الجمعة ١٩ فبراير ٢٠١٦
تعيب طهران وحلفاؤها على المملكة العربية السعودية، ان إعلانها الاستعداد لإرسال قوات برية لمحاربة «داعش» في سورية، في إطار التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد الإرهاب، وتعتبر أن هدف الإعلان السعودي أن «يكون لها موطئ قدم في سورية»، كما قال الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله في خطابه قبل 4 أيام. لا حرج لدى القيادة الإيرانية في أن تهدد الرياض رداً على مبادرتها هذه آخذة عليها السعي الى دور في بلاد الشام، سواء في قتال «داعش»، أم في الحل السياسي للأزمة السورية، فيما هي، الجهة غير العربية، تصادر حق التدخل وتصعيد الحرب وانتهاك سيادة دول عربية والسعي الى قلب موازين قوى داخلية وتنصيب أتباع وتقويض مقومات الدولة ومؤسساتها في هذه الدول، تحت شعار «المقاومة»، وبحجة محاربة الإرهاب. ولا حرج أيضاً لدى طهران في ادعائها محاربة «داعش»، فيما المعارك التي تخوضها، وفق مواقفها المعلنة، تهدف الى حماية بشار الأسد من السقوط أمام الفصائل المعارضة المسلحة المتحاربة هي الأخرى مع «داعش»، من ريف دمشق ومحيطها، الى درعا جنوباً وريف حلب شمالاً، تاركة مع الميليشيات التي استقدمتها، مناطق سيطرة «داعش» لحالها حيث يعبث التنظيم المتوحش بحياة السوريين مثلما تفعل هذه الميليشيات في سائر المناطق التي تدخلت فيها. تحت ستار احتكار محاربة مزعومة لـ «داعش»، يكمل التدخل الإيراني مصادرة قرار الشعب…
الجمعة ٢٨ أغسطس ٢٠١٥
يختلط الحابل بالنابل في لبنان، بين الأزمة السياسية التي عنوانها الرئيس الشغور الرئاسي، والذي يختزل عناوين وعوامل لا تحصى، وبين الحراك الشبابي الاحتجاجي على أزمة النفايات، والذي تدحرج وكبر مثل كرة الثلج ليشكل تعبيراً عن سخط المواطن اللبناني العادي على فساد الطبقة السياسية وعجزها واستئثارها بمقدرات البلاد من طريق المحاصصة الطائفية البغيضة، والتي تبرر آلياتها لفريق من هذه الطبقة شل المؤسسات وتعطيلها. لكن هذا الاختلاط يبخس الحركة الاحتجاجية الشبابية أحقيتها في الاعتراض والتظاهر ورفع الصوت إزاء التدهور الذي أصاب الأوضاع المعيشية للمواطنين، الذين تراجع مستوى حياتهم اليومية وخدمات الدولة التي يفترض أن تقدمها لهم، وصولاً إلى إغراقهم في النفايات وتحويلهم إلى قبائل تتزاحم على رفض مناطقهم استقبال الزبالة حتى تلك التي ينتجونها في منازلهم ليرموها على مناطق أخرى. هذا التردي أصاب القطاع الاقتصادي الخاص نتيجة تفاقم الأزمة السياسية والقلق من تراجع الأمن بفعل فتح الحدود مع سورية الذي استجلب التنظيمات الإرهابية والنازحين بمئات الآلاف منها ليقاسموا اللبنانيين الخدمات والعمل، بحيث ضاقت بهم سبل العيش وازدادت أسباب البطالة نتيجة تراجع النشاط الاقتصادي، فكبر جيش العاطلين عن العمل. وهي عوامل تجعل انضمام المواطنين العاديين إلى الحركة الاحتجاجية المنبثقة من المجتمع المدني، مفهوماً ومنطقياً، خصوصاً أن بين المنضمين إليها من ينتمون إلى أحزاب وزعامات طائفية هي أصل العلة التي أطلقت الاحتجاج الشبابي. وعلى…
الجمعة ٢١ أغسطس ٢٠١٥
تكثر الأسباب التي تدفع إيران إلى استعجال الحوار مع جيرانها العرب، بعد الاتفاق النووي بينها وبين الدول الكبرى. وهي تسعى إلى إسقاط معايير المفاوضات الطويلة التي خاضتها مع الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية، على هذا الحوار المفترض، ومن بينها سياسة «الإغواء» الإعلامي والديبلوماسي التي بدأها الرئيس حسن روحاني بعيد انتخابه، لا سيما عام 2013 عند اشتراكه في الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك، وتابعها وزير خارجيته محمد جواد ظريف، واستخدما فيها الابتسامة الدائمة لتغطية التنازلات التي ظللها المرشد الأعلى السيد علي خامنئي حين وصف الحوار مع «الشيطان الأكبر» بأنه حوار الشجعان. اتكأت تلك الابتسامة على الاجتماعات السرية التي سبقت وصول روحاني إلى الرئاسة واستمرت بعدها، بين مسؤولين إيرانيين وآخرين أميركيين برعاية سلطنة عمان وفي أمكنة أخرى في حينها، لإيجاد مقاربة تحقق مصلحة الطرفين: حاجة إيران للتخلص من العقوبات الاقتصادية التي أنهكت اقتصادها ومجتمعها الفتي وأوصلته إلى حافة الانهيار، ورغبة واشنطن في صوغ معادلة جديدة في المنطقة تستبعد تورطها في أي حرب، كي تتفرغ لاستدارتها الإستراتيجية نحو تركيز جهودها على نفوذها في المحيط الهادئ والهند الصينية حيث ترى مستقبل قيادتها العالمية في الألفية الثالثة. تختلف معايير التفاوض بين الحالتين. ويبدأ الاختلاف من الأسباب التي تدفع طهران إلى هذا الاستعجال في التفاوض مع جيرانها. فهي أولاً تريد توظيف الاتفاق على النووي باعتباره…
الجمعة ٣١ يوليو ٢٠١٥
كشفت أزمة النفايات التي غرق فيها لبنان خلال الأسبوعين الماضيين، عن عقم الطبقة السياسية التي تحكمه، والمدى الذي بلغته عملية إضعاف المؤسسات السياسية والدستورية والإدارية، وصولاً الى شلها والتسبب بانهيارها وتسخيفها وإخضاعها لممارسات غريبة عنها. ولعل أبرز ما حققته هذه الأزمة التي شغلت المواطن اللبناني عن كل شيء آخر، أنها سواء من قصد أم من غير قصد، حجبت عمق الأزمة السياسية التي يعيشها لبنان ومؤسساته نتيجة تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية، والتي أنتجت سلسلة من المشاكل والعقد المتعلقة بالصلاحيات في ممارسة السلطة في ظل الشغور الرئاسي. قبل النفايات اخترع جزء من الطبقة الحاكمة غطاء ما زال قابلاً للاستعمال من أجل التغطية على أزمة الشغور الرئاسي، هو الحديث عند بعض الفئات عن أن البلد في أزمة نظام، ويحتاج الى مؤتمر تأسيسي، والحقيقة أن أزمة النظام في لبنان قائمة منذ تأسيسه، وهي تتلخص بطائفيته، التي تُنقص من مدنية الدولة والمؤسسات، وتنشئ زبائنية طائفية ومذهبية، لها مرجعيات خارجية. إلا أن أياً من الذين يقولون بوجود أزمة نظام لا يجرؤ على الذهاب، فعلاً لا قولاً، نحو إلغاء الطائفية السياسية. ولذلك يتأرجح الذين يلعنون هذا النظام بين الدعوة الى تعديل اتفاق الطائف وبين القول بنقيض ذلك، أي بتطبيق الطائف وتثبيته، باعتباره الصيغة الفضلى لتقاسم متوازن للسلطة بين الطوائف، لأن أياً من النافذين لا يملك الصيغة البديلة…
الجمعة ٠٣ يوليو ٢٠١٥
تطرح مواجهة مفاعيل التفجير الإرهابي الذي استهدف الكويت الجمعة الماضية أهمية التماسك الداخلي في أي دولة تتعرض لجنون التكفيريين، لا سيما تلك الدول، مثل الكويت، التي يستهدف هؤلاء بجرائمهم التسبب بفتنة فيها نتيجة قدر من التنوع السياسي والمذهبي الذي تتميز به، والذي ساهم في جعلها نموذجاً ديموقراطياً متقدماً بين دول الخليج، فأرست بحكم انفتاح قيادتها ودينامية المجتمع تقاليد ممارسة سياسية منفتحة. وعلى رغم العثرات التي شابت هذه الممارسة في السنوات الأخيرة، فإن قدرة المجتمع على الصمود إزاء رياح الفتنة، كانت مشحونة بالشعور الدائم بالحاجة الى حماية الوحدة الوطنية الذي عُجن الكويتيون به في أخطر أزمة وجودية واجهوها في تاريخهم عند اجتياح صدام حسين بلدهم عام 1990. لا ينتقص الحديث عن الكويت في مواجهة تفجير مسجد الإمام الصادق من أخطار ما واجهته تونس، وتواجهه مصر هذه الأيام من مفاعيل انتشار الإرهاب وتوسعه في الإقليم، وعودته للظهور في فرنسا... إضافة الى المملكة العربية السعودية. فالهدف المزدوج لهذا الإرهاب إبقاء حال عدم الاستقرار مسيطرة والتسبب بفتنة مذهبية. إلا أن استهداف الكويت يشكل نقلة نوعية، تشي، بعد التفجيرات ضد مواقع شيعية في السعودية، بأن هناك نية لجعل تقويض الاستقرار وتعميم الفتنة السنية - الشيعية، فعل الأواني المستطرقة التي تعبر منها هذه الفتنة حدود هذه الدول في إطار ما يشهده الإقليم من تفتيت. وما تعرضت…
الجمعة ١٢ يونيو ٢٠١٥
كلما لاح في الأفق احتمال تقارب روسي- أميركي حول الأزمة السورية، عادت العلاقة بين الدولتين إلى التأزم على رغم إصرار كل من فلاديمير بوتين وباراك أوباما على استمرار الحوار حول الأزمات الدولية والإقليمية، فبعد الإعلان عن هذا التقارب إثر لقاء جون كيري الرئيس الروسي قبل شهر في سوتشي وتسرب أنباء عن أن موسكو مستعدة لبحث مخارج تقود إلى تغيير بشار الأسد، جاء تشدد واشنطن وحلفائها الأوروبيين في العقوبات على روسيا بسبب الأزمة الأوكرانية، ليشكك بإمكان إعطاء الحلول السياسية في بلاد الشام حظوظها مرة أخرى. ما تأمل به موسكو أن يرفع الغرب عقوباته عنها بعدما أربكت اقتصادها، المتعثر أصلاً، على رغم مكابرة القيصر. وهي عقوبات ستستمر حتى آخر تموز (يوليو) على الأقل. والدور الروسي جوهري في أي حل لسورية، وجديته تتوقف على صدور قرار من مجلس الأمن تحت الفصل السابع يضع خريطة طريق لوقف القتال. فقط عندما يصدر قرار كهذا يمكن القول إن هناك محاولة جدية لإطلاق عملية سياسية توقف حمام الدم. ليست العقوبات على موسكو بسبب أوكرانيا وحدها العقبة التي تقف وراء تمنع الجانب الروسي عن المشاركة في الضغوط الدولية لإنهاء المجزرة والفوضى المستمرتين في سورية. وعلى رغم إقرار المسؤولين الروس في لقاءاتهم، بأن جيش الأسد أخذ ينهار وبأن التعاون بين القوى الإقليمية المعادية له أخذ يحدث تقدماً على الأرض،…
الجمعة ٢٩ مايو ٢٠١٥
يفتش خصوم «حزب الله» على ما يمكن أن يقنعهم في خطاب أمينه العام السيد حسن نصرالله الأخير عن تبريراته للهجوم الذي ينويه على المسلحين السوريين في جرود عرسال ومطالبته الجيش اللبناني والحكومة بتحمل مسؤولياتهما في السيطرة على البلدة الواقعة على الحدود الشمالية الشرقية مع سورية. يرغب هؤلاء في تجنب المزيد من الخلافات مع الحزب ومن التصعيد في الحساسيات المذهبية التي يتوخّون خفض منسوبها عبر حوار الحزب مع تيار «المستقبل». فالسيد نصرالله برّر «المرحلة الجديدة» من حربه في منطقة القلمون السورية وجرود عرسال، بدحر التكفيريين لمنعهم من الانتقال إلى لبنان، وبأن تدخله في سورية حال دون ذلك، واتهم الشيعة الذين لا يأخذون برأيه بالتبعية للسفارة الأميركية وبالخيانة والعمالة والغباء، ووصم بعض السياسيين اللبنانيين الذين «يجاملون» الإرهابيين بالجهل. يلقى خطاب الحزب التعبوي قبولاً لدى جمهوره وبعض الأوساط الشعبية المسيحية، بأن التكفيريين قادمون وهو يمنعهم. لكنه لم يعد يحتمل الآراء الشيعية التي تعارض تورطه في سورية. وهو لا يقبل استمرار حملة خصومه الآخرين على خياره. فالحد الأدنى المطلوب منهم هو السكوت إذا لم ينسجموا معه. لم يجد الخصوم سوى التناقضات في خطابه المتدرّج، من ذريعة إلى أخرى منذ اندلاع الأزمة السورية، بدءاً بـ «حماية أبناء القرى الشيعية اللبنانيين» على الحدود، مروراً بحماية مقام السيدة زينب في دمشق وبالدفاع عن بشار الأسد، «منعاً لإسقاط…
الجمعة ٠٨ مايو ٢٠١٥
يبدو أن القيادة الإيرانية ما زالت تستخف بالقرار السعودي الخليجي مواجهة التمدد الإيراني في منطقة الخليج وفي المنطقة كلاً، بدليل ما يواصل الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله ترداده عن هزيمة قوى التحالف التي نفذت عملية «عاصفة الحزم» وتنفذ الآن عملية «إعادة الأمل» في اليمن. وقد لا يكون هذا الاستخفاف موجوداً في الغرف المغلقة بالمقدار الذي تعبر عنه تصريحات المسؤولين الإيرانيين والسيد نصرالله أمام الإعلام وفي الخطابات التعبوية، لكن درجة الاعتداد بالنفس الإمبراطورية التي سبقت قرار قوى التحالف التصدي للتوسع الإيراني، تحول دون الإقرار بوجوب قراءة الأحداث والتطورات وفق مقاييس جديدة، فيحل مكان هذه القراءة نوع من المكابرة غير المتناهية على لهجتهم وفهمهم هذه الأحداث، وهي محاولة لإيهام الجمهور المؤيد السياسة الإيرانية في عدد من الدول بأنها لم تخطئ ولم تسئ الحسابات ولم تغال في الاتكاء على مجموعات مسلحة في عدد من الدول، بحيث جرّتها إلى حروب ومآسٍ. يحل الإنكار مكان الواقعية المزعومة عند طهران ومؤيديها وأذرعها السياسية والإعلامية، بالقول إن ما تقوم به دول التحالف لم يحقق أي نتيجة، في وقت أعلنت قيادتها أنها استطاعت تدمير القسم الأكبر من الصواريخ التي نصبت على أرض اليمن والتي كانت تهدد السعودية والدول الخليجية، وهي كانت نهبت من ثكنات ومراكز الجيش اليمني، أو تزود بها الحوثيون من الشحنات التي…
الجمعة ٠١ مايو ٢٠١٥
تصر طهران على تكريس مبدأ خرق القرار الدولي الرقم 2216 المتعلق باليمن، وعدم الالتزام به. فهي تعتبره «بلا قيمة»، كما قال الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله. وهي لن تمل من سعيها إلى نسفه لأنه يتبنى خريطة طريق لمعالجة الأزمة تنطلق من المبادرة الخليجية وشرعية عبد ربه منصور هادي. فمحاولتها إنزال طائرة قالت إنها مدنية محملة بـ «المساعدات الإنسانية» في مطار صنعاء واقتياد بحريتها سفينة ترفع علم جزر مارشال إلى الشواطئ الإيرانية، لمجرد أنها متعاقدة مع الجيش الأميركي على نقل معدات له، دليلان على ذلك مهما كانت التبريرات. في الحادثة الأولى أرادت خرق القرار لجهة حظره توريد السلاح وما يتصل به من معدات ومقاتلين أو خبراء إلى اليمن. وحتى لو لم تكن الطائرة تقل الممنوعات التي وردت في القرار، فإن الجانب الإيراني أراد تكريس مبدأ عدم الامتثال لتوقيت الهبوط، وللأذن المسبق، وللتفتيش في أحد مطارات دول تحالف «عاصفة الحزم» (السعودية)، للاستعاضة عنه بالتفتيش في مطار صنعاء الذي يسيطر عليه الحوثيون وجماعة علي عبد الله صالح. تكريس مبدأ عدم الامتثال يتيح لها إرسال طائرات أخرى قد تحمل تلك الممنوعات باسم تقديم المعونة الإنسانية. ولو كان إرسال الطائرة بريئاً، لكانت طهران قبلت بكل تلك الشروط من أجل تمرير المساعدات التي ادعت أنها ترسلها. في الحادثة الثانية شاءت أن تثبت…
الجمعة ٠٩ يناير ٢٠١٥
انقضى «11 أيلول الفرنسي»، لكن تداعياته ونتائجه بدأت وستتوالد في الأيام والأشهر، وربما السنوات المقبلة، تماماً مثلما حصل بعد 11 أيلول (سبتمبر) الأميركي عام 2001، حين دمّر تنظيم «القاعدة» برجي مركز التجارة العالمي، وقتل زهاء 3 آلاف مواطن أميركي بينهم ضحايا من جنسيات مختلفة، منهم عرب. ولمجرد وصف الصحافة العالمية المجزرة التي ارتكبت في حق مجلة «شارلي إيبدو» والشرطة الفرنسية بأنها «11 أيلول فرنسي»، بات علينا توقع التداعيات السياسية والأمنية والنفسية لهذا العمل الإرهابي، بدءاً بعلاقة دول الغرب بالإسلام والمسلمين، في فرنسا وسائر الدول الأوروبية والغربية، وصولاً إلى انعكاساته على المنطقة في شتى المجالات والميادين والدول المشتعلة أو المهيأة لأن يدخلها الحريق الذي يشهده عدد كبير من الكيانات المعرضة للتفتيت والصراعات الأهلية المتداخلة مع الحروب الدولية والإقليمية الدائرة بالواسطة. مهّد 11 أيلول الأميركي لانطلاق ما يسمى الحرب الأميركية والعالمية على الإرهاب ولصدور قوانين دولية، بدءاً بمجلس الأمن، مروراً بالقوانين الأميركية الوطنية التي منحت السلطات الأمنية صلاحيات استثنائية مسّت في بعض الممارسات بحرية المعتقد التي يفتخر بها الأميركيون في دستورهم وقوانينهم، بتغطية شعبية آنذاك، لإدارة الرئيس جورج دبليو بوش وإدارة المحافظين الجدد المتطرفين. لكن سابقة هذا الهجوم الإرهابي على نيويورك مهدت لتحولات كبرى في الشرق الأوسط: احتلال أميركا أفغانستان بعد أسابيع، ثم احتلالها العراق بعد نيف وسنتين، وبينهما أتاحت لليمين الإسرائيلي…
الجمعة ١٩ سبتمبر ٢٠١٤
يدور اللغط لدى المحللين حول الانعكاسات السلبية لاستبعاد كل من روسيا وإيران عن التحالف الدولي لضرب «داعش» في العراق وسورية، لا سيما الأخيرة. فالتقديرات في شأن ما يسمى «ثغرة» استبعادهما في هذه الحرب، تبدأ من توقع أن تلجأ موسكو وطهران إلى سياسة متشددة في الإقليم إزاء ما يعنيه هذا الاستبعاد من تجاهل لأوراقهما الكثيرة في المنطقة، ولاستضعاف كل منهما، الأولى نتيجة وقوعها في فخ التدخل في أوكرانيا وما استجلبه من عقوبات غربية عليها، والثانية نظراً إلى فشلها في إدارة الوضع في العراق، الذي قاد إلى احتلال «داعش» مناطق قطعت طريق التواصل بين مكونين أساسيين مما يسمى هلال النفوذ الإيراني، أي بين العراق وسورية، وهو ما أوجب عليها تقديم تنازلات لمصلحة مقدار من الشراكة في الحكم ببلاد الرافدين. لكن التعمق بطريقة تشكيل التحالف الدولي وتوزيع الأدوار بين دوله في الحرب على «داعش» يستدعي الملاحظة أن هذا الاستبعاد يتناول خطة ضرب «داعش» في سورية ولا يشمل العراق، حيث هناك تقاطع دولي على تنفيذ المهمة مهما اختلفت الأساليب أو ارتفع صوتا كل من موسكو وطهران ضد خطة ضرب «داعش» من دون صدور قرار عن مجلس الأمن أو من دون التنسيق المباشر مع كل منهما. فروسيا ليس لديها ما تخسره إذا نُفذت خطة طرد «داعش» من المناطق التي احتلتها شمال العراق، بل إن موسكو…
الجمعة ٢٩ أغسطس ٢٠١٤
كعادتها، بدت القيادة السورية في حال انكار كامل للوقائع، حين حلقت طائرات الاستطلاع الأميركية فوق رأس وزير الخارجية وليد المعلم، بينما كان يعقد مؤتمره الصحافي الاثنين الماضي، ليعلن استعداد حكومته للتنسيق مع الدول التي تحارب الإرهاب، معتبراً أن أي عمليات اميركية أو غربية جوية ضد «داعش» في سورية من دون التنسيق مع حكومته عدوان على سورية. لم يعتبر المعلم تحليق طائرات الاستكشاف لجمع معلومات عن مواقع «داعش» عدواناً على السيادة التي قال انها شرط للتنسيق مع التحالف الدولي لمواجهة الإرهاب، تماماً كما تفعل طهران التي دعت الى التعاون مع واشنطن في مواجهة «داعش»، ثم دانت قصف طائراتها مواقع التنظيم في بلاد الرافدين. تسعى قيادة النظام السوري منذ حصول ما سمّاه الغرب الانتخابات الرئاسية «المهزلة» الى استعادة الاعتراف بها، فوق جثث أكثر من 200 ألف قتيل من الشعب السوري، أكثريتهم من المدنيين سقطوا بالغازات السامة والبراميل المتفجرة التي يرميها والمجازر المتنقلة التي يرتكبها، وبفضل التسهيلات التي قدمها منذ بداية عام 2013 لانتشار «داعش» وأمثالها على الأراضي السورية، ثم في العراق. وتلهث قيادة النظام وراء هذا الاعتراف بعد اعتقادها انها نجحت في ارساء معادلة الخيار بين بشار الأسد والإرهاب، بدعم من روسيا وإيران، بدلاً من الخيار بينه وبين المعارضة السورية المعتدلة و «الجيش السوري الحر»، التي ساهمت ادارة الرئيس باراك أوباما في…