الأربعاء ٠٩ يونيو ٢٠٢١
ما الغرض من الدين؟ هل هو إقامة الدول وشن الحروب أم هو الهداية والنجاة في الآخرة؟ قبل عقود من الزمن عندما رفع حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين شعار «الإسلام دين ودولة» كان من الواضح أنه خرج على إجماع علماء السنة، فالأمران أساسيان: أن الإمامة ليست من أصول الاعتقاد بل هي من الفروع والظنيات كما كان يقول الإمام الغزالي، ومن راجع كتاب «الأحكام السلطانية والسياسة الشرعية» يظهر له خطأ تسييس الدين وتحويله إلى دعوة إيديولوجية. دعونا نفكك الحال ونسأل: ما هي الإمامة بالإسلام؟ هل هي سياسة؟ ابن خلدون لخص التعريفات الفقهية للإمامة بقوله: «والخلافة هي حمل الكافة على مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الأخروية والدنيوية الراجعة إليها، إذ أحوال الدنيا ترجع كلها عند الشارع إلى اعتبارها بمصالح الآخرة، فهي في الحقيقة خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا به». سطور ابن خلدون واضحة وتميز الخلافة عن الدولة (الملك الطبيعي أو الملك السياسي حسب عباراته) بكونها داخلة في باب العبادات والالتزامات الروحية لا التدبير السياسي. ومن هنا اعتبر المؤرخ والمفكر المغربي عبد الله العروي أن الخلافة ظلت بالنسبة للفقهاء حالة مثالية طوبائية لا تتحقق في عالم البشر إلا بمعجزة إلهية، في حين أن الحالة الطبيعية هي قيام نظام سياسي يكفل السلم الأهلي ومصالح الناس، أما الدين فلا شأن له…
الأحد ٠٩ فبراير ٢٠٢٠
الهند وما أدراك ما الهند، بلد حافل بالمتناقضات والجمال والحضارة... أرض تملك أقدم حضارات العالم القائمة، وتملك نساؤها 11% من مخزون ذهب العالم وهو ما يزيد على احتياطي سويسرا وأمريكا وألمانيا من الذهب...بلد تصدّر ثلثي بهارات العالم بخلطة استثنائية من المعدمين في الأحياء المهملة، ونجوم بوليوود في أحيائهم الراقية والجهل والتخلف، وعلماء الفضاء وصواريخ أوصلتهم إلى المريخ. عدد سكان الهند يفوق عدد سكان قارتي أمريكا الشمالية والجنوبية، وبين كل هؤلاء الملايين تركيبة اجتماعية معقدة لا يعرف عنها الكثير بدولنا العربية، تركيبة تقسم المجتمع إلى طبقات تشبه إلى حد ما تقسيمنا المسكوت عنه والمعيب التحدث به (القبيلي والخضيري والحجازي والبدوي...) وكلن كما يقال عند أهله عزيز... إلا أن الموضوع عندهم أكثر تعقيداً! ينقسم المجتمع بالهند إلى طبقات تسمى بالكاست سيستم، والذي يُرجع تاريخها البعض إلى أكثر من ثلاثة آلاف عام! الإنجليز للأسف هم من حول هذه الطبقية من فكر وعرف إلى قانون لأكثر من مائة عام، حتى انتفض عليهم الشعب في عام 1955 وتم إلغاء القانون لتبقى رواسبه راسية في ذهنية المجتمع... فإذا وُلِد شخص في طبقة العبيد تنص السطور الدينية أن السبب في ذلك ذنب اقترفه في وجوده السابق (حياة سابقة قبل ولادته) ولا يستحق أيّ نصيب أفضل هو وطائفته... أما طبقة البرهمي وهم المشايخ والمتدينون فهم يرون أنفسهم أنهم…
الأحد ٢٦ يناير ٢٠٢٠
هل ستخرجونني من الملة إذا سألتكم هل العلماني كافر؟ وهل سيشنع بي غداً لأني أنكش ببيت الدبابير؟ وهل سؤالي هذا تعد كبير على ثوابتكم؟ وهل أنا مجبرة بوصف العلمانية بصورة سلبية عندما أتحدث عنها، وملزمة بأن أصف من يؤمنون بها بالكفر وبالزندقة لكي لا تخرجوني من الملة؟ وهل أنتم لا تتمتعون بمبادئ العلمانية بحياتكم اليومية؟ المبادئ التي تجعل الدولة تعامل الأديان بصورة حيادية تحول منهم أول من ينادون بحقوق المسلمين في دول الغرب تبعاً لهذه المبادئ التي تساوي في الحقوق بينهم وبين أصحاب الأديان الأخرى. فهم هؤلاء هم باختصار شديد أول من يدعم العلمانية إن كانت في صالح المسلمين، وأول من يلعنها ويكفر بها إن كانت في صالح من يخالفهم في الفكر أو أنها ستساويهم بالأقليات التي تعيش معهم في دولهم الإسلامية. ولنتصور أن دولة ما ليست إسلامية منعت المسلمين من إقامة شعائرهم الدينية، أتعرفون ماذا سيحدث؟، سينزل مئات الآلاف من المسلمين ينتفضون ليطالبوا بتطبيق العلمانية في هذه الدولة لكي يحصلوا على حقوق متساوية مع غيرهم من أتباع الأديان الأخرى.. «علمانية علمانية» بدلاً من «إسلامية إسلامية».. هل هو نفاق أو تناقض، وهل هي مبادئ أم مصالح؟ لا تطبقوها في ديارنا وسنطالب بها في دياركم! فعلاً لا يمكن أن يتعايش الإسلام مع العلمانية؟ وهل فصل الدين عن الدولة يعني محاربته؟ فصل…
الخميس ١٢ يوليو ٢٠١٢
المواطن العربي اليوم، بزخم الثورات العربية المحيطة بالمنطقة، بدا متحمساً للترصد والتتبع لدكتاتورية بعض الحكام من حوله! بدا متربصاً لها أكثر من أي شيء آخر، فهناك كم من الحديث السياسي والعراك التحزبي، وكم من التحليل الاستراتيجي والغلط المعلوماتي ممتد على قهاوي أرصفة العالم العربي، من شرقنا إلى غربنا.. فالغفير والنقيب يحلل اليوم! والكل اليوم يفتي بالسياسة! مما خلق موجة من الوعي والفهم، وأحياناً التخبط، بحقوق المواطن البسيط التي بالكاد لم يكن بالأمس يعي القليل منها. إلا أنني أجد أن كل هذا الاكتساب الثقافي والتطور التحليلي الجلي، الذي عاشه وما زال يعيشه الجمهور العربي في الثمانية عشر شهراً الأخيرة، لم يغيرا من حال هذه الجماهير العربية بين بعضها، فتجد أن هذه الجماهير نفسها التي تترصد للحاكم كل زلاته، هي نفسها التي لا تملك حصانة فكرية أو نفسية ضد دكتاتورية الأفراد عليها! فتجدها تحولت إلى جماهير ترتزق بسب حاكم كل يوم فقط لأنه الحاكم! متنكرة لجمهور يحركها بفكر خبيث من بعيد؟ تسب الحاكم في مجالسها وأرصفتها، بينما هي نفسها منخدعة بشعارات وخطابات تروج لها أصوليات بأوطان أخرى… وقد تكون على بعد أميال عن بيت العربي المسكين! وهي نفسها، هذه الأصوليات التي أصبحت تعاني من «داء العظمة» بسبب انبطاح كم من البشر تحت قدميها! نمر النمر كان أحدهم! أحد هؤلاء الذين يرمون السباب…