السبت ١٣ أغسطس ٢٠١٦
في الأجواء المحيطة بالعرب اليوم والمحبطة من وضع اقتصادي وحروب أهلية وبطالة واسعة وغضب الشباب أو إرهاب متفٍش٬ هل الحديث عن الثقافة ترف؟ أم أن الأصل كما يذهب كثيرون٬ في ظهور مشكلاتنا المستعصية في الأصل٬ هي الثقافة؟ أميل إلى ترجيح الرأي الأخير٬ خصوًصا إن نظرنا إلى الثقافة بمعناها الكلي٬ أي تلك الأفكار والقناعات التي تجعل منا نفعل هذا ولا نفعل ذاك من الأعمال٬ أو نفسر الأحداث بهذه الطريقة لا بتلك. وحتى لا يظل القارئ الكريم في العموميات٬ أقدم له مثالاً صادفني٬ وربما صادف غيري من الناس من المتابعين لوسائل الاتصال الاجتماعي الحديثة: تقول الرسالة بالحرف الواحد: «... التين والزيتون: عليك أن تأكل تينة واحدة كل يوم وسبع زيتونات.. تفعل لصحتك كذا وكذا من الفوائد العشر المذكورة في الرسالة».. ولاختصار وقت القارئ الكريم أذكر منها البعض؛ «وهي خفض الكوليسترول٬ وتزايد الإخصاب عند النساء٬ وإزالة عوارض الشيخوخة ومعالجة الضعف الجنسي٬ وتقوية القلب٬ بل وحتى تكتمل (العشرة) ضبط النفس!.. لأن التين والزيتون مذكور في القرآن الكريم...»٬ ولأن مثل هذه الرسالة ليست مضرة ضرًرا كبيًرا للمجتمع٬ فإنه تجدر الإشارة إلى عاملين مهمين؛ الأول سطحية تفسير البعض لآيات في القرآن٬ ونسبة كثير من المعلومات الخاطئة وإشاعتها بين العامة٬ والثاني الاعتقاد بما يكتبه البعض على أنه صحيح٬ فيقوم بالعمل به أو توزيعه بحسن نية. وعند العودة…
السبت ٠٦ أغسطس ٢٠١٦
في أبريل (نيسان) من هذا العام نشر كاتب هذه السطور دراسة مطولة حول أزمة اليمن وسيناريوهات تطور أحداثها، ورغم أنني لا أحبذ في الغالب أن يعود الكاتب إلى ما كتب في السابق، فإنني أستأذن القارئ وأستشهد ببضعة أسطر تشي عن محاولة قراءة أحداث اليمن على حقيقتها، فقد كان العنوان الفرعي لما نشر «السيناريو الأسوأ» يقول: «سوف يقع اليمن في مأزق يعرف منهجيًا بالصراع منخفض الكثافة، ويصبح اليمن (دولة منسية وفاشلة) تنهش في أجزائها المختلفة الصراع على السلطة، وتتوزع القوة بين (أمراء حرب) بأسماء قبلية أو فئوية أو مناطقية مختلفة ومتناقضة، وقد يُجير استقلال اليمن لهذه القوة الإقليمية أو تلك». تطورات اليمن الأخيرة وصلت إلى السيناريو الأسوأ، وعلى رغم كل الجهود الدبلوماسية العربية التي صرفت فيها طاقات رجال كثيرين، أملاً في إنقاذ ما تبقى من الدولة في اليمن في الأشهر الأخيرة، فإنها سارت إلى طريق مسدود. الآن علينا أن نسلم بواقع الأمر، وهو ببساطة يرتكز على حقيقتين؛ الأولى أن الدولة العميقة في اليمن، التي رعاها صالح لفترة تزيد على ثلاثة عقود، قد قررت أن تقوم بثورة مضادة، بعد رفض الشعب لكل ما يمثل صالح من حكم، والثانية أن الطريقة التي تم بها إجهاض الثورة الشعبية هي في تمكين فصيل مسلح له ارتباطات خارجية للقيام بالعمل الشائن (الاستيلاء بالقوة على مؤسسات الدولة).…
السبت ٠٩ يوليو ٢٠١٦
الأمر ليس مفاجئًا أن تحدث محاولات أعمال إرهابية في المملكة العربية السعودية، أو محاولات في الكويت، وتفجيرات في البحرين، فهذه المنطقة جزء وقريبة من ساحة الاضطراب الكبرى في كل من سوريا والعراق واليمن، من هنا فإن الموجة الإرهابية قبل يوم واحد من عيد الفطر، لا يجب أن يستغرب أحد لحدوثها أو حتى عندما تتكرر في القادم من الأيام، فالساحة المضطربة القريبة تلقى بإفرازاتها السلبية على مجموع دول الإقليم. يمكن أن نرى أو يرى غيرنا عشرات الأسباب التي تدفع شبابًا من أبناء الخليج إلى ذلك الفعل الشائن، قتل أبرياء دون ذنب ولا حتى هدف، أو حتى قتل أقربائهم، إنما هذا الإرهاب لن يحقق هدفًا، كما أن العلاج ليس في المسكنات، بل هو في معالجة الأصل، وهو الصراع القائم أساسًا في سوريا ومن ثم العراق وبعده اليمن، لقد أصبح أكثر من ثمانين في المائة من السوريين تحت خط الفقر، وأصبح وجودهم في لبنان مقلقًا على أقل تقدير، ووجودهم في أوروبا أحدث زلزالا ليس الأقل فيه خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كما أصبح التهديد بقدوم المهاجرين ورقة يستخدمها اليمين الأميركي لدفع مرشحه إلى الصدارة، أما روسيا فترى في الساحة السورية إعادة اعتبار للقوة الروسية التي هزمت على شكل الاتحاد السوفياتي بدا من أفغانستان قبل ربع قرن، كما فقد العراق قماشة الدولة بجانب فقده…
السبت ٢٥ يونيو ٢٠١٦
ثمة أسئلة وجب محاولة الإجابة عنها بشكل واضح تخص العلاقات الإيرانية العربية٬ أكثر الأسئلة إلحاحا هو: ما المشروع الإيراني اتجاه العرب٬ من نهر الفرات إلى نهر النيل؟ إن استطعنا الإجابة عن ذلك السؤال٬ نكون قد كشفنا أكثر من نصف السر وراء هذا الاحتقان الدامي! المشروع الإيراني اتجاه العرب في صلبه إضعاف الشرعية الوطنية في كل تلك البلاد وخلخلتها؛ تمهيدا لجعلنا أولا دولا فاشلة٬ ومن ثم التحكم في أوطاننا لصالح المشروع الإيراني. أي تحويل الدول من أوطان إلى ساحات صراعية بين مكونات هذه الأوطان٬ تحت شعارات زائفة؛ فإيران لم تطعم شعوبها الخبز والحرية٬ ولا هي حررت شبرا من فلسطين! بعض الدول العربية انتبهت إلى خطورة هذا المشروع وتحوطت له من خلال الحفاظ على صحتها الوطنية٬ فاتخذت إجراءات لمنع تداعيات المشروع الإيراني وقلع مسبباته٬ على رأس تلك الدول المملكة العربية السعودية في الشرق٬ والمملكة المغربية في الغرب٬ كل اتخذ إجراءات لحماية شرعيته٬ كثير من الدول العربية الأخرى لسبب أو لآخر٬ إما قدمت حسن النية٬ أو ترى أن مواجهة المشروع الإيراني قد يكلفها ثمنا لا تستطيع دفعه في الوقت الحالي٬ فتأرجحت بين المد والجزر٬ حتى وقع أو كاد بعضها في حبائل المشروع. لقد نصب النظام الإيراني مجموعة من الأفخاخ للعرب٬ وخصوصا من العرب الشيعة (أنا أستخدم المفهوم بدقة٬ فلم أقل الشيعة العرب٬ بل…
الأحد ١٩ يونيو ٢٠١٦
على فترات متقاربة في السنوات القليلة الأخيرة٬ أعلنت دول الخليج٬ البحرين٬ والمملكة العربية السعودية٬ والكويت٬ ودولة الإمارات وقطر٬ خطط إصلاح اقتصادي بمنظور مستقبلي؛ من أجل هدف واحد هو (الخروج من عصر الدفء النفطي) الذي أفرز الكثير من الممارسات السلبية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية٬ حتى كادت تصبح قواعد ثابتة وحقوقا دائمة؛ استعدادا لمواجهة التراجع في أسعار النفط إلى مستويات متدنية وطويلة الأجل٬ المرحلة التي سماها ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مرحلة (الفطام من النفط). وقد فتحت تلك الخطط والمشروعات على مستويات مختلفة نقاشات واسعة بين المهتمين من أبناء دول مجلس التعاون٬ تدور جلها حول هذه الخطط أو (الرؤى) بين مستبشر بها وبين ناقد لها٬ أو مكمل لأفكارها أو محبط من القدرة على التغيير والوصول إلى الأهداف التي سمتها تلك الخطط٬ حتى ذهب البعض إلى القول «إن تلك الخطط هي لا أكثر من مراهنة على الوقت!». فكرة إيجاد بدائل عن النفط ليست جديدة على المشتغلين بالتفكير من أبناء دول مجلس التعاون. فهناك نخب٬ على الأقل في العقود الأربعة السابقة٬ ظلت تنادي بالنظر الجدي لمرحلة ما بعد (العصر النفطي) التي هي قادمة لا شك٬ وأن الاعتماد على النفط فترة ليست قصيرة من الزمن أقعد المجتمعات عن التطور الطبيعي٬ الذي كان يجب أن تمر به للتحول المرن في اقتصادها الذي اتخذ شكلا…
الأحد ٢٧ سبتمبر ٢٠١٥
حتى لا يسارع البعض بعد قراءة العنوان بإصدار الأحكام الجاهزة بالتصنيف المسبق، أطلب منهم التريث حتى قراءة المقال كاملاً، ثم بعد ذلك ليحكم أي منهم بما يريد، نتيجة خبرته وموقفه من القضية برمتها. أعرف أن الحديث عن «السنة والشيعة» في فضائنا العربي السياسي والثقافي اليوم حديث غير مرحب به في العلن، كما أعرف أن التصدي لنقاش الصدع في العلاقة «السنية - الشيعية» يسارع البعض إلى تصنيفه بـ«الطائفي»، فهو أعمق من الصدع السياسي أو الفكري، الذي يمكن الحديث عنه بسهولة نسبية. ولكن الأمر متداول بكثرة في السر، وحديث السر أو الحجرات المغلقة يكثر فيه الخروج عن الموضوعية باتجاه العزل والتشهير. لهذه الأسباب السابقة وغيرها أرى أن الحديث العلني في الموضوع فيه على وجه ما صحة وشجاعة أيضًا، فالمرض الطائفي لن نبرأ منه قبل أن نعترف بوجوده، ولن نستطيع أن نفهم الإشكال المميت إلا من خلال التشخيص العلني. مهمة الكاتب ليست مهمة السياسي، فالكاتب مطالب بأن يفكك الخطاب الفكري والآيديولوجي الذي يغرق شعبه بالدم، تمهيدًا لردم بؤرة الدم المتجددة، وهو أمر تناوله بشجاعة عدد من الكتّاب الغربيين إبان الصدع الضخم في القرن السادس عشر الميلادي، الذي كلف ما بين 8 إلى 12 مليونًا من البشر، إبان حرب الثلاثين عامًا وما بعدها بين البروتستانت والكاثوليك، هؤلاء الكتّاب تركوا لنا صورة ذلك العنف الدموي…
السبت ٠٨ أغسطس ٢٠١٥
نشر وزير الخارجية الإيراني الأستاذ محمد جواد ظريف مقالة في شكل رسالة لمن يهمه الأمر في الجوار الإيراني، وأحسب أن المقصود العرب، حيث إنها نشرت باللغة العربية وفي وسائل إعلام عربية، وهي في جملتها تقع في إطار الدبلوماسية الشعبية التي تبناها ظريف، فقد كتب للغرب والعرب على حد سواء. لا أعرف إن كانت نفس الرسالة قد نشرت بالفارسية في إيران! أو بالتركية في تركيا!، فهم أيضا الدائرة التي تحيط بإيران، أو قل الدائرة الناشطة! اختار الأستاذ ظريف عنوانا لافتا «الجار ثم الدار» حاولت أن أستقصيه في لسان العرب فلم أجد نصًا بنفس المعنى على كثرة النصوص العربية والإسلامية للتوصية على الجار والعناية بأموره، وربما هي حكمة فارسية ليس لعاقل أن ينفي أهميتها. وحتى لا نذهب بعيدا في التحليل، فإن الخطاب المفتوح يحمل الكثير من الإشارات، بعضها إيجابي وبعضها سلبي، وقبل الدخول في مناقشة نقاطها المهمة، فإن المتابع من هذه الضفة العربية يتساءل هل هذا الخطاب هو ما تعتقد به الإدارة العليا للجمهورية الإسلامية، أو هو فقط من مبادرات مجموعة، دعنا نسميها (المجموعة الإصلاحية) لأن أحد العوائق التي تقف أمام تصديق الخطاب هو التناقض الكبير في التصريحات بين عدد من أعمدة الحكم الإيراني، الذي تفجره المنافسة واختلاف الرؤى، عدا التناقض الواضح في الفعل على الأرض (الذي سوف نناقشه لاحقا)، ومن جهة…
السبت ١٨ يوليو ٢٠١٥
استخدم الجهاز الإيراني المفاوض في عدد من العواصم الأوروبية كل الحيل من أجل تحقيق هدفين؛ الأول، الوصول إلى اتفاق مع الدول الخمس المفاوضة، على اختلاف أهدافها الوطنية من المفاوضات، قبل انحسار الولاية الأوبامية، فأخرج كل ما في جعبته من جزرٍ وعُصي. والثاني، توجه لاسترضاء القوى المتشددة الداخلية، التي إما لأسباب سياسية أو خاصة، كانت ترغب في تعويق الفريق المفاوض. كان على رأس الاستخدام الاسترضائي، صورة المجموعة المفاوضة في فيينا، وهي تبكي بحرقة (قد تكون ظاهرية) في إحدى المناسبات الدينية التي مرت في العشرة أيام الأخيرة من شهر رمضان. وفي الأيام القليلة الحاسمة نفسها صعدت طهران من لهجتها وعلى لسان المرشد نفسه في الاستعداد لتصعيد الصراع، ربما من أجل دفع الاتفاق إلى نهايته. نحن نعلم الآن أن المفاوضات الماراثونية تركزت على ملف واحد هو (القدرات النووية الإيرانية) ولم تتطرق إلى أي من الملفات الأخرى، وهي الأهم بالنسبة للجانب العربي، ومجملها التدخل السافر في الشؤون العربية من طرف إيران! الآن، السؤال الأهم والأكثر جذرية: هل سوف تذهب إيران، بعد هذا الاتفاق، إلى طريق السلم والتصالح، والانخراط في المسيرة العالمية للحفاظ على الأمن والتعاون في الإقليم وفي العالم، والتخفيف من الضغوط الداخلية على المكونات الإيرانية لتصبح (مجتمعًا عاديًا ومسالمًا) منخرطًا في مسيرة الحضارة، كما تراهن بعض الأوساط في الإدارة الأميركية والأوروبية، وبالتالي حدوث…
السبت ٠٤ يوليو ٢٠١٥
في رمضان عادة يختفي من على شاشات الرادار الكويتي في الشأن العام التشنج السياسي المعتاد، ليحل محله التوافق الاجتماعي، مظهرًا عملية اجتماعية واسعة للتواصل الاجتماعي تنتعش في زيارة الأفراد والجماعات بعضهم بعضا للتبريك بالشهر الفضيل. هذا العام اختلف المشهد من جانبين؛ الأول أن الشأن السياسي حضر بامتياز بقتل عدد كبير من المصلين بلغ عددهم تسعة وعشرين شهيدًا، وجرح أكثر من مائتين من الأبرياء، جراء عمل متعصب من أشخاص يحملون (عرفوا أو لم يعرفوا) أجندة سياسية. المصاب جلل، حتى إن أحد الزملاء شبهه بكارثة الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001 في الولايات المتحدة، أخذا بحجم المجتمع الكويتي. والجانب الثاني هو انتهاء الفكرة الشعبية القائلة إنه في رمضان تُقيد الشياطين، التي كان كبارنا يرددونها علينا ونحن صغار، فقد تبين أن الشياطين، على الأقل الإنسية منها، طليقة لم تقيد، بل وتقتل، بدليل ذلك العمل البربري في مسجد الإمام الصادق الجمعة 26 يونيو (حزيران) 2015. تفاعل المجتمع الكويتي كما تعود، فهناك أغلبية كويتية، بسبب الأوضاع الاجتماعية الجامعة، تشجب مثل هذا العمل الإرهابي، إلا أن كثيرين استغرقتهم التفاصيل الجانبية، مثل ما هو بروفايل الجاني نفسه؟ وتفاصيل حياته والمجموعة التي ساعدته على ذلك الفعل الشائن؟ وحجم التفجير؟ وهي تفاصيل تُعنى بالنظر إلى الشجرة وتترك النظر إلى الغابة، وهي فخ الكراهية البشع الذي يتسع بابه ليدخل الجميع…
السبت ٢٧ يونيو ٢٠١٥
مع استبعاد قيام حرب عالمية ثالثة بين القوى الكبرى المتصارعة في عالم اليوم، بسبب توازن قوى الرعب فيما بينها، إلا أنه في نفس الوقت يوجد بينها تناقض مصالح وصل إلى حد التوتر العالي. المخرج لتنفيس التوتر هو أن تساعد، إيجابًا أو سلبًا، «حروبًا» موضعية في مناطق العالم القابلة للاشتعال، هذه الحروب يمكن تصنيفها بشكل فضفاض أنها حروب بالوكالة، وهي حروب من أهم صفاتها أن ليس لها قواعد اشتباك معروفة، ولا خروج منها إلا بمظلة دولية، لم تتوفر بعد، وربما أكبر منطقة لديها قابلية أن تبقى ساحة حرب وصراع بالوكالة دون قواعد اشتباك، هي منطقة الشرق الأوسط. بسبب ذلك فنحن الآن في هذه المنطقة في «حجرة مظلمة» لا نعرف من يقوم بضرب الآخر ولا من يتلقى الضرب، وما العلة في الدفاع عن متناقضين في نفس الوقت! ما نعلمه أن هناك ضجيجًا صاخبًا في هذه الحجرة، وفوضى عارمة، وأنين جرحى ونواح ثاكلات، وعمى إعلاميًا منقطعًا نظيره، منطقتنا من أكثر المناطق إنتاجًا للأرامل في هذا العصر، والأكثر عرضة للإعلام المضاد. في هذه الحجرة المظلمة تسمع صدى لتيارين غالبين؛ «الإسلام الجهادي» و«الإسلام الطائفي»، كلاهما عنف مذهبي قبيح، هذه المكربة تشير إلى أن الأمن والاستقرار لن يعود إلى هذه المنطقة لعقود قد تطول، وأن القوى الخارجية، ما دامت في مناكفة، لا ترغب أو لا تقدر…
السبت ٠٩ مايو ٢٠١٥
تصاحب «عاصفة الحزم» وما تبعها من إعادة الأمل عاصفة أخرى هي العاصفة الإعلامية. تدور الحرب الأخيرة (الإعلامية) على عقل وعاطفة المتلقي العربي، وهي في كلياتها تدخل في ملف «الإعلام المضلل»، وهو واحد من الأسلحة التي كثيرا ما تستخدم في الصراعات للتشتيت والخداع، وقد زاد من شراسة الحرب تلك وجود وانتشار وسائل الاتصال الاجتماعي من جهة، وضعف في الوعي لبعض المتلقين من جهة أخرى، أو قلة مناعة بعضهم في تمحيص ما يعرض عليهم من أخبار أو معلومات، وتظهر هذه الحرب الإعلامية على أشكال مختلفة، بعضها مفضوح يجانبه الذكاء والفطنة، والآخر مدمج إلى حد كبير في إطار شبه مقنع على طريقة «لا تقربوا الصلاة». ولعلي هنا أوصّف سبع ظواهر للادعاءات الملتبسة، التي تُظهر غير ما تبطن. أولا: إظهار المجهود الحربي والدبلوماسي والسياسي الحالي تجاه اليمن وكأنه يجري بدفع طائفي، خرافة الدفع الطائفي تقول بها إيران وثلة من محازبيها، والحقيقة أن كل المجهود موجه من أجل إنقاذ اليمن من احتلال إيراني، وهناك شواهد كثيرة على ذلك. الاحتجاج بالدفع الطائفي هو لتقليل أو إطفاء الإرادة العربية من الوقوف أمام تمدد الدولة الإيرانية. ثانيا: تزييف التصريحات المنسوبة إلى المسؤولين القريبين من اتخاذ القرار، أو الذين لهم علاقة مباشرة بالأحداث، والقول إن «فلان» قد صرح بأن هناك «مفاوضات» مع هذا الطرف أو ذاك، أو القول إن…
السبت ٠٢ مايو ٢٠١٥
السيد الرئيس نشكرك على شعورك الطيب تجاه منطقتنا، ولكنْ في ثقافتنا هناك مثل يقول إن الطريق إلى جهنم مفروش بالنيات الطيبة، كما أن هناك فرقا شاسعا بين «النشاط» و«الإنجاز»، وما تشهده المنطقة منذ سنوات لحقت وصولك إلى الحكم هو نشاط بعيد عن الإنجاز. فالمنطقة جهنم مشتعلة نارها حتى اليوم. بعد ستة أشهر سوف تبدأ عجلة الانتخابات عندكم في التدحرج، ففي يناير (كانون الثاني) المقبل، ومن خلال بدء الانتخابات الأولية في هامبشاير، يبدأ العد التنازلي لعهدكم، وهذا يعني أنكم خلال سنة ونصف السنة من الآن ستكونون في التقاعد، الذي نتمنى أن يكون تقاعدا مريحا لكم. ما تتركونه للتاريخ من أفعال، وليس من أقوال، هو الذي سيبقى عنوان الحقيقة لمدة حكمكم التي امتدت لفترتين. في بداية حكمكم اعترفتم في خطاب القاهرة 2009 بأن هناك «توترا يشوب العلاقة بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي»، وتتركون المنصب والتوتر أكثر حدة وفي أعلى مستوى، فقد أورثت سياستكم شعوبا تنزف تحت وطأة آلام بشرية غير مسبوقة إلا في عصر الظلمات. لم يحصل رئيس للولايات المتحدة على بطاقة تصرف مجانية كما حصلتم عليها، فأنتم أول رجل أسود يصل إلى أعلى سلطة في هذا البلد، وفقط قبل خمسين عاما كان إخوانكم السود ممنوعين حتى من ركوب الحافلات نفسها، كما أنكم خلال أسابيع من الحكم نلتم أعلى وسام للسلام، وهو…