من يتحدث أقل يقلْ أكثر
في عصر السرعة والمعلومات التي تقابل الانسان وترافقه أينما اتجه، لم يعد الحديث الطويل هو المؤثر. ولهذا أصبح الناس وخاصة في ميادين العمل يفضلون الاختصار، وتجنب المقدمات الطويلة، والخطابات الانشائية. وخلال العقدين الأخيرين حدثت ثورة معلوماتية وظهرت وسائل اتصال حديثة متعددة حاصرت الانسان وجعلته مقيدا أمام كم هائل من الأخبار والمعلومات والأفكار والصور التي كانت في الماضي تصله عبر المذياع أو الصحف أو التلفزيون وأصبحت الآن تأكل وتشرب وتنام معه وترافقه أينما ذهب. الحقيقة أن الاختصار فن يحتاج الى مهارة وتدريب. من يطلْ الشرح والتفصيل قد لا يفعل ذلك عن رغبة وانما بسبب عدم القدرة على ايصال ما يريد أن يقوله عبر الاختصار. بعضنا يطيل معتقدا أن رسالته أو فكرته لم تفهم فيكرر ويضطر من يستمع اليه الى المقاطعة قائلا: الرسالة وصلت. أما من يصر على الاطالة والتكرار رغم وضوح ما يقول فيحتاج الى تدريب في مجال مهارات الاتصال. وحتى لا أطيل عليكم سأختم بمثال قرأته لكم: كان نائب رئيس احدى الشركات العالمية شخصا حريصا على الأداء المثالي لكنه كثيرا ما ينخرط في الثرثرة غير الهادفة، وقد أدى إخفاقه في توصيل رسائل مختصرة بفريق التنفيذيين الذي يعمل معه الى الإصابة بالملل، فقد شعر أفراد الفريق بأنه يهيمن على الاجتماعات بمناقشته الطويلة جدا لكل نقطة! بل إن الأسوأ من ذلك أنه…