السبت ٢٦ سبتمبر ٢٠١٥
هي قصة لا تنتهي. كلما حدث طارئ عكر موسم الحج، تتكرر الأسطوانة، ولا جديد في الأمر. الجديد أن السعودية لا تتوقف عند ذلك بل تستمر في إعطاء خدمة الحجاج الأولوية القصوى على ما سواها. تنفق ما يقارب 10% من دخلها على الخدمات المقدمة في مكة المكرمة والمدينة المنورة. وفوق ذلك تعتبر أن ما تقوم به من خدمة أكثر من 1.5 مليار مسلم شرفًا وليس منة. هذا الشرف ليس معنيًا به ملوكها أو حكومتها فحسب، بل أيضًا 20 مليون مواطن يتشرفون بذلك. فلما حدثت فاجعة التدافع في منى، عادت الأسطوانة المشروخة مجددًا، وكأن هناك من يتمنى هذه الحادثة ليستغلها سياسيًا ويزايد على السعودية في تنظيم الحج. بغض النظر عما تسفر عنه التحقيقات في حادثة التدافع المؤسفة، فإن إسقاط هذه الحادثة لنسف جهود مئات الآلاف من البشر يساهمون في خدمة الحجاج، أمر فيه الكثير من الإجحاف وعدم الإنصاف، فموسم الحج كل عام، على الأقل في المواسم القليلة الماضية، يمر بلا حوادث تعكر صفوه. هذا العام عندما حدث التدافع، لم تكن المفاجأة من ردود فعل نظام إيران العدواني وتخبطاته، فهذا أمر متوقع، بل ربما المستغرب لو كان غير ذلك. الغريب موقف دولة مثل تركيا. يخرج رئيس الشؤون الدينية فيها بتصريح مستفز يطالب فيه بمؤتمر دولي لمناقشة «أمور تأمين الحج»، ثم يتبعه رئيس الحكومة…
الإثنين ٠٧ سبتمبر ٢٠١٥
ولأنه حتى التحالفات السياسية لها تاريخ صلاحية ثم تبدأ بالأفول شيئًا فشيئًا، لم تعتمد السعودية والولايات المتحدة الأميركية فقط على علاقات متميزة استمرت سبعين عامًا، وهي عمر التحالف التاريخي، وإنما أسستا لمفهوم مبتكر يسمح لهذا التحالف بالصمود والصعود لعقود قادمة، من دون أن يتأثر سلبًا بتغير المواقف السياسية للبلدين، وهو ما تمثل في إعادة تشكيل العلاقات وفق قاعدة جديدة هي «الشراكة الاستراتيجية الجديدة للقرن الحادي والعشرين»، ربما هذه المعادلة المفاجئة التي احتواها البيان الختامي لزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لواشنطن، والمباحثات التي أجراها مع الرئيس باراك أوباما، هي التي تحمي العلاقة بين الرياض وواشنطن مستقبلاً من الولوج في أفخاخ التباينات والاختلافات السياسية، والتي من الاستحالة أن تتطابق في كافة تفاصيلها، وإن كانت كذلك في خطوطها العريضة. تركز السياسة السعودية الخارجية في عهدها الجديد، والتي يقودها الملك سلمان بن عبد العزيز، على أن لا تقتصر تنمية العلاقات مع الدول الأخرى من بوابة دهاليز السياسة ذات المواقف المتغيرة دائمًا، وإنما على المصالح الاقتصادية التي قد يكون لديها المصباح السحري في فتح آفاق مبتكرة. هذه القاعدة الذهبية تنطلق من أن التحالف يجب أن لا يتأثر سلبًا بمواقف سياسية متباينة، أو حتى اختلافات عميقة، بقدر ما يتأكد الطرفان أن هناك سياجًا حديديًا عاليًا يحمي علاقتهما من الضرر والتوتر، بفعل المصالح…
السبت ٢٩ أغسطس ٢٠١٥
لم تمنع 19 عامًا قضاها مهندس تفجيرات الخبر أحمد المغسل، متخفيًا ومتنكرًا ومتنقلاً بهويات مزورة، من وقوعه في يد العدالة أخيرًا. اصطاده صقور الأمن السعودي بعملية استخبارية معقدة، حتى لو ظن واهمًا أن السنين نالت من عزيمتهم وأضعفت قواهم. ليست مفاجأة أن المغسل كان يقيم بإيران، كما أنه لم يكن مفاجئا أنه يتنقل بهويات إيرانية مزورة، المفاجأة الحقيقية لو أن السيناريو كان فعلاً مختلفًا، ولم يكن لطهران يد في هذا التفجير الإرهابي، وإيواء منفذيه طوال عقدين مضيا. الآن وبعد الضجة التي أعقبت الكشف عن والقبض على المغسل، يبقى ثلاثة من المطلوبين المتهمين في العملية، من أصل 14 مطلوبًا، الذين سيكون الدور القادم عليهم الآن.. أين يقيمون؟ وما هي الجهة التي تدير تحركاتهم وتخفي هوياتهم وتستبدلها بهويات مزورة؟ وبعيدًا عن التنجيم والتحليلات والتكهنات، وكما كان المغسل يقيم في إيران، الدولة المتهمة بالوقوف خلف هذا العمل الإرهابي، فإن الطبيعي أن يكون المطلوبون الثلاثة مقيمين أيضًا فيها، وإن لم يكونوا كذلك، فإن الأوامر بالتأكيد صدرت لهم من اليوم الذي قبض فيه على المغسل بالعودة فورًا، فلا توجد دولة في العالم قادرة على تحدي الولايات المتحدة والعالم وإيواء مطلوبين للعدالة أو إرهابيين سوى دولة واحدة فقط، كما فعلتها سابقًا مع أعضاء تنظيم القاعدة، وهو أمر مثبت بالأدلة والبراهين، ولا يمكن تخيل أن المطلوبين الثلاثة:…
السبت ٠٨ أغسطس ٢٠١٥
نعم، فلنستعد للأسوأ مع «داعش». الحرب طويلة وشاقة وشرسة قبل هزيمة هذا التنظيم على غرار «القاعدة»، الذي لا يزال حيًا، غير أنه ليس بالقوة التي كان عليها قبل عقد. من يظن أن الحرب على «داعش» نزهة ستنتهي في وقت قصير فهو خارج عن الواقع، ومن يعتقد أن خطورته ستهدأ قريبًا فهو واهم، هذه حرب دولية ضد سرطان انتشر في أوصال العالم، فـ«داعش» تنظيم إرهابي عابر للحدود يستخدم تفسيرات دينية متطرفة، وهناك فرق بين هزيمته والقضاء عليه، كل ذلك لن يحدث في عام أو اثنين، بل أمامنا سنين طوال قبل الخلاص منه. التفجير الإرهابي الأخير الذي استهدف مسجدًا لقوات الطوارئ السعودية، حلقة من سلسلة طويلة للعمليات الإرهابية التي يقوم بها «داعش»، وهي لا ترتبط بمكان محدد، بقدر ارتباطها بأهداف التنظيم القائمة على تعزيز فكرة الحاضنة الاجتماعية للإرهاب وسهولة انتقاله من بلد لآخر، طمعًا في جذب أكبر عدد ممكن من العناصر، التي يقوم باستخدامها في مقره الرئيسي في العراق وسوريا، فمنظرو «داعش» يعون جيدًا أن نشاطاتهم الإرهابية مهما كان حجمها، فمن الاستحالة أن تخلق لهم موقعًا على الأرض، لذا نجد عملياتهم تكون أمس في عسير، وقبله في الكويت، وقبلها في جزيرة الريم الظبيانية، ثم تعود لتستهدف الشيعة شرق السعودية، وتنتقل مرة أخرى لمحطة جديدة في أوروبا، والهدف النهائي هو استقطاب «جنود» لـ«الدولة»…
الخميس ٢٣ يوليو ٢٠١٥
بهجومه غير المسبوق على السعودية ومطالبته السمجة بوضعها تحت «الوصاية الدولية»، يكون نوري المالكي نائب الرئيس العراقي قد سدد ضربة قاضية لأي تقارب بين بغداد والرياض في الفترة القادمة، وبعد أن كان سببًا رئيسيًا في تردي العلاقات بين البلدين إبان توليه رئاسة حكومة بلاده، ها هو يختصر سياسة الحكم في العراق في التعاطي مع السعودية ودول الخليج. هذه التصريحات وإن كانت عدوانية ولا تتقاطع مع الدبلوماسية بشيء، فإنها تظهر الوجه الحقيقي للنظام العراقي من جارته الجنوبية. بالطبع لن ينطلي على أحد تمييع مواقف المالكي، كما في تصريحات رئاسة الجمهورية أو رئاسة الوزراء المنشورة اليوم في «الشرق الأوسط»، والزعم بالحرص على إزالة الشوائب في العلاقات السعودية العراقية وتعزيزها وبقية الكلام النظري المتكرر، فتبريرات مثل «التصريحات شخصية ولا تمثل الموقف الرسمي» غير منطقية وغير مفهومة، فمن تحدث بها نائب رئيس الجمهورية وليس نائبًا في البرلمان. يمكن القول إن طريقة التعاطي الرسمية مع هجوم المالكي الشنيع استهانة لا تغتفر من مؤسسة الحكم العراقية. خلال الفترة السابقة التي تولى فيها العبادي رئاسة الوزراء خلفًا للمالكي، بعث برسائل عدة بأنه عازم على تغيير الشكل الطائفي الذي أضحى هدفًا ساميًا سار عليه سلفه، لذلك غضت دول الجوار العراقي النظر عن استفزازات صادرة من وزراء ومسؤولين عراقيين عدة، طمعًا في المساعدة على إعادة الاستقرار للبلد الذي نجح…
الإثنين ٢٠ يوليو ٢٠١٥
السير كريستوفر ميير السفير البريطاني السابق لدى الولايات المتحدة وألمانيا، والزميل البارز لمعهد الخدمات الملكية المتحدة، نشر مقالاً في الزميلة صحيفة «الغارديان» اللندنية تحت عنوان «الفوضى في الشرق الأوسط تعني أن وقت التحالف مع إيران قد حان»، ملخصه أنه طالما لم تعد هناك قدرة على إسقاط نظام بشار الأسد بسبب الدعم الروسي الإيراني، وفي أعقاب ظهور تنظيم داعش المفاجئ واستقطابه للمقاتلين الغربيين، فـ«شئنا أم أبينا، نحن في تحالف على أرض الواقع ضد (داعش) وإلى جانب الأسد، وإيران، العدو العتيد لحليفتنا المملكة العربية السعودية»، ثم يتوصل سعادة السفير إلى نتيجة حتمية يطالب بها بلاده والغرب بإيقاف كل الأعمال العسكرية ضد «داعش»، وهذا هو المذهل، عبر «ترك المنطقة تحل مشكلاتها بنفسها»، ثم يختم مقاله بهذه العبارة: «إذا تمكن تنظيم داعش من التوسع في الشرق الأوسط، ألن يؤدي هذا حتمًا إلى استنتاج أن إيران يجب أن تكون حليفنا الاستراتيجي في المنطقة خلال القرن الواحد والعشرين؟». ثلاث نقاط رئيسية تغفلها هذه التحليلات غير الواقعية عن فك التحالف الغربي السعودي وتوجيهه نحو إيران، التي أصبحت عقيدتها السياسية مقبولة فجأة لدى الدول الغربية، أولها أن الغرب جرب التحالف مع السعودية ودول الخليج لستة عقود ويستطيع أي مراقب تأكيد أن هذا التحالف كان عاقلاً ولم يتسبب بأي أزمات إقليمية أو عالمية. وثانيها أن الإرهاب السني، كما يسميه…
السبت ١١ يوليو ٢٠١٥
فعلاً.. محظوظ من يتوفاه الله ويرحل عن الدنيا وهو كسعود الفيصل. ليس فقط لاسمه الذي طاف الآفاق ولوى الأعناق، ولا لعمله الذي سيبقى شاهدًا على إخلاصه لوطنه وشعبه، بل لذلك الحب الكبير والشعبية التي خطفها الراحل داخل بلاده وخارجها. لم يكن زعيمًا فتكون الشعبية مفهومة وفي سياقها الطبيعي. لم يكن وزيرًا خدماتيًا يبرع في خدمة مواطنيه ويحتك بهم مباشرة. كان وزيرًا أبعد ما يكون عن التعاطي المباشر مع الناس، إلا أن السعوديين، كما الخليجيين والعرب، أحبوه وتابعوه حاضرًا، وحزنوا عليه ميتًا. لم يفقد الناس وزيرًا كما فقدوا سعود. لم يكن الراحل وزيرًا أو دبلوماسيًا يذهب ويأتي بديل له، بقدر ما حمل على عاتقه مسؤوليات أوطان وبلدان، فما أثقلت كاهله ولا خففت من عزيمته، فلما ترجل الفارس عن جواده، قال له خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بوفاء غير مستغرب: «عرفناكم كما عرفكم العالم أجمع على مدى أربعين عامًا متنقلاً بين عواصمه ومدنه شارحًا سياسة وطنكم وحاملاً لواءها، ومنافحًا عن مبادئها ومصالحها، ومبادئ ومصالح أمتكم العربية والإسلامية، مضحين في سبيل ذلك بوقتكم وصحتكم، كما عرفنا فيكم الإخلاص في العمل والأمانة في الأداء والولاء للدين والوطن، فكنتم لوطنكم خير سفير، ولقادته خير معين»، فماذا كانت إجابة القوي الأمين؟ رد على مليكه بتواضع الكبار: «سوف أظل الخادم الأمين»، معتبرًا أن «ما…
الإثنين ١٥ يونيو ٢٠١٥
وكأنَّ الجميع بحاجة لهذه الصدمة التي أحدثها الأتراك في صلب نظامهم الحاكم من خلال الانتخابات الأخيرة. الأكراد احتاجوها ليؤكدوا أنهم لا يعيشون على الهامش كما أريد لهم. القوى السياسية الأخرى لتثبت أن النظام السياسي لم يتصدع وما زال قويًا وقادرًا على استيعاب الجميع. حزب العدالة والتنمية نفسه احتاج هذه الصدمة قبل أن يستبدَّ فتتلاشى شعبيته التي «كانت» يوما طاغية. الدول العربية كادت تختطف منها تركيا، وهي التي لا تريد أن تضيع منها كما ابتعدت عنها في مراحل تاريخية. ما بين المتحمسين من العرب لكل ما هو تركي، والكارهين لكل ما هو «إردوغاني»، تظلّ الحقيقة التي لا يمكن عكسها بالمشاعر أو الأمنيات، هناك اختلاف كبير بين تركيا وإردوغان، كالاختلاف بين الخلافة في دولة إسلامية، والرئاسة في جمهورية ديمقراطية، تركيا مهمة إقليميًا واستراتيجيا، ولا يمكن الاستغناء عنها، والرئيس طارئ ومتغير بحسب النظام في بلاده. على قدر ما قدم إردوغان مشروعًا تنمويًا نهض ببلاده اقتصاديًا بشكل لا يمكن إغفاله وحقق نموذجًا يحتذى اقتصاديًا، على قدر ما أخفق في تأسيس علاقات استراتيجية لبلاده مع دول العالم. تسببت سياساته في عزل تركيا عن حلم الانضمام للاتحاد الأوروبي، كما أفضت إلى علاقات أقل ما توصف بعدم الارتياح مع الولايات المتحدة الأميركية، أما في حدود المنطقة العربية فيمكن القول إن أنقرة لا تملك علاقات متميزة إلا مع…
الإثنين ٠٨ يونيو ٢٠١٥
ولأن الأمم المتحدة في عصرها الجديد، توقع اتفاقيات أكثر من تنفيذها، ولأنها معنية بالتفاصيل على الورق أكثر من حلول على أرض الواقع، ها نحن نستعد لحلقة أخرى من مسلسل حوارات جنيف الأممية. هذه المرة الوضع اليمني هو مسرحها. كل ذلك يجري بينما كان المتمردون الحوثيون، وحليفهم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، محاصرين عسكريًا وسياسيا ودبلوماسيا، غير أن المنظمة الأممية تطل فجأة لترسل طوق نجاة لمن ضرب بكل القوانين الدولية والأعراف الدبلوماسية عرض الحائط، وأصر على مخالفتها والتعنت تجاهها، وكأن «جنيف» اليمني ليس إلا وسيلة أخرى للأمم المتحدة لإطالة أمد الأزمة لا حلها. وعندما يكون الانطباع عن أعلى هيئة أممية في العالم أنها حريصة على توقيع اتفاقيات ورقية فقط، فإن ذلك لم يأت من فراغ، بقدر ما هي سياسات المنظمة التي رعت وساهمت وفرحت باتفاق السلم والشراكة الموقع في سبتمبر (أيلول) الماضي، ليكتشف اليمنيون والعالم أنه الفانوس السحري الذي من خلاله انقلب الحوثيون على كافة شركائهم، واحتلوا العاصمة صنعاء واستولوا على الوزارات والمؤسسات الحكومية بقوة السلاح، قبل أن يختطفوا الرئيس عبد ربه منصور هادي وأركان الحكومة، وطوال تلك الفترة كانت الأمم المتحدة صامتة ولم تنطق ببنت شفة على الانقلاب، وهو ما يؤكد أن المنظمة فشلت، ليس فقط في تنفيذ الاتفاق، بل في توقيع اتفاق غير قابل للتنفيذ أصلاً، بقدر ما…
الإثنين ٠١ يونيو ٢٠١٥
محاولة جديدة قام بها الدواعش في مسجد حي العنود بالدمام، بعد أسبوع من استهدافهم المصلين الآمنين في جامع الإمام علي في بلدة القديح في القطيف، إلا أن الفرق بين الحادثتين كان أكبر بكثير من الخمسة والعشرين كيلومترًا الفاصلة بين الموقعين، فعلى قدر الصدمة والألم من الضحايا الذين فقدتهم البلاد، تتسع دائرة الاتفاق على أن محاولات «داعش» في قتل المزيد من الأبرياء لم تحقق مرادها، فقد فشلوا، هم ومَن ناصرهم ومن خطط لهم في الداخل والخارج، في تحقيق ولو قدر ضئيل من نجاح استراتيجيتهم المتمثلة في طعن خاصرة الدولة السعودية عبر خلق فتنة طائفية، وأيضًا صعقوا بثقة المواطنين السعوديين في دولتهم وقدرتها، كعادتها، على مواجهة الكوارث مهما صعبت وتعقدت. ولأن دولة مثل السعودية ذاقت الأمرّين من الإرهاب والإرهابيين، فكانت من أكثر الدول تحذيرًا من هذه الآفة ومكافحة لها، كما أنها كانت من أوائل الدول التي جرّمت من يشارك في أعمال قتالية أو ينتمي لجماعات دينية أو فكرية متطرفة وإرهابية، فهذه الدولة تعي أن محاربة الإرهاب لم تعد شأنًا محليًا ينحصر في حدود دولة، بل أصبحت هدفًا عامًا للمجتمع الدولي، بعد أن باتت التحدي الأخطر أمام العالم، وها هو الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يحذر من زيادة تدفق المقاتلين الأجانب في دول الصراع، كاشفًا أن لجنة الرصد وتطبيق العقوبات ضد…
الإثنين ٢٥ مايو ٢٠١٥
بينما تقود السعودية حربًا على حدودها الجنوبية ضد المتمردين الحوثيين لإعادة الشرعية إلى الجارة اليمن، تواجه في عمقها حربًا أكثر خطورة وأشد ضراوة، وقودها أبناؤها ومحركها ومشعلها شياطين من داخل وخارج حدودها. طُعنت السعودية مرتين في أسبوع واحد، الأولى باستهداف المصلين الأبرياء في قرية القديح عبر تفجير إرهابي، والثانية في الكشف عن أطفال جُنّدوا ضمن الخلية المتورطة في هذا الهجوم، أما المسؤول الأول فهو حر طليق لا يعتقد ولا يعرف وغير مقتنع أنه الإرهابي الحقيقي. ليس جديدًا على الدولة السعودية وقوفها بحزم ضد محاولات التفريق بين وحدة مواطنيها، هناك للأسف من يخلط بين توجه الدولة ككل وقوانينها ومؤسساتها، وبين ممارسات خاطئة تقوم بها ثلة من المتطرفين، سواء الظاهرون منهم أو المستترون، إلا أن ما يطمئن دائمًا هو أن الرياض لم تمارس يومًا منهجية في التعامل بتمييز مع مواطنيها، ولعل أقوى رد فعل أتى من رأس الدولة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الذي كان حازمًا وواضحًا وصارمًا وهو يتضامن مع أبنائه ومواطنيه المنكوبين في القطيف بقوله: «إن كل مشارك أو مخطط أو داعم أو متعاون أو متعاطف مع هذه الجريمة البشعة، سيكون عرضة للمحاسبة والمحاكمة، وسينال عقابه الذي يستحقه، ولن تتوقف جهودنا يومًا عن محاربة الفكر الضال ومواجهة الإرهابيين والقضاء على بؤرهم». دعوني أقف على الرسالة الأهم التي…
السبت ٢٣ مايو ٢٠١٥
عام 2003 بدأ تنظيم القاعدة حربًا إرهابية ضد السعودية، مستهدفًا مقرات أمنية ومنشآت حكومية وأماكن سكن خاصة بالأجانب. أوقعت هذه الهجمات عشرات القتلى من السعوديين المواطنين والأجانب، بيد أن التنظيم في نهاية الأمر اندحر خارج السعودية وقد مني بفشل ذريع في محاولاته ضرب الاستقرار السعودي، إلا من محاولات يائسة بين الحين والآخر قادمة من خارج الحدود، ثم وبعد ولادة التنظيم الإرهابي الآخر «داعش»، سعى هو أيضًا لضرب استقرار المملكة، هذه المرة من بوابة الفتنة الطائفية بين المواطنين السنة والشيعة، وعلى الرغم من فشل التنظيم في حادثة الدالوة التي هي أيضًا استهدفت مسجدًا للشيعة في منطقة الأحساء، وأنتجت تلاحمًا وطنيًا فاجأ الدواعش أنفسهم قبل غيرهم، فإنهم عادوا من جديد لمساعيهم، تطبيقًا لفكرة غبية بأن تفجير مسجد للشيعة من قبل إرهابي محسوب على السنة كما يعتقدون قد يحقق شيئًا من أهدافهم، غاب عن ظنهم أن المواطنين السعوديين الشيعة كما المواطنين السنة يعلمون جيدًا أن كل الإرهابيين مهما كانت تنظيماتهم ليسوا سنة وليسوا شيعة بل وليسوا بمسلمين، وإنما اختاروا لهم دينًا جديدًا اعتنقوه ونفذوا أجندته وساروا على دربه. بالأرقام والبراهين، فإن السعودية واحدة من أكثر الدول استهدافًا من قبل التنظيمات الإرهابية التي تزعم زورًا وبهتانًا أنها «إسلامية». وكذلك بالأرقام والأدلة، فإن السعودية أيضًا واحدة من أكثر دول العالم قدرة على محاربة هذه التنظيمات…