الثلاثاء ٢٤ سبتمبر ٢٠٢٤
مشهد طوابير السيارات المدنية الباحثة عن مخرج نحو بيروت أو الشمال والشرق، يعود بنا إلى الوراء عدة عقود. أكثر من 60 بلدة قصفت في جنوبي لبنان، في الساعات الأولى من يوم أمس، وقرابة 150 غارة جوية شنتها الطائرات الحربية على تلك البلدات، وعلى ميليشيات نصر الله، ولم يعد الجنوب مأهولاً بناسه، الكل يبحث عن النجاة، ليقينهم بأنهم المقابل الذي يضحى به في عبث العابثين. وأغرب ما في هذه المأساة الجديدة، أن هناك من لا يزال يروج لصواريخ لم تستخدم ضد إسرائيل، صواريخ ستدمر تل أبيب وحيفا، والقواعد العسكرية، ومنصات النفط والغاز في البحر، ودفاعات جوية لم تطلق بعد، ربما انتظاراً للفرصة المناسبة، رغم أن 300 طائرة شاركت صباح الأمس في ضرب لبنان، وفي الواقع، لا نرى غير قذائف «الكاتيوشا» المتخلفة، والمحالة للتقاعد منذ سنوات طويلة، وبين كل ما يسمونها في ذلك الحزب بالرشقات الصاروخية، تفلت قذيفة وتصيب مسكناً وتجرح شخصاً بشظاياها. والأكثر غرابة، أن مؤيدي الحزب التابع، ومسلوب الإرادة، ومنفذ التعليمات الموجهة إليه، عندما يتحدثون في القنوات الإخبارية العربية، يطرحون من الآراء ما يضحك، وشر البلية ما يضحك، لأننا في حال ليس هناك حال أسوأ منها، ومع ذلك، نضحك حتى لا نبكي، فهم يقولون إن خطة الحزب جر إسرائيل إلى حرب برية، ستضطر إليها في النهاية، وساعتها سيكون هناك كلام…
الخميس ٢٩ أغسطس ٢٠٢٤
انتقل الدمار إلى الضفة الغربية، عزلت مخيماتها، وتعالت الأصوات العنصرية مطالبة بتهجير سكانها. إسرائيل لا تجد أمامها من «يلجم» متطرفيها، لا أحد، كلهم في هذا العالم الشاسع يتحلى بأقصى درجات الجبن، ومن لا يردع قولاً أو فعلاً يخرج عن نطاق السيطرة، مثل الطفل المدلل الذي لا تصحح له تصرفاته الخاطئة، هو يعتقد أنه يفعل الصواب. منذ بداية حرب غزة في أكتوبر، تلك الحرب التي بررها قادة الدول الكبرى بحجة الرد على «مغامرة مشعل المدروسة» حسب حساباته هو وتنظيمه، لم تسلم الضفة الغربية من الممارسات العدوانية، سواء من قوات الأمن التي يقودها المنفلت بن غفير، أو من المستوطنين والمسلحين بموافقة الحكومة الإسرائيلية، وتم أسر أكثر من ثلاثة آلاف شاب دون تهم، ودون مبررات، فإسرائيل لا يسألها أحد عن مبرراتها، وقتل المئات في عمليات تصفية منظمة وممنهجة، وهدمت بيوت، واقتلعت أشجار زيتون، وصودرت أراضيها، وعندما تحرك البعض خجلاً من صمتهم المريب قيل لهم إنها ضربات استباقية، وكان رد الفعل الغربي هو التفكير في وضع ثلاثة أو أربعة من المستوطنين على قوائم عدم دخول بلادهم! وفي «رام الله» سكتت السلطة الرسمية، وكأنها لا ترى ولا تسمع، وانشغلت بما ستحصل عليه بعد الانتهاء من غزة، حتى وصلت الاعتقالات والاغتيالات إلى أبوابها، ولم نر قادة السلطة يتفقدون المناطق المنكوبة في الضفة، ولم تتحرك البعثات الدبلوماسية…
الثلاثاء ٢٠ أغسطس ٢٠٢٤
تستعد كبريات شركات صناعة الأدوية لانتعاش جديد، فالبيانات الصادرة تمهد لها الطريق، وشكل الأرقام ذات التسعة أصفار تلمع أمام أعين «تجار البندقية»، فهذه فرصة يجب أن تستغل، تماماً كما استغلوا جائحة «كورونا»، وسجلوا أعلى النتائج في قوائم الأرباح، رغم أن اللقاحات والتطعيمات لم تكن متوفرة، ولكنهم وفروا المطلوب بعد أشهر قليلة، ادعوا بأنهم تعرفوا على فيروسات «كورونا»، وباعوا، وحاربوا بعضهم البعض، وفرضوا المنتج في دول معينة على الراغبين في زيارتهم، وبعد عامين بدأت محاكمهم تنظر في القضايا المرفوعة ضد شركات الأدوية بعد أن ثبتت مضار بعضها! لم تنتظر تلك الشركات طويلاً، تحركت في اليوم التالي لإعلان منظمة الصحة العالمية قرارها باعتبارها «جدري القرود» حالة صحية طارئة عالمياً، في البداية قالت إن اللقاحات متوفرة، وهي فاعلة، فقد سبق وجربت قبل عقدين تقريباً ضد الوباء ذاته، وبعدها بيوم صرحوا بأن المتوفر حالياً لا يكفي، وقد تحتاج إلى أشهر عدة لتغطية الاحتياجات. والهدف من ذلك دفع الدول الغنية إلى حجز كميات من المتوفر وما يمكن إنتاجه لاحقاً، فالكل يريد أن يتحصن، وتجربة «كورونا» علمت الجميع دروساً يجب ألا تتكرر، والأسماء الرنانة في عالم الأدوية أيضاً تعلمت أن إغراق العالم يعني إضافة مليارات إلى الدخل! عالم الأوبئة والجوائح أصبح مثل أسواق الأسهم، من يمسك بالخيوط يطلق إشاعة، مجرد إشاعة، فيتراكض المضاربون ويثيروا الغبار، ويجنوا…
الأربعاء ١٤ أغسطس ٢٠٢٤
مرشحا الرئاسة الأمريكية يتقاذفان بالبيض الفاسد، السيد دونالد ترامب المرشح الجمهوري، والسيدة كامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي، الأول كان رئيساً، والثانية مازالت نائبة للرئيس، الاثنان من الوزن الثقيل، والثقيل جداً، فأحدهما بعد 83 يوماً سيكون رئيس الولايات المتحدة الأمريكية. وستكون في يده أو يدها مفاتيح العالم، بكلمة منه أو ضغطة زر تفتح مخازن الأسلحة النووية وفوهات منصات الصواريخ العابرة، وتتحرك أساطيل حاملات الطائرات ومرافقاتها من البوارج والفرقاطات والمدمرات والغواصات، مثل تلك التي أمرها «أوستن»، وزير دفاع بايدن قبل يومين بالإسراع في التوجه إلى الشرق الأوسط، لنكولن وروزفلت وايزنهاور وغيرها، وتتأهب القواعد المنتشرة في أنحاء العالم، وتدار حروب، قد تكون دفاعاً عن حق، وقد تكون إسناداً للباطل، الأمر سيان عند من يعتقد أنه يحقق مصالح بلاده! لقد وصل الاثنان إلى نقطة اللاعودة في إشعال نار الكراهية بينهما، وهي في الأصل موجودة بين حزبيهما، يلطخان سمعة الخصم بأوصاف يفترض أنها «سوقية»، أي هابطة، ليست منتظرة ممن يتنافسان على أصوات شعب كان ولا يزال هو الأكثر تحضراً كما تقول دراساتهم، إلى درجة أن هاريس بعد أن سمعت لقاء ترامب مع إيلون ماسك المباشر على منصة «إكس»، لم تتمالك أعصابها. في ردة فعل سريعة بعد كل ما ذكره ترامب من أوصاف سيئة في حقها، ولخصت رأيها بأربع كلمات، عندما قالت «ماسك يعمل خادماً لترامب»،…
الأربعاء ٠٧ أغسطس ٢٠٢٤
هم يوقدون النار، ويتركونها مشتعلة، ثم يصرخون ناشرين الرعب في العالم. يغذون الوهم الذي يرهبون به الناس، يتحدثون عن ضربات وخطط وصواريخ ومسيرات، بايدن يعلن يوماً، وترامب يعلن يوماً، وبلينكن يقيس دائرة العنف في المنطقة، ويدعو إلى ضبط النفس. ويرسلون قطعاً بحرية مدمرة إلى منطقة الصراع، وفوقها قنابل تزن الواحدة نصف طن، هدية لإسرائيل، حتى تصب مزيداً من الزيت على النار، وكأن كل ما حدث وما استلمت لم يكفها! وتنهار الأسواق المالية، عندهم وعند الجميع، بأوامر توقعات بيوت الخبرة، وتتهاوى أسعار السلع، ويخرج «أثرياء الحروب» من جحورهم، ويجمعون الأسهم الرخيصة، ويشترون السندات، ويستحوذون على الشركات. لم يسأل المجرم عن جريمته، بل لم يلمه أحد من الذين يدّعون بأنهم كبار العالم، وفي الحقيقة، هم العابثون بالعالم، من يسمحون لوكلائهم بارتكاب الجرائم، فلا يعاتبونهم، ولا يدينونهم، لأنهم يريدون أن يجمعوا مئات المليارات التي تساقطت خلال الأيام الفائتة من انهيارات الأسعار في أسواق العالم، ولم يجرؤ أحد منهم بالسؤال عن المجرم! يدّعون أن ضربة انتقامية آتية في الطريق، ويضعون لها ألف تصور، كل مسؤول منهم عنده رواية، وكل وسيلة إعلام غربية تختلق حكاية، وكأننا نعيش في «ألف ليلة وليلة»، وفي النهاية، سنسمع عن عشرات المسيرات «تسبح في السماء»، وخلفها صواريخ لا تصل إلى مكان، وترفع علامات النصر من اللاعبين في الطرفين المتنازعين، عبر…
الثلاثاء ٠٦ أغسطس ٢٠٢٤
يبدو أن الأشهر الثلاثة القادمة ستكون الأضواء فيها مركزة على هفوات دونالد ترامب، فقد خلت له الساحة، ولم يعد بايدن منافساً له، رحل بكل مآخذه، وتخلص من لسان خصمه الطويل، وجاءت «سيدة» لا تتوه إذا وقفت على منصة، ولا تسلم على خيال، ولا تستبدل أسماء من يقفون معها، ولا تدخل في مهاترات شخصية للحط من مكانة من يواجهها وكرامته. ومن الواضح أن كامالا هاريس مرشحة الديمقراطيين تعلمت جيداً من دروس انتخابات 2020، ومن الجدل الذي دار في الأوساط السياسية الأمريكية خلال الفترة الأخيرة، وقررت أن تترك ساحة السخرية والاستهزاء للمرشح الجمهوري، والذي أثبت أنه سعيد بهذا التخصص، فهو متفرد فيه، ويستحق عليه أفضل الدرجات. ولكنه وللأسف الشديد لم ينتبه، فهو يلعب حالياً على أسلوب تطبع به، يمنحه درجات في الاتجاه السلبي وليس الإيجابي، حيث يخسر ولا يربح، ويحرق نقاطه التي منحته فارقاً هائلاً في آخر أيام بايدن، وفي أقل من أسبوع أصبح متخلفاً في كل استطلاعات الرأي، تجاوزته كامالا هاريس بعد أن استخدم سلاح «التنمر» والتمييز ذي الحدين، فرجعت الطلقة إليه، وخسر كماً هائلاً مما جمع! والغريب أن آخر هجوم من ترامب تجاه منافسته كان حول خطاباتها الانتخابية، وعاب عليها استخدام التلقين، لأنها لا تفهم في السياسة، ولا تملك المقدرة على التحدث دون إعداد مسبق، وفي نفس اللحظة كانت «لوحات»…
السبت ٢٧ يوليو ٢٠٢٤
مشهد مخزٍ، ذلك الذي رأيناه في قاعة الكونغرس الأمريكي، هناك في واشنطن، حيث مر العظماء، وشرعت القوانين التي رفعت من قيمة الإنسانية، هناك حيث التطور والتحضر وتمهيد الطريق أمام حياة أفضل، وكرامة مصانة، هناك أهدرت مكاسب تاريخ يمتد لقرنين ونصف القرن، عندما استقبل المنافقون المتسولون مجرماً مداناً في حرب إبادة جماعية وتجويع شعب أعزل. لو وقف النواب الحاضرون في أمسية الأربعاء وصفقوا حتى تورمت أيديهم لن يغيروا الحقيقة الماثلة أمامهم. ولو كان ثمن ذلك الاحتفاء فوزهم في الانتخابات القادمة، واستمرارهم في الواجهة السياسية، كيف سيمحون العار الذي لطخهم؟ وكيف سيواجهون شعبهم؟ نواب أمريكا عكسوا الواقع، ونسوا أنهم في قاعة خرجت منها القواعد الأخلاقية لحقوق الإنسان، ومنها تم القضاء على التمييز العنصري، وكتبت مبادئ المساواة بين البشر دون تفرقة بين الأصل والجنس واللون والعرق والمعتقد. قلبوا الحقيقة، معتقدين بأنهم بالتهليل والتصفيق سيغطون على أفعال بنيامين نتانياهو، وهو القادم إليهم ليبتزهم، ويبحث عن «مطهرات» تزيل آثار الدماء العالقة به، وكأنهم «صبية أغرار» مندفعون خلف الخديعة غير الغائبة عنهم، ولكنها المنافع الشخصية «ويا ويل بلاد تتقدم فيها منفعة الشخص على المنفعة العامة، ومصلحة الحزب على مصلحة الوطن». صناديق الاقتراع في الخامس من نوفمبر سترد على أولئك الذين باعوا «الرأي العام»، وشعبهم الذي سيصوت لهم أو ضدهم، مقابل شراء رضا من لا يملك صوتاً،…
الإثنين ١٥ يوليو ٢٠٢٤
وما زال السؤال مطروحاً، أما الإجابة فهي في علم الغيب، بينما الاحتمالات والتوقعات كثيرة، وقد تصل إلى الحد الأقصى، وواقعة أول من أمس كانت قريبة جداً من ذلك الحد، ولولا التفاتة عفوية، وفارق زمني لا يتجاوز اللحظة، لكانت النتيجة أكثر مأساوية. وقبل الخوض في التفاصيل وتفاصيلها، وحتى لا نضيع بين مفرداتها وتضارب معلوماتها، نهنئ الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترامب على السلامة، فهو ورغم كل ما قلناه وسنقوله عنه يبقى الأفضل للموقع الأخطر في العالم، مقارنة بمنافسه جو بايدن، وأعيد تأكيد ما ذكرت من قبل بأن ترامب هو «أحلى الأمرّين». ونعود إلى سؤالنا، وهو مكرر، ذكرناه قبل عدة أسابيع، ونستعيده اليوم لأنه يفرض نفسه، ويقربنا من حقيقة كنا نحاول استبعادها، حتى لا نتهم بالترويج لنظرية المؤامرة، التي لا أعرف لماذا يكرهها الليبراليون، يومها قلنا إن كم القضايا التي رفعت ضد ترامب، ومحاولات إيصاله إلى مرحلة اليأس والإحباط، ليست عشوائية، بل هي منظمة من قبل جهات متنفذة، تملك السلطة،. وقادرة على استخدام الوسائل المشروعة وغير المشروعة لمنع هذا الرجل من خوض الانتخابات الرئاسية في الخامس من نوفمبر المقبل، لأن هناك من لا يريدون عودة ترامب إلى البيت الأبيض، وفتحنا باب الاحتمالات، ابتداء من صدور الأحكام، مروراً بالاستدعاءات المتلاحقة للتحقيق لإفشال حملته الانتخابية، وصولاً إلى دخوله السجن، وإذا فشلت تلك…
الأربعاء ١٠ يوليو ٢٠٢٤
تداعيات ما يحدث في أوكرانيا وغزة بدأت تنعكس على أوروبا، فمن خلال صناديق الاقتراع تسقط أنظمة سياسية مستقرة منذ عقود، وكأن الناخب بدأ يستخدم حقه في ممارسة الديمقراطية لمعاقبة الأحزاب والأشخاص الذين كانوا إلى وقت قريب يستحوذون على السلطة. أوروبا لعبت دوراً في إشعال حرب أوكرانيا، هي من لوحت بعضوية «الناتو» والاتحاد الأوروبي لحكومة زيلينسكي، وهي من لم تسمع تهديدات بوتين من الاقتراب عند أبواب بلاده، وهي التي جهزت الجيش الأوكراني بالسلاح والكلام المعسول، وهي التي فتحت حدودها لستة ملايين أوكراني فروا من مناطق النزاع العسكري، وهي التي لا تزال تضخ المليارات لتزيد النار حطباً، وهي من سعت إلى استحداث عداوة مع صديق تعاون معها لثلاثة عقود، وهو من يجلس فوق رأس أوروبا كلها في الشمال، وهي من أحدثت أزمات اقتصادية ومعيشية لسكانها عندما تبعت التوجيهات الأمريكية بمقاطعة روسيا وحصارها اقتصادياً. وأوروبا تنصلت من مسؤوليتها التاريخية عندما صمتت تجاه ما يحدث في غزة الفلسطينية، وكأن ما يحدث لا يعنيها، رغم اندفاعها بعد السابع من أكتوبر نحو إسرائيل، ومساندتها سياسياً وعسكرياً، حتى قطعت المساعدات الإنسانية عن وكالة غوث للاجئين استناداً إلى كذبة أطلقها نتانياهو، لم تنتبه إلى مخالفة بعض دول الاتحاد الأوروبي لإجماعها الظالم، فقد كان ذلك بداية لرفض دور هذا الاتحاد وتوجهاته. وجاء دور من تضرروا، الناس بكل فئاتهم، من…
الثلاثاء ٠٢ يوليو ٢٠٢٤
قبل عدة أشهر قلنا إن بايدن لا يصلح لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية أربع سنوات أخرى، وتوقعنا مراجعة جادة من الحزب الديمقراطي للسنوات الماضية قبل أن يحسم قراره بالتجديد له. ولم يكن كلامنا تنجيماً أو ادعاء بالتنبؤ ومعرفة ما لا يعرفه الآخرون، فالشواهد على الخلل في إدارة جو بايدن كانت واضحة، من سهو إلى نسيان، ومن تصريحات إلى تصحيحات، ومن أقوال ومواقف وقرارات متضاربة، داخلياً وخارجياً، حتى وصل العالم إلى حافة حرب عالمية جديدة بعد أن فقدت الإدارة المترددة سيطرتها على الأوضاع، وزادت حدة النزاعات، واختلت التوازنات لعدم توازن الرجل الذي يجلس على عرش البيت الأبيض! وترشح بايدن رسمياً، وصفق له الديمقراطيون، وخرج بعدها برد على المشككين في قدراته، معترفاً بتداعيات العمر، ولكنه أكد أن الحكمة التي يملكها تغطي على كل المساوئ، وراهن الحزب على انتصار ساحق في نوفمبر القادم، فالمنافس الذي هزم في الانتخابات السابقة لا يكترث به، وحفرت الحفر لدونالد ترامب، المرشح الجمهوري، وفتحت الملفات، وتلاحقت الاتهامات وجلسات المحاكم، ووضع كل قادة الحزب الديمقراطي أيديهم في الماء البارد، حتى جاءتهم الصدمة المدوية مساء الخميس الماضي. استيقظ النائمون من «بياتهم الشتوي» بعد أن شاهدوا الكارثة بأم أعينهم، صوتاً وصورة، ولم يخفوا مشاعرهم، «ناحوا، ولطموا» وتنادوا إلى تدارك ما يمكن تداركه، فالوقت ضيق، ليس أمامهم غير 120 يوماً، وهم بحاجة إلى…
الأربعاء ١٢ يونيو ٢٠٢٤
نُشيد مع الذين أشادوا، ونتفاءل مع الذين تفاءلوا، ونرحب مع الذين رحبوا، وسننتظر مع المنتظرين، ونترقب «أن يتمخض الجبل»، فلعله هذه المرة «لا يلد فأراً»! مجلس الأمن الدولي اتخذ قراراً مخالفاً لطبيعته، لم يعترض أحد على الصياغة، ولم يستخدم «الفيتو» من أصحاب الحظوة، الخمسة الكبار، وكأن الضمائر قد صحت، والوجوه «نشفت» خجلاً من شدة الحرج. قرار يدعو إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار، مرحلته الأولى ستة أسابيع للمفاوضات الجادة وإطلاق دفعة أولى من الرهائن والمعتقلين، ثم مرحلتان ثانية وثالثة، تتضمنان سحب القوات الإسرائيلية من غزة بالكامل، وعودة السكان إلى بيوتهم، أو ما تبقى منها، دون قيود أو شروط، ولكن هل يمكن أن يتحقق ذلك؟ التجربة تقول لنا إن طرفي الأزمة في غزة هما سببها، ولن تحل بهما، فإسرائيل، الدولة المعتدية، صاحبة نظرية التدمير والقتل والتشريد والاحتلال، متخصصة في المراوغة وعدم الالتزام بتعهداتها، ولها تاريخ طويل مع قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ورغم أن القرار المقدم أصلاً من الولايات المتحدة يذكر أن إسرائيل وافقت على القرار، إلا أن المندوبة الإسرائيلية في مجلس الأمن كان لها رأي آخر، وهو أن بلادها لن توافق على وقف إطلاق النار قبل أن تحقق أهدافها، وهي إطلاق سراح جميع الرهائن، وتفكيك حماس. أما «حماس هنية» فقد رحبت كما فعلت من قبل، وقالت إن القرار مقبول، وستتم…
الثلاثاء ١١ يونيو ٢٠٢٤
سعيد جداً ذلك الملثم صاحب بيانات حماس، المدعو «أبو عبيدة»، من جعلوه واجهة بديلة لأولئك الذين هربوا من غزة ليفاوضوا ويساوموا ويقبضوا بعد 7 أكتوبر، وهو مثلهم، يتحدث باسمهم ويقيم في الوقت ذاته معهم في إحدى محطات الأماكن الآمنة، على ضفاف البوسفور أو الخليج، أو بين الأضرحة والمزارات، ويضحكون على من ما زالوا يعتقدون أن هذه الحركة الإخوانية تريد تحرير فلسطين. أقول لكم، كان «أبو عبيدة» المصطنع سعيداً بعد هدم المنازل وقتل الأبرياء، واعتبر العملية الإسرائيلية فاشلة، لأنها استرجعت أربعة من المخطوفين المرتهنين فقط، ولأنها لم تستطع أن تقتل أكثر من 200 بريء فلسطيني، وما داموا فاشلين فهذا يعني أن حماس خرجت منتصرة في النصيرات، فما زالت تحتفظ بالعدد الأكبر من الرهائن، هكذا «تلوى الحقيقة» عند كل «معوّج» يتاجر بأرواح أهله. عنصريون، الإخوان عنصريون منذ أن كتب «حسن البنا» رسائله التوجهية قبل مائة عام، وتبعه بعدها تلاميذه، عندما قالوا إنهم الطائفة المسلمة الوحيدة التي تتبع الحق، وأشاعوا بين أتباعهم «أن من لا يتبع النهج الإخواني دينه ناقص»، أي مستواه أدنى منكم، وبمعنى أدق «ليس من إخوانكم»، فكر يميز نفسه عن الآخرين، لهذا لا يهمه الآخرون، سواء قتل منهم ألف أو مليون، فقط هم من يجب أن يفوزوا، في الدنيا والآخرة! ويقابلهم عنصريون لا يقلون عنهم في التزييف والتزوير وحرف الحقائق،…