الإثنين ١١ أبريل ٢٠١٦
قبل عشرة أيام تقريباً، كشف وزير خارجية مملكة البحرين الشقيقة، عن أن إيران تحاول توسيط الكويت من أجل إجراء حوار مع دول الخليج العربية، متعهدة بـ «فتح صفحة جديدة» في العلاقات بين الجانبين. ويوحي مثل هذا الحديث بأن اليد الإيرانية ممدودة بالسلام والمودة، وأن طهران تُعلن للعالم حسن نيتها ورغبتها في إنهاء التوتر الذي يشوب الأجواء بين ضفتي الخليج منذ وقت ليس بالقليل، فيما دول الخليج العربية هي من يتردد في ذلك أو يؤخره. فماذا فعلت إيران لتثبت حسن نيتها بعد هذه الدعوة مباشرة؟ بعد ثلاثة أيام فقط من حديث وزير الخارجية البحريني أعلنت الولايات المتحدة الأميركية أن سفينتين أميركيتين اعترضتا يوم 28 آذار (مارس) سفينة تحمل أسلحة من إيران كانت في طريقها إلى الحوثيين الذين يخوضون حرباً ضارية ضد الشرعية في اليمن، وأن الأسلحة التي كانت مخبأة تضم 1500 بندقية كلاشنيكوف، و200 قذيفة صاروخية، و21 بندقية آلية عيار 50 مليمتراً. وبعيداً مما فعله الحوثيون من اجتياح المحافظات اليمنية ومحاولة فرض الأمر الواقع بقوة السلاح، وهو الأمر الذي استدعى تدخلاً خليجياً لإعادة الأمور إلى نصابها، فإن التوقيت الذي اختارت فيه إيران أن تُرسل هديتها الملغومة مثير للتساؤل، لأن هناك مفاوضات وشيكة للسلام يُنتظر أن تبدأ أولى جولاتها الأسبوع المقبل، ولم يقبل الحوثيون عقد هذه المفاوضات إلا مع إحساسهم باقتراب الحسم…
الإثنين ٠٤ أبريل ٢٠١٦
أثبت الإعلام - ولا سيما وسائل التواصل الاجتماعي - أنه أهم أدوات الجماعات الإرهابية في تنفيذ أنشطتها، بدءاً من كسب التعاطف والإعجاب وإقناع قطاعات من الرأي العام بوجهات نظرها، أو تفكيك المقولات والروايات المضادة، مروراً باستقطاب مجندين جدد إلى صفوفها، وصولاً إلى استخدام هذا الإعلام الجديد سلاحاً حقيقياً في لحظات مصيرية من المعارك الحربية، لضمان الفوز فيها. وقد أشار مراسل صحيفة «ذي غارديان» في القاهرة باتريك كينغسلي إلى الطبيعة «الهوليودية» لبعض الأشرطة التي صورها «داعش»، وإلى استخدام تطبيقات معينة في «تويتر» قبل احتلال مدينة الموصل العراقية عام 2014، أثارت الرعب ولعبت دوراً في تسهيل احتلال «داعش» المدينة. واستقطب موضوع الإعلام، بشقيه الجديد والتقليدي، واستخدامه في دعم أفكار الإرهاب وجماعاته اهتمام كثير من المعنيين في العالم العربي، مثقفين وكتاباً وإعلاميين وأكاديميين وسياسيين ورجال أمن، وقُدِّم عدد من الجهود النظرية المفيدة، لكن هذه الجهود لا تزال جهوداً موسمية تزيد وتبرز إثر أحداث معينة، وتفتر في أوقات الهدوء التي لا تطول. وهي جهود تفتقر إلى الشمول والإحاطة، ويغيب عن معظمها الجانب التطبيقي العملي، بمعنى وضع الخطط الواضحة والمحددة الخطوات والإجراءات، من أجل التصدي لهذا الخطر. وقد اتخذت شركة «تويتر» أخيراً قراراً بحذف آلاف الحسابات المتصلة بـ «داعش»، لكن هذا الحذف جاء متأخراً بعدما تعاظم الضرر وبعدما حقق الإرهابيون اختراقات كبيرة، كما اقتصر الحذف…
الإثنين ٢٨ مارس ٢٠١٦
أصبحت منظمات المجتمع المدني أو المنظمات غير الحكومية من بين الأطراف المؤثرة في ما عرف باسم «النظام الدولي الجديد»، عقب سقوط الاتحاد السوفياتي السابق. وجرى التوافق في الغرب على أن سيادة الدولة بمفهومها القديم تآكلت، وأصبحت عرضة للمراقبة والنقد، الأمر الذي يجبرها على تغيير سياساتها بفعل ما تحتله المنظمات غير الحكومية من مكانة في العالم المعاصر. وبدا ذلك، في الفهم المبدئي والمتفائل له، إنجازاً إنسانياً سيساعد في تسريع وتيرة التنمية حول العالم، والحد من الانتهاكات التي يتعرض لها البشر، وإعطاء دفعة كبيرة لكل أشكال الدعم والمساعدة التي ستصل إلى الناس عبر جهود ملايين من المتطوعين ينتظمون في مئات آلاف المنظمات الناشطة في الصحة والتعليم ومحاربة الفقر ودعم الحقوق والحريات. وساعد في ذلك، أن مصطلح المنظمات غير الحكومية يرتبط بظلال ومدلولات إيجابية على المستوى العالمي، فهي تقوم على تطوع فئات من البشر يبذلون من وقتهم وجهدهم وأموالهم وخبراتهم وفائض إنسانيتهم من أجل مساعدة الناس في الحياة بشكل أفضل. كما أن تاريخ المنظمات غير الحكومية في الغرب يرتبط في بداياته بدورها بعد الحرب العالمية الثانية في حل مشكلات الفقراء والجرحى والمعوزين واللاجئين والأيتام والعاطلين عن العمل، بما ساعد في تخفيف آلام الحرب وويلاتها عن فئات واسعة من المتضررين، وأوحى باعتماد هذه الآلية سبيلاً لحل مشكلات كثيرة تواجهها البشرية في مختلف مناطق العالم…
الإثنين ٠٧ مارس ٢٠١٦
ربما يكون من أكبر الحيل والخدع السياسية في المنطقة ما تشهده إيران من أنواع الانتخابات المتوالية، رئاسية وتشريعية وبلدية، وتلك التي تخص سلسلة من المؤسسات التي وضعت وفق نظام معقّد مثل مجلس خبراء القيادة ومجلس صيانة الدستور، حيث يصوت أعضاء مجلس الشورى على اختيار ستة من أعضاء المجلس الذين يرشحهم رئيس السلطة القضائية، في حين يعيّن المرشد الستة الآخرين. والحقيقة أن توالي الجولات الانتخابية في هذا البلد، وما تحظى به من تغطية إعلامية في الدول العربية والغربية، يوحيان للعالم بأن ثمة حراكاً سياسياً حقيقياً يحدث، وتداولاً للسلطة يتم وفق الإرادة الشعبية بين تيارات سياسية متنافسة، ويطاول حتى رئاسة الدولة التي تتناوب عليها وجوه سياسية يفترض أنها تدير الدولة. وهذه هي الحيلة أو الخدعة الأولى التي يبتلعها العالم أو أنه يعرف الحقيقة لكنه يغض الطرف عنها لأغراض في النفوس. الخدعة الثانية تتعلق بمصطلحي الإصلاحيين والمحافظين، واختيار المصطلحين ينطوي على كثير من التضليل. فالإصلاحيون الذين عادوا للفوز في الانتخابات إنما يراد لهم أن يوصلوا رسالة إلى العالم مفادها أن من يقود إيران زعماء يغلِّبون الاعتدال والتفاهم ومد الجسور مع العالم، وأنهم بديل مقبول وجيّد لآخرين يريدون التصعيد والمواجهة، ومن ثم على العالم أن يدعمهم ويستجيب لهم. وعلى رغم أن الحيلة مكشوفة ومبتذلة، فإن العالم يمررها ويبتلعها لأغراض في النفوس. ووراء كل هذه…