الأربعاء ١٢ فبراير ٢٠١٤
كثر الحديث حول أسباب المشكلات والتحديات البيئية والحلول المناسبة للحد منها وتعزيز الاستدامة؛ وفي كل محور من هذا الحديث نجد أن نشاط الإنسان جزء كبير من المشكلة وعامل أساسي في الحل. لعل التشريعات والضوابط واللوائح القانونية التي تضعها الدول لحماية البيئة وفرض معايير ملزمة لعدم الضرر بها، خطوة أساسية وضرورية جدا نحو استدامة المجتمعات وحماية المستقبل، ولكن يبقى نجاحها متوقفا على مدى التزام الإنسان بهذه القوانين، بل ومدى فهمه للقضايا المتعلقة بالبيئة ومساهمته في إيجاد الحلول. يشير تقرير التنمية البشرية الذي أجرته الأمم المتحدة في عام 2011 حول الاستدامة، إلى أن الحل الأول والفعال للحد من التلوث وانبعاث الغازات الدفيئة، يمكن أن يتحقق من خلال التقليل أو الامتناع عن الأنشطة التي تسبب انبعاث هذه الغازات. فعلى سبيل المثال، تبلغ مساهمة الفرد في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في النرويج نحو (11 طنا) أي أقل من ثلث مساهمة الفرد في دولة الإمارات العربية المتحدة (35 طنا) على الرغم من تسجيل البلدين ارتفاعا في نسبة الدخل. وبحسب هذا التقرير، سجلت البلدان العربية أعلى معدلات التلوث للفرد في المدن بين مناطق في العالم وأعلى درجة استخدام للوقود الأحفوري، مما يعرض استدامة المنطقة وتنميتها للخطر. ويشير التقرير إلى أن أربع دول من منطقة الخليج ضمن أعلى خمس دول مسببة للتلوث بثاني أكسيد الكربون. ومع تطور…
الثلاثاء ٠٣ ديسمبر ٢٠١٣
قبل 42 عاما توحّدت إماراتنا السبع تحت مظلة دولة واحدة وقيادة رشيدة ترعاها، وتحرص على نموها وازدهارها في جميع المجالات. حرصت دولة الإمارات في ظل الاتحاد على ترسيخ مفهوم حماية البيئة عن طريق إنشاء منظمات ومؤسسات حكومية وخاصة. إلا أن مشاريع حماية البيئة لم تبدأ فقط منذ 42 عاما، بل كانت تُمارس بالفطرة والبديهية، نابعة من عشق مؤسّس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، للبيئة واهتمامه بها. واستطاع من خلال العمل المشترك والتعاون بين أبناء المجتمع آنذاك أن يقوم بالكثير من المبادرات البيئية التي أسست لثقافة بيئية خلاقة حولت - مع الوقت - حماية البيئة ورعايتها من رؤية قائد فذ إلى ثقافة شعب وثق في قيادته وتفاعل مع مبادراتها. والذين عاصروا الشيخ زايد حينما يروون سيرته، لا بد أن تمر بهم قصص وتجارب تعكس حبه للبيئة وحرصه على حمايتها ورعايتها مما أهله في عام 1997 لجائزة «الباندا الذهبية» من قبل الصندوق العالمي للطبيعة (WWF) تقديرا لجهوده في الحفاظ على البيئة. قبل أن يصبح النفط مصدرا اقتصاديا أساسيا لدول الخليج العربي، نجح الشيخ زايد، طيّب الله ثراه، في إطلاق مشروع تشجير الصحراء، لأنه أدرك منذ صباه الارتباط الوثيق بين البيئة والتنمية. كانت البداية في توفير مياه للمناطق السكنية وللزراعة، فدعا الشيخ زايد أبناء مجتمعه للمشاركة والتطوع لإنجاز أول…
الخميس ٠٣ أكتوبر ٢٠١٣
قبل اكتشاف النفط وقبل الثورة الاقتصادية التي صاحبتها الكثير من التغيرات في الهيكل الاقتصادي للمنطقة في أوائل السبعينات من القرن الماضي، كان للبحر أهمية كبيرة في حياة الأسلاف، حيث كان الممر الحيوي الوحيد لتجاراتهم والمصدر الرئيس لمعيشتهم. اعتمد سكان المناطق الساحلية على الغوص للحصول على اللؤلؤ وعلى صيد الأسماك؛ وكانت المياه البحرية تستخدم بشكل واسع لأغراض النقل البحري، حيث كان البحر الممر الرئيس لتبادل السلع كون النقل البحري أكثر الوسائل فعالية في تبادل كميات كبيرة من السلع عبر مسافات طويلة. لدى مياهنا البحرية في المنطقة بصمة اقتصادية وبيئية واجتماعية تربط المواطن بها طواعية وتخلق علاقة ثنائية يؤثر فيها كل منهما على الآخر. ومع الزيادة السكانية في المنطقة وتحقيق الازدهار الاقتصادي وكثرة النشاطات الصناعية، تراجعت جودة المياه البحرية التي تحوي كنوزا من الثروات ما انعكس سلبا على استدامة هذه الموارد المائية التي لا تقدر بثمن. إلى جانب هذه العلاقة الوثيقة مع الإنسان، للمياه البحرية أثر كبير على المناخ حيث تساعد في تحقيق التوازن المناخي عن طريق امتصاص البحار والمحيطات لغاز ثاني أكسيد الكربون من الجو خلال عملية التمثيل الكلوروفيلي التي تقوم بها النباتات البحرية ويعقب هذه العملية إطلاق غاز الأوكسجين ليذوب في الماء ويتيح التنفس للكائنات الحية في البيئة البحرية. بحسب تقارير هيئة البيئة - أبوظبي فإن أهم عاملين يؤثران على…
الأربعاء ٠٢ أكتوبر ٢٠١٣
كانت الثروة السمكية تشكل أحد المصادر الاقتصادية الأساسية في منطقة الخليج العربي قبل اكتشاف النفط، واشتهر شعب الخليج بالغوص والصيد منذ قديم الزمان، فالخليج العربي يتميز بتنوع أسماكه والكائنات البحرية الأخرى التي تعيش فيه، والتي قلما توجد في المناطق البحرية الأخرى ويعود ذلك إلى طبيعته شبه المنعزلة فهو يشبه البحيرة وتتميز مياهه بدفئها وهدوئها. تولي دولة الإمارات العربية المتحدة، منذ قيام الاتحاد في العام 1971، اهتماماً كبيراً بقطاع الثروة السمكية، اعترافاً بأهميته كحجر أساس في تكوين وتعريف حضارة وتراث الخليج العربي بشكل عام، ودولة الإمارات بشكل خاص. ونتيجة لاهتمام الدولة بهذا القطاع ودعمها للصيادين، زاد إنتاج الأسماك من 40 ألف طن إلى 95 ألف طن خلال عشرين عاماً. ولكن تعاني الثروة السمكية في الوقت الحالي من تراجع كبير ساهمت فيه يد الإنسان إضافة إلى العوامل الطبيعية مثل التغير المناخي. فعلى الرغم من زيادة حجم الإنتاج إلا أن مخزون الأسماك قد تراجع خلال الثلاثين عاماً الماضية بأكثر من خمسين بالمئة، فالمخزون الطبيعي للأسماك يتأثر بجهد الصيد أي عدد عمليات الصيد وتكرارها. كما تلعب المعدات المستخدمة في الصيد دوراً مهماً في تراجع نسبة المحزون إذا لم يتم استخدام الشباك والأدوات الصحيحة الموصى بها، ويبين تقرير أعدته هيئة البيئة- أبوظبي، أن طريقة الصيد الأكثر شيوعاً هي الصيد بالقرقور وهو عبارة عن قفص صيد…
الجمعة ٠٢ أغسطس ٢٠١٣
رغم الجهود الحثيثة لتحقيق التنويع الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي، فإنه ما زال اقتصاد هذه الدول يعتمد بشكل كبير على استهلاك النفط والغاز الطبيعي مما يؤدي إلى زيادة في انبعاث الغازات الدفيئة في الهواء، وخاصة غاز ثاني أكسيد الكربون. تساهم الغازات الدفيئة في ظاهرة الاحتباس الحراري عن طريق امتصاص الأشعة التي تفقدها الأرض ومنعها من المغادرة إلى الفضاء مما يساعد على تسخين جو الأرض. كما تؤثر هذه الغازات على نوعية الهواء الذي نتنفسه مما يؤدي إلى مشاكل تؤثّر على الصحة العامة. لقد حذرت مؤخرا الأمم المتحدة من انبعاثات الغازات الدفيئة وشدّدت على أن مستوى ثاني أكسيد الكربون – الغاز الأهم بالنسبة للغازات الدفيئة - تخطى مستوى 400 جزء من المليون لأول مرة منذ أكثر من أربعة ملايين سنة. وتأتي هذه القراءات لتُشير إلى إمكانية حدوث آثار سلبية على سلامة الإنسان وعلى الرعاية الاجتماعية والنمو الاقتصادي. هذا وتؤكد اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للتغير المناخي بأن الفرصة ما زالت قائمة لمنع حدوث أسوأ التأثيرات للتغير المناخي إذا تكاملت الجهود الدولية لمواجهة هذا الخطر وتفاعلت كل المؤسسات، حكومية كانت أو من القطاع الخاص، لوضع حد لمخاطر التغير المناخي. ونظرا لما تم رصده من قبل العلماء حول العالم من مؤشرات تدل على زيادة تأثير الغازات الدفيئة، قامت الدول والحكومات حول العالم بوضع التغير…
الإثنين ٢٤ يونيو ٢٠١٣
تواجه الدول تحديات جمة لتحقيق التوازن في ثنائية الطاقة والمياه. الذي يختلف، هو شكل ذلك التحدي طبقا لظروف كل دولة أو منطقة. كما أن الحديث عن علاقة الطاقة بالمياه يتوجب بالضرورة الحديث عن التغير المناخي، وإنتاج الغذاء، وكذلك العوامل التي تساعد على النمو الاقتصادي والسكاني. ووسط هذا التعقيد في مسألة الطاقة والمياه، لدى دولة الإمارات العربية المتحدة أولويات واضحة لا بد من فهمها وإدارتها بصورة جيدة. وخير مثال على ذلك مسألة المياه، وكما نعلم أن أبوظبي ودولة الإمارات بصفة عامة من المناطق القاحلة في العالم، والمياه الجوفية هي المصدر الأكبر للمياه العذبة الطبيعية في بلادنا، وهي مصدر غير متجدد، حيث يرجع تاريخ تخزينها إلى آلاف السنين إبان العصر الجليدي الأخير. احتياطيات المياه الجوفية هي مخزوننا من المياه العذبة الذي يضمن أمننا المائي على المدى الطويل، ومع ذلك، نحن نستهلك تلك المياه الجوفية بمعدلات غير مستدامة وبنسب عالية من إجمالي المياه المستهلكة في أبوظبي والتي يستخدم معظمها في أغراض الزراعة. المصدر الرئيس لمياه الشرب لدينا هي مياه البحر المحلاة، وهي عملية تستهلك كمية كبيرة من الطاقة المولدة من الغاز الطبيعي بشكل رئيس، الذي بدوره يتسبب في انبعاث كميات كبيرة من غازات الدفيئة خلال عملية إنتاج المياه والكهرباء، كما أن الملح الذي يستخرج في عملية التحلية، يعاد ضخه في الخليج مما يزيد…
السبت ١١ مايو ٢٠١٣
كانت تجربة ثرية تلك الرحلة الميدانية التي جمعتني بعدد من كتاب الرأي والإعلاميين الإماراتيين والعرب المقيمين في الإمارات. في صبيحة يوم الخميس الموافق 11 من الشهر الماضي، اجتمعت وفريقي مع ضيوفنا الإعلاميين قبل الانطلاق في رحلة ميدانية إلى القرم الشرقي. وكم كنت في غاية السعادة وأنا أستمع لأسئلة وتعليقات ضيوفنا من الوسط الإعلامي حول أشجار القرم ولماذا نكثف الجهود لرعايتها وحمايتها. فعلاً.. لماذا القرم؟ هناك ثروات طبيعية متوارية عن الأنظار رغم تأثيرها الكبير في التنوع البيولوجي ودورها المهم في توازن الطبيعة. من هذه الثروات شجر القرم. تدل كلمة القرم على مجموعة من الأشجار والشجيرات المتحملة للملوحة المرتفعة ذات الأخشاب والأوراق دائمة الخضرة، والتي تنمو في بيئة عالية الملوحة كالأراضي الطينية. تشكل بيئة ساحرة تربط ما بين البيئة البرية والبحرية، وتقع في المناطق الواقعة بين المد والجزر. تمثل هذه الأشجار جسراً واصلاً بين الأنظمة البيئية التي توجد في البر والبحر، وهي موئل للكثير من الكائنات الحية. لدينا في إمارة أبوظبي القرم الشرقي، ولشجرها قيمة لا تقدّر بثمن، وذلك لأسباب تتلخّص بثلاثة مستويات: المستوى الحضاري، والاقتصادي والبيئي. تتمثّل قيمتها الحضارية بأنها ارث وطني أرساه فينا المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. حيث كان حريصاً على زرع أشجار القرم في هذه المنطقة إدراكاً منه لأهميتها البيئية، وتعلّق بها أجدادنا…
الإثنين ٠٨ أبريل ٢٠١٣
قد يكون الحفاظ على البيئة عملا سهلا لا يحتاج إلى آليات معقدة، فمثلا إدارة استهلاك المياه في البيوت في حقيقته عمل بسيط ينتج عنه آثار إيجابية كثيرة في توفير المياه. هذا صحيح على مستوى الأفراد والمؤسسات، أما على مستوى الوطن، فيكون اتخاذ القرارات في إدارة شؤون البيئة مبني على أسس علمية ودراسات وأبحاث. بحكم عملي على رأس هيئة حكومية في مجال البيئة، أدرك بشكل خاص أهمية وجود بيانات كافية موثوق بها تسهم في اتخاذ قرارات سليمة، ووضع وتنفيذ سياسات مناسبة ذات صلة، وقابلة للتنفيذ. إن حاجة المنطقة لوجود بيانات دقيقة يسهل الوصول إليها ويمكن من خلالها توفير معطيات سليمة وقابلة للاستخدام هي ملحة وفي غاية الأهمية لمساعدة صناع القرار على إدارة الشؤون البيئية ومراقبة الأداء البيئي. إلا أن التقنيات الجديدة المستخدمة في جمع البيانات لا تزال حكرا على عدد قليل من الدول ولا تتوفر لدى البلدان النامية القدرة على الوصول إلى هذه المعلومات وفهمها واستخدامها مما يخلق حاجة لسد الفجوة بين البلدان المتقدمة والنامية في ما يتعلق بسهولة الوصول إلى معلومات بيئية نوعية وكذلك للمساهمة في الأطر الدولية المختلفة. تتزايد الحاجة للبيانات بشكل خاص عند البلدان النامية والناشئة. ونحن في دولة الإمارات العربية المتحدة ندرك ذلك. لقد فاقت وتيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في دولة الإمارات خلال الأربعين عاما الماضية قدرة…
الخميس ٢٨ فبراير ٢٠١٣
وفقا لتقرير «الكوكب الحي 2012»، تعيش البشرية كما لو كان تحت تصرفها موارد تماثل موارد كوكب ونصف الكوكب من حجم كوكب الأرض مما يعني أننا نستهلك موارد طبيعية مثل الطاقة، والغذاء، والألياف، والأخشاب بمعدل مرة ونصف المرة أسرع مما يمكن للكوكب تعويضه بصورة طبيعية. ويشكل النمو السكاني المطرد والتنوع الاقتصادي ضغوطا متزايدة على هذه الموارد، وأصبحنا نلمس الآثار المترتبة على الاستهلاك المفرط للموارد الطبيعية من خلال تغير المناخ وتلوث الهواء وتراجع منسوب المياه الجوفية. لم تعد حاجتنا لتنمية مستدامة خيارا، بل أصبحت ضرورة لضمان استمرارية الحياة على كوكب الأرض. التنمية المستدامة هي عملية تطوير المجتمعات بحيث يتم استغلال الموارد لتلبية الاحتياجات الإنسانية من جهة النمو والتطور الاجتماعي والاقتصادي مع ضمان استمراريتها للأجيال القادمة عن طريق المحافظة على الموارد الطبيعية. يعرف برنامج الأمم المتحدة للبيئة، الاقتصاد (الأخضر) على أنه الاقتصاد الذي ينتج عنه تقدم الوضع الإنساني والعدالة الاجتماعية، بينما يتم تقليص المخاطر البيئية والندرة في الموارد الطبيعية عبر نقل المجالات التي تركز عليها الاستثمارات صوب القطاعات الخضراء الناشئة، وتغيير أنماط الاستهلاك غير المستدامة. أي أننا نضمن من خلال هذا الاقتصاد، تقليل نسبة انبعاثات الكربون، وإدارة أكثر كفاءة للموارد الطبيعية، ونهضة تشمل جميع أطياف المجتمع. تعتمد المجتمعات في تطورها على ثلاثة محاور أساسية هي: الاقتصادي والاجتماعي والبيئي. لا يمكن أن ينهض أي…
الثلاثاء ٢٩ يناير ٢٠١٣
مع زيادة الكثافة السكانية في العالم وزيادة الصناعات والزراعات وتنوعها أصبح استهلاك العالم للمياه يفوق ما تستطيع الأرض تعويضه، خصوصا في البلدان ذات الطبيعة الصحراوية حيث المياه الجوفية المستخدمة تعود لآلاف السنين منذ العصر الجليدي ولم يتم استبدالها بسبب شح الأمطار وجفاف الطبيعة. نحن في منطقة الخليج مياهنا العذبة غير متجددة واستهلاكنا للمياه من أعلى النسب في العالم! ولهذا كانت عبارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي «المياه أهم من النفط بالنسبة للإمارات» إشارة جريئة وواضحة إلى أن الاقتصاد يقوم على النفط ويضع المياه على رأس أولوياته. وهذا ما بدأناه في إمارة أبوظبي منذ سنوات. منذ 50 عاما مضت، كان الحصول على المياه الجوفية سهلا في بعض المناطق الإماراتية وفي الخليج؛ فالمياه كانت على عمق يتراوح ما بين نصف متر ومتر واحد تحت سطح الأرض. وكانت الآبار تُحفر يدويا. على مدى الخمسين عاما الماضية، استخدمنا هذه المياه في ري المحاصيل، والغابات، وكذلك في صناعة النفط. ولكن، بسبب بيئتنا القاحلة وما يترتب على ذلك من انخفاض معدل إعادة تغذية مستودعات المياه الجوفية بشكل كبير، نشهد الآن مؤشرات خطيرة على نضوب مستودعات المياه الجوفية. ففي المناطق الزراعية الأكثر كثافة، تنخفض مستويات المياه الجوفية بمعدل يصل إلى 5 أمتار كل عام، كما أن مستودعات المياه الجوفية أصبحت أكثر ملوحة مع…
الجمعة ٢٨ سبتمبر ٢٠١٢
كثرت في السنوات الأخيرة، المؤتمرات واللقاءات والدعوات للحفاظ على الطبيعة. وللخوض في هذا المجال، من الضروري التوصل إلى تعريف لكلمة «الطبيعة». سأسوق هنا نموذجين يمثلان طرفي طيف واسع من الآراء المختلفة، وربما تكمن الحقيقة في مكان ما في الوسط. قد ينظر بعضهم للطبيعة على أنها مخزون هائل من الموارد الجاهزة للاستهلاك أو الاستخدام عند الحاجة لمنفعة الجنس البشري، ويُعرِّف مفهوم «الاستخدام» هذا بالمنهج «النفعي». أو قد ينظر بعض آخر إليها على أنها جزء لا يتجزأ من الإنسانية ذاتها، حيث أن البشر بصفتهم كائنات بيولوجية هم جزء من الطبيعة، فيُعرِّف هذا المفهوم بمنظور «القيمة الذاتية». طبقاً للمنهج النفعي، يجب الحفاظ على الطبيعة من أجل تلبية حاجات البشر التي تضمن نمونا وتطورنا وبقاءنا على قيد الحياة. وإذا استهلكنا الموارد الطبيعية بسرعة كبيرة أو فشلنا في توفير الحماية اللازمة للموارد الضرورية لبقائنا، فإننا نعرقل فرصتنا في البقاء والازدهار. من هذا المنطلق، فإننا نهتم بالحفاظ على الطبيعة، لأنها أساسية لبقائنا على قيد الحياة. ومع ذلك، فقد لا نهتم بأن نحافظ على كل مكونات الطبيعة لأن كثيراً منها ليس ضرورياً لاستمرارية حياتنا. ومن جهة أخرى، وبدلاً من النظر إلى قيمتها المادية، يمكن للمرء أن ينظر إلى الطبيعة على أن لها قيمة في حد ذاتها من دون النظر إلى العوامل الأخرى. وبينما يعتبر المنهج «النفعي»، ضمنياً،…