الخميس ٢٢ يونيو ٢٠١٧
يصعب على من هم خارج إطار الثقافة السعودية فهم تركيبة بيت الحكم السعودي، الذي يستمد قوته وثباته من علاقات ذات خصوصية أفرزها الواقع السعودي وطبيعة الحكم، وهي التي تنظم العلاقة بين أفراد الأسرة الحاكمة، وكذلك العلاقة بين الحكام والشعب، ولذلك تجد الكثير من التحليلات الغربية التي تعتمد على النظريات السياسية العلمية، على رغم تسلحها بعدد من تجارب الواقع إلا أنها تفشل في تقييم وقياس الواقع السعودي، وعلى رغم ذلك يعتمد عليها بعض السياسيين، وتتداولها وسائل الإعلام الدولية كأنها حقيقة، وتذهب بها بعيداً في اتجاهات تقييم واقع العلاقات وفق مقاييس عامة، ولذلك تفصل «الخلافات» وفق أهوائها ورؤاها، في الوقت الذي يكون فيه الواقع مختلفاً تماماً، ذلك أن معايير وأدوات القياس لا تنطبق على الحالة السعودية المختلفة، التي يصح أن نطلق عليها «فريدة» في عالم يعج حالياً بأمثلة ونماذج لا تستطيع الوصول إلى التكامل الذي تتمتع به السعودية، ولا تمتلك العراقة الضاربة في جذور التاريخ التي يتكئ عليها إرث الحكم في السعودية. سلسلة طويلة من الانتقالات والتغييرات في مؤسسة الحكم السعودية جرت على مدار التاريخ، وفي مواقع سيادية وأخرى حساسة، كان العالم كله ينسج النظريات ويتوقع المآلات والسيناريوات ويضع الخطط والرسومات المظلمة للسعودية، إلا البيت السعودي، فهو يظل يتعامل مع الموقف بلغة هادئة، وفي كل مرة كانت اللقطة التي تختلط فيها المبايعة…
الأربعاء ١٦ مارس ٢٠١٦
قد يأتي إنسان بسيط اليوم، ويخرج ليهتف لحزب الله من خارج دائرته، فتلتمس له العذر، على افتراض أنه مغيّب أو مضلل، وقد يخرج آخر ليهتف لأمينه العام حسن نصر الله، وأيضاً ستتغاضى عن هتافه على افتراض أنه ذو مصلحة أو مستدرج، المحصلة أنك ستجد له عذراً أو مخرجاً على افتراض أنه لا يؤيّد الحزب اليوم إلا واحداً من اثنين، إما طائفي أو مخدوع، لكن عندما يأتي أحدهم وتتوسم فيه سعة الاطلاع والعلم والفكر والمعرفة، ويعتلي أحد «أهرامات» الإعلام المصري، وتسمع ما يردّده من شعارات مضللة عن الحزب وينشرها ويسوّق لها، بحجة الحرص على الأمة العربية وإرثها، هنا فقط يستحسن أن تقف قليلاً وتتأمل المشهد. رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام أحمد النجار يعتبر حزب الله قوة مقاومة جبارة في مواجهة الكيان الصهيوني، ويرى أنه لا ينبغي أن نخسر الحزب بسبب أي خلافات عربية - عربية من الممكن معالجتها، تلك جزئية مما كتبه النجار على صفحته بموقع فيسبوك. حسناً سنفترض هنا حسن النية، وأيضاً سنتناسى علاقة النجار بطهران التي تتبنى الحزب، وسنغض النظر عن زياراته لها بحسب المعلن، فذلك شأنه، لكن في ظل حماسته يقول: «حزب الله وقف مع سورية سداً منيعاً أمام قطعان الإرهابيين الطائفيين الذين جمعتهم وموّلتهم قوى الشر الدولية والإقليمية لتمزيق الدولة القومية السورية لاعتبارات الثأر ولمصلحة الكيان الصهيوني»..…
الخميس ٢٩ يناير ٢٠١٥
انتقدت «إحدى العجائز» سيدة العالم الأولى ميشيل أوباما؛ لأنها لم تلتزم البروتوكول المتعارف عليه في مراسم العزاء، وأبسطه ارتداء زي أسود، فيما أوباما ارتدت زياً ملوناً على عكس ما ارتدته وزيرة الخارجية السابقة كوندوليزا رايس وزعيمة الأقلية الديموقراطية في مجلس النواب نانسي بيلوسي، وهو ما جعل «العجيز» -أطال الله عمرها- تقول عنها: «ما تستحي». لم تكن السيدة أوباما هي الوحيدة التي انتهكت «عرض» البروتوكول، فالإعلام الغربي والعربي المستعرب أيضاً قام بما هو أكثر من ذلك، فعلى سبيل المثال، إحدى المحطات الفضائية الإخبارية الغربية التي تعتبر نفسها الأكبر والأعظم والأكثر مهنية، و.. و...، وكل الصفات الحميدة، يخرج أحد مراسليها الأفذاذ ليتحدث عن إنجازات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- ليخلص إلى القول إن المرأة في عهده أصبحت تدخل الجامعات، فيما الإعلام البريطاني المحلي وبجانبه الأميركي يتحدث بأن السيدة أوباما «احمرت وجنتاها من وضع المرأة السعودية!» قال: وشلون عرفت الكذبة؟ قال من كبرها» (أجل احمرت وجنتاها!). ياللهول، إنه إنجاز وأي إنجاز ذلك الذي تتحدث به الفضائيات نصيرة الحقوق والديموقراطيات، وأستغرب لماذا لم تتطرق إلى السماح للمرأة أيضاً بالذهاب إلى الأسواق على سبيل المثال، طالما هذه هي عقليتهم. ما ورد يحتمل تفسيرين، إما أن الفضائيات تجهل فعلاً ما قدمه الراحل، وإما أنها انساقت خلف مهرجين وموتورين سعوا إلى تشويه الصورة…
الخميس ١٩ يونيو ٢٠١٤
بعد أن لوث المجتمع العراقي، خرج نوري المالكي يستغيث بالأميركان، لم يفلح، فوجه انتقاداته اللاذعة إليهم؛ لأنهم لم يبادروا بإرسال عدتهم وعتادهم وجنودهم لحمايته، صعّد من لهجته، فاتَّهم في البداية «داعش» باستحواذها على الموصل، فطار من طار بـ«العجة»، إلى أن خرج شيوخ العشائر ليؤكدوا أنها ثورة، وهنا أيضاً دجَّ من دجَّ، وبعدما تخلى عنه جيشه في الموصل، وبدأت الخطوات تقترب من بغداد لم يجد بُداً من النفَس الطائفي لينفخ به من جديد، فلجأ هذه المرة إلى أسياده الإيرانيين يتزلف لهم، وهم في الواقع ليسوا بحاجة إلى تزلفه، فيدهم موضوعة على المالكي وعراقه، منذ توليه السلطة، فجادت قريحته بدفع العراق إلى أتون حرب أهلية، على أمل أن يبقى في منصبه، وانطلاقاً من قاعدة: «أنا ومن بعدي الطوفان»، فلم يفلح، لجأ إلى السيستاني كمنفذ للطائفية التي يبحث عنها، فلم يخذله السيستاني، وأصدر فتوى جهاد تدعو أبناء الطائفة الشيعية إلى حمل السلاح والنزول إلى الشارع، فتهافتَ الطائفيون، وشاهدنا رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي عمار الحكيم، وهو يرتدي بزة عسكرية ويحمل سلاحاً و«براءة الأطفال في عينيه»، فيما ظهرت صور لمعممين في أرذل العمر وهم يلوِّحون بأسلحتهم، لكن حتى هذه لم يفلح فيها المالكي، إذ وقف ذليلاً بين جمع من القادة والرموز السياسية استدركوا فحش خطأ التعبئة المذهبية ليصدروا بياناً أكدوا فيه أهمية «مراجعة المسيرة…
الجمعة ٠٤ أبريل ٢٠١٤
لا يصيبني بالإحباط أكثرَ من شخص يخرج على المحطات الفضائية، ليخبرنا عن علاقة المملكة بأميركا، فيخلص إلى أن العلاقة بين البلدين تاريخية وجذورها ضاربة في عمق التاريخ، والغريب أن هؤلاء يتناسون أن علاقة واشنطن مع الشاه كانت تاريخية وكانت أيضاً كذلك مع صدام حسين ورئيس الفيليبين فرديناند ماركوس، والقائمة تطول لغيرهم من الرؤساء والأنظمة التي باعتهم الولايات المتحدة، خضوعاً لمصلحتها. الإشكالية هنا أن الرياض تتعامل بندية مع الجانب الأميركي، بينما مَنْ يُطلق عليهم محلّلون ومتابعون يُخضعون تلك العلاقة للتبعية، تاريخياً في أضعف الأيمان. زيارة أوباما الثانية إلى العاصمة السعودية اتضحت ملامحها قبل وصوله، وشتان ما بين استقباله في زيارته الأولى وزيارته الأخيرة، وبطبيعة الحال الملفات التي حملها في جعبته كانت السعودية أكثر إلماماً منه بتفاصيلها، وهو ما جعل الهُوَّة أكبر بين الحليفين. عموماً ليس هذا هو موضوعنا، فالموضوع الأهم اليوم أن المشهد السياسي في دول الخليج العربي يتجه إلى مزيد من التصعيد والتغيير، فعلى رغم الخطوات التي اتخذتها دول الخليج ضد قطر، إلا أن هذه الأخيرة ما زالت تمضي بسياساتها بعيداً عن المجلس وتطلعاته، ولا يبدو أنها بصدد مراجعة حساباتها، وهذا يضعنا أمام احتمالين: إما أن القرار السياسي القطري مدعوم من أميركا، وهذه تعيدنا إلى أن الولايات المتحدة غير مأمونة الجانب، إذ سبق أن تخلت عن حلفائها، وإما أن يكون…
الخميس ٢٠ مارس ٢٠١٤
(وما أكثرَ الإخوانَ حين تعدُّهم*** ولكنَّهم في النائبات قليلُ). قيل وما النائبات؟ ولماذا لا يكونون «نائبين»، فأطرق برأسه برهة وهو يتمعن في العقول التي تخاطبه، وقال: «الله يخلف علينا». و«الإخوان» - وبعيداً عن النائبات والنائبين وأنواع الاختلاط - هنا شقان، فمن جهة هناك إخوة لنا نعتز بهم، وتربطنا بهم صلات الدم والدين والدنيا، وهناك «الإخوان» المتأزمون أو المسلمون. سمُّوهم ما شئتم، فلدينا في المحصلة نوعان من الإخوان، الأول: سنتحدث عنه الآن، وهم بعض من تناولوني شتماً وقدحاً إثر مقالتي السابقة: «عمان وديموقراطية قطر»، وكنتُ إلى ما قبل المقالة أعتقد بأن الصمت صفة عُمانية إلى درجة دفعت مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي مثل «تويتر» إلى التساؤل غير مرة: أين العُمانيون من هذه المنصة؟ لماذا لا يطرحون قضاياهم ويناقشونها؟ بيد أنني اكتشفتُ أن الصمت الذي كنا نتوقعه يقتصر على الحكومة وفي القضايا المصيرية فقط. أما الشعب فلديه القدرة على الكلام. الآن وبغض النظر عن ماهية ذلك الكلام الذي يطلقونه فإنهم يشاركون ويناقشون ويتقنون كيل الشتائم، إذاً هم - يا للمفارقة - مثلنا، لكن السؤال: أين كانوا قبل ذلك الوقت؟ العُمانيون الذين يخرجون اليوم ليقدموا لنا دروساً في السياسة - مستشهدين بسياسة حكومتهم ويدافعون وينافحون عنها - هم أبرز المغيبين عن المشهد السياسي العربي والإقليمي، وهم يعلمون قبل غيرهم أن حكومتهم في واقع الأمر…
الخميس ٠٦ مارس ٢٠١٤
لا جديد، ومن عدّ سحب السعودية والإمارات والبحرين سفراءها من قطر مفاجأة كان يفكر في شأن آخر، فمعظم السياسيين كانوا يتوقعون هذا المسار، وشخصياً سبق أن أشرت إليه وحذّرت من العزلة القطرية، فهكذا سياسة ليس لها إلا مثل هذا الإجراء، لكن لا يزال لدى قطر حتى الآن الفرصة للعودة إلى المسار الطبيعي، فسحْب السفراء يبدو أنه «قرصة أذن» فقط، أما إذا واصلت قطر سياساتها فأتوقع أن تذهب دول المنطقة إلى أبعد من ذلك. تُرى ما الذي تواجهه قطر؟ ولماذا؟ بداية، من الواضح أن اتخاذ قرار سحْب السفراء لم يكن وليد اللحظة، فدول المنطقة تسعى منذ فترة للتعامل مع العقلية السياسية القطرية ومسايرتها تارة والتصدي لها تارة أخرى، بيد أن هذه السياسة - على رغم الوساطات التي سعت للتقريب بين جميع الأطراف - لم تنجح، لكن الواضح أن هناك انقساماً، فعمان - على سبيل المثال - لم يكن يُؤمل منها تأييد أي قرار تُجمع عليه الغالبية، وهذا ما تعودنا عليه منذ انضمامها إلى مجلس التعاون، فهي ضدٌّ على الدوام. إذاً لا جديد في هذا الأمر. أما الكويت فأعتقد بأن عدم تجاوبها يأتي انطلاقاً من سعيها للوساطة، لضمان عدم ذهاب الأمور إلى الأسوأ. طبعاً هذا ما ظهر حتى الآن. والكثيرون يذهبون إلى أن لعنة «الإخوان» حلّت على قطر. بالنسبة إليَّ أرى أن…