الجمعة ٠٤ يوليو ٢٠١٤
حرص مسعود بارزاني على استقبال جون كيري في أربيل بتصريح ناري بأن «العراق لن يعود إلى ما كان عليه»، لكن الأمر ليس مفاجئا، فتلك عملية يعمل عليها الأميركيون منذ نزولهم العراق واتخاذ بول بريمر أول قرار مدروس جدا، وهو حل الجيش العراقي تأسيسا للفوضى الأمنية. ولم يكن أحد ليصدق أن هناك كثيرا من اللّعاب الإقليمي الذي يسيل في تل أبيب وأنقرة وطهران، أمام فرضية دفع العراق ليكون بوابة «تسونامي التقسيم» الذي يهدد المنطقة، لكن التطورات الدراماتيكية في الأسبوعين الماضيين كشفت أن انزلاق العراق إلى حافة التقسيم لم يكن سوى نتيجة حتمية لممارسات مدروسة ومخطط لها وراء أبواب مغلقة! وهكذا تتوالى الفصول التي لا يمكن أن تصدق إلا إذا نظرنا إليها بصفتها سلسلة من الخطط المرسومة التي ستنتهي باقتسام الكعكة العراقية، بعدما جرى ترسيخ التقسيم السيكولوجي بين المكونات العراقية على خلفية سياسات الإقصاء والانتقام والتنكيل المذهبي التي تولاها رجل إيران، نوري المالكي، وهو ما أيقظ بركانا من الكراهيات والأحقاد المذهبية التي انفجرت دفعة واحدة، ما يدفعنا إلى طرح جملة من الأسئلة الضرورية: أولا: هل كانت تصرفات المالكي الساذجة ضد المناطق والعشائر السنية بعيدة عن أعين الإيرانيين والأميركيين؟ بالتأكيد لا، إذن لماذا لم يجرِ تصويب ممارساته بما يساعد على قيام العراق الجديد، ولطهران كما لواشنطن تأثيرهما عليه؟ ثانيا: هل يمكن أن نصدق…
الجمعة ١٤ فبراير ٢٠١٤
«أوباما والسعوديون» كان هذا عنوان افتتاحية صحيفة «التايمز» البريطانية، التي أرادت أن تعطي أهمية كبيرة للقمة السعودية الأميركية المنتظرة، بعد إعلان البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي سيزور الرياض في النصف الثاني من مارس (آذار) المقبل للقاء خادم الحرمين الشريفين. وقد أبرزت الصحيفة مقطعا جاء فيه: «الزيارة إلى السعودية خبر طيب، يجب أن يطمئن أوباما السعوديين إلى أنه لن يهجرهم»! «يهجرهم»؟ هذا التصوير ينطوي على خطأ مزدوج؛ أولا لأن السعوديين لا يتملكهم الذعر، بل الاستياء من التحول المتزايد في سياسات أميركا وفي قواعد نظرتها الاستراتيجية إلى الإقليم، وثانيا لأن أوباما لا يهجرهم بل يهجر مصالح بلده في منطقة طالما كررت واشنطن أنها «حيوية للأمن القومي الأميركي». عندما اختار أوباما أزمة الشرق الأوسط لتدشين سياسته الخارجية على قاعدة «التغيير» الذي رفع شعاره، حرص على أن تكون السعودية بوابته الرئيسة إلى المنطقة، فزار الرياض في يونيو (حزيران) من عام 2009 قبل أن يصل إلى القاهرة لإلقاء خطابه الزهري عن الالتزام بقيام الدولتين، مذكرا بأهمية العلاقة مع السعودية للأمن القومي الأميركي، وبأن «مبادرة السلام العربية»، التي اقترحها خادم الحرمين الشريفين في قمة بيروت عام 2002 وأقرتها القمم العربية تباعا، تشكل قاعدة للتسوية العادلة. الاضطراب المتزايد الذي أصاب أخيرا هذه العلاقات الاستراتيجية، جاء نتيجة تحولات سلبية في السياسة الأميركية إزاء مجموعة كبيرة من الملفات والتطورات…
السبت ٢٥ يناير ٢٠١٤
كل ما تمكن الاخضر الابرهيمي من تحقيقه حتى الآن هو اقناع الوفدين السوريين بعدم رفع الاعلام لا علم النظام ولا علم المعارضة . يبدو الامر شكلياً الا ان له مدلولا وبعدا سيكولوجيا على الاقل لأن هذا يوحي بأن النظام يقبل ضمناً بفقدان حصرية الكلمة ووحدانية التمثيل! لم نكن في حاجة الى تصريح احمد الجربا ليبلغنا ان سيرغي لافروف يقول"ان موسكو ليست متمسكة بالاسد "، فقد سبق ان لمّح الروس الى هذا، وقبل الذهاب الى جنيف كان معروفاً ان المسألة في العمق عندهم كما عند الايرانيين، ليست متوقفة على شخص الاسد، بل على حصة كل منهما من كعكة النفوذ والعلاقات مع النظام الجديد، فالمهم ليس مستقبل الشخص بل مستقبل العلاقة مع سوريا الجديدة ! ولم يكن احد في حاجة الى الجربا ليبلغه "ان بشار الاسد بات صورة من الماضي"، فالحسابات السياسية البسيطة عند الذين دعموا الاسد وتمسكوا به حتى الآن، تقول انه لا يمكن الحفاظ على المصالح والاحتفاظ بكعكة النفوذ في سوريا مع رئيس اثبت مؤتمر جنيف كم هو وحيد ومعزول وكم هو مطالب بالرحيل. حتى وليد المعلم وهو ديبلوماسي عريق، يعرف ضمناً انه بات يقاتل عن نظام فاقد الصلاحية والشرعية، فبعد طوفان المأساة وعشرات آلاف القتلى وملايين المشردين لا يمكن قطعاً، حتى للروس والايرانيين التوهم ان في وسعه ان يستمر…