الثلاثاء ١٨ يوليو ٢٠١٧
خرجت علينا هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قبل أيام بإعلان رسمي عن مناقصة لدراسة علمية عن ظاهرة التبرج والسفور في المجتمع. الهيئة تراجعت عن عزمها إجراء هذه الدراسة العظيمة، التي حقيقة لا أعرف سبب عزم الهيئة على أجرائها من الأصل، إضافة إلى وصفها بالظاهرة والوصول إلى نتيجة الدراسة قبل إجرائها لو تم. البعض طرح أن مثل هذا العنوان استفز شريحة كبيرة من المجتمع، وكان سبباً لإلغاء هذه الدراسة. علينا الإيمان بأن هناك قضايا دينية حولها خلافات فقهية، ولكن باعتقادي أن المتشنجين من خروج المرأة في مشهدنا الاجتماعي هم أصلاً ضد عملها، على رغم وجود كل الاشتراطات التي حددتها الجهات الرسمية التي تحمي المرأة في أماكن العمل، وكلنا يتذكر التجمعات ومقابلة وزراء العمل للاحتجاج على توظيف المرأة في مجالات تعمل بها المرأة في كل دول العالم. أتحسر على وضع بعض جهاتنا الحكومية واهتماماتها في صرف الملايين لدراسات غريبة عجيبة هي ضد أبسط حقوق البشر حول كيفية لبسهم، ومن ثم نطلق الأحكام عليهم من أشكالهم الخارجية، في الوقت الذي نقرأ فيه كل يوم بالصحافة العالمية عن اختراعات علمية وطبية تخدم البشرية، ونحن مازلنا نلف وندور حول كيفية لبس المرأة وكأن ذلك يهدد السلم الاجتماعي. علينا أن نحترم خيارات الإنسان البسيطة، وأن نحترمها، وهذا ليس بالأمر الصعب، ولكن المسألة لها علاقة بالتشدد…
الثلاثاء ١١ يوليو ٢٠١٧
بدأت مدننا تتنفس الحياة والفرح بعد سنين من العزلة الفنية عن العالم المحيط بنا، وذلك من خلال عودة الحفلات الغنائية لبعض الفنانين السعوديين والخليجيين والعرب وبعض الفرق الموسيقية الغربية التي «شدت» بموسيقى عالمية في العاصمة الرياض، ولا أنسى الحفلة الغنائية للعائلات، التي أقيمت في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية، وآخرها الحفل الذي نقل على بعض القنوات التلفزيونية من أبها وحضره وشاهده الملايين. هذه الانطلاقة الفنية الجديدة في المملكة لا شك أن لها انعكاسات إيجابية على المجتمع المحلي في نواحٍ عدة، فمرحلة مطاردة فنانينا في الحفلات التي كانت تقام في الخارج انتهت إلى غير رجعة، وهذا سيعزز من حضور الأغنية السعودية في الداخل والخارج، والذي كادت أن تفتقده في السنوات الماضية، ولا شك في أن صناعة الفن ستزدهر لدينا، وهي أحد الروافد الاقتصادية المهمة، على رغم أن البعض يقلل من ذلك ليس لأسباب منطقية، ولكن لأسباب مؤدلجة معروفة للجميع، بحيث نجد رموز من يعارضون الفن والموسيقى لدينا يرفعون شعار الخطر على منظومتنا الأخلاقية، بدواعي خطورة الاختلاط والتغريب وباقي الأسطوانة المعروفة، وللأسف أن هذا الخطاب المتشدد خطف عقول الكثير منا، وأوجد تناقضات في شخصية البعض منهم، فهؤلاء مثلاً لا يمانعون في حضور الحفلات والسينما في دول قريبة منا، بل إن بعضهم يحضر مهرجانات مختلطة، وبحسب طرحهم يبررون ذلك والجماهير تصدقهم، كل ذلك بسبب…
الثلاثاء ٢٧ يونيو ٢٠١٧
قرار الملك سلمان بن عبدالعزيز بتعيين الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد هو بكل المعايير نقلة نوعية في تاريخ المملكة، وانعكاساتها على الداخل السعودي والعربي ستكون إيجابية. هذا التعيين لشاب من جيل أحفاد المؤسس هو بداية للدولة السعودية الرابعة، فالمملكة كما يعرف الجميع لديها ثروات هائلة، وأنا أتحدث عن العوامل البشرية والجغرافية والدينية، وكلنا يعرف أنه في حال أدارتها بشكل علمي وعصري، فإن بلادنا ستكون في مصاف الدول المتقدمة، ووصول الأمير محمد بن سلمان إلى هذا المنصب له حاجة ماسة لتفعيل الإدارة للنهوض بالمملكة، لما عُرف عنه من إيمان بالتغيير وتبني الرؤى المستقبلية، وما يدل على ذلك رؤية المملكة 2030 التي أعلن عنها أخيراً، وقيامه بطرح مشروعه في وسائل الإعلام الأجنبية والمحلية وفي لقاءاته مع النخب في المجتمع السعودي. لا أبالغ إن قلت إنه من رموز السياسة وتبنى مشروع التغيير بأبعاده المتعددة ولم يصمت، بل إنه نزل إلى الميدان مبشراً به، وقد شرفت قبل أشهر مع مجموعة من الكتَّاب بتلبية دعوة منه وقضينا فترة امتدت ساعات، ولم يكن فيها سقف محدد للنقاش، بل الكثير من النقد والتأييد، ولم يبدِ أي اعتراض على نوعية الأسئلة المطروحة، بل إنه كان وللأمانة التاريخية يجيب عنها كلها ولا يعني هذا الموافقة، بل إنه يناقش بطريقة مقنعة ومؤمنة بمشروعه، ويعطي مساحة للطرف الآخر ليقول ويعبِّر…
الثلاثاء ٠٩ مايو ٢٠١٧
إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن أول زيارة خارجية له بصفته رئيساً لأميركا ستكون إلى السعودية، لها دلالات سياسية واقتصادية مهمة على صعيد المكانة التي تحتلها السعودية على المسرح الإقليمي والدولي، إلى جانب أهمية العلاقة بين الرياض وواشنطن. وعلى رغم أن العالم العربي يمر في حال من الفراغ وعدم الاستقرار الأمني منذ بداية الربيع العربي إلا أن الرياض والمنظومة الخليجية تصدت ودافعت عن المصالح العربية بكل ما تملك من جهد، سواء أكان سياسياً أم اقتصادياً أم عسكرياً، منطلقة من مبادئ أخوية عربية ومن الدفاع عن مصالح الشعوب العربية من بعض التدخلات الدولية والإقليمية، وخصوصاً من إيران والتي للأسف تستغل بعض القضايا العربية والإسلامية وتتاجر فيها، مثل ادعائها الدفاع عن بعض الأقليات في العالم العربي، أو مزايدتها بالقضية الفلسطينية، وكلنا يذكر التهديد والوعيد الإيراني لإسرائيل ولكنها وعود تطير في الهواء وكلنا يتذكر موقف النظام الإيراني إبان الحرب على غزة فكل ما قامت فيه هو تجييش إعلامي من قنواتها الناطقة بالعربية لتأليب الرأي العام العربي على حكوماتها وتصوير هذه الأنظمة بأنها خائنة للقضية الفلسطينية، وللأسف أن هذا الخطاب انطلى على بعض النخب والجماهير العربية، ولكن الوجه الحقيقي الذي يدعي الممانعة والدفاع عن المظلومين في العالم انكشف زيفه عندما تدخلت طهران إلى جانب نظام الأسد ضد ثورة شعبه السلمية. إيران وحلفاؤها باعتقادي هم…
الثلاثاء ٠٢ مايو ٢٠١٧
هبت هجمات الصحويين كالعادة على شكل قذائف منظمة - والصحويون على دراية بمثل هذا العمل الذي يشبه التنظيمات الحزبية - على حديث رئيس هيئة الترفيه لوكالة «رويترز» للأنباء، الذي تحدث فيه بشكل واقعي ومنسجم مع ما طرحته رؤية المملكة 2030، إذ تناولوا إشارته إلى أن من لا يرغب في برامج الترفيه ومنها السينما، يجلس في بيته، وحاولوا أن يقوّلوه غير ما قصد، فالمعنى واضح لمن يريد أن يعرف المغزى، فقطار الترفيه لن يتوقف، والسينما ودار الأوبرا قادمة في يوم ما، والذي أتمنى أن يكون قريباً جداً. من يستمع إلى خطاب الصحويين يعتقد أن القصد هو إقصاء البعض واستبعادهم من هذا المشروع، ما أفهمه أنا أن الأنشطة الترفيهية والسينما والحفلات الموسيقية ليس مجبراً من لا يريد أن يحضرها، وقد يفضل قضاء وقته في منزله وهذا خياره الذي يجب أن يحترم، كما أنّ استغلالهم مثل هذه المفردة، التي أتت في حديث رئيس هيئة الترفيه يعتقد أنهم دعاة اختلاف وتنوع، وهم من مارس الإقصاء ودفعوا الأسر إلى الانكفاء في المنازل، في وقت كان المشهد الاجتماعي تحت سيطرتهم في مخيمات صيفية لا نعلم ما كان يقام فيها من أنشطة، إذ اكتشفنا أخيراً أنها كانت مراكز لتغذية التشدد الديني في المجتمع دفعنا ثمنها جميعاً لاحقاً. وبعض الأسر (وهي نسبة كبيرة) للخروج من سيطرة تلك الجماعة…
الثلاثاء ٢١ مارس ٢٠١٧
حظي الجانب الترفيهي في رؤية المملكة 2030 باهتمام لافت لزيادة مستوى السعادة في المجتمع السعودي، وكانت الهيئة العامة للترفيه هي الذراع المنفذة لهذه الخطة الترفيهية، والحقيقة أن هذه الهيئة الوليدة حققت في فترة وجيزة منجزات حركت المياه الراكدة في مجتمع تعود على نمط ممل وبطيء وطارد للفرح والسعادة لعقود طويلة، والنتيجة للأسف كارثية على جميع الصعد الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، فالكل منا ينتظر أية إجازة للهرب من البلد إلى الدول المجاورة، ليس لممارسة سلوكيات خارجة عن المألوف، بل لمشاهدة فيلم سينمائي، أو مسرحية، أو حفلة غنائية لفنانين معظمهم سعوديون، أو لقضاء وقت ممتع في مطعم مع العائلة في أجواء طبيعية من دون حواجز مغلقة تعزل البشر عن بعضهم كما هو معمول به في مطاعمنا، وكأننا ذئاب بشرية جاهزة للانقضاض على فرائسها في أقرب فرصة. هذه البيئة الطاردة لها أسباب عدة، منها السياسي والديني، ولن أطيل في بعض الحوادث السياسية التي مرت بنا وجعلها البعض شماعة، وسبباً لتوقف الحياة والترفيه والسعادة وثقافة الانغلاق للأسف، والتي خلقت حالة هشة جعلت بعض التيارات الإسلاموية السياسية تختطف المجتمع وثقافته وتحرم كل شيء بدواعٍ دينية، وهي تنطلق من تفسيرات ضيقة للدين، فحرمت الموسيقى والفنون، وخلقت أشكالاً مشوهة له من مسارح نسائية وأخرى رجالية، وهي حالة محلية فريدة من نوعها في العالم، والغريب أن من حاربوا الفنون…
الثلاثاء ٢٤ يناير ٢٠١٧
الرئيس الأميركي الـ45 دونالد ترامب وفي حفلة تنصيبه الجمعة الماضي، أكد قناعاته ووعوده التي رددها في حملته الانتخابية بالقضاء على الإسلام «الراديكالي» وإزالته من على وجه الأرض. هذا الشعار كان له تأثير بمثابة السحر على قلوب الناخبين الأميركيين، وقد يكون من القضايا التي رجحت فوز ترامب بكرسي الرئاسة، خصوصاً بعد حوادث إرهابية ضربت بعض العواصم الأوروبية والمدن الأميركية وتبناها تنظيم داعش، وكلنا يتذكر اتهامات الرئيس ترامب لإدارة أوباما السابقة ووزيرة خارجيتها هيلاري كلينتون بأنهم هم من أسس ويدعم داعش، إلا إذا كانت تلك الاتهامات تدخل في السباق الحميم للفوز في تلك الانتخابات. تأكيد ترامب على تنفيذ هذا الشعار والوعد الانتخابي بالقضاء على الإسلام الراديكالي قد يثير مخاوف كثير من الشعوب الإسلامية والدول العربية عن الكيفية التي سينتهجها ترامب لتحقيق هذا الهدف. حتى الآن لم تكشف الإدارة الأميركية الجديدة عن الكيفية التي ستتعاطى بها مع هذه القضية المعقدة، هل ستكون على شكل حروب وتدخلات عسكرية لضرب التنظيمات الإرهابية مثل داعش والقاعدة والحركات الجهادية الأخرى في المناطق التي تحظى بحاضنات اجتماعية وثقافية، خصوصاً في بعض الدول العربية كما الحال في سورية والعراق وليبيا واليمن، أو في دول إسلامية مثل أفغانستان وباكستان وتركيا. السؤال، هل ينجح الحل العسكري هذه المرة؟ ولماذا فشل التحالف الدولي الذي قادته واشنطن للقضاء على داعش، المكون من أكثر…
الثلاثاء ١٧ يناير ٢٠١٧
< في مقدمة كتابه «برنارد شو» يعرض المفكر سلامة موسى حياة برنارد شو وأعماله ويقول: «إن الأدب يجب ألا ينفصل عن المشكلات الاجتماعية والسياسية، أي يجب أن يعبّر عن شؤون المجتمع والارتقاء بالشعب نحو القيم الإنسانية، وفي آراء برنارد شو ما يحل هذه المشكلات، وقد يجد فيها أصحاب العقول المقفلة كفراً بالعقائد والأخلاق، وهذه ليست سوى عادات اجتماعية والالتزام بها يعد تجمداً وإعاقة للتطور». ويشير سلامة موسى إلى أنه قلّ أن نجد عظيماً في شأن من الشؤون البشرية إلا وله هوسة أو لوثة أصابته في شبابه من حيث التسليم بالقواعد الاجتماعية والسياسية التي يعايشها، ويحاول أن يتنكر لنظام مجتمعه أو نظام حياته. في 1881 ظهر رجل أميركي في لندن به لوثة يدعى دافيد سون، دعا إلى ما يسمى «الحياة الجديدة»، وكان لهاتين الكلمتين إغراء له قوة السحر في النفوس، وفكرته أنه يجب أن نحيا حياة جديدة لها قيم جديدة تلغي التقاليد والعادات القديمة، ومن تلك القناعات أن نكتفي بقناعة العيش الزاهد، وألا نتزوج إلا عن حب، وألا نعامل إلا بالعدل، وألا نسكن إلا بالأكواخ، ولم ينجح دافيد سون في إقامة مجتمع على هذه القواعد، ولكنه نجح في إنشاء جمعية يرتبط أعضاؤها بالبيئة، والعزم على أن يحيوا حياة جديدة. ماتت هذه الجمعية، ولكن خمائرها بقيت تنمو أفكاراً حية فيها تلك المعاني…
الثلاثاء ١١ أكتوبر ٢٠١٦
عندما كان الوضع الاقتصادي يعيش حال رخاء، كانت الكثير من قضايانا الاجتماعية مُرحلةً إلي زمن مُقبل، فالكثير منا كان يعارض عمل المرأة وقيادتها للسيارة، لأن الأسرة السعودية كان دخلها مرتفع وتستطيع تحمل تكاليف إحضار سائق يكلّفها مبالغاً طائلة لاستقدامه، أو استئجاره من شركات الاستقدام المحلية، والذي يصل راتبه الشهري حوالى 3 آلاف ريال، إضافة إلى مصاريف السكن والكهرباء والمياه، ونحن نعرف أن أسعار هذه الخدمات ارتفعت بشكل كبير في الأشهر الأخيرة. ويظل السؤال مطروحاً؛ لماذا يستمر منع المرأة من قيادة السيارة في مجتمعنا؟ تغيرت الظروف الاقتصادية وأصبحت ضاغطة بشكل واضح، وستكون ضاغطة أكثر في المرحلة المقبلة، وعلى الجهات الرسمية التي اتخذت قرارات بإيقاف بعض البدلات على موظفي الدولة، وهم في الغالب من الطبقة المتوسطة، اتخاذ قرارات جريئة في ملفات اجتماعية ولها انعكاسات اقتصادية على المجتمع، فالمسألة لم تعد خصوصية محلية كما كان يدّعي معارضوها في الماضي، إذ لم يعد مقبولاً أن يتم خفض مداخيل الأفراد بنسبة تصل إلى النصف في بعضها والتردد في حسم قرارات اجتماعية مثل قيادة المرأة للسيارة وقضية الترفيه ومنها السينما، والتي فاجأنا رئيس هيئة الترفيه أن موضوع السينما ما زال ممنوعاً ومحل الدراسة، فقط نحتاج توازناً في القرارات في مشروع «الرؤية»، فلا يمكن أن تكون فقط اقتصادية بحتة، إذ إن لها انعكاسات اجتماعية خطرة، فإذا كنا…
الثلاثاء ٢٠ سبتمبر ٢٠١٦
في كتابه «أوهام الإسلام السياسي» الصادر باللغة الفرنسية عام 2002، الذي قام بتعريبه المؤلف الدكتور عبدالوهاب المؤدب والمفكر المغربي محمد بنيس. يناقش المؤلف ويحاول الغوص في إشكال التخلف الذي يعيشه العالم العربي - الإسلامي في هذه الحقبة، والأسباب الفكرية التي أوصلت المسلمين إلى هذه الدرجة من النكسة والفشل، على رغم الإمكانات البشرية والطبيعية الهائلة، والعوامل الثقافية المشتركة، إلا أن الحالة عصية على الانعتاق والدخول في عصر التحديث، ويشير المؤلف إلى أن المسلمين يرجعون سبب تخلفهم في عصرنا على الآخر الأجنبي، والمؤلف لا ينفي هذا السبب منذ الحروب الصليبية وهجمات المغول والمرحلة الاستعمارية في ظل الإمبراطوريات الغربية خصوصاً البريطانية، وصولاً إلى المرحلة الإمبريالية المتمثلة في الولايات المتحدة، ولكنه يرى أن هذه الأسباب الخارجية ليست كل الداء، بل هي من محفزات التخلف الذي نعيشه، ولكن الداء هو «ما فعله المسلمون أنفسهم بالإسلام» ويستشهد بما عبره عنه المفكر والفيلسوف سبينوزا بقوله: «إن عافية المدن ونجاتها تكون في ممارسة التفكير والتعبير عنها»، وهذا ما جمّد المدن العربية والإسلامية في ظل غياب هذا الشرط. وعودة إلى ما فعله المسلمون بالإسلام يؤكد المؤلف أن «الداء» الذي أصاب الإسلام هو «الأصولية» الإسلامية، أي التفسير الحرفي للنص، مما يعني تغليب النص على العقل، ويضرب مثالاً على ذلك في مسألة الجهاد في الإسلام، فهناك من يضعه في منزلة الأركان…
الثلاثاء ٠٦ سبتمبر ٢٠١٦
في خضم الصراعات الدموية والقتل والفوضى الخلاقة وغير الخلاقة في عالمنا، هناك إضاءات تُفرح وتبعث الأمل والسرور إلى النفس في منطقتنا، بعيداً عن الهموم والوصاية من البعض باسم الدين؛ كيف نفكر؟ أو ماذا نقرأ أو نشاهد؟ يبدو أن التيارات الظلامية مشغولة في مشروعها التدميري، وأعطت فرصة ومساحة أن نشهد ولادة مشاريع ثقافية ذات صبغة إنسانية منفتحة على العالم بروح العصر ضد دعاة التعصب والانعزال في عالمنا العربي، ومثل هذه المؤسسات والمشاريع الثقافية هي إحدى الوسائل الفعالة لمحاربة التشدد والإرهاب الذي اختطف مشهدنا الثقافي من خلال دعاته وقنواته التلفزيونية، التي تبث فكر الإقصاء والتكفير صباح مساء؛ ومن ثم نتساءل نحن في مؤتمراتنا أين يكمن الخلل؟ الإمارات العربية المتحدة كما دول الخليج الأخرى تعمل على تنمية مجتمعاتها، وتحاول أن تنأى عن التشدد والتطرف، ونجحت حتى الآن في هذا المسعى، ولكن الجميل في هذا المشروع الخليجي هو ما عملت عليه إمارة دبي بإنشاء «دار أوبرا» تم افتتاحها الأسبوع الماضي في عرس ثقافي بهي، وقدمت فيه فرقة عالمية أول عروضها. تابعت افتتاح هذا الحدث الثقافي في وسائل الإعلام الخليجية، وشدني الطراز المعماري لدار «أوبرا دبي»، التي صممت على شكل المراكب البحرية «الداو» المصنوعة من الخشب، التي كانت تجوب الخليج منذ آلاف السنين في رمزية إلى أهل الخليج. لا شك أن «أوبرا دبي» هي إضافة…
الثلاثاء ٣٠ أغسطس ٢٠١٦
في منطقة محافظة وبيئة منغلقة، كان لرواد الفن الشعبي دور رائد في المسيرة الفنية الغنائية في المنطقة الوسطى قبل الطفرة النفطية في سبعينات القرن الماضي، وكانت أسطوانات الفنانين الشعبيين من حجاب وخلف بن هذال ومفرح الضمني وسالم الحويل وسلامة العبدالله وفهد بن سعيد وغيرهم هي النافذة التي يطل من خلالها ذلك المجتمع على الفن ويستمتع به، إضافة إلى حضور بعض الحفلات الغنائية في بعض الأندية الرياضية. وأتذكر أنني ومع بعض أبناء قريتي كنا نقطع المسافات لحضور حفلات السامري في ملعب السويل في مدينة عنيزة نهاية كل أسبوع. ما إن أطلت علينا الصحوة أو الغفلة بشيوخها، حتى خطفت كل شيء جميل في المجتمع، وصوّرتنا وكأننا نعيش حالة جاهلية للأسف، وأتذكر أن المسافر في المنطقة الوسطى لا يجد أسطوانات للفنانين الشعبيين الذين تعود على سماعهم من قبل في أي من المدن أو القرى التي يمر بها في سفره. حرَّموا الغناء والفن بالمطلق، وأصبحت التسجيلات الإسلامية هي بديل التسجيلات الفنية، ودفعوا لأصحاب تلك التسجيلات المبالغ الطائلة حتى يسيطروا عليها، وأصبحت ظاهرة التسجيلات الإسلامية هي السائدة حتى فترة قريبة. في سياق مناهضة الغناء والفن في تلك المرحلة الظلامية، تراجع العديد من الفنانين الشعبيين عن الغناء، واعتزلوا فنهم، وكان إعلام الصحوة يطلق على من توقف منهم مسمى «التوبة»، في دسٍّ وتمرير واضح أن ما كان…