الخميس ٢٤ أكتوبر ٢٠١٣
بعد غربة دامت سنوات ؛ عدنا من رحلة الدراسة في الخارج ؛ وانطلقتْ زوجتي في رحلةٍ أخرى ، رحلةِ البحثْ عن عمل مناسب ، فراحَتْ تُقَدّم سيرتها الذاتية وأوراقها الشخصية ( العلمية ) لأكثر من جهة عسى أن تحصل على فرصة عمل، وهذا ـ بالطبع ـ غير المشاركة في معارض التوظيف .. ولأنها حاصلة على درجة الماجستير في ( الإحصاء التطبيقي ) من بريطانيا ، كنتُ أتوقع أن يكون أمر توظيفها سهلاً وميسّراً نوعا ما ؛ نظراً لأهمية التخصص . لذلك و بعد كل مقابلة ، وبمجرد خروجها مباشرة كنت أسألها عن مجريات المقابلة ،وكانت تردُّ بعبارات تكاد تكون مكرَّرَة ، إذْ تقول : " كانت المقابلة جيدة ، لكنهم يسألون عن الخبرة " . والخبرة للأسف غير موجودة بحكم السفر ، اللهمّ إذا استثنينا بعض الأعمال التطوعية التي كانتْ تشارك بها من منطَلَق ذاتي وإنساني. هذه الإجابات المكررة ، ذكّرتني بإحدى وجهات النظر غير المألوفة للكاتب ( باول آردين ) في كتابه Whatever You Think, Think The Opposite ، أي : " مهما كان تفكيرك .. فكر بعكسه ". باول ـ في كتابه هذا ـ له وجهة نظر متطرفة، لأنّه يرى الذهابَ إلى الجامعة مضيعةً للعمر والوقت معاً ، فهو يؤمن بأن كتاب الحياة ودروسها الواقعية هي الجامعة التي…
الخميس ١٠ أكتوبر ٢٠١٣
أثناء الدراسة في الخارج، في بلد مثل الولايات المتحدة الأميركية، كان للرحلات الداخلية فيها طعم خاص، فالبلد متنوع وجدُّ جميل، علاوة على كونه راقياً برقي شعبه. كنا مجموعة من الطلبة القادمين من دول الخليج؛ نحاول قدر المستطاع أن نسدد ونقارب، فنضع رحلات للعائلات وأخرى لغير المتزوجين (العزاب)، وأحياناً كنا نجعلها رحلات مشتركة (كما فعلنا في رحلتنا إلى سياتل لزيارة جبل رينير على الحدود مع ولاية أوريجون)؛ على هذا الجبل عايشتُ واحدة من أروع وأغرب الظواهر المناخية، وكناّ ـ حينذاك ـ نصعد إلى قمة الجبل، وكان المطر ينهمر علينا بغزارة، وفجأة ـ وعند نقطة معينة وخط فاصل ـ تحول هذا المطر إلى صقيع وثلج! أما فندق سندريلا فله قصة طريفة ثانية، فقد قررنا ـ نحن المجموعة المؤلّفة من أربع أُسَر ـ عدم الرجوع إلى بلادنا خلال إجازة رأس السنة الميلادية (الكريسمس 2003)، وبدلاً من ذلك استقرّ بنا الرأي عند السفر براً نحو الجنوب حيث كاليفورنيا، وديزني لاند، والكثير من المناطق السياحية على الطريق. قاد الرحلة أخي سعيد الهرمودي (بوزايد)، بعد أن استعدّ لها جيداً من خلال الاشتراك مع شركة AAA للحصول على خرائط الطريق (لم يكن لدينا وقتها جهاز ملاحة)، وشيءٍ من الخَصْم في الفنادق. أصدقكم القول: لقد كنا أربع عائلات شكلاً، أمّا في الحقيقة فقد كنا ثلاث عائلات فقط! لأنّ…
الخميس ٢٦ سبتمبر ٢٠١٣
منذ سنوات ـ وفي يوم ربيعيّ جميل ـ ورد إليّ طلب إضافة اسم " خليفة المظلوم " على حسابي الخاص في الفيس بوك ، بطبيعة الحال ضغطت على زر Accept ، ظناً مني بأن هذا الشخص هو أخي الأصغر ( خليفة ) ومضى الحوار معه طبيعياً ـ يومذاك كنت أدرس في الخارج ـ لكني اكتشفت بعد أيام أن صاحب الحساب ليس أخي (خليفة ) بل هو شخص أخر اسمه : خليفة محمد عيد المظلوم. ولعَلّه من المؤسف حقاً بل والمحرِج أيضاً أن أقول : لقد كانت المرة الأولى التي أعرف فيها أن لدى ابن عمي محمد ولدا اسمه خليفة ..! ولعلّ ما يدعو للعجب و الدهشة أنّ هذه المفاجأة السارة حصلت على الفيس بوك .. !! الواقع الذي يجب الاعتراف به ، هو: إنني عانيتُ وما زلتُ أعاني من هذه المسألة ( صلة الأرحام ) ولهذا قطعتُ على نفسي عهداً بالتواصل مع ذوي الأرحام أسبوعياً ، سواء كان ذلك بالزيارة أم بالاتصال على أقل تقدير ، وخصوصا أنني أتذكر دائماً قول النَّبِىّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ : "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِى رِزْقِهِ، وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِى أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ ". تعرفت على خليفة أكثر فأكثر ، وبعد أن أنهيت دراستي وعدت إلى أرض الوطن ، سرعان…
الخميس ١٩ سبتمبر ٢٠١٣
غيرليندي كالتنبرونز، نمساوية (42 عاماً)، أول امرأة تعتلي 14 قمة عالمية. وخلال المغامرات واجهت مخاطر جمة، وعلى الرغم من أن الكثير من عشاق التسلق أحجموا عن المهمة، إلا أن هذه المرأة أصرت على ذلك، لانها «تشعر بالأمان التام» وهي تتسلق القمم. تقول غيرليندي، التي كانت تعمل ممرضة، إنها تحلم من صغرها بمعانقة القمم، حيث تجد الحرية في التركيز، فنذرت نفسها للعمل الذي تمارسه بشغف، وهنا يكمن سر التميز، فالكل يستطيع أن ينجح، لكن القليل يتميز! السؤال: لماذا تخاطر هذه المرأة بحياتها هكذا؟ يجيب على هذا السؤال لاري زفايفل، المختص في علم الأحياء العصبي، ويقول: مجازفة شخص لتحقيق إنجاز ما ترجع إلى إفراز هرمون الدوبامين في الجسم، الذي يمنح الجسم نوعاً من الشعور بالارتياح لحظة الإنجاز، وكلما كانت المهمة أخطر زاد إفراز الدوبامين، ويختلف الإفراز من شخص إلى آخر، ولهذا تجد من يخاطر وترى من يتراجع. اللحظة الأشد رعباً في حياة غيرليندي كانت في عام 2007 عندما ذهبت إلى النيبال لتسلق قمة «دولاغيري»، إذ حدث انهيار جليدي مفاجئ جرفها وهي في خيمتها، وتقول عن ذلك: «عندما توقفتُ لم أعرف اتجاه جسمي، لقد كان الظلام حالكاً، لكنني قلت لنفسي: حسناً، على الأقل أستطيع التنفس، خرقت الخيمة بسكين صغيرة وتمكنت من الخروج من بين الثلوج بصعوبة شديدة، لكنّ الصدمة التي أقَضّتْ مضجعي كانت…
الخميس ١٢ سبتمبر ٢٠١٣
لا أذكر حقيقة متى راودني هاجس الكتابة، ولكن الذي أذكره ولا أنساه هو أنني بعد التخرج من أكاديمية شرطة دبي عام 1997 بدأت في الكتابة من خلال مقال واحد شهرياً في مجلة الأمن، وحتى هذا المقال اليتيم ما لبث أن انقطع تماماً وتوقف بعد سفري لاستكمال الدراسة العليا في الخارج. الكتابة بالنسبة لي كما يقولون Mood أي مزاج، متى ما راق كتبت ومتى تعكر أو شابته شائبة صمت، صحيح أن الكتابة الشهرية خفيفة وسهلة نوعاً ما، لكنها تصعب وتتعقد كلما أصبحت أسبوعية أو يومية. وأنا شخصياً أدين لذكريات ومواقف الحياة أولاً وللقراءة ثانياً كمحفزين أساسيين أو ينبوعين للكتابة لا ينضبان، فعلى سبيل المثال: ذات جمعة في مانشيستر تناول الخطيب مسألة «الغش التجاري» فحذر، وذكر بقول الحبيب المصطفى «من غشنا فليس منا» بينما كان خارج المسجد مجموعة من الشباب العرب يبيعون زيت الزيتون الفلسطيني من باب دعم المزارعين في البلد المحتل، وبمجرد وصولي البيت اكتشفت أن هذا الزيت منتهي الصلاحية، فكانت البذرة الحية لمقالة «زيت زيتون». أنهيت دراسة الماجستير في أمريكا والدكتوراه من بريطانيا بفضل من الله وعدت، وعادت الكتابة الشهرية والمستمرة في مجلة الأمن، إلا أن الحلم كان أكبر، فقد وضعت نصب عيني هدفاً قديماً جديداً في آن واحد، ألا وهو الكتابة في الصحف اليومية حاولت يمنة ويسرة إلا أن…
الجمعة ٠٦ سبتمبر ٢٠١٣
تلقيت الكثير من التعليقات على مقال الأسبوع الماضي الذي حمل عنوان «كيف تتعامل مع حرامي الأفكار؟» فشعرت، من خلال الردود، بأن الكثير من القراء يدركون أن نسبة عالية من الناس تنطبق عليهم صفة «حرامي الأفكار»، بل إن بعضهم «انقرص»، كما نقول في اللهجة الدارجة من «س» من الناس، ولكن المؤلم حقاً أن السارق هو من يُحتفى به في الحفلات التكريمية، ويحصل على المكافآت وشهادات التكريم والتحفيز، إضافة إلى صورة شخصية مع المسؤول الأول، بينما صاحب الفكرة الأصلية (المبدع) يرجع من الاحتفال حاملاً على كتفيه حسرة وندامة، وفي يديه خُفَّا حنين. ولكن الأشد ألماً ومرارة أن يتكرر هذا الوضع ويزداد، فيتراكم الإحساس به من جهة، ومن جهة أخرى نكون قد لامسنا حد البلادة وعدم الاكتراث، فتتكرر الحالة وتدور مراراً وتكراراً وكأن الأمر طبيعي لا اعوجاج فيه. كثير من المؤسسات تنبهت لهذه المعضلة غير الأخلاقية، ودعوني، من فضلكم، أتحدث قليلاً وباختصار شديد عن مؤسستي (شرطة دبي)، فقد أولت شرطة دبي الأفكار أهمية قصوى، لأنها تعلم علم اليقين أنها وسيلة ارتقاء وتطوير، لذا نجد في الإدارة العامة للجودة الشاملة مركزاً متخصصاً في الأفكار والإبداع تقوده الأستاذة إلهام أهلي الحائزة على جائزة دبي للأداء الحكومي المتميز، وفي هذا المركز تنظيم وإنصاف، ومع ذلك فلا أقول إنها وصلت إلى حد الكمال، بل هي تحاول وتعمل…
الجمعة ٣٠ أغسطس ٢٠١٣
«س» من الناس هو «الحرامي» ومنذ البداية أقول لا يشترط فيه أن يكون مديراً أو مسؤولاً، فقد يكون موظفاً صغيراً، لكنه يتقن فن أولئك الذين يخطفون أو «يسترقون السمع» فتُفاجَأ بأن فكرتك أصبحت ملكه بعد أن مَهرَها باسمه. أمر آخر مهم لابد من وضعه في الاعتبار، إذ ليست الأفكار وحدها هي التي تُسرق! بل إن جهودك وعملك وإبداعك، أحياناً، يُسلب منك ويُنهب ثم يُمنح إلى آخر، أو بمعنى أوضح إن الآخر يسرقه في وضح النهار! أما «ص» من الناس فهو ذلك الطيب دائماً، طيبة قلب ممزوجة بسذاجة، يرى حقوقه تُنسب إلى غيره ولا يحرك ساكناً. هنا وفي هذا المقال أطمح لأن يكون هذا الضعيف قوياً يجد مَن يدافع عن حقه فلا يسمح لأحد بسرقة بضاعته وحماسه وإنتاجه. وقد سبق لي أن أشرت إلى حساب جامعة هارفارد على تويتر، ولا أجد مانعاً من التكرار، فهذا الحساب يقدم تغريدات قمة في الروعة عن التميز المؤسسي، ومنها: التغريدات التي تعالج مثل هذا المُشكل الذي لا تكاد تخلو منه مؤسسة، فقبل أيام وقع نظري على مقال جميل مؤلف من ثلاث نقاط مختصرة، عنوانه: Don’t Let Your Colleague Claim All the Credit في مثل هذه المواقف تفشل إن كنت إنساناً خجولاً أو كثير الحياء، لأن أول العلاج هنا هو أن تكون صريحاً، فواجه من يسرق…
الجمعة ٢٣ أغسطس ٢٠١٣
السبت الماضي انطلق واحد من أمتع وأقوى دوريات كرة القدم في العالم، وهو الدوري الإنجليزي .. هذا الدوري الذي أصبحت الجزيرة الرياضية «إمبراطورية الكرة» في الشرق الأوسط، بمجرد حصولها على حقوق بثه، حيث اكتمل عقد الدوريات العالمية لديها التي تنقلها وتبثها من خلال استوديوهاتها في دوحة قطر. عشاق الكرة الإنجليزية يعرفون جيداً من هو آندريه فلاش بواش مدرب نادي توتنهام الحالي، وأصغر مدرب في الدوري الإنجليزي، عمره 35 عاماً فقط، ويعرفون جيداً أنه حقق ثلاثية تاريخية لنادي بورتو البرتغالي في موسم 2010 - 2011، وأنه بدأ مغامرة جديدة في نادي تشيلسي الإنجليزي بعد ذلك، لكن لم يكتب لها النجاح ففشل وأبعد بعد مضي أشهر، لكن الذي لا يعلمه الكثير منا هو بدايات هذا الشاب اليافع في سلك التدريب، كيف بدأ وانطلق؟ وما هو الموقف الذي حصل بينه وبين السير بوبي روبسون مدرب بورتو البرتغالي في العام 1994 الذي يعتبر نقطة تحول في حياته .. من مجرد مشجع لكرة القدم إلى مدرب معتمد لها. الذي حصل هو أن «فلاش» كان مغرماً بكرة القدم وفنيّاتها، وكان عاشقاً لفريق بورتو، ولأنه كان موهوباً بالفطرة وولد ليصبح مدرباً، لاحظ أن المدرب السير بوبي مدرب فريق بورتو في ذلك الوقت لا يشرك المهاجم دومينجوس كأساسي، وأن هذا ليس في مصلحة الفريق، ومن حسن حظ بواش…
الجمعة ١٦ أغسطس ٢٠١٣
عام 1980 وأنا في عمر الخمس سنوات أخذني أخي هشام معه للنادي، نادي الشارقة حيث كان لاعباً لرياضة تنس الطاولة مع جيل ذهبي من أبناء الهاجري الكرام وسنوات من التفوق والصدارة على مستوى الدولة. اليوم لا أذكر جيداً من أحداث البداية إلا مدربنا الكوري الجنسية الذي غادر بعدها بسنة. في 1981 جاءنا من أرض الكنانة مدرب مصري (قبطي) اسمه سمير جورج، علاقة بدأت في ذلك العام ومازالت مستمرة إلى اليوم بالرغم من أني تركت ممارسة اللعبة منذ العام 1992 وهو ترك التدريب بعدي بسنوات قلائل. الكابتن سمير لم يكن فقط مدرباً يبدأ إشرافه علينا أول الحصة التدريبية إلى نهايتها فقط وهي عادة لا تستغرق أكثر من ساعتين، بل كان في مكانة الأب، كنت دائماً أقول له: «أنا لي والدان: أبي في البيت، وأنت أبي هنا». لحرصه الشديد كان الكابتن سمير هو من يأخذنا بسيارته الخاصة من البيت إلى النادي والعكس، وكان كثيراً ما يذهب إلى مدارسنا ويسأل عن مستوانا التعليمي، وإن رأى فينا ضعفاً في إحدى المواد سعى لإدخالنا معاهد تعليمية على نفقة النادي. كما أذكر وأنا صغير أنه كان يشتري لي على حسابه الخاص (چلي بالفراولة)، حيث كان يشدني منظره الشهي وهو في ثلاجة كانتين نادي الشارقة الذي كان يقع حينها مقابل المسبح. في ذلك العمر ومع دخولي فترة…
الجمعة ٠٩ أغسطس ٢٠١٣
في الفصل الأخير لي من برنامج ماجستير الإدارة العامة في جامعة بورتلاند (PSU) شدتني مادة بمجرد قراءتها على شاشة الحاسوب وهي (Organizational Change)، وتقدم المادة الدكتورة إيلين ويست، فقلت لماذا لا أسجّل فيها فهي ومن العنوان تبدو مغرية، لكن قبل التسجيل جاءني خاطر بأن أسأل وأستفسر ليس عن المادة، فقد وقعت في غرامها من أول نظرة، ولكن عن تلك المرأة الأمريكية التي سأكون تحت رحمة تقييمها ودرجاتها طوال فصل كامل، هل هي عنصرية .. وتكره العرب والمسلمين؟ سؤالي كان مشروعاً في ذلك الوقت وبعد سنتين فقط من أحداث سبتمبر المهولة! ومن حسن حظي أني وجدت مجموعة من أصدقائي درسوا على يديها مواد أخرى، لكن من سوء الحظ اجتمعت كلمتهم على سوء نظرتها للعرب، وأغلب من درس عندها إما رسب وإما نجح ولكن على الحافة بمعنى «بالعافية»، بتقدير مقبول إن كثر وهذا في أحسن الحالات! (اكتشفت فيما بعد، أنها كانت تضبطهم وهم يغشون). بعد الاستشارة رجعت إلى ربي واستخرت، ثم توكلت عليه وقدمت على المادة وبدأت دراستها، كما أحببتها من أول نظرة وأعجبت بالدكتورة Ellen من أول محاضرة، فقد تجاوزت الخمسين من العمر لكنها كانت جداً أنيقة، ليس فقط أنيقة الملبس والهندام فهي كذلك، ولكن أيضاً أنيقة الفكر وطريقة تقديم المادة، كنا نعيش ساعتين معها من دون ملل، لا أبالغ أنها…
الجمعة ٠٢ أغسطس ٢٠١٣
يقول الدكتور راغب السرجاني عن (فكرة) قبل أن تكون قصة حفر الخندق: أخذ المسلمون الأمر بمنتهى (الجدية)، وبدأوا يفكرون في الأزمة القادمة بـ(إيجابية)، وكان أول ما فعلوه تكوين (مجلس الشورى) .. وهكذا تكون البداية الصحيحة، مجلس من المهاجرين القرشيين والأنصار الأوس والخزرج، وغيرهم من القبائل المختلفة، بل إن فيهم من ليس عربياً أصلاً مثل بلال الحبشي وسلمان الفارسي، رضي الله عنهما، وهنا تتجلى عظمة الدين الإسلامي. ونلاحظ هنا كيف تتراكم الخبرات داخل الأمة الواحدة نتيجة تجميع كل العناصر والقبائل والأجناس والبلاد تحت راية واحدة. وسلمان الفارسي وفي المشاركة الأولى له مع صفوف المسلمين، لم يشعر أبداً أنه غريب، هذه هي دولته، وهذه هي أمته، وهذا دينه، فقال: يا رسول الله، إنا كنا بأرض فارس إذا حوصرنا خندقنا علينا. سمع رسول الله وصحابته الفكرة، فأعجبتهم، وعلى الفور ظهر الحسم وعدم التردد، فأخذوا قرارهم مباشرة بالبدء بحفر الخندق. يضيف د. السرجاني بقوله: إن هذه المهمة كانت مهمة مستحيلة فعلاً، مستحيلة بكل المقاييس، إذ إن عملاً كهذا لو تم في زمننا هذا في أسبوعين لاحتاج إلى أكثر من مئتي رافعة أثقال، وآلاف المعدات الإلكترونية، وعشرات سيارات النقل الكبيرة، كما يحتاج إلى إدارة هندسية كاملة، ومجموعة من الاستشاريين المتخصصين في الحفر، ولكي نعرف صعوبة هذا المشروع، من الممكن أن نقارنه مثلاً بمشروعات مترو الأنفاق…
الجمعة ٢٦ يوليو ٢٠١٣
بعد أن افتتح فرع لستاربكس بالقرب من مسجدي (مسجد الصبر) في مدينة بورتلاند، حيث كنت أدرس الماجستير، كنت كلما خرجت للصلاة وقبل فتح باب البيت أسمع زوجتي تناديني، وتقول: سعيد ممكن كوفي؟ أذهب بطبيعة الحال بعد الصلاة (راغباً لا مجبراً)، وأشتري كوبين لها ولي، وكان أكثر ما يشدني في فروع ستاربكس بأمريكا أن ريع كل قنينة ماء تشتريها تذهب إلى إفريقيا، لتوفير الماء الصالح للشرب لمزارعي القهوة هناك. بعد سنوات رائعة قضيناها في الولايات المتحدة، بدأنا رحلة أخرى في بريطانيا للحصول على شهادة الدكتوراه، فكان المقهى المفضل لدي هو «كوستا» .. وكان لديهم مؤسسة خيرية تعمل على دعم الفقراء في الدول التي تشتري القهوة منها. عشت في بريطانيا خمس سنوات، وأعتبر نفسي متابعاً جيداً للعمل الخيري (على الأقل في مانشيستر حيث كنت أقيم)، الشاهد .. 80 في المئة من صناديق التبرعات تذهب لمراكز أبحاث، لدور أحداث، مؤسسات تعليمية وغيرها. أما مساعدة الفقراء، فالدولة مسؤولة عن توفير الأساسيات لهم من مسكن وتعليم وصحة وغذاء. أنا على سبيل المثال كنت مقيماً (مبتعث على حساب جهة عملي)، لكن كنت أحظى مع عائلتي برعاية صحية مجانية، كما كان يدرس أبنائي بالمجان أيضاً. بعد هذه المشاهدات كانت ولازالت لدي أمنية في أن يذهب جزء من تبرعات المحسنين عندنا هنا في الدولة لمصادر تساعد في التنمية…