السبت ٠٦ أكتوبر ٢٠١٢
قرأت في صوته حزناً و شبه يأس. زاد إلحاحي في السؤال عن نبرة الحزن في صوته فاعترف: لعلها أزمة منتصف العمر! علّقت ساخراً: تقصد أزمة آخر العمر يا صديقي؟ فصرخ معاتباً: «الشرهة» على من اتصل بك ظاناً أنه سيجد ما يواسيه في مكالمتك! ضحكنا قبل أن يبدأ درسنا في فلسفة العمر و الحياة: عرفت شباباً في عز الشباب لكنهم يعيشون يومهم بعقلية «قدمه على حافة القبر». لا يرون في حياتهم سوى البؤس و الإحباط. يلومون العالم كله في سوء أحوالهم لكنهم لا يعترفون بأي مسؤولية و لا يقدرون على خوض أي تجربة أو مغامرة. و مهما تحسنت أحوالهم فزمنهم يتوقف عند الثلاثين أو الأربعين من العمر. و في المقابل عرفت من دخل السبعين من العمر بروح شابة وثّابة لا تتوقف حياتها عند سن معينة. قال لي صديق لوالدي بلغ الثمانين من عمره أو أكثر إنه يشعر بحيوية لا يشعر بها كثير ممن في سن أحفاده. أصدقه. رأيته دائم الابتسامة، متفائلا…
الجمعة ٠٥ أكتوبر ٢٠١٢
كتبت ذات يوم هنا عن دبي وكيف باتت هذه المدينة التي سجلت حضورا عالميا ملفتا مزعجة لبعض المسؤولين عندنا، وكان عنوان تلك المقالة (دبي التي أتعبت السعوديين). كنت أقول أن كل من ذهب هناك يعود ليطرح سؤالا يقول: ولماذا لا يكون هذا عندنا؟ ما الذي ينقصنا؟ وكنت أقول كلما واجه سعودي مشكلة ما، أو تعقيدا ما، مع مسؤول ما، في إدارة حكومية أو في أي مكان سرعان ما يقول "في دبي لا يحدث مثل هذا"، وفي دبي يفعلون كذا ويخدمونك بكذا، وفي دبي يفكرون الآن بفعل كذا وكذا بينما نحن ما زلنا على حالنا الذي لم يتغير. قلت ذاك، وكنت أتمنى لو أن مثل تلك الأسئلة المحرجة، والمقارنات التي ما انفكت تطرح يوميا عندنا تكون محفزة لإحداث تغيير وتطوير، يساعدنا في الانتقال من حالة الثبات في كثير من أمورنا إلى مرحلة المنافسة ولن أقول مرحلة التفوق. أعود اليوم لأقول ألا يوجد شخص ما.. تستفزه تلك المقارنات، وذاك المديح الخاص بدبي…
الجمعة ٠٥ أكتوبر ٢٠١٢
آه، ليس هناك أسوأ من شتيمة الأزواج المطلقين، يعرفون تفاصيل بعضهم وفضائح سنوات «العشرة» الطويلة، ولا يستطيع أحد خارج البيت أن ينفيها أو يؤكدها، بل لا أحد يريد التدخل فيها. النظام السوري شريك شرير، ليس مثل الأردني يمكن طلاقه بإحسان، ولا مثل السلطة الفلسطينية. خالد مشعل طليق سوريا هو رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يعني رئيس الحركة. عاش في كنف دمشق أكثر من عشر سنوات وهنا تعيره دمشق الأسد بأنه ناكر للجميل لأنه انتقد جرائمها في مؤتمر الحزب الحاكم في تركيا. مشعل معروف بأنه ناكر للمعروف، في معظم سني عمله، لكنه هذه المرة محق في موقفه ضد النظام السوري بعد الجرائم المروعة التي يرتكبها منذ أكثر من عام. المضحك جدا أن سوريا وصفت بـ«الطبالة» الثلاثي مشعل، والرئيسي المصري محمد مرسي، ورئيس وزراء تركيا أردوغان، وكل الثلاثة كانوا حلفاء دمشق المخلصين قبل الثورة. في السياسة يلتقي الساسة ويختلفون، الفارق أن نظاما بشعا مثل الأسد لا يطيق أن يخالفه أحد ممن يعتبر…
الجمعة ٠٥ أكتوبر ٢٠١٢
ليست الوطنية أن تمتدح كلَّ شيء في الوطن. و ليست وطنية أن تُخوّن كلَّ من يشير إلى مواقع الخلل. و فكرة “إما أن تمدح أو أنت خائن” لم تصلح حتى في زمن الديكتاتوريات الشمولية فما بالك بها في عصر الإعلام الجديد. بعضهم يسيىء للوطن ظاناً أنه ينتصر له. في الوطن – أي وطن – تيارات و أفكار متباينة. المهم أن تقف كلها عند خط أحمر هو أمن الوطن و سلامته. لنختلف فيما بيننا على أفضل السبل لمواجهة المخاطر المحتملة. لكن لا نستغل الوطن لتصفية حسابات فكرية أو شخصية باسم الوطنية و الدفاع عن الوطن. فينا من يرى في البطالة أكبر مهدد لأمن الوطن. وثمة من يرى مهددا آخر أكثر خطورة. فينا من يرى في تأخير تنفيذ مشاريع التنمية ما يدعو للحذر. و فينا من يرى أن التنمية ليست أولوية. و الدعوة لمحاربة الفساد و المطالبة بمشاركة فاعلة كلها أفكار إيجابية تصب في نهاية المطاف في مصلحة الوطن. و أن ترى…
الخميس ٠٤ أكتوبر ٢٠١٢
يتحدث بعض الكتاب الخليجيين في التغيّرات المحتملة في المنطقة بعد الثورات العربية مبرزين اختلاف الظروف والمسببات التي أدّت إلى اشتعال الثورات في البلاد العربية (تونس، ليبيا، مصر، اليمن، سوريا) عنها في دول الخليج. وكذلك وجود الشرعيات الحاكمة، التي توافق عليها الشعب. كما يُعللون قوة هذه الشرعيات لأنها صانت خيارات المواطنين، ووفرت لهم مستلزمات الحياة الأساسية، بل والكماليات في بعض الدول. ولذلك، فإن هؤلاء الكتاب يرفضون حصول النموذج العربي في المنطقة، ويرون أن استمرار واقع الحال الهادئ والآمن والكريم أفضل من تغيّرات لا يمكن التنبؤ بنتائجها، وخصوصاً مع وصول "جماعات" إلى الحكم في بعض البلدان العربية لا تتصالح مع التاريخ، وقد تبدّلُ أوجهَ الحياة بعيداً عن التوجه الديمقراطي الذي أملتهُ الثورات العربية، وبتكريس "مرجعيات" دينية لا تؤمن بالديمقراطية قدر إيمانها بأجندتها الخاصة، التي لا تمثل بالضرورة كل فئات الشعب. أما بعض المفكرين الغربيين فيرون أن التغيّرات في العالم العربي إنما جاءت على أسسٍ محلية بحتة، وأن الثورات العربية لا تتشابه. وبالتالي…
جمال خاشقجيكاتب سعودي ويشغل حالياً منصب مدير قناة "العرب" الإخبارية
الخميس ٠٤ أكتوبر ٢٠١٢
العلاقة بين الفن والدين ليست جيدة، ليس عندنا فقط بل في الغرب أيضاً، ولكنهم في الغرب غير متدينين بالجملة، فبالتالي لا تظهر المشكلة عندهم بذلك الشكل الحاد الذي ينفجر عندنا بين آونة وأخرى. فالفنان يريد أن يكون حراً، لا تحده حدود ولا ضوابط، متدثراً بعبارة فضفاضة هي «الإبداع»، ومكرراً لجملة صادقة «القيود تحد من الإبداع»، لذلك لا أتوقع أن تهدأ هذه العلاقة المتوترة، خصوصاً عندنا، فنحن متدينون بالجملة، بل حتى المقصر منا لا يحتمل أي إساءة للدين، ولكن بعضنا يتوسع في محاولة إلزام الفن بحلال وحرام الدين، فالممثل عبد من عباد الله، عليه أن يلتزم بأوامره ونواهيه، وهنا مساحة شائكة لن أدخل فيها تحاشياً أن تكون من الحمى الذي إن حمت حوله وقعت فيه. هذا القياس غير موجود في الغرب، فالأديان ومقدساتها مساحة مشاعة، ولا تتردد السينما هناك في تجاوز كل الخطوط الحمر، تحتج الكنيسة، وجمعيات «المراقبة» الأهلية، أحياناً يتظاهرون ولكن في النهاية يمضي السينمائي بمشروعه، وكذلك المشاهد، أفلام ومسرحيات…
محمد خميسمحمد خميس روائي صدر له من أمريكا رواية لفئة المراهقين بعنوان "مملكة سكابا" ، وله باللغة العربية مسرحية أدبية بعنوان "موعد مع الشمس"
الخميس ٠٤ أكتوبر ٢٠١٢
إذاً أبناء من؟ هؤلاء من نراهم يتسكعون في الشوارع والمراكز التجارية، بهيئات غريبة وكأنهم سكان كوكب اخر. لا بد لهؤلاء ان يكونوا أبناء أحد، المنطق يحتم ذلك، ولا استبعد ان يمر أحدنا بجنب إبنه دون ان يتمكن من التعرف عليه، فالأبناء خارج المنازل وبعيداً عن الرقابة، لا يعودون من نعرفهم، فهم يتقمصون ادوار اخرى، ادوار لطالما رغبوا ان يلعبوها، لأنها ببساطة "كول"، والسبب الرئيسي هو فشلنا في منحهم مثل أعلى "كول"، فنحن بالنسبة لهم ليس سوى " دقة قديمة" نتحدث بمفردات من لغة تنتمي الى عصور الجهل، ما نحن سوى اسطوانة "سي دي" مشروخة، تعيد وتردد على مسامعهم، أوامر وإملاءات، إن لم ينفذوها، فسوف تتبع بتهديدات بالغة القسوة، نستعرض فيها سلطتنا عليهم. لا تعتقدوا إنهم لا يستشفون من طريقة حديثنا معهم، إن صغر سنهم هو سبب تسلطنا عليهم، واننا وبسبب إحضارهم الى هذه الحياة، منحنا أنفسنا الحق في المَن عليهم، واذا أحببناهم فلا يعني ذلك لأنهم يستحقون الحب، وإنما لأننا…
مازن العليويكاتب سوري في صحيفة الرؤية الإماراتية، ويعمل حاليا في مجال إعداد البرامج الحوارية الفضائية
، رئيس قسمي الثقافة والرأي في صحيفة "الوطن" السعودية اعتبارا من عام 2001 ولغاية 2010
، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر)، واتحاد الصحفيين العرب، بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، لديه 3 مجموعات شعرية مطبوعة
الخميس ٠٤ أكتوبر ٢٠١٢
في مختلف الظروف يكون الأدباء الحقيقيون لسان حال الناس، فيوثقون للمرحلة عبر أعمال روائية وقصصية وشعرية. ومن حكايات تاريخ الإنسان والمكان التي يدونونها تعرف الأجيال اللاحقة ما جرى ذات زمن. وكم من الأزمات والكوارث أو الإنجازات في مراحل من تاريخ الدول عرفنا كثيرا من خفاياها من كتابات المبدعين. في سورية، لا يعمل النظام اليوم على تكميم أفواه الأدباء فقط، بل قد يقتلهم ويسجنهم، ولعله بذلك يريد القضاء على الأسماء القادرة على كتابة تفاصيل الحياة اليومية التي يعيشها المنكوبون والمشردون من أعماله ومجازره وقذائفه وصواريخه في حرب يشنها ضد شعب لم يطلب أكثر من الحرية، ويعتزم النظام بآلته الحربية أن يجعل الشعب يدفع ثمن الحرية باهظا كما لم يدفعه غيره. اعتقل النظام كثيرا من الكتاب والمثقفين في أغلب المدن وقتل بعضهم، وهنا سأتحدث عن دير الزور المحاصرة التي بدأت أخبارها أخيرا تظهر على وسائل الإعلام، فما يصل من أخبار أدبائها الذين عرفوا بالتصاقهم بالأرض والبشر، يشير إلى وجع كبير ألمسه من…
الخميس ٠٤ أكتوبر ٢٠١٢
لماذا يقرر الإنسان أن ينتحر؟ لابد أن لحظات يأس قاسية سيطرت على تفكيره فلم يعد يرى باباً مفتوحا أمامه. بإمكان خبراء علم النفس و الاجتماع أن يكتبوا المقالات الطويلة في أسباب الانتحار وظروف المنتحر. لكن الحقيقة أننا أمام حالات متزايدة من المنتحرين في مجتمعنا. وما تلك إلا صورة من صور الإحباط والتذمر المنتشر بين قطاعات واسعة من شبابنا. من الخطأ أن نكون في مكاتبنا المكيفة أو في منازلنا الفارهة ونلوم “المنتحر” على ما أقدم عليه. نحن – بأشكال كثيرة – شركاء في المسؤولية. البطالة المخيفة لها إفرازاتها الاجتماعية الخطرة، الشعور بالظلم والحرمان وسوء الحال تقود الإنسان أحياناً إلى ما قد لا يخطر ببال. وعلينا أن نتذكر أن نسبة الشباب هي الغالبة في مشهدنا السكاني. المجتمع بكل مؤسساته ملام في حالات الانتحار التي تحدث من وقت لآخر بغض النظر عن الأسباب وظروف المنتحر. الأخطر أن تتزايد هذه القصص حتى تصبح حدثاً “اعتيادياً” فلا نحرك ساكناً ولا نشعر بلحظة ألم تجاهه. أن…
الخميس ٠٤ أكتوبر ٢٠١٢
و«الصبح إذا تنفس». لظرف معين أو بسبب حالة نفسية معينة قد يطوف أحدنا «قيلولة» الظهر يوماً، فينام باكراً فيصحو بعد الفجر «خايس من الرقاد»، ولا يجد في نفسه قدرة على العودة إلى النوم بعد الصلاة، ربما ذات يوم يقرر أن يذهب إلى الدوام بعد الفجر مباشرة نوعاً من التغيير، والتغيير دوماً مفيد! ما أجمل شوارع مدننا عندما تكون فارغة، لا يمكن تخيل كم وعدد الزوايا التي يمكن منها التقاط صور رائعة، كل شيء منظم وجميل، ولكن للأسف بعد نصف ساعة لن يبقى لدى أي مارٍ بهذه الشوارع ترف النظر لها بهذه الطريقة. من ألطف الأمور التي شاهدتها أن حديقة دوامنا فيها مجموعة من الدجاج وديك واحد، بالطبع مشهد جميل وظريف، خصوصاً مع عقدة الرجل الشرقي الشهيرة، وحسده الدائم للديك صاحب الـ«أكثر من دجاجة»، سألت حارس الدائرة ففاجأني: يا باشا الديك ده موجود من أيام ما ناصر خميس كان ماسك النص! فعلاً كم من جمال نمر به في ما يعرف بالحياة…
الأربعاء ٠٣ أكتوبر ٢٠١٢
ليس من الإنصاف الحديث عن بطالة النساء بمعزل عن بطالة الذكور، لكن بطالة الذكور على الأقل تواجه حقائقها مثل فشل وزارة التخطيط وتعثر برامج العمل ونقد مخرجات التعليم وما يصاحبها من أسباب الفساد الإداري والمالي، فيما ظلت بطالة النساء تتستر بممانعة العرف والتقاليد، وصعوبة الحركة وغياب التشريعات. لكن المكاشفة الحقيقية ليست هنا، بل في الأرقام التي تقول إن قوة العمل النسائية في السعودية بلغت خمسة ملايين امرأة من مجموع تسعة ملايين، لا يعمل منهن سوى نصف مليون امرأة، (أي أن نسبة بطالة النساء بلغت 90 في المئة من قوة العمل النسائية)، والفضيحة الكبرى حدثت حين فكرتْ وزارة العمل في جبْر عثرات الباحثين عن عمل بمعونة موقتة تسمى «حافز»، فتقدم - بحسب آخر تصريح لوكيل وزارة العمل - 1.6 مليون امرأة، في مقابل نصف مليون شاب، (أي أنه في مقابل كل شاب يبحث عن عمل توجد ثلاث باحثات عن عمل)، فكادت الحكومة تقول: «هوّنا». نصف مليون امرأة (أي ما نسبته 10…
زياد الدريسكاتب سعودي؛ كان سفيراً لبلاده في منظمة اليونسكو
الأربعاء ٠٣ أكتوبر ٢٠١٢
في حفل أقامته منظمة اليونسكو، يوم أمس الأول، لتنصيب د. حياة سندي سفيرة للنوايا الحسنة في مجال العلوم، ألقيت بصفتي المندوب الدائم للسعودية لدى المنظمة، كلمة هذه مقتطفات منها. ما يجري الآن في احتفاليتنا هو مشهد مغاير لما يجري خارج أسوار اليونسكو، الأسوار الحسية والمعنوية. فالاحتقان الذي يلفّ العلاقة بين الشرق والغرب بسبب إقدام بعض الغربيين، ولا أقول الغرب، على صنع الأفلام الاستفزازية والرسوم المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتجاوب بعض المسلمين، ولا أقول الإسلام، لهذه الاستفزازات باحتجاجات غير منضبطة وغير عادلة هو مشهد في العلاقة الإنسانية يبعث على الأسى. لن أدخل الآن في تفاصيل تحديد الجناة من الجانبين، فقد تحدثت عن هذه الواقعة المؤلمة بإسهاب في مقالتي للأسبوعين الماضيين في صحيفة «الحياة»: (حرية التعبير) و (الفيلم المسيء .. الشعب المسيء). أتحدث بسعادة الآن عن مشهد آخر لهذه العلاقة، فها هي منظمة دولية عريقة تقودها امرأة غربية محترمة تكرّم اليوم امرأة عربية مسلمة بأرفع ما يمكن أن تعبر…