الإثنين ٢٠ مايو ٢٠١٣
في منتدى الإعلام العربي الذي أقيمت فعالياته في دبي الأسبوع الماضي تحدث الإعلامي المثير للجدل باسم يوسف عن السخرية كوسيلة للتأثير السياسي في الجلسة التي حملت عنوان "الإعلام الساخر: هل تتسع له صدور العرب"؟ والتي بينت بشكل لم يكن خافيا على الحضور أنها ربما لا تتسع له، خصوصا مع التصيد المتبادل بينه وبين مدير الجلسة طوني خليفة، والذي تجلى في الردود المتبادلة والتهكم الذي ربما كان يخفي ما يخفيه من منافسة أو ربما هي مجرد اصطياد متبادل. المهم في تلك الجلسة والتي امتلأت بها قاعة المؤتمر وشهدت تواجد أعداد كبيرة حضرت كما يبدو لمتابعة النجم الجديد والكوميدي السياسي الذي أنتجته الثورة المصرية، والذي تحول لبطل إعلامي قومي فاق تأثيره إعلاما رسميا عاش ويعيش على نمط الجدية في المعالجة والرسمية في الطرح؛ أقول كان المهم فيها أنها تناولت موضوعا هو غاية في الأهمية ومحرما طالما بقي كذلك، خصوصا أن السخرية بمفهومها الشعبي بقيت لعقود تجاوزا غير أخلاقي، وتصرفا طالما رفضه المجتمع في العلن، بينما كان دائما وسيلة لجلد الذات والضحك على مظاهر الفشل التي نعيشها وتعيشها المجتمعات النامية. هناك من فضل أن يتعامل مع الموضوع بسطحية، ويعتبر أن السخرية السياسية والاجتماعية هي تجاوز على الأخلاق كما روج له لعقود في، حين وجده البعض تعبيرا حضاريا عن الألم والنقد، ووسيلة موثرة في…
الإثنين ٠٦ مايو ٢٠١٣
كنت أعلم دوما أن هناك دعاة لبسوا ثوب الإعلام، أو هم إعلاميون لبسوا ثوب الدين، فيقومون بصياغة رسائلهم الفكرية وفق طبيعة الجمهور أو القناة التي ينقلون من خلالها رسائلهم تلك، فتجدهم في حين يقومون ببث خطاب متشدد عندما يكون موجها عبر قناة جل جمهورها يشبه ذلك الخطاب، وفي حين آخر تجد ذات الشخص يقوم بإعادة تلوين خطابه ليظهر أكثر انفتاحا وتسامحا، وذلك عندما يأتي عبر أثير قناة عربية مخصصة للجمهور الذي يرى أن الحياة جميلة تستحق أن نحياها بأطيافها المختلفة. في حديث شيق للزميل عبدالله المديفر في الملتقى الإعلامي العربي الذي اختتم أعماله مؤخرا في الكويت تحدث في جلسة بعنوان "لماذا أغرد"؟ عن كون "تويتر" أجبر بعض الشيوخ على مراجعة لغة الخطاب، وأن المثقف في السعودية عرف وزنه الحقيقي بعد ظهور "تويتر" وباقي وسائل الإعلام الاجتماعية. وهو رأي في تقديري يكشف بشكل واضح أن ما يسميه البعض مراجعة لغة الخطاب يسميه البعض الآخر التلون في الخطاب، خصوصا إذا ما علمنا أن الفاصل الزمني بين تلك المواقف لا يتجاوز الأشهر في أحيان وربما السنوات القليلة في حالات أخرى. عندما يقول الزميل المديفر إن أحد الدعاة يقوم بتغيير طريقة خطابه حسب الوسيلة الإعلامية فيتحدث في قناة "إل بي سي" بطريقة، وفي قناة "المجد" بطريقة أخرى، وعلى "تويتر" بطريقة مغايرة، فهو لا يقول…
الخميس ٠٢ مايو ٢٠١٣
شاركت خلال الأسبوع الفائت في الملتقى الإعلامي العربي في دورته العاشرة والذي أقيم في العاصمة الكويتية، حيث قدمت ورقة عمل حول الصحافة في ظل متغيرات الإعلام الشامل، قلت فيها إن الصحافة في ظل المتغيرات الحاصلة على التقنيات والمفاهيم المتغيرة نتيجة التقلبات السياسية العالمية قد ماتت للأسف الشديد كمفهوم مارسناه سابقا ودرسناه، والذي يعتمد على الحيادية والموضوعية ونقل الحقيقة المجردة، فالصحافة في غالبها اليوم انتهجت خطا جماهيريا يعد فيه الصحفي الذي لا ينقل وفق رأيه أو رأي الأغلبية، ضد الشعب ومعاديا للحقيقة. لقد أوضحت الدراسة التي قام بها منتدى الإعلام العربي بدبي والتي حملت عنوان (نظرة على الإعلام العربي ٢٠١١- ٢٠١٥) أن 87% يعتقدون أن مواقع التواصل الاجتماعي لعبت دوراً مهماً في الأحداث السياسية التي مرت بها الدول العربية، وأن 82% يرى أن نوعية الأخبار التي بُثت عبر القنوات الفضائية قد تحسّنت خلال الأحداث، وهنا أسأل: هل هذا التحسن يتوافق مع ما يقوله الناس أم مع ما تتضمنه الحقيقة؟ حيث الإجابة على ذلك التبيان ستفرق بين الحقيقة المجردة التي يجب أن يسعى لها الإعلام الحقيقي والحقيقة التي يريد أن يراها الشارع، ولقد بينت ذات الدراسة أن 75% يعتقدون أن التلفزيون لعب دورا رئيسيا في التأثير في الرأي العام خلال الأحداث والثورات، في حين أن فقط 7% يرون أن الصحافة المكتوبة قد…
الإثنين ٢٩ أبريل ٢٠١٣
لا أدري كيف يمكن لموضوع مثل تغير الإجازة الإسبوعية من الخميس والجمعة إلى الجمعة والسبت أن يصبح قضية خلافية ومسألة تتعلق بالهوية وبالأصالة وبكل القيم التي نؤمن بها كمجتمع سعودي عربي مسلم. التشبه باليهود، أجدد تلك التهم التي ساقها البعض ممن يرى كل تغيير في المجتمع مؤامرة على هويتنا وتراثنا وديننا الإسلامي، وكأن الطريقة الوحيدة لغزو عقول المجتمع هي أن يتم ذلك من خلال تغير يومي الإجازة الرسمية، في حين أن الغزو الخطير الذي يغزونا من بعض متطرفي الفكر الإقصائي هو أخطر على وحدتنا وهويتنا من هاجس التغيير نحو الاندماج بالمحيط. في كل دول الخليج وهي الدول التي تتشابه معنا في كل التفاصيل الاجتماعية منها والدينية يتمتع المجتمع بيومي الجمعة والسبت في أجواء من التحضر والاستمتاع، يجعلني أفكر في أبناء وطني المعارضين وأشفق على ذلك المرض الذي أصيبوا به والذي يرى في كل شيء خطرا وفي كل تغيير مؤامرة، وفي كل نَفَس خروجا عن العرف والدين. كنت أعمل منذ أعوام في مكتب "السعودية" لإحدى الشركات العالمية، وكغيرنا في السعودية كنا في المكتب نستمتع بعطلتنا الأسبوعية يومي الخميس والجمعة، في حين كان زملاؤنا في مكاتب الشركة حول العالم يتمتعون بإجازاتهم يومي السبت والأحد، مما كان يعني أن أربعة أيام من الأسبوع لم يكن من الممكن التعامل فيها بيننا، الشيء الذي كان…
الخميس ٢٥ أبريل ٢٠١٣
عملية بيع منتج وعبر شرائه بالمال، اسمها لدى الاقتصاديين "تجارة"، والمنتج هذا له أشكال متنوعة، إذ يمكنه أن يكون خدمة تقدم أو سلعة محسوسة تنقل، وهي عملية تبادلية واضحة الملامح والشروط والنتائج. وكلنا يعلم أن التجارة إن التزمت بالشروط الشرعية تعد أمرا مشروعا، وربما محبذا لبناء المجتمعات وتنشيط الأسواق؛ خدمة للمجتمع وأفراده، وتقوية للوطن والحكومة. وإن النظر لطبيعة هذه المنتجات يبقى من أهم الأساسيات التي يمكن لنا من خلالها تقييم مدى صلابة هذه التجارة، وإمكانية استمرارها ومواجهتها لتقلبات الأسواق المحلية والعالمية. فاقتصاد مبني على منتج هش مصيره الزوال، بينما اقتصاد مبني على منتج له طابع الاستدامة مصيره البقاء والصمود أمام تحديات المنافسة وتقلبات الأسواق. وعليه فإن التجارة تعد من أهم مصادر رزق المواطنين والمصدر الأهم للمنتجات باختلاف أشكالها وأحجامها. أعتقد أن هناك إجماعا على أن ديننا الحنيف ليس منتجا يجوز بيعه أوشراؤه بالمال بذات الطريقة التي نبيع ونشتري بها السيارات أوخدمات الاستشارات الطبية مثلا، فقد قال عز وجل: "ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون"، وقد فسر الإمام القرطبي هذه الآية التي نزلت في بني إسرائيل، أنها تتناول من فعل فعلهم، إذ قال: "فمن امتنع عن تعليم ما وجب عليه، أو أداء ما علمه وقد تعين عليه، حتى يأخذ عليه أجرا فقد دخل في مقتضى الآية والله أعلم". من هنا،…
الإثنين ١٥ أبريل ٢٠١٣
الكثير من المتابعين لمواقع التواصل الاجتماعي شاهدوا المقطع المصور الذي تم تداوله مؤخرا والذي يظهر فيه أحد الموظفين الإداريين في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو يساق بالقوة بعيدا عن الموقع الذي كانت تقدم فيه إحدى فرق التراث الإمارتي مجموعة من المقاطع الفلكورية والأغاني والرقصات الشعبية، وهو المشهد الذي تم استغلاله ليعبر عنه كل طرف عن وجهة نظره المعارضة لذلك الجهاز من جهة والمؤيدة له. الموقع الذي يقام فيه المهرجان يسميه القائمون عليه بـ(معسكر) وهو اللفظ الذي كما أفهمه ينطلق على المكان الذي يتصف بالتجمع البشري المحمي بقوات عسكرية، ولأي إنسان يعرف الحد الأدني مما يعنيه ذلك يفهم بأن العمل العسكري لا يقبل أن يكون هناك تشتت في عملية التحكم في المكان وإعطاء الأوامر وذلك للسيطرة على الوضع وحماية المعسكر من أي تهديد أو خروج عن القانون أو حدوث أي تجاوز. إلا أن هناك من يعتقد أن له الحق في أن يتجاوز السلطة العسكرية بحجة السعي لتطبيق المصلحة العامة وكأن سلطتهم أعلى من سلطة القانون العسكري الذي يحكم المكان ويعمل على ضمان الأمن والاستقرار بين الجموع في حدود القوانين المعمول بها والنظم التي تعمل بها الدولة مدنيا وعسكريا. لا أعتقد أن جهازا مثل الحرس الوطني يفوته العمل وفق المبادئ التي أقرتها الدولة لنفسها وتعمل على تأصيلها بين مواطنيها وعلى…
الخميس ١١ أبريل ٢٠١٣
في لقاء ممتع في دبي مع الصديق اليتيم والكاتب العامل والمعرفي "الإنسيكلوبيدي" أحمد العرفج تنبهت من وحي حديثه الشيق لحقيقة ربما تغيب عن الكثيرين، وخصوصا من يرى في نفسه مهتما بالشأن العام ومراقبا له وكاتبا ومعلقا على أحداثه، تلك حقيقة أننا كمجتمع نتعامل مع القراءة في أحيان كثيرة باعتبارها وسيلة ترفيه وزيادة رصيد اطلاعي بعيدا عن سعينا لتحويل تلك المعرفة المبعثرة إلى برامج حياتية ودروس مستفادة وآلية لفهم الواقع بهدف استشراف وتفهم المستقبل. ففي مدارسنا يحفظ الطلبة أكثر من كونهم يفهمون، ويدفعون للقراءة لكي يجمعوا معلومات ينثروها على صفحات الاختبار آخر السنة، وليخرج من عامه ذاك لعامه التالي وقد بدأ من جديد في تحصيل علم في رأيي لن يفيده جزء كبير منه مستقبلا. سؤالي هو: ما الفائدة الحقيقية من علم وقراءة لا ينعكسان عمليا في حياة الفرد! سيخرج أحدهم هنا ويبدأ في إعطاء محاضرة عن أهمية الدراسات النظرية في بناء الأجيال والدور الذي لعبته تاريخيا في مجدنا الماضي، وما إلى ذلك من العبارات التعبيرية التي حفظت على طريقة الكتاتيب، فلا ذهنا تحرك ولا بصيرة استنارت، وكل ما أنتجه لنا مزيد من خريجي التخصصات التي ليس لها سوق عمل. القراءة والاطلاع هما وقود العقل، فإما أن نستخدم وقودا يتناسب مع متطلبات العقل والعصر الذي نعيش فيه وإلا ستبقى كل المعارف التي…
الإثنين ٠١ أبريل ٢٠١٣
لدي قناعة متأصلة بأن الثوار بطبيعتهم لا يملكون الأدوات التي تساعدهم على التعاطي مع السياسة وفق متطلبات اللعبة، فهم بطبيعتهم غاضبون ومتمردون وصداميون رافضون لكل أنواع التعاطي وفق مبدأ المصالح والتفاوض والحصول على الممكن، بناء على المتاح والظروف التي يمكن التغلب عليها. فشل الاتحاد السوفيتي في البقاء كنظام سياسي، لأنه انتهج أيديلوجية ثورية بالأساس، فاستطاع الصمود لفترة حتى وصل لحافة الانهيار، فانهار أمام ذكاء البرغماتية السياسية الدولية و"لوبيهات" المصالح داخل وخارج تلك الدولة المجمعة لتترك لنا مجموعة من الدول المستقلة يدور كل منها في فلك ما تراه نظاما صالحا لها، وفق مصالح سياسييها الذين عملوا في الخفاء حتى استطاعوا تفكيك ذلك المارد من الداخل. في لبنان، كما في الأراضي المحتلة، يستمر فشل العقلية الثورية في حكم العامة وفي تقرير السياسة الأصلح لبناء الدولة، فحزب الله منشغل بتيسر الظروف التي تحمي استمراره بالاعتماد على دعم ولاية الفقيه، وتستمر حماس في تحدي العالم باستخدام لغة الرفض والتحدي، لا على أسس السياسة والتمويه، بل على أسس المحارب الخانق على ظروفه ومظلومية قضيته، فلا يسعى لكسب التعاطف السياسي، بل يرى أن البكائيات هي طريقه للتحرير. كيف نتصور أن يكون الحال في الشقيقة مصر وقد حكمها اليوم نظام ثوري طالما اتبع العمل السري في تحركاته وتعاطيه مع الوضع السياسي لعقود طويلة، ونحن نرى اليوم أن…
الخميس ٢٨ مارس ٢٠١٣
تابعنا جميعا المظاهرات التي قام بها مجموعة من المتحمسين للتيارات الإسلامية في مصر خلال الأيام الماضية، وقاموا خلالها بإغلاق مداخل مدينة الإنتاج الإعلامي، ومنعوا جميع الإعلاميين من الدخول أو الخروج من المدينة، وذلك احتجاجا ـ كما قالوا ـ على ما وصفوه بالغطاء السياسي من الإعلام لانتقاد الرئيس المصري محمد مرسي، وذلك في تجل واضح لمحدودية فهم هذا التيار وأتباعه لفكرة الديموقراطية ومنتجها الشرعي المسمى حرية التعبير، التي قامت ثورة بلادهم من أجلها ومات في سبيلها أبطال حقيقيون. لم أكن من المؤيدين في الماضي البعيد لفكر الإخوان، رغم إعجابي بقدرتهم على الصمود لأكثر من ثمانية عقود في وجه الاضطهاد والتنكيل، الذي عانوه من الأنظمة السياسية التي حكمت مصر، ولم أكن من المساندين لهم فكريا أوتنظيميا في الماضي القريب، عندما قاموا بالبروز في عدد من الدول كخيار شعبي لحكم الدول التي عرفت بدول الربيع العربي، ولكني كنت دوما أقول بضرورة أن يمنحوا فرصة الحكم، إن كان ذلك خيار الشعب كي يظهر للمتشككين والمؤيدين مدى جديتهم وحقيقة موقفهم من شعارات الحرية والعدالة والمساواة، التي روجوا عبرها حملاتهم الانتخابية، حتى وصلوا للحكم ولكرسي الرئاسة. اليوم تنكشف للعيان مواقف الأتباع، الذين يشكلون القوى الحركية للفكر العقائدي لتلك الجماعة، فتحرك الشارع لا يمكن له أن يتم لولا غطاء مرجعي، فمثل تلك المجاميع عرفت عبر تاريخها بالولاء…
الخميس ٢١ مارس ٢٠١٣
قبل أشهر، وإثر الحادثة التي وقعت في إحدى المدارس في الولايات المتحدة عندما أطلق أحد الطلاب النار على مجموعة من طلبة مدرسته وقتل نتيجة ذلك العديد منهم خرجت وسائل الإعلام الأميركية بلقاءات مع عدد من الطلبة الذين استطاعوا الفرار والنجاة من جحيم ذلك القاتل المختل، وقدمت للمشاهد عبر شهاداتهم روايات للرعب الذي عاشوه في تلك الدقائق العصيبة. لم يمر ذلك الحدث فقط كحدث إجرامي بشع، بل فتح نقاشا مهنيا في الولايات المتحدة حول أحقية وسائل الإعلام في الالتقاء بطلبة دون سن الرشد أو مراهقين أثناء مرورهم بأوضاع نفسية صعبة وتقديم قصصهم بشكل ستظهرهم للجمهور بشكل نفسي قد لا يكون له انعكاس إيجابي على مستقبلهم وقد يؤثر في تعاطيهم مع محيطهم لسنوات طويلة. في المملكة، يظهر ذات الحوار اليوم بعد أن اعتادت وسائل الإعلام المحلية والعربية أن تتعاطى مع ضحايا التعنيف أو الأخطاء الطبية باعتبارهم شواهد لها اسم وصورة ونفسية ودون أدنى احترام للخصوصية التي من حقهم التمتع بها في أجواء اجتماعية لا ترحم من اتهامات العيب والعار ومحاسبة الإنسان المستضعف بسبب ظلم الزمان والإنسان. قصة راكان الذي عاش مع والديه معنفا، وظهر في التلفزيون بمباركة من دار الحماية الاجتماعية التي تولت أمره كشاهد للظلم الذي قاساه جسمه النحيل، يفتح الباب على السؤال الجوهري الذي يتجاوز المهنية الإعلامية فقط ليصل لنظام…
الإثنين ١٨ مارس ٢٠١٣
حالة "الاستقعاد" التي أصبحت السمة الغالبة على المجتمع، هي في الحقيقة نتيجة أزمة نفسية يعيشها الفرد في تعاطيه مع فكرة الأنا والمعرفة والحرية، فالمغرد "المستقعد" يفضل ألا يتكلم إلا لكي ينتقد رأي أحدهم فقط لأنه ملتح مثلا، أو فقط لكون مطلق الرأي امرأة، في حين نجد أن السائق في الطريق السريع يبدأ في مسابقة الريح عندما يرى أن أمامه سيارة تريد أن تتجاوز من أمامه رافضا السماح لها بالمرور وذلك في تجسيد لتحد سخيف يوهمك وكأن في ذلك حماية لرجولته وفحولته الاجتماعية. "الاستقعاد" أو التربص أو التحدي العدائي هي مرادفات أصبح المدير يراها أسلوب إدارة ويراه الموظف دليل ضعف، كما هوالحال للطالب الذي يتحول من مشروع إنسان ناجح لفتى يكره الذهاب صباحا إلى المدرسة لأن معلمه المرتبك على ذاته يفضل أن يحط من قدر التلاميذ أكثر من حرصه على تعليمهم ما يفيدهم ويساعد على تطورهم وتنمية قدراتهم. يقول المثل: (من راقب الناس مات هما)، وهو تماما الهم الذي استطاع أن يحول المجتمع من بيئة قابلة للتقدم إلى مجموعة بشر تغرق في بكائيات حالتها النفسية المتأزمة، فالجميع وفق المستقعدين لصوص ومهملون وانتهازيون، والقليل المتبقي من مجتمعه المتهالك كما يراهم مرتزقه يعيشون على عطايا المتنفذين، في حين يبقى هو الشريف الوحيد والخالي من أي عيب إنساني. لا أعلم كيف يمكن للبعض أن…
الخميس ١٤ مارس ٢٠١٣
في العاشر من مايو القادم نحن على موعد مع فعاليات مهرجان الفيلم السعودي، ولتعود إلى الواجهة الأحاديث والصراعات حول السينما والفن والإبداع في المجتمع السعودي، وليبدأ المتحمسون المؤيدون بسرد إثباتات أحقيتهم، وليعلن المخالفون معارضتهم، وليستمر الجمهور ينتظر ذلك اليوم الذي تخرج فيه الجهات الرسمية بقرارات حاسمة بهذا الشأن. شخصيا أنا مع وجود دور للسينما في المملكة، فكيف أقتنع بمنطق المخالفين، وقد كانوا يرددون فيما مضى أن القنوات الفضائية هي رجس وغزو فكري، وأصبحوا اليوم مشاركين وبحماس كبير في هذه القنوات، التي من خلالها يعملون على بث رسائلهم التوعوية وأجنداتهم الفكرية للجمهور في أجواء من الحرية المطلقة والاستفادة الإعلانية الكاملة. السينما مثلها مثل الإنترنت والصحافة والفضائيات، هي كلها وسائل تقوم ببث رسائل يتبناها أصحابها ومن يقف خلف ابتكار محتواها، والجمهور هو من يحدد ما يروق له وما يناسب ذائقته في أجواء من الوعي الكامل لديه بأن من يخرج عن أسس الطبيعة الإنسانية سيرفض ومع الوقت سيموت تلقائيا. الوصاية هي المشكلة في التعامل مع موضوع السينما في المملكة، فالقول بأنها ستخلق ثقافة دخيلة على المجتمع أدعوه بالتالي للمطالبة بمنع الإنترنت وإنزال أطباق الفضائيات، وليطلب كذلك بمنع المجلات النسائية وإقفال محلات بيع الأشرطة، وليجعل مصدر الإعلام الوحيد هو ما تصدره وسائل الإعلام الرسمية فقط وما تتداوله كتبهم التوعوية. لا شك في أن أي…