الأربعاء ٣٠ أغسطس ٢٠١٧
لن يعود الحوثيون إلى الوراء، ولن يخرج علي صالح من مخبئه حراً. ودعونا نستعد سيناريو الانقلاب على الشرعية، متذكرين أسلوب الحوثيين في خيانة التعهدات والاتفاقيات، فالمشهد ما زال ماثلاً أمامنا، الرئيس المؤقت في مقره، واللجان الوطنية تستكمل اجتماعاتها، والدستور الجديد في مراحله النهائية. وعلي عبدالله صالح معزول، والحوثي يؤكد كل يوم أنه مع الإجماع الوطني وأتباعه يتسللون إلى صنعاء في غفلة من الجميع، ويناوشون هنا وهناك ثم يوقعون اتفاقاً مع الدولة والأحزاب، ومع كل خطوة يوسعون انتشارهم المسلح، ويوافقون على الدستور ثم يخطفون مدير مكتب الرئيس ومعه مسودة الدستور الذي توافقت عليه كل الأطراف في اجتماعات الحوار الوطني، ثم يحشدون الناس احتجاجاً على ارتفاع أسعار الوقود. وينادون إلى تظاهرات سلمية، فإذا بهم يحتلون صنعاء، وخطوة تلو أخرى، يسيطرون على المؤسسات الرسمية حتى يصلوا إلى مقر إقامة الرئيس، فيحاصر ويهدد بالقتل، ويتلاعبون مع المبعوث الدولي، يوقعون اتفاقات بعدم التمدد نحو المحافظات، وفجأة يخطفون عدن وكل مدن الجنوب، ولولا رعاية الله وتدبيره لاختفت الشرعية برمزيتها الممثلة في الرئيس هادي الذي تمكن من الإفلات والحفاظ على المكانة التي يمثلها. بالأمس قيل إن اتفاقاً جديداً قد تم التوصل إليه بين طرفي الانقلاب، وإن علي صالح وافق على عودة الأمور كما كانت قبل احتجاجات ميدان السبعين يوم 24 من الشهر الحالي، وسقط الاتفاق، ثم تلاه…
الثلاثاء ٢٩ أغسطس ٢٠١٧
لم يكن علي عبد الله صالح هو صاحب القرار في الصراع مع الحوثيين وفض الشراكة القائمة بينهما، الحوثيون هم الذين قرروا الاستغناء عن الحليف غير الموثوق فيه، فهم أصحاب أجندة تختلف عن أجندة صالح الذي أصبح عقبة تقف في وجوههم وتؤخر تنفيذهم للمخططات المرسومة في طهران. كان للهزائم التي مني بها الحوثيون والمخلوع في الفترة الأخيرة دور في الانشقاق الذي نراه واضحاً هذه الأيام، فالضربات التي وجهها التحالف العربي كانت موجعة، وخسائرهم في الأراضي والأسلحة والأرواح كانت كبيرة، وصالح الذي كان سنداً أصبح عبئاً على الحوثيين، فهو لا يتردد في خوض المعارك الخاسرة ما دامت توفر له فرصة للانتقام من مدينة احتجت عليه أثناء حكمه، أو من قبيلة لم تقف معه خلال مرحلة السقوط، ولا يمانع أبداً في حرق الأخضر واليابس ليشفي غليله من اليمنيين. بينما ذلك الحوثي يريد مكاسب على الأرض ليساوم عليها، وصنعاء أكبر مكسب يمكن أن يستخدم حتى اللحظة الأخيرة، فالحلقة بدأت تضيق حول أعناقهم، والمواجهة العسكرية مالت كفتها نحو الشرعية، وانقلابهم أصبح في مهب الريح، وابن الشيخ يضغط في كل اتجاه، والحديدة تكاد تنزع من أيديهم، وصواريخهم أصبحت عمياء تتخبط في الأجواء دون أن تصيب هدفاً، ولم يبق غير المسار السياسي. ولم يرغبوا في الذهاب إلى هذا المسار ليطالبوا بنصيب يقسم على اثنين، هم وصالح، فقرروا…
الأربعاء ٢٣ أغسطس ٢٠١٧
يبدو واضحاً أن الإخوان يقفون وراء الحملة المنظمة لإثارة الرعب في أوروبا. عمليات الدهس المتكررة والمتنقلة من دولة إلى أخرى تستهدف زعزعة ثقة الأوروبيين في أنفسهم، حكومات وأفراداً. وحوادث الطعن العشوائي للآمنين في أماكن غير متوقعة يراد منها بث حالة من الشك في كل خطوة يخطوها الأوروبي الذي اعتاد على قضاء أغلب وقته خارج المنزل. أبو يعقوب ومشكاح وغيرهما تخرجوا من المدرسة الإخوانية، سواء تلك الموجودة في بلدانهم الأصلية أو في الدول الأوروبية التي يقيمون بها، ولا علاقة لهم بداعش، والبيانات التي تصدر باسم هذا التنظيم مزورة، فالآلة الإعلامية الإخوانية في الدوحة وإسطنبول ولندن وعواصم ومدن أوروبا هي التي تكتب تلك البيانات وتنشرها باسم داعش. منذ السبعينيات تمركز قادة الإخوان هناك، واتخذوا من عدة مدن رئيسة مقرات لهم، ومن تجارة العقارات وإدارتها انطلقوا، وسيطروا على التجمعات العربية والإسلامية، ومارسوا الأسلوب نفسه الذي اتبعوه في الدول العربية. واستقطبوا أعوانهم من المدرسين وافتتحوا المدارس، وزرعوا الفكر المتطرف في عقول الأطفال والشباب، وبعدها أسسوا مساجد الشقق التي لا يصلي فيها غيرهم، ونشروا المنتمين إليهم في الأسواق، وشغلوا شبكات من السائقين على سيارات الأجرة الخاصة لاصطياد السياح العرب، واختلفت أوروبا في الألفية الثالثة عنها من قبل، ولم تتنبه أوروبا لأولئك الذين يبيعون الفواكه بأشكالهم الدالة على انتماءاتهم، ظناً منها أن خطرهم ينحصر في الضواحي…
الإثنين ٢١ أغسطس ٢٠١٧
القيادة القطرية غير راضية عن الدور الذي قام به الشيخ عبد الله بن علي آل ثاني في قضية الحجاج، ومع ذلك لم تستطع عرقلة سفر مواطنيها لأداء الفريضة في الأراضي المقدسة، ولم ترفض القرارات التي اتخذها الملك سلمان بن عبد العزيز، واختفت فلم يشعر أحد بوجودها خلال الأيام الماضية. تناثرت كل الأوراق التي يستخدمها الإخوان، وضاعت مئات الملايين المدفوعة لشركات العلاقات العامة حول العالم، وما عادت الصفحات الدعائية في كُبريات الصحف الغربية تجدي نفعاً، المتحدثون الرسميون لا يستطيعون إلغاء عبد الله بن علي. والجزيرة لا تجرؤ على المساس به، والأبواق المتمرسة خلف مواقع التواصل الاجتماعي " نبحت " قليلاً ثم صمتت بتوجيهات مباشرة من الأب المخرب حمد بن خليفة، إنهم خائفون من هذا الظهور المفاجئ لكبير آل ثاني، الشيخ ابن الحاكم وشقيق الحاكم وحفيد الحاكم ابن المؤسس، فالكلمة المسيئة سترجع إليهم، والكلمة الطيبة ستكشف حجم ورطتهم، كل كلمة وكل إشارة لهذا الرجل سوف تكون لصالحه وضدهم، مدحاً أو ذماً هم الخاسرون. بعض الأخبار الواردة من قطر تتحدث عن حالة رعب تحيط بمواقع وجود القيادة والجماعات المرتبطة بها، عصابات القرضاوي وغيره من المجرمين الهاربين، وأيضاً تتحدث عن إقصاءات للذين يخشون منهم، خاصة الشباب الذين يعملون في الحرس الأميري. فأغلبهم مُنحوا إجازات مفتوحة، رواتبهم تُصرف في نهاية كل شهر مع جلوسهم في…
الأربعاء ٢١ يونيو ٢٠١٧
ما بين الحقد والثأر نبت قلب متحجر في صدر حمد بن خليفة، كان «الوسواس الخناس» يعمل دون كلل حتى أوغر صدر الأمير الجديد، فمن تخلى عن أبيه وطارده في محاكم أوروبا، يتخلى عن أخيه، ثم يتلاعب بأولاده، يعيّن هذا ويقيل ذاك، ويدفع بثالث إلى الواجهة ليتفرغ هو وقرينه لتدمير ما تبقى من الدول العربية المتماسكة، ولا يمنعه وازع من دين أو أخلاق أو عرف، فقد داس كل القيم الإسلامية العربية الخليجية، وتخلص من اعتبارات البشرية المتحضرة. وللعلم، وجد حمد نفسه أميراً مفلساً بعد أن طعن والده فور أن أدار له ظهره، فكل الأموال كانت مسجلة باسم الأب في بنوك العالم، وكاد أن ينكشف مع نهاية أول شهر له في الحكم، فهو لا يملك رواتب موظفي الحكومة ومصروفاتها، ولم تنقذه إلا الأيادي الحانية، رغم الغضب السائد خليجياً على ما فعله بأبيه، ولكن الأهل وأبناء العم لا يتركون في موقف كهذا، إنهم شعب قطر، نفسه الذي يقال إننا نحاصره اليوم، ذهبت إليهم رواتبهم وما يغطي احتياجاتهم ويفيض، لعدة أشهر، دون منة أو إعلان، وهذه حقيقة لا أملك البوح بتفاصيلها، وهذا الجاحد، عديم الوفاء، حمد بن خليفة يتذكرها جيداً. وما إن سالت الأموال في يد الأمير المغتصب لملك أبيه، حتى بدأ وجه جديد يتكشف لقطر، ولأول مرة في تاريخ الدبلوماسية يضاف إلى قاموسها…
الخميس ٢٢ ديسمبر ٢٠١٦
غاب العرب عن اجتماع موسكو حول سوريا، روسيا وإيران وتركيا هي التي تحدد مستقبل هذا البلد العربي، حتى النظام الحاكم استبعد عن الاجتماع، يبدو أن رأيه لا يهم، أما الجامعة العربية مجتمعة وممثلة في أمينها العام أو بعض الدول الأعضاء بها فلم يكن لها وجود. الدول الثلاث تريد أن تقتسم الغنيمة، فهذه أرض الشام بأهميتها ومكانتها ودورها التاريخي، روسيا تريد قواعد ثابتة تطل على البحر الأبيض، وتركيا تريد اجتزاء مناطق جديدة من الشمال، وكأن ما أخذته من قبل لا يكفي، وإيران تريد هيمنة على الأرض تخدم أغراضها التوسعية، كل واحدة من هذه الدول تتكلم بلسان، ومع ذلك اتفقت على خارطة طريق تؤكد وضع القرار السوري في يدهم، في يد الدول الأجنبية الثلاث، وكأنها أصبحت وصية عليها، هم يتحدثون باسم سوريا، وهم يقررون نيابة عن بشار الأسد، الرئيس الذي اتفقوا على استمراره، وجعلوا كما يدعون محاربة الإرهاب هي الأولوية. هذا المشهد يذكرنا بآخر الخلفاء العباسيين، أولئك الذين كانوا يبايعون ويعزلون بقرار من الفرس المنتشرين في الدوائر القريبة، وانتهى حكم بني العباس، وجاء بنو عثمان، أي الأتراك، وحكموا بالنار والحديد معظم بلاد المسلمين، وفي مقدمتها بلاد الشام والعراق، مئات السنين استمرت خلافتهم، وعندما زالوا اختفت كل مظاهرهم، وبقيت الأرض العربية عربية، دمها ولسانها وانتماؤها. غداً يزول الإرهاب، إنهم مجموعات متشرذمة لا تقوى…
الأحد ٣٠ أكتوبر ٢٠١٦
بعد أن تربع على عرش الشاه، لم ينظر الخميني إلى النعم التي اجتمعت بين يديه، فقد أصبح الرجل الأول في بلاد رزقها الله الخيرات، أرض خصبة تنتج الحبوب والفواكه والخضراوات، ومراعٍ لا تعد ولا تحصى، وأربعة فصول تتوزع على الأرض الشاسعة طوال فترات السنة، وثلاثة بحار تحيط ببلاده، ونفط وغاز وأنهار، وصناعة متقدمة، وتجارة تاريخية مشهود لها. ثروات تجعل الشعب الإيراني في بحبوحة من العيش، فقط كان بحاجة إلى عدالة في اقتسام الرزق، ورعاية لكل شعبه دون تمييز أو انحياز. ولكنه لم يفعل ذلك، تلبسه الطمع، وسيطر عليه الكبر، فنظر إلى البعيد وبدأ بأرض العراق، رغبة في السيطرة على النجف وكربلاء لما لهما من رمزية ومكانة، ولارتباطهما الروحي بطائفة كبيرة من المسلمين، فاختار أن يكون زعيماً للطائفة أو المذهب بدلاً من أن يكون قائداً لوطنه، فهو يعلم ماذا تعني أرض كربلاء، والدور الذي يمثله النجف، فقد عاش هناك سنوات طوال بعد أن طرده الشاه من بلاده، فطمع في الزعامة الشيعية، والتي لن تتحقق إلا بالسيطرة على أرض المرجعية، فافتعل الخلافات مع العراق. ظن أن العراق سيفتح له الطريق إلى الهدف الأكبر. كان الخميني يريد زعامة المسلمين، وجيّش الجيوش، وأطلق أبواق الدعاية العنصرية، وقبل أن يكمل عامه الثاني في الحكم كانت الحرب الإيرانية العراقية قد اشتعلت، فأغرق المنطقة كلها في أزمة،…