الأربعاء ١٥ مايو ٢٠١٣
للمكان ذاكرة وشخوص وحكايات وتاريخ يُروى، وتعتمد قصة الأمكنة على الأثر الذي تتركه في إنسانها، أو في ذلك العابر الذي مر بها سائحاً أو مقيماً بها لحظات من عمره، ماذا أضافت له، وكيف سكنت الصورة دواخله، وفي أية زاوية احتفظ بها؟ في زمن ما، كانت «الذيد» المكان، واحة خصبة غنية، يعرفها أهل الإمارات، صورتها ارتبطت بالنخيل والماء والنوق و«الغافة» وعراقيب الرمال وسحر تموجاتها وصفاء البداوة، فكانت عامرة بالناس في كل أوقاتها، وتحتفل بهم على طريقتها في موسم «القيظ» وفي نهايات الأسبوع وسط جنانها وخيرات أرضها. مثّلت مرحلة تاريخية مهمة من عمر الدولة ومسيرة نهضة الزراعة وتطورها، وكذلك بالنسبة لذاكرة الذين سكنوها أو حملوا منها بقايا أثر، فالذيد قصة طويلة وجميلة عند كل من عرفها، ورغم أن تلك البساتين الخضراء أصابها العطش ومات نخيلها بعد صبر وانتظار وهي واقفة شاهدة على تاريخ المكان. بقيت مجرد جذوع يابسة وخرائب وحسرة على ذلك الزمن الغني. خلال مرحلة بدايات قيام الاتحاد كانت الذيد هي مركز المنطقة الوسطى التي تساوي في موقعها الاستراتيجي كبريات مدن الدولة، فكانت أكبر محطة توليد كهرباء تخدم المناطق العديدة والمتفرقة هناك تستقر في جنباتها، وكذلك أكبر مستشفى، ومحطة مطافئ ومركز شرطة، وفي مرحلة الثمانينيات تأسست المنطقة التعليمية الوسطى فيها. وكانت فيها يوماً المدرسة الثانوية الوحيدة التي جمعت طلاب المناطق المجاورة،…
الأربعاء ٢٥ يوليو ٢٠١٢
يمارس المثقف دوراً تنويرياً في حياة المجتمع، إنه يقود الحراك الثقافي نحو مستقبل أكثر وعياً وانفتاحاً وعدلا لوطنه وأمته، دوره ينطلق من فهمه للواقع الذي يفترض أن يكون مبنياً على نظرة علمية وأفق فكري يملكه وخلفية ثقافية، وتجارب غنية مر بها أو استفادها من قراءاته. وقد يكون ينتمي إلى مدرسة أيدلوجية يؤمن بأفكارها، لهذا يعد المثقف الحقيقي قدوة لأجيال، وقائداً يوجه عقول الأفراد المؤمنين بفكره نحو ما يراه الأصلح. ويحرص هذا المثقف على الثوابت التي ينادي بها، ويكون أول حرّاسها، ولا يتخلى عنها إلا إذا أثبت له الواقع أنها غير مجدية أو طوباوية أو أن الزمن تجاوزها ولا تصلح لواقع جيل جديد. لهذا فإن مكانة المثقف تعد كبيرة عند الفريق الذي يؤمن بفكره والدور الذي يؤديه في إصلاح المجتمع أو السعي به نحو واقع أفضل. وفي ثورات "الربيع العربي" كانت المجتمعات تبحث عن أصوات المثقفين البارزين فيها، تريد أن تسمع رأيهم وتحليلاتهم وإلهامهم فيما يحدث، وماهي الخطوة المقبلة التي لابد منها، فالمثقفون الكبار منهم والذين حمّسوا هذه الشعوب طوال السنوات الماضية، وأشبعوها- وهي الظمآ- حديثاً وشعارات وأحلاماً بالحرية والحقوق والديمقراطية والمستقبل الأجمل... وصبُّوا في آذان الناس حديثاً طويلا عن الغضب وضرورة التغيير وأهمية الثورة، فكانت الشعوب في أمس الحاجة إليهم في لحظة الحقيقية. ساعة الحلم التي طالبوا بها وحملوها في…