الجمعة ٠٧ أغسطس ٢٠١٥
لم يمض شهر على الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة 5+1 حتى بدأت إيران بتحريك حلفائها في المنطقة وميليشياتها الإرهابية، وهذا رغم الزيارة التي قام بها جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني، إلى الكويت وقطر، والتي أراد من خلالها إيصال رسائل تطمين إلى دول الخليج العربي مفادها أن هذا الاتفاق لن يشكل خطراً على المنطقة! وإثر ذلك جاءت العمليات الإرهابية في البحرين، والتي اتهِمت إيران بدعمها. كل ذلك يؤكد أن التطمينات الإيرانية ما هي إلا تمويه، وأن الممارسات الإيرانية مستمرة ولن تتغير مهما حاول البعض إعطاء تطمينات زائفة. فعلى مدى العقود الثلاثة الماضية من عمر الثورة الخمينية، واجهت المنطقة العربية الكثير من التحديات التي أوجدتها إيران بغية تعزيز دورها الإقليمي في المنطقة، حيث قامت بإشعال نيران الفتن والحروب الطائفية خلال السنوات الأخيرة الماضية في أكثر من بلد عربي. نعم هناك خطر كبير من الاتفاق النووي، ولا غرابة في الأمر إن قلنا إن هذا الاتفاق ستكون له تداعيات خطيرة على المنطقة، في المديين القريب والبعيد، تتمثل في التهديد المباشر للأمن القومي العربي، وفي الترتيبات الأمنية بين إيران والغرب على حساب العرب. وقد أضاف هذا الاتفاق عنصر قوة آخر إلى السياسة الإيرانية، خاصة في إطار تحالفها الاستراتيجي الجديد مع الولايات المتحدة والقوى العالمية الأخرى. فالاتفاق أعطى ضمانات لإيران تمنحها تفوقاً عسكرياً، كما أعطاها مساحة…
الجمعة ٣١ يوليو ٢٠١٥
انتهت ضجّة المفاوضات الماراثونية بين إيران والقوى العالمية حول البرنامج النووي الإيراني بالتوقيع في فيينا على الاتفاق الذي بموجبه حصلت إيران على الضوء الأخضر لامتلاك السلاح النووي بعد 15 عاماً. لذلك بدأت تفسيرات المحللين تدور حول النتائج والأخطار المترتبة على ذلك. ويرى بعضهم أن السياسة الإيرانية ستتغير وتتجه نحو الأفضل مع جيرانها، لتصح أكثر عقلانية ورشداً وليبرالية، وستركز جهودها في الفترة المقبلة على حل مشكلاتها الداخلية من فقر وبطالة وفوارق اجتماعية. ومن المحللين من يرى أن الاتفاقية ستعزز معسكر الاعتدال داخل إيران وتدفعها للتخلي عن خطط تصدير الثورة وللتوقف عن دعم التنظيمات الإرهابية، والامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، لتصبح عنصر استقرار في المنطقة. قد نختلف مع هذه التفسيرات، ونقول إن إيران لن تتغير، بل إن توجهاتها السياسية سوف تزيد طموحاً وحدة، فهي دولة ذات منطلقات دينية عقائدية، تسعى لتنفيذها منذ بداية الثورة وفق مخططات ترمي لترسيخ الدولة الخمينية وتصدير الثورة والمذهب الشيعي، وهي ترى أنه لابد أن يكون لها موطئ قدم في أي دولة. وتقوم الأجندة السياسية الإيرانية على التوسع تحت غطاء النزعة الأيديولوجية المتطرفة، ومن شأن الاتفاق الأخير أن يجعلها قادرة على امتلاك المصادر العديدة لتدعيم توجهها وتقويته عبر مساعدة التنظيمات الإرهابية التي ترعاها وتدعمها، بحيث يتحقق لها التوسع الذي تريده. وإلى ذلك فثمة ارتباط استراتيجي…
الجمعة ١٤ نوفمبر ٢٠١٤
لاشك أن هناك تحديات ومخاطر ضمن المشهد الحالي في فلسطين، وبالأخص ما يجري في القدس الشريف، البقعة المباركة ومسرى رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم عندما عرج إلى السماء، والعاصمة الدينية والتاريخية والسياسية والاقتصادية لفلسطين، والتي تتعرض لهجمة خطيرة بهدف تهويدها، حيث تستغل إسرائيل في ذلك انشغال العالم العربي والإسلامي وحالة التدهور السياسي والأمني التي أصابته. وقد قطعت إسرائيل شوطاً كبيراً نحو تحقيق ذلك الهدف، وهي في طريقها لإكماله. ومؤشرات ذلك واضحة للعيان، ومنها الجهود المتواصلة لطمس الآثار العربية والإسلامية في القدس الشريف وما حولها من قرى، والعمل على تهويد ملامح المدينة المقدسة عبر هدم المنازل وإزالة الآثار الإسلامية وبناء الكنس والمستوطنات اليهودية على أنقاضها، واستقدام اليهود من شتى بقاع العالم لتوطينهم بغية تغيير الخريطة الديموغرافية على حساب أصحاب الأرض الأصليين الذين أصبح نصيبهم من الاحتلال الطرد والتهجير.. هذا علاوة على الاستمرار في أعمال الحفريات الأثرية، لاسيما تحت المسجد الأقصى تمهيداً لبناء ما يسمونه «الهيكل الثالث»، إلى جانب الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على المسجد الأقصى المبارك، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وهي الاعتداءات المتواصلة منذ ثمانين سنة. وبلغت تلك المؤشرات ذروتها مع المشروع الذي تسعى حكومة الاحتلال الصهيوني لطرحه للتصويت في الكنيست، في ديسمبر القادم، والذي ينص على إشراك اليهود، على السواء مع المسلمين، في المسجد الأقصى المبارك، ومنحهم حق…
الجمعة ١٧ أكتوبر ٢٠١٤
التفسير الواضح للفوضى والحالة الأمنية غير المستقرة التي تمر بها المنطقة العربية، والتي شملت مساحات واسعة من الوطن العربي، هو ذلك التوافق الملحوظ بين «ذهنية» القوى الخارجية التي تهدف إلى تفكيك المنطقة العربية والهيمنة على مقدراتها، وبين قوى الشر الإرهابية من تنظيمات وحركات وميلشيات وأحزاب بمسمياتها المختلفة، والتي تحاول القوى الخارجية الاستفادة من مخزونها الإرهابي، وذلك بتوظيفه لخدمة هدفها الاستراتيجي الذي تسعى لتحقيقه. وتدرك هذه القوى أن تلك الذهنية الشريرة مستعدة لتحريك اللعبة الاستعمارية في المنطقة والوصول باستراتيجيتها إلى الهدف الذي تريده، وذلك باستغلال التراكمات السلبية وتحويلها إلى مارد ينتشر في المنطقة كالفيروس، وحقنه بكل عوامل القوّة التي تجعله قوّة مرعبة. وقد نجحت استطاعت القوى الإرهابية تحقيق جزء من ذلك التوجهات، خاصة عندما تحول الصراع من مغالبة سياسية إلى صراع ديني ومذهبي في غاية الخطورة. وقد تم فتح الأبواب للمتطرفين من كل مذهب ودين للمشاركة في مثل هذه اللعبة. ليس هناك شعور يسلب الناس قوتهم مثل الشعور بالعجز والهزيمة النفسية أمام عدو يريد أن يفتك بالجميع، لذلك أصبح مارد الإرهاب اليوم يقتل الكثير من البشر ويدمر المدن ويحتل الكثير من الأراضي ويكرس حالة الحرب الأهلية التي أصبحت واقعاً في سوريا، وليبيا، والعراق، واليمن، ولبنان، والصومال. ويتفق معظم المحللين على أن الإرهاب هو في الأساس صناعة صهيونية، وأن زرع إسرائيل في…
الجمعة ١٢ سبتمبر ٢٠١٤
تتردد كلمة الإلحاد بكثرة في هذه الفترة على صفحات الجرائد ومواقع الإنترنت وعلى ألسنة العديد من الناس في محاوراتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولا يكاد يمر أسبوع دون أن يخرج علينا كتاب يدعو صراحة إلى الإلحاد ونبذ الدين والإيمان، حتى أن بعضهم لا يستحي من الكشف عن نفسه والإعلان صراحة بأنه «ملحد». وهنا يكمن الخطر الذي ينبغي التحدث عنه والتنبيه إليه قبل أن يستفحل في المجتمعات ويصبح ظاهرة مألوفة ومقبولة. والإلحاد ببساطة شديدة هو أن ينكر الإنسان وجود الله، أي رب العالمين وخالق الكون، وأن يكذّب بالرسل الذين بعثهم الله لهداية الناس، وينفي الكتب السماوية ولا يؤمن بالبعث والجنة والنار والجزاء في الآخرة. والإلحاد، حسب غالبية المصادر، ظاهرة غربية نشأت في الغرب وترجع أصولها إلى اليونانيين القدماء، إذ ولدت عندهم على يد الفيلسوف اليوناني «ديموقريطس» الذي اعتبر أن «ميلاد العوالم وموتها يرجع إلى الضرورة دون أن يخلقها الله». ومع تطور العقل الغربي وما شهده من صراع بين العلماء والكنيسة، إذ قامت الأخيرة بحصر المعارف والعلوم في دائرة اللاهوت، واضطهدت العلماء وضيّقت على العقل والبحث العلمي.. فضاق الناس بأفعالها في أوروبا وطالبوا بالثورة عليها لينتهى الصراع بوجود علماء ملحدين وكنائس خالية من الناس. وبذلك أصبحت الحضارة الأوروبية الحديثة حضارة بلا دين، تعمل للخلق وليس للخالق، ومن هنا أخذ الفكر الإلحادي ينمو…
الجمعة ٢٢ أغسطس ٢٠١٤
يتوقف عالما النفس إد داينر وروبرت بيزواس في دراستهما عن «الثروة النفسية» عند نقطة جوهرية طالما أهملها العرب في مجتمعاتهم، وهذه النقطة «الثمينة» تكمن في الدور الإيجابي الذي يلعبه الشخص السعيد في حركة التنمية باعتباره المحرك والفاعل الأساسي في النهضة والتقدم. وبذلك التوصيف المنهجي والمهني يحدد داينر وبيزواس قيمة الثروة النفسية التي يشعر بها الفرد وأهميتها ويؤكدان أنها تفوق في أهميتها الثروة المادية التي يمتلكها الأفراد والدول، وهذا أمر مهم للغاية وينبغي الانتباه إليه للاستفادة منه عند وضع أي سياسات تنموية أو استراتيجيات مستقبلية، إذ من المعروف أن الإنسان هو الأساس الذي تتحقق من خلاله خطط واستراتيجيات النهوض في الدول، وهو السبب في نجاح التجارب النهضوية الحديثة في جميع أنحاء العالم. فعندما تتوفر لهذا الإنسان كل الإمكانيات التي تجعله سعيداً في بيئة سعيدة، فسيتم الحصول منه على مردود كبير يساهم في رفع كفاءة التنمية ويجعل المجتمع في مصاف الأمم المتقدمة. ويترجم الباحثان ذلك الأمر عبر النتائج التي توصلا إليها من خلال دراستهما ودراسات أخرى مهمة تمت على سبع شركات تتوزع على العديد من الصناعات، لاسيما صناعة التكنولوجيا الدقيقة. وقد شملت أعمال العاملين في تلك الشركات والمنظمات ابتكار المنتجات الجديدة، ووضع الأنظمة المتقدمة، وغير ذلك من الإنجازات التي كان الإبداع عاملا مهماً في إنجاحها. وقد تبين أن الموظفين الذين حققوا معدلات…
الجمعة ١٥ أغسطس ٢٠١٤
قام عالما النفس إد داينر وروبرت بيزواس بدراسة مهمة استغرقت منهما سنوات طويلة، وكانت حول مفهوم السعادة، وذلك باعتبار أن السعادة تمثل حجر الزاوية في الثروة النفسية، وهي حالة عقلية مبهجة ونافعة وفعالة وسارة تأتي في ظروف الحياة المواتية والملائمة، كما أنها دواء لكل نفس عليلة، ووسيلة لتعزيز الصحة النفسية والبدنية للإنسان، وهي مورد مهم يمكن أن يأخذ منه الإنسان ما يرغب في تحقيقه خاصة في عصرنا الحالي وما يعتريه من أزمات وحروب وصراعات، حيث صار الإنسان يبحث عن حالة من الاستقرار النفسي والهدوء وراحة البال، ويتعطش إلى لحظة فرح وسعادة. وقد أصدر العالمان كتابهما «السعادة.. كشف أسرار الثروة النفسية»، متضمناً ما توصلا إليه من نتائج في غاية الأهمية حول موضوع السعادة. وقد جاءت النتائج، بعد جمع وتحليل المعلومات من عشرات آلاف الأشخاص من مئة دولة وأبحاث كثيرة عن السعادة البشرية وأخرى تختص بالحياة الانفعالية للمعدمين وذوي الثراء الفاحش، وبحوث حول الدور الذي تلعبه العلاقات الاجتماعية والدين والثقافة والسلوكيات الإيجابية بالنسبة للسعادة. ولم يتوقف الباحثان عند سرد نتائج الدراسة، بل اهتما أيضاً بتشخيص المفهوم وتفسيره وتحليل كل ما يتعلق بهذا الموضوع بصورة عميقة وفعالة وقياس الاختلافات النفسية والجسمية والعقلية والفكرية والإبداعية التي تحدث ما بين البشر أثناء سعيهم للوصول إلى لذة السعادة. وبهذه الدراسة أضاف داينر وبيزواس إلى علم النفس…
الجمعة ٠٨ أغسطس ٢٠١٤
في عددها الصادر في أغسطس 2014 نشرت مجلة «الأزهر» في افتتاحيتها التي كتبها الدكتور محمد عمارة مجموعة من المشاريع والمخططات التي قام بها الغرب لتفتيت العالم العربي والإسلامي بدءاً من الحملة الفرنسية التي قادها نابليون بونابرت على مصر عام 1798 لبناء إمبراطوريته الاستعمارية عبر تفتيت العالم العربي والإسلامي على أسس دينية ومذهبية وقومية لتسهيل ابتلاع ولاياته وأقاليمه، مروراً باتفاقية «سايكس -بيكو» التي رسمت من خلالها خرائط التجزئة الاستعمارية لشعوب العالم العربي والإسلامي التي عاشت قروناً طويلة في إطار «الرابطة الإسلامية»، وصولاً إلى المخطط الذي اقترحه المستشرق الصهيوني برنارد لويس عام 1980 والمنشور في مجلة وزارة الدفاع الأميركية، والذي تضمّن إعادة تفتيت العالم الإسلامي، عبر إضافة أكثر من ثلاثين كياناً سياسياً جديداً، بدعوى حل مشكلة الأقليات الدينية والمذهبية والثقافية. وظهر بعد ذلك مخطط «الشرق الأوسط الكبير» الذي تحدث عنه بوش الابن في سيناريو «الفوضى الخلاقة»، وحدد لتنفيذه، حسب المؤرخ الدكتور عاصم دسوقي (مجلة «أكتوبر» 27/يوليو/2014) أدوات كثيرة داخلية وخارجية، منها حركات راديكالية متشددة وعرقيات وطوائف وأقليات وميلشيات.. بهدف تقسيم الدول إلى دويلات ثم كانتونات وطوائف. وعندما تعيد مجلة «الأزهر» التذكير بمثل هذه المخططات والمشاريع والخرائط، فالهدف هو تبصير الأمة بخطورة ما يحاك ضدها، ذلك أن ما يحدث اليوم في وطننا العربي، سواء في فلسطين أو العراق أو سوريا أو اليمن أو…
الجمعة ٢٧ يونيو ٢٠١٤
هُناك حالياً الكثير من المؤشرات في المشهد السياسي العربي، بكل صوره الدموية المؤلمة، تدل دلالة واضحة على أن المنطقة تمر بحالة من العبث بأمنها واستقرارها، والهدف هو أن تصل إلى مرحلة التمزق والتفتت. وما يحدث اليوم في المشهد العربي بكل تجلياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ليس أمراً تلقائياً، كما يحاول البعض تصويره، بل أمر تم الإعداد له بصورة استراتيجية دقيقة، في مراكز بحثية، أمنية واستخباراتية، بهدف أن يتم جر المنطقة إلى الدخول في حالة من الفوضى، حتى يتم إحداث شقوق عميقة في تركيبة المجتمع العربي. إنها «الفوضى الخلاقة» التي يراد منها دفع الدول العربية إلى الدخول في نفق الصراع الطائفي المؤدي إلى التقسيم والتفتيت. وهذا الأمر تعترف به صراحة الكثير من الدراسات السياسية والاستخباراتية الغربية كما تعلن عنه تصريحات لقادة غربيين. ففي الخامس من أكتوبر 2013 نشرت صحيفة «الأهرام» تصريحاً لرئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الأسبق الجنرال المتقاعد «هيو شيلتون»، قال فيه إن أميركا وضعت خطة لزعزعة استقرار مصر والبحرين، وأن إدارة أوباما تعمل على إثارة اضطرابات في الدول العربية. بول بريمر الذي عينه بوش الابن رئيساً للإدارة المدنية في العراق، والذي قرر حل الجيش العراقي عام 2003، قال هو الآخر في حواره مع «راديو4» البريطاني إنه قام بثورة قلبت نظاماً كان سائداً في العراق عمره ألف عام كانت السيطرة فيه…
الجمعة ٢٠ يونيو ٢٠١٤
لعل أخطر ما يواجه العالم العربي اليوم هو عودة مشاريع «التآمر» الخارجي المعززة بالفوضى والاضطرابات الداخلية والاحتراب الأهلي الذي أصاب نسيج المجتمع العربي منذ بداية ما يسمى «الربيع العربي»، والذي هو جزء من مشاريع التآمر ومدخل لدفع الأمور في داخل الدول العربية إلى مرحلة «التفكك والتفتت». ولم يعد الأمر مقتصراً على دولة عربية بعينها، بل بات من الواضح أنه يستهدف الجميع دون استثناء تقريباً. وللذين يتشككون في فكرة المؤامرة ويفسرونها وفق تصوراتهم السياسية على أنها نوع من الوهم، نقول لهم إن ذلك غير صحيح؛ فالمؤامرة حقيقة تاريخية أثبتها التاريخ في كل مراحله ومنذ بداية الخلق، وهي حقيقة من حقائق السياسة حيث تكثر الدسائس والمكائد، وقد تحدث عنها القرآن الكريم، وتعرض المسلمون في تاريخهم القديم والحديث لمؤامرات كثيرة؛ من سقوط الأندلس إلى اتفاقية سايكس بيكو التي مكنت المشروع الصهيوني من احتلال فلسطين. ومن يريد المزيد بإمكانه الرجوع إلى ما قاله كبار رجال السياسة والمخابرات في الغرب في مذكراتهم حول هذه الحقيقة ونماذجها الكثيرة على أرض الواقع. إن اللعبة الكبرى التي تجري اليوم في المنطقة العربية، تحت مسميات وشعارات مختلفة، ما هي إلا نوع من الحفاظ على التوازن الاستراتيجي الذي تريده القوى الكبرى فيما بينها بواسطة وكلائها المحليين والإقليميين في المنطقة العربية، للحفاظ على مصالحها ومجالات نفوذها وارتكازها في المنطقة الاستراتيجية. وكما…
الجمعة ٠٢ مايو ٢٠١٤
أصيب قادة إسرائيل بحالة من الانزعاج والارتجاج بعد اتفاق المصالحة الموقع الأسبوع الماضي بين حركتي «فتح» و«حماس»، والذي أنهى به الفلسطينيون انقسامهم الداخلي الذي استمر سبع سنوات. وسبب ذلك الانزعاج أن الاتفاق المذكور سوف يُعيد اللحمة الوطنية للصف الفلسطيني، بعد أن كان المستفيد الأول من الانقسام هو إسرائيل. ومن يقرأ العناوين الرئيسية للصحف الإسرائيلية، ومقالات الكتَّاب الإسرائيليين، يجد ذلك واضحاً بعد يوم واحد من هذا الاتفاق، وهذه بعض الأمثلة: «اتفاق فتح -حماس.. صفعة أبو مازن»، «كابوس في دولة ثنائية القومية»، «تعاطوا مع التهديد الفلسطيني بجديّة»، «دولة أبو مازن الخيالية»، «أيها اليهود عودوا إلى الوطن». والمؤكد أن إسرائيل تريد استمرار الخلاف بين الفلسطينيين، لأنّه يمثل ضمانة مهمة لاستمرار سياستها في فلسطين المحتلة، وهذا الاتفاق يعني أنه حدث تغيير في اللعبة السياسية التي تتفاوض عليها إسرائيل مع الفلسطينيين والتي وصلت إلى طريق مسدود، وأن الاتفاق نفسه أربك الحسابات السياسية للقوى العظمى، لذلك وجدنا أميركا هي أيضاً تتوّعد الفلسطينيين بقطع المساعدات، خاصة بعد أن وجدت أن الموازين انقلبت في غير مصلحة إسرائيل. وهذا هو «لُب» الموضوع الذي ينبغي التركيز عليه، والذي تحاول الآلة الإعلامية الصهيونية إخفاءه. ما يحدث في فلسطين هو صراع ممتد منذ مائة عام، جوهره أن فلسطين أرض عربية وأن مقدساتها إسلامية ومسيحية، وليس للكيان الصهيوني أي حق تاريخي فيها. وهذا…
الجمعة ٠٤ أبريل ٢٠١٤
قلة هم الباحثون الذين بحثوا بتعمق في جذور العلاقات الإيرانية الأميركية، والإشكاليات الخاصة بالمفاوضات الدائرة بينهما حول البرنامج النووي الإيراني، وتأثير هذه المفاوضات على المنطقة العربية. لكن خبير شؤون الشرق الأوسط ورئيس المجلس الوطني الإيراني الأميركي «تويتا بارزي»، أصدر كتاباً مهماً حول «إيران والمجتمع الدولي» تحدّث فيه عن القصة الكاملة للمفاوضات حول الملف النووي الإيراني. وأهمية هذا الكتاب تكمن في ربطه بين الأحداث السياسية الجارية في المنطقة وعلاقتها بهذا الملف، وفي قيامه بتفكيك الكثير من رموز وشفرات السلوك السياسي لإيران، وطبيعة تمددها في المنطقة. وقد جمع «بارزي» من خلال المقابلات التي أجراها مع 70 مسؤولا رفيع المستوى من الولايات المتحدة وإيران وأوروبا وإسرائيل وتركيا والسعودية والبرازيل، عدداً هائلا من المعلومات والحقائق والوثائق التي أعطت للكتاب أهميته. ويحاول «بارزي» كشف كثير من النقاط المهمة والأسئلة السياسية المحيرة، خاصة اللقاءات الدبلوماسية بين إيران وأميركا خلال عامي 2009 و2010. كما يتناول الصفقة الإيرانية الأميركية التي تم بموجبها تقاسم النفوذ في المنطقة، والتي نشهد اليوم تأثيراتها واضحة في سلوك البلدين في المنطقة. ثم يشرح الكتاب مضمون الوثيقة السرية التي حملها «تيم جولدمان»، السفير السويسري الذي كان يتولى المصالح الأميركية في إيران، إلى الإدارة الأميركية في واشنطن بعد بضعة أسابيع من قيام القوات الأميركية بغزو العراق عام 2003. وتضمنت هذه الوثيقة عرضاً إيرانياً بإجراء مفاوضات…