الإثنين ٢٥ أغسطس ٢٠١٤
لم تمر على دول الخليج أيام صعبة، كما هي أيامنا هذه، فلا تكفي التوترات غير المسبوقة التي تحيط بالمنطقة، ولا يكفي تبدل سياسات دولية كانت ثابتة وواضحة، ولا يكفي خمول الدولة الأقوى في العالم، ليأتي الخلاف الخليجي - القطري ويزيد الطين بلة، فالترقب سيد الموقف، خاصة بعد توافق السعودية والإمارات والبحرين على أن شقيقتهم قطر غير مستعدة فعلا، لا قولا، لتصحيح سياستها المتسببة بضرر بالغ لهم. اجتماعات ولقاءات ومباحثات، وزراء يذهبون، وآخرون قادمون، لجان تراقب وتسجل وترفع تقاريرها، ويبقى القرار الأخير في يد قادة الدول الثلاث، الذين صبروا صبرا لم يعد يمكن المراهنة على استمراره أكثر. من الواضح أن صدر الدول الخليجية لم يعد يحتمل سياسة الدوحة التي تكون أحياناً «شاطحة» عن شقيقاتها ومحيطها، كما أنه من الواضح أيضاً أنه لم يعد لدى قطر ما تقدمه لتواري أخطاء سياستها الموجّهة ضد مصالح شقيقاتها، بالإضافة إلى عدم قدرة قطر أصلا على التخلص من ملفات شائكة مع أطراف وجهات لا تستطيع إنهاء العلاقة معهم بسهولة. هل يمكن لقطر، مثلا، أن تصبح ذات يوم لتقول لـ«حزب الله» والحوثيين وجماعة الإخوان المسلمين وغيرهم: «شكر الله سعيكم.. أغلقنا ملفاتنا معكم»؟ هل بإمكانها فجأة أن تقطع علاقاتها مع كل من يسيء لجيرانها من أراضيها، وفي الوقت ذاته تحتضنهم وتؤويهم؟ للتذكير فقط، أنه بعد يوم واحد من…
الإثنين ١٨ أغسطس ٢٠١٤
طوى العراق حقبة كارثية سوداء من تاريخه، برحيل رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي. نازع المالكي الرئيس السابق صدام حسين صدارة الأكثر سوءا في القرن العشرين. بالتأكيد طائفية نوري لم يمتلكها صدام الدموي، كلاهما حكم بالحديد والنار، كلاهما سبب للأزمات التي حلت ببلدهما والمنطقة. كلاهما كان رئيسا اسميا بينما الحقيقة أنهما ديكتاتوريان، الفرق الوحيد بينهما: الأول ديكتاتور بصناديق الاقتراع والآخر من دونها. لا أظن أن أي رئيس وزراء قادم في العراق سيكون محظوظا كما هو حيدر العبادي. ليس لأنه الأقدر، ولا لحنكته السياسية أو براغماتيته مثلا، فهذه لم تعرف عنه، على الأقل حتى الآن، وإنما لأنه أتى خلفا للمالكي، فلو سعى العبادي لأضخم حملة علاقات عامة في العالم، فلن يكون بمقدورها أن تمنحه عُشر ما قدمه له كرسي سلفه، لذا لن يقيّم أحد العبادي على مواقفه السابقة التي لم تكن تختلف كثيرا عن سلفه، غير أن فورة الترحيب الكبير داخليا وإقليميا ودوليا ستتلاشى تدريجيا، وستتحول إلى جفوة يتضرر منها الشعب العراقي بأسره، لو لم يبدأ العبادي في تغيير الحقيقة الماثلة على الأرض، من تفكك لمؤسسات الدولة، وانتشار غير مسبوق للفتنة الطائفية، وتهميش للسنة بشكل انتقده حتى الرئيس الأميركي باراك أوباما، وهي الدولة التي كان لها الدور الأبرز، مع إيران بالطبع، في تعقيد العملية السياسية في العراق. لم تكن تهنئة خادم…
الإثنين ١١ أغسطس ٢٠١٤
يبدو أن غضب غالبية السعوديين عبّر عنه الأمير تركي الفيصل، في مقاله المنشور في هذه الصحيفة الأربعاء الماضي، عندما كتب تحت عنوان «إنكار الجهود السعودية حيلة العاجز»، شارحا في ثناياه «المحاولات الآثمة للحكومة الإسرائيلية وأذنابها، لإظهار أن السعودية تتغاضى عن المجازر الإجرامية والهمجية في غزة». سرد تركي الفيصل في مقاله بالمعلومة، وليس بالرأي، المواقف السعودية منذ عهد الملك الراحل عبد العزيز، إلى عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز، وهي مواقف معروفة ويشهد لها تاريخ القضية الفلسطينية، ولم تكن يوما مواقف طارئة أو لحسابات سياسية ضيقة، ومع تقديري لرأي الأمير في الهجوم على الحكومة الإسرائيلية و«أذنابها»، فالحقيقة أن تل أبيب لم تتوقف يوما عن استخدام هذه اللعبة الإعلامية الخبيثة، والتزوير والكذب وضربها الحق بالباطل، هو أمر مشهود للإسرائيليين وليس بالجديد، المثير والعجيب دخول مواطنين سعوديين وأشقاء خليجيين على هذا الخط. المثير والعجيب أيضاً أنهم لا ينقلون من إعلام «العدو» الإسرائيلي ولا يصبح ذا مصداقية عالية إلا عندما يسيء للسعودية وينفذ أجندتهم! حملة التزوير التي شنت على السعودية ومواقفها، ساهمت فيها بقوة وسائل إعلام تمول من دولة شقيقة، دست السم في العسل من جهة، وزايدت على موقف السعوديين من القضية الفلسطينية من جهة أخرى. في حين لم يوفر مناصرو «الإخوان المسلمين» في الداخل السعودي وخارجه، تغذية المزاج العام العربي المتعاطف بطبعه…
السبت ٠٢ أغسطس ٢٠١٤
لم تكتوِ دولة بنار الإرهاب كما اكتوت السعودية. منذ اندلاع شرارته في التسعينات، مرورا بالهجمات المحمومة بداية الألفية، حتى تمكُّن الرياض من محاصرته وإجباره على مغادرتها قبل سنين قليلة مضت، وعلى الرغم من كل هذا، ومع القدرة السعودية الفائقة على مواجهة أشرس معركة في تاريخها، فإن السعودية حرصت دائما على أن تكون هي من يدق جرس الإنذار على المستوى الدولي، فقد حذرت ونصحت وبادرت. وأزعم أن خادم الحرمين أكثر زعيم عالمي قاد مبادرات ودعا لمحاصرة الإرهاب وحذر من تداعياته، إلا أن العالم للأسف لم يأخذ هذه التحذيرات بجدية، وهو ما نتج عنه انتشار رقعة الإرهاب وتوالد منظماته، مما أفرز خيبة أمل للعاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، كما عبر عنها في كلمته أمس، جراء عدم تفاعل المجتمع الدولي مع دعوته عام 2005 لإنشاء المركز الدولي لمكافحة الإرهاب. قد يكون الدافع وراء المتخاذلين عن أداء مسؤولياتهم، «مصالح وقتية» أو «مخططات مشبوهة». أيضا قد يكون الدافع هو البحث عن مكاسب سياسية مؤقتة، كما تفعل دول إقليمية تتواطأ مع جماعات إرهابية، أو استراتيجيات أثبتت فشلها، كما هي «الفوضى الخلاقة» التي بشرت بها وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندوليزا رايس. في النهاية كل من صمت عن الإرهاب المتمثل في جماعات أو تنظيمات أو حتى دول، وهي الأخطر، سيكتوي بناره عاجلا أم آجلا. السعودية…
الإثنين ٢١ يوليو ٢٠١٤
الحوثيون ليسوا أكثر من حزب متمرد في اليمن، خرج عن سيطرة الدولة وارتضى أن يكون دولة داخل الدولة. لم يكتف بذلك، أغرته الظروف السياسية الداخلية والخارجية بأن يتوسع قليلا. احتل مدينة عمران التي تبعد أقل من 50 كيلومترا شمال صنعاء. الحوثيون خلقوا واقعا جديدا في اليمن، يمكن تشبيهه بواقع «حزب الله» في لبنان. حزب في حقيقته تنظيم إرهابي، لكنه شيئا فشيئا تحول لحزب له استحقاقات سياسية، وإلا فمن يصدق أن مسؤولا يمنيا يصرح لصحيفتنا: «صنعاء خط أحمر». وماذا عن محافظة بأكملها، صعدة، يحتلها الحوثيون منذ عام 2011، أليست هي خط أحمر؟! أما عبد الملك الحوثي، زعيم الحوثيين، فيهاجم الرئيس عبد ربه منصور. لماذا؟ لأن الرئيس لم «يشِد بالخروج الشعبي والجماهيري». الحوثي يلوم رئيس البلاد لأنه لم يرحب باحتلاله عمران. منصور يرسل جيشه لقتال «القاعدة» ويترك ظهره مكشوفا للحوثيين حتى وصلوا لمشارف عاصمة البلاد. نجحت دول الخليج نجاحا مبهرا عندما رعت المبادرة الخليجية وأقنعت الأطراف اليمنية كافة بها وسط دعم دولي كبير، ثمانية أشهر من المفاوضات الصعبة والمعقدة، إلى أن تمكنت من حقن الدماء وإيقاف الخطر الداهم للشعب اليمني، إبان حكم الرئيس السابق علي عبد الله صالح، إلا أن مجلس التعاون رفع يده عن اليمن بعد نجاح وساطته السابقة، صحيح أن الدول الخليجية لا ترغب في التدخل في الشؤون الداخلية لدولة…
الإثنين ١٤ يوليو ٢٠١٤
ها هو المشهد يتكرر. القصة واحدة والسيناريو متغير. «حماس» تستفز إسرائيل. ترد الثانية على الصفعة بألف منها. لا تصل إسرائيل لمن تبحث عنهم. تصبّ جام غضبها على الأبرياء الفلسطينيين. تقتل المئات. تجرح الآلاف. تهدم البيوت على من فيها. يحرق المستوطنون شابا فلسطينيا وهو حي. أيام وتنتهي الحرب الإسرائيلية. يظهر «الحمساويون» بعد أن اختبأوا طوال فترة الحرب تحت الأرض، يعودون إلى ما كانوا عليه، عندها تكون المساعدات المليارية قد وصلتهم. يضمد الشعب الفلسطيني جراحه بانتظار عدوان إسرائيلي آخر، لا يقل همجية عن الذي قبله. المسلسل الحمساوي مع الغطرسة الإسرائيلية ليس جديدا، الرد الإسرائيلي المبالغ فيه، قانونيا وأخلاقيا وإنسانيا، مستمر. الدفاع الأميركي عن الحليف الدائم غير مستغرب. تخاذل مجلس الأمن لم يعد استثناء. التردد الدولي يبقى كما هو منذ خمسين عاما. يجتمع العرب ولا حل لديهم، دائما القوي هو من يفرض الحلول. يصدّ العالم عن واجبه أمام العدوان الإسرائيلي. منظمات حقوق الإنسان التي صدعت رؤوسنا بتفاهات لا تلتفت لأسرة فلسطينية مُنحت 10 دقائق لمغادرة منزلها قبل موعد صاروخ إسرائيلي مدمر. خالد مشعل من الدوحة يطالب أهالي غزة بالصمود. القبة الحديدية تحمي وتحصن تل أبيب وشقيقاتها من الصواريخ الحمساوية. آلة الحرب الإسرائيلية تواصل دك غزة بلا هوادة. تقاوم «حماس» بأجساد أبناء غزة. تحمي إسرائيل مواطنيها بقتل الفلسطينيين. 78 من القتلى مدنيون. نتنياهو يزعم…
الأحد ٠٦ يوليو ٢٠١٤
قبل 1000 يوم كتبت مقالي الأخير في هذه الصحيفة (المقال الأخير.. شكرا لـ«الشرق الأوسط») عند مغادرتي لها متّجها للصحيفة الرشيقة «الاقتصادية». وختمت المقال بعبارة: «غادرت (الشرق الأوسط) لكنها لم ولن تغادرني». وها أنا بعد نحو ثلاث سنوات أعود لعشقي الأزلي؛ الخضراء الجميلة. فما الذي سيقوم به رئيس التحرير الجديد لتغيير هذه الصحيفة؟! أظن أن وسائل الإعلام المحترمة، لا تغيّر سياستها بتغيير رئيس تحريرها. المؤسسات العريقة تحتفظ بسياسة ثابتة ورصينة، وصحيفة «الشرق الأوسط» برصانتها المعروفة تناوب عليها رؤساء تحرير، ومرّ عليها العديد من القيادات الصحافية، ومع ذلك استمرت تمضي كالسفينة العملاقة لا يبدو تغيير ربانها على مسيرتها بشكل سريع، يأتي رئيس تحرير ويرحل آخر، والصحيفة الرصينة ثابتة على خطها لا تتلون، ولا تتغير بتغيير من يتولى دفتها. بالطبع لا يمكن أن لا تكون هناك لمسات لرئيس التحرير يلحظها القارئ بين الحين والآخر. «الشرق الأوسط» ستقاتل للعمل وفق شعارها «صحيفة العرب الدولية». ستظل، عبر طبعاتها المتعددة في قارات العالم، صوتا للعرب أينما كانوا. تطرح قضاياهم وتعرض همومهم، ولا تتأخر في إيصال صوتهم، ستكون الصحيفة منفتحة مع الجميع وللجميع ومع كل التيارات والرؤى. لا تزعم الحياد مائة في المائة، ولكنها تلتزم بالمهنية مائة في المائة. لن تتجاهل صوتا أو طرفا أو جهة مهما وأينما كانت، إلا الإرهاب والإرهابيين، فلا مكان للحياد معهم. مع…
الخميس ٠٣ يوليو ٢٠١٤
ما أصعب أن يتحول مقال يتناول قضايا سياسية أو اقتصادية، إلى مقال فيه من العاطفة الشيء الكثير، ولكن هذا قدر قراء هذا المقال ــ أعانهم الله عليه. إنه المقال الأخير في صحيفة "الاقتصادية"، إثر تعييني رئيسا لتحرير صحيفة "الشرق الأوسط". إنه المقال الأخير في صحيفة تعلمت في دهاليزها أصول الصحافة. بدأت فيها صحافيا متعاونا بالقطعة، ثم عدت لسدة رئاسة تحريرها. ألا يحق لي بعد ذلك أن أحزن على مغادرتها؟! إذا كانت أسرتي الصغيرة كان لها الفضل الأول، بعد الله، في مآزرتي ومساندتي في مشواري منذ البداية، فلا يمكن أن أنسى زملائي في صحيفة "الاقتصادية"، هذا الفريق الذي حظيت به فكان هو الداعم الأول في تقديم عمل ساعدني كثيرا في انتقالي لوظيفتي الجديدة. زملائي كانوا فعلا فريقا حظيت بالعمل معهم خلال نحو ثلاث سنوات، ولا أخفي حزني لمغادرتي هذا الفريق الرائع، لكنهم لن يغادروني. أما قراء "الاقتصادية" فلا جدال أنهم كانوا الرقيب الأول والمشرف على عمل وأداء رئيس التحرير، يعاتبون، ويغضبون، ويوجهون، ويقترحون. حكمهم قاس، لكنه عادل. طموحاتهم عالية، إلا أنها مشروعة، وفي كل الأحوال لا يقبلون أن تكون صحيفتهم أقل من تطلعاتهم، ولا يرضون بأنها تتشابه مع غيرها، يحق لهم أن يسألوا: ما الذي قدمتموه لتختلفوا عن غيركم؟ نتفق معكم: لا يمكن أن تتشابه الصحف، و"الاقتصادية" لم تكن تقبل أن…
الأحد ٢٠ أبريل ٢٠١٤
"لئلا تؤثر سياسات أي من دول مجلس التعاون على مصالح وأمن واستقرار دوله"، هذه العبارة التي تضمنتها "وثيقة الرياض" لحل الخلاف الخليجي / القطري، تختصر علاقات متوترة بين الشقيقة قطر وجيرانها طوال نحو 20 عاماً. الدلائل تشير إلى أن السياسات القطرية تؤثر سلباً في مصالح وأمن دول الخليج واستقرارها، بينما الدوحة ترى أنها "حرة" في سياستها، وأنها "لن ترضخ" مهما بلغت العلاقات ومهما توترت، فهل فعلاً رضخت قطر؟! لا تهم تسمية الموافقة القطرية الأخيرة بتفاصيلها الدقيقة التي كانت مفاجأة للجميع، أنها رضوخ من عدمه. صحيح أن الدوحة كانت ترفض تفاصيل صغيرة يطالبها بها جيرانها، ثم توافق على ما يمكن اعتباره تحولاً في سياستها، وصحيح أن الشروط التي أُقرت في وثيقة الرياض ستغيّر من الثوابت التي قامت عليها سياسة الدوحة الخارجية، وصحيح أنه إذا التزمت الدوحة بتعهداتها سنشهد سياسة قطرية مختلفة جذرياً عمّا كانت عليه طوال العقدين الماضيين، إلا أن المهم أن الشقيقة العزيزة على قلوب الخليجيين جميعاً عادت إلى حضنها وامتدادها الخليجي أخيراً، "فلا بد من صنعاء، أيتها الدوحة، وإن طال السفر". ولأن السياسة لا تُؤخذ بالعواطف والأمنيات، فلا بد من الاعتراف بأن الالتزام القطري بما أقرّته "وثيقة الرياض" سيكون بالغ الصعوبة، ليس لأن الوثيقة كانت قاسية جداً مثلاً أو تضمنت شروطاً تعجيزية، بل لسبب بسيط جداً، فالسياسة القطرية أساساً…
السبت ٢٩ مارس ٢٠١٤
غالباً عندما تكون جزءا من الصورة فأنت لا ترى الصورة كما يراها مَن خارجها، هكذا يمكن وصف التغييرات التي شهدتها السعودية في السنوات العشر الماضية. العديد من الإصلاحات المتتالية والتاريخية التي تؤسس لديمومة واستقرار سياسي أكبر للدولة السعودية الثالثة: هيئة للبيعة.. إصلاح متواصل للقضاء.. تطوير للتعليم.. 30 سيدة في مجلس الشورى، ومشاركتها في الانتخابات البلدية. تحديث لتنظيمات الدولة وتشريعاتها. السعودية من أفضل 10 دول أجرت إصلاحات اقتصادية. التصنيف السيادي للسعودية AA مع نظرة اقتصادية مزدهرة. وحزمة من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي لا تتوقف. ربما البعض يرى هذه الإصلاحات بطيئة بمقابل آخرين يعتبرونها هادئة، إلا أنه لا أحد يختلف أنها جميعها قرارات تسجل لعهد الملك عبد الله بن عبد العزيز الإصلاحي. لذا فإن الأمر الملكي، المبني على قرار هيئة البيعة، بتعيين النائب الثاني الأمير مقرن بن عبد العزيز ولياً لولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز، لا يمكن فصله عن تلك الحزمة من الإصلاحات، باعتباره مؤشراً يزيد من طمأنة الشارع السعودي نحو مستقبل مؤسسة الحكم في بلاده، مع الإشارة هنا إلى أن انتقال السلطة كان دائماً يمضي بسلاسة منقطعة النظير منذ تأسيس البلاد، لكن ذلك لم يمنع من إنشاء هيئة البيعة التي جعلت من اختيار ولي العهد عملاً أكثر مؤسساتية، ثم تأتي هنا خطوة الملك باختيار الأمير مقرن ولياً لولي…
الأحد ٠٩ مارس ٢٠١٤
ابتداءً من اليوم، سيكون الشارع السعودي أكثر نضجاً، وأقل عدوانية. ابتداءً من اليوم لن تكثر الاجتهادات والتفسيرات البريئة منها والخبيثة. ابتداءً من اليوم، موعد التطبيق الفعلي لقرار معاقبة المنتمين والمتعاطفين مع الجماعات الإرهابية، لن نجد بيننا مَن يحرِّضون على الدولة ورجالها ومؤسساتها بشكل واضح ومكشوف ومخزٍ، تحت ستار مزاعم الإصلاح تارة وحرية الرأي وحقوق الإنسان تارة أخرى أو أنهم السد المنيع للإسلام تارة ثالثة. نعم، يعلنون أن هذه البلاد لا تخدم الإسلام كما تفعل جماعاتهم. الأمر الملكي، وما لحقه من بيان وزارة الداخلية، أمس الأول، جاء بقانون غير مسبوق على الساحة السعودية، حدّد فيه تفاصيل كانت مبهمة وغامضة، وسد ثغرات استُغلت أبشع استغلال، بعدما أعلن عن أسماء الجماعات والتيارات المتطرفة التي عدّها إرهابية، وكذلك أولئك الذين يخلعون البيعة، وما أكثرهم، أو تأييد تلك التنظيمات أو الجماعات أو الانتماء إليها أو التعاطف معها أو الترويج لها، "ويشمل ذلك المشاركة في جميع وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بشتى أنواعها، ومواقع الإنترنت". الحقيقة أن هؤلاء معروفون للجميع بأسمائهم وصفاتهم، ومشاركون في وسائل الإعلام، ككُتاب صحف أو صحافيين أو مُعدي أو مُقدمي برامج تلفزيونية أو ناشطين في وسائل التواصل الاجتماعي أو أساتذة جامعات. الأكيد أنه من السذاجة توقع أن يكونوا، جميعاً، عقلاء ويعودوا عن أفكارهم في غمضة عين. بعد اليوم لن تكون خطورة المنتمين…
الخميس ٠٦ مارس ٢٠١٤
لا أظن أن هناك مَن فُوجئ بالخطوة السعودية - الإماراتية - البحرينية بسحب سفراء الدول الثلاث من الدوحة. المفاجأة، إذا صح التعبير، في التوقيت وحده. لو اتخذ القرار قبل عام أو عامين فسيكون الأمر متوقعاً. الكل يعلم، وأولهم الأشقاء القطريون، أن سحب السفراء جاء نتيجة تراكمات لم تعد سراً، ولم يعد مناسباً دفنها تحت السجاد. باختصار، قالت الدول الثلاث للجار العزيز كفاية ثلاث مرات: يكفي تدخلاً في الشؤون الداخلية، ويكفي دعم أطراف تهدّد دول المجلس، ويكفي دعم وسائل إعلام معادية. لكن ما الذي الذي دعا دول الخليج لأن تخرج عن هدوئها المعتاد، بل المبالغ فيه كثيراً، وتتخذ واحداً من أخطر القرارات ضد دولة عضو؟ تاريخ مجلس التعاون القصير يُنبئنا بأن دول الخليج انتظرت أكثر من 15 عاماً وهي تراقب وتتحفظ وترفض، وحتى تغض النظر عن سياسات قطرية تناكف حيناً وتخالف أحياناً وتخاصم حيناً ثالثاً، حتى استمرأت الدوحة سياستها هذه وراهنت على أريحية جيرانها، كما استمرأت نقض التزامها وتعهداتها دون أي ردة فعل من قِبل المتضررين، بل ذهابها بعيداً عمّا توافق عليه من قرارات خليجية، لتفعل نقيضه سريعاً على أرض الواقع قبل أن يجف حبر التزامها أمام الجميع. يقول البيان القطري، أمس، إن خطوة سحب السفراء سببها "اختلاف المواقف حول قضايا واقعة خارج مجلس التعاون الخليجي"، وهنا يحق للمراقب أن يتساءل:…