الثلاثاء ٣٠ مايو ٢٠١٧
تحدثت فيما سبق عن خرافة السحر والتصور الذهني له في المجتمعات الإسلامية، فكانت الانتقادات الموجهة بأني تجاهلت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة التي تثبت حقيقة السحر كعالم خفي تسيطر عليه الجن والشياطين، ومن هنا يتضح أن خرافة السحر اقترنت للأسف بالإسلام وجعلته جزءا منها، وبالتالي من ينكر السحر بمعناه الاجتماعي فهو يعتبر منكرا لأصل من أصول الدين أو ثوابته، بالرغم من أن الإسلام يثبت عكس ذلك تماما وأن السحر مجرد خداع وخرافة!. لنأخذ على سبيل المثال الآيات القرآنية التي يستدل بها البعض لإثبات حقيقة السحر والاستعانة بالجن والشياطين، ومنها قول الله عز وجل {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولـكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر} البقرة102، فالمقصود بالشياطين في الآية هم بنو إسرائيل الذين كذبوا وافتروا على نبي الله سليمان، وليس معنى الشياطين هنا الجن والأرواح والأشباح، كما يعتقد البعض. كما أن لفظة «شيطان» في اللغة العربية تعني الشر والباطل والابتعاد عن الحق، ولا تعني جنس كائن مخلوق، والمقصود بتعليم الناس السحر هو الكذب والخداع والتضليل وإثارة الفتنة بين الناس. وفي قوله تعالى: {فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم }، تفسير هذه الآية عند الناس أن السحرة يستعينون على ذلك…
الخميس ٠٤ يونيو ٢٠١٥
يصف أحد الباحثين الأنظمة واللوائح في الجهات الحكومية بأن معظمها قديمة وتقليدية، ولم تخضع لتعديلات مهمة استجابة للمتغيرات التي طرأت على الوظيفة الحكومية، بالإضافة إلى إغراقها بالتفاصيل وعدم ترك مساحة أو مرونة للإبداع والتجديد. كما ذكر الباحث نقطة مهمة وخطيرة تتعلق بالأنظمة واللوائح لم يتم الالتفات إليها ولم تأخذ حقها في النقاش والدراسة رغم أنها تتكرر في كثير من الدراسات والأبحاث والمؤلفات، وهي أن الأنظمة واللوائح تحمل بذورا تاريخية من نظم إدارية في بلاد أخرى ولم تستطع التخلص من تبعات هذا الإرث حتى مع ظهور "الحاجة العملية لوجود مرونة أكثر في مواجهة المستجدات"!. قد اختلف مع زملائي الباحثين حول عدم مرونة الأنظمة وجمودها رغم وجاهة ومنطقية هذه النتيجة نظريا، ولكن في واقع بعض الجهات الحكومية، أستطيع القول بأن هناك مرونة كاملة للجهات الحكومية في تطبيق هذه الأنظمة، بل وبصلاحيات مطلقة دون أدنى مسؤولية؟!. فالأنظمة واللوائح تتسم بالغموض وعدم الوضوح ولها تفسيرات متعددة متروكة لاجتهادات الموظفين كيفما شاءوا، وبالتالي فإن بعض المسؤولين يسخّرون هذه الأنظمة لخدمة أهدافهم الشخصية، وذلك من خلال الإدارة القانونية التي يركن إليها الرئيس البيروقراطي الذي يحرص كل الحرص على اختيار الأشخاص الذين يستطيعون وضع الأنظمة واللوائح في خدمة الرئيس! في كل جهة حكومية إدارة قانونية تؤدي مهاماً متعددة تتمثل في دراسة المعاملات والتقارير وصياغة العقود والقرارات وإبداء…
الخميس ٢٨ مايو ٢٠١٥
انفردت "الوطن" بنشر خبر عن قيام الجهات المختصة بالتحقيق مع سبع قيادات إدارية في وزارة الصحة بسبب هدر 200 مليون ريال تتمثل في بدلات غير نظامية، وتهم أخرى تتعلق بالتنفع والتربح من الوظيفة العامة. وتتمثل وقائع القضية، حسب ما جاء في الخبر، في "أن الوزارة تعتمد سنويا صرف مبلغ 3 مليارات ريال بدلات لموظفيها تحت بنود الإشراف والتميز، وأن المتهمين بتبديد المال العام استغلوا هذه البدلات بغير وجه حق، واحتالوا على الأنظمة عبر صرف مبالغ طائلة.. يتقاضاها قياديون ببعض مديريات الشؤون الصحية تحت مسمى "بدل جبلي" و"بدل نائي"، في الوقت الذي استمروا فيه بالجلوس على مواقع عملهم داخل المدن". هذا بالإضافة إلى استقدام أطباء أجانب دون أن يمارسوا عملهم الفعلي، واستيراد أجهزة طبية تكلف عشرات الملايين من الريالات دون استخدامها وتخزينها في المستودعات، كما توجد برامج ومشاريع طبية لم تحقق أهدافها المطلوبة، و"مخالفة أنظمة التعيين والتوظيف في بعض البرامج، إضافة إلى إقامة مؤتمرات وندوات مقابل مبالغ طائلة، والصرف عليها من بنود أخرى بالموازنة". المخالفات والتهم السابقة تمثل حالة الفوضى الإدارية التي تعاني منها بعض الجهات الحكومية عموما وليست وزارة الصحة وحدها، ولكن الجيد في هذا الموضوع هو قيام الجهات المختصة بالتحقيق في هذه المخالفات ومحاسبة المسؤولين عنها، وبما أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، فإن نتائج التحقيق هي التي سوف…
الإثنين ٠٤ مايو ٢٠١٥
القرارات الملكية الكريمة التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله – وما سبقها من قرارات – في مجملها تهدف إلى تحقيق الكفاءة وتحسين الأداء المؤسسي للجهات الحكومية، وهي بمثابة منعطف تاريخي ومهم في مسيرة التنمية بالمملكة، وهي كفيلة بإحداث نقلة مهمة وكبيرة في الجهاز الإداري للدولة، وجعله أكثر فاعلية، حيث تسعى هذه القرارات إلى إعادة هيكلة بعض أجهزة الدولة وفقاً لرؤية استراتيجية متطورة، وإرادة حاسمة للتخلص من الترهل الإداري والتضخم الهيكلي في بعض الوزارات والمصالح الحكومية. ولكي نفهم بشكل عميق حيثيات القرارات الملكية، وخاصة فيما يتعلق بتأثيرها على تطوير واقع الإدارة الحكومية في المملكة، من الضروري أن نمر على جذور تكوين الإدارة العامة أولاً، لكي نستطيع تلمس أسباب المشكلات التي تعاني منها، ومن ثم الحلول التي طرحتها القرارات الملكية الأخيرة. عندما وحد المملكة المؤسس الملك عبدالعزيز – رحمه الله – كانت الإدارة المحلية تتمثل في صورة بسيطة، فكل منطقة كانت تحكم عن طريق أمير يرتبط رأساً بالملك، يتبعه أمراء فرعيون في المدن التابعة لمنطقته، وكان هناك ثلاثة مسؤولين في كل مدينة يتولون الوظائف الإدارية، وهم: الأمير، وهو الحاكم الإداري بالنسبة للمنطقة أو المدينة والقرى المحيطة بها، والقاضي: وهو مسؤول عن الجوانب الدينية في المدينة، ومأمور بيت المال: وهو المسؤول المالي في المدينة (الزكاة، توزيع المخصصات). ولكن…
الخميس ٠٤ ديسمبر ٢٠١٤
أسباب تعثر المشاريع متعددة الألوان مختلفة الأشكال، وليس من السهل فصلها أو تقسيمها إلى مجالات حتى يصنف سبب معين أن يقع في هذا المجال أو ذاك، نظرا لارتباط بعضها ببواعث البعض الآخر نفسها، وكذلك لتعدد الزوايا التي ينظر منها إلى تلك المجالات. اختلاف وتفاوت أسباب تعثر المشاريع تختلف باختلاف الجهات الحكومية، فالتعثر الذي يحدث في مشاريع "الصحة" يختلف في شكله عن ذلك التعثر الذي يحدث في المشاريع التعليمية والجامعية، ومع ذلك هناك شبه إجماع على أسباب معينة طرحت في أكثر من ندوة أو مؤتمر. هذه الأسباب تتمحور حول "غياب التخطيط، وعدم وضوح الرؤية أثناء مرحلة الدراسة والتصميم، وعدم الاعتناء بإعداد وثائق المشروع قبل طرحها للمنافسة، وضعف كفاءة جهاز الإشراف الفني التابع للجهة الحكومية، إلى جانب ضعف الإمكانات المادية والفنية لبعض المقاولين، والتوسع في التعاقد مع مقاولين من الباطن دون موافقة الجهة مالكة المشروع، وعدم تطبيق الأجهزة الحكومية نظام سحب المشروع من المقاول". إضافة إلى الأسباب السابقة، تطرق بعض الباحثين إلى سبب آخر وهو "الفساد الذي قد يصاحب المشروع من ألفه إلى يائه"، وهذا السبب تم اختزاله في مظهر واحد فقط من مظاهر الفساد، والمتمثل في التواطؤ بين المكاتب الاستشارية الهندسية المشرفة على المشاريع والمقاولين. بينما هناك مظاهر أخرى للفساد في المشاريع لم تأخذ حقها من الدراسة والمناقشة الكافية، ومن أخطرها…
الخميس ٢٨ أغسطس ٢٠١٤
تنص المادة (35) من نظام تأديب الموظفين على أنه "لا يجوز توقيع عقوبة تأديبية على الموظف إلا بعد التحقيق معه كتابة وسماع أقواله وتحقيق دفاعه وإثبات ذلك في القرار الصادر بالعقاب أو في محضر مرفق به"، وبالتالي فإن التحقيق الإداري هو أساس قرار العقوبة على الموظف وبدونه يبطل هذا القرار حيث يوصف بعدم المشروعية. ولا يكفي لصحة قرار العقوبة أن يكون مستنداً في صدوره إلى تحقيق إداري وحسب، وإنما يتعين أن يكون هذا التحقيق مستوفيا كافة الشروط والمقومات التي تضمن أن يكون هذا التحقيق وسيلة حقيقية للكشف عن حقيقة المخالفات التي ارتكبها الموظف الحكومي. وعلى هذا الأساس، فإنه من المتعين أن يتم التحقيق الإداري مع الموظف الحكومي وفق ضوابط شكلية وإجرائية قصد بها أن تشكل ضمانات للمحال للتحقيق وحفظ حقوقه، بحيث يؤدي الإخلال بهذه الإجراءات إلى بطلان التحقيق، ويمتد أثر هذا البطلان إلى قرار العقوبة الصادر استنادا إلى هذا التحقيق. والتحقيق الإداري إما أن يكون رئاسيا، أي تتولاه الجهة الحكومية التي يتبعها الموظف، أو يكون تحقيقا يتم بواسطة النيابة الإدارية متمثلة في هيئة الرقابة والتحقيق، والسؤال المطروح هنا: ما هي الضمانات الإجرائية للتحقيق الإداري، خاصةً إذا علمنا أن عملية التحقيق نفسها تستخدم كوسيلة لتخويف وترهيب الموظفين أو الانتقام منهم لأي سبب كان في بعض الجهات الحكومية؟ بالرجوع إلى مواد نظام…
الثلاثاء ٠٦ مايو ٢٠١٤
العلاج بالأدوية الشعبية أو ما يسمى بالأعشاب الطبيعية ظاهرة انتشرت بشكل كبير جدا في الآونة الأخيرة، كما ظهرت العديد من الكتب التي تحمل هذه العناوين وتدعم تلك الممارسات للأسف الشديد. ويقول المدافعون إن الحديث عن مخاطر هذه الأدوية وما قد تسببه من آثار سلبية بصحة الإنسان لأنها "تهدد مصالح شركات الأدوية والأطباء والصيادلة، ولهذا كانت هناك حملات شديدة وواسعة لتشويه العاملين في هذا المجال والداعين إليه، والتشكيك في جدواه وفاعليته". وليس هذا فحسب، بل يرون أن التشكيك في هذه الأدوية والخلطات، تشكيك في "الطب النبوي"، و تشكيك في السنة النبوية من قبل أناس غير متخصصين وجهال!، ومن ثم تشكيك في الدين نفسه، كما يحاولون الربط بين هذه الأدوية وما يسمى بـ"الطب البديل"، ويسردون الأبحاث العلمية والطبية التي تثبت فعالية أدويتهم!. والمشكلة أن القائمين على هذه العلاجات ليسوا متخصصين في مجال الطب ولا في علوم الصيدلة، ولا حتى في الطب البديل، كما أنهم لم يجروا أية أبحاث علمية ومخبرية مستفيضة على أدويتهم لمعرفة فعاليتها في العلاج وتحديد آثارها الجانبية. وبالطبع لن نجد الأدوية الشعبية في الصيدليات ولا في المراكز الطبية المتخصصة، ولكن سنجدها في محلات العطارة، وفي بعض القنوات الفضائية، والمواقع التسويقية في الإنترنت، ويقول المدافعون إن سبب ذلك هو عدم استقبال وزارة الصحة لهذه الأدوية والخلطات ومن ثم عدم الترخيص…
الجمعة ١٠ يناير ٢٠١٤
هناك إشكاليات فقهية تظهر بين فترة وأخرى، ومن أكثرها حساسية هي مسألة "تكفير الآخر"، فقد ثار جدل ونقاش حول توصيات مجمع الفقه الإسلامي الذي عقد مؤخراً بمدينة الرياض، بشأن الحوار بين أتباع المذاهب الإسلامية، ومن أبرز هذه التوصيات:" تحريم تكفير أي فئة من المسلمين تؤمن بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وتؤمن بأركان الإسلام، وأركان الإيمان ولا تنكر معلوماً من الدين بالضرورة، وحرمة دماء المسلمين باختلاف طوائفهم، وتحريم الاقتتال بينهم مطلقاً". ومن الانتقادات التي وجهت إلى هذه التوصيات من بعض المختصين، هي وجود خطأ علمي يتعلق "بعدم الجرأة على تصحيح أخطاء الماضين"، وهذه التوصيات ما هي إلا تقرير لواقع التكفير في المجتمعات الإسلامية، وذلك بسبب وجود شرط "المنكر للمعلوم من الدين بالضرورة"، الذي يمثل الاستثناء من منع التكفير، حيث إن العديد من علماء المسلمين اختلفوا في قضايا تعتبر من ضروريات الدين، ولذلك اتخذ المتشددون والمتطرفون هذا الشرط في تكفير خصومهم والمخالفين لهم بحجة إنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة، وبالتالي فإن هذه القرارات والتوصيات لن تتحقق على أرض الواقع. وكان رد مجمع الفقه الإسلامي على هذه الانتقادات بالقول بأن "المراد بالمعلوم من الدين بالضرورة هو ما اتفق عليه علماء الأمة وأجمعوا على حكمه، مثل فرضية الصلاة والزكاة وحرمة الزنا والربا.. إلخ، وليس المراد محل خلاف بينهم، وإنه لا يثبت…