الخميس ١٤ أبريل ٢٠١٦
لا نختلف على أهمية إقامة معرض لإبراز إنجازات الدوائر الحكومية، وعرض خدماتها الذكية، والمتطورة جداً، على الجمهور والمتعاملين، ولا خلاف على المستوى الراقي والمتقدم الذي وصلت إليه معظم دوائرنا المحلية، ولا توجد خلافات «شخصية» حول الموقف من معرض الإنجازات الحكومية، الذي اختتم أعماله، أمس، هي وجهات نظر مختلفة حول تقديم الأفضل، لما فيه المصلحة العامة، لذا فمن الطبيعي جداً الاستماع لجميع الآراء، مادام الخلاف صحياً ونزيهاً. عرضت، أمس، وجهة نظر كثير من مسؤولي الدوائر المحلية حول المعرض، والتي تمحورت حول شعورهم بعدم جدوى المشاركة، نظراً لتشابه المعرض مع معارض أخرى يشاركون فيها بالخدمات نفسها، وتقام في فترات زمنية متقاربة، ما يترتب عليه إرهاق، وازدواجية، وتكلفة مالية، وجهد مشتت. هذه هي نقطة الخلاف الجوهرية، وبما أن الأمانة تستدعي نقل وجهة النظر الأخرى، أعرض اليوم رأي الأخ أحمد نصيرات، المنسق العام لبرنامج دبي للأداء الحكومي المتميز، الذي تلقيت اتصاله أمس، للرد على ملاحظات الدوائر الحكومية حول معرض الإنجازات.بداية يرى نصيرات أن هذا المعرض ناجح جداً، من حيث تحوله إلى حدث عالمي لا يشمل فقط الدوائر المحلية، حيث بلغت نسبة المشاركة من خارج الدولة هذا العام 37%، وبلغت نسبة مشاركة الوزارات الاتحادية 8%، كما وُقعت سبعة اتفاقات للتعاون محلياً ودولياً، وعُقدت 17 ورشة عمل متخصصة. الأهم من ذلك، أن نصيرات يُقرُّ بوجود معارض…
الأربعاء ١٣ أبريل ٢٠١٦
مذهلٌ تطور تقديم الخدمات في دوائر حكومة دبي، ومذهلٌ ذلك التنافس المشروع في تبسيط وتسهيل الإجراءات، والتفاني في تقديم خدمات نوعية للمتعاملين، ومذهلٌ أكثر ذلك التسارع في التوجه الذكي، وتقديم الخدمات عبر الهواتف الذكية، التي جعلت حياة الناس أسهل وأفضل وأجمل. كل ذلك وأكثر كان واضحاً في معرض الإنجازات الحكومية الذي انعقد لمدة ثلاثة أيام في دبي، وبمشاركة جميع الدوائر الحكومية، إضافة إلى دول وجهات خارجية فاقت الـ22 جهة، تقدم استشارات وممارسات ونماذج خدمية متطورة، وهذا الأمر تحديداً كان علامة إضافية للمعرض هذا العام. لا خلاف على أهمية المعرض، كفكرة قوامها التقاء الأفكار وعرض المنجزات، ولكن هناك خلافات عدة حول كيفية الاستفادة القصوى من هذه الفكرة، بأقل التكاليف وأفضل النتائج، هناك اتفاق تام على ضرورة وجود المعرض، لكن هناك اتفاق أيضاً على ضرورة تنفيذه بطريقة مختلفة، تضمن تحقيق الهدف المنشود، وتضمن كذلك التقليل قدر الإمكان من الملاحظات والسلبيات التي تشعر بها الدوائر الحكومية سنوياً بشكل متكرر. ليست ملاحظات شخصية من بنات أفكاري أسردها من داخل مكتب صغير، بل هي ملاحظات «ميدانية» عامة من موظفين كُثر التقيتهم على مدار أيام المعرض، منهم موظفون في أجنحة العرض، ومنهم مديرو عموم، هم شرائح مختلفة، من درجات وظيفية ودوائر مختلفة، لكنهم أجمعوا على ملاحظات متشابهة، جميعها تصب في مصلحة تطوير فكرة المعرض، وضمان الاستفادة…
الأحد ١٠ أبريل ٢٠١٦
تاريخنا لم يبدأ في الثاني من ديسمبر عام 1971، ربما هذا اليوم مرتبط أكثر بميلاد السعادة والرخاء لشعب الإمارات، هو يوم البداية الحقيقية لمرحلة النماء والتطور، مرحلة بناء الإنسان وبناء الدولة الإماراتية الحديثة، بشكلها الحضاري، لكن إنسان الإمارات وتاريخ هذا المكان ضارب بجذوره في التاريخ، قبل آلاف السنين، وآلاف السنين ليست صيغة مبالغة، بل هي حقيقة أثبتتها الاكتشافات الأثرية المختلفة التي سجلت وجود حياة هُنا قبل أربعة آلاف سنة، وهناك احتمالية قريبة لرفع هذا الرقم إلى عشرة آلاف سنة. قمة الإبداع، والذكاء، حين ربطت دبي شعار «إكسبو2020» الرسمي بتاريخ الإمارات العريق، فتصميم الشعار المستوحى من مشغولات مصنع أثري للذهب يحمل رسالة للعالم أجمع، بأننا أهل حضارة ضاربة في التاريخ، وبأننا كنا وسنبقى أهل تواصل ومحطة لالتقاء الحضارات، وعاصمة للإبداع. «صاروج الحديد»، ذلك الموقع الأثري الذي اكتشفه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بنفسه عام 2002 في منطقة «المرموم»، يحمل ثروة أثرية لا تقدر بثمن، ويُثبت أن هذه المنطقة كانت ملتقى للحضارات، ونقطة تواصل عالمية، ليس في التاريخ الحديث فحسب، بل قبل ما يزيد على 4000 عام، ما يؤكد العمق التاريخي للإمارات، وتميز إمارة دبي التي مازالت تواصل هذا الدور الحضاري. تعمل في «صاروج الحديد» أربع بعثات أثرية، فهناك الفريق الألماني والإسباني والأسترالي والمحلي، وتضم البعثات أهم المختصين والخبراء…
الخميس ٠٧ أبريل ٢٠١٦
غريب جداً إصرار إيران على الحديث مجدداً عن فكرة «تصدير الثورة»، والعمل على تقدمها في «دول أخرى» وتصديرها للخارج، وغريب جداً إعادة الصراخ وبصوت عالٍ دون مواربة عن أهمية «هندسة الثورة»، وتوسيع نطاقها في المجال الدولي، وغريب ما يدعو إليه قائد الحرس الثوري الإيراني، محمد علي جعفري بـ«ترك التحفظ» لتجاوزات الحرس الثوري والثورة! إيران أولاً، وقبل كل شيء، لم تتراجع عن هذه الفكرة ميدانياً وواقعياً، وإن كانت تراجعت تصريحات المسؤولين فيها عن هذا الأمر لفترة مؤقتة، إلا أن سياساتها العدوانية، وتدخلاتها في شؤون الدول المجاورة، وبشكل يتنافى مع القوانين الدولية والأعراف وحقوق الجيرة، جميع ذلك يصب في محاولاتها المستمرة لتصدير الثورة، ليس بزرع الأفكار فقط، بل بزرع أمر واقع مبني على نزع الاستقرار والأمن في المنطقة، وبدعم مباشر منها، وبالقوة! الغريب في إصرار إيران على التمسك بفكرة «تصدير الثورة»، هو عدم استيعابها إلى الآن أن فكر هذه الثورة خارج عن نطاق الوضع العالمي الحالي المتطور، الذي يحل مشكلاته بالحوار لا بالاحتراب، وهو أمر فيه كثير من الرجعية التي لا يقبلها عقل الإنسان المثقف الواعي، المتسلح بعلم وتكنولوجيا الزمن الذي نعيشه، والأكثر من ذلك أن الدول الخليجية التي تحاول إيران زعزعة أمنها واستقرارها بفكرة الثورة، تعيش حالياً في نموذج متطور للغاية، لا يقبل بأي حال من الأحوال المقارنة مع نموذج إيران…
الأحد ٠٣ أبريل ٢٠١٦
لم تكن مجرد امرأة مبدعة ناجحة، ولم تكن واحدة من المؤثرين في الهندسة كعِلم صعب ودقيق، زها حديد، التي غيبها الموت وهي في قمة توهجها وإبداعها، هي مجموعة من قصص النجاح والحزن مجتمعة جنباً إلى جنب، هي رواية الصعود والمجد العربي في واقع التشرذم والرجوع إلى سنوات الجهل والتخلف. زها حديد، تلك المهندسة المعمارية العراقية التي أبهرت العالم، وسطّرت للتاريخ واحدة من أجمل قصص النجاح التي وسعت العالم ككل، وكتبت قصة مبدعة من الشرق أذهلت بإبداعها مختلف العواصم الأوروبية، وتركت بصماتها في فن العمارة الحديثة في معظم المدن المتحضرة والمتطورة، لم تكن إلا عربية تشرّبت الإبداع منذ طفولتها في بغداد، حين كانت يوماً منارة للعِلم والثقافة والحضارة! الشرارة الأولى التي جعلت زها حديد تهتم بالهندسة المعمارية تعود إلى طفولتها، حين كان عمرها لا يتعدى السادسة، حيث اصطحبها والداها إلى معرض خاص بـ«فرانك لويد رايت» بدار الأوبرا في بغداد، قالت زها في ما بعد، إنها انبهرت حينها بالأشكال والأشياء التي شاهدتها، حيث كان والداها شغوفين بالمعمار، ففي الخمسينات كانت بغداد موطناً للحرية الفكرية، والثراء الأدبي، والغنى الثقافي، كانت مدينة مبهرة، فهل تبقّى ما يبهر في عاصمة الرشيد اليوم؟! رحيل زها حديد هو استكمال لرحيل جميع الأشياء العربية الجميلة، لكنها ستبقى في ذاكرة العالم، وسيخلّدها التاريخ ليس لأنها معمارية مبدعة فقط، بل…
الأربعاء ٣٠ مارس ٢٠١٦
المواطن له الأولوية في التوظيف، وله الأولوية في الترقية والتدرج في المناصب والوصول إلى أعلاها، فهو الاستثمار الحقيقي للدولة، وعليه يقع رهان المستقبل، والحكومة تبذل قصارى جهدها في تأهيل المواطنين لدخول سوق العمل، منذ لحظة دخولهم المدرسة، وجلوسهم على مقاعد الدراسة. تتولى الدولة تأهيل الشباب، وتعمل جاهدة على إيجاد وخلق الفرص والوظائف لهم، كما تعمل جاهدة على وضع القوانين المحفزة لانطلاقهم إلى الأعلى بسرعة وكفاءة، وهذا دون شك يتطلب مسؤولية من الشباب أنفسهم، فتطوير القدرات وتأهيل الكفاءات من قبل الدولة، يجب أن يقابلهما عطاء والتزام وجهد وإخلاص من الشباب أيضاً. المواطنة مسؤولية والتزام، والموظف المواطن يجب أن يعمل أكثر وأفضل من غيره، وعليه أن يبذل جهداً مضاعفاً، فهو يعمل من أجل خدمة وطنه ومجتمعه أولاً وقبل أي شيء، لا من أجل الراتب والمزايا فقط، عليه أن يدرك أن جهده وكفاءته وعطاءه وإخلاصه في العمل، هي السبيل لتطوره وتقدمه في وظيفته، لا جنسيته، وعليه أن يدرك أن تصرفاته، والتزامه من عدمه، هما محط انتباه الآخرين، فعليه أن يكون مثالاً وقدوة لجميع العاملين في محيط العمل من الجنسيات الأخرى، فنشاطه وإخلاصه وعمله، هي المحفز لنشاط الآخرين، وتقاعسه وكسله قد يكونان سبباً لتقاعس الآخرين أيضاً. المجتهد والمخلص سَيَلقيان نصيبهما من التقدير والتكريم والترقية، عاجلاً أم آجلاً، قد تعيق ذلك بعض قوانين الموارد البشرية،…
الثلاثاء ٢٩ مارس ٢٠١٦
قبل أن نتعرف إلى نتائج التدخل العسكري لقوات التحالف العربي، بقيادة المملكة العربية السعودية في اليمن، بعد مرور عام كامل، علينا الإجابة أولاً عن أهم سؤال جوهري في هذا الشأن، وهو كيف ستكون اليمن، اليوم، لو لم تتدخل قوات التحالف لتعيد الشرعية وتدحر الانقلابيين؟! كان هناك مشروع واضح، متمثل في تحويل تلك الدولة العربية الأصيلة إلى دولة على النمط الإيراني، مكونة من طرفي الانقلاب، على أساس أن الحوثي هو المرجعية والمرشد الأعلى للدولة الإسلامية، ونجل المخلوع علي عبدالله صالح، هو رئيس الدولة، ولنا أن نتخيل حجم الخطر الحقيقي، الذي كان يحيط باليمنيين قبل الدول المحيطة، وحجم الضرر ومتاهات تهديد الأمن والاستقرار لو نجح هذا المشروع، ولاشك في أن هذه الأضرار ستتعدى الإقليم، لتشمل العالم بشكل عام. هذا ما كشفه وزير الإعلام اليمني، الدكتور محمد عبدالمجيد قباطي، الذي قال إن طابع هذا المشروع كان واضحاً ومعروفاً بوجود مستشارين إيرانيين، وضباط ومستشارين من «حزب الله» منذ فترة طويلة، لكن هذا المشروع (تبعية ولاية الفقيه)، أصبح اليوم في عِداد الموتى، بعد أن تمكنت قوات التحالف من هزيمته. التدخل العسكري لدول التحالف، وقبل ذلك كله، هو تدخل شرعي متوائم مع القوانين الدولية، فهو جاء بناء على طلب رسمي من الحكومة الشرعية اليمنية، واستناداً إلى المعاهدات العربية، ويهدف إلى إعادة الاستقرار إلى اليمن، ومواصلة دوره…
الإثنين ٢٨ مارس ٢٠١٦
إقرار القوانين والآليات، التي تعمل على مكافحة الفساد المالي والإداري، ليس مؤشراً إلى انتشاره، بقدر ما هو مؤشر حضاري يكرس مبادئ المساءلة والالتزام بأعلى معايير الشفافية والمحاسبة الداخلية، التي تنتهجها الحكومة.. هذا ما تنتهجه الإمارات بشكل عام، وهذا ما اعتمده أخيراً سمو الشيخ عمار بن حميد النعيمي، ولي عهد عجمان، حيث وجه جهاز الرقابة المالية بالبدء فوراً في إجراءات تلقي البلاغات وشكاوى الفساد، تعزيزاً لمبدأ الشفافية والمساءلة.. ورغم أن الإمارات دولة لا تعاني من انتشار الفساد المالي والإداري، فهي من أقل الدول وفقاً للمؤشرات العالمية، ولديها وسائل متعددة للرقابة والحوكمة، إلا أن إقرار مثل هذه القوانين هو ضرورة لضمان بقاء الدولة في القائمة العالمية لأقل الدول فساداً، كما أنه يكبح الظاهرة قبل ظهورها، ويضع حداً لعدم قبول الفكرة ذاتها من قبل الموظفين والمسؤولين، قبل أن تتحول من فكرة إلى تنفيذ.. فتح المجال من قبل سمو الشيخ عمار بن حميد لتلقي جهاز الرقابة المالية لبلاغات وشكاوى الفساد، أمر إيجابي يصب في محاور عدة، أهمها وضع تعريفات واضحة لمفهوم الفساد المالي والإداري، وعلى ضوئها يمكن ضبط الحالات بعد تلقي البلاغات والتحقيق فيها، وبذلك نغلق الباب تماماً على كثير من الاتهامات والتلفيقات وتشويه السمعة، فمن لديه ما يثبت به فساد مسؤول ما، عليه التقدم ببلاغ رسمي، ويقدم ما لديه من أدلة، وجهاز الرقابة…
الأحد ٢٧ مارس ٢٠١٦
هي ليست مجالات للتنافس والفوز، وليست مكاناً لجمع الألقاب والمكافآت فقط، بل هي أكبر من ذلك بكثير، هي ليست حلبات مجردة لسباقات الخيل والهجن، بل هي تجمعات ثقافية وحضارية وفكرية بين مختلف شعوب العالم، جاءوا من أقطار مختلفة يجمعهم الحب والمودة، في وقت أشد ما يحتاج فيه العالم إليهما. إنها الإمارات، كعادتها دائماً، تنشر الحب والسلام، وتتخذ من التسامح نهجاً لا حياد عنه، هي محط أنظار العالم، وقبلة ملايين البشر من القارات كافة، تحترم الإنسان لإنسانيته، بعيداً عن أي اعتبار من اعتبارات الفُرقة والاختلاف والتناحر، هُنا مكان لكل إنسان يحترم الآخر أولاً، ويخضع للقوانين فلا يتجاوزها حتى لا يكون عرضة لمواجهتها. في «المرموم»، وحيث مهرجان سباقات الهجن، كانت السمة العامة هي تأكيد عمق ومتانة العلاقة الأخوية بين شعوب دول مجلس التعاون الخليجي، فكان التلاحم والتعاضد والتقارب بين الإماراتيين والقطريين والسعوديين والعُمانيين، تجمعوا على الخير والمحبة، وقضوا أوقاتاً جميلة في رحاب التراث وعبق التاريخ، يحيون واحدة من الرياضات القديمة التي توارثها الأبناء عن الآباء، جيلاً بعد جيل في هذه المنطقة. وفي «ند الشبا» كان الوضع مشابهاً، لكنه على نطاق عالمي واسع، حيث تجمع أكثر من 100 خيل جاءت هي ومالكوها، ومحبو رياضة وعالم الخيل والفروسية، من مختلف أنحاء العالم، وتجمع عشرات الآلاف من البشر، ينقصون قليلاً عن الـ100 ألف، تهافتوا على…
الخميس ٢٤ مارس ٢٠١٦
السعادة ليست في إزالة الرادارات من الشوارع، كما أنها ليست في الحصول على إجازة من جهة العمل، وبالتأكيد ليست في عدم الذهاب إلى المدرسة، مثل هذه الأشياء وغيرها هي مجرد سعادة «آنية»، كما عرّفتها وزيرة الدولة للسعادة عهود الرومي في لقائها الأول مع المؤسسات الإعلامية، وبكل تأكيد السعادة أكبر من ذلك بكثير، فهي علم قائم مستقل بذاته، يدرّس الآن في كثير من الجامعات، وهي ممارسات ومعايير ومؤشرات أداء وقياس تؤثر في اقتصادات الدول وحياة المجتمعات، لذا فإنشاء وزارة للسعادة في الإمارات لم يكن هدفه دعائياً، كما أنها ليست رفاهية لا داعي لها، بل هي خطوة حضارية راقية، ولها تأثيرات إيجابية في جميع مجالات العمل والحياة. هي مسؤولية صعبة، لكنها ليست مستحيلة، وهي ليست مسؤولية وزارة واحدة، بل هي مسؤولية مشتركة تتحملها كل الوزارات والدوائر المحلية والمسؤولين التنفيذيين في كل مكان، فالمجتمع مجموعة من العناصر المتشابكة والمتداخلة التي يصعب تفكيكها، فمن أجل سعادة المتعامل والمراجع لابد من إسعاد الموظف، ومن أجل ضمان سعادة الموظف في العمل لابد من توفير كثير من الاحتياجات المُلحة له، كالسكن والعلاج وتعليم الأبناء، هي سلسلة مترابطة، تشترك فيها جميع الوزارات، وهي مسؤولية حكومة كاملة، وغير مقتصرة على وزيرة أو وزارة. ومن هُنا تحديداً تأتي أهمية وزارة السعادة، فهي الجهة التي ستعمل على تنسيق العمل الحكومي وضبط…
الأربعاء ٢٣ مارس ٢٠١٦
لا يحدث هذا في دول العالم، لا تجد حكومة تحفّز وتشجّع وتطلق المبادرات من أجل زيادة إسهام الشركات والمؤسّسات في العمل المجتمعي، ليس من أجل مواطنيها فقط، بل من أجل شعوب المنطقة العربية بأسرها، لا توجد فرصة كهذه تمنح دون إلزام أو قانون يجبر القطاع الخاص، تحديداً، على ضرورة القيام بواجبه تجاه المجتمع، بل هناك نسب وضرائب ملزمة في مختلف دول العالم! الآن، وبعد الإعلان عن مركز محمد بن راشد لاستشارات الوقف والهبة، لا أعتقد أن هناك عذراً لإحجام شركات القطاع الخاص أو رجال الأعمال أو المؤسسات، عن الإسهام المجتمعي، ولا عذر لديهم لتجاهل دعم المجتمع، والابتعاد عن الأعمال الوقفية التي تعود بالنفع والخير الدائم المتواصل لفئات وشرائح مختلفة من المجتمع. مركز محمد بن راشد لاستشارات الوقف والهبة، الذي أطلقه، أمس، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، يُسهّل المهمة على كل من يريد العمل بجد، لترسيخ الخير والعطاء، ويؤمن بضرورة تحمّل المسؤولية تجاه المجتمع، فهو يقدم دراسات تحليلية وتفصيلية عن كل مجالات العمل الخيري التي يحتاج إليها الوطن العربي، وعن أهم الفئات والشرائح التي تستحق الدعم، وعن الأعمال الوقفية التي يمكن تنفيذها وتضمن استدامة الفائدة لمستحقيها، بدل أن يكون العمل عشوائياً غير منظم، فجميع البيانات والإحصاءات والمعلومات ستكون متوافرة وواضحة، وبذلك يكون المركز قد غطّى جانباً معلوماتياً مهماً…
الجمعة ١٨ مارس ٢٠١٦
أعرف جيداً أنه من رجال الأعمال المشهود لهم بالخير، ومن عائلة سخية، ولهم مساهمات خيرية وإنسانية متعددة، لم تعجبه كلمة «كثيرون»، تلك الكلمة التي جاءت في سياق وصفي لعزوف الشركات الكبرى عن المساهمة المجتمعية، حيث قلت في مقال سابق «كثيرون منهم مازالوا بعيدين عن المجتمع، لا يسهمون فيه، ولا يشاركون في تنميته وتطويره»، ورغم إصراري على ذلك، أصر هو على عكس ذلك، وقال، كيف عرفت أنهم «كثيرون»؟! وأضاف «كثيرون هم من يسهمون في الخير، وللخير»، لكن دون الإعلان عن تلك المساهمات! عموماً لا خلاف بيني وبينه في المضمون، لكنّ هناك خلافاً جوهرياً واحداً في الشكل، هذا الخلاف ليس بيني وبينه، ولا بيني وبين التجار الذين لم يعجبهم الحديث عن ضرورة المشاركة بفاعلية في تحمل مسؤولياتهم تجاه المجتمع، الخلاف في فهم معنى المسؤولية المجتمعية، والخلط بينها وبين الالتزامات الدينية كالصدقة والزكاة، تلك الالتزامات التي يفضل البعض عدم الإعلان عنها، باعتبارها عملاً دينياً بين الإنسان وربه، قد تفسد الثواب، وتتجه ناحية «الرياء» في حالة الإعلان عنها. في حالة الصدقة والزكاة، فلا خلاف أبداً على وجود عشرات الآلاف وربما أكثر، من التجار ورجال الأعمال المحسنين، الذين يسهمون بالسر والعلن في مساعدة المحتاجين والمعسرين والفقراء، ويدفعون أموالاً سخية للجمعيات الخيرية لتدعيم برامجها الرمضانية وغير الرمضانية للمحتاجين، وفي الغالب لا يعرف عن هذه الصدقات أحد،…