الأحد ١٧ ديسمبر ٢٠١٧
أعلنت واشنطن أنّ فرق التحقيق التي تولت الكشف على أجزاء من الصاروخ المرسل من يمن الحوثيين إلى الرياض، كان صاروخاً إيرانياً، وعليه فقد ثبت الآن بما لا يدع مجالاً للشك أنّ هذه الدولة الكهنوتية التوسعية، تشارك بكل ما تملكه من قوة وأموال في زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة. هذا الإعلان الاتهامي يعني أنّ إيران ستكون هدف المجتمع الدولي في المستقبل المنظور، ولا أعتقد أنّ روسيا، التي تحالفت معها في سوريا، ستتحالف معها مرة أخرى في اليمن، وهذا ما يُفسر نقل البعثة الدبلوماسية الروسية من صنعاء، إلى الرياض، في مؤشر واضح إلى أنّ إيران والحوثيين سيواجهون التحالف الدولي الذي دعت إليه الولايات المتحدة منفردين. الرئيس الأمريكي السابق أوباما كان قد أعطى الإيرانيين فرصة ذهبية، حينما وقع معهم الاتفاقية النووية، وكان رهانه - كما كان يُبرر - لكي يُمكِّن المعتدلين الذين كان يمثلهم الرئيس روحاني الفرصة، لترك الثورة والانتقال إلى الدولة، غير أنّ رهانه فشل فشلاً ذريعاً، واستمرت إيران في سياساتها لتصدير ثورتها إلى دول الجوار. الآن يبدو أنّ الأمريكيين، أو على الأقل الرئيس ترامب، اقتنع أنّ استئناس الأفاعي ضرب من ضروب المستحيل. وجاء الإعلان عن الدعوة لإنشاء تحالف دولي ليؤكد أنّ هذا النظام الكهنوتي التوسعي، القادم من ثقافة القرون الوسطى الغابرة، لا ينفع معه إلا القوة والمواجهة، فلم يَعُد هناك ما…
السبت ٠٦ مايو ٢٠١٧
جاء اللقاء التلفزيوني الذي أجراه الأمير محمد بن سلمان جديداً، ليس بالمعنى الظرفي للكلمة، وإنما بالمعنى الفلسفي والمعرفي أيضاً؛ بل ربما أن معناه الفلسفي أهم بكثير هنا. اللقاء حمل تباشير مطمئنة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، تشير إلى أن حكومة المملكة العربية السعودية تتعامل مع التحديات الداخلية ومستجدات التحديات الأقليمية وكذلك العالمية بموضوعية ومنهج جديد، يتماهى أولاً مع العصر، وثانياً مع الظروف التي تكتنف الداخل، إضافة إلى الواقع الإقليمي الجديد، الذي تمتد تأثيراته لتتخطى الحدود، وتؤثر في الداخل. تمحور اللقاء على ثلاثة محاور: أولها التحول الوطني التنموي، الذي جاء ليتعامل مع التحديات الداخلية، وأهمها التحديات التي اكتنفت الدولة بسبب الانخفاض الحاد في أسعار النفط، وتفاقم هذه الأسعار، وبالتالي مردودها على الاقتصاد الداخلي، وبالذات على التدفقات النقدية، وقدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها المالية. وبشفافية وإفصاح ومباشرة، طرح هذه القضية بلغة سليمة وجريئة وحاسمة وضعت النقاط على الحروف، والحقيقة – كما هي – أمام المواطن؛ فقد أرجع سبب التقشف الذي امتد بقسوة إلى دخل المواطن، إلى أنه بسبب انخفاض دخل النفط، الذي وصل إلى العشرينات، وكان لا مناص من أن نستعد لهذا التغير الحاد، بالتقشف كخطوة (مؤلمة) لا مناص عنها، ويواكبها في الوقت ذاته العمل بجهد دؤوب على دفع أسعار النفط إلى الأعلى. ويبدو أن هاتين الخطوتين قد آتتا ثمارها،…
السبت ١٠ أكتوبر ٢٠١٥
أول من أشعل جذوة التأسلم السياسي في تاريخ الإسلام، هم (الخوارج)، حينما رفعوا شعار (لا حكم إلا لله)، فأجابهم علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - بمقولته المشهورة: (كلمة حق أريد بها باطل)، ومنذ ذلك الحين، تشكلت الفرق المنتسبة ظاهرا إلى الإسلام، أما المضمون، فهدفها (السياسة والحكم). ولأن الخوارج أهل باطل ونفاق، يظهرون الذبّ عن الاسلام ويتخذون من هذه الذريعة او الشعارمطية للوصول إلى السلطة السياسية، فقد جعلوا من (التشدد) في تطبيق الأحكام التكليفية، مُسوغا لثوراتهم، فكفروا المسلم بالمعصية، كي يكون (القتل) الذي يتمخض عنه التكفير، مبررا لامتشاق الحسام، يخولهم استباحة الدماء. شعار (لا حكم إلا لله) هو الشعار الذي رفعه الخوارج، غير أن المسكوت عنه في خطاب ثورتهم، مؤداه أنهم (فقط) من يُمثلون (الله) وحكمه على الأرض، وبالتالي فإن كل من اختلف معهم، وناكفهم، هو لا يختلف مع بشر يخطئون ويصيبون وإنما مع الله، ويناكفونه جل وعلا، وبالتالي فقتالهم وقتل كل من اختلف معهم واجب جهادي، ومن يرصد تيارات التأسلم السياسي في العصر الحديث، ابتداء من الحركة الأم (جماعة الإخوان) وانتهاء بجميع مفرزاتها، كتنظيم القاعدة و(داعش) سيجد بوضوح أنهم يشتركون مع الخوارج في ادعاء تمثيل (حكم الله) حصريا في الأرض، وهو ذاته فحوى خطاب الخوارج كما هو معروف. ومن يعود إلى الأصول الفقهية، سيجد كثيرا من الأحاديث…
الثلاثاء ١٨ مارس ٢٠١٤
من الأوصاف التي تكرهها الطائفة الشيعية أن يُسموا بالرافضة بدلاً من الشيعة. فهم يعتبرون أنفسهم مناصرين لآل البيت، وامتداد لمن (شايع) علي - رضي الله عنه - وبنيه، فيجب أن يُسموا بهذه الصفة (شيعة أهل البيت) لا الرافضة. بحثت عن أصل هذه التسمية تاريخيا، وسببها، ومن أول من أطلقها، وماذا تعني؟ .. فوجدت أن أول من سماهم بهذا الاسم هم (الزيدية) أو بلغة أدق أصحاب المذهب الزيدي الذي يتفرع منهم الآن الحوثيون، حلفاء دولة الملالي كما هو معروف. جاء في كتاب (الحوثيون: سلاح الطائفة وولاءات السياسة) والكتاب من إصدارات (المسبار) ما نصه: (بل إن بعض المصادر الزيدية المعاصرة لتقرر - تبعاً لما هو ثابت في أمهات المصادر التاريخية - أن الوصف بالرفض الذي ينزعج منه الشيعة الإمامية المعاصرون، قد سنه الإمام زيد حين اشترط بعض غلاة الشيعة الذين كانوا معه - كي يخرجوا معه ويقاتلوا - أن يتبرأ أولاً من أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - وحين أبى ذلك رفضوا القتال معه، «فقال لهم: اذهبوا فأنتم الروافض، فصارت هذه الكلمة علماً لهم). والمعلومة المذكورة مأخوذة حسب ما هو مُنصص عليه في البحث عن (علي عبدالكريم الفضيل شرف، الزيدية: نظرية وتطبيق). الغريب أن ما تبقى من مذهب الزيدية في اليمن وهم (الحوثيون) أو بلغة أدق ناشطوهم، انضووا مؤخراً لأسباب…
الثلاثاء ١١ مارس ٢٠١٤
أعلنت المملكة رسمياً أنها اعتبرت (جماعة الإخوان المسلمين) ومعها عدد من المنظمات المتأسلمة الأخرى جماعات (إرهابية)، وجرمت الانتماء إليها؛ فانضمت بذلك إلى مصر في تجريم هذه الجماعة. ولم يسبق في تاريخ هذه الجماعة أن تم تجريم هذه الحركة من أكبر دولتين عربيتين على الإطلاق، ليصبح بذلك الانتماء إلى هذه الجماعة عملاً مدانا من حيث البدء؛ يضع المنتمين إليها تحت طائلة القانون. وليس لدي أدنى شك أن هذا سيؤثر على الجماعة تأثيراً عميقاً، ويُقيد قدرتها على (الحركة) واستقطاب الكوادر، ناهيك عن قدرتها على تحويل التمويلات إلى كوادرها الحاليين المنتشرين في أكثر من 80 دولة عربية وغير عربية. خاصة وأن مثل هذا التصنيف سيشجع دولاً أخرى تعاني من ممارسات الإخوان السياسية على التعامل معهم مثل ما تعاملت معهم السعودية ومصر، كما أن قراراً كهذا القرار سيساهم مساهمة كبيرة في عزل الجماعة على مستوى العالم لما للمملكة من نفوذ وتأثير فعلي فى المنطقة العربية وكذلك في العالم على المستوى الديني والاقتصادي. وقد كانت المملكة ودول الخليج قد آوت عدداً من رموز جماعة الإخوان المسلمين وكوادرها بعد صدامهم مع «عبدالناصر» في مصر في نهاية الخمسينات من القرن المنصرم، وكذلك بعد صدامهم في سوريا مع الرئيس السوري السابق «حافظ الأسد» الذي أصدر قانوناً يقضي بإعدام كل من يثبت تورطه بالانتماء لجماعة الإخوان. إضافة إلى أن…
الجمعة ٠٧ مارس ٢٠١٤
الحرب كانت وما تزال أداة من أدوات السياسي لإعادة رسم الجغرافيا السياسية، أو التحكم بقوة وضعف مناوئيه السياسيين، حسب متطلبات مصلحته. قالوا عنها إنك تستطيع أن تبدأها بقرار لكنك لا تستطيع في الغالب أن تُنهيها كما بدأتها إلا إذا أذعنت للهزيمة والانكسار ورفعت الراية البيضاء. سياسيون كثر عرفهم التاريخ اتخذوا قرار الحرب خطأً وانتهت بهم وبشعوبهم إلى كوارث غاية في الفظاعة، أشهرهم في العصر الحديث كان «هتلر» وكذلك «صدام حسين» بالنسبة للعرب.. دخول الحرب وخسارتها هي دائماً ما تكون نتيجة للحسابات الخاطئة؛ فقد يظن السياسي أنه قد حسبها (صح) عندما اتخذ قرارها، لكن ليس بالضرورة أن تكون حسابات البداية مثل حسابات النهاية، فظروف الحرب وتطوراتها تعتمد على عوامل ومتغيرات، لا يمكن لطرف مهما بلغ من القوة والسطوة أن يُسيطر عليها دائماً وفي كل مراحلها. حسن نصر الله عندما قرر الدخول إلى أتون الحرب الأهلية السورية لا يبدو أنه حسبها كما يجب أن يحسبها السياسي الحصيف والمجرب والحذر. هناك آراء كثيرة تتحدث عن أن قرار دخول حزب الله الحرب في سوريا لم يكن قراراً لبنانياً وإنما فرضه الإيرانيون. أما الإيرانيون فينأون بأنفسهم عن قرار إدخال حزب الله الحرب في سوريا، ويؤكدون أن (نصر الله) هو من اتخذه وأقنعهم به. وأنا أميل إلى هذا الرأي؛ أن يسقط الأسد يعني أن ينكشف حزب…
الثلاثاء ٠٧ يناير ٢٠١٤
جاء في كتاب (بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار) أحد كتب الحديث والروايات عند الشيعة الاثني عشرية «لمحمد باقر المجلسي» أن «جعفر الصادق» قال : (لو أني حدثتكم بفضل زيارته وبفضل قبره - أي قبر الحسين - لتركتم الحج رأساً وما حج منكم أحد؛ ويحك أما علمت أن الله اتخذ كربلاء حرماً آمناً مباركاً قبل أن يتخذ مكة حرما) ج 98 ص 33 . ويقول «آية الله السيد عباس الحسيني الكاشاني» في كتابه (مصابيح الجنان) ص 360 ما نصه: (فلا شك في أن أرض كربلاء أقدس بقعة في الإسلام، وقد أعطيت حسب النصوص الواردة أكثر مما أعطيت أي أرض أو بقعة أخرى من المزيّة والشرف فكانت أرض الله المقدسة المباركة، وأرض الله الخاضعة المتواضعة وأرض الله التي في تربتها الشفاء، فإن هذه المزايا وأمثالها التي اجتمعت لكربلاء لم تجتمع لأي بقعة من بقاع الأرض حتى الكعبة)! رئيس الوزراء العراقي «نوري المالكي» عندما شعر بورطته التي تحاصره وتتزايد ضغوطها عليه يوماً بعد يوم بسبب فشله السياسي، لجأ إلى إثارة النعرة الطائفية الشيعية في أقصى مواقفها المتطرفة والمتشددة، ومنها أن كربلاء توازي في قدسيتها (مكة المكرمة) كما في الروايات آنفة الذكر؛ فاتكأ على تلك الروايات وقال في تصريح له عندما زار كربلاء : (كربلاء يجب أن تكون هي قبلة العالم الإسلامي…