ناصر الظاهري
ناصر الظاهري
كاتب إماراتي

مقابسات رمضان

الجمعة ١٧ يونيو ٢٠١٦

قبل البدء كانت الفكرة: للسنة الثانية على التوالي، يتفوق مسلسل «سيلفي» على نفسه، بكل مجموعته المحببة، خفيفة الظل، وصدق التمثيل، وعميق الطرح، وذلك الذكاء الذي يوقظ في نفسك أشياء، نعجز عن شكر العاملين فيه، لأنهم يوفرون لنا كل يوم ضحكة من الخاطر، وبسمة من القلب، ولا يلغون العقل! خبروا الزمان فقالوا: - «صدور الأحرار، قبور الأسرار». - «الإنسان هو الحيوان الوحيد الذي يخجل: لأنه الوحيد أيضاً الذي يفعل ما يُخجل». مارك توين -«لا يمكن للرجل أن يكون مرتاحاً من دون موافقته». مارك توين -«كل طفل فنان، لكن المشكلة كيف تبقى فناناً عندما تكبر». بيكاسو أصل الأشياء: ممن دفنوا في الشام 26 من الصحابة المعروفين، و11 من التابعين، و55 من السلاطين والأمراء الأيوبيين، و64 من سلاطين وأمراء المماليك، و6 من أهل البيت، وعشرة من خلفاء بني أمية، و12 من سلاطين وملوك السلاجقة والأتابكة، وعدد كبير من الأعلام والمشاهير والفقهاء والشيوخ والعلماء والمتصوفة والشعراء، منهم: خالد بن الوليد وابنه، وأخوه حرملة، وضرار بن الأزور، وأخته خولة، وبلال بن رباح، ومعاوية بن أبي سفيان، وصلاح الدين الأيوبي، وابن العربي.. ويعجز العد، ونقول: دمشق هل من مزيد! عامية فصيحة.. عامية دخيلة: في عاميتنا نسمي ثمرة المانجو «أنّبه أو عمبا»، وهي هندية، لكنها عربية قديمة، ذكرها ابن منظور في «لسان العرب»، وذكرها ابن بطوطة وغيرهما…

قبل مقابسات رمضان

الإثنين ٠٦ يونيو ٢٠١٦

بعض الأشهر، الأماكن، الناس، تفرض جوّها عليك، فتصبح تصرفاتك أسيرة لها، تتملكك بحسن المعشر، وبالخصوصية التي تميزها، كالزائر للمدينة المنورة، لا يمكن إلا أن يكون طيباً مثل ناسها الذين يشبهون أعواد الريحان، كذلك رمضان له نفس الصّفة والخصوصية، لقد مر عليّ رمضان في بلدان كثيرة، طقوسه تختلف من بلد إلى آخر بدءاً من إندونيسيا، وانتهاءً بالمدينة التي لا أحب لندن، حتى المدن الرمادية التي تتنفس رائحة العوادم والمصانع، يستطيع رمضان أن يغلف ليلها بنسائمه، لكن ليس مثل مدن الشرق، والبحر المتوسط تلك التي تعطيك شيئاً منها، وشيئاً من رمضان فيها ومنها، أشياء قد لا تعرفها ولا تميزها، لكنها تنفذ في الداخل، فتمتلئ سكينة وراحة لا تعرف من أين تهب، تذكرت الآن قول أحد المجاهدين أو الفاتحين حين دنت منيّته قال «أكاد أشم ريح الجنة»، رمضان هكذا، له رائحة الجنة، وظل الماء. لقد ارتأيت شأن كل عام منذ ست عشرة سنة خلت، أن يكون عمود كل يوم من أيام رمضان، مختلفاً ومغايراً عن الأيام الأخرى؛ لأن حظ الصحف قياساً بالتلفزيون ومسلسلاته الدسمة المكتظة، والتي يتسابق عليها الجميع، يبدو كئيباً، سأقدم لكم من قراءات سابقة، ومن خزينة مكتبتي، ما أرى أنه يحمل فكرة وفائدة ودليلاً على شيء عميق في الحياة، سيكون العمود أقرب إلى فن المقالة، لا يحمل فكرة واحدة بل فيها…

كلاي.. والزمن

الأحد ٠٥ يونيو ٢٠١٦

بالأمس خرجت من فيلم إنجليزي جميل اسمه «me before you»، وكان يحكي قصة شاب منطلق نحو الحياة إلى أقصاها، يمارس الرياضات، ومتع الدنيا والأسفار، وفجأة يحدث له حادث يصيبه في النخاع الشوكي، وطلب من والديه مهلة ستة أشهر ليقرر بعدها الموت الرحيم، لأنه لم يستطع أن يتأقلم مع حياته الجديدة على كرسي مدولب، وإن كان هناك حب وأمل طرق بابه، لكنه لم يتحمل أن يكون عبئاً، ولا عاجزا، كم تقترب هذه القصة من قصة أسطورة الملاكمة والتحدي الأسود في الرياضة والسياسة والعمل الخيري محمد علي كلاي، الذي سمعت بوفاته بعد مشاهدة ذلك الفيلم، ولعلها الصدف هي التي تتزامن، كلاي ذلك كنّا نرى مبارياته بداية بالأبيض والأسود، ثم الملون، كنّا نسهر الليل بطوله لنستمتع أو بشكل أدق لنشجع ونفرح لفوز كلاي «المسلم»، كانت مبارياته فجرا، يحضرها الصغير والكبير، وكان كلاي يثب كالنمر، ويلسع كالنحلة ويتحرك ويتراقص بخصومه بخفة الفراشة، لكن كلاي ليس الملاكمة وحدها، ولا تحدي اللون الأسود، وفرض انتصاراته، ولا إشهار إسلامه في المجتمع الأميركي، إنما مواقفه من الحروب، ورفضه المشاركة في حرب فيتنام، وقد دفع ضريبتها حينها، لكنه لقي احترام الناس وتقديرهم لنبله. فجأة يصاب كلاي بالمرض الرعاش، وحينها وقع اللوم على الملاكمة ووحشيتها وتلك الضربات التي يتلقاها الملاكم، رغم أن كلاي قليلة الضربات التي تلقاها، لكن واحدة من…

متفرقات الأحد

الأحد ٢٢ مايو ٢٠١٦

الخبر الذي فجرّه وزير الإعلام البحريني «علي الرميحي» أن بلاده كانت في مرمى قصف 40 قناة فضائية مملوكة أو ممولة من إيران، كانت مهمتها التضليل والتشويه الممنهج لإثارة الفتنة الطائفية، والانقسام داخل المجتمع البحريني، معتمدة على بيانات مغرضة تتستر بالغطاء الحقوقي لتحقيق أغراض سياسية، ومن خلال بيانات مغلوطة أو من مصادر أحادية الجانب دون تحري الدقة والمصداقية، هذا الخبر وإنْ كنا نعلم في دول الخليج جزءاً منه، إلا أننا لم نعتقد بحجمه، ومدى تأثيره، ولم نتصد له بسعة انتشاره، إيران اليوم أخطبوط يمد أذرعه الكثيرة، الظاهرة والباطنة، ليحرك الأوضاع، ويستغلها، فيدفع المال النقدي، حيث ينفع الدفع، حتى تعجز دول الخليج مجتمعة دفعه، ويتدخل بأعمال شريرة ملتوية، ظاهرها المغفرة، وباطنها سوء العذاب، لا تقدر دول الخليج بحكم ثوابتها الدينية والأخلاقية وأعرافها السياسية أن تقدم عليها، ويبث مبشريه العقائديين، حيث الفقر والجهل، والمساحات البور، لتجييش الأقوام متى أراد الهجوم والتخريب! السؤال متى نقتنع ببشاعة ما يمكن أن تقدم عليه إيران؟ وماذا نحن فاعلون؟ - لا أحد يشك بذكاء، وفطنة، ودهاء «راشد الغنوشي» الأب الروحي لحركة «النهضة» الإسلامية في تونس، وما يمكن أن يتبعها في الشمال المغاربي، فهو مرة في لندن، ومرة في السجن، ومرة متخفياً خلف الظل السياسي، ومرات في الواجهة، يتكلم في الوطنية، ولا يتعب، ويتحدث عن الدعوة فلا يكل، يمازج…

الذئب الأمّعط

الأربعاء ٠٤ مايو ٢٠١٦

مرة.. وصلت الحالة بمواطن عربي درجة الهذيان، وهستيريا الجنون، فقرر الذهاب إلى طبيب بيطري، ليعرض نفسه، فتعجب البيطري من سذاجة هذا الحيوان الذي يمشي على قائمتين، ويريد مراجعة عيادته، فنصحه بأخصائيين نفسيين، فرجاه المواطن، أن يأخذه بسعة حلمه، وقدر علمه، ورجاحة فهمه، لأنه عومل طوال حياته باعتباره حيواناً من جميع الأطراف، فدهش البيطري، وقرفص يسمع سر قصته، فقال المواطن العربي الأليف: - «لطالما نهضت باكراً كالبعير أبحث لي عن رزقة من السماء: ماء وعشب وكلأ، في العمر الغض، كدّتني الوزارة كَدّ شدائد الإبل، وعند أول عثرة، طردتني من الشغل شر طردة، وقالت: «الباب يوسع جمل»، و«أبعدتني إبعاد البعير الأجرب»! - «طالما عملت كالثور طوال اليوم، فمثلي منذور للحرث والسقاية، ومسؤول عن زيادة عدد القطيع، ولا أحد يتفضل بشكر والحمد، لا مدير، ولا زوجة، ولا بقرة، ولا حكومة، وحين أطيح من العياء والتعب كثور ذبيح، تكثر سكاكيني»! - «الحكومة بالذات تعاملني بدونية، وكأني سمكة نافقة، تريدني ما دامني قوياً، وبعافيتي كخيلها، وحين أحال إلى التكهين، لا أدري أين؟ وكيف؟ ومتى ستطلق عليّ رصاصة الرحمة؟ وتريدني أن أكون مطيعاً، ووفيّاً كالكلب، لذا تصرّ على تجويعي، رابطة العيش بالسياسة، بقطع الرزق، لأنها تؤمن بحكمتها الميكافيلية: جوّع كلبك يتبعك»! - «والزوجة تريدني أن أكون أرنباً في البيت، لا صوت ولا حس يعلو على نَفَسها،…

آهات من بحر الرمل

الخميس ٢٨ أبريل ٢٠١٦

الفرح في عاصمة الظبي الجميل، لا يأتي وحيداً، يأتي مخفوراً بالحب، وأصوات الأصدقاء، ولهفة الشوق، وما تخبئ حقائب الورّاقين من طروس ولفائف ورُقم، وعناوين كتب، يأتي، وأتذكره قبل خمسة وعشرين عاماً، مترادفاً وذكريات من مطر خجول، كان يبلل الخيام المغروزة في قصر الحصن القديم، يحوطه نخيل من تعب الصحراء، وحرقة ملح البحر، كان أسبوعاً كسوق عكاظ، كما تحكي لنا قصص العرب، وخراريف وادي عبقر، فيه.. وله، يقبل جهابذة اللغة، والقابضون على أسرارها، ومكنون بلاغتها، ينشدون قصائد من ماء، ومن لهب، يحضر القصاصون والرواة، والحكائون مخزّنين الدهشة، وسر الجنّيات في حكايا الليل، وما يمكن أن يغزله السرد والنثر من لغة تقتحم أسوار النشيد، وتعتلي بحوره، كاملاً، ورجزاً، ووافراً، ومديداً، وغيرها مما تعرفون، كان أسبوعاً مختلفاً، عارماً بالمحبة، واللقاء، وانتظار ما يخبئون، أولئك القادمون من بقاع العربية، ليعرضوا بضاعتهم التي لا ترد عليهم، ولا إليهم، قاصدين معرض أبوظبي القديم، وكأنه بيتهم، ومضافتهم التي تنوخ عندها ركائبهم من عام لعام. اليوم.. مضت سنوات طوال وغدا معرض أبوظبي الدولي للكتاب، مبهجاً، ويأتي ببهرجة، ورهجة، لعله الزمن الجديد، ولعلها حركة الحياة الواثبة نحو الرقمية والتلاقي عن بعد، والتواصل عبر شبكات غير مرئية، وتلك الأناقة التي تفرضها مكاتب الزجاج، والموظفون اللامعون، غاب الحمّال الأفغاني الذي يمكنه أن يعتل خمسين كيلو جراماً نتعاً، وربما قال هلّ من…

الصداع السياسي

الأحد ٢٤ أبريل ٢٠١٦

يتعرض الزعماء السياسيون لصداع يومي، وإنْ اجتهد المقربون، وحاول المساعدون امتصاص حبوب المسكنات عنهم، ليخففوا من وجع رؤوسهم، إلا أن هذا الصداع قد يتحول لمزمن، بعض من هذه الصداعات يزول الزعيم السياسي، ولا تزول، بل يورّثها للبلد، من صداعات الزعماء السياسيين: ظهور مجلة في بريطانيا قدمت جائزة لمن يكتب قصيدة هجاء في «رجب أردوغان»؛ لأنه يطالب بمحاكمة فنان ألماني «بومرمان» نظم فيه قصيدة هجاء، تحمل إسقاطات جنسية، ملف السب والقذف بحق «أردوغان» منذ أصبح رئيساً فقط، حمل نحو ألفي قضية مختلفة، أي خلال العامين المنصرمين، بمعدل قضيتين ونصف كل يوم، وهي تكفي لأن تسبب له صداعاً مزمناً! أما «الرئيس» اليمني المخلوع، الذي يصرّ أن يبقى رئيساً لليمن وللحزب وللوحدة، وللتحالف الجديد مع الحوثيين، الذي يتوسد 60 مليار دولار، أي ما يساوي الناتج المحلي الإجمالي اليمني السنوي - خلال سنوات حكمه الطويلة - جمعها من مساعدات، ودعم، وخيرات اليمن، فيبدو أن صداعه لن ينتهي؛ لأن البلدان والبنوك صكت في وجهه، وفي وجه أمواله، حيث جمدت، وصودرت، وأكلت منها الحرب الضروس! رئيسة البرازيل «ديلما روسيف» تبدو أنها تعاني الأمرّين جراء مشكلات، وصداعات وتصدعات في البرازيل لم تنته في حكم من قبلها، ولا حكمها، ولا حكم من بعدها، فهل تفضل أن تنهي صداعها اليومي، وتقرّ بهزيمة سياسية، أم تقاوم وتتحمل أوجاعها حتى انتخابات…

المليونير العربي

الإثنين ٢٨ مارس ٢٠١٦

لا أعرف ما هو السبب في تعلق العربي بالعدد الصحيح، لا المكسور، فكثيراً ما يجبر الرقم الذي يحمل كسوراً، ويبلغه للعدد الصحيح، من تلقاء نفسه، ودون أن يطلب منه أحد، فالنعاج التي يملكها، والبالغة تسع وتسعين نعجة، يزيدها نعجة مكتملة النمو، ليصبح عدد النعاج مائة، كرقم صحيح، وطمعاً في المزيد، ووقت المواعيد والانتظار عنده، إما خمس دقائق أو عشر ومضاعفاتها. وهناك شغف عند العربي بالرقم الذي يحمل ستة أصفار، وبالذات المليون، فما من رجل أعمال، وحينما تتضخم ثروته، إلا وتجده في المقابلات التي تعدها مجلات «أدفع للنشر، وأدفع لصورة الغلاف»، يبكي، وينوح، ويتذكر بحسرة أول مليون جمعه، وهو أمر كاذب، فالمليون الأول أسهل من الملايين الأخرى التي تحتاج لجهد أكبر، وتنازلات أكثر، لكن لكي يطمئن الفقراء: «أن لا يأس مع الحياة»، المهم عليهم تجميع المليون الأول، أما كيف هي الطريقة، فلا يتعدى قوله إن أباه أعطاه ورقة نقدية بمائة درهم، لتبتدئ معها رحلة كفاحه المرير، والمليون عند العربي، كأنه تاج من ذهب، رغم أن هناك أرقاماً أخرى أكثر منه، وأجمل. تقوم حشود من المتظاهرين، فيدعوها الزعيم والمتزعم العربي بـ«المليونية»، جائزة الأسواق الحرة، تصر على المليون، سواء بالعملة المحلية أو الأجنبية، «المولات» التجارية أقل جائزة سيارة، ومليون، والبنوك صاحبة بدعة «مليونير الشهر»، وهناك برنامج «من سيربح المليون»؟ و«شاعر المليون» و«شارع المليون»،…

ننظر للأمور من خلالنا

الأربعاء ١٦ مارس ٢٠١٦

نحن نتخيل الحقيقة.. لا نعرفها، لو أن امرأة جميلة وضعت شاشاً قطنياً على إحدى عينيها وأنفها، ووقفت خمس دقائق فقط على مدخل أي مركز تجاري، ترى كيف سيقرأ الناس وجهها المضمد؟ - أول رجل سيمر بسرعة، وحين يتخطاها سيكزّ قليلاً، وبشكل مفاجئ، وكأنه نسي شيئاً ما، ثم سيواصل سيره بمهل أكثر، وقلبه يحدثه بحكايات مشوشة، لكنه خجل من إعادة النظر إليها، سيمضي حاملاً تعاطفاً من نوع ما! - الفتاتان الذاهبتان للسينما، ستهمسان لبعضهما كعصفورتين، وحين تتجاوزانها، ستبدأ الأولى الضعيفة منهما ضاحكة: «خيبه شكلها داعمة جدار»، وسترد عليها الثانية مكملة الضحك: «لا.. شكله ريلّها دابغنها»! - سيمر بجانبها رجل خجول وطيب، وسيتأسف في داخله عليها حد الكدر، ويتمنى لو كان يقدر أن يساعدها لتتجاوز محنتها، سيمر كالريح الباردة جنبها، مع ارتباكة غير مفتعلة، والتفاتة سريعة دون أن يطيل، متمنياً لو أنه يقدر أن يفعل شيئاً! - المرأة المتينة ستحدثها نفسها بأمور بغيضة، وأن تلك الضمادة نتيجة خلاف زوجي مستمر، وهي بالتأكيد في طور الطلاق، وطامح من بيتها، وساكنة عند أهلها! - ثلاثة شبان من المتسكعين، مزودين بستة هواتف ذكية، سيمرون مع واجب الدعم والتشجيع لها: «خطاك الشر.. ليته في عدوك، واللي يبغضك.. والله ما تستاهلين»! - امرأة عيونها مدولبة، وذات حركة سريعة، ستمر جنبها مثل البرق، ثم ستعود راجعة على مهل،…

جدلية الفقر

السبت ١٢ مارس ٢٠١٦

من الصعب معرفة أول فقير على ظهر هذه البسيطة، والأصعب أن نعطي مواصفات لآخر فقير عليها، مسألة الفقر نسبية، وتختلف من مكان ومن زمان، هل الأصل في الأمور والأشياء هي الفقر، والغنى أمر لاحق؟ ربما، والإنسان وحده يدّب على تلك الأرض اللينة في أول خطواته التي يرى فيها أثره، كانت يومها المعادلة متساوية بين الفقر والغنى، فقير للوحدة، وقلة الإمكانيات، فقير للتجربة، وفي الوقت نفسه غني، فكل الأرض مشاع له، وكل الأمور طوع يديه، والأرض رحبة له، ولا محدودية للتملك، متى بدأ خط الفقر، وخط الغنى يظهر، أول ما ظهر حينما عرف الإنسان الأنانية، والغيرة والحسد، وعرف حب التملك، وعرف كيف يقتل، بعدها من كان يملك قطيع ماشية، كان غنياً بعرف ذاك الوقت، ثم أصبح من يملك سلاحاً يحارب به ويصطاد به، ولديه كهف هو الغني، ثم جاء زمن الغني يميز عن الفقير بمقدار ما لديه من القوة والسلطة، والنساء والذرية، ثم اختلفت الأمور بتغير الزمن، فغدا الغني الحقيقي من يملك السحر، وسطوة الدين، وما يبثه في نفوس الناس، من ترغيب أو ترهيب، حتى استأثر بمأمورية الحاكم بأمر الله، ثم تطور الإنسان في بعض الحضارات فصار الغني، من لديه المعرفة والحكمة، والفقير هو الجاهل، من هنا انقلبت الموازين من جديد فصار الغنى المادي والغنى المعنوي، لكن اكتشاف المعادن، والتخلي عن…

تذكرة.. وحقيبة سفر -1-

الجمعة ٣٠ أكتوبر ٢٠١٥

هي صورة قديمة اتخذت لنا، نحن مجموعة من السياح ذات نهار عند قلعة «هايدلبيرغ» الألمانية، الواقعة على نهر الـ «نيكر»، وعلى سفوح جبل «Königstuhl»، أو «كرسي الملك»، والذي استغرق بناؤها من عام (1400 - 1619)، ويوجد في قبوها أكبر برميل للنبيذ في العالم، يصل حجمه إلى 220 ألف لتر. تبدو اليوم الصورة باهتة قليلاً، وتميل للبني الفاتح، والتي حظي كل منا بنسخة منها مقابل «ثلاث ماركات» في حينها، وبالاتفاق بين الشركة السياحية، ومصور الساحة، والذي يدفع ضريبته بانتظام للبلدية، كان وقتها في الستين ويزيد، ويستعمل كاميرا ألمانية بالتأكيد «هاسلبلاد»، وفلماً من المقاس العريض. جلوساً من الجهة اليمنى ياباني وزوجته، وأبوها الذي كان يعتمد على كرسي متحرك، وأجزم أنهما ما زالا يهرمان مع بعضهما، بعدما ودعها أبوها بعد تلك الرحلة بسنوات، أو دخل دار العجزة باختياره، تاركاً لهما متنفساً في البيت العائلي الذي بالكاد يفي بالحد، زوجان من أميركا اللاتينية، يبدو الرجل متزوجاً متأخراً بفتاة تصغره، ويبدو أنه زواجه الثاني، بعد فشل واضح من الزواج الذي كان معتقداً أنه عن حب، ثمة خيانة مخفية في المسألة، بدليل استعلائه على الزوجة الجديدة، وتعامله معها بفحولة كاذبة، وحقيقة لا أعتقد أنهما معاً حتى الآن، فلا الفتاة كانت مقتنعة كثيراً، ولا هو كان ينشد بيتاً عائلياً، باكستاني شاب مع زوجته الجميلة، المتحنية، والوحيدة التي…

أماني العيد

الخميس ٢٤ سبتمبر ٢٠١٥

* أول الأمنيات نزفها للوطن الإمارات، منبت الخير، والمحبة، ودار الود، والأمان على الجميع، يحق لها في هذه الأيام المباركة أن تهجع لتعيش فرحتها، فقد كانت أياماً صعبة من الصبر، والاحتساب، ومكابدة الألم من أجل أهداف أسمى وأغلى، أمنية العيد أن تبقى أيها الوطن سعيداً بأناسك المخلصين، مواطنين ومقيمين، ولا نفرق، فالجميع تحت سماء الإمارات يرفعون راية الحب، وينبذون الشر، ومعنى الكراهية، وأن يُغدر بالإنسان. * ثاني الأمنيات للقائد صاحب السمو الشيخ خليفة، رئيس دولتنا، وتاج رؤوسنا، به نفخر، وله نلبي، داعين له بدوام الصحة، وموفور العافية، ويمده الله بعونه، ويسدد بالخير خطاه، وأن يرعاه، ويجعل طائره السعد، وضحكته الوعد، وله ومنا صادق العهد. * ثالث الأماني لأصحاب الشرف والسمو، الشيخ محمد بن راشد، والشيخ محمد بن زايد وإخوانهما أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات، ليعيد عليهم العيد، وهم يرفلون بأثواب الصحة، ونعيم السكينة والطمأنينة، وأن يديم الخير الذي له يسعون، والكرامة للوطن والناس التي ينشدون، لهم التوفيق والرعاية والعون من المولى الكريم، والسند والعضد من أناسهم الذين راهنوا عليهم، وبرهنوا لهم. * رابع الأماني لأهل الوطن الطيبين، أولئك الذين ما زالوا يعني لهم الوطن كل هذه التضحيات، وكل صعاب الوقت، والتعب، وتخطي الملمات، من أجل أن تكون الإمارات هنا.. وهنا، وهناك، عوناً للأخ، وسنداً للشقيق، وذخراً للصديق. * خامس…