الأحد ٢٢ أبريل ٢٠١٨
ما بين 2011 عندما بدأت شرارة الإرهاب في بلدة العوامية شرق السعودية، وبين 2018، الكثير مما يقال ويشرح ويوصف ويستفاد منه، تداخل فيه الإجرام وبيع السلاح والاتجار بالمخدرات والقتل والترويع، وصولاً إلى العمليات الإرهابية، وبتدخل خارجي إيراني، دخل على الخط لاحقاً من يزعمون أنهم «ناشطون» و«حقوقيون»، ولا ضير من العديد من منظمات حقوق الإنسان، وما بينهم كانت الحكومة السعودية الوحيدة القادرة على فرض الأمن والاستقرار لمواطنيها، ومواجهة كل حملات التشويه والتزوير، وتسمية الأشياء بأسمائها، شيئاً فشيئاً فرض المنطق نفسه، وصدقت فرضية الدولة التي أعلنتها منذ البداية، وثبت أن ما حدث لا علاقة له لا بالحقوق ولا بالواجبات. لم يكن ما جرى منذ يومه الأول مرتبطاً بمطالب أو غيرها، كان إرهاباً ونقطة آخر السطر. بطبيعة الحال تغيرت مع مرور الوقت وعودة الهدوء للقرية مواقف عديدة؛ حكومات ومنظمات وجهات دولية خُدعت في بداية الأمر، وجرفتها موجة اختلط فيها الحابل بالنابل، اعتبر كل من يرفع السلاح على الدولة محقاً حتى لو كان إرهابياً، وأصبح من ينشر الفوضى ويزوِّر الحقائق «حقوقياً» وليس محرضاً. الخميس الماضي أتت شهادة جديدة من الحكومة البريطانية من باب من رأى ليس كمن سمع، بفيديو نشره السفير البريطاني سايمون كوليس على حسابه في «تويتر»، قال فيه «هنا هزمت السلطات السعودية الإرهابيين، والآن بدأت إعمار المجتمع»، مضيفاً: «ها أنا أزور المشروع،…
الخميس ١٩ أبريل ٢٠١٨
لم تكن «درع الخليج» مناورة عسكرية عادية، تلك التي شهدتها السواحل السعودية الشرقية، كعشرات غيرها تجرى في المنطقة ومناطق حول العالم، بقدر ما كانت عقيدة عسكرية مختلفة. عام ونصف من التجهيز. عشرات الآلاف من القوات البرية والجوية والبحرية والأسلحة الاستراتيجية. واحدة من أكبر عمليات الحشد لقوات عسكرية بالمنطقة. 4 دول مشاركة تصنف بأنها ضمن أقوى عشرة جيوش على الإطلاق. تنفيذ واحدة من أضخم خطط التحرك العسكري على مستوى العالم. والأهم أن السيناريو المعد كان يشبه واقع التهديدات الحالية في المنطقة. الزوارق المفخخة، عمليات عسكرية محترفة، الإنزال على الشواطئ، المواجهات في عرض البحر من قوات نظامية معادية، وكذلك محاكاة نوعين من الحروب النظامية وغير النظامية، التي يكون طرفها ميليشيا، وما أكثر الميليشيات العابثة بالمنطقة. بالطبع أكثر ما تم ربطه من هذه المناورات أنها موجهة ضد طهران، وفي ظني ذلك ليس شرطاً، فإيران، كما أكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في حواره مع «CBS»، ليست نداً للسعودية «فجيشها ليس من بين الجيوش الخمسة الأوائل في العالم الإسلامي»، كما أن الجيوش الحقيقية في تقديري لا تستعرض، فقط كي ترسل رسائل لخصومها، بقدر ما تستهدف تأصيل قوة تخطيطها العسكري، وقدرتها الفائقة على إدارة العمليات الحربية، واستخدام أحدث تقنيات التسليح، وهو ما قامت به جيوش احترافية عرضت قدراتها كما هي، وكما خطط لها…
الخميس ١٢ أبريل ٢٠١٨
عندما ينشر هذا المقال، ربما تكون الصواريخ الأميركية «الذكية» في طريقها لتدك مواقع عسكرية تابعة للنظام السوري، كما وعد الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمس، وبعدما دعت المنظمة الأوروبية للسلامة الجوية «يورو كونترول» شركات الطيران إلى توخي الحذر في شرق المتوسط لاحتمال شن ضربات جوية في سوريا خلال 72 ساعة. الإجراء العسكري الوشيك هو عقاب للسلطات السورية بعد استخدامها مادة الكلور والأعصاب التي تسببت بمقتل ما يصل إلى 43 شخصا وتلقي 500 آخرين العلاج في دلما. لا شك أنك سواء تتفق أو تختلف مع ترمب، فإن خطوطه الحمراء أصبحت حقيقة وواقعاً لا يمكن تجاهله وليست كما سلفه باراك أوباما، الذي لو قام بهذا الفعل نفسه مع أول استخدام لنظام الأسد للأسلحة الكيماوية، لما أعادها النظام وحلفاؤه عشرات المرات، ولما سقط جزء من النصف مليون قتيل في سوريا من جراء مختلف أنواع الغازات السامة المحرمة دولياً. ربما كان الهجوم بالكيماوي الذي حدث في دوما همجيا، لكنه بالطبع ليس جديداً وإنما متكرر، وهو ليس سوى مثال آخر على وحشية النظام وتجاهله لشعبه. الجديد في الضربة العسكرية المنتظرة أنها لن تكون انفرادية، كما فعلت واشنطن قبل عام عندما أطلقت 59 صاروخاً من طراز توماهوك باتجاه مطار الشعيرات، رداً على مجزرة خان شيخون حينها، فالتصعيد العسكري ضد نظام الأسد في صورته الجديدة جمعت الولايات المتحدة…
الأحد ٠٨ أبريل ٢٠١٨
«طالبنا باعتقال بن لادن في التسعينات... فردّ الغرب: إنه يمارس حرية التعبير!». هذه العبارة، التي سردها ولي العهد السعودي في حواره مع «التايم» الأميركية، كافية لنسف أي أفكار مغلوطة ما زال صداها يتردد في دوائر غربية بشأن كيفية التعامل مع التطرف والمتطرفين. تكرار ممل وربط غير منطقي واتهامات مرسلة فقط لأن قائد تنظيم القاعدة أسامة بن لادن «كانت» جنسيته سعودية. لم يطرح أحد هذا السؤال: ماذا لو اقتنعت الدول الغربية منذ البداية بالموقف السعودي، بأن بن لادن صدقاً إرهابي؟ ماذا لو تم فعلاً اعتقاله كما طالبت الرياض قبل نحو عقد من أحداث 11 سبتمبر (أيلول)؟! من يدري ربما حينها لم يكن ليحصل تفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك 1993، ولا تفجير سفارتَي الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام عام 1998، وصولاً إلى الحدث الإرهابي الأهم في القرن الحادي والعشرين، وهو تفجيرات 11 سبتمبر. من يتخيل أن أولئك الذين دافع عنهم الغرب باعتبارهم «مناضلين من أجل الحرية»، وحذرت منهم السعودية مراراً وتكراراً، يصبحون هم الخنجر الذي طعن الغرب في خاصرته! هل كانت هذه المرة الأولى التي تحذّر الرياض من خطر الإرهاب قبل حدوثه وانتشاره؟ بالطبع لا، فعلَتها أيضاً مع بداية الحرب السورية. حذّرت من أن تجاهل الغرب للمأساة السورية وعدم حل الأزمة سيتسبب في تكاثر الجماعات الإرهابية وتناميها، وحدث المحظور وتكررت…
الأحد ٠١ أبريل ٢٠١٨
ثلاثة أيام هي الزيارة الرسمية لولي العهد السعودي لواشنطن، أما بقية الأسابيع الثلاثة فهي زيارة اقتصادية بحتة، وحتى في الزيارة الرسمية كان الاقتصاد هو عنوانها الرئيسي. هل يجادل أحد في أن الاقتصاد أضحى المحرك الرئيسي للعلاقات الدولية؟! أليس الاقتصاد هو ما يلعب دوراً لا يستهان به في بناء العلاقات الدولية وتشكيلها؟! بل إن العلاقات الدولية تقوم على مبدأ المشاركة الذي يعتبر حجر الأساس بالنسبة للسياسة الخارجية لأي دولة، وفي الحالة السعودية - الأميركية، وبالإضافة إلى التطابق غير المسبوق في المواقف السياسية، فإن الجديد هو أن الاستراتيجية السعودية الجديدة التي يقودها الأمير محمد بن سلمان، تقوم على تعزيز الإصلاحات الاقتصادية لبلاده من بوابة الفرص الذهبية المتبادلة، الذي تمثل في إنشاء برنامج اقتصادي للشراكة الاستراتيجية مع أهم القوى الاقتصادية في العالم؛ فالرياض تستثمر في دولة مثل الولايات المتحدة لتنويع استثماراتها في قطاعات جديدة ذات عوائد مرتفعة، وفي الوقت نفسه تستغل هذه الشراكات بشكل مختلف كلياً، بنقل التقنية إلى السعودية، وبمساهمتها في خلق وظائف جديدة لمواطنيها، كما في الاتفاقية التي أعلنت أمس بتأسيس مشروع سعودي - أميركي يهدف إلى توطين أكثر من 55 في المائة من الصيانة والإصلاح وعَمرة الطائرات الحربية في السعودية، بالإضافة إلى نقل تقنية دمج الأسلحة على تلك الطائرات وتوطين سلسلة الإمداد لقطع الغيار داخل المملكة. التوقعات تشير إلى أن…
السبت ٢٤ مارس ٢٠١٨
بعد أن كانت قوائم الإرهاب التي أصدرتها الدول الأربع المقاطعة لقطر «مفاجأة مخيبة للآمال» و«حملة لتشويه قطر»، وبعد أن كانت الدوحة تؤكد أن «كل الأفراد الذين لهم صلات بالإرهاب في قطر حوكموا»، بحسب الشيخ سيف بن أحمد آل ثاني مدير مكتب الاتصال الحكومي القطري، رداً على إدراج أفراد وكيانات قطرية في القائمة، ها هي الدوحة تدين نفسها بنفسها، وتصدر قائمة، وهي بالمناسبة الأولى في التاريخ القطري، تتضمن مجموعة من الأسماء والكيانات كانت قد برأتهم سابقاً ودافعت عنهم بشراسة، أي أن الدوحة وفرت الحماية الكاملة والحرية غير المنقوصة لمتهمين بالإرهاب ليواصلوا أنشطتهم طوال الشهور التسعة الماضية من داخل حدودها وخارجها، قبل أن تتذكر الدوحة أنهم فعلاً متهمون بالإرهاب وتدرجهم في قائمتها الخجولة. السياسة القطرية مرتبكة للدرجة التي فضحت نفسها أكثر من كونها أصدرت قائمة مطلوبين تذر بها الرماد في العيون، فمواطن قطري مثل عبد الرحمن بن عمير النعيمي، مدرج على قائمة الإرهاب الأميركية منذ ديسمبر (كانون الأول) 2013، وعلى قائمة بريطانية مماثلة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2014، وقائمة الدول المقاطعة منذ يونيو (حزيران) 2017. وتعتقد وزارة الخارجية الأميركية أنه حول أكثر من مليوني دولار شهرياً لتنظيم القاعدة في العراق لفترة معينة، من يصدق أن قطر الآن فقط تضعه على قائمة الإرهابيين، وكذلك فعلت مع سعد الكعبي الذي تتهمه الولايات المتحدة بتنظيم…
الخميس ٢٢ مارس ٢٠١٨
في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي استوردت الولايات المتحدة من الخام السعودي 563 ألف برميل يومياً فقط، وهي أقل كميّة منذ يونيو (حزيران) 1986. وبانخفاض 75 في المائة عن فترة الذروة التي استوردت فيها 2.24 مليون برميل يومياً عام 2003. فأكبر مصدر للذهب الأسود في العالم، وضع خطة رؤية مستقبلية مبنية على تحرير السعودية من «الإدمان على النفط»، ومبنية أيضاً على تنوع الاقتصاد وتحرره من هيمنة القطاع العام النفطي، وبعد أن كان التحالف السعودي الأميركي، منذ عهد الرئيس فرانكلين روزفلت، تهيمن عليه سلعة واحدة وإن كانت ثمينة، شهدنا تحولاً جذرياً في مفهوم هذه العلاقة حتى أضحت أكثر من نفط، الذي لم يعد هو الرابط الأوحد بين البلدين، وإنما أصبح جزءاً من حزمة مصالح اقتصادية تربطهما، وتجعلهما لا يستطيعان الاستغناء عن بعضهما البعض بسهولة مهما اختلفا في بعض القضايا السياسية العالقة، مع الأخذ في الاعتبار أن البداية المبكرة للعلاقة السعودية الأميركية منذ عهد الملك عبد العزيز كانت (اقتصادية) في المقام الأول، وكان الاقتصاد هو البوابة والقاعدة الأولى الصلبة في علاقاتهما. لا جدال أنه عندما التقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في البيت الأبيض، أول من أمس، كانت العلاقات السعودية الأميركية تمر بأحسن فتراتها منذ تأسيسها عام 1945 إثر اللقاء الشهير بين الملك عبد العزيز وروزفلت،…
الأحد ١٨ مارس ٢٠١٨
بعد أن أزاح دونالد ترمب عثرة ريكس تيلرسون عن طريقه، واختار الصقر الأميركي في الملف الإيراني مدير وكالة المخابرات المركزية مايك بومبيو وزيراً للخارجية، أضحى المسار سالكاً لأن تمضي واشنطن في تنفيذ استراتيجيتها لتعديل الاتفاق النووي الإيراني. المعادلة واضحة، إما اتفاق تكميلي مع الموقعين الأوروبيين يشمل برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية، وأنشطة طهران الإقليمية، وانتهاء صلاحية بعض بنود الاتفاق النووي في منتصف سنوات الـ2020، وتفتيش أكثر صرامة من الأمم المتحدة، أو تمزيق الاتفاق كما وعد ترمب. الكرة في الملعب الأوروبي، خصوصاً أن البيت الأبيض لا يلقي بالاً لتهديدات طهران بالانسحاب من الاتفاق، فهي لا تعدو أكثر من كونها جزءاً من عملية التفاوض الإيرانية، ومحاولتها الضغط لعدم المساس به، لكن إيران تعلم، والموقعون الأوروبيون (لندن وباريس وبرلين) يعلمون، والعالم بأسره أيضاً يعلم، أن شهر العسل الأوبامي انقضى دون عودة، وآن الأوان لتصحيح أخطاء كارثية تسبب بها الاتفاق، ومنح إيران ضوءاً أخضر لمواصلة عبث إقليمي لم تحلم به. أخيراً دقت الساعة لرفع الإشارة الحمراء، فعلاً لا قولاً، ضد الخطر الإيراني. ظلت العواصم الأوروبية تصر على عدم المساس بالاتفاق النووي، وكأنه كتاب مقدس، غير أنها رضخت مؤخراً لضغط واشنطن، وبدأت في الدخول على نفس الخط الأميركي بضرورة تعديله، وهو ما أظهرته وثيقة سرية نشرتها «رويترز» أن بريطانيا وفرنسا وألمانيا اقترحت فرض عقوبات جديدة من…
الخميس ١٥ مارس ٢٠١٨
بعد عام ونيف من الخلافات المستمرة بين الرئيس الأميركي ووزير خارجيته، حدث المنتظر والمتوقع بخروج الرئيس التنفيذي السابق لشركة «إكسون موبيل» من إدارة دونالد ترمب، فيما يمكن وصفه بأكبر تغيير تشهده هذه الإدارة التي ظلت في عملية إحلال وتبديل لم تتوقف، وفي ظل مشهد كان صامتاً ثم سرعان ما خرج للعلن يكشف عدم الاستقرار. أما لماذا كان خروج تيلرسون منتظراً ومتوقعاً، فيمكن تلخيصه بعبارة «خيبة الأمل»، وهو تعبير أشارت إليه بعض وسائل الإعلام الأميركية في وقت سابق، وأن ترمب يشعر بها تجاه دبلوماسية وزير خارجيته، مع عدم إغفال تصريحات ترمب المتتالية عندما كان مرشحاً، بأن خارجية بلاده أضحت «واجهة لنشر الضعف والارتخاء»، و«تحولها لفرع للحزب الديمقراطي»، كل هذا ينبئ أنه كان من المستحيل أن تعمل السياسة الخارجية الأميركية في كامل طاقتها، في ظل الهوة العميقة بين البيت الأبيض ووزارة الخارجية، بالإضافة إلى سواد التناقضات العميقة في هذه العلاقة منذ بداية عمل الإدارة الأميركية مطلع العام الماضي، مما تسبب، وفق محللين، بتقلص النفوذ الأميركي في العالم. وما زاد الطين بلة تعرض نشاط الإدارة الأميركية للعرقلة من جانب الكونغرس ووسائل الإعلام، وهو ما أفرز عدم قدرة ترمب حتى الآن على إنجاز عملية تشكيل إدارته، بعد مرور أكثر من عام على فوزه في الانتخابات الرئاسية، وهو أمر غير مسبوق في التاريخ الأميركي. وإذا…
الإثنين ١٢ مارس ٢٠١٨
السير أنتوني سيلدون، هو نائب رئيس جامعة «باكنغهام»، وهي واحدة من أقدم الجامعات في بريطانيا وأعرقها وأهمها، توقع أن يحل «الروبوت» مكان الإنسان خلال السنوات العشر المقبلة في مجال التعليم، ويقضي على مهنة التدريس في العالم، مخلفاً وراءه ملايين المعلمين الذين سينتهي عملهم في هذا المجال. كما توقع أن يؤدي التعليم الآلي إلى تقليص ساعات الدوام في المدارس والجامعات، ليصبح 30 في المائة من العملية التعليمية فقط داخل فصول الدراسة. لكن ما مناسبة الحديث عن السير؟! القصة أنه تم تعيينه من قبل حكومة بلاده ليكون مبعوثاً بريطانياً خاصّاً للتعليم في السعودية لدعم «رؤية 2030». وذلك كجزء مما اتفق عليه البلدان في ختام زيارة ولي العهد السعودي إلى بريطانيا، بالإضافة إلى تعيين السير مايك ريتشارد مبعوثاً خاصاً للرعاية الصحيّة للغرض نفسه. الجديد هنا أننا تعودنا أن تركز الزيارات الرسمية على التوافق السياسي والتعاون العسكري، وحتى تعزيز المصالح الاقتصادية، أما قطاعات أخرى كالصحة والتعليم، على الرغم من أهميتهما القصوى، فإنها في العادة تترك للمسؤولين والوزراء الأقل أهمية، هذا إذا لم نقل إنها تُهمل تماماً، ولا يتم التطرق لها أساساً، أما هذه المرة فالحكاية مختلفة جداً، السعودية الجديدة تأخذ على عاتقها الارتقاء بالإنسان السعودي أولاً، وبالطبع لن يتم ذلك إذا لم يتم تطوير الأساليب والطرق التي يتلقى خلالها السعوديون تعليمهم، ولا جدال في…
الخميس ٠٨ مارس ٢٠١٨
منذ بدء العلاقات السياسية بين السعودية وبريطانيا قبل مائة عام وتحديداً في 1915، عندما وقع الملك عبد العزيز والحكومة البريطانية معاهدة القطيف، مرت هذه العلاقات بسلسلة من الانعطافات والتوترات والتقارب وصولاً للتحالف، غير أنها طوال هذه الفترة الزمنية الطويلة جداً في عمر الدول، حافظت المملكتان على مصالحهما سوياً، ويمكن القول إنه لم يكن البلدان مؤهلين «لبدء حقبة جديدة من العلاقات الثنائية تركز على شراكة تحقق فوائد واسعة النطاق لكل من المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية» وفقاً للحكومة البريطانية، كما هي المرحلة الحالية، وإذا كانت المصالح السياسية المشتركة والتفاهم الأمني ظلا العاملين الأبرز في تقارب البلدين، فإن المنفعة الاقتصادية ستفتح أبوابها لتكمل مضلع المصالح السياسية والأمنية، عندما يحل الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي «ضيف دولة» على بريطانيا، فللسعودية برنامج طموح يتمثل في «رؤية 2030» يعتبر الاستثمار في الدول المستقرة والحليفة ركيزة أساسية للرؤية، وبالتأكيد تعد بريطانيا على رأس الدول المستهدفة، بينما المملكة المتحدة وبعد خروجها من الاتحاد الأوروبي تبحث عن أسواق جديدة آمنة وخصبة وشركاء تجاريين موثوقين، وبالطبع لن تجد أفضل من الاستثمار في السعودية خياراً مناسباً، وهو ما رحب به الأمير محمد بن سلمان، خلال حديثه مع صحيفة «التليغراف» اللندنية، بأنه يأمل في أن تكون الشركات البريطانية قادرة على الاستفادة من التغيرات العميقة التي تحدث في بلاده، مضيفا:…
الأحد ٠٤ مارس ٢٠١٨
كان المشهد صادماً، لكنه يعبر عن الواقع، لولوة الخاطر المتحدثة باسم وزارة الخارجية القطرية تتحدث للحضور على هامش اجتماع مجلس حقوق الإنسان في جنيف، إلا أن السيدة الخاطر تكبّدت عناء الحديث لسبع وأربعين دقيقة كاملة عن أزمة بلادها مع الدول المقاطعة، في قاعة يفترض أن الحضور فيها بالعشرات، غير أنها كانت شبه فارغة إلا من أشخاص عددهم أقل من أصابع اليد الواحدة، في مشهد بائس ويشرح حالة العجز الذي تعيشه الدبلوماسية القطرية في معالجة أزمتها، وكيفية تفاعل دول العالم مع ما تعتبره الدوحة قضيتها الأولى والأساسية، وهي محقّة في ذلك، بينما كل الدول الأخرى، حتى أقرب حلفائها مثل تركيا وإيران، ترى أنها أصبحت مع مرور الوقت قضية هامشية لا تهتم بها وليست مستعدة لأن تضعها حتى في أدنى درجات الأهمية، خصوصاً أن خريطة الحل التي تريدها الدوحة مستحيلة وغير قابلة للتحقق، فهل بعد هذا كله ستترك تلك الدول قضايا كبرى بالمنطقة مثل الحرب في سوريا أو الاقتتال في ليبيا أو تدخلات إيران في الإقليم، لتتفرغ للاهتمام بقضية هامشية ليست ذات تأثير عليهم؟! الاستراتيجية القطرية تركز في مساعيها لإبقاء أزمتها طافية على السطح، في التقاط تصريحات غربية دبلوماسية روتينية والبناء عليها واعتبارها حبل النجاة، ثم يثبت أن تلك التصريحات ليست إلا مجرد ذر الرماد على العيون، ولم تتقدم معها الدوحة خطوة…