائيات التي قارب أو تجاوز عددها الألف، ولا أعتقد أن واحدة منها فكرت ذات يوم بدورها في تقوية اللغة العربية، كما كان يحدث من قبل. في الإعلام المكتوب لم تتخل الصحف عن اللغة وقواعدها، ويقترب منها الإعلام الإلكتروني مع تفاوت الاهتمام بينها، أما في المسموع فقد طغت العامية إلا في نشرات الأخبار على معظم المحطات، وبعضها طعّمت تلك النشرات بالعامية، عدا إدخال كثير من المفردات الأجنبية حتى ليخال المرء أنها باتت جزءاً من لغة الحديث اليومية في الشارع العربي. وفي الفضائيات غير الإخبارية حدث ولا حرج عن نسيان العربية الفصحى مقابل امتداد العاميات والمفردات غير العربية، ولا أكاد أتذكر برنامجاً يقدم باللغة الفصحى، كذلك لا…
الخميس ١٧ أكتوبر ٢٠١٣
- الفرح: لم يبقَ له مكان هناك، ربما تمر أعوام وأعوام قبل أن ينسى الناس هناك الكوارث.. وتنسى الأجيال.. ويعود الفرح لينثر حروفه بينهم، وإلى أن يحين ذلك اليوم فالطاغية مستمر بموسم دفن الفرح الذي بدأه ذات صوتٍ طالبَ بحقه. - الموت: صناعة امتاز بها الطغاة، ولكن شتان ما بين طاغية وآخر، أحدهم يزرع الموت في مساحة صغيرة، وآخر يكوّمه على امتداد وطن. وحين يئن الوطن الذي اعتاد أن يحتضن أبناءه، فمن لأبناء الوطن وقت يغصّون بلقمة عشقه وهو يجترع المواجع. - الأحبة: تشردوا هنا وهناك، وتنقلوا بين ثلاث قارات والرابعة على الطريق.. ما زالت حكاية التشرد في أوجها، وكل يوم تزداد اتساعا، أما صاحب المعزوفة الأليمة فلا يعرف إلا أن يدوزن آلة الدمار ليطلق تقاسيمه على إيقاع القصف فيما العالم يستمع إلى سيمفونيته "النشاز" ويتفرج على مسرح تناثرت على خشبته الأشلاء. - الهجرة: يدرك الجميع أنها شر لم يكن منه بد.. تهجر الكثير من البسطاء، وكثير غيرهم ينتظرون وما بعدهم وما بعدهم.. الغالبية لا ناقة لهم ولا جمل، وحده الكرسي يتشبث بالناقة والجمل حتى ولو تهدمت كل أركان الوطن على رؤوس من لم يجدوا دربا للهجرة. وبعضهم تنفس إذ تخيل أنه تخلص من المرّ ليكتشف أنه وقع في الأشد مرارة، فانكتمت الأنفاس ثانية.. وخيم الظلام. - الاغتراب: هو مرحلة…
الخميس ١٠ أكتوبر ٢٠١٣
والرمان فاكهة، وزهره هو الجلنار، وكم تغنى بهما الشعراء العرب بقصائدهم، خاصة ما ينصب منها في باب العشق. وجاء في تاج العروس أن (الجُلَّنَار بضم الجيم وفتح اللام المشددة أهمله الجوهري، وقال الصغاني: هو فارسي معناه زهر الرمان، وهو مُعَرَّبُ كُلْنار بضمِّ الكاف). وفيه قال أبو الوليد الأندلسي: وجلنار تبدى ... يختال في جل نارِ أحلى حلى من جميع الـ ... أنوار والأزهارِ حكى خدود العذارى ... قد شربت باحمرارِ وقال لسان الدين بن الخطيب: قُلْتُ إِذْ وَجَّهَ لِيِ حَبّاً مِنَ الرُّمَّانِ حِبّي ما مَعي حَبٌ يُكافيك سِوى حبَّة قلبِي وما بين الرمان وزهرته الحمراء الجميلة (الجلنار)، أبدع كثير من الشعراء قصائدهم الغزلية في معشوقاتهم، فالخدود في صورهم البديعية عن الجلنار، والصدر هو الرمان، وجاء في كتاب "البديع في نقد الشعر" لأسامة بن منقذ الشيزري (488 – 584 هـ): وقالوا للطبيب: أشر فإنا نعدكَ للمهمّ من الأمور فقال: شفاؤهُ الرمانُ لما تضمنه حشاهُ من السعيرِ فقلتُ لهُ: أصبتَ بغير عمدٍ ولكن ذاكَ رمانُ الصدورِ وتخطى ذلك شعر الفصحى إلى الشعر الشعبي بما فيه المغنّى منه، مثل الحديث عن رمان الصدر في أحد مطالع الموليّا الفراتية "الرقاوية". غير أن شاعراً شعبياً عراقياً لم يرَ في الرمان ما رآه الشعراء العاشقون، فقال ما يظنه المرء للوهلة الأولى غزلاً: (جلجل عليه الزمان، النومي…
الخميس ٠٣ أكتوبر ٢٠١٣
أن يكون المرء مرتزقاً ويخطئ ثم يصر على الخطأ لتأكيد تردي أخلاقياته فتلك مصيبة، وهذا ما فعله المخرج السوري نجدت آنزور، فهو في حديثه أول من أمس على قناة "بي بي سي" عاد للتأكيد أنه أخرج وأنتج فيلمه المسيء للسعودية منطلقاً من قناعات شخصية من غير أن يعترف بالحقيقة الواضحة والصارخة، وهي أنه قبض من النظام السوري ثمن فعلته التي حولته إلى مجرد مرتزق مأجور لا يمتلك أي مبدأ، أما رسالة الفن التي صدع بها رؤوس المشاهدين فليست إلا كذبة أقنع نفسه بها ومضى يرددها مثل كثير من أسطواناته الأخرى الجوفاء التي لازمته منذ اصطف إلى جانب النظام القاتل ضد الشعب والحرية. نسي المخرج أنه يناقض نفسه بهجومه على البلد التي مدت إليه يد الخير وأكرمته مادياً ومعنوياً حين دعته لإخراج الأوبريت في حفل افتتاح المهرجان الوطني للتراث والثقافة في الجنادرية منذ سنوات، ليقدم إبهاراً كما ادعى وقتها عن أمجاد السعودية وتاريخها المشرق، فإن كان صاحب رسالة سامية كما يدعي فرسالته تقتضي ألا ينسف قناعاته تلك ويتحول إلى النقيض بأموال النظام المنهوبة من الشعب، فأي رسالة "عظيمة" لديه وهو يتكسب على حساب دماء الأبرياء المساكين! لم أحب يوماً الشخصنة في الكتابة، لكن بعض الحالات تحتاج شخصنة كما هو واقع "آنزور" صاحب الفيلم الرديء روائياً وتمثيلياً والتمويل المشبوه – بحسب من…
الخميس ٢٦ سبتمبر ٢٠١٣
ـ 1 ـ للذئب في المخيال العربي حضور مدهش منذ بدأ زمن الحفظ مشافهة أو تدويناً، وما زالوا حين يصفون شخصاً بالجرأة وعدم الخوف يقولون إنه "ذيب". ولعل ذئب الشاعر الصعلوك الشنفري أشهر "ذيب" جاهلي وهو الذي جاء ذكره في لامية العرب: ولي دونكم أهلون: سيدٌ عملّسٌ وأرقط زهلولٌ وعرفاء جيألُ ـ 2 ـ استمر حضور الذئب بعد زمن الجاهلية، مثل حضور بيت الأحيمر السعدي في الأذهان، وهو ممن عاشوا في العصرين الأموي والعباسي، وفيه يقول: عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى وصوَّت إنسان فكدتُ أطـيرُ ولا تقل قصيدة الفرزدق عن الذئب شهرة عن بيت الأحيمر، خاصة لو تأملنا الحوارية البديعة التي نسجها مع الذئب: وأطلسَ عسّالٍ ، وما كان صاحباً دعوتُ بناري موهناً فأتاني فلما دنا، قلت: ادنُ دونكَ، إنني وإياك في زادي لمشتركانِ ومع تلاحق العصور يظل الذئب مصاحباً للشعراء، كما هو حال البحتري بقوله: تسربلته والذئبُ وسنانُ هاجعٌ بعين ابن ليل ما له بالكرى عهدُ ـ 3 ـ وبرغم أن الذئب في المنام ليس فألاً حسناً في مخيال العرب لكن ذكره يأتي إيجابياً على الأغلب في وصف أحدهم لآخر، فابن سيرين يفسر الذئب في الحلم بأنه "عدو ظلوم كذاب لص غشوم من الرجال غادر من الأصحاب مكار مخادع، فمن دخل داره ذئب دخلها لص". ـ 4 ـ…
الجمعة ٢٠ سبتمبر ٢٠١٣
حين يسطو أحدهم على جهد فكري لغيره، وينسبه إلى نفسه، فإن التبرير بحسن النية ينتفي هنا، ما دام السارق لم يشر من قريب أو بعيد لصاحب الفكرة أو المادة المسروقة، كما في حالة سطو أحد الصحفيين على مقال منشور في "الوطن" للزميل الكاتب سعود البلوي، فالسطو حدث عن عمد وإدراك بالفعل، ظناً من الفاعل أن بعد المسافات لن يكشف السرقة. الجميل في الزميل سعود، أنه أصر على متابعة القضية ليس من أجل نفسه وإنما من أجل ردع كل من يمكن أن تسول له نفسه القيام بفعل مماثل، فالمسألة ليست فردية بقدر ما هي مسألة حقوق فكرية لا بد من العمل على حمايتها في مختلف القضايا المرتبطة بها كما أخبرني في اتصال هاتفي بيننا الأسبوع الماضي كان هو المبادر فيه بروحه الجميلة، وعرجنا خلال الحديث على موضوع السطو المشار إليه. إشكالية الملكية الفكرية؛ أنها مصطلح ما زال مبهماً لدى الكثير من الناس، لذلك فإن نشر ثقافة الملكية الفكرية وقوانينها على المستوى المحلي والعربي بات ضرورياً جداً عبر توظيف وسائل الإعلام بأنواعه لعل تلك الثقافة تصبح بديهية لدى الجميع، فالمشكلة تتخطى عامة الناس إلى النخب، فمن كان يتخيل أن ناقداً أكاديمياً من الجزائر يسرق أجزاء كثيرة من كتاب نقدي للدكتور عبدالله الغذامي، ويضمنها في كتاب له فاز فيه بالدورة الرابعة (2008 –…
الأحد ١٥ سبتمبر ٢٠١٣
حين استمعت في مدينة أورفة التركية لحكايات من شهود عيان وممن شاهدوا الموت بأم أعينهم وكتب الله لهم أعماراً جديدة، فاضطروا إلى هجر بيوتهم والخروج من وطنهم إلى مكان آمن، أدركت أن الثورة السورية اختطفت هي الأخرى، ونهبها لصوص ومرتزقة وقطاع طرق ومتأسلمون لا يعرفون الله إلا في مظهرهم لخداع الناس والإعلام تحت مسميات كتائب إسلامية، فيما معظمهم – كي لا أقول كلهم - لا يصلون كما روى لي بعض من اختطفوا ودفعوا فديات ليعودوا إلى أهاليهم، وبناء على ذلك لعلهم لا يصومون في هذا الشهر الفضيل. أحد المختطفين طلب من سجانيه المنتمين إلى جماعة إسلامية السماح له بأن يتوضأ ليصلي، فسخر منه السجانون قائلين نحن لا نصلي لنسمح لك بالصلاة. مهندس من أنجح مهندسي المدينة، تعرض للتهديد فغادر وطنه، ويحاول اليوم أن يهاجر بطريقة ما إلى دولة أوروبية معرضا حياته للخطر بحثا عن حياة كريمة له ولأطفاله بعد ما أوشك ما عنده من وفر مالي على الانتهاء، فالمعيشة في تركيا مكلفة، ولا مجال لأن يعمل بحكم عائق اللغة والقوانين التي لا تجيز عمله. حمّال استطاع أن يصبح عنصرا في الجيش الحر وصار يحمل سلاحا استطاع به نهب الملايين من الليرات، اشترى بها أسلحة وضم أصحابه من المسحوقين سابقا ليشكل كتيبة "إسلامية" الاسم، أما فعلها فهو ترويع الناس وسلب ممتلكاتهم.…
الخميس ٠٥ سبتمبر ٢٠١٣
حين يسطو أحدهم على جهد فكري لغيره، وينسبه إلى نفسه، فإن التبرير بحسن النية ينتفي هنا، ما دام السارق لم يشر من قريب أو بعيد لصاحب الفكرة أو المادة المسروقة، كما في حالة سطو أحد الصحفيين على مقال منشور في "الوطن" للزميل الكاتب سعود البلوي، فالسطو حدث عن عمد وإدراك بالفعل، ظناً من الفاعل أن بعد المسافات لن يكشف السرقة. الجميل في الزميل سعود، أنه أصر على متابعة القضية ليس من أجل نفسه وإنما من أجل ردع كل من يمكن أن تسول له نفسه القيام بفعل مماثل، فالمسألة ليست فردية بقدر ما هي مسألة حقوق فكرية لا بد من العمل على حمايتها في مختلف القضايا المرتبطة بها كما أخبرني في اتصال هاتفي بيننا الأسبوع الماضي كان هو المبادر فيه بروحه الجميلة، وعرجنا خلال الحديث على موضوع السطو المشار إليه. إشكالية الملكية الفكرية؛ أنها مصطلح ما زال مبهماً لدى الكثير من الناس، لذلك فإن نشر ثقافة الملكية الفكرية وقوانينها على المستوى المحلي والعربي بات ضرورياً جداً عبر توظيف وسائل الإعلام بأنواعه لعل تلك الثقافة تصبح بديهية لدى الجميع، فالمشكلة تتخطى عامة الناس إلى النخب، فمن كان يتخيل أن ناقداً أكاديمياً من الجزائر يسرق أجزاء كثيرة من كتاب نقدي للدكتور عبدالله الغذامي، ويضمنها في كتاب له فاز فيه بالدورة الرابعة (2008 –…
الخميس ٢٩ أغسطس ٢٠١٣
ما إن اعتقل المرشد العام للإخوان المسلمين في مصر الأسبوع الماضي حتى سارعت "الجماعة" لتعيين مرشد موقت ريثما يتبين لها وضع المرشد المعتقل. ليظهر الإخوان المسلمون وكأنهم لا يستطيعون العيش من غير مرشد يوجههم ويعلمهم كيف يتحركون ويفكرون، وربما يخطط لهم عن بعد، وما عليهم إلا التنفيذ لإكمال مشروعهم في تحويل مصر إلى كتلة من الفوضى إلا إذا عادوا إلى سدة الحكم. المشروع الإخواني القديم الذي تكلل بالنجاح يوم استلموا السلطة في أكثر من دولة عربية بدأ يتراجع بعد أن اكتشفت الشعوب أن هؤلاء المتحدثين باسم الدين ليسوا إلا ثلة من المتسلقين، استغلوا الإسلام مدخلا للوصول إلى الجماهير، وظلوا ينادون بذلك متوارين تحت الستار الديني حتى جاءتهم الفرصة الذهبية التي أهدروها، فسقطوا شر سقطة، ووضعوا أنفسهم بعد اعتمادهم العنف وسيلة للعودة في ورطة كبيرة، ويبدو أن عدم قدرتهم على استخدام وسيلة أخرى بعد انكشاف الأقنعة لن يقودهم إلا إلى استمرار العنف. منذ تأسيس "الجماعة" وهدفها معروف، ورغم أنها شهدت منعطفات لعل أهمها ما صنعه "سيد قطب" بأفكاره التي أصدرها في مؤلفات، ومنها أفكار مسروقة كما في حكاية "الحاكمية" التي نادى بها أبو الأعلى المودودي لكن "قطب" وظفها بما يخدم غاية الإخوان في الوصول إلى السلطة. وإلى ذلك فقد وضع أفكاراً أخرى كانت مبرراً للكثير من أعضاء الجماعة خصوصاً الموجودين في…