محمد الرميحي
محمد الرميحي
محمد غانم الرميحي، أستاذ في علم الاجتماع في جامعة الكويت

مَن المنتصر؟

السبت ٠٢ ديسمبر ٢٠١٧

ماكينة ما يسمي نفسه «محور الممانعة» المكونة من عدة رؤوس، من طهران إلى «حزب الله» مروراً بدمشق، تعلن «الانتصار» في مهمتها التاريخية لمحازبيها وأنصارها، وتبيع تلك الفكرة على مناصريها الذين فقد كثير منهم أي منعة أو تحكيم عقل فيما يسمعونه، يعتقدون بما يُقال لهم دون تساؤل أو اعتراض، ماكينة الانتشار الإعلامي التي تقع على مجمل متلقين ضعيفي المناعة، تروج أن المشروع الإيراني قد ساد في المنطقة العربية وانتهى الأمر، وأن نظام الأسد باقٍ لن يغير، وأن إسرائيل ترتعد خوفاً من القادم إليها، ولم يبقَ إلا اجتياح الدول العربية الأخرى وتخريبها وإشاعة الفوضى فيها، كي يعلن الانتصار التاريخي، لمشروع الخميني الخرافي. بالفحص الأكثر قرباً إلى المنطق السليم، نرى أن حزب الممانعة، كما يسمي نفسه، بفروعه المختلفة، هو في خسران. دعونا ننظر إلى الأمر من زاوية ما يحدث على الأرض. الفكرة الرئيسية لتسمية ذلك المحور نفسه بـ«الممانعة» هو حرب ضد إسرائيل، والعالم يعرف أن إسرائيل هي التي تفرض أجندتها عليه اليوم، إن كان في لبنان، فإن فرع الممانعة هناك، أي «حزب الله»، يقف بعيداً عن الحدود الدولية، وتفصله مجموعة كتائب دولية قوامها خمسة عشر ألفاً من الرجال الدوليين مسوَّمين بقرارات دوليه قاطعة، أما في الجولان فإن الاتفاق الإسرائيلي الروسي أصبح معروفاً ومنشوراً على نطاق واسع، والذي يفرض أن لا تقترب أي قوات…

على رسلكم

السبت ١٨ نوفمبر ٢٠١٧

في الأسبوع الماضي أعلن في الكويت أسماء الفائزين بجوائز مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، هي من أعلى الجوائز العلمية التي تقدمها مؤسسة عربية، وعلى مدى سنوات طويلة قدمت هذه المؤسسة صفاً طويلاً من العلماء العرب المساهمين في إنتاج المعرفة الحديثة، كما أن جوائزها العلمية تخضع لسلسلة طويلة من الفحص والتمحيص، الذين فازوا بالجائزة المرموقة هذا العام كانوا ستة أساتذة من العرب، بينهم أربعة لبنانيين، واحد يعيش في لبنان، وآخر في فرنسا والآخران في الولايات المتحدة، تلك إشارة صغيرة لما يقوم به هذا البلد الصغير لبنان من مساهمة في العلوم والمعارف تفوق حجمه السكاني والجغرافي، وقد قدم سلسلة طويلة من النابهين الذين أسهموا في إثراء ثقافة أمتهم والعالم، فالعلم والثقافة في لبنان متأصل ونشاط المواطن اللبناني أين ما حل، هو نشاط ملحوظ ومساهم في تنمية الأوطان التي يحل بها، من جهة أخرى فإن كثيراً من السياسيين اللبنانيين تعبيراً عن انتمائهم إلى الوطن اللبناني، انتزعوا أنفسهم عند الاستقلال من الانتماء عبر الوطن اللبناني، بالانتماء إلى الوطن اللبناني في حالة توافق معروفة سميت الميثاق اللبناني، أي النأي عن الانتماء إلى خارج لبنان، للعودة إلى لبنان الوطن، وتوافقوا على أن تضمهم تلك الحدود كوطن نهائي ودائم، إذن الإنجاز العلمي من جهة، وتثبيت الوطن اللبناني من جهة أخرى، أصبح قاعدة ثابتة للبنان، ولن ترضى معه (اللبنانية…

نعم… مشروع خليجي واحد

السبت ١١ نوفمبر ٢٠١٧

في هذه المرحلة والمنعطف التاريخي المهم في تاريخ الخليج العربي، من الأوفق أن يكون لدينا مشروع خليجي واحد، قد يُختلف على تفاصيله الجانبية، وقد نتحاور حول بعض أولوياته، ولكن نحرص على أن يكون هذا الحوار داخلياً في إطار المشروع الواحد، لأنه ببساطة يواجه مشروعاً آخر هو المشروع الإيراني، الذي لا يدخر وسعاً في السنوات الأخيرة في التمدد في أحشاء الأمة العربية، ويتطلع إلى الصيد الثمين وهو إقليم الخليج، بما فيه من خيرات وموقع استراتيجي وقبلة دينية، هذا المشروع التوسعي لا يملك فائض قوة (مادية أو معنوية) تبرر تمدده، هو تصدير لأزمة داخلية عميقة، وأدواته هي استغلال السذاجة أو الشراهة لدى بعض العرب تحت غطاء مذهبي، المشروع استفز المنطقة حتى لم يعد هناك مساحة للتسامح معه، فقد تمدد في كل من سوريا والعراق ولبنان واليمن، ولكن ظلت دائماً عينه على الخليج، لأنه الجائزة الكبرى بالنسبة له، ويرى هذا المشروع الإيراني التوسعي أن الصيد الأكبر في عرقلة المملكة العربية السعودية أو إشغالها عن محيطها الجغرافي، أو إغراء مكون أو آخر في هذا المحيط بالالتحاق به ولو سياسياً لاستخدامه كعب أخيل للنفاذ إلى الداخل الخليجي. وقتها تسهل السيطرة الكاملة على بقية مكونات الخليج التي سوف تسقط كأوراق الخريف، ولا استثناء لأحد. دون النظر إلى ذلك الهدف الاستراتيجي الخطر والاستعداد لمواجهته، فإن حسن النية…

الوجه الخفي للإرهاب!

السبت ٢٣ سبتمبر ٢٠١٧

ربما أكثر الكلمات والمفاهيم التي ترددت في السنوات الأخيرة هي كلمة أو مفهوم الإرهاب، وما زال البعض إما يقف أمام هذه الكلمة/ المفهوم حائراً ومشوشاً، أو مستفيداً من غموضها. قبل أشهر صدرت دراسة علمية من مركز الدراسات الدينية والجيو سياسية في المملكة المتحدة (بريطانيا) تحت عنوان «علامات في طريق القتال، ما تفصح عنه حياة مائة جهادي عن حركة عالمية» مع ملف شخصي مفصل لبعض القادة من «الجهاديين»، وترجمت هذه الدراسة إلى العربية من مركز مرصد التابع لمكتبة الإسكندرية ونشرت هذا العام، وهي دراسة تعرضت بعمق لمسيرة حياة وأفكار مائة شخصية من قيادات الإرهاب، من بن لادن إلى البغدادي، وتم اختيارهم بناء على مكانتهم في التنظيمات المختلفة، ووضعت الدراسة أمامنا بطريقة علمية واضحة تفاصيل هيكلية هذه الآيديولوجيا والرجال الذين حملوها، وجعلوا من عالم كامل يتكون أكثر من خمسين دولة، بعضها دول عظمى، تطارد هذا التنظيم أو التنظيمات المتفرعة منه، وتعجز في كثير من الأوقات عن استئصاله، حيث تشكل «حرب الإرهاب» معركة دولية اليوم تفيض بنتائجها على البشرية وتشل الاقتصاد الدولي وتثير التوترات بين دول كثيرة، وما زالت الحرب على الإرهاب هي الشغل الشاغل للدول والمنظمات العالمية. تتتبع الدراسة كيف اتخذ المقاتلون البارزون في هذه الحركات من شبه العسكريين والقادة الفكريين طريقهم ورحلتهم نحو «الجهاد الأعمى» المتسم بالعنف المطلق. بعض ما وصلت…

بترول العصر الحديث!

السبت ١٦ سبتمبر ٢٠١٧

في آخر شهر يوليو (تموز) الماضي أعلنت الحكومة البريطانية على كل وسائل الإعلام أنها بحلول عام 2040 لن تسمح بسير أي مركبة في شوارع المملكة المتحدة تستخدم البترول أو الديزل. تزامن هذا الإعلان بمثله في الجمهورية الفرنسية. بعدها بأسابيع في أوائل شهر سبتمبر (أيلول) الحالي أعلنت الصين من خلال وزير الصناعة، وهي صاحبة الإنتاج الضخم في صناعة السيارات؛ إذ يقدر إنتاجها للسيارات بثلث الإنتاج العالمي، أنها لن تسمح أيضاً بسير سيارات في المستقبل تستخدم الطاقة الأحفورية (البترول والديزل)، لذلك رصدت ستة عشر مليار دولار لإنتاج السيارة الخضراء بدءاً من عام 2019. اللافت أن عصر النفط بدأ العد العكسي، ولكن ظهر بترول آخر في العالم، هو «البترول الرقمي» أو صناعة الرقمنة، فالشركات العاملة في المجال الرقمي (جمع البيانات وتسويقها) تكسب اليوم أكثر مما تكسبه مجموع شركات النفط مجتمعة، وإذا كان التوزيع الجغرافي للنفط ومحدودية احتياطياته النسبية في العالم، من جملة العوامل التي أسهمت في رفع قيمته في بحر الزمن الماضي، فإن من طبيعة الأمور أن احتكار المجال الرقمي في العالم الذي يدر مليارات الدولارات ويسيطر على الأجندة العالمية، هو الذي سوف يسود ويقرر مستقبل البشرية، أي تقدم العلم الحديث واحتكار وسائله، هو قوة الشعوب ونقصه هو ضعفها، الفرق أن البترول يُبحث عنه، أما الثروة الجديدة فإننا جميعاً في هذا المعمورة نسهم،…

عوامل الداخل للإرهاب في أوروبا

السبت ٢٦ أغسطس ٢٠١٧

مع الحادثة الأخيرة في برشلونة التي راح ضحيتها مجموعة من المواطنين المسالمين، وقد دهستهم سيارة في 17 أغسطس (آب)، عاد موضوع إرهاب المتطرفين الإسلاميين يسيطر على وسائل الإعلام العالمية والأوروبية، ملحقاً بالديانة الإسلامية، وحيث لا مجال إلا إدانة هذا الإرهاب الأعمى، فإن إلصاقه بالإسلام (العقيدة) يثير لدى كثيرين مخاوف الإسلاموفوبيا من جديد، ويدفع المسلمون في أوروبا الثمن، والذين يبلغ عددهم نحو أربعين مليون مسلم.  الاعتراف بأن هناك عدداً من المسلمين العرب أو غيرهم، قد قاموا بهذه الأعمال الشنيعة في السنوات الأخيرة من «شارلي إيبدو»، يناير (كانون الثاني) 2015، إلى مدينة نيس، يوليو (تموز) 2016، ومنذ محطات الأنفاق في لندن، 2005، إلى دهس برشلونة الأخير، وهي سلسلة طويلة من العمليات الإرهابية، قام بمعظمها عرب أو مسلمون، واستخدمت فيها أنواع من الأسلحة، آخرها سلاح السيارة المسرعة التي تحصد من أمامها دون تمييز أرواح أناس آمنين، لا يعني أن (الإرهاب قاصر على تلك الفئة من الناس)، فهناك أيضاً مشاهد أخرى قام بها آخرون، واستخدمت الأدوات نفسها. المشهد العام هو مشهد (كراهية) منقطع النظير، والدوافع مختلفة، فقد قال إنرس بيرونج النرويجي، الذي قتل ثمانية وستين شخصاً بمترليوز على ضفاف بحيرة ترفيهية، معظمهم من الأطفال والشبان، في 22 يونيو (حزيران) 2011، إنه فعل ذلك لأنه يطيع التعاليم الدينية المسيحية، وليس بنادم على فعلته! كما أن…

دولة الكرد!

السبت ١٩ أغسطس ٢٠١٧

خلف الأبواب في العواصم المحيطة بالعراق، القريبة والبعيدة، هناك مجموعات تدرس موضوعاً واحداً هو محاولة الإجابة عن سؤال مركزي يخص مجتمعات تلك الدول ومصالحها، السؤال هو: هل عراق موحد، وإن شاء الله ديمقراطي نسبي، هو الأفضل في جوارنا، أم عراق مقسم إلى أقاليم - على الأقل ثلاثة؛ الكرد في الشمال، السنة في الغرب والشيعة في الجنوب؟ وتتراوح الإجابات عن تلك الأسئلة باختلاف مصالح ورؤى وتمنيات تلك الدول. واضح من قراءة الأحداث أن القيادة الكردية في كردستان العراق قد اتخذت قراراً، حتى الآن، لا رجعة عنه، كما فعلت عام 2014 أن تسير في ترتيباتها لإقامة استفتاء عام بين سكان إقليم كردستان العراق هذه المرة دون خضوع لضغوط تشابه ضغوط 2014، سوف يسأل السكان فيما إذا كانوا يفضلون الاستقلال كدولة، أو الانتماء إلى عراق موحد؟ لا داعي لضرب الودع أو الإغراق في الخيال، الإجابة في الغالب أن هناك أغلبية مريحة من أجل الاستقلال. السيد مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان العراق منذ 1992، يبدو أنه يقرأ كتاب السيد نيكولا ميكافيلي (الأمير)، الذائع الصيت والصادر في أوائل القرن السادس عشر ميلادي، كانت نصيحته للحاكم، أن يكون الأسد والثعلب في الوقت نفسه، الأسد لإخافة الذئب، والثعلب لتفادي الفخاخ! بارزاني الآن، يفاوض بغداد من أجل الحصول على أكبر مجموعة من التنازلات، خصوصاً في توسيع جغرافيا الإقليم…

كيف ننزع الكراهية من أزمة الخليج؟

السبت ١٢ أغسطس ٢٠١٧

في الفضاء الكتابي (الورقي، وخصوصاً الافتراضي) تندلع بين عدد من أبناء دول مجلس التعاون، وآخرون يبدون الود الظاهري، موجة من «العنف اللفظي» من مناصرين لهذا الطرف في الأزمة، أو ذلك الطرف، فيما عرف الآن بـ«الأزمة القطرية»، وكلما طالت الأزمة، زاد ذلك العنف اللفظي، واستخدمت فيه أدوات وتعابير ومفردات، في رأي كثيرين، غير مطلوبة ولا مرغوبة بين الأشقاء. بعد الفترة الماضية التي تسير في شهرها الثالث، من الواجب الدخول اليوم في نقاش يرمي إلى تطوير أفكار تضيء العتمة في مساحات تفكيرنا في هذه الأزمة بروية، وبعيداً عن الانفعال، وقد تؤهل لهبوط آمن. ليس من العدل أبداً، أن نعتبر أن تلك الموجة من الحوار الحاد (الورقي والافتراضي) غير مبررة في البداية، وقد لفت الجميع آثار الانفجار الفجائي للأزمة، فالبعض كان يرى أن ما يدافع عنه قضية لا يحتمل التنازل عنها أو تركها دون التعبير عن وجهة نظر قاطعة، إلا أن تلك الموجة من النقد أن تبقى وتستمر بعد المفاجأة الأولى وتحمل الكثير من «الكراهية الحادة» لهذا الطرف أو ذاك، هو الأمر غير المبرر، وقد اتضح للجميع حدود الأزمة وتضاريسها، وهي تضاريس سياسية، نقلُها إلى الفضاء الاجتماعي فيه مخاطرة على تماسك النسيج الخليجي على المدى الأطول. والظاهر أنه كلما قلت ثقافة المتدخل، أو بعده عن الفهم العاقل للحوار، أو حتى عن فهم صلب…

خلايا الكويت وأمن الخليج

السبت ٢٩ يوليو ٢٠١٧

منذ عام 1945 عرف العالم أن الحروب البينية بين الدول القومية لم يعد لها مكان، ليس بسبب حكمة القادة أو نقص في شهية التوسع، ولكن بسبب واحد هو (وجود قدرة الدمار الشامل والمتبادل) لدى عدد من الدول، خصوصاً الدول الكبرى. منذ ذلك التاريخ لم يعد رسم حدود دولة أو وطن بالاعتداء وبالقوة الغاشمة؛ كان التغيير يأتي، إن حصل، بتوافق بين الفرقاء، وعلى الرغم من الحروب المستعرة اليوم في أكثر من مكان، فقتلى الحروب في سوريا وأوكرانيا وبقايا المناطق الساخنة في العالم، أي ضحايا العنف الإنساني، أقل من مجموع ضحايا الموت في العالم بسبب السمنة، أو حوادث السيارات أو حتى الانتحار! التبصر في تلك الحقائق يقودنا إلى القول: إن الحروب اليوم تخاض من الداخل، أي من خلال تشتيت وإضعاف وهُزال الجبهات الداخلية، تمهيداً لخضوعها للنفوذ، ووسيلة ذلك في الأساس، مع بعض العوامل المساعدة الأخرى، الإقناع الفكري (بفكرة أو مذهب أو عقيدة).. هذا ما تقوم به إيران في الخليج وفي المحيط العربي، يساعدها في ذلك الظروف التي مرت وتمر بها المنطقة العربية، وضمور من جانب آخر في (استراتيجية) فاعلة لها أولويات واضحة لمواجهة ذلك التدخل الفاضح في النسيج الاجتماعي لدول الخليج. (الثورة الإيرانية) في نهاية سبعينات القرن الماضي جاءت كإعصار في المنطقة، وكانت ناتجة أساساً عن أخطاء في السياسات التي اتبعها شاه…

سُلطة وليس إسلاماً!

السبت ٢٢ يوليو ٢٠١٧

لا يستطيع أحد أن يُخرج مسلماً من دينه بشكل مطلق، ومن الإسلام على وجه الخصوص، لو قال لنا اليوم السيد رجب طيب إردوغان، إن السيد فتح الله غولن مناوئه السياسي، ليس مسلماً، لما صدقه أحد لديه عقل راجح! هو مسلم معارض، وأيضاً له أتباع هم الآن بعشرات الآلاف في السجون التركية، مسلمون معارضون. ومنذ نهاية الخلافة العثمانية والبعض من المسلمين يرون إعادتها بشكل ما، معلن أو حتى خفي، واجباً مقدساً. كان الملك فاروق ملك مصر يطمح لأن يكون «خليفة المسلمين»! ولم يتحقق له ذلك، كما أراد «الإخوان المسلمون» في مصر أن يحققوا «الخلافة»، ولم يكن التاريخ ولا الواقع الاجتماعي والسياسي يسمح لهم بذلك، الفكرة العامة استخدام «الإسلام» في تحقيق الوصول إلى السلطة، ليس جديداً، لا على تاريخ المسلمين، ولا على تاريخ المنطقة، مثل تلك المحاولات، إلا أن العالم قد تغير دون رجعة. الأزمة القطرية (مع الدول الأربع: المملكة العربية السعودية، والإمارات، والبحرين، ومصر)، هي أزمة كاشفة. فقد مررنا جميعاً بما سمي «الصحوة»، كما مررنا أيضاً بحكم «الإخوان» لفترة وجيزة في مصر، وحتى غيرها من بلادنا العربية، بل مررنا في هذا الجيل بصراع دموي بين سلطة عبد الناصر من جهة و«الإخوان» من جهة أخرى، عنوان كل ذلك «السلطة». الأزمة الحالية، في جزء منها، ولا أدعي في كل الأجزاء، هي ذلك الوهم…

انتهت المعركة… فهل انتهت الحرب؟

السبت ٠٨ يوليو ٢٠١٧

  مع وصول القوات الدولية والعراقية إلى قلب الموصل، تكون بداية النهاية العسكرية قد أزفت لتنظيم داعش المسلح في ذلك المكان، ولن يكون الوقت طويلاً قبل أن يُدحر أيضاً من جانب القوات الدولية وحلفائها في الرقة على الأرض السورية... بقية التنظيم المسلح سوف تتناثر. ولكن السؤال المهم: هل انتهت الحرب بعد ربح المعركة العسكرية؟ حتى نجيب عن هذا السؤال نطالع مع القارئ الكريم هذا النص الذي يقول: «إن أولى الخطوات في طريقنا، هي أن نستعلي على هذا المجتمع الجاهلي وقيمه وتصوراته، وألا نُعدل نحن في قيمنا قليلاً أو كثيراً لنلتقي معه في منتصف الطريق، كلا... إننا وإياه على مفترق الطريق، وحين نسايره خطوة واحدة، فإننا نفقد المنهج كله ونفقد الطريق...». لو قلت للقارئ إن هذا النص من النصوص التي تركها أبو بكر البغدادي (إبراهيم عواد إبراهيم علي) لمن يأتي من بعده، لما دخل الشك في ذهن المتابع، إلا أن المفارقة أن هذا النص ليس للبغدادي، وإن كان يُعبر حق التعبير عن مجمل الأفعال التي اتبعها «داعش» بقيادته، أو «القاعدة» تحت قيادة الزرقاوي، أو غيره من قادة ما يزعمون أنه جهاد، من العراق شرقاً حتى ليبيا غرباً، ومن أفغانستان إلى اليمن، والتي تركز على إطراء الاستعلاء على «المجتمع الجاهلي، وعدم مسايرته، بل مفارقته كلياً وحربه أيضاً». إلا إنني اقتبست تلك الأسطر…

بعض الحزب ليس الدولة في العراق!

السبت ١٧ سبتمبر ٢٠١٦

في أيام العيد المباركة ظهرت شعارات ولافتات في بغداد تندد بالمملكة العربية السعودية، لا لأنها أخذت موقفًا من العراق، بل السبب أن إيران قررت ألا يذهب حجاجها هذا العام لأداء الفريضة، وأن تدين السعودية في شوارع بغداد العربية، يحرك الأمر صغائر الرجال! إلا أن تلك الخطوة الفاقعة قد سبقها عدد من الخطوات اتخذتها الخارجية العراقية في اجتماعات الجامعة العربية، كلها ضد الإجماع العربي، منها الامتناع في يناير (كانون الثاني) الماضي عن إدانة حرق السفارة السعودية في طهران، الأنكى أنه بعد أسابيع أقرت الدولة الإيرانية أنها وراء الحادث وأدانت مرتكبيه، ثم جاء التصعيد ضد السفير السعودي في بغداد، وألحق به استقبال جماعة الحوثيين المتمردين في صالون الاستقبال للخارجية العراقية. استخدم نفس الموقف في اجتماع وزراء الداخلية العرب في مارس (آذار) هذا العام، تجاه اعتبار حزب الله (مجموعة إرهابية) بعد اتضاح خططه، كما تحفظت بغداد على ذلك التوجه في القمة الإسلامية في إسطنبول. كل تلك الخطوات هي بأوامر من طهران التي يبدو أن متخذ القرار في بغداد ينصاع لها، إما حبًا أو خوفًا على موقعه، حتى أصبح كثيرون من سدنة المصالح الإيرانية. قبل سنوات وفي بداية القرن الحالي كان يحكم العراق مجلس حكم أراد أن يُعترف به عربيًا. الذي أخذ بيد السيد هوشيار زيباري وزير الخارجية العراقي آنذاك، وأدخله إلى اجتماع الجامعة…