الأحد ٢٣ مارس ٢٠١٤
يصادف النصف من شعبان من كل عام مولد المهدي المنتظر عند الشيعة الاثني عشرية الذي سيعود حسب المعتقد الشيعي من غيبته الكبرى، ليملأ الأرض قسطا وعدلا بعد أن ملئت جورا وظلما. وبعيدا عن الجوانب العقائدية الدينية لهذا الطرح، ومدى تأييد البعض لهذه الفكرة وآخر مستنكر لها، نسير مع القارئ هنا لنفتح جانبا آخر مهما والذي يتمثل في التوظيف الإيراني لهذه المناسبة، إذ لا يقتصر هذا التوظيف على الداخل الإيراني فحسب، بل تنعكس أصداؤه لتمتد خارج حدود إيران مغلفة بتوجهات تخلق معها إشكاليات جدية، تؤدي في بعض الأحيان للدفع بالبعض لتغليب المذهبية على الوطنية. يعقِد النظام الإيراني كل عام مؤتمرا دوليا للعقيدة المهدوية جاءت آخر دوراته (التاسعة) بتاريخ 23 - 6 - 2013، وبحضور رئيس مجلس الخبراء مهدوي كني ورئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني، بالإضافة إلى 48 شخصية دولية من كندا والسويد والنرويج والأردن ولبنان ومصر والعراق وباكستان وبوركينا فاسو والفلبين وتنزانيا وغيرها من الدول العربية والأجنبية. وقد تم إرسال 213 ورقة كتبت باللغة الفارسية والإنجليزية تتحدث عن العقيدة المهدوية. استعرض منها 22 ورقة بالفارسية و15 ورقة بالإنجليزية. وبالإضافة إلى مثل هذه المؤتمرات نلاحظ حرصا كبيرا من النظام الإيراني على استمرار عقد الأنشطة والدورات في هذا السياق، إذ أعلن على سبيل المثال المساعد للشؤون التعليمية في مؤسسة المهدي الموعود عن عقد…
الإثنين ١٧ مارس ٢٠١٤
قبل الخوض في غمار هذا الموضوع أدعو القارئ ولكي نتلمس معه خطورة هذا الأمر أن يرسم في مخيلته قلعة يحيطها جدار حصين شاهق الارتفاع. يحوُلُ هذا الجدار دون أن تتعرض هذه القلعة ومن فيها إلى أي غزو خارجي أياً كانت صورته. الرسول محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم هو نبينا وقدوتنا. رسولنا الذي نلتمس من نهجه أسلوب حياتنا. فلا يقتصر الأمر على العبادات وإنما يسير ليطال كذلك المعاملات والقيادة وغيرها. وحدة الوطن وضمان سلامته من الأهداف السامية لدى الشعوب وقياداتها. ويأتي الرسول صلى الله عليه وسلم ليقدم لنا درساً وبراعة قيادة في حفظ الوطن وسلامته. ففي المدينة المنورة عقد صلى الله عليه وسلم اتفاقاً مع اليهود وفق قاعدتين هما: 1- القاعدة الأولى: الآية القرآنية (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ). سورة الكافرون الآية (5)، والآية القرآنية الأخرى (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ). صدق الله العظيم سورة الممتحنة الآية (8). 2- القاعدة الثانية: الحفاظ على الوطن وسلامته. فجاءت المعاهدات مبنية على تحقيق أمن الوطن وحمايته. واستمر الحال كما هو عليه حتى غدر يهود المدينة ونقضوا عهدهم. فأصبح لزاماً اتخاذ الإجراءات الضرورية للحفاظ على أمن الوطن وسلامته. وبذلك يلاحظ القارئ الكريم أن ما قام به الرسول صلى…
الإثنين ٠٣ مارس ٢٠١٤
لعل القارئ يتساءل منذ الوهلة الأولى هل بالفعل يمكن أن تكون لدولة الإمارات بما تحويه من نظام سياسي أن تستقل بنظرية سياسية منفردة بذاتها؟ الحقيقة أنه تساؤل في محله، فالدارس للعلوم السياسية يدرك جيداً أن هناك نظريات سياسية تطورت وتباينت مع تقادم السنين واختلاف الشعوب. وتأتي التجربة الإماراتية وما تختزله من خصوصية، لتدفعنا إلى القول إن هذه التجربة مع التسليم بتشابهها مع تجارب أخرى في بعض الجوانب إلا أنها استطاعت أن ترسم لنفسها حالة من التفرد. ونسير هنا مع القارئ لمحاولة دراسة بعض ملامح هذه النظرية وخصوصياتها. بداية يأتي مفهوم النظرية السياسية بوصفه نتاجاً للفكر السياسي، وتحليلاً منطقياً ومنهجياً للعمليات التي يمر بها هذا الفكر. وفي تفسير آخر فإن النظرية السياسية هي التي تضع الحقيقة السياسية في إطار منتظم متماسك له معنى. لا يتوقف الأمر عند ذلك، فالعلاقة بين النظريات السياسية والواقع ليست من طرف واحد. فإذا كانت النظريات تنبثق من الواقع، فإنها تعود من جديد لتؤثر على هذا الواقع. ويأتي السؤال هنا كيف هو واقع التجربة السياسية الإماراتية، وكيف ظهرت ملامحها في النظرية السياسية وماذا أضافت لها هذه الأخيرة؟ للإجابة على هذا التساؤل نسير بدورنا لإسقاط مفاهيم مهمة على التجربة الإماراتية مثل العقد الاجتماعي وشرعية الحكم. لا يخفى على القارئ أن تاريخ مجتمع الإمارات يسير باتجاه المجتمع القبلي التي…
الأحد ٢٣ فبراير ٢٠١٤
«ومن دون شك، فإن طهران ستتعاون مع هذه الدول أيضا لتأمين المصالح الإيرانية قصيرة المدى وطويلة المدى، بنظرة واقعية ناتجة عن حسن الجوار ووضع مبادئ الشريعة الإسلامية والواقع الدولي في الاعتبار». ما أجمل هذه العبارة التي ختمتها دراسة مقدمة من مركز بحوث البرلمان بعنوان «سفر وزير الخارجية إلى دول الخليج: الأبعاد والتداعيات»، نشرت في وكالة أنباء «فارس» الإيرانية! فالمصالح التي يسعى النظام الإيراني لتحقيقها حق مشروع لا يختلف عليه أحد، والنظرة الواقعية المبنية على حسن الجوار ومبادئ الشريعة الإسلامية، تطرب لها الأذن الخليجية التي لا تفتأ قيادات وشعوب الخليج العربي تؤكدها. ويا ليت تلك الروح الإيجابية التي جاءت مع خاتمة هذه الدراسة انتشرت إيجابيتها على بقية تلك الدراسة. القارئ يتساءل: كيف هي إذن الروح التي عمت تلك الدراسة؟ الإجابة في السطور القادمة: بداية، تنتشر في إيران الكثير من المراكز البحثية؛ فمنها مراكز البحوث الخاصة، ومنها ما يكون ذا صلة مباشرة بالمؤسسات الحكومية للنظام الإيراني. فهناك مركز البحوث التابع لمجمع تشخيص مصلحة النظام، وهناك مراكز بحوث تابعة لـ«الحرس الثوري» وغيرها مما يسير على هذه الشاكلة. يأتي مركز البحوث التابع لمجلس الشورى الإسلامي في إيران (البرلمان) بوصفه أحد المراكز المهمة الذي يغذي البرلمان وغيره من مؤسسات النظام في إيران بالبحوث والدراسات التي تساعد على عملية صنع القرار. ونأتي هنا للإجابة عن تساؤل…
الإثنين ١٧ فبراير ٢٠١٤
خلال استقباله عدداً من المسؤولين بسلاح الجو التابع للجيش النظامي في إيران، تناول مرشد الثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي عدداً من القضايا التي تعكس النظرة السياسية لرأس هرم السلطة في إيران. سنحاول مع القارئ خلال السطور المقبلة استعراض بعض تلك التصريحات وأبعادها. بداية لا يمكن فصل هذه التصريحات عن سياقها الزمني والمرتبط بالاحتفالات في إيران في الفترة الراهنة بمناسبة الذكرى الخامسة والثلاثين للثورة الإيرانية عام 1979. حيث يتزامن مع هذه المناسبة العديد من الاحتفالات والتصريحات، التي تأخذ طابع الحدة والتحدي والتأكيد على مواجهة ما يطلق عليه في إيران قوى الاستكبار. «تصريحات قليلة الأدب»، كانت هذه العبارة التي وصف فيها مرشد الثورة الإيرانية تصريحات المسؤولين الأميركيين حيال إيران. ولا تتوقف عند هذا الأمر بل يرى المرشد أن النفاق ظاهر وواضح في تصريحات الجانب الأميركي فهم كما يرى المرشد «يتحدثون خلال الجلسات الخاصة مع المسؤولين الإيرانيين بشكل، وخارج هذه الجلسات بشكل آخر، وهذا هو النفاق وسوء النوايا لدى العدو إذ يتعين على الشعب أن يرصد هذه الحالات بدقة». ويلاحظ القارئ أن مسألة مراقبة السلوك الأميركي تجاه إيران واجب ليس ملقى على المسؤولين في إيران فحسب، بل إن الشعب الإيراني من منظور المرشد يأتي في الجبهة الأمامية لمواجهة مثل هذا السلوك. تصريحات المرشد لا تكاد تخلو، ومن ورائه مسؤولي النظام الإيراني، من…
الإثنين ٠٣ فبراير ٢٠١٤
على رِسلك يا من استفزك عنوان المقال فنحن أبناء زايد وتعلمنا من مدرسة زايد أن نقابل السيئة بالحسنة. جميعنا يعلم تلك العبارة التي قالها الشيخ الدكتور القرضاوي من على منبر الجمعة قبل الفائتة حين قال «الإمارات التي تقف ضد كل حكم إسلامي». والحقيقة أنه كان لدى كاتب هذه السطور خياران في التعاطي مع ما قاله الشيخ القرضاوي. فإما الهجوم والقدح، وإما التعاطي بعقلانية وطرح البراهين والوقائع. ولاشك أن خيار العقلانية هو الخيار الأمثل لمن كان زايد مثله الأعلى وينهل من فكره طيب الله ثراه. وأدعو هنا القارئ الفاضل ليسير معي في رحله افتراضية مع الشيخ القرضاوي يجوب فيها ربوع الإمارات لنرى هل يمكن تفنيد ما قاله أم لا. ولنبدأ رحلتنا الافتراضية.. إنها الحادية عشرة والربع بتوقيت دولة الإمارات، العاشرة والربع بتوقيت الدوحة عاصمة دولة قطر، الدولة الخليجية التي لشعبها ولشيوخها كل التقدير والاحترام من قِبل أبناء زايد. إنه موعد رحلة طيران الاتحاد الناقل الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة التي يقوم دستورها على دين الإسلام وتأتي أحكامها لتستمد من الشريعة الإسلامية أصولها. «سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون» يستمع الشيخ القرضاوي إلى هذا الدعاء الذي تسمعه عند كل رحلة تستقلها عن طريق شركات الطيران الوطنية الإماراتية. مدة الرحلة لا تتجاوز الساعة وخلال هذه الرحلة…
الأحد ٠٢ فبراير ٢٠١٤
«(جنيف2) سيفشل، لأن البعض يحاول من خلاله تنصيب الإرهابيين والتكفيريين والمتطرفين في سوريا». كان هذا التصريح الذي أدلى به علي ولايتي، مستشار المرشد للشؤون الدولية ورئيس مركز البحوث الاستراتيجية التابع لمجمع تشخيص مصلحة النظام، هو أحدث التصريحات القادمة من إيران عند كتابة سطور هذا المقال، ولا شك أن الكثير من التصريحات قد تدفقت موظفة مصطلح التكفيريين وجاعلة من هذا المصطلح محورا لانطلاقها في رؤية الأحداث الحالية في المنطقة، وخصوصا فيما يتعلق بالمناطق التي تعد ذات اهتمام للنظام الإيراني. والحقيقة أن المتتبع لوسائل الإعلام الإيرانية يلاحظ ذلك الزخم الإعلامي والاستخدام المكثف لما بات يعرف بمصطلح التكفيريين. هذا المصطلح الذي أصبح يأخذ أبعادا أخرى، دفعت بدورها إلى ضرورة إلقاء الضوء على ذلك التوظيف الذي تستخدمه وسائل الإعلام الإيرانية. وفي واقع الأمر لا يتوقف توظيف هذا المصطلح عند حد الإعلام الإيراني، بل إن للمسؤولين الإيرانيين تصريحاتهم الكثيرة في هذا الشأن، حيث يرى المرشد آية الله علي خامنئي، أن الجماعة التكفيرية تشكل خطرا كبيرا على العالم الإسلامي. إمام جمعة طهران المؤقت إمامي كاشاني وصف التكفيريين بأنهم ليسوا شيعة ولا سنة ولا مسلمين، وإنما هم صهاينة بكل ما للكلمة من معنى. كما أن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قد أشار كذلك إلى أن كل الدول حكومات وشعوبا تتفق على مكافحة هذا التيار المنحرف. ويرى…
الإثنين ٢٠ يناير ٢٠١٤
«إذا كنا في هذه الدولة نستقل سفينة واحدة هي سفينة الاتحاد، فعلينا جميعاً أن نعمل على تحقيق سلامتها حتى تستمر مسيرتها وتصل إلى بر الأمان». تصريح مضى عليه سنوات طوال، وكأن قائله يستقرئ المستقبل ويدرك مدى أهمية تعزيز الوطنية وتقوية النسيج المجتمعي. «الوطنية»، ما أحوجنا إلى هذا المفهوم في ظل الأمواج المتلاطمة من النعرات الطائفية والعرقية التي تعصف بالعالم العربي، تدفع بدورها بسفينة الأوطان والنسيج المجتمعي إلى بحر لجي تغشاه ظلمات فوقها ظلمات، لترسو في نهاية المطاف في ساحل لا يعرف للاستقرار والتنمية سبيلاً. ولكي نسير مع القارئ بعيداً في تناول مفهوم الوطنية وسبل تعزيزها، نطرح عدداً من التساؤلات التي من شأن الإجابة عليها أن تعطي صورة أوضح في هذا الشأن. وتأتي التساؤلات على النحو التالي: 1- ما هو مفهوم الوطنية؟ 2- ما هو دور الهُوية الوطنية في مقابل الهُويات الأخرى؟ 3- ما هي العوامل التي تلعب سواء دوراً سلبياً أو إيجابياً في تعزيز الوطنية؟ 4- كيف يمكن تعزيز الوطنية في المجتمع؟ يرى سليمان الطماوي في كتابه الوحدة الوطنية، أن الوطنية هي انتماء الإنسان إلى دولة معينة يحمل جنسيتها ويدين بالولاء لها، على اعتبار أن الدولة ما هي سوى جماعة من الناس تستقر في إقليم محدد وتخضع لحكومة منظمة. إذن تتلخص الوطنية في مفهومي الولاء والانتماء، بحيث يأتي الإنسان هنا…
الأحد ١٢ يناير ٢٠١٤
«إما انهيار، أو التزام، أو تمديد» ثلاثة سيناريوهات لا رابع لها تترقب مصير اتفاق البرنامج النووي الإيراني الذي أبرم بين كل من إيران و5+1. ومن خلال الأسئلة التالية ننطلق مع القارئ لنستشرف مستقبل هذا الاتفاق: 1 - كيف تنظر الأطراف لهذا الاتفاق؟ 2 - ما العوامل الرئيسة المهددة له؟ 3 - هل يمكن التغلب على تلك المصاعب؟ 4 - ما السيناريو الأرجح لمصير هذا الاتفاق؟ المتتبع لحيثيات هذا الاتفاق يدرك منذ البداية الصعوبات التي تواجه هذا الاتفاق، والتي يتمثل أهمها في حاجز الشكوك التي تحوم حول ثقة كل طرف بالآخر. فانقلاب عام 1953، على حكومة مصدق، وتلكؤ الطرفين في تنفيذ وعودهما، والهواجس من نوايا كل طرف للآخر، دفعت إلى أن تمتد الأعوام تلو الأعوام حتى جرى التوصل مؤخرا إلى هذا الاتفاق. هذا الاتفاق جاءت معه معضلة التباين في قراءة بنوده، ففي الوقت الذي أعلنت فيه الممثل الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون أنه جرى التوصل إلى اتفاق «على» خطة عمل، جاء بعدها جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني ليصرح بأنه جرى التوصل إلى اتفاق «و» خطة عمل. وشتان هنا ما بين «اتفاق على خطة عمل» وبين «اتفاق وخطة عمل». يأتي بعده وزير الخارجية الأميركي جون كيري ليؤكد أن هذا الاتفاق لا يعطي الحق لإيران في تخصيب اليورانيوم، في حين أن…
الإثنين ٢٣ ديسمبر ٢٠١٣
أجرت مؤسسة زغبي للخدمات البحثية برئاسة الدكتور جيمس زغبي استطلاعاً للرأي في إيران من الفترة 26 أغسطس وحتى 22 سبتمبر 2013، تمثلت أهدافه في تكوين صورة أوضح حول الرأي العام الإيراني بشأن رئيسهم الجديد، ومقارنة ميول من يدعم روحاني ومن يعارضه، بالإضافة إلى أولويات السياسة لدى الإيرانيين ومدى ثقتهم بقدرة الحكومة على تحقيقها، وختاماً الوقوف على توجهات الرأي العام الإيراني فيما يتعلق بالسياسة الخارجية لإيران والبرنامج النووي. بداية تلعب استطلاعات الرأي بشكل عام دوراً في معرفة التوجه العام للشعب وميوله. وتلعب مصداقية المؤسسة القائمة على هذا الاستطلاع، والشريحة المستهدفة، ومدى تنوعها، بالإضافة إلى الفهم والإدراك لخصوصيات المجتمع وطبيعته، دوراً في إعطاء صورة أكثر وضوحاً لميول المجتمع وتوجهاته. وبنظرة متعمقة في الداخل الإيراني ونظامه الحالي، فإننا نلاحظ توجس هذا النظام من الإعلام الغربي، والذي اتُهم بالعمالة والجاسوسية وخاصة بعد أحداث عام 2009 وما صاحبها من اضطرابات كان لذلك الإعلام دوره في تأزيم الموقف كما يرى النظام الإيراني. أما فيما يتعلق باستطلاعات الرأي في إيران فيلاحظ تلون الكثير منها وفق المؤسسة القائمة عليها. فالموقع الإلكتروني «تابناك» التابع للمترشح السابق لرئاسة الجمهورية محسن رضائي كان يعطي هذا الأخير النسبة الأعلى في استطلاع الرأي، غير أن نتائج الانتخابات الرئاسية الحادية عشرة جاءت مغايرة كلياً. فقد فاز بها حسن روحاني، بينما حقق محسن رضائي نسبة…
الأحد ٢٢ ديسمبر ٢٠١٣
«إذا كان لدى الأميركيين الجرأة، فلينقضوا اتفاق جنيف، ويروا ما يمكن أن نفعله». يتوقف هنا تصريح رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني، ليعيد معه الإشكالية القديمة المتجددة بين الطرفين التي تتمثل في فقدان الثقة التي تأخذ بدورها بعدا آخر لدى النظام الإيراني، بحيث تصل إلى التخوف من الخداع الأميركي والتنصل من الوعود. هذا التخوف في حقيقته ليس وليد اللحظة، بل لا تزال المخيلة الإيرانية تستحضره منذ الخمسينات، وتحديدا منذ الانقلاب الذي قامت به المخابرات الأميركية والبريطانية على حكومة مصدق عام 1953، وأعادت في أثره محمد رضا شاه من جديد إلى السلطة. آثار ذلك الانقلاب لا تزال قابعة في الشخصية الإيرانية وهو ما ينعكس على الدوام في تصريحاتها وردود فعلها. المرشد الإيراني لا يكاد يفوت فرصة في تصريحاته إلا ويشير إلى عدم ثقته بالولايات المتحدة، ويأتي تصريحه الشهير حين أشار إلى ما آل له مصير الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي بعد أن تخلى عن برنامجه النووي. لم يكتفِ المرشد بذلك، بل أضاف في أحد لقاءاته: «التجارب أثبتت أن أي شعب ودولة وضعت ثقتها في أميركا، تلقت ضربة منها حتى ولو كانوا أصدقاء لها، فوثوق الدكتور مصدق بأميركا قوبل بانقلاب عام 1953م، وخذلانها لمحمد رضا بهلوي». لا يتوقف هذا الأمر عند المرشد، بل لقادة الحرس الثوري الكثير من التصريحات التي تسير في هذا…
الأحد ٠١ ديسمبر ٢٠١٣
بعد جهود مضنية من المفاوضات بين إيران و«5+1»، توصل الطرفان إلى اتفاق جاء بوصفه «اتفاقا على خطة عمل»، تستمر إلى فترة ستة أشهر يليها الوصول إلى اتفاق نهائي مرهون بما ستتمخض عنه فترة الأشهر الستة المقبلة. يرى كل من الطرفين أنه حقق النصر في هذه المباحثات. وتأتي قضية تخصيب اليورانيوم لتكون المحك الرئيس في تصريحات كلا الطرفين التي خلقت معها ضبابية لدى المتلقي لتلك التصريحات. ففي الوقت الذي جاء فيه تصريح وزير الخارجية الأميركي أن الاتفاق لا يتضمن أي اعتراف «بحق» إيران في تخصيب اليورانيوم، أكد وزير الخارجية الإيراني أن حق إيران في تخصيب اليورانيوم جاء في موضوعين في هذا الاتفاق. والسؤال الذي يتبادر حاليا إلى ذهن القارئ: أي التصريحين صحيح، ويجب أن يعتد به؟ وتأتي الإجابة لنقول إن كليهما صحيح لنزيد من حيرة القارئ. ولكن نمضي معه لنتتبع السطور القادمة علها تبعد الحيرة وتزيل الضبابية. بداية وفي الوقت الذي يأتي هذا الاتفاق بين «5+1» وإيران بوصفه «اتفاقا على خطة عمل»، يأتي وزير الخارجية الإيراني ليعطي ما جرى التوصل إليه في جنيف بعدا آخر. فبعد انتهاء المفاوضات صرح ظريف قائلا: «نعتقد أن هذا الاتفاق وخطة العمل..».. ويلاحظ القارئ هنا أن وزير الخارجية الإيراني فصل بين الاتفاق وخطة العمل بإضافة حرف الواو، فبدلا من أن يكون «الاتفاق على خطة العمل» جاء…