الإثنين ٣١ أغسطس ٢٠١٥
لعل أشهر تمييز للصفوات الاجتماعية في المجتمعات بحسب خبراء علم الاجتماع السياسي، سيجعل فئة المثقفين مع مديري الصناعة وكبار موظفي الحكومة. فالطبقة المثقفة هي الناقدة للمجتمع والمنتجة للمفكرين التنويريين عبر العصور، ومع اتساع دائرة التحضر الاجتماعي في أي مجتمع تنفصل الحواجز الرفيعة بين فئات الثقافة للتميز بفئتين: المثقفين والأنتلجنسيا، والأخيرة تشير للذين تلقوا تعليما جامعيا مؤهلا للمهن الراقية والعليا. وبما أن المثقفين من ناحية أخرى هم من يسهم في ابتكار ونقل الأفكار لإحداث التغيير بالمجتمع، فقد تنبهت الحكومة الإيرانية لهذا الشأن وسعت عبر العقود للتوجه نحو المدرسة التعليمية، ببساطة يمكن إحصاء كم العنجهية التي تتخذها السلطة الفارسية ضد المثقف الإيراني من خلال القراءة بلمحة عامة في قوقل، فسنجد المثقف المقتول والمسجون واللاجئ السياسي والمقموع والمشنوق والمنتحر، تحت ابتداعات تهم قضائية لا حصر لها، حتى يتهيأ الجو لصناعة صراع فارسي عربي لا ينتهي عبر الأجيال موجهة للعرب، ومن ثم فدوامة الصراع العسكري والجغرافي والأمني لن تتوقف بل تضاف إليها حزم من أزمات الصراع الثقافي والتربوي الموجهة لطلاب المدارس. في المقابل لا يزال المثقف العربي يتناول الشأن الإيراني في خطابه الثقافي بالمزيد من السطحية مع العدم الخوض داخل أعماق العالم الباطني الفارسي ليكاد التنوير الثقافي المتعلق بالشأن الإيراني متعلقا في معلومات مستهلكة عن المذهب الاثني عشري وما يتم تداوله من اقتباسات مستهلكة…
الإثنين ١٧ أغسطس ٢٠١٥
في كتاب اليابانيين الذي ألفه سفير الولايات المتحدة في اليابان إدوين أو رايشاوير عام 1977م، طرح الكاتب سؤالا جوهريا أجاب عليه بنفسه، كان السؤال ما سر اليابان؟ وكان الجواب: سر نهوضها شيئان: إرادة الانتقام من التاريخ، وبناء الإنسان. فالذي نهض باليابان من على ركام رائحة القنابل الذرية المميتة هو الرغبة في تحدي هزيمة الانكسار المدوي أمام العالم الأقوى، كانت الإرادة استنهاض لكل رغبات الانتقام من هزيمة الحرب، والموت الذي لن يجر الأمة اليابانية إلا إلى التخلف، والتخلف هو السرطان المميت للحياة. ألهبت اليابان الحماسة العلمية والتكنولوجية في نفوس أمتها الجريحة والمحروقة من انفجارات هيروشيما وناجازاكي وبطراز رفيع من التوقد الفكري ليحاكي إيقاعه على الأرض لعب الكبار في ساحات الحرب الذي لا يراهن سوى على النصر، فالضرب بالعلوم والاختراعات لن يردعه إلا الضرب بالعلوم والاختراعات المنافسة. واليوم أصبحت اليابان ضمن الدول العظمى التي كفلت لشعبها حق وجوده المهيمن في الصناعة والاقتصاد والتنمية على الخارطة الدولية. في العالم العربي تسبح الشعوب المنكوبة بدول حكومات «الاستعمار الوطني» في خطيئة التخلف الحضاري الذي جاء إليها منقادا مرغما، وتشظت منه انعكاساته المريرة على الواقع العلمي والاقتصادي والصحي. هذا الواقع إذا ما تم استهدافه في أي شعب فلن تهب له نهضة مع الأمم المحيطة به أبدا. النزاعات السياسية وأطماع الاستحواذ على السلطات ونهب الأموال في بلدان…
الإثنين ١٠ أغسطس ٢٠١٥
مع كل ضربة إرهابية إجرامية تستهدف أحد مكونات الوطن تجتر المجتمعات الفكرية نغمة الشجب والاستنكار، بدون وجود التماس واقعي لحل مشكلة استمرارية الجريمة الإرهابية واجتثاثها من جذورها. فعلى الرغم من التناغم الظاهري اللا إرادي بين اتجاه رأي الصفوة والغوغاء في نبذ الجريمة الإرهابية، إلا أن الانتكاس في بحث أصول المشكلة هو ما يفرق هذا التضافر اللحظي. لست بعالمة اجتماع، ولكنني أعتقد أن السبب الرئيس لتحول السلوك الإجرامي للمجرم وتبدله من ممارسة على عينة فردية من المجتمع من أجل استحقاق منفعة شخصية بالمقام الأول إلى سلوك إجرامي يمارس على عينة من مجموعة بشرية لا يهم فيها المعرفة المسبقة للأفراد المستهدفين، ولا يوجد لدى المجرم رغبة استحقاق منفعة فردية يعود إلى مسألة توجيه التطرف. من ملاحظة فردية أرى أن التطرف بذاته ليس سبب اعتناق الإرهاب مباشرة، فأغلبية - إن لم يكن جميع - رموز التطرف الفكري وقادته في جميع الأديان بعيدون عن الضلوع المباشر في تنفيذ العمليات الإجرامية، حرصا على الحياة الدنيا بكل مكوناتها من المال والشهوات والرغبات، وإنما توجيه التطرف لدى المجندين الجدد واللعب في مسألة الاتجاهات نحو الهدف هو ما يجدر إعادة النظر إليه. في المجتمعين اليهودي والمسيحي وغيرهما من المجتمعات الدينية التي تشكل أفكارها بيئة خصبة لتنشئة التطرف قلما يستهدف المتطرفون البنية الأساسية للمجتمع الديني، وإن احتدمت بين الصفوة…
الثلاثاء ٢٨ يوليو ٢٠١٥
هناك فجوة كبيرة، بحجم ما يخلفه نيزك ملتهب سقط على الأرض، بين الوعي والعاطفة عند تلك الفئات النسوية المندفعة للتطرف. وخيوط التورط في إحداث تلك الفجوة سيمكن من الوصول إلى أولياتها وأهمها. كانت فترات المد الصحوي الفكري في السعودية تسعى بعمد وقصد إلى سلخ العلاقة الجلدية اللحمية المرتبطة بين الوعي والعاطفة لدى المرأة. سلخ الوعي بما يمتلك من أدوات التفكير النقدي الفطري للدلائل والأحداث سيسبب له وفاة دماغية ومن ثم ستعمل العاطفة بشكل ميكانيكي ميت تماما مثل الإنسان الحي والمتوفى دماغيا في الوقت نفسه: حياة كاملة بغياب وعي كامل. ولملء الترف النسوي العاطفي بحاجته المكمله تم تسويق وتزيين هيئة وسلوك الرجل الصحوي بأنها المثالية الأترف في العالم الرجولي وما دونها الفسق المهلك. على سبيل المثال كنا نسمع ونقرأ في كتيبات الفترة التي ساد فيها الفكر الصحوي عن جماليات الرجال، فمثلا مما كتب في أحد الكتيبات «زينت وسائل الإعلام للفتاة فارس أحلام هابط، وقدمته على أنه الرجل المنتظر والزوج الحبيب، زينته بسيجارته في يده وسحب من الدخان تملأ حياته، وصوت الموسيقى يصدح بين جوانحه!! حتى إذا قام إليها من أطاع الله ورسوله وبدت ملامح الخير على وجهه عصت الفتاة الله ورسوله وردت الشاب حزينا. لم تقبل به لتمسكه بالإسلام! من ترضون دينه وخلقه يعود منكسر النفس حائر السؤال، لا يعلم لماذا…
الثلاثاء ٢٣ يونيو ٢٠١٥
انتكاس المتورطين في قضايا الإرهاب بعد برامج المناصحة، وتصدرهم قوائم المطلوبين أمنيا يثير العديد من الأسئلة التي تحث على التعمق في التركيبة المعقدة للتشكل الإرهابي والنظر إلى برنامج المناصحة ومخرجاته كنتيجة نهائية لاختبار صحة فرضيات سابقة يمكن على أساسها من جديد العمل على بناء فرضيات جديدة لمكافحة الإرهاب وتوسيع رقعة أفق السعي في سبيل اجتثاث هذا المرض الذي يلوث ديننا وقيمنا ومجتمعنا. أثبتت الأفكار الظلامية المعتقد الرئيس للإرهابي أنها ليست إلا أحد مكونات التركيبة الإرهابية المعقدة. لو كانت الأفكار وحدها من تعمل على اعتناق الإرهاب لكانت برامج المناصحة كضد فكري يقابل فيه الفكر بالفكر لقضي على الإرهاب. لكن يبدو أن المناصحة الفكرية تقابل مكونا واحدا فقط للتركيبة الإرهابية وهو التكوين الفكري. ماذا عن التكوين النفسي؟ يفترض أن نبحث بالبروفايل النفسي للمتشكل في طور الإرهاب، وأن نتتبع عوامل نموه النفسي منذ مراحله المدرسية المبكرة وظروفه البيئية وما إذا كانت هناك علامات اضطراب نفسي وأمراض نفسية محددة تشترك فيها عينة الإرهابيين. يجب علينا الاعتراف بقصور خدمات الرعاية النفسية على مستوى الشح في المستشفيات النفسية وانعدام الرعاية النفسية تقريبا في منهجية المدارس، كما أن ما يعرف بـ»المشرف المدرسي» على الأرجح في أغلبية المدارس يعمل مفتشا ومدققا أكثر من كونه ممتهنا للإرشاد النفسي. قد يكون الاضطراب والمرض النفسي أحد مكونات التركيب الإرهابي أيضا كمدخل…
الإثنين ١١ مايو ٢٠١٥
يأتي إعلان معالي وزير التعليم الدكتور عزام الدخيل لإنشاء إدارة تعنى بقضايا الأمن الفكري ملبيا لتطلعات الكثير ومناشداتهم المستمرة لإعادة التعليم المختطف فكريا منذ عقود، والحقيقة أن اختطاف التعليم مر عبر عقود زمنية عملت على غرسه في نفوس أجيال من النشء، ولذلك فإن انتظار إحداث تغيير جذري للتقويم والإصلاح الفكري سيحتاج جهودا ووقتا زمنيا طويلا أيضا. ما يراهن على نجاح الإصلاح الفكري مستقبلا هو أن المجتمع السعودي يقع الآن تحت عوامل تغيير ثقافية تصب في صالح كسر الأنساق الأيدولوجية والطباع السلبية المترسبة بفعل النموذج التربوي المتطرف والذي ظل لعقود زمنية هو الرمز ذو الحظوة النجومية والقدوة المثالية التي يحتذى بها لاستفتاح أبواب خيري الدنيا والآخرة. تشريح البانوراما لتشكيلة المجتمع السعودي التعليمي بقسميه المدرسي والعالي يحتاج إلى بلدوزر ضخم يتناوله حراك علماء الطبيعة وعلوم الحياة ومعهم علماء الاجتماع الباحثون في دراسات المجتمع السعودي أولا، يليهم علماء النفس والممارسون في مجالات الصحة النفسية والسلوكية، يأتي بعد هذا الصف علماء مدارس الفقه والمنهج المعتدل المتسق مع نهج ما سبق من العلماء درءا للاختلافات التي تحدثها مدارس الفقه الديني مع مدارس علوم الحياة، فالمواجهه الآن تتجابه مع تعقيد مركب من الفلسفة الدينية التي أخرجت عن سياقها، ليس هذا فحسب وإنما أرخت بظلالها القاتمة على وهج الحقول الفلسفية الدنيوية المهمة حتى سحبت البساط منها لأنها…
الإثنين ٠٤ مايو ٢٠١٥
عِشرة عمر لعقود في تفاصيلها أربعون عاما من الأزمنة عاشها السعوديون على اختلاف الحقب الملكية السياسية وهم لا يكادون يعرفون أكيدا إلا وزير خارجيتهم المتصدر على عرش اللباقة الديبلوماسية حول العالم سمو الأمير سعود الفيصل بن عبدالعزيز آل سعود متعه الله بالعافية والصحة. والاسم بحد ذاته يحمل من الترف والبذخ ما يفوق وصف كل أحبار الزمن ومواهب الرسامين في التعبير عن الجودة والفخامة الوصفية لبانوراما الشعور والإحساس العظيم في دواخلهم. شعرت كسعودية بحزن وفراغ نفسي كبير عندما استيقظت مشدوهة تملؤني حسرة ليس من سبيل إلا تقبلها على خبر إعفاء الفيصل بناء على طلبه ولظرفه الصحي، علامة حاسمة في وجدان كل سعودي وسعودية لو كان للناس خيار ضامن للفيصل بقاءه مزيدا من الزمن على المنصة الديبلوماسية لما ترددوا. هكذا سنة الحياة تتقلب الصفحات بناء على رغباتنا أو رغما عنها. المقالات والأخبار والتغريدات والتقارير والعالم بأسره حديثه الأبرز عن الفيصل، أغلب هذا الجيل من أبناء وبنات الوطن لم يعاصروا البدايات المبكرة للأمير سعود الفيصل في شموخ الوطن به سياسيا في كل المحافل الدولية، ولكننا نشأنا وبعضنا استيقظ على أمجاد مشرقة في صفحات الزمان رسمت للسعودية توجها سياسيا رصينا هادئا حصيفا فخما له وقع السيف ودقة الرمح ووثبة الضرغام وحكمة الشيوخ الذين لا يستغني عنهم الزمن. لا يوجد في سجل السياسة الخارجية السعودية…
الإثنين ٢٠ أبريل ٢٠١٥
في دراسة أدبيات الاتصال النفسي الإيراني (التي لخصت في أحد فصول كتاب الحرب النفسية للدكتورة حميدة سميسم) سيوجد جليا توظيف نظرية الإعلام الإسلامي كمفهوم أيديولوجي يرتبط بالثورة الإيرانية تتجلى فيه حقيقتان:1- ولاية الفقيه التي تعتمد كمرجع لاستدامة العمل الدعائي والنفسي. 2- تعارض الأيديولوجيا التي تتغطى بها السياسة الإيرانية بدوافع دينية مع أهدافها الحقيقية إلا أنها تتسق معها بصورة متوازنة. هذه الحقائق المتناقضة مع بعضها هي ما خلق الفوضى في أوساط مفوضي الملالي الطهرانية في الدول العربية، كما أضفت على أجواء تلك العصابات نوعا من التسميم السياسي الذي سبب صدمة وشللا نفسيا في أوساطهم بسبب فشل تحقيق أفكار الهيمنة التي زرعت كأفكار ساعدها في ذلك التصور باكتمال الهيمنة بعد تشكل ملامح الهلال الشيعي في المنطقة العربية. في ظل حالة الانهيار النفسي التي يعاني منها مفوضو الملالي فإن استخدام المفوض الإيراني اللبناني في الضاحية الجنوبية حسن زميرة، كحالة دراسة لنموذج بهلواني الحرب النفسية، قد لا يوفي بانطباق كل المعايير المتطلبة لنجاح الحرب النفسية التي تقودها القوى المتضادة ضد بعضها، ولعلنا لا نزال نذكر النجاح الوقتي للحرب النفسية الذي حققه بهلوان حزب البعث في العراق محمد الصحاف. الحرب النفسية والدعائية التي يشنها المفوض اللبناني عن الملالي في لبنان غير فعالة خصوصا في هذا الوقت، استنادا إلى مدارس الاستراتيجيات والحروب العسكرية، فالمبادئ الصحيحة للحرب…
الإثنين ١٠ فبراير ٢٠١٤
وجود قيادات إخوانية رجالية في الجامعات السعودية وفي الملحقيات وفي كل مؤسسات التعليم ليس وليد اللحظة وحان الوقت للتنبه له، ولكن بروزهم العلني على أسطح وسائل التواصل الاجتماعي بعد فوز جماعة الإخوان في مصر، ثم كشفهم لاستعدادهم للتحالف السياسي لإعلان دولة الإخوان الخفية داخل السعودية استعدادا لضمها لدولة الخلافة العظمى بعد أن تتحقق أحلامهم بإشعال الاضطراب الأمني بالبلد! ثم عودتهم مرة أخرى للتقية بعد سقوط رئاسة مرسي، وضع عليهم هالة ضوئية كشفتهم للجميع وبشكل رئيس من خلال «تويتر» وبالانتقال لكليات البنات، نجد أن تسيد المرأة الإخوانية لمفاصل صنع القرار في كليات البنات في الجامعات يرجع تاريخه إلى مطلع السبعينات وهو تاريخ نشوء هذه الكليات التي أسست للتعليم الجامعي للفتاة حينما كانت كليات البنات تحت إشراف الرئاسة العامة لتعليم البنات، وقد كانت الرئاسة بدورها وعلى مدى تاريخها محكومة بإدارة دينية تأثرت في بعض الفترات برياح الحركية بحكم الفترة التاريخية هذا الوضع جعل كليات البنات بالذات في الرياض وجدة وأبها بيئة خصبة لنشوء القياديات الإخوانيات واللواتي انضممن إلى «الداعيات» وبرزت منهن نجمات معروفات بالمجتمع، فضجت كليات التربية والآداب خصوصا في جميع أنحاء المملكة بهؤلاء الإخوانيات، كما تشكلت لهن أحلاف من أجيال جديدة من طالبات البكالوريوس والدراسات العليا تابعات للقياديات التقليديات من أعضاء هيئة التدريس الإخوانيات وقد بلغت جهودهن أوجها في قولبة الطالبات…
الإثنين ٢٧ يناير ٢٠١٤
من العار طبيعيا أن تتعرض المؤسسات العلمية والبحثية والطبية السعودية المرموقة لعمليات تشويه لسمعتها العلمية بسبب سوء السلوك العلمي لبعض منسوبيها العلميين والطبيين الضالعين في الاهتمامات البحثية، إلا أن الأنكى من ذلك هو استمرار سوء السلوك العلمي وربما اضطراده وما يضاف إليه من ممارسات التفاف على الأنظمة بتلك المؤسسات في ظل مروره دون الإبلاغ عنه أحيانا أو توجيه الإنذارات والانتقادات التقويمية إليه، ربما يعزى ذلك إلى العلة القديمة في الانخفاض الكبير لسقف الحماية عن المنتقدين والمبلغين والذي يعول الكثيرون على ارتفاعه مستقبلا بعد سير النهج الحكومي الرسمي على سياسة الإصلاح في المجال العلمي وتقويمه من خلال برامج شراكة أشهرها توقيع مذكرات التعاون مع «نزاهه» إلا أنني أرى أن الاحتكام العلمي إلى نزاهة سيكون منقوصا وغابنا للباحثين عن العدالة العلمية ما لم يكن هناك انتهاج جديد لتقديم العلماء والباحثين المضللين إلى محاكم «علمية» للتقاضي بشكل متخصص وكل ذلك في حال تجاوز أحكام اللجان القانونية في تلك المؤسسات على أية حال، لا يظهر الخوض في فساد المجتمع العلمي السعودي على سطح الانتقادات الشعبية ربما لتواضع تأثيره عالميا بشكل عام استنادا إلى مقارنة عمر المجتمع العلمي السعودي بالعالمي، وهو ما يوحي أيضا بمثالية عالية غير صحيحة، متطرفة في مقياسها، تتلخص في أحد إحتمالين: إما أن يكون المجتمع العلمي في أعلى مقاييسه المثالية جدا…
الأربعاء ١٨ ديسمبر ٢٠١٣
يعتبر البحث عن الاختلافات الجينية في الخلايا الطبيعية والسرطانية محل اهتمام العلماء والأطباء، لأنه من خلال ذلك سيفهم السرطان على مستوى جزيئي وستعرف الجينات المسببة للسرطان «سواء تعلقت بالنشاطية أو الاختلافات الهيكيلة للجينات الموجودة فقط في الخلايا السرطانية وليس في الخلايا الطبيعية». ويمكن استخدام هذه المعلومات لتثيبط الجينات ذات النشاطية العالية، أو إيقاف عمل البروتين الناتج من الجينات التي تحمل طفرات وبدوره سيساعد في إيقاف نمو وانتشار السرطان وفي بعض الأحيان يؤدي إلى قتل الخلايا السرطانية. وبالعودة للتعرف على الجين: فهو مكتب تصدير الرسائل على هيئة مركبات تعرف بـ«الرنا» RNA التي تترجم بعضها إلى بروتينات داخل كل خلية في الجسم من أجل إتمام الوظائف الحيوية على أكمل وجه، وبمعنى آخر تعمل الجينات أو ما يعرف بالجينوم «Genome» الموجودة في كل خلية حية على تنظيم جميع العمليات الحيوية والوظيفية لها: مثل انقسام الخلية وتكاثرها وغير ذلك من الوظائف الفسيولوجية. إن نشاط وعمل الجينات في الحالة الطبيعية يؤدي إلى نمو الخلايا ليعطي نسيجا ثم عضوا صحيا. في حين أن أي خلل في نشاطيتها قد يؤدي إلى خلل في هذه المنظومة. ما يؤدي إلى تشكل الأورام على سبيل المثال. فالأورام ليست إلا نتيجة مباشرة لاضطراب أو خلل للرسائل الصادرة عن الجينات إلى الخلية، تضطر الخلايا إلى العمل بصورة مشوشة ومضطربة مما يجعلها تتعامل…
الأربعاء ١١ ديسمبر ٢٠١٣
يعد فن تشفير الرسائل من الممارسات الإنسانية القديمة جداً، وهو فن ترميزي للأسرار بكتابتها كرسائل مخفية لا يمكن لأحد أن يشك بوجودها ولا يعرفها أحد سوى المرسل والمستلم كنوع من السرية. يعرف فن التشفير علمياً باسم «ستيغانو جرافي» Steganography ، ويذكر التاريخ أن أول من استخدم تقنية الستيغانوغرافي هو اليوناني ديماريتوس، حيث لجأ إلى الكتابة المباشرة على لوح خشبي وغطاه بشمع وكانت الكتابة شيفرة تحذير لليونانيين بشأن هجوم محتمل. كما كان الوشم على رأس الرسول المحلوق أحد الوسائل المتداولة آنذاك، حيث استخدم اليونانيون القدامى كتابة الوشم على رأس المرسول وهو حليق ثم يترك حتى ينمو شعر رأسه مجدداً قبل إرساله إلى المرسل، الذي يقوم بحلق رأس الرسول والتعرف على الشيفرة. وفي الحرب العالمية الثانية لجأ الفرنسيون إلى حيلة مبتكرة وهي كتابة الشيفرة على ظهور الأتباع بأحبار مخفية. كما كتبت رسائل موس من خلال حياكتها داخل أنسجة القماش، وقد عرف العرب منذ القدم التشفير وأجادوا فيه بما أسموه «علم التعمية». فحظي بمقامه بين سائر العلوم واستعمل العرب مصطلح «تعمية» كناية لتحويل النصوص الواضحة إلى أخرى غير مفهومة باستخدام طرق محددة يستطيع من يفحصها أن يفهم النص المشفر. وقد كان العلماء المسلمون والعرب أول من اكتشف وسائل استخراج الشفرات وقراءتها وكتابتها وتدوينها، ساعدهم في ذلك تقدمهم في علم الرياضيات الذي أعطاهم الأدوات…