الأربعاء ٢٠ سبتمبر ٢٠٢٣
خاص لـ هات بوست: هل سمعتم ب "إراتوستينس القوريني"؟ قرأت عنه مؤخراً، وفق "ويكيبيديا" هو عالم رياضيات وجغرافيا يوناني الأصل، ولد عام 276 قبل الميلاد أي منذ ما يقارب 2300 عام، كان كبير أمناء مكتبة الاسكندرية، واشتهر بأنه أول من توصل لحساب محيط الكرة الأرضية، عبر ملاحظة أن الأعمدة في أسوان ليس لها ظل وقت الظهيرة عند الانقلاب الصيفي، بينما ذات الأعمدة في الاسكندرية لها ظل في الزمان نفسه، فاستنتج أن الأرض كروية واستطاع من خلال قياس طول الظل وطول المسافة بين الاسكندرية وأسوان الوصول لحساب محيط الأرض. وفيما كان رائد الفضاء الإماراتي "سلطان النيادي" يتحدث للصحفيين عن رحلته إلى الفضاء والتجارب التي شارك بها في مجالات علمية مختلفة، ورؤيته للكرة الأرضية من الفضاء والصور التي التقطها وقام بمشاركتها للمتابعين أثناء رحلته، كان هناك من يعتبر أن كل هذا الكلام غير صحيح والأرض مسطحة. يبدو من السذاجة بمكان أن نقف عند موضوع كروية الأرض، لكن ما هو مفاجىء عدد الناس المقتنعين بأن الأرض مسطحة، وأن كل ما يثبت عكس ذلك يدخل ضمن نظرية المؤامرة، من مجهولين لغاية في نفس يعقوب. وينتشر هؤلاء في أرجاء العالم، ولا يقتصر وجودهم على بلد أو دين أو طائفة، وكل ذلك يبقى مقبولاً، فالإنسان حر بطريقة تفكيره طالما أنها لا تؤذي أحداً، إنما أن يكون…
الجمعة ٠١ سبتمبر ٢٠٢٣
خاص لـ هات بوست: كتبت صديقتي على صفحتها: "بسم الله الرحمن الرحيم، توكلت على الله" ونعم بالله، كلام جميل نبتدأ فيه يومنا، إنما تذكرني هذه الصيغة بحادثة وقوع الطائرة المصرية منذ أعوام قليلة في البحر، حيث تناقلت الأخبار حينها آخر جملة سمعت عن الطيار، مما أثار الشكوك حول مسؤوليته، وبغض النظر عما آلت إليه التحقيقات، أضحت الصورة المرافقة في ذهني لتلك الجملتين هي وقوع كارثة، إذ يبدو أن هنالك صور راسخة يستدعيها الذهن في مواقف معينة، قد لا تكون صحيحة أو مطابقة للواقع. هذا على الأغلب ما حدث لركاب طائرة ماليزية غادرت أستراليا، ثم عادت أدراجها نظراً لوجود راكب وصفته الأخبار بـ "المضطرب" على متنها، أثار الهلع لدى الركاب. فإذا بحثت عن نوع الاضطراب الذي يعاني منه وجدت في الشريط المصور أنه أقام الصلاة بصوت جهوري في ممر الطائرة، بغرض اختبار إيمان الركاب المسلمين وفق ما جاء في الخبر. رب قائل وما المشكلة بما فعل؟ بالنسبة للركاب لا بد أن الصورة العالقة في أذهانهم هي 11 سبتمبر، وبالتالي يصبح الهلع مبرراً. أما بالنسبة لنا نحن "المسلمين" فالأمر يصبح محل نقاش. فإذا أردنا التفكير بالأمر دون اعتبار للركاب ومخاوفهم، فهل كان ذاك الراكب مضطراً لإقامة الصلاة بهذه الطريقة؟ هل ممر الطائرة هو مكان مناسب؟ بحثت عن الفتاوى في هذا الموضوع فوجدتها…
الأحد ٣٠ يوليو ٢٠٢٣
يتزامن شهر الهجرة مع تصاعد مشاكل الهجرات والمهاجرين والمهجرين حول العالم، وتتعالى صيحات الجميع، سكان وضيوف، نازحين ولاجئين، فيما يعاني العالم من مشاكل جمة في موارده ومناخه وسوء توزيع ثرواته، مما يفاقم من ظهور العنصرية، وإذ لا يمكن أن يكون للعنصرية وجه حق، فنحن نبحث عن تبريرات لعلنا نداري بها وجهها الفج. و"نحن" ربما تنطبق على كل الشعوب، أفراد وجماعات بدرجات متفاوتة. في ظل هذا كله، يبدو أننا كشعوب هذه المنطقة نعاني أكثر من غيرنا من مشاكل الهجرة لأسباب عديدة، وكمسلمين قد نعاني أيضاً من عنصرية في بلاد المهجر، ربما تأخذ شكل مظلومية حقيقية أو كاذبة، وكمسلمين لطالما اشتكى المهاجرون من تعامل الشعوب المضيفة معهم، أو أنهم يأولون أي تصرف مسيء على أنه ضد انتمائهم الديني. لكن هذا كله يترافق مع صورة نمطية طبعت في أذهان غير المسلمين عنا، ساهمت فيها عوامل عدة، إنما لا بد لنا من الاعتراف أننا مسؤولون بشكل أو بآخر عن جزء ليس بقليل منها، لا بل علينا الاعتراف أن كثير منا يحمل الصورة النمطية ذاتها. فإذا نظرنا حولنا في مجتمعاتنا، نجد أن أغلب المسلمين بالهوية آمنوا بما وصلهم من الموروث دونما تدقيق أو تمحيص، الشريحة الأوسع منهم هي فئة صامتة غير معنية بالصورة أصلاً، وفي طرفيها نقيضان: الأول يعتبر نفسه مسلم على الطريق الصحيح والثاني…
السبت ٠٨ يوليو ٢٠٢٣
خاص لـ هات بوست: هل وجدت نملاً في إحدى زوايا بيتك؟ هل تشاجرتِ سيدتي مع زوجك؟ هل رسب ابنك في الامتحان؟ هل تم رفضك بعد مقابلة عمل؟ كل هذه الأمور سببها الحسد، هنالك حسّاد كثيرون يتربصون بكم، لديهم عيون ذات قدرات خارقة، ساحقة ماحقة بإمكانها فعل المستحيل. لن تستغرب عزيزي القارىء، فأنت غالباً مقتنع بهذا الكلام، أو أنك لا تستبعد صحته، أو في أفضل الأحوال قد سمعته ممن حولك، فهذه ثقافة مجتمعاتنا، ونحن في بلاد الشام نستخدم مصطلح "العين تطرقك" لندعو به على أحد ما، على سبيل المزاح أحياناً كثيرة، والجد بعضها. أما إذا كنت مقتنعاً بالفعل فأول ما سيتبادر إلى ذهنك هو أن الحسد مذكور في القرآن ولا يمكن نكرانه. لكن التفكر والتدبر موجودان في كتاب الله أكثر من الحسد فهلا أعطيناهما المجال المناسب؟ فالتفكر والتدبر يوصلان إلى نتيجة مفادها أن العلم لم يثبت امتلاك العين لأشعة يمكنها أن تكسر العظم، ولا أن أحدهم يملك عقلاً فيه طاقة تبث موجات مغناطيسية أو كهرومغناطيسية أو غيرها تشبه موجات الراديو تستطيع أن تدب المشاكل في بيتك، أما القول بأن هناك قوى خارج إدراكنا ولا يمكننا رؤيتها فلماذا لا نسخرها لأفعال لصالحنا قبل إيذاء الآخرين؟ أم أنها تعمل باتجاه الشر فقط؟ وإن كانت قادرة إلى هذا الحد فلنستخدمها ضد الأشرار الذين ندعو…
الثلاثاء ١٣ يونيو ٢٠٢٣
خاص لـ هات بوست: كنت أظن أن سورية هي الدولة الوحيدة التي تقطع فيها النت أثناء إمتحانات الشهادة الثانوية، في محاولة للحد من الغش عبر الهواتف النقالة والسماعات المخفية، فتعطل البلاد لساعات نتيجة لذلك، لكن يبدو أن أكثر من بلد عربي يعتمد الطريقة ذاتها، إذ تناقلت وسائل الإعلام أن الجزائر قررت معاقبة الطلاب الغشاشين بالسجن على اعتبار أن قطع النت يؤدي لتعطيل الأعمال، ولا أعلم إذا كانت الأردن ستتبع الطريق نفسه. لا يعتبر الغش في مجتمعاتنا أمراً مستهجناً، لا بل أنه قد يكون مدعاة تندر وإعجاب ب "الفلهوة"، وفي أفضل الأحوال قد يكون غير محبب، لكنه لا يرقى لدرجة الكره، فما بالكم بالتحريم؟ فالحرام في أعرافنا يختص غالباً بالمرأة وشؤونها، لبست، خرجت، تعطرت، توضأت مع طلاء الأظافر، نمصت، عملت، طلبت الطلاق، زنت، قائمة لا تنتهي، أما الشؤون الأخرى فمعظمها تتفاوت من حيث درجة الاستهجان، ولا بد أن تجد لها طريقاً لفتوى من هنا أو هناك. والمفارقة أن شعوباً لا ترفع يدها عن ساقها إلا بفتوى، تعيش تحت وطأتها بكل شؤون حياتها، مشغولة بالحرام والحلال، تتغنى بالفضيلة والتقى، تمتلأ مساجدها بالمصلين، لكنها تحتاج لقطع النت كي لا يغش الطلاب في الإمتحانات، فهؤلاء لم يعلمهم أهاليهم ولا مدرسوهم أن الغش حرام، سواء كان في الكيل والميزان أم بورقة الامتحان. الموضوع هنا ذو…
الثلاثاء ٣٠ مايو ٢٠٢٣
خاص لـ هات بوست: هل سمعتم بعبيد المنزل وعبيد الحقل؟ ميّز مالكوم إكس الثائر بين هذين النوعين من العبيد، الإثنان مملوكان للسيد، الأول مرفّه بالمقارنة مع الثاني، يعيش في بيت السيد ويسهر على راحته ويأكل ممتناً من فتات مائدته، لا يطمح لما هو أكثر من ذلك، ولا يرى بنفسه ما يستحق الأفضل، وتراه يدافع بكل ما أوتي من قوة عن ذاك الوضع ويسوق التبريرات والأدلة التي تساعده في المحافظة على هدوء حظيرته. بينما يكابد الثاني في العمل ولا يكاد يحصل قوت يومه وينام في العراء لكنه يحلم بحريته ويسعى إليها. رغم أن العبودية ألغيت في العالم، إلا أن هذا المثال يبدو منطبقاً على كل من عانى ظلماً ما عبر العصور، هناك دائماً سيد وعبد منزل وعبد حقل. وإذا كانت فكرتيّ تحرير العبيد وتحرر المرأة مرتبطتان نوعاً ما، كمعيار على مدى تقدم الإنسانية، فإن معظم النساء في مجتمعاتنا ما زلن برأيي ضمن عبيد المنزل. وإذ يحمل الرجل جزءاً كبيراً من المسؤولية عما آلت إليه حال المرأة، إلا أنها باتت مقتنعة بعبوديتها مستمرأة لوضعها، تدافع عن السيد المبجل وحقوقه وتجد نفسها في مرتبة أدنى من أن تقارن به، ولا تكتفي بذلك، بل كأي عبد منزل، تحارب كل من تتجرأ وتخرج نحو الحرية، وفي يدها إرث كبير من أعراف قرون مضت، وضعتها مجتمعات…
الخميس ١١ مايو ٢٠٢٣
خاص لـ هات بوست: طُبع في ذاكرتي مذ كنت صغيرة في الصف الرابع أو الخامس الابتدائي، درس في كتاب القراءة، إذ يدخل عبد الله بن الزبير على أمه أسماء ويودعها ليقاتل أعدائه، وهو خائف إن قتلوه أن يمثلوا بجسده، فتقول له جملتها الشهيرة "إن الشاة المذبوحة لا يؤلمها السلخ"، يذهب ويُقتل ويُعلق جسده على جدار الكعبة، إلى أن تمر أسماء ذات يوم وتقول "أما آن لهذا الفارس أن يترجل". بغض النظر عن صحة التفاصيل، كغيري من أقراني تعاطفت في حينه مع الموضوع لدرجة كبيرة، ومما زاد في التعاطف كون أسماء بنت أبي بكر الصديق، صاحب رسول الله (ص) وهي من حملت الطعام لهما في طريق الهجرة، كما تعلمنا في دروس سابقة، لذلك من الطبيعي أن يتبادر إلى ذهن القارىء الصغير أن من قتل ابنها ومثَّل بجثته لا بد أنه من المشركين أعداء الإسلام، أو من الروم أو الفرس، ولا يمكن بأي حال أن يكون مسلماً، خاصة وأن مسلمي ذاك العصر هم مثال للورع والتقوى، وأهل "خير القرون". أفعال الحدث في الدرس بنيت للمجهول، ولن يقل لك أحد أن الطرفين مسلمان، القاتل والقتيل، تنازعا على السلطة بشكل أو بآخر، بدرجات متفاوتة من الأحقية والظلم والقسوة، وسيغفل الدرس أن الحجاج قد رمى الكعبة بالمنجنيق، وسيبقى الموضوع تحت التغطية ما لم تهتم شخصياً…
الخميس ٢٧ أبريل ٢٠٢٣
خاص لـ هات بوست: كل عام وأنتم بخير، مضى رمضان، وجاء العيد ومضى. تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، وحسن الظن به سبحانه يقتضي أن نثق بقبوله وهو الغفور الرحيم ونحن خلقه الضعفاء، أو لنقل أبناؤه المشاكسون، نعود إليه فنلبي أوامره ونمتنع عن الطعام والشراب تقرباً منه، وندعوه متضرعين أن يغفر لنا زلاتنا وأخطاءنا، وهو العفو الكريم. ومن ينظر إلى أعداد القائمين العاكفين الركع السجود في ليلة القدر، وفي صلاة العيد، في أقاصي الأرض، ينبهر بهذا الورع والتقى، ويستغرب كيف للشرور أن تنتشر بيننا؟ من إذاً يهمل أبواه فلا يسأل عنهما؟ من يأكل مال أيتام أخيه؟ من يضرب ابنته؟ من يخون زوجته؟ من يعتدي؟ من يسرق؟ من يغتصب؟ من يشتكي على جاره؟ من يغش؟ من يرتشي؟ من يشهد زوراً؟ من يقتل؟ من يتقول على الله؟ من يستغل حاجة الناس فيقرضهم بالربا؟ هل ننهي صلواتنا وصيامنا ثم ننطلق وندع ضمائرنا تغرق في سباتها حتى موسم قادم؟ أم أن أؤلئك من شعروا بذنوبهم فجاؤوا إلى الله يطلبون المغفرة؟ أم هل نفهم ديننا بشكل مجتزأ؟ أو كما قيل: "خير هذا وشر ذاك فإذا الله قد غفر"؟ يبدو أن الشعائر بالنسبة لنا هي الحل، نفعل ما نريد ثم نعود آملين أن يتوب الله علينا، ونعيد الكرة أو نتغاضى قليلاً ونبحث عن فتوى تبرر أعمالنا.…
الأربعاء ٠٥ أبريل ٢٠٢٣
خاص لـ هات بوست: وصلني شريط مصورعن شخص يبدو أنه أكاديمي غربي يتحدث فيه عن القرآن، هو كمسيحي اطلع عليه وخجل من نفسه لأنه تأخر بمعرفة ما يحتويه، وكيف لكتاب يعترف بالأنبياء جميعهم ويبجلهم ألا يطلّع عليه كل أهل الملل الأخرى من غير المسلمين. استوقفني كلامه، كم منا نحن "المسلمين" قرأ كتاب الله؟ كم منا قرأه وفكر بما يقرأ؟ كم منا قرأه وغيّر سلوكه وأحكامه بناء على ما جاء به هذا الكتاب؟ ربما قرأناه مئات المرات وحفظنا سور بكاملها، لكن هل انعكست تلك القراءة على حياتنا؟ نحن حفظنا أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي يقبله الله من عباده، لكن لم نقرأ، أو قرأنا وتغاضينا، عن كون الإسلام هو الإيمان بالله واليوم الآخر واقتران هذا الإيمان بالعمل الصالح، وتغاضينا عن كون الاعتراف بالأنبياء الآخرين وما جاؤوا به هو من ضمن الإسلام، أو أننا اعترفنا بالأنبياء لكن كفرّنا أتباعهم وألقينا بهم في النار، وتعاملنا مع الناس على أننا الموكلون بالقبول أو عدمه، ونحن لم نضمن بعد قبولنا، معتبرين أن "الإسلام" بالولادة كاف لنكون مؤهلين للحكم على الآخرين. على أن غيرنا لم يكن أفضل منا، فكتاب الله يخبرنا كيف اعتبر كل من اليهود والمسيحيين أنهم فقط على صواب، لكننا يفترض أننا أصحاب الرسالة الخاتم، وعلينا ألا نقع بالمطب ذاته {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى…
الإثنين ٢٠ مارس ٢٠٢٣
خاص لـ هات بوست: رمضان قادم، أعاده الله عليكم بالخير واليمن والبركات. بحجته سنستهلك أكثر ونعمل أقل، وسنتابع المسلسلات وبرامج الطبخ، فنحن صائمون ونحتاج للتسلية والترفيه. بحجة رمضان سننام، لأننا صائمون ونحتاج للراحة، وربما نستيقظ قبل المغرب بقليل، فنحن لا يمكننا الامتناع عن القهوة أو التدخين. بحجة رمضان سنعبس في وجوه الآخرين، فنحن صائمون ويجب على خلق الله تحمل عواقب ذلك. وبحجته يجب على الأخرين مراعاتنا وعدم الأكل والشرب أمامنا لألا تتأثر مشاعرنا، فنحن صائمون. وبعد النوم والمسلسلات إن توفر لدينا بعض الوقت سنحرص على قراءة كتاب الله، وقد نحاول "ختمه" أي قراءته كاملاً بقراءة جزء يومياً. لكن إن توخينا الدقة نحن نتلو الكتاب، لا نقرأه، فالقراءة يصحبها تدبر وتفكر وفهم، بينما رسخ في أذهاننا منذ الصغر أن نتلو، فإن أردنا فهم معنى مفردة سنجد على الهامش شرح مفردات وضعه مفسرون مشكورين قبل مئات السنين، أما فهم معنى الآية كاملاً فهو ليس من ضمن قدراتنا، إنما يحتاج أن نسأل الشيخ أو الداعية فهو/ هي أفهم منا، من نحن لنفهمه؟ على أن من يحاول كسر القاعدة سيجد أن كتاب الله موجه للناس جميعاً، ورغم وجود آيات لا نستطيع فهمها، إلا أن قليل من التفكير المنطقي لا يضر. وإذا قرأنا الكتاب بتمعن وتدبر وجدنا أن الصوم علاقة شخصية بين الإنسان وربه، يفترض…
الأحد ٠٥ مارس ٢٠٢٣
خاص لـ هات بوست: تعددت التحليلات والنبؤات، وتساءل المعنيون وغير المعنيين عن أسباب حدوث الزلزال المدمر، ووجد البعض أن تهاون المسلمين أمام حرق المصحف أثار غضب الله تعالى فكان ما كان، متناسين رحمته سبحانه ومتجاهلين كل الأسباب العلمية والجيولوجية لحدث كهذا. بعيداً عن الزلزال، اعتدنا في صغرنا على قيام أهلنا بحرق أوراق التقويم المعلق على الحائط بعد انتهاء العام، خشية أن تحتوي هذه الأوراق على آيات من كتاب الله، فلا تلقى في سلل المهملات، ضمن يقين تام أن ما يحرق مجرد أوراق، بينما كتاب الله محفوظ حتى قيام الساعة. إنما يستحق موضوع حرق المصحف قليلاً من الوقوف عنده، ففي فعل استفزازي مكرر، أقدم متطرف في السويد منذ مدة على إحراق نسخة من المصحف الشريف، واستدعى ذلك إدانة واسعة، فيما عزت بعض النقاشات الفعل ذاته لأسباب سياسية بحتة، تأخذ ردود الأفعال بعين الاعتبار، حيث أصبح معروفاً أن أفعالاً كهذه تثير مشاعر المسلمين وتغضبهم، فلا يختلف إثنان على قدسية المصحف بالنسبة لأي مسلم، ويمكننا فهم تأثره بهذا الفعل، طالما بقي رده في حدود الاستنكار والإدانة ولم يتعد إلى أعمال عنيفة. لكن ثمة ما يستدعي التساؤل هنا، هو أننا نقدس التنزيل الحكيم لكننا "حرقنا" فعلياً ما جاء به، وألقينا بتعاليمه عرض الحائط ولم نعمل بها، وإن كانت القاعدة الفقهية أن "السنة قاضية على…
السبت ١٨ فبراير ٢٠٢٣
خاص لـ هات بوست: يحدث أن يجرب السوريون أشكالاً مختلفة من الموت، مرضاً اختناقاً غرقاً برداً جوعاً قتلاً قصفاً سجناً تعذيباً، حتى تندرنا بأنه لم يعد ينقصنا سوى زلزالاً كي نجربه، وكان أن استجاب القدر. وكما يحدث في الحالات المشابهة، حين صحونا من هول الصدمة وجدنا أنفسنا أمام كارثة، تتكشف فصولها تباعاً يوماً بعد يوم، في تركيا وسوريا معاً، أسر بأكملها قضت نحبها، أمهات ثكالى، أبناء يبحثون بين الركام عن أشلاء آباءهم، والأنكى من ذلك كله أطفال يتامى دونما معيل، ومن نجا بات مشرداً بلا مسكن يأوي إليه، وغالباً هو لم يلبث أن وجد مأوى بعد سنوات اللجوء والنزوح والتشرد حتى فقده من جديد، إضافة للاحتياجات اليومية من طعام وشراب ولباس في ظل برد قارس. وما إن وقعت الواقعة حتى بدأت التحليلات، فرأى الغالبية العظمى من شيوخ "المسلمين" أن السبب هو كثرة الذنوب والمعاصي، مما أدى إلى غضب الله، ومن كان منهم أقل رأفة بالعباد وجد أنه ابتلاء من الله ليختبر صبر المؤمنين. ربما كان التسليم بأن الأمر من عند الله وهو قدّر وما شاء فعل، ربما كان مريحاً للبعض، أما أن يكون الأمر انتقاماً أو لمجرد الامتحان، فسؤال بديهي يطرح نفسه هنا، ماذا فعل أولئك الناس البائسين لكي ينالوا ما نالوه إذا فهمنا أنه جزاء لهم على أعمالهم؟ أي…