الثلاثاء ٠٢ ديسمبر ٢٠١٤
في الثاني من ديسمبر من كل عام لا تقتصر الفرحة على الاحتفالات باليوم الوطني، وإنما تسرح الذاكرة في شريط جميل منذ اليوم الأول الذي رفع فيه المؤسس المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وإخوانه حكام الإمارات، علم الدولة إيذاناً بقيام دولة اتحادية، سيكون لها بعد سنوات قليلة شأن كبير في تحديد مسار الأحداث في المنطقة. ربما يعرف الجيل الجديد البدايات الأولى من خلال الكتابات والأحاديث والصور، لكن جيلنا الذي تابع الخطوات الوحدوية والجهود الكبيرة التي بُذلت أولًا بأول منذ بداياتها في عام 1968، يدرك جيداً حجم التحولات الهائلة التي حدثت في فترة زمنية قصيرة بفضل الإخلاص والإدارة الحكيمة والتفاني في العمل، في انسجام نادر بين القيادة وأفراد المجتمع. هذه التركيبة النادرة أفرزت إنجازات وتجربة تنموية رائدة نقلت اقتصاد بلد صغير إلى ثاني أكبر اقتصاد عربي وتجربة تنموية عالمية تقف إلى جانب أفضل وأنجح التجارب التنموية في العالم، تحولت معها المدن إلى مراكز جذب لكبريات الشركات وكبار المستثمرين بفضل تطور البنية التحتية والتسهيلات والمرافق التي تضاهي مثيلاتها في البلدان المتقدمة. وشريط الذكريات الجميل يدوّن تحول مطارات وموانئ الدولة من محطات صغيرة إلى أهم وأكبر المطارات والموانئ الدولية، والتي يصعب تصور وضع النقل الجوي والتجارة بين الدول بدونها، بعد أن تحولت الإمارات في ظل…
الخميس ٠٦ نوفمبر ٢٠١٤
تعاني الكثير من بلدان العالم من هدر في الموارد بسبب سوء الاستخدام أو المبالغة فيه، فالهدر في كمية الغذاء عالمياً على سبيل المثال تصل إلى 30% يمكن من خلال توفيرها إطعام 800 مليون جائع في بلدان العالم الفقيرة. وتعاني بلدان منطقة الخليج العربي من الهدر على أكثر من مستوى، علماً بأن هذه البلدان أشد حاجة للحفاظ على الموارد وحسن استغلالها بسبب الارتفاع المستمر في الطلب عليها، إلا أن الهدر الأكبر يتمثل في الاستهلاك المفرط للطاقة ومصادر المياه والتي تعتبر الأعلى بين بلدان العالم. ويعود ذلك إلى العديد من الأسباب، يأتي في مقدمتها رخص أسعار الكهرباء والوقود والمياه المدعومة بصورة كبيرة في مجتمعات تتمتع بمستويات عالية من الدخل، وهو ما يشجع على عدم اكتراث المستهلكين بحجم استهلاكهم لموارد غير متجددة وتكلف موازنات دول المنطقة مبالغ كبيرة ناجمة عن الدعم الشامل للأسعار. لقد اعتاد السكان على هذا النمط من الاستهلاك، والذي استمر لعقود طويلة، إلا أن استمراره أصبح محل تساؤل بسبب التغيرات في سياسات الطاقة وتوجهات دول المنطقة لإعادة النظر في هيكلية موازناتها السنوية، بما في ذلك إعادة ترتيب سياسات الدعم لتصل إلى مستحقيها من جهة ولتخفيف الضغط على النفقات العامة من جهة أخرى. ودول المنطقة محقة في انتهاج مثل هذه السياسات الإصلاحية في مجال ترشيد الاستهلاك، والذي يأتي لدعم نهج التنمية…
الجمعة ٢٦ سبتمبر ٢٠١٤
ما هو الأفضل للاسكتلنديين؟ البقاء ضمن المملكة المتحدة أم الانفصال؟ طُرح هذا السؤال بقوة أثناء حملات الاستفتاء، وبالأخص من قبل «أليكس سالموند» زعيم «الحزب القومي»، والذي استقال مباشرة بعد فشل استفتاء الانفصال. من ينتمي إلى دولة اتحادية، كدولة الإمارات يعي جيداً ما يعنيه الاتحاد من قوة وخير للمجتمع وقدرات اقتصادية تتيح للجميع حياة كريمة. تلك الجوانب الإيجابية كانت حاضرة في ذهن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس الدولة طيب الله ثراه، والذي بذل جهوداً كبيرة لجمع إمارات الخليج في دولة اتحادية أثبتت الأيام حكمة مؤسسها. لقد كان الحزب «القومي الأسكتلندي» يروج لسنوات طويلة ما مفاده أن 80% من النفط والغاز في بريطانيا يقع في الأراضي الأسكتلندية، وأن الانفصال سيتيح تسخير هذه الثروة للتنمية ورفع مستويات السكان المعيشية، إلا أن شعباً متعلماً جيداً ومثقفاً، كالشعب الأسكتلندي لا يمكن أن ينجرف للعواطف والتجاذبات القومية والطائفية. صحيح أن 80% من الثروة النفطية موجودة في أسكتلندا، إلا أن هذه الثروة ناضبة لا محالة، وإذا أمكن تحقيق مكاسب مؤقتة، فإن المصالح الاقتصادية على المدى البعيد تميل إلى البقاء ضمن المملكة المتحدة على اعتبار أن الاقتصاد الحقيقي والمنتج مرتبط ارتباطاً وثيقاً ببقية مكونات المملكة، فـ«بنك أوف اسكتلند» على سبيل المثال يدير90% من أنشطته خارج اسكتلندا، وهو هدد بالانتقال إلى الخارج في حالة الموافقة…
الخميس ١٨ سبتمبر ٢٠١٤
بعد أن أثر الإنتاج الهائل للغاز الصخري في الولايات المتحدة على الأسعار التي تدنت إلى مستويات قياسية، جاء دور النفط الصخري الأميركي، الذي وجد طريقه للأسواق الدولية مؤخراً ليتزامن ذلك مع تراجع الطلب بسبب تباطؤ الاقتصادات الأوروبية والاقتصاد الصيني، مما شكل ضغوطاً على الأسعار، التي تدنت من 115 دولاراً للبرميل في شهر يونيو الماضي إلى 97 دولاراً في نهاية الأسبوع، أي بنسبة كبيرة تجاوزت 15٫6% في أقل من ثلاثة أشهر. لقد تضافرت العديد من العوامل التي أخلت بالعلاقة بين العرض والطلب والإمدادات، ففي مقابل تراجع الطلب من أوروبا والصين ازدادت الإمدادات من ليبيا والعراق وإيران بعد الرفع الجزئي للعقوبات عن الأخيرة، مما تتطلب ضرورة تحرك منظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبك» لوقف انخفاض الأسعار، التي ربما يؤدي استمرار تدهورها إلى اللحاق خسائر كبيرة بعائدات النفط في البلدان المصدرة. ومع أنه من المستبعد أن تنخفض الأسعار عن 80 دولاراً للبرميل، على اعتبار أن ذلك سيؤدي إلى توقف إنتاج النفط الصخري عالي التكلفة، إلا أن مجرد وصول الأسعار إلى هذا المستوى يدق ناقوس الخطر، مما يستدعي التحرك السريع من قبل بلدان «أوبك» وبالتنسيق من البلدان المصدرة من خارج المنظمة، كروسيا والنرويج. وجاء رد الفعل الأولي والسريع من السعودية، باعتبارها أكبر مُصدّر للنفط في العالم، والتي خفضت الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل يومياً من…
الخميس ١٤ أغسطس ٢٠١٤
لا تتسم إدارة أوباما بالتردد فقط، وإنما بالتأخر الشديد أيضاً، فبعد أن مضى ما يقارب السنوات الست في البيت الأبيض، ولم يبق له سوى سنتين، قرر الرئيس الأميركي الاهتمام بأفريقيا، ودعا إلى عقد قمة أميركية أفريقية في بداية شهر أغسطس الجاري بغياب رئيس أهم دولة أفريقية وعربية، حيث اعتذر الرئيس المصري عن قبول الدعوة بسبب طريقة تقديمها، ما قلل من قيمة هذه القمة ذات الطابع الاقتصادي بصورة أساسية. التوجه الأميركي نحو القارة السمراء جاء متأخراً كثيراً، وذلك بعد أن استثمرت الصين على مدى عشرين عاماً أكثر من 20 مليار دولار، وهيمنت على العديد من قطاعات الإنتاج الخاصة بالموارد الطبيعية هناك، وعززت من وجودها إلى درجة أضحت معها صعوبة دخول الأسواق الأفريقية دون تعاون مع الشركات الصينية، وبالأخص في قطاعات الطاقة والتعدين واستخراج الثروات الطبيعية الكثيرة التي تزخر بها العديد من البلدان الأفريقية. لقد كان هناك خلال العقد الماضي اهتمام أميركي بأفريقيا، إلا أنه تركز في الاهتمام العسكري الذي تمخض عنه إنشاء قيادة أميركية مركزية للقارة الأفريقية، ما يعني زيادة الإنفاق العسكري وتحمل أعباء إضافية دون عوائد اقتصادية على عكس التوجه الصيني، الذي يهتم أساساً بالجوانب الاقتصادية، مع عدم إهمال الجوانب الأخرى. ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة تنطلق من المثل الإنجليزي الذي يقول «أن تبدأ متأخراً خيراً من ألا تبدأ أبداً»،…
الخميس ٢٤ يوليو ٢٠١٤
مجموعة «بريكس» المكونة من خمس دول كبرى ناشئة، هي الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا قادمة بقوة لتقلب الكثير من الموازين والثوابت، ليس في العلاقات السياسية والاستراتيجية في العالم، وإنما في العلاقات الاقتصادية والمالية، ومثلما أنهت سياسة القطب الواحد في السياسة والعسكرة، فإنها ستنهي في السنوات القادمة سياسة القطب الواحد اقتصادياً ومالياً. هذا ما تؤكده القرارات الجريئة والمهمة التي اتخذتها قمة «بريكس»، والتي عقدت بمدينة «فورتاليزا» البرازيلية، عقب انتهاء المونديال الأسبوع الماضي، إذ اتفقت بلدان المجموعة على انشاء مصرف للتنمية برأسمال 50 مليار دولار، بالإضافة إلى صندوق للاحتياطي بقيمة 100 مليار دولار، وذلك بعد سنوات من التأجيل بسبب الخلاف الهندي الصيني حول استضافة مقر البنك الجديد، حيث تم التوصل إلى حل وسط باختيار شنغهاي مدينة المال والأعمال الصينية مقراً للبنك، على أن تتولى الهند رئاسته، ومن ثم تليها البرازيل والدول الأخرى بصورة دورية للحفاظ على مصالح الجميع. ماذا يعني ذلك؟ مع مرور الوقت سينهي ذلك احتكار الولايات المتحدة والغرب عموماً للمؤسسات المالية العالمية، كصندوق النقد والبنك الدوليين، ما يعني إعادة تشكيل بنية النظام المالي العالمي، وكمؤشر آخر على هذا التغيير في العلاقات الدولية قال الرئيس الصيني شي جينبينج: «إننا نسعى معاً من أجل إقامة نظام دولي أكثر عدالة وبتبني اتجاهات أكثر عقلانية»، وقررت الصين ضخ استثمارات بقيمة سبعة مليارات دولار…
الخميس ٢٦ يونيو ٢٠١٤
من بين بلدان الشرق الأوسط، تعتبر دول مجلس التعاون الخليجي الأفضل في مجال التنمية والتنوع الاقتصادي، إذ حققت خلال العقود الماضية معدلات نمو مرتفعة ومستويات معيشية جيدة بشكل عام ليس للمواطنين الخليجيين فحسب، وإنما لمجمل السكان في دول المجلس. هذا الاستنتاج لا يأتي من فراغ، بل مبني على حقائق وأرقام صادرة عن مؤسسات متخصصة ومنظمات دولية محايدة، فتقارير الأمم المتحدة تضع دول المجلس في مقدمة البلدان التي حققت تنمية بشرية عالية، كما أن صندوق النقد الدولي يضعها على رأس البلدان التي تحقق نسب نمو جيدة بلغت 5% سنوياً في المتوسط خلال الأعوام القليلة الماضية. وفي مجال التنوع الاقتصادي، وهي مسألة في غاية الأهمية لارتباطها بفترة ما بعد النفط، فقد أشارت منظمة الخليج للاستشارات الصناعية «غويك» وهي منظمة متخصصة، إلى أن قيمة الصادرات الصناعية الخليجية ارتفعت خلال السنوات الخمس الماضية من 158.5 مليار دولار في عام 2008 إلى 256.4 مليار دولار في عام 2012 وبمعدل 12.4% سنوياً، وهي نسبة كبير تحققت في ظل أزمة مالية عالمية طاحنة لتعكس الأهمية المتزايدة للقطاع الصناعي الخليجي. ترافق ذلك مع تحقيق نقلة نوعية ارتفعت فيها نسبة قيمة الصادرات الصناعية من 21.8% نسبة لإجمالي قيمة الصادرات الخليجية إلى 24.2% في نفس الفترة، حيث شهدت السنوات الخمس الماضية إقامة مشاريع صناعية كبيرة، كمصنع الإمارات للألمنيوم، والذي نجم…
الخميس ١٩ يونيو ٢٠١٤
منذ قيامها في بداية الستينيات من القرن الماضي، ومنظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبك» تتعرض لتقييمات متعارضة، تارة من البلدان المستهلكة، التي حملتها مسؤولية تضاعف الأسعار في منتصف السبعينيات وتارة من المنظمات المتطرفة، التي هاجمت الاجتماع الوزاري في الفترة نفسها واحتجزت بعض الوزراء بقيادة «كارلوس». كل ذلك يعني الأهمية الكبيرة التي تحتلها «أوبك» في صناعة الطاقة العالمية، وذلك على الرغم من المحاولات الرامية إلى التقليل من دورها، إذ لا يمكن ضمان استقرار إمدادات وأسعار النفط بدونها، فهي وحدها القادرة على الحفاظ على توازن الأسواق. انطلاقاً من هذه الحقيقة، طلبت نهاية الأسبوع الماضي وكالة الطاقة الدولية - وهي الذراع القوية للبلدان الصناعية المستهلكة - من منظمة أوبك زيادة الإنتاج بمقدار مليون برميل يومياً خلال النصف الثاني من العام الحالي لإحداث التوازن بالسوق العالمية، التي تشهد ارتفاعاً موسمياً كبيراً في الطلب على النفط. تزامنت دعوة الوكالة مع تدني إنتاج النفط الليبي إلى أدنى مستوى وتدهور الأوضاع الأمنية في العراق، التي اقتربت من حقول ومصافي النفط، وتهدد بتوقف تصدير 2٫6 مليون برميل يومياً، مما يعني أن وكالة الطاقة الدولية تحاول استباق الأحداث لحث بقية الأعضاء في «أوبك» على الاستعداد لأسوأ الاحتمالات، علماً بأن فائض الإنتاج يتمركز في السعودية التي أعلنت أنها ستتعاون لكبح جماح الأسعار في حالة ارتفاعها من خلال ضخ المزيد من النفط…
الخميس ٠٥ يونيو ٢٠١٤
في خضم الأحداث العربية المتسارعة والخطيرة اقتصادياً وأمنياً حدث تطور مهم ستكون له انعكاسات وتأثيرات شديدة على الأوضاع في المنطقة، وبالأخص إعادة رسم خارطة التوازن الإقليمي بعد الخلل الذي نجم عن التدخل الأميركي في العراق والاختراقات التي ترتبت على ما سمي بـ"الربيع العربي"، وأثرت في توازن القوى في المنطقة. لقد جاء تشكيل لجنة عليا للتعاون الاستراتيجي بين دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية ليشكل نقلة نوعية في طبيعة العلاقات سواء بين البلدين أو على المستوى الإقليمي، علماً بأن هناك العديد من لجان التنسيق بين دول منطقة الخليج العربي، إلا أن هذه اللجنة تملك خصوصية لكونها تضم أكبر اقتصادين عربيين وقوتين عسكريتين مؤثرتين، فالسعودية أكبر مصدر للنفط في العالم ومركز ديني عالمي، في الوقت الذي تعتبر فيه الإمارات مركزاً تجارياً وماليا ونقطة تقاطع مهمة لحركة النقل الجوي الدولية، إضافة إلى كونها أحد أكبر مصدري النفط. وبصورة أكثر تفصيلاً، فإن اقتصادي البلدين، الإمارات والسعودية يشكلان 72% من الاقتصاد الخليجي الذي بلغ 1.56 تريليون دولار في العام الماضي 2013، كما أنهما يستحوذان على 41% من الحجم الإجمالي لـ 22 دولة عربية، والتي بلغ مجموع ناتجها الإجمالي في العام الماضي أيضاً 2.71 تريليون دولار. من خلال هذه البيانات السريعة يمكن استنتاج الأهمية البالغة للجنة التعاون الاستراتيجي بين الإمارات والسعودية، والتي ستحدد العديد من التوجهات الاقتصادية…
الخميس ٢٩ مايو ٢٠١٤
مع انهيار المعسكر الشرقي قبل أكثر من عقدين من الزمن ساد النظام الرأسمالي كافة بلدان العالم، ما عدا القليل من الدول، ككوبا وكوريا الشمالية التي لا زالت تكابر رغم معاناة شعوبها بسبب الحصار وسوء الإدارة الاقتصادية. بدوره وضمن تطوره الطبيعي قدم النظام الرأسمالي نماذج متعددة تفاوتت فيما بينها في كيفية إدارة الثروات وتوزيعها، مما انعكس على التركيبة الاجتماعية لهذه الأنظمة والتي أبدى البعض منها مرونة فائقة في التعامل مع القضايا المتعددة التي واجهها، في حين سادت التوترات نماذج أخرى نتيجة تغير الهيكلية الاقتصادية، والتي أضحت أكثر اعتماداً على رأس المال غير المنتج. وعمق انهيار المعسكر الشرقي من الفرز في النظام الرأسمالي، مما زاد من التفاوت بين دوله لتسير الأمور باتجاه إنهاء عالم القطب الواحد الذي ساد العقدين الماضيين ليتشكل عالم رأسمالي جديد متعدد الأقطاب لأول مرة في الطور الحالي من تطور هذا النظام. وتشكل الرأسمالية الأنجلو - ساكسونية النموذج الأول والذي يعتمد بصورة أساسية على دوران رأس المال المالي والتلاعب بالمشتقات المالية وتعظيم الثروات عن طريق المضاربات، والتي كانت سبباً رئيسياً في الأزمة المالية العالمية التي عصفت بالعالم في السنوات الخمس الماضية. وتقف الولايات المتحدة وبريطانيا على رأس هذا النموذج، حيث شهد اقتصاديهما تحولات كبيرة تراجعت فيها حصة الصناعات لصالح القطاعات الخدمية، وبالأخص الخدمات المالية والمصرفية، والتي يمر من خلالها…
الخميس ١٣ مارس ٢٠١٤
ترتبط دول مجلس التعاون الخليجي بروابط متينة، كما أن الاتفاقيات والمشاريع التنموية المشتركة، كالاتفاقية الاقتصادية والاتحاد الجمركي والسوق المشتركة ومشروع الربط الكهربائي والقطار الخليجي وغيرها الكثير، أضحت تمثل مكوناً اقتصادياً مهماً لا يمكن لأي دولة الابتعاد عنه بسهولة. من هنا طرحت العديد من التساؤلات حول التداعيات الخاصة بسحب سفراء كل من الإمارات والسعودية والبحرين من قطر بعد تمادي قطر في الإخلال بالاتفاقيات الأمنية المبرمة في نطاق مجلس التعاون رغم محاولات الدول الثلاث لحل هذه القضية ودياً، وبالأخص تصريحات التهدئة والمحبة، التي حملت في طياتها حكمة زايد، والتي أدلى بها الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. بالتأكيد هناك تداعيات اقتصادية مؤثرة في حالة عدم تراجع قطر عن دعمها لبعض المنظمات، التي تعتبر معادية لدول المجلس، وبالأخص «الإخوان المسلمين»، إلا أن هذه التداعيات ستلحق ضرراً بالغاً بالاقتصاد القطري بصورة أساسية وبالقطاع الخاص هناك على وجه التحديد، في الوقت الذي لن تتعرقل فيه المشاريع الخليجية المشتركة، وذلك بسبب ضآلة حجم الاقتصاد القطري والذي لا يشكل أكثر من 4 في المئة من مجموع الاقتصاد الخليجي. سيكون مركز قطر المالي أول ضحايا هذا الخلاف، فالسوق المالية القطرية صغيرة وتعتمد على بعدها الإقليمي، وبالأخص دول مجلس التعاون، كما أن الاستثمارات الخليجية في سوق الدوحة للأوراق…
الخميس ٠٧ مارس ٢٠١٣
من المعروف أن العلاقات بين بلدان الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي تشكل أولوية للمجموعتين، وذلك بحكم العلاقات التاريخية وحجم المصالح المتبادلة التي يسعى الطرفان إلى تطويرها في شتى المجالات. ولا يخفى مدى تأثر هذه العلاقات وتراجعها النسبي خلال العقدين الماضيين، نتيجة لجملة من العوامل التي يتحمل الجانب الأوروبي المسؤولية الأولى عنها لاتباعه إجراءات تمييزية في علاقاته مع دول مجلس التعاون، وذلك على رغم حسن نوايا دول المجلس وحرصها على تنمية العلاقات بين الطرفين. لقد ساهمت العراقيل الأوروبية في إزاحة بلدان الاتحاد الأوروبي من قمة أولويات التبادل التجاري بينها وبين دول المجلس لصالح بلدان أخرى، وإذا ما أخذنا جانبين فقط من هذه التغيرات التي فقدت من خلالها البلدان الأوروبية الكثير من المصالح، فإننا سنجد أن قطاعي التجارة الخارجية والسياحة في دول المجلس انتقل مركز الثقل فيهما من أوروبا إلى شرق آسيا، مع كل ما يعنيه ذلك من تأثيرات على العلاقات بين المجموعتين الأوروبية والخليجية. وفي المجال التجاري، أزاحت عرقلة توقيع اتفاقية منطقة التجارة الحرة تدريجياً بلدان الاتحاد الأوروبي من المركز الأول في تجارة دول المجلس لصالح الصين، حيث ارتفع التبادل التجاري بين دول المجلس والصين بنسبة كبيرة بلغت 16 في المئة في عام 2012 لتصل إلى 155 مليار دولار تشكل 50 في المئة من إجمالي قيمة التجارة الخارجية لدول المجلس،…