الإثنين ١٧ أغسطس ٢٠١٥
كنت في مقال سابق أقف موقف المعارض لإقامة مباراة السوبر السعودية في مدينة لندن، وذلك لأسباب تتعلق بقدرة الجمهور البسيط على حضور المباراة، وكون المباراة الأكثر شعبية في المملكة تحولت إلى سلعة تجارية يتكسب من ورائها عدد من الشركات والقنوات دون أن يكون لذلك أي تأثير إيجابي على فرصة المشجع البسيط في أن يحضر المباراة ويشجع فريقه. بعد نهاية المباراة وفوز نادي الهلال بالبطولة، ظهرت أصوات تندد بإقامة المباراة لأسباب مختلفة تماما، وهي تلك الحجج التي يطلقها البعض استنادا إلى ما يسمى بالخصوصية السعودية، فمن وجهة نظرهم يعد ظهور العائلات السعودية بالشكل الطبيعي مع أولياء أمورهم أو إخوانهم أو أبنائهم مخالفا للخصوصية التي يحملون عليها كل هواجسهم وتشككاتهم التي تنشأ من نفس مرتابة من كل شيء. يعترض المعترضون على ظهور الفتيات دون عباءاتهن التقليدية ويستهجنون جلوسهن وسط كم كبير من الرجال، ويطلقون كل الأوصاف المقيتة كما فعل أحد مشايخ تويتر على فتيات كل جرمهن أنهن يرون أنفسهن متصالحات مع ما يفعلون ومتعاليات على منهج الشتم والقذف. لن أتكلم طويلا هنا عن ضرورة محاسبة كل من سولت له نفسه قذف المحصنات ورمي كل أنواع الشتيمة على مواطنات قررن الاستمتاع بمباراة رياضية في أجواء حماسية لم يكتب لهن حضورها لأن قدرهن أن يكونوا إناثا، بل سأركز على أن المشكلة المثارة ليست في…
الخميس ١٨ يونيو ٢٠١٥
أبدأ بالقول: "رمضان كريم وكل عام وأنتم جميعا في أتم صحة وعافية"، وأذكّر نفسي وإياكم بأننا لسنا الوحيدين الذين نصوم الشهر الفضيل، فكل مسلم على وجه المعمورة يواجه ويعيش في هذه اللحظة الشعور ذاته الذي تواجهه أنت الآن، من عطش وتعب ورغبة قوية في الاستمتاع بوجبة شهية، وكأس خاثر من التمر هندي أو بارد من الفيمتو. نتحجج ويتحجج كثير منا -كل في مكانه- بأن سوء أدائه وانخفاض إنتاجيته تعود إلى أنه صائم، وأن نفسيته المتوترة وردوده الجافة وأخلاقه التجارية كما يقال تعود إلى أنه صائم، فحروب المركبات تدور رحاها في الشوارع العامة، وأصوات المتذمرين تعلو في المؤسسات الحكومية، والكل يمضي باتجاه "مقاتلة ذباب وجهه" جارا وراءه أكواما من شتائم المتضررين من كلامه، وأرتالا من ذنوب تنوع مرتكبوها. لن أتطرق إلى شرح المكانة الروحانية التي يعنيها رمضان لكل مسلم، فهذا أمر لا أعتقد أن أحدا منا يجهله، ولكني أود أن أركز على مسألة أن التجربة التي يمر بها الجميع مهما كانت شاقة لا تعطي الفرد الحق في أن يستخدمها ذريعةً في تحوله إلى غول متحرك، أو متذمر بائس يصبغ بسلبيته كل ما -وكل من- يحيط به. سنجد أن الموظف في مكتبه سيتأخر عن الحضور، وسيقوم بالتهرب من أداء عمله لأنه منهك من طول نهار رمضان، فينظر إلى المراجعين على أنهم أعداء…
الخميس ١١ يونيو ٢٠١٥
من المقلق بالنسبة لي أن تكون الجهود المنصبة في محاربة تنظيم داعش، ترتكز بشكل أساسي على محاولة صد الهجوم الذي قد تتعرض له بعض دول المنطقة، من خلال وضع الخطط الدفاعية والتحصينية، إلى جانب السعي بشكل حثيث في محاربة قنوات التجنيد والتمويل عبر المنصات الإلكترونية والاجتماعية المتعددة الرامية إلى زيادة الذخيرة البشرية والاقتصادية، من أجل توسيع القدرات التخريبية لتفتيت الدول، وتدمير مكوناته البشرية والتنموية والفكرية. لن أعد المواجهة الراهنة مع إيران ليست هي الأولوية، ولكني في الوقت ذاته أجد أن الأولوية في وقت كالذي نعيش فيه أن نضع في عين الاعتبار الأبعاد الاستراتيجية التي تعيشها المنطقة، والنظر إلى المخاطر باعتبارها حزمة واحدة، وعدم الركون خلف بعض التفسيرات التي ترى أن داعش وإيران بالضرورة عدو واحد، فالتجربة الحية تثبت لنا أن محاربة رأس الفساد لا تعني طمس الفساد، فإن كان "داعش" أداة لإيران فذلك لا يعني أن كسر شوكة إيران بالضرورة ستلغي خطر "داعش". ما يخيفني هو ذلك التردد أو التسطيح الذي تنتهجه الدول العظمى في تناول الخطر الداعشي على المنطقة والعالم، فالضربات الجوية وحدها لم تحسم حربا أبدا، إلا إذا كانت بالسلاح النووي، والتعامل مع الجماعات المسلحة أو المتمردة باعتبارها مجرد مجموعات إجرامية وميليشيات خارجة عن القانون دون النظر إلى تجارب التاريخ، فتلكم الجماعات بإمكانها أن تعيد إلى الواجهة بعضا…
الإثنين ١١ مايو ٢٠١٥
لا أدري كيف يمكن قبول أن تعيش مدينة على ساحل البحر سبق لها أن واجهت سيولا جارفة كـ"جدة" أن تواجه أزمة مياه! المحزن في الأمر أن المسؤولين عن شركة المياه التي تحتكر كما يبدو تجارة وتوزيع المياه على المواطنين؛ اتجهت للعمل على احتواء الأزمة إعلاميا بدلا من إيجاد حلول حقيقية لما يواجهه سكان جدة منذ مدة بالشكل الذي يكفل إيقاف الانقطاع المتكرر وشح المياه. سبق لمدير وحدة أعمال جدة بشركة المياه أن وعد في أبريل الماضي عبر تصريح نشرته صحيفة المدينة: "بعدم تكرار أزمة المياه التي تعرضت لها بعض أحياة جدة".. دون أن يحدد، كما جرت العادة من بعض المسؤولين، تاريخا واضحا لإنهاء المشكلة. إلا أن المشكلة ما زالت مستمرة والمواطن لا يزال يواجه الأمرين والإعلام لا يزال يسلط الضوء، ما دعا المدير ذاته إلى التصريح مجددا للصحيفة ذاتها قبل يومين بأنه: "يوجد ١٠٠ موظف يقومون باستقبال الطلبات، ومتابعة وصولها للمستفيدين"، مؤكدا أن الأزمة كما وصفها وبالتالي اعترف بوجودها، "في طريقها للانتهاء تماما خلال ٧٢ ساعة". المثير للسخرية هو أن الـ٧٢ هي ذاتها عدد الساعات التي في العادة يتم إخطار طالب الخدمة عبر رقم الشركة أنه مضطر لانتظارها قبل وصول (وايت) المياه إلى منزله! وقد يواجه عند تأخر وصول المياه عن الموعد المحدد عددا من التبريرات التي لا يمكن فهمها…
الإثنين ٢٧ أبريل ٢٠١٥
من أكثر الملامح التي تفتقر إليها المتاجر في المملكة، هو وعيها بأهمية أن يكون العميل هو محركها الأول. فقد لاحظت خلال أسبوع واحد من التجوال في أسواق مدينة جدة، أن المبيعات هي المحرك الوحيد الذي تنتهجه معظمها، ابتداء من شركات الاتصالات مرورا بمحلات بيع الأجهزة الإلكترونية، وانتهاء بمحلات بيع الأدوات الصحية، فمن اللحظة التي تنتهي فيها عملية البيع تبدأ أزمة في عملية خدمات ما بعد البيع الموعودة. فمثلا تقوم إحدى شركات الاتصالات بالطلب بتسديد فاتورة متأخرة لرقم جوال، وذلك من أجل أن يتم إعادة الخدمة، إلا أنه بعد أن يتم السداد يتم اكتشاف أن الرقم لم يعد يظهر في نظام هذه الشركة ولا يمكن إعادة الخدمة، وبالتالي تبدأ عملية تقديم تظلم مضنية بهدف استعادة الرقم التائه في نظام هذه الشركة الكبيرة، ما يذكرنا بقصة عادل إمام في مسرحية شاهد ما شفش حاجة "يا تدفع يا نشيل العدة"! في جانب آخر، نجد أن الشركات الكبيرة المتخصصة في بيع الأثاث، تقوم بإغراء العميل بمعارض جميلة وكتالوجات مصممة بشكل مغر، تحرص على إنهاء عملية البيع في أقل من خمس دقائق، عبر مندوبين منتشرين في كل أركان المعرض، حتى يأتي دور تحديد موعد إيصال الأثاث إلى المنزل وتركيبه، ليكتشف المغلوب على أمره أنه اشترى منتجا عليه أن ينتظر وصوله لمدة تشابه مدد انتظار المواطن…
الخميس ٠٥ مارس ٢٠١٥
افتتح يوم أمس الأربعاء معرض الرياض الدولي للكتاب وسط اهتمام إعلامي وشعبي واسعين، تماما كما هو الحال كل عام، فما بين ترقب عشرات الآلاف من المهتمين بالثقافة والكتاب لموعد انطلاق المعرض وتمكنهم من التجوال بين أزقته، والاطلاع على ما أنتجته وتعرضه أكثر من 900 دار نشر ومؤسسة مشاركة من جهة، وما بين السجالات المعتادة حول ما سيسمح وما سيمنع عرضه، وما سيلي ذلك من مشاحنات فكرية وثقافية بين ذاك الطرف وذاك من جهة أخرى، نبقى نحن ننتظر ونترقب ونتطلع إلى زيارة المعرض كسائر المهتمين للتمتع بما أنتجه الفكر الإنساني. معرض الكتاب كما هو معلوم، هو المكان الذي يمكن للمهتم أن يطلع وأن يبتاع الكتب التي يريد، ويلتقي بالكتاب والمثقفين الذين يتطلع إليهم، وأن يشبع فضوله بما تزخر به المكتبات المختلفة من علوم ومعارف عله يجد فائدة وعلما جديد، وهو ما يجعلني أسأل: أين العلوم والمنتجات الفكرية والثقافية التي تنتجها الحواضن الأهم للعلم والثقافة في بلادنا من جامعات ومعاهد وكليات حكومية وخاصة؟ أعلم أن هناك بعضا منها يشارك إما برغبته أو مجبرا بفعل توجيه مرجعه، ولكن ما فائدة المشاركة إذا كان كل ما يوزع على الحضور هي بروشورات عن إنجازات تلك الكلية أو ذلك المدير دون أن يتاح للزائر شراء منتج علمي أو ثقافي أو أدبي أنتجه منسوبو تلك المؤسسات من…
الخميس ٢٦ فبراير ٢٠١٥
أذكر أنه قبل نحو خمسة عشر عاما قررت مع بعض الأصدقاء قضاء إجازة نهاية الأسبوع على ضفاف عروس البحر الأحمر، والتمتع بما تكنزه من تجارب سياحية متنوعة، تبدأ بالمطاعم التي تزخر بها فنادقها وأحياؤها، مرورا بالشاليهات البحرية في أبحر وما جاورها، وانتهاء برحلة صيد بحرية تمكننا فيها من التمتع بلذيذ البحر من ذلك الخير الذي شبكته "سنانيرنا" نحن الشباب الآتون من ربوع الرياض الصحراوية. أكثر ما أذكره من تلك الأيام الثلاثة ليست التجربة في حد ذاتها بقدر الصدمة التي كانت على محيا زملائي، عندما أتى دور تقاسم التكاليف المالية التي تجاوزت نحو ضعفين ونصف مما كان يمكن لنا أن نصرفه لو كنا قررنا أن نقضي التجربة ذاتها في شرم الشيخ أو دبي، وهي التجربة التي قمت بها بالفعل بعد بضعة أعوام، وبقيت تفاصيلها ومغامراتها راسخة في الذهن حتى يومنا هذا. يبدو لي أن الوضع اليوم لم يتغير كثيرا، فعلى الرغم من المجهودات الكبيرة التي تقوم بها هيئة السياحة والآثار والجهات الأخرى المعنية بتنظيم قطاع الفنادق والمساكن السياحية والمطاعم لضبط العمل والرقابة الميدانية، إلا أن نزعة واضحة من الاستغلال والجشع ما زالت طاغية على طبيعة التعاملات والخدمات المقدمة من خلال المبالغة في الأسعار ورفعها وتخفيضها وفق مزاج موظف الاستقبال الذي غالبا ما يكون من غير السعوديين. أكبر ميدان لهذا الاستغلال يكمن…
الخميس ٠٥ فبراير ٢٠١٥
ليس لدي شك في أن تنظيم "داعش" الإرهابي قرر منذ أن بدأ في عمله الإجرامي أن يتواصل مع محيطه بالوسائل غير التقليدية، فاعتمد على مواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت بالعموم على بث سمومه الفكرية وخطابه السياسي، إضافة إلى إيصال رسالته الترهيبية عبر بث مقاطع حرق الجثث الحية ـ كما فعلوا في الطيار الأردني ـ وقطع الرؤوس ونحر الرقاب كما فعلوا في مئات المسلمين، وهي رسائل أصبحت مادة خبرية أبعد ما يمكن تسميتها بالمهمة من الناحية الإعلامية. ونحن نشاهد الأخبار التي تنقل لنا عبر وسائل الإعلام جميعها التي تتحدث عن تلك الجرائم، نغفل أن نشرها في حد ذاته يعد من أهم أسباب دعم هذه الجماعة المجرمة والترويج لفكرها وأهدافها الدنيئة، إضافة إلى أننا نركب موجة تحقق لهم ما يخططون لها من أجل أن تتحول هذه الجرائم في الذهنية المجتمعية إلى أحداث مقبولة شعوريا، وهو ما تثبته الأعداد المتزايدة من المغرر بهم الذين خدعوا بهذه الجماعة، وقرروا الانضمام لها بعد أن زين لهم أن هذه الأعمال تعد من مظاهر تطبيق الشريعة، وأنها مقبولة دينيا وأخلاقيا إذا ما قورنت بما يقوم به أعداء الأمة من جيوش الشرق والغرب. اليوم وقد أعيد تشكيل الحكومة في المملكة، ومع قدوم عدد كبير من الوزراء الشباب القريبين من هموم وتفكير المواطن وتحديدا في الأجهزة الإعلامية والإرشادية والتعليمية، فإن…
الإثنين ٠٢ فبراير ٢٠١٥
ما يميز التغييرات الجديدة للحكومة التي شكلها خادم الحرمين الشريفين نهاية الأسبوع المنصرم، أنها لا تقتصر فقط على العدد الكبير من الدماء الجديدة التي دخلت معترك العمل الوزاري، ولا بالتغييرات في البناء الهيكلي لمؤسسات الدولة ووزاراتها والمتمثل في دمج وزارات وإلغاء هيئات، بل في تقديري يكمن التميز اللافت في خلق مجلسين متخصصين لإدارة الدولة معنيين بالتركيز على إدارة وتطوير ومراقبة أداء المكونات الأهم للمرحلة القادمة في بناء الدولة، والمتمثلة في الأمن والسياسة من جهة والاقتصاد والتنمية من جهة أخرى. لمن يقرأ هذا القرار التاريخي يمكنه أن يلمس نية حقيقية لدى القيادة في الارتقاء بالعمل الحكومي لدرجة أعلى من الكفاءة والإنجاز، وذلك على اعتبار أن المجلسين في لغة القطاع الخاص أشبه بمجلسين تنفيذيين لإدارة المكونات سالفة الذكر، حيث ستكون المتابعة الدقيقة واقعا أكثر إمكانية نتيجة تركيز عمل ذلك المجلس أو ذاك بهموم ومتطلبات وتحديات العمل المناط بها، فتحديد الأهداف سيكون أكثر دقة، وتطبيق الآليات ومراقبة الأداء سيكونا أكثر نجاعة ونجاحا، والخروج بنتائج تتماشى مع الاستراتيجيات والأهداف العامة التي تضعها الدولة من خلال مجلس الوزراء الموقر سيكون أكثر إمكانية وواقعية. أما بالنسبة للجانب التنفيذي فإننا نجد أن اختيار عدد كبير من الوزراء ممن لهم خبرة طويلة وناجحة في العمل الخاص من خلال إدارة مؤسسات وشركات حققت نتائج لافتة في مجال تخصصها يمكننا…
الخميس ٢٢ يناير ٢٠١٥
العلاقة بين معظم دول الخليج وإيران لا يمكن وصفها إلا بأنها علاقة تشكك وريبة وفقدان أبسط مكونات الثقة، رغم كل العبارات الدبلوماسية التي نسمعها بين الحين والآخر من ذلك المسؤول أو ذاك، فإيران اليوم تلعب لعبة السياسة بشكل تجاوزت فيه كل الحدود الدبلوماسية لتدخل بقصد في حرب هيمنة لم تعد باردة مع جيرانها الخليجيين. طهران تمول منذ سنوات الماكينة الحربية الطائفية في كل من لبنان والعراق واليمن، إضافة إلى المعارضة في البحرين، كما أنها تحتل جزرا إماراتية وتنشط بشكل لافت في تصدير المذهبية "الاثني عشرية" لدول عربية سنية عدة بما فيها مصر، إلى جانب تحريك ماكينتها الإعلامية داخل إيران وخارجها لقلب الحقائق وخلق الأكاذيب من أجل زرع الفتن بين أبناء الوطن الواحد، تماما كما يحاولون فعله في تغطيتهم المؤدلجة لمواجهات القوى الأمنية في بلادنا مع الفئة الضالة في العوامية. دول الخليج وحتى هذا اليوم ما زال بعضها وإن كان يؤمن إيمانا مطلقا بأن مصيره مرتبط بمصير بقية دول الخليج إلا أنه ما زال مستمرا في التعاطي مع الجانب الإيراني بكثير من التقية السياسية، وهو أمر لا يمكن النظر إليه إلا باعتباره نوعا من التخاذل والتردد الذي يضعف الكيان الخليجي ويجعل التصدي للخطر الإيراني أمرا في غاية الصعوبة. السعودية تقوم بدور رأس الحربة في هذه المواجهة التي تستخدم فيها الأسلحة الدبلوماسية…
الخميس ٠٨ يناير ٢٠١٥
الحادث الجبان الذي وقع الأحد الماضي وأودى بحياة عدد من رجال حرس الحدود في عرعر، هو مؤشر جديد على أن خطر الإرهابيين لا يزال ماثلا، وأن زواله ما زال أمرا لم يتحقق. وقد أعاد ذلك الحادث للذاكرة الأحداث الجبانة التي وقعت مؤخرا في بلدة الدالوة في الأحساء وغيرها من الأحداث التي قامت بها مجموعة من حاملي السلاح، الخارجين على النظام وعلى الدولة الذين لا بد لنا كمواطنين أن نقف سدا منيعا أمامهم من أجل حماية الوطن والمواطن. إن الإرهاب الحقيقي الذي يشكل خطرا على بلادنا هو ذلك الذي يحمل السلاح ويعمل على الإطاحة بنظام الدولة، ويسعى إلى الفوضى والدمار وسفك الدماء وتقسيم البلاد وبث الفرقة بين أبناء الوطن الواحد، ليس بالضرورة أن يكون تابعا لمذهب اليمين أو مذهب اليسار أو أن يكون ذا نزعة دينية أو عبثية، فكل إرهابي له ذات المواصفات التي وصفناها وخطره على الوطن هو ذات الخطر. عندما عاد الإرهاب إلى المشهد الدولي في بداية الألفية باعتباره العدو الجديد بعد سنوات من الركود، كان الجميع يستخدم هذا التوصيف بشكل جعل من أي مخالف في الرأي إرهابيا بالضرورة، فبدأت أميركا بعد أحداث سبتمبر بإلقاء القبض على الكثير ممن لهم مواصفات رأوها تتطابق مع "بروفايل" الإرهابيين، مما جعل كثيرا من دول العالم الإسلامي بما فيها المملكة للدعوة بضرورة تعريف…
الإثنين ٢٩ ديسمبر ٢٠١٤
بعد غد هو آخر يوم لهذا العام الذي لا يمكن وصفه إلا بأنه امتداد لما عشناه في السنوات الأخيرة من تبدل سياسي واجتماعي حقيقي نتج كما يقول البعض لمخرجات لحظة تاريخية ومفصلية من التاريخ الحديث والمتمثلة في أحداث سبتمبر، وقد يختلف الناس حول تحديد أهم ملامح هذا العام وأحداثه، ولكن إن كنا نريد أن ننظر للأمور متجاوزين حدودنا الضيقة، فإن علينا أن نرى ما أوردته وسائل الإعلام الدولية التي عنيت بتغطية الأحداث متجردين عن نظرتها المحدودة لمنطقتنا. كان أولها سقوط مدينة الموصل في أيدي جماعة "داعش" التي تحولت بين ليلة وضحاها إلى دولة لها اقتصاداتها وجيشها والآلاف من المريدين من داخل العالم الإسلامي وخارجه، وهي اللحظة المفصلية التي بها أفاق العالم من سباته واكتشف الخطر الحقيقي الذي يحدق بنا جميعا، وذلك بوجود دولة تنتهج سفك الدماء وتجيد حربها الإلكترونية واستقطاب العناصر. الحرب في أوكرانيا كانت هي كذلك نقطة تحول في الصراع الغربي الشرقي، وأعاد للأذهان مرحلة الحرب الباردة رغم أنها هذه المرة ليست باردة كما يبدو، كما أن الحرب الإسرائيلية على غزة أعادت للواجهة حقيقة صعوبة حل القضية الفلسطينية سياسيا كما كان البعض يأمل، كما أن وجود رئيس من أصول أفريقية يحكم البيت الأبيض لم يمنع تنامي المواجهات العنصرية فيها، إذ أصبح عنوانا لافتا في الأشهر الأخيرة بعد مقتل مراهق…