الخميس ٣١ أكتوبر ٢٠٢٤
كان العالم كله ينتظر اليوم الذي سوف تعلن فيه مصر عن افتتاح أكبر متحف في العالم يضم كنوز الحضارة المصرية القديمة، وروائع ما أنتجته أقدم حضارة إنسانية على الأرض، والذي يُطلق عليه اسم المتحف المصري الكبير. وكان الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، قد أعلن قبيل الافتتاح أن المتحف سوف يتم افتتاحه جزئياً يوم الأربعاء الموافق 16 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي. وبالفعل حضر في اليوم الأول للافتتاح أكثر من أربعة آلاف زائر. والافتتاح التجريبي أو الجزئي بمعنى أدق يعني أن المتحف لن تفتح كل قاعاته وكامل خدماته أمام الزائرين. وبالفعل فإن القاعات التي تعرض كنوز الملك توت عنخ آمون لا تزال مغلقة أمام زائري المتحف المصري الكبير. وهي التي سوف يتم افتتاحها عندما يعلن الرئيس السيسي موعد الحدث الثقافي الكبير، يوم الاحتفال بافتتاح المتحف بالكامل. أما السبب الذي دعا الحكومة المصرية إلى اللجوء لافتتاح المتحف تجريبياً فهو ببساطة أن الظروف، سواء الإقليمية أو العالمية، غير ملائمة للإعلان عن حدث ثقافي مهم يُدعى لحضوره ملوك ورؤساء الدول! ولا يمكن أن يقام احتفال عالمي على أرض مصر، في ظل ما يحدث لبلادنا فلسطين ولبنان، وما تقوم به إسرائيل تَجرَّد من كل معاني الإنسانية، من مجازر وحرب إبادة لأهلنا في غزة والجنوب اللبناني. عوداً إلى المتحف المصري الكبير، فإن الزائر للمتحف يدخل أولاً من…
الخميس ٢٤ أكتوبر ٢٠٢٤
حضرت احتفالاً بالمتحف المصري بالتحرير، وذلك بمناسبة إقامة مقبرة داخل المتحف المصري لشخص يُدعى حسي-رع، وكان يعمل كبيراً للأطباء في عهد الملك زوسر، أول ملوك الأسرة الثالثة، أي منذ نحو 4700 عام تقريباً، وقد تمت إعادة بناء هذه المقبرة بالتعاون بين الجانبين المصري والفرنسي. وكان العالم الفرنسي أوجست ماريت، ومعه عالم آخر، هو جاك دي مورجان، قد قاما بالكشف عن مقبرة حسي-رع في شمال سقارة؛ داخل جبانة أطلق عليها اسم «جبانة النخبة» وذلك عام 1861. وبالمقبرة عَثُرا على 5 لوحات خشبية عليها مناظر بالنقش البارز البديع، تُمثل حسي-رع، سواء وهو واقف أو وهو جالس، إضافة إلى تسجيل ألقابه التي تُشير إلى أنه كان يعيش في القصر الملكي، خصوصاً أن مقبرته هي تقليد للعمارة في عهد الملك زوسر. وأهم ألقابه هو رئيس أطباء الأسنان، إضافة إلى لقب آخر مهم جدّاً، وهو رئيس الكتبة الملكيين. وهناك منظر رائع لأول مرة يظهر في المقابر، وهو تصوير أدوات الكتابة التي كان يستعملها حسي-رع، مثل القلم واللوحة وحقيبة الأصباغ. ونراه يظهر إما ممسكاً بهذه الأدوات في قبضة يده، وإما وهي موضوعة على كتفه. ما يشير إلى أن الكتابة كانت تمارس يومياً في إدارة الملك زوسر، الذي في عهده جرى بناء الهرم المدرّج على يد المهندس العبقري إيمحوتب. ونعتقد أن إيمحوتب وحسي-رع كانا أهم شخصين في…
الخميس ٢٢ أغسطس ٢٠٢٤
أشهر الفراعنة هم بالترتيب الملك توت عنخ آمون؛ لأن مقبرته كُشفت كاملة في وادي الملوك بالأقصر، والملك رمسيس الثاني، الملك المحارب الذي جلس على عرش مصر أكثر من 6 عقود من الزمان. والملك توت نال الشهرة العظيمة بعد أن قام عالم الآثار الإنجليزي هوارد كارتر بالكشف عن مقبرته بوادي الملوك، وذلك يوم 4 نوفمبر (تشرين الثاني) سنة 1922م، ولم يكن من الملوك المشهورين؛ حيث حكم وهو طفل في عمر التاسعة ولمدة لا تتجاوز 10 سنوات. أما الملك رمسيس الثاني فهو سيد الفراعنة، وتولّى الحكم بعد موت أبيه الملك سيتي الأول، وحكم نحو 66 سنة، وتزوّج بـ8 ملكات، وأنجب 100 ولد وبنت، وهو من المحاربين العظام، وأول فرعون يوقّع معاهدة، هذا إضافة إلى أنه أعظم البنائين. كان هذا هو ما تم الإعلان عنه خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد في مدينة كولون بألمانيا، وحضره المئات من الصحافيين ومراسلي الأخبار والمحطات التلفزيونية. تحدّث في المؤتمر السفير خالد جلال، سفير مصر بألمانيا، والدكتور محمد إسماعيل، أمين عام الآثار في مصر، الذي أعلن أن مصر تعرض آثار الملك العظيم رمسيس في ألمانيا هديةً من مصر للمواطن الألماني، وأنه يتوقع أن يصل زوّار المعرض إلى مليون شخص. كنت آخر المتحدثين في المؤتمر، وقلت إن هذا المعرض يعدّ من أجمل وأهم معارض الآثار الفرعونية، خصوصاً أن طريقة…
الخميس ٢٥ يوليو ٢٠٢٤
كتبتُ في هذا المكان كثيراً عن الاكتشافات الأثرية التي تمت بالمملكة العربية السعودية خلال السنوات الماضية. وقد وجدنا أن المملكة تزخر باكتشافات أثرية عظيمة، يعود تاريخ بعضها إلى عصور ما قبل التاريخ، وتؤكد هذه الاكتشافات أهمية الموقع الاستراتيجي لأرض الجزيرة العربية بين حضارات العالم القديم. وأعود اليوم للكتابة عن الاكتشافات الأثرية في مصر، وأبدأ بالحديث عن كشف أثري يُعدّ من أهم الاكتشافات الأثرية الحديثة. وقد اُختِير عن طريق الصحف والمجلات الأميركية والإيطالية المتخصصة بوصفه أهم كشف أثري في القرن الحادي والعشرين. إن أغلب الاكتشافات الأثرية الكبيرة تمت بالمصادفة تماماً، ويمكن القول إن الكشف الأثري الوحيد المهم الذي جاء نتيجة أبحاث ودراسة، هو الكشف الذي حققه هوارد كارتر بحثاً عن مقبرة الملك توت عنخ آمون، التي كشفها في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) 1922. وتبدأ قصة الكشف عن المدينة الذهبية بالأقصر، عندما كنت أبحث عن بقايا المعبد الجنائزي الخاص بالملك توت عنخ آمون، ووجدت أن أغلب معابد الملوك الخاصة بالأسرة الثامنة عشرة من الدولة الحديثة تم كشفها في البر الغربي من الأقصر. ونحن نعرف أن ملوك الأسرة الثامنة عشرة اختاروا وادي الملوك كي يكون مقراً يدفن فيه ملوك هذه الفترة. وقد بدأت الملكة حتشبسوت بناء مقبرتها في هذا الوادي، وقام الملوك بفصل معبد الشعائر الجنائزية عن المقبرة، لأن المعابد قبل ذلك كانت…
الخميس ١٨ يوليو ٢٠٢٤
أعلنت المملكة العربية السعودية عن الانتهاء من مشروع التنقيب الأثري في موقع حليت، الواقع في محافظة الدوادمي بمنطقة الرياض. وفي الحقيقة يعد موقع حليت من أكثر المواقع الأثرية التي أجريت به أعمال التنقيب الأثري، ما يدل على مدى أهمية الموقع الذي يعد من أقدم مستوطنات التعدين في الجزيرة العربية، ويعود تاريخه إلى العصر الإسلامي المبكر. وعلى الرغم من أن مساحة الموقع حوالي 200 متر طولاً و100 متر عرضاً، فإن الشواهد الأثرية تنتشر على سطحه بشكل ملحوظ، خصوصاً مع وجود كسر الأواني والأدوات الفخارية والزجاجية، وكذلك الكم الكبير من الرحى والمدقات الحجرية المستخدمة في تطويع المعادن... وظل موقع حليت أحد مواقع التعدين خلال العصرين الأموي والعباسي. وقد ورد ذكره في المصادر التاريخية المبكرة باسم «معدن النجادي»؛ نسبة إلى مالكيه من أبناء «نجاد بن موسى بن سعد بن أبي وقاص» (رضي الله عنه). وقد أظهرت نتائج الأبحاث الكشف عن سوق المستوطنة، والمكون من وحدات معمارية وغرف متلاصقة ذات مداخل جانبية بالقرب من المسجد المكتشف من قبل. وتنوعت أشكال وأحجام مجموعات المدقات والأدوات التي كانت تستخدم في التعدين. ويبرز دور الموقع بصفته من أهم مواقع التعدين بالجزيرة العربية قديماً. ومن ضمن أهم ما تم العثور عليه عملة تعود إلى عام 85 هجرية، ومثقال وزن يحوي كتابة عربية مبكرة. ويعد موقع حليت الأثري من…
الخميس ٢٣ ديسمبر ٢٠٢١
توثق جبال حمى نجران أولى محاولات الإنسان في كتابة الأبجدية القديمة بالجزيرة العربية وكانت أيضاً مسرحاً للقوافل التجارية. تضم هذه المنطقة نقوشاً صخرية وكتابات عربية ومنشآت أثرية جعلت الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان آل سعود، وزير ثقافة المملكة العربية السعودية، يوفر كل الإمكانات للحفاظ على الموقع التراثي الهام، لكي يصبح ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو. تقع العديد من المواقع الأثرية الشهيرة بالمملكة العربية السعودية إلى الشمال من نجران بحوالي 130 كم مثل: جبل صيدح وجبل حمى وموقع عان جمل وشسعا والكواكب الغنية بالنقوش والرسوم الصخرية في أكبر تجمع من نوعه لهذا الفن القديم. وإلى جانب الرسومات المحفورة على الصخر هناك كتابات يعتبرها العلماء أولى محاولات الإنسان لكتابة الأبجدية القديمة. وتعتبر هذه الرسوم والنقوش الصخرية شاهداً تاريخياً على المحاولات الأولى للإنسان لتطوير الأبجدية القديمة التي تعرف باسم المسند الجنوبي الذي ساعدت حركة التجارة على انتشاره حيث أصبحت المنطقة الممتدة من آبار حمى مسرحاً للقوافل التجارية كجزء من الطريق البري القديم. وكان الذين يرتادون هذا الطريق يسجلون ذكرياتهم ورسوماتهم بالخطين الثمودي والمسند الجنوبي على امتداد الطريق وحول مصادر المياه والكهوف وفي سفوح الجبال عند آبار حمى. ويضم موقع حمى الأثري أيضاً 7 آبار يحيط بها الكهوف والجبال وهي مليئة بالرسوم والنقوش الصخرية التي تعددت موضوعاتها ومن أهمها مناظر الصيد…
الخميس ١١ نوفمبر ٢٠٢١
أعلن الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة التراث ورئيس اللجنة الوطنية للتربية والعلوم والثقافة، نجاح المملكة العربية السعودية في تسجيل منطقة «حمى الثقافية» بنجران ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو). لقد تم وضع حمى على قائمة التراث العالمي باعتبارها تراثاً إنسانياً ذا قيمة استثنائية. وأكد الأمير بدر بن عبد الله، أن تسجيل حمى الثقافية هو ثمرة مجهودات المملكة في الاهتمام بحفظ التراث الوطني الذي يحظى بدعم واهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع. هذا الاهتمام بالإرث الثقافي يأتي ضمن «رؤية المملكة وتطلعاتها حتى 2030»؛ كما أنه يأتي ضمن خطة المملكة للحفاظ على الهوية الوطنية والثقافية. وقد أصبح من الجلي، أن المملكة تسير وفق خطة علمية نحو تطوير وتسجيل مواقعها التراثية والتعريف بها ونشر الوعي بأهمية حفظ التراث بين فئات المجتمع السعودي ليكون الجميع شركاء في الحفاظ على التراث. أما عن حمى الثقافية بمنطقة نجران، فهي الموقع السادس على قائمة اليونيسكو للتراث العالمي الذي تم تسجيله خلال اجتماع اليونيسكو في دورتها الرابعة والأربعين بمدينة فوزهو بالصين في يوليو (تموز) الماضي. يأتي هذا بعد نجاح المملكة في تسجيل موقع الحجر (مدائن صالح) في…
الخميس ٠٤ نوفمبر ٢٠٢١
منذ مطلع القرن التاسع عشر ظهر ما يعرف اصطلاحاً بالثورة الصناعية في أوروبا، وسرعان ما بدأت تنتشر رويداً رويداً في باقي أنحاء الأرض؛ وبدأ منذ ذلك الحين حدوث التغيرات الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية في المجتمعات التي طالتها سواء الثورة الصناعية أو حتى إرهاصاتها. وحقيقي أن المجتمعات بدأت تنمو بسرعة وتتجه نحو زيادة الاهتمام بالتعليم والصحة والبحث عن سبل الارتقاء بمستوى معيشة البشر، إلا أن هذه الثورة كانت أيضاً السبب في العديد من المشكلات والآثار السلبية التي لا يزال العالم إلى يومنا هذا يبحث لها عن حلول، وعلى رأس هذه المشكلات ما يعرف بـالتغير المناخي أو الاحتباس الحراري، وكذلك استنزاف مصادر الطاقة والموارد الطبيعية من على كوكب الأرض. ومما لا شك فيه أن إحلال الآلة محل يد العامل في الصناعة أدى إلى اندثار، بل واختفاء العديد من الحرف والصناعات اليدوية التي أصبحت مجرد ذكرى من زمن مضى. إلا أننا نكون قد تجاوزنا الحقيقة في اتهام الثورة الصناعية بأنها العامل الوحيد في اندثار الحرف والصناعات اليدوية! فهناك أسباب أخرى عديدة سنناقشها بإذن الله في مقال آخر. ومنذ نهايات القرن العشرين وبدايات القرن الواحد والعشرين بدأت العديد من بلدان العالم تدرك أن هذه الحرف والصناعات اليدوية هي جزء أصيل من تراثها الثقافي ومن ذاكرتها الأصيلة، ولا بد من تسجيلها وتوثيقها لأجيال قادمة، بل…
الخميس ٢١ أكتوبر ٢٠٢١
من أهم ما يميز هيئة التراث بالمملكة العربية السعودية هو النشر العلمي والدراسات التي يقوم بها العلماء المتخصصون في شتى المجالات الأثرية بالمملكة. وقد أرسل لي الدكتور جاسر بن سليمان الحربش، الرئيس التنفيذي لهيئة التراث، مجموعة كبيرة من الكتب المهمة من إصدارات هيئة التراث؛ والتي مكنتني بالفعل من معرفة كثير عن التراث الأثري بالمملكة، وما تحقق في السنوات الأخيرة من تطوير شامل لخطة المملكة لحفظ هذا التراث للأجيال القادمة. لم يقتصر دور هيئة التراث على إصدار الكتب والأبحاث فقط بل ونشر الرسائل الجامعية والمقالات العلمية. ولقد توقفت عند كتاب من تأليف الباحثة السعودية فاطمة بنت ضيف الله العبدلي بعنوان «الحياة الاقتصادية في نجران خلال القرن الأول الهجري - السابع ميلادي»، وهو أطروحة الباحثة لنيل درجة الماجستير في التاريخ الإسلامي من جامعة الملك خالد. هذا البحث العلمي يؤكد لنا أننا على مشارف حقبة يحمل فيها الباحثون والعلماء السعوديون لواء البحث العلمي في تاريخ وتراث بلدهم بعد أن كان معظم من يكتب عن آثار شبه الجزيرة العربية من خارج المملكة. صحيح أن التاريخ والتراث هما إرث إنساني ليس حكراً على أحد بعينه؛ ولكن أن يكتب عن التراث والتاريخ في بلد أو مكان معين ابن من أبناء البلد هو أمر يختلف كثيراً عما يكتب عنه الأجنبي عن الأرض وعن الثقافة؛ الأول عنده فهم…
الخميس ١٢ أغسطس ٢٠٢١
هناك العديد من البعثات الأجنبية التي تعمل وتنقّب وتسجل آثار المملكة العربية السعودية. وهذه البعثات تعمل مع فرق سعودية، حيث يتم توقيع اتفاقيات تعاون بينها وبين هيئة التراث التي تتبع وزير الثقافة الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، والرئيس التنفيذي لهيئة التراث الدكتور جاسر الحربش. وقد سبق ذلك الأمير سلطان بن سلمان، الذي ترك بصمة مهمة في بداية العمل الأثري، ويظهر وجود تناغم ورغبة في استكمال أعمال الأثريين منذ البداية حتى الآن. وقد وجدت من واجبي أن أعلن عن الاكتشافات التي تمت وتتم بالمواقع الأثرية والتي لا يعرف القارئ العربي عن تفاصيلها إلا القليل. فقد اتصل بي صديق سفير لإحدى الدول الأجنبية في القاهرة وعرف أني أكتب عن الاكتشافات التي حدثت في المملكة العربية السعودية، فطلب مني أن أكتب مقالات بالإنجليزية لنشرها في جريدة «الأهرام ويكلي» الناطقة بالإنجليزية لكي يعرف العالم الأسرار التي تبوح بها رمال الجزيرة العربية. قامت البعثة السعودية - الأميركية من جامعة ميامي بالتنقيب في موقع جرش الأثري بمنطقة عسير. ومن أهم ما عثرت عليه البعثة هو الكشف عن جزء من وحدة معمارية ذات جدران سميكة مبنية بمداميك حجرية ضخمة، يرجح أنها كانت جزءاً من حصن أو معبد يعود إلى فترة ما قبل الإسلام، ويتضح للبعثة أن هذا المبنى قد أعيد استخدامه خلال العصر الإسلامي المبكر…
الخميس ١٥ يوليو ٢٠٢١
استطاع الباحث السعودي د. نايف بن علي القنور أن يصور لنا أوضاع الحياة الاجتماعية في الجزيرة العربية من خلال دراسة الرسوم الصخرية التي عثر عليها، ويؤكد من خلال دراسته الشائقة التي نشرت في كتاب مهم أن المصادر التاريخية والاكتشافات الأثرية لا تمدنا بمعلومات كافية عن الأوضاع الاجتماعية، لذلك فإن دراسة الرسوم الصخرية يمكن أن تكون مصدرنا للمعلومات الكاملة عن حياة الإنسان في كل العصور سواء فترات ما قبل التاريخ أم العصور الحضارية، خصوصاً معرفة الظواهر الحضارية والثقافية والفنية. ومن أهم ما وصل إليه الباحث من خلال تلك الدراسة العميقة للرسومات الصخرية، هو أن الإنسان في الجزيرة العربية لم يكن بدائياً كما يعتقد البعض، خصوصاً أننا استطعنا أن نعرف أن الإنسان قد ترك لنا من إرث حضاري وفني ما يقدم لنا تصوراً في ضوء اللوحات الفنية التي أبدعها داخل الكهوف وسفوح الجبال. وقد ارتدى إنسان الجزيرة العربية منذ القدم ملابس لستر العورة في البداية، ثم تطورت للزينة والحماية، حيث تظهر لنا الرسوم الصخرية أشكالاً آدمية وهي مرتدية ملابس تزينها أدوات زينة مثل القلائد والأساور. ويعتقد الباحث أن أول كسوة كسا الله سبحانه وتعالى خلقه كانت كسوة آدم وحواء عليهما السلام، حيث كانت من شعر الضأن جزّاه ثم غزلاه فصنع آدم لنفسه جبة ولحواء درعاً وخماراً. وهذا يشير إلى أن اللباس في…
الخميس ٠١ يوليو ٢٠٢١
أظهرت الرسومات الصخرية التي عثر عليها بالجزيرة العربية مدى التقدم الذي عاش فيه الإنسان في المراحل التاريخية المختلفة، وخصوصاً عصور ما قبل التاريخ، ومنها العصر الحجري الحديث والعصر النحاسي. وقد استطاع الباحث السعودي الدكتور نايف بن علي القنور أن يقدم لنا بحثاً نشر في كتاب غاية في الأهمية أوضح فيه من خلال دراسة تلك الرسومات أن الرجل والمرأة في ذلك العصر كانا يلبسان ملابس تستر العورة وأخرى خاصة بالاحتفالات والتي تصنع من الجلد والصوف والكتان الذي كان يتم استبداله من المناطق الحضرية المجاورة أو كان يتم استيراده جاهزاً على هيئة لباس. وكان المصريون القدماء قد استعملوا الكتان في ملابسهم وكذلك في لف المومياوات، وهو ما يطرح تساؤلاً حول ما إذا كانت هناك اتصالات بين الفراعنة وبين الإنسان الذي عاش في الجزيرة العربية في ذلك الوقت. ويعتقد الباحث أن فكرة الاحتفالات التي تظهر في العصر المبكر بالجزيرة العربية جاءت من خلال استقرار الإنسان ومعرفة الزراعة واستئناس الحيوان وصناعة الأدوات المختلفة. لذلك ظهر أسلوب جديد لطرق المعيشة ونظم الحياة. فقد أوضحت دراسات الرسوم الصخرية أن الإنسان أقام الاحتفالات، بعضها بشكل يومي والبعض الآخر بشكل موسمي، ومثال ذلك الرقصات بأنواعها سواء الدينية أم الدنيوية. وقد اتضح من الرسوم وجود مناظر لاحتفالية يقوم بها أفراد تجمع بأوضاع مختلفة تعبر عن ثقافة ذلك التجمع. وقد…