الوسواس الخناس وعديم الوفاء

آراء

ما بين الحقد والثأر نبت قلب متحجر في صدر حمد بن خليفة، كان «الوسواس الخناس» يعمل دون كلل حتى أوغر صدر الأمير الجديد، فمن تخلى عن أبيه وطارده في محاكم أوروبا، يتخلى عن أخيه، ثم يتلاعب بأولاده، يعيّن هذا ويقيل ذاك، ويدفع بثالث إلى الواجهة ليتفرغ هو وقرينه لتدمير ما تبقى من الدول العربية المتماسكة، ولا يمنعه وازع من دين أو أخلاق أو عرف، فقد داس كل القيم الإسلامية العربية الخليجية، وتخلص من اعتبارات البشرية المتحضرة.

وللعلم، وجد حمد نفسه أميراً مفلساً بعد أن طعن والده فور أن أدار له ظهره، فكل الأموال كانت مسجلة باسم الأب في بنوك العالم، وكاد أن ينكشف مع نهاية أول شهر له في الحكم، فهو لا يملك رواتب موظفي الحكومة ومصروفاتها، ولم تنقذه إلا الأيادي الحانية، رغم الغضب السائد خليجياً على ما فعله بأبيه، ولكن الأهل وأبناء العم لا يتركون في موقف كهذا، إنهم شعب قطر، نفسه الذي يقال إننا نحاصره اليوم، ذهبت إليهم رواتبهم وما يغطي احتياجاتهم ويفيض، لعدة أشهر، دون منة أو إعلان، وهذه حقيقة لا أملك البوح بتفاصيلها، وهذا الجاحد، عديم الوفاء، حمد بن خليفة يتذكرها جيداً.

وما إن سالت الأموال في يد الأمير المغتصب لملك أبيه، حتى بدأ وجه جديد يتكشف لقطر، ولأول مرة في تاريخ الدبلوماسية يضاف إلى قاموسها كلمة «الوقاحة»، بعد أن ظهر حمد بن جاسم إلى العلن، ونسفت الفكرة التي نعرفها عن وزراء الخارجية، أولئك الرجال الذين اشتهروا بالرزانة والكياسة والأدب، وأول ما ابتدأ به التطاول على مصر، أم الدنيا، سندنا، وامتدادنا الاستراتيجي، وتجاوز كل الخطوط الحمراء في 1997، حتى أوقفه حكيم العرب وميزانها، زايد الخير، طيب الله ثراه، ببضع كلمات أعادت ذلك «المنفلت» إلى حجمه الطبيعي، ولكن سواد قلب حمد بن جاسم كان أكبر من أن يسيطر عليه، وأميره غارق في وساوسه، التي تدس من الحاقد في مكتبه، ومن طالبه الثأر في منزله!!

كان واضحاً أن حمد بن جاسم بوقاحته وكلماته السوقية، وانعكاس ذلك على القناة التي يرأس مجلس إدارتها، أقول لكم، كان واضحاً أنه يؤسس لمرحلة جديدة، وأنه ليس إلا أداة تنفيذ اكتشف بعضهم قدرتها على تحطيم كل الثوابت والاعتبارات، وفور تجمع رموز الإخوان المسلمين في «الجزيرة»، وانتشار الغبار من أي مكان يوجد فيه «بن جاسم»، أو أي موضوع تفتحه القناة للمناقشة، تبين لنا إلى أين يسير هذا الشخص بالأمير «عديم الوفاء» وبقطر الدولة، وبالخليج المنطقة، وبالعرب الأمة المتمسكة بالحد الأدنى من العلاقات.

إنها الأجندة المعدة مسبقاً، حمد بن جاسم ومن بعده حمد بن خليفة كانا ولا يزالان ينفذان أجندة أكبر منهما، نتيجتها واضحة لنا، وأخطارها ما زالت محدقة بنا، إنها أجندة الضياع، فهي مؤسسة على الدم والموت والدمار.

المصدر: البيان