الثلاثاء ٢٩ أبريل ٢٠١٤
هذه الكلمات بمثابة وداع لموقع "منبر الحوار والإبداع"، الذي أعلن الشاعر علي الدميني إغلاقه هذا الأسبوع. يستحق المنبر وصاحبه الإشادة لأنه التزم طوال تسع سنوات الدعوة إلى مبدأ العدالة الاجتماعية والدفاع عن الحريات العامة والاحتفاء بالأفكار الجديدة. حتى أواخر ستينيات القرن المنصرم كانت العدالة الاجتماعية سمة لخطاب اليسار، ثم أصبح المفهوم أكثر عمومية بعدما أعاد صياغته المفكر الأمريكي جون راولز في نظريته التي تعرف غالبا بعنوانها "العدالة كإنصاف". تحول المفهوم الجديد إلى رؤية كونية منذ أن تبناه برنامج الأمم المتحدة للتنمية البشرية كأساس لتقريره التحليلي السنوي وتوصياته للدول الأعضاء في المنظمة الدولية. تراجع الوجود السياسي لليسار مع صعود الليبرالية ونظرية المبادرة الحرة، لكن قبل ذلك كان المفهوم الاشتراكي لدور الدولة في تحقيق العدالة الاجتماعية كان مؤثرا في المجتمعات الصناعية والمتخلفة والمستعمرات على السواء. الزخم العظيم الذي حظي به خطاب اليسار، ولا سيما بعد الحرب الكونية الثانية، كان السبب الرئيس لتغير مفهوم الدولة ووظيفتها، وظهور ما يعرف اليوم بدولة المنفعة العامة. في ظل النموذج الليبرالي الكلاسيكي "الرأسمالي" لم تكن الدولة مسؤولة عن أي شيء، سوى تمكين الناس من المنافسة العادلة على السلع والخدمات المتوافرة في السوق. بينما دعا أولئك إلى التزام الدولة بالتوزيع العادل للموارد العامة، على نحو يكفل لجميع المواطنين الضرورات الأولية للمعيشة كي تصان كرامتهم. أبرز التعديلات التي أضافها…
الثلاثاء ٢٢ أبريل ٢٠١٤
موضوع هذه المقالة هو قرار مجلس الوزراء الذي منح لشركة أرامكو حقا مطلقا في التحكم باستعمالات الأراضي في المنطقة الشرقية. إن احتجت إلى استخراج صك من المحكمة لأرض تملكها، فلابد من موافقة "أرامكو". وإن أردت تحويل أرض زراعية إلى سكنية فلا بد من موافقة "أرامكو". هذا لا يقتصر على الأراضي المحاذية لحقول البترول، بل حتى تلك التي تبعد عنها عشرة كيلومترات أو أكثر. هذه أمور يمكن تحملها لو اتبعت "أرامكو" معيارا واحدا في الموافقة والرفض. واقع الأمر أنها تتساهل إذا جاء الطلب من جهة حكومية، أو من شخص "مدعوم"، وترفض دون تردد أي طلب يقدمه الناس العاديون. خلال الأشهر الماضية تعرفت على عشرات من القضايا تتضمن أراضي مساحاتها تصل إلى 50 ألف مترمربع، كما رأيت قضايا لقطع صغيرة مساحاتها في حدود 200 مترمربع، وبعضها بيوت في أحياء قديمة كانت مسكونة قبل ظهور البترول. وكلها معطلة، لسبب بسيط هو رفض "أرامكو". سألت من ظننتهم خبراء جيولوجيا في "أرامكو" عن سر تشددها، فقيل لي إن تغيير استعمالات الأرض في القطيف مثلا يؤدي إلى تغيير اتجاهات الضغط على مكامن الزيت ويؤثر بالتالي في عمليات الإنتاج. فلنفترض أن هذا التبرير صحيح، فما ذنب الناس الذين شاءت الأقدار أن تكون أملاكهم في هذا المكان؟ ثم هل الشوارع والمباني التي تقيمها الجهات الحكومية و"المدعومون" أخف وزنا…
الثلاثاء ١٨ مارس ٢٠١٤
أظن أن أبرز عيوب المنهج الفقهي الموروث هو خلطه بين دورين مختلفين تماما: تشخيص الموضوع، واستنباط الحكم الشرعي المناسب له. الفقيه يفتي بجواز الإفطار في رمضان للمريض، مثلا. لكنه لا يأمر شخصا معينا بالإفطار. لأنه حكم في خارج اختصاصه. نحن نتبع فتوى الفقيه بوجوب الصوم أو عدمه، لأنه مختص باستنباط الأحكام. أما تشخيص من يلتزم ومن يمتنع عن الصوم، فهو مهمة الطبيب. لا خلاف إذن حول التمييز بين الحكم وموضوعه. محل الخلاف هو تدخل الفقيه في تشخيص موضوعات الأحكام. وقد جرى العرف بأن يفتي الفقهاء في كل مسألة، من أحكام الطهارة والصلاة إلى السياسة مرورا بالأموال والتجارات، فضلا عن التعليم وتحديد المواقع الجغرافية والآثار... إلخ. هذا العرف القديم لم يعد مفيدا. في ماضي الزمان كان الفقهاء علماء في كل فن، وكانت المدارس الدينية واسعة الأفق. وعرفنا بين قدامى الفقهاء أطباء وفلاسفة ومؤرخين، وكان حجم العلوم ضئيلا، وفروعه متداخلة، ربما بسبب بساطة الحياة ومحدودية أسباب المعيشة والتعاملات. اختلف الحال اليوم فتشعبت الحياة وتعقدت. واتسعت لهذا السبب العلوم والتخصصات، فأصبح مستحيلا على أي شخص الإحاطة بكل العلوم. حتى علم الفقه نفسه اتسع وأمسى عصيا على شخص واحد أن يتعمق في كل فروعه، فضلا عن أن يحيط بغيرها. استقلال العلوم عن بعضها، وتنوع المدارس والمناهج، والتفريع المستمر الذي يؤدي بالضرورة إلى ظهور تخصصات…
الثلاثاء ١٨ فبراير ٢٠١٤
في مقاله الأسبوعي يتساءل الدكتور خالد الدخيل: هل شهد تاريخ الإسلام توحدا بين الدين والدولة على النحو الذي يفهم من شعار "الإسلام دين ودولة"؟ هذا واحد من مئات الأسئلة التي تدور حول معنى الدين ومفهوم الدولة في هذا العصر. كثير من الناس يبحث عن جواب مبسط عمومي من نوع أن الدين والدولة يتلاءمان أو يتخاصمان. لكن أي جواب من هذا النوع سيكون مخادعا. لأنه مبني على فرضية مسبقة فحواها أن للدين والدولة مفهومات ثابتة ونهائية. تحولات العالم، ولا سيما في أواخر القرن العشرين، غيرت بعمق معظم المفاهيم الموروثة حول النظام الاجتماعي. النظام الاجتماعي (والدولة) ليس حشدا من الأفراد يديرهم رئيس. بل هو مركب ثقافي قيمي يتأثر باستمرار بما يجري داخله وحوله من تحولات اقتصادية وسياسية. يعرف دارسو العلوم الاجتماعية أن تحولات كهذه تقود بالضرورة إلى تحولات لاحقة في الثقافة التي تمثل أرضية لذلك التنظيم أو اطارا للتفاعل بين عناصره. من الأمثلة الواضحة على تلك التحولات التكييف الفقهي لدور الجمهور (العامة). يعرف الباحثون أن العامة كانت غفلا في التراث والفقه الإسلامي، دورها قصر على السمع والطاعة والموت في الحروب. في عصرنا هذا أصبح الجمهور محور الحياة السياسية. خلال السنوات الأخيرة تحدث باحثون وفقهاء عن رضا العامة ورأيهم "المعبر عنه بالانتخابات العامة مثلا" كمصدر للشرعية السياسية، خلافا للإجماع القديم على إرجاع أمور…
الثلاثاء ١١ فبراير ٢٠١٤
يدعو فهد الدغيثر إلى إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني ("الحياة" 9 فبراير) باتجاه تطوير الموارد المتاحة واستنباط موارد جديدة وتقليل الهدر. كانت هذه الدعوة موضوعا لعشرات من البحوث والندوات خلال العقود الثلاثة الماضية. تجربة الصناعة في الجبيل وينبع دليل ملموس على صحة تلك النداءات. في 2012 بلغت إيرادات شركة سابك 80 مليار ريال. هذا نجاح زرعت بذرته في قرار اتخذ قبل ثلاثة عقود. نجاحات اليوم برهان مادي على صحة مسار التصنيع. وكان ينبغي الاستمرار فيه خلال السنوات الماضية، سواء في مجال البتروكيميا أو الصناعات الهندسية، أو الاستهلاكية. ضرب الدغيثر مثلا بالسياحة الدينية. في 2012 بلغ عدد الحجاج والمعتمرين 12 مليونا، وقدرت عائدات الموسمين بنحو 62 مليار ريال. هذه الأرقام يمكن أن تتضاعف لو تغير المنظور الرسمي للحج والعمرة. يبدو لي أن الإدارة الرسمية تتعامل مع الحج والعمرة كعبء تتمنى لو تقلص. بينما ينبغي التفكير فيه كفرصة نسعى لزيادتها وتوسيعها. هذا يتم من خلال تمكين القطاع الخاص من تنظيم مواسم عمرة طوال العام، حيث يتضاعف عدد المعتمرين إلى 20 مليونا، وزيادة المدى الزمني المسموح لإقامتهم، فضلا عن تحويل العمرة إلى نقطة انطلاق لمناشط موازية سياحية وتجارية واستهلاكية، خارج حدود المدينتين المقدستين. أجد أن مبالغة الحكومة في الانشغال بتنظيم موسم العمرة خصوصا، قد ضيق الفرصة أمام القطاع الخاص، وأضاف أعباء مالية لا ضرورة…
الثلاثاء ٠٧ يناير ٢٠١٤
إبراهيم البليهي واحد من المفكرين الذين حملوا السلم بالعرض كما يقال. لسنوات طويلة ألح البليهي على أن أهم عوائق النهضة هو البرمجة الذهنية، التي يمارسها المجتمع على أجياله الجديدة من خلال التربية والتعليم، فيحولهم إلى نسخ مكررة عن الماضين. الجانب الموجع في هذا السلوك هو اقتناع معظم الناس بأن علاقة القسر هذه ضرورية وأنها ضمان للفضيلة. ولا يخلو الأمر من مفارقات. ستجد مثقفا يسخر ممن يقلد غيره في فكرة أو رأي. لكنه هو ذاته يتغنى بالمقولة المشهورة "الاتباع لا الابتداع"، ويعمل على إقناع الناس بالتزام الآراء والأفكار والتقاليد التي ورثناها من الأسلاف. البديل الذي يدعو إليه البليهي هو "التلقائية"، بمعنى أن تكون كما تريد، ولو خالفت جميع الناس، أن تطلق خيالك إلى أبعد مدى يمكن أن يقاربه، ولو أوصلك إلى أفكار غريبة أو مستنكرة، أن تنظر إلى نفسك ككينونة مستقلة، ولو كنت مؤمنا بالإطار الاجتماعي الذي تنتمي إليه، أن تدافع عما تظنه مصلحة خاصة لك، ولو تعارضت مع تصور الآخرين للمصلحة العامة أو حقوق الجماعة. مجتمعنا الذي يشكل الشباب نحو ثلثي أعضائه يتعرض للشيخوخة المبكرة، لأننا نقسر الشباب على تقليد نمط الحياة والقيم التي ورثناها أو صنعناها وألفتها نفوسنا، رغم سعة الفاصل الثقافي بيننا وبينهم. إني أستمع للشباب يتحدثون اليوم عن أفكار وتطلعات لم أعرفها، بل لم يصل إليها خيالي…
الثلاثاء ٣١ ديسمبر ٢٠١٣
الجدل بين جوازات جسر الملك فهد وهيئة مكافحة الفساد الذي نشرته ''الاقتصادية'' نهاية الأسبوع الماضي كشف عن قلة اكتراث بالمشكلات التي يواجهها المواطن، حتى لو وجد نصيرا في هيئة رسمية مثل ''نزاهة''. نقلت الهيئة في تقريرها انطباعات سلبية لمواطنين يستعملون الجسر. المشكلات التي ذكرها تقرير الهيئة يعرفها جل من عبر الجسر، فضلا عن إدارته. نتذكر تصريحات رئيس مجلس إدارة الجسر صالح الخليوي في آذار (مارس) 2009 الذي قال للصحف ''إن كبائن العبور ستزداد إلى 48 قبل نهاية 2012 لاستيعاب الزيادة المتنامية في عدد المسافرين''. وتكرر هذا الوعد خلال العام التالي، مما يؤكد أن الوضع الذي انتقدته ''نزاهة'' ليس جديدا ولا مجهولا. لهذا السبب فإن رد إدارة الجوازات مستغرب جدا؛ فهي بدلا من إطلاع الناس على الأسباب الكامنة وراء ضعف خدماتها، ركزت على أن الهيئة لم تتواصل معهم. حسنا، لا يهمني كمواطن أن تتصل الهيئة بالجوازات أو لا تتصل. ما يهمني هو معالجة المشكلة التي شرحها التقرير. وهي مشكلة أعرفها ويعرفها كل الناس. ولذا فإن مجادلة إدارة الجوازات للجانب الشكلي من الموضوع مخيب للأمل، وقد يشير إلى قلة اهتمام ببحث المشكلة. سألني أحد الزملاء: هل كان تدخل هيئة مكافحة الفساد في هذه المسألة مناسبا وصحيحا؟ هذا سؤال يخفي وراءه سؤالا أسبق، فحواه: هل يعتبر تخلف جهاز حكومي عن الوفاء بمهامه نوعا…
الجمعة ١٣ ديسمبر ٢٠١٣
سوف يمر عامان أو ثلاثة، قبل أن تظهر التجليات الواقعية للجدلية التي تطرحها هذه المقالة. فهي تعرض ما يظنه الكاتب ظاهرة لا تزال جنينية، يصعب إثبات معناها ومبرراتها على نحو قاطع. الظاهرة المقصودة هي نهاية الحركة الإسلامية بالمفهوم الذي عرفناه خلال العقود الأربعة الماضية، وتبلور مفهوم جديد، في شكل جديد، لا يميزها كثيرا عن معظم الجماعات النشطة في الحياة العامة، في العالم العربي. لا أتحدث هنا عن انكسار أو تراجع، بل عن عملية تكيف مع التحول الجاري في البيئة الاجتماعية. نعلم أن أولويات الحركيين وطريقة تعبيرهم عنها، هي انعكاس لتفاعلهم مع الشريحة الاجتماعية التي تمدهم بمصادر القوة. إنها أشبه بالعلاقة بين المنتج والمستهلك، فكلاهما يؤثر في الآخر ويسهم في تحديد مساراته، وطبيعة المنتجات التي تشكل وسيط العلاقة بينهما. تنقسم الجماعات النشطة في الحقل الديني ــــ وظيفيا ــــ إلى ثلاثة أنواع: جماعات دعوية بحتة، منشغلة بالعبادات والسلوكيات الدينية، وجماعات منشغلة بمسألة الهوية، نجدها عادة في ميادين الصراع ضد ما يسمى التغريب، وكانت فيما مضى منشغلة بالصراع ضد الدعوة القومية والاشتراكية، وأخيرا الجماعات التي تركز على قضايا العدالة الاجتماعية. النوع الأول: هو الصورة المكثفة للثقافة السائدة/ الموروثة، وتشكل ــــ بالتالي ــــ تيار الأكثرية. أما النوع الثالث فهو حديث الظهور نسبيا، يتألف غالبا من شبان غير منسجمين مع رجال الدين. النوع الثاني: هو…
الثلاثاء ١٠ ديسمبر ٢٠١٣
أشعر أن كثيرا من الناس، وربما بعض السياسيين، قد صدموا بتصريحات يوسف بن علوي وزير الخارجية العماني التي تتلخص في أن مجلس التعاون لا يخلو من خلافات بين الدول الأعضاء، وأن فكرة تطوير المجلس إلى اتحاد كونفيدرالي، التي طرحت قبل بضع سنوات، لم تعد قائمة، لأن بعض الأعضاء ــــ ومنهم عمان ـــ ليسوا راغبين فيها. الصدمة التي تظهر في طيات الصحف مرجعها في ظني قلة المتابعة لأعمال المجلس. ثمة قائمة طويلة من الاتفاقات التي أقرت على مستوى القمة أو على المستوى الوزاري، ولم تنفذ أو أنها تعطلت في منتصف الطريق. وقد كتب عنها الكثير في أوقات متفرقة. على مستوى السياسة الخارجية فإن تباين الأولويات بين دول المجلس لا يخفى على أحد. وهو ظاهر بأجلى صوره في الموقف من الأزمات الإقليمية. ما يهمني في حقيقة الأمر هو موقف المملكة التي يبدو أنها تولي اهتماما بالغا لمجلس التعاون والعلاقات مع أعضائه. وأجد أنها أعطت هذا الموضوع أكثر من حقه وصرفت وقتا وجهدا في غير طائل. في نهاية المطاف فإن الحجم البشري والاقتصادي والسياسي للمملكة لا يقاس أبدا بمجموع الدول الأعضاء الأخرى، فضلا عن آحادها. ولعل القراء يعرفون ــــ كمثال على الحجم الاقتصادي ــــ أن استهلاك الكهرباء في المنطقة الشرقية بمفردها يعادل أو يتجاوز استهلاك الكهرباء في مجموع دول المجلس الأخرى. بعبارة أخرى…
الخميس ٢٤ أكتوبر ٢٠١٣
رفض المملكة عضوية مجلس الأمن يمكن أن يمثل فرصة لإعادة هيكلة للسياسة السعودية. هذا رأي الصديق الدكتور خالد الدخيل، وهو مفكر ومتابع للأحداث يعتد برأيه. لطالما امتدح كتاب الصحف ما يصفونه بسياسة ثابتة ومحافظة، تنتهجها المملكة في علاقاتها الدولية. ولا أرى أن هذا موضع مدح. السياسة عالم متغير، لأنه يحاكي مصالح متغيرة. ما يهمني في هذا الصدد هو الاستنتاج الذي اقترحه الدكتور الدخيل، وخلاصته أن هذا الحدث يمكن أن يشكل مفتاحا لفرصة عظيمة، تتحول معها المملكة من ''حليف'' لقوة عظمى، إلى ''صانع سياسات'' في المحيط الإقليمي. هذا سيجعلها بالضرورة لاعبا دوليا ومفتاحا رئيسا لخطوط التجاذب الإقليمية - الدولية. تحقيق هذه الفرصة يتطلب استراتيجية بديلة، تستهدف تعزيز مصادر القوة الداخلية والخارجية. كي تكون لاعبا دوليا مؤثرا، فأنت بحاجة إلى ''داخل'' قوي، خال من الإشكالات قدر الإمكان. كما تحتاج إلى منظومة علاقات إقليمية متينة. الخطوة الأولى حسب رأي الدخيل هي تبني سلة إصلاحات في المؤسسة السياسية، ترسخ الاستقرار وتوسع القاعدة الشعبية للنظام. الغرض من هذا هو الخروج من عنق الزجاجة الذي قادتنا إليه السياسات المحافظة والبطيئة. ولا ريب أن المبادرة بحل القضايا المزمنة مثل حقوق المرأة، انتخاب مجلس الشورى، إصدار نظام الجمعيات الأهلية، وأمثالها، سوف تدخل المملكة في عصر جديد، عنوانه الاستقرار المؤسسي والتواصل الفعال بين المجتمع والدولة. هذا سيريح الحكومة من…
الأربعاء ٢٦ يونيو ٢٠١٣
زميلي الأستاذ جمال خاشقجي يقول ببساطة: يا صديقي الشيعي كن معي في موقفي وإلا سأكون ضدك ''الحياة 22 حزيران (يونيو)''. كي لا تختلط الأمور فالزميل لا يطالبنا بالخروج في غزوة بدر مثلا، ولا يدعونا لتحرير الأراضي المحتلة، بل ولا حتى لنصرة الشعب السوري الجريح. المطلب المحدد للزميل الكريم هو ببساطة: أن تكون عدوا لإيران وحزب الله. جوهر المسألة التي شغلت باله هناك ليس حق الشعب السوري في صناعة مستقبله بحرية، جوهرها ــــ حسب ما يشرحه الأستاذ خاشقجي ــــ هو وجود حزب الله وتأييد إيران للنظام. لا يحتاج الأمر إلى تفسير أو تحليل، فإما أن تكون عدوا لمن يعاديه الأستاذ جمال وإلا فأنت مصنف في جبهة أعدائه. ليس الأمر مهما لو اقتصر على معاداة شخصية، لا سيما لو كان عدوك عاقلا مثقفا حصيفا كالأستاذ جمال، لكن الأستاذ جمال لا يتحدث عن عداء شخصي ولا أظنه يفكر فيه. بل يقول كلاما يؤدي ــــ موضوعيا ــــ إلى تبرير حالة استقطاب اجتماعي على أساس مذهبي: الأكثرية السنية في طرف والأقليات الشيعية في الطرف المقابل. تذكرت وأنا أقرا مقالة الأستاذ جمال خطبة بن لادن ''أصبح العالم فسطاطين''، وتذكرت قسمة بوش الشهيرة ''من لم يكن معنا فهو ضدنا''. لا أظن خاشقجي يعنيها، لكن مقالته مجرد تبرير لهذا المنهج. فهو يخير مواطنيه الشيعة بين موقفين: أن يساعدوه،…