الخميس ٠١ مارس ٢٠١٨
منذ تولي الملك سلمان بن عبد العزيز سدة الحكم قبل ثلاث سنوات، وعجلة إعادة هيكلة الدولة السعودية لا تتوقف، والتحديث والتطوير يطالان جميع أجهزة الدولة ومؤسساتها المدنية والعسكرية، وهكذا كان الحال في التغييرات الأخيرة التي أجراها العاهل السعودي الاثنين الماضي، إلا أن الأبرز في تقديري ما شهدته المؤسسة العسكرية السعودية، بإقرار وثيقة تطوير وزارة الدفاع المنبثقة عن استراتيجية الدفاع الوطني، التي أقرها مجلس الوزراء السعودي في مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي. يمكن القول إنها المرة الأولى التي يطلّع فيها السعوديون على تفاصيل دقيقة تخص إعادة هيكلة وزارة الدفاع، التي تشهد منذ عام 2014 أكبر عملية تحديث في تاريخها، بنموذج تشغيلي جديد يحدد أدوارها بما يضمن حماية المصالح الوطنية، وتحقيق الأهداف الاستراتيجية لها، كما أنها المرة الأولى التي يسمع السعوديون عن الهيكل التنظيمي للوزارة السيادية، وإدخال الحوكمة إلى أروقتها، والعنصر الأكثر أهمية الحصول على نتائج أفضل للإنفاق السعودي على وزارة الدفاع، كما أشار ولي العهد السعودي في حواره أمس مع صحيفة «واشنطن بوست». وإذا كان التغيير الحقيقي والكبير تمثل في إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية، فلا بد من الإشارة هنا إلى تعبير «تغيير قادة الجيش السعوديين»، وهو العنوان الذي هيمن على وسائل الإعلام الغربية في تغطيتها للأوامر الملكية الأخيرة، وهو من جهة، مفهوم باعتبار أن أي تغييرات في أي جيش في العالم…
الأحد ٢٥ فبراير ٢٠١٨
قبل اثنين وعشرين عاماً رفع العلم الإسرائيلي في سماء العاصمة القطرية، والأسبوع الماضي سمحت قطر لإسرائيل بالمشاركة في بطولة العالم للكرة المدرسية، التي انطلقت الخميس بفريق للفتيان وآخر للفتيات، وفي السياق نفسه، أتى تصريح السفير القطري محمد العمادي لوكالة «رويترز» قبل أيام ليشرح كيف تدار علاقات بلاده مع تل أبيب، عندما قال إنه زار إسرائيل 20 مرة منذ 2014 «وكانت الزيارات سرية في السابق، لكنها لم تعد على هذا النحو الآن»، حيث لم تكن العلاقات بين البلدين سراً، وإنما تخفيها وتظهرها الدوحة بحسب مصالحها مع الغرب، والولايات المتحدة تحديداً. يمكن القول إنه خلال أكثر من عقدين من الزمن فعلت الدوحة كل الموبقات الدبلوماسية في علاقاتها المريبة مع إسرائيل، ليس في تفردها في القرار منتصف التسعينات، وليس في مساعيها لأن تكون هي الوسيلة الإسرائيلية لاختراق الجسد الخليجي، لكن الدراما القطرية تمثلت فيما هو أسوأ من العلاقات نفسها، بالتحريض وإطلاق الشائعات والأكاذيب على جيرانها واتهامهم زوراً بالتطبيع، فقط لتغطية علاقاتها الرسمية التي تجاوزت حتى الدول التي لديها سفارات إسرائيلية وحدود مشتركة، مثل مصر والأردن، فلم يزر رئيس وزراء إسرائيل أسواقاً شعبية في هاتين الدولتين، ولم يختلط بشبابهم وفتياتهم، بافتخار قطري تجاوز كل الأعراف والتقاليد، ولم يجبر طلاب وطالبات المدارس للعب مع نظرائهم الإسرائيليين. بدأت الدوحة علاقاتها مع تل أبيب بعد مؤتمر مدريد،…
الأحد ١٨ فبراير ٢٠١٨
من ميونيخ هذه المرة ألقى أمير قطر خطاباً هو الرابع منذ بداية أزمة بلاده ومقاطعتها من قبل الدول الأربع. لم يتغير مضمون الخطاب عما سبقه؛ جميعها تدور في فلك المظلومية والاستمرار في مساعي تدويل الأزمة حتى مع نفض القوى الكبرى يدها تماماً. سعى الشيخ تميم لاستعطاف الحاضرين بأن بلاده «صغيرة»، وتواجه جيرانها «الطامعين»، واصفاً الأزمة بأنها «عديمة الجدوى افتعلت من قبل جيراننا»، لكنه لم يوضح لمن خاطبهم، ما دامت أنها أزمة عديمة الجدوى، وما دامت أن بلاده «باتت أكثر قوة من الماضي»، فلماذا هذه الخطابات المتتالية في كل محفل دولي، والإصرار على تبرير موقف قطر مرة تلو الأخرى، بينما لم يظهر أحد من قادة الدول الأربع، مثلاً، ولو مرة واحدة ليتكبد عناء الحديث في مؤتمر دولي أو غيره عن الأزمة ذاتها. وإذا كانت قطر فعلاً، كما يقول أميرها «باتت أقوى» وإن «الحصار فاشل»، فلمَ لا يفعل كما فعلت الدول الأربع، يرمي الأزمة وراء ظهره، ويتفرغ لإدارة شؤون دولته. الحقيقة المرة التي يعرفها العالم ولا تريد قطر الاعتراف بها، أن كل القضايا في الدوحة أصبحت لا معنى لها ولا أهمية، والقضية الوحيدة المؤرقة ذات الأولوية القصوى هي مقاطعتها من قبل جيرانها. ربما اللافت في خطاب أمير قطر هو تبنيه المطالب الإيرانية بإنشاء منظومة إقليمية أمنية، عندما دعا إلى البدء «باتفاقية أمنية…
الأحد ١١ فبراير ٢٠١٨
خلال نحو 9 أشهر يطوف وزير الخارجية القطري العالم كل شهر تقريباً، لمهمة واحدة لا غير، البحث عن حلول لأزمة بلاده مع الدول الأربع المقاطعة، قبل أن يضطر للاستعانة بوزير آخر يعاونه، وهو وزير الدفاع خلال رحلته الأخيرة لواشنطن، الذي بدوره كرر دبلوماسية زميله باستجداء إنهاء الأزمة سريعاً، بل إنه يدعي أن الرئيس دونالد ترمب يستطيع فعلها بـ«مكالمة هاتفية»! في كل عاصمة غربية الدبلوماسية القطرية لا تتغير؛ توقيع صفقات أسلحة أكبر من طاقة الدولة، مقابل شراء ضغط على الدول المقاطعة، وكما يقول أينشتاين: الغباء هو تكرار فعل الشيء نفسه عدة مرات وتوقع نتائج مختلفة، فقد انتهت كل الزيارات النهاية الحزينة نفسها؛ الكثير من عبارات التعاطف وشيء من «القلق»، أما الأهم فهي الرسالة شبه الموحدة: عذراً لا نستطيع التدخل في «أزمتكم»، حلّوها بينكم. وفي أقصى درجات الدبلوماسية يتم التذكير بالوساطة الكويتية. منذ الخامس من يونيو (حزيران) 2017، عندما أعلنت الدول المقاطعة إجراءاتها ضد الدوحة، لم تتمكن الدبلوماسية القطرية، المتفرغة تماماً لهذه الأزمة، على عكس الدول الأربع التي التفتت لقضاياها، من تحقيق أي اختراق سياسي لأزمتها، لم تتغير مواقف الدول الأربع قيد أنملة، لم تستجب العواصم الغربية في مساعي تدويل الأزمة، ولم تظهر بادرة أو إشارة بقرب انتهاء الأزمة، والدولتان الوحيدتان اللتان تقفان في صفها هما تركيا وإيران، وهما بالمناسبة تواجهان معاً…
الخميس ٠٨ فبراير ٢٠١٨
في الخامس من مارس (آذار) 2011 كنت انتهيت للتو من لقاء صحافي مع زعيم المعارضة الشيعية البحرينية علي سلمان، وفي طريقي للقاء الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد البحريني للقاء صحافي آخر. شوارع العاصمة المنامة على غير عادتها تخلو من السيارات والمارة. ليست البحرين التي نعرفها. الاحتقان بلغ أشده. والطائفية في أقصى مستوياتها في بلد عرف بتسامحه. المعارضة المتطرفة نظمت يومها سلسلة بشرية بنكهة طائفية، تبدأ من ميدان مجلس التعاون (اللؤلوة)، حيث مقر تجمع الميليشيات المطالبة بإسقاط النظام، باتجاه جامع الفاتح أكبر مساجد البحرين. استفزاز للشارع البحريني ما بعده استفزاز. في لقائي معه في مقر جمعية الوفاق تحدث علي سلمان بلغة المنتصر الواثق من السقوط المنتظر، بينما قال سلمان بن حمد: «ستبقى بلادنا لكل البحرينيين، سنتهم وشيعتهم، أزمة قاسية لكنها ستمر، لن نسمح بأن تتغلغل الطائفية بيننا». بعد سبع سنوات من فبراير البحرين الأسود، ها هي مملكة ديلمون فعلاً تمر من أزمتها القاسية والمروعة بسلام، بتكاتف أبنائها المخلصين، أما من راهن على سقوطها من متطرفي الداخل، وعملاء الخارج، وداعمي الفوضى، مثل إيران وقطر، فها هم ينكشفون ويسقطون واحداً تلو الآخر. بدأت البحرين ربيعها الخاص قبل الربيع العربي المزعوم بعشر سنوات، في 2001 أطلق الملك حمد بن عيسى آل خليفة مشروعه الإصلاحي، وتضمنت «فلسفة الإصلاح» أهم مبادئ وأسس وغايات…
الأحد ٠٤ فبراير ٢٠١٨
يزداد غموض إعلام المستقبل يوماً بعد الآخر. كل يوم تظهر إمكانات تقنية جديدة ومصادر معلومات مختلفة. عشرات التطبيقات تدخل ساحة المنافسة يومياً. «أمازون» يخطط لمنافسة «يوتيوب». «واتساب» يأخذ من حصة «سناب شات». «تويتر» يرغب في حصة من مستخدمي «فيسبوك». مستخدم جديد لوسائل التواصل الاجتماعي كل 15 ثانية. 62 مليار رسالة يومياً على تطبيقي «فيسبوك» و«واتساب». 8 مليارات مشاهدة يومياً للفيديو على «فيسبوك» و«سناب شات». المشاركة حلت مكان الاستقبال والتلقي. ولم تعد وسيلة الإعلام تتصدر المشهد، فالمتلقي فرض نفسه عنصراً قوياً لا يمكن تجاهله. المهم هنا أين تقف وسائل الإعلام أمام هذه العاصفة الهوجاء؟! ربما من السهل توصيف أزمة الإعلام التقليدي، وتراجع انتشاره وتأثيره وانحساره، بعد أن تسيّد الساحة طويلاً، لكن في الوقت ذاته، لا يوجد من يستطيع أن يحدد المسار المقبل لمستقبل الإعلام، وما هي الوسيلة الإعلامية أو النموذج الأمثل التي سيحل بديلاً للإعلام التقليدي. إذا كانت الصحافة الورقية تتعرض لتحديات غير مسبوقة، نتيجة تراجع نسب القراءة، مصحوباً بتراجع عائدات الإعلان، فإن الأزمة لم تعد محصورة بها فحسب، وإنما تعدتها لتصل إلى التلفزيون الذي سجل في 2017 ولأول مرة تراجعاً في عائدات إعلاناته لصالح الإعلان الرقمي، أما من يعتقد أن مواقع الإنترنت في مأمن من الثورة التقنية، فعليه أن يراجع حساباته، فعملاقا الإنترنت «فيسبوك» و«غوغل» يستحوذان على 60 في المائة…
الخميس ٠١ فبراير ٢٠١٨
التمويل ثم التمويل ثم التمويل، متى ما تم ضبطه ومنعه من الوصول للجماعات المتطرفة، فالنتيجة ستكون خانقة عليهم من أحزاب وجماعات وأفراد، فعلى مدار عقود لم تتوقف عمليات إمداد تلك الجماعات، مستغلة التلاعب بالأنظمة المصرفية، وهو ما ساهم في انتشارها وتمويل عملياتها الإرهابية، لكن ذلك العهد ولّى، وغدا تحويل الأموال للمتطرفين عملية معقدة وبالغة الصعوبة، ما دامت تمر عبر النظام المصرفي العالمي، وفي نفس الوقت فإن الخبر السيئ يكمن في أن هناك جماعات متطرفة ليس شرطاً أن يأتيها الدعم المنتظر، من دول أو أفراد، عبر المصارف أو التحويلات، فـ«الكاش» حاضر، وهو سيد الموقف. النظام المصرفي يستطيع منع الأفراد والجماعات من تحويل الأموال للمتطرفين، إلا أنه لا يستطيع ذلك إذا قررت دول فعلها، ولعل أشهر قصص التمويل الحكومية للمتطرفين ما كشفت عنه صحيفة «الفايننشال تايمز» من دفع حكومة الدوحة فدية بمليار دولار، لجماعة مرتبطة بتنظيم القاعدة تقاتل في سوريا ورجال أمن إيرانيين وجماعات عراقية متطرفة، مقابل الإفراج عن أفراد من الأسرة الحاكمة القطرية كانوا قد اختُطفوا هناك، وبعيداً عن دقة الرقم إن كان فعلاً مليار دولار أو أقل أو أكثر، فإن هذا يعني أن أموال الفدية ما هي إلّا مبالغ دُفعت من صندوق الخزينة القطرية إلى تنظيمات متطرفة، بعيداً عن النظام المصرفي الدولي وقوانينه. المغزى هنا أن التعاون الدولي لخنق تمويل…
الأحد ٢٨ يناير ٢٠١٨
إيران لا تكلّ ولا تملّ من دعواتها إلى الحوار مع جيرانها على رأسهم السعودية. ما بين كل دعوة ودعوة، هناك دعوة، مع تزايدها منذ رحيل إدارة باراك أوباما وانتهاء شهر العسل الأميركي - الإيراني، وآخر دعوات مسلسل الحوار جاءت في مقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في صحيفة «فايننشيال تايمز» اللندنية، حيث يستمر المنطق الإيراني القديم الجديد نفسه، حروب وإرسال ميليشيات وقتل وترويع وتدخلات في شؤون الدول من جهة، ودعوات غير واقعية للحوار من جهة أخرى، ظريف يقول إن بلاده تقترح «إنشاء منبر إقليمي للحوار في الخليج، ودعوتنا الطويلة للحوار مفتوحة، ونتطلع لليوم الذي يقبل فيه جيراننا دعوتنا، وبتشجيع من حلفائهم، الأوروبيين وغيرهم في الغرب»، بالطبع هذه العملية التجميلية المتكررة التي يسعى لها أقطاب النظام الإيراني لسياستهم الخارجية التوسعية، مكشوفة جيداً لمن تسعى إيران للحوار معهم، كونها ذراً للرماد في العيون، فأول شرط للحوار هو توفر حد أدنى من الثقة، وهذا غير وارد مع دولة تحارب بميليشياتها وصواريخها هذه الدول، غير أن النظام الإيراني وهو يعلم استحالة الاستجابة لهذه الدعوة الزائفة، يهدف للاستفادة من المزاج العام الأوروبي تحديداً، في إرسال رسائل لهم أنهم طالبو سلام وليسوا دولة إرهابية، كما تتهمها الولايات المتحدة الأميركية ودول المنطقة أيضاً. يمكن القول إنه منذ وصول دونالد ترمب إلى البيت الأبيض قبل عام تقريباً،…
الخميس ٢٥ يناير ٢٠١٨
وكأن سوريا لا تكفيها الكوارث التي حلت بها، وكأن منشار التدخلات الأجنبية يحتاج إلى عقدة جديدة، وكأنه لا يكفي الوجود العسكري الأجنبي الروسي والإيراني والأميركي، حتى تتعمق الأزمة بتدخل أجنبي آخر. هذه المرة اختارت تركيا التدخل عسكرياً ومجدداً، ليس ضد نظام بشار الأسد كما أعلن وتعهد رئيسها مراراً وتكراراً منذ بداية الأزمة قبل سبع سنوات، وإنما ضد أكراد سوريا و«لحماية أمنها القومي»، كما تبرر أنقرة حربها على عفرين بمدينتها ونهرها وقراها الـ365. الحملة العسكرية التركية أثارت القلق والانتقادات الشكلية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، باعتبارها تمثل فتح جبهة جديدة في النزاع السوري، بالطبع أعلنت قطر تأييدها للهجوم التركي على الفصائل الكردية، في حين أعلن أكراد سوريا «النفير العام»، ودعوا إلى «حمل السلاح» دفاعاً عن عفرين، كل ذلك يحدث في منطقة كانت حتى قبل يوم السبت الماضي مستقرة نسبياً من سوريا، لكن أريد أن تتعقد الأزمة والضحية مأساة جديدة يئن تحت وطأتها مئات الآلاف من السوريين القابعين في عفرين. المراقب للأوضاع على الحدود التركية - السورية الممتدة على نحو 510 أميال، يرصد أن المشهد كان أكثر توتراً حتى 2016، كانت «داعش» تسيطر على مناطق واسعة من الحدود التركية مع شمال غربي سوريا، حيث كان التنظيم، حينها، يسيطر على أراضٍ تمتد على نطاق 60 ميلاً تقريباً، وبعمق 20 إلى 30 ميلاً معروفة…
الخميس ١٨ يناير ٢٠١٨
هي المرة الأولى التي تفعلها دولة خليجية ضد دولة خليجية أخرى، عندما تعرضت مقاتلات قطرية لطائرتين إماراتيتين مدنيتين كانتا في طريقهما إلى البحرين. من يصدق... قطر تستهزئ بسلامة مئات المسافرين من 20 جنسية. هي تعلم أن احتمال سقوط الطائرات المدنية وارد، في حال كان هناك تهديد عسكري كما فعلت المقاتلات القطرية، فعملية الاعتراض تتم عبر إرسال طائرتين مقاتلتين باتجاه الطائرة المدنية، حيث يقوم الطيار العسكري بالاقتراب بشكل كبير من نافذة ربان الطائرة المدنية، ومن ثم يقوم بتوجيه الطائرة من نافذته ليقوم قائد الطائرة المدنية بتحريك طائرته يميناً ويساراً، مما يعني أنه قبل الأمر بالاعتراض، وهنا يظهر الخطر باعتبار ردة فعل الربان في تلك اللحظة غير مضمونة، مما يعرض سلامة الركاب للخطر ويزيد من احتمالية سقوط الطائرة. بالطبع الدوحة أنكرت ما قامت به وتبرأت منه، وسريعاً ما انكشفت الكذبة بعرض التلفزيون البحريني إثباتات مصورة لكيفية الاعتراض بعد رصد الرادارات ذلك، حيث ثبت للجميع أن قطر فعلتها ثم كذّبت فعلها، وهو أمر اعتادت عليه دول المنطقة من سلوكيات تقدم عليها جارتهم المعزولة. إذا كان اعتراض المقاتلات القطرية للطائرتين الإماراتيتين، جريمة جديدة تضاف إلى الرصيد القطري ضد جيرانها، فإن الخطوة المتهورة يبدو خلفها ثلاثة أهداف؛ أولها أن الدوحة تريد إعادة قضيتها للواجهة الدولية بأي ثمن، بعد أن واجهت رداً غربياً ثابتاً طوال أكثر…
الخميس ١١ يناير ٢٠١٨
قبل عامين من الآن، وتحديداً في الثامن عشر من يناير (كانون الثاني) 2016، تراجعت أسعار النفط لأدنى مستوياتها في 12 عاماً تقريباً، بعد أن هوى خام برنت القياسي إلى نحو 27.5 دولار للبرميل. كان ذلك بمثابة الصدمة للجميع منتجين ومستهلكين، فالارتفاع المبالغ به كما الانخفاض ينذر بأزمة اقتصادية عالمية، حينها بلغ التشاؤم حدّه بأن دورة جديدة من النفط الرخيص قادمة، وعلى الدول المنتجة تحديداً الاستعداد لسنوات طويلة قاسية على شعوبها واقتصاداتها، إلا أن التوقعات والتنبؤات بأسعار نفط متدنية فشلت، بعد أن عاودت الأسعار ارتفاعاتها شيئاً فشيئاً من أدنى مستوياتها لتلامس أمس السبعين دولارا. إلا أن القصة الحقيقية ليست في ارتفاع الذهب الأسود أكثر من مائة في المائة في عامين فحسب، ولكن في اتفاق ذهبي لأعضاء «أوبك» بقيادة السعودية، والدول غير الأعضاء بقيادة روسيا لخفض الإنتاج بـ108 ملايين برميل، وهو ما نجح فيه الجميع في النهاية من إنقاذ العالم من أزمة اقتصادية طاحنة، لو استمرت الأسعار أقل من 30 دولاراً لفترة طويلة. ربما ونحن نتابع بإعجاب عملية تعافي السوق النفطية، لم نعطِ الاتفاق النفطي حقه من التحليل والمراجعة والتقييم، وربما أيضاً اعتبرنا ما حدث عملية تصحيح اقتصادية بحتة وطبيعية، بينما الحقيقة أن ارتفاع الأسعار لأكثر من الضعف، وتخفيض الفائض في المخزونات من 300 مليون برميل تقريباً قبل عام، إلى أقل من…
الخميس ٠٤ يناير ٢٠١٨
أسبوع من الاحتجاجات في إيران، والأسئلة أكثر من الإجابات. لا قيادة مركزية لمظاهرات تزداد حدتها يوماً تلو الآخر. لا جهة تتبناها. أفرادها مواطنون عاديون ليسوا محسوبين على أي من التيارات. شرائح اجتماعية لم تكن محوراً للتغيير السياسي أبداً. اندلعت المظاهرات استياءً من الأوضاع الاقتصادية، غير أنها سريعاً ما تحولت للتعبير عن الاستياء من السياسة الخارجية ومن النظام نفسه. جميع القوى داخل إيران لا تزال لم تستوعب الصدمة. الرئيس حسن روحاني ترك وحيداً في مواجهتها. مرتبك في كيفية التعاطي معها. تلتزم حكومته الصمت تارة وتغازل المحتجين تارة أخرى، في الوقت الذي تعاملت فيه السلطات مع احتجاجات الثورة الخضراء 2009 بكل حزم. ومما يدلل على ارتباك الرئيس الإيراني السيناريو الذي طرحه إسحاق جهانجيري، نائب روحاني، عندما قال إن «الذين أثاروا هذه التحركات السياسية في الشوارع قد لا يكونون هم من سيضع حداً لها، إذ قد يركب غيرهم الموجة التي بدأوها، ويجب عليهم أن يعلموا أن فعلهم سينقلب عليهم»، وهو هنا يشير إلى ما يسمى «المتشددون» وأنهم خلف تحريك هذه الحركة الاحتجاجية، ولا شك أن أكثر المتضررين سيكون الرئيس روحاني، كما أن من غير المستبعد أن يضعه المرشد الأعلى كماشة للخروج من مأزق الاحتجاجات التي تنتشر في البلاد. الاستراتيجية الوحيدة التي تعتمدها الحكومة الإيرانية لإيقاف المظاهرات هي محاصرتها وانتظار خفوتها ومن ثم انتهاؤها…