الثلاثاء ١٣ نوفمبر ٢٠١٢
يبدو أن بشار الأسد استشعر قرب نهايته بعد التحركات الأخيرة لحلفائه الروس في المنطقة. في السياسة، أقرب حلفائك يمكن أن يبيعك في لحظة. الأهم أن بشار الأسد أيقن أن ملايين السوريين الذين خرجوا -في العلن- يطالبون برحيله، وضحّوا بأرواحهم في سبيل حريتهم، لن يتوقفوا للحظة واحدة عن قرارهم في الخلاص من نظام دموي أفسد ودمر كل شيء في حياتهم. في مقابلته الأخيرة مع روسيا اليوم، تستطيع أن تقرأ ملامح الهزيمة في وجه الأسد. لقد ردد ما قاله الطغاة من قبله: لن أرحل من بلادي وسأموت فيها. هو يدرك اليوم أن ما قيل عن «خروجه الآمن» لم يعد ضمانة أكيدة في ظل التحركات الروسية الأخيرة. وستكون مسألة مخجلة لأي دولة تجرؤ على حماية طاغية ارتكب جرائم حرب قلّ نظيرها على مر التاريخ. المعارضة السورية، من جهة أخرى، بدأت تلم شملها وتوحد صفوفها. والجيش الحر يحرز كل ساعة تقدماً نوعياً في عملياته على الأرض السورية. والمجتمع الدولي بات على قناعة بوجوب رحيل…
الإثنين ١٢ نوفمبر ٢٠١٢
نشتم أميركا صبح مساء، ونحتفل بأي دمار يلحق بها. نتشفى منها في حالة الجائحة ونستعجل سقوطها بسبب ترنح الدولار أو تدافع الإعصار وكأننا لو سقطت أميركا عن مكانتها الأولى عالمياً سنخلفها على الفور في اليوم التالي ونجلس مكانها لقيادة العالم. كانت انتخابات الرئاسة الأميركية خلال الأسبوع الماضي محط أنظار العالم العربي وفاكهة مجالسهم وسيدة نقاشاتهم، وكانت الحيرة تضرب أطنابها بينهم فليس أمامهم سوى خيارين أحلاهما كما يرون مرُ. يريدون تغيير أوباما الذي خذلهم ولم يصنع لقضاياهم الأزلية شيئاً، لكنهم بالمقابل لا يريدون الجمهوري اليميني المورمني المحافظ رومني الذي كان نتنياهو من أكثر المناصرين والمقترعين لفوزه. في النهاية، كان لا بد من فائز ولو بضربات الترجيح، وهكذا فاز أوباما في الأشواط الأصلية وتدافع المهنئون يتقاطرون تباعاً. وكان اللافت أن الشامتين الشاتمين لصاحبة الفخامة أميركا هم الذين أتبعوا تهانيهم "بمعاريض" وخطابات استجداء ورجاء بين يدي قائد أكبر وأقوى دولة في العالم، فمن جهته طلب الرئيس الفلسطيني محمود عباس ضمن تهنئته أن يتولى…
محمد فاضل العبيدليعمل محرراً في قسم الشؤون المحلية بصحيفة "أخبار الخليج" البحرينية، ثم محرراً في قسم الديسك ومحرراً للشؤون الخارجية مسؤولاً عن التغطيات الخارجية. وأصبح رئيساً لقسم الشؤون المحلية، ثم رئيساً لقسم الشؤون العربية والدولية ثم نائباً لمدير التحرير في صحيفة "الايام" البحرينية، ثم إنتقل للعمل مراسلاً لوكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب) كما عمل محرراً في لوموند ديبلوماتيك النشرة العربية.
الإثنين ١٢ نوفمبر ٢٠١٢
من تلك السنوات السوداء للحرب الأهلية اللبنانية، ثمة قصة تظهر لنا المعدن الحقيقي لرجل الدولة. فمع تقسيم بيروت، كان القسم الغربي من المدينة يغرق في ظلام دامس في ظل وجود محطات الكهرباء في القسم الشرقي منها، هكذا كان على سكان بيروت الغربية أن يعيشوا في الظلام والانقطاع المتكرر للكهرباء. ومن قلب الظلمات، اعتقد المواطن العادي بل وحتى بعض الساسة أن الحل يكمن في بناء محطات كهرباء في بيروت الغربية، وهكذا بدأت الأصوات تتعالى بهذا الطلب، بل إن بعض الساسة اللبنانيين بدأوا يضغطون على رئيس الوزراء في ذلك الوقت الدكتور سليم الحص لبناء مثل هذه المحطات. ظاهرياً، يبدو المطلب مشروعاً ومنطقياً يمكن أن يسهم في إنهاء معاناة سكان بيروت الغربية، مع هذا فإن "الحص" رفض القيام بذلك بإصرار برغم تهديد بعض وزراء حكومته له باستهداف حياته. لقد قال الرجل إنه إذا بنينا محطات في بيروت الغربية فإننا سنكرس تقسيم المدينة. كان ذاك في منتصف الثمانينات من القرن الماضي، في وقت لم…
الإثنين ١٢ نوفمبر ٢٠١٢
أستعير العنوان أعلاه من حوار أجريته قبل يومين مع الدكتور خالد بن سكيت، أكاديمي في كلية العمارة والتخطيط، جامعة الملك سعود. فوضى المدينة وسوء تخطيطها وقلة خدماتها وغياب حدائقها وتلوثها كلها مما يندرج تحت ظلم المدينة. الدكتور خالد يروي أنه قابل في ألمانيا سيدتين عرف لاحقاً أنهما شقيقتان. واحدة عاشت مع أبيها في دمشق والثانية مع أمها في ألمانيا. قال: رأيت ظلم المدينة على وجه التي عاشت مع أبيها في الشام! المدن التي لا تضم بين أحيائها حدائق وملاهي للأطفال وأماكن ترفيه عائلي .. مدن باهتة لا لون لها ولا طعم، والمدينة التي تضيع فيها ساعات طويلة من يومك في زحام الشوارع وحفرياتها تنهكك وتسرق وقتك ولا تمنحك وقتاً للتفكير والإبداع. مدننا اليوم نسخ من بعضها في سوء التخطيط وأخطاء التنفيذ وتسليم عنق المدينة لأجهزة بيروقراطية لا تعرف إحداها ماذا تفعل الأخرى. يضحكني من يقول إن بناء الإنسان يأتي قبل بناء العمران، ننسى أن الإنسان ابن بيئته، والبيئة تشمل المكان…
الأحد ١١ نوفمبر ٢٠١٢
يقبع مقهى كُتّاب في زاوية من زوايا معرض الشارقة للكتاب، وبالتحديد «يساراً جهة القلب». والمقهى الذي يقدم لزبائنه القهوة والكتاب معاً ليس سوى فكرة عبقرية أخرى من أفكار دار كُتّاب الإماراتية لجعل القراءة وارتياد المكتبات عادة يومية لا تختلف كثيراً ـ أو حتى قليلاً ـ عن عادة احتساء القهوة وارتياد المقاهي. الجميل في هذا المقهى أنك تستطيع أن تستمتع بكوب «إسبريسو»، وتستمع، في الوقت نفسه، إلى «حكايات خرافية» على لسان رواد المقهى وزواره من الكُتّاب أو حتى «على لسان الطائر الأزرق»! ودار كُتّاب إن شئتم هي «الغيمة رقم 9» التي يجب أن نصلّي حتى لا تنقشع من سماء الساحة الثقافية في الإمارات. فمنذ ولادتها قبل أعوام أصبحت «أيقونة حلم»، وأصبح معها «للحياة مذاقاً آخر». ركن دار كتاب في معرض الشارقة هذا العام مكتظّ بالكتب والإصدارات الجديدة، هذا غير الحديث الذي يفتحه صاحب الدار جمال الشحي مع زواره عن الكتب: فلكل كتاب حكاية، ولكل حكاية مصدر، والمصدر قد يكون «فلسفة مراهق»…
الأحد ١١ نوفمبر ٢٠١٢
كل ذنبه أنه كان جارنا، وأنه كان «سردار» لا أعلم من الذي كان سبباً في تلك الشائعات الجنونية التي تحاك حوله بأنه يشرب دماء الأطفال، ويطهو لحومهم، والتي جعلتنا نحيل حياته وعائلته إلى جحيم ونحن نؤمن في تلك الأيام بأن ما نقوم به كان نوعاً من «الجهاد المقدس». كنا نجتمع في مجموعات «منظمة» تحوي كل مجموعة ثلاثة أو أربعة من الأطفال.. المجموعة الأولى كان دورها أن تقف أمامه حين يخرج من سكنه وهو يرتدي تلك العمامة الشهيرة، ثم تقوم بتشبيك الأصابع على هيئة سيفين متقاطعين والبصق عليهما، كان شنكر ينظر إلينا باستغراب ونحن نهرب من أمامه بعد أداء تلك «المهمة الجهادية»، ونحن نستغرب بدورنا لأن شنكر لم يغضب، وقد عرفت بعدها ب30 عاماً أن هذه الإشارة لا تعني شيئاً، وأنها كانت مجرد شائعة! بعد صلاة العصر وبعد انتهاء درس التحفيظ كانت المعنويات في القمة، فيقرر بعض المتحمسين منا إلقاء البيض على سيارته ويقوم الآخرون بدهنها أو تشخيطها بالمفاتيح.. دع عنك…
الأحد ١١ نوفمبر ٢٠١٢
في كثيرمن نقاشاتنا “صراخ” أكثر من “حوار”! ينطلق البعض منا في نقاشه بهدف إسكات صاحب الفكرة الأخرى وليس بهدف مناقشة الفكرة أو تفنيدها. ننظر كثيراً للطرف الآخر في المناقشة على أنه “خصم” لا صاحب فكرة نختلف حولها. ننسى كثيراً الفكرة ونترصد لصاحبها. ننطلق من منطلق “الخصومة” مع الرأي الآخر وليس من منطلق النقاش في الفكرة وتحليلها. استمع أو اقرأ تعليقات البعض على أي حوار يدور بين أصحاب فكرتين مختلفتين لتجد موقف “الخصومة” سيد المشهد. يقولون كثيراً “فلان أسكت فلان”. أو “مسح به البلاط”. أو “ألقمه حجراً”. قرأت مرة تعليقاً لمثقف شاب، تعجبني ثقافته وحماسته، وكان يعلق بأدب وفهم على بعض مقالاتي. لكنني ضحكت على بعض التعليقات المتشجنة على الموضوع. كتب أحدهم: ومسح به البلاط! يا أخي: الرجل لم يمسح بي البلاط ولا غير البلاط بل كتب رأيه المختلف -بأدب- مع رأيي. ما دخل البلاط في الموضوع؟ مرة اختلفت مع صديق حول فكرة لكنني في النهاية اقتنعت برأيه وعبّرت له عن…
السبت ١٠ نوفمبر ٢٠١٢
تجلس في أحد المجالس فتترنح الأحاديث بين آخر الفتاوى الغريبة وبين مواقف السياسيين وتصريحاتهم في المنطقة. فمعظم المنابر الإعلامية في عالمنا العربي مقسمة بين رجال الدين والسياسة؛ ولا تنتهي نشرة أخبار حتى يبدأ برنامج وعظي أو آخر للفتاوى المباشرة التي تتزاحم فيها اتصالات السائلين عن أحكام كل تفاصيل الحياة، بدءاً من حكم الاحتفال بالعيد الوطني، إلى كيفية تنشئة جيل قارئ ومثقف. وتبرز المشكلة الحقيقية عندما تُخَصَّص ساعات على التلفاز لتفسير الأحلام، وكأن الأمة قد فرغت من علوم الطب والاقتصاد والتكنولوجيا ولم يبق لها سوى تفسير الأحلام حتى تتصدر قوائم التنمية البشرية! لذلك يبدو الفرق واضحاً بين أمة مشغولة بتفسير الأحلام وأخرى مشغولة بتحقيقها. لا أدري لماذا ننتظر من رجال السياسة في منطقتنا العربية أن يحلوا جميع قضايانا الشائكة، ويبددوا الأزمات الاقتصادية، ويُنزِلوا السلام والاستقرار في المنطقة. وننتظر من رجال الدين أن يعطونا حلولاً في تربية أطفالنا، ويدلونا على أفضل الطرق لتنمية مهاراتنا الخطابية، ويخبرونا عن التاريخ والسيرة، ويقدموا نقداً أدبياً…
السبت ١٠ نوفمبر ٢٠١٢
لم يشغل مجلس الشورى السعودي بعد إعلان قرار الملك عبدالله بدخول المرأة المجلس كعضوة في الدورة المقبلة التي ستحل بعد أقل من ثلاثة أشهر سوى شيء واحد، أين سيجلس العضو الجديد؟ ولا ألوم المجلس الذي أعلن أمس على طريقة ارخميدس وجدتها وجدتها، فقد تقرر أن تجلس المرأة في الصالة نفسها، لكن بوضع فاصل بين الرجال والنساء كي تأخذ المرأة راحتها وتحافظ على خصوصيتها، ولا تدري ما هي خصوصية عضوة مجلس شورى في مكان عمل يضعها في محل الشورى المجتمعية. مجلس الشورى يكشف دائماً عن علاقة ملتبسة بالمرأة، والسبب أن هذا المجلس لم يأتِ من كوكب آخر، بل هو تمثيل لهذا المجتمع بطباعه وتجلياته الاجتماعية التقليدي منها والمنفتح، ولهذا فهو في بعض القضايا لم ينحُ إلى فك قبضة المجتمع عن بعض حقوق المرأة بقوة التشريع والنظام لحماية المواطن وحقوقه، بل وقف حائراً مثل أي رجل شارع عادي، كما في قضية حق المرأة في البطاقة الوطنية المدنية كي تثبت هويتها أمام الإدارات…
السبت ١٠ نوفمبر ٢٠١٢
تثور النقاشات هنا وهناك حول بعض السلوكيات في الفضاء الاجتماعي العام. أحياناً، تتركز هذه النقاشات حول مسألة قبول أمر أو رفضه، كأن ينادي شخص ما بقيادة المرأة السيارة فيرد عليه مخالفه بسؤاله: «هل ترضاه (أي قيادة المرأة السيارة) لزوجتك أو أختك أو ابنتك»؟ وأحياناً أخرى، تكون النقاشات حول مسألة الحكم الشرعي، ما حكم هذا الأمر من الناحية الشرعية، أحلال هو أم حرام؟ ومن المفترض بدهياً أن يكون هناك فرق بين المسألتين، مسألة القبول الشخصي لأمر ما وبين حكمه الشرعي. فالأصل في الأشياء الحلة، أي أن كل شيء حلال ما لم يُعلم دليل على حكم آخر له، كما هي القاعدة في أصول الفقه. لكن الغريب هو حدوث خلط شائع بين المسألتين، مسألتي الحكم الشرعي لأمر ما ومدى قبول الأشخاص أو ثقافة مجتمعاتهم بهذا الأمر. عنّت على بالي هذه المسألة وأنا أطالع تعليقات القراء في النسخة الإلكترونية لمقابلة مع رجل علم شرعي حول مسألة الاختلاط. فهذا الشيخ كان ممن يرى بحل الاختلاط…
السبت ١٠ نوفمبر ٢٠١٢
تلفت انتباهي تعليقات بعضهم على أي رأي لا يتماشى مع «موجة» الحكم الجديد في بلدان الربيع العربي؛ فما أن تعبر عن حذرك وقلقك إزاء ما آلت إليه الأوضاع في العالم العربي حتى يقفز من يتهمك بأنك «عميل» للأسر الحاكمة في الخليج أو أنهم «قد أسكتوك بالشرهة»! هؤلاء -بمجرد الاختلاف معهم في الرؤية أو الرأي- يقفزون لنتيجة قاطعة جازمة لا تقبل أي احتمال آخر: الشرهة! ولأن «الشرهة» متأصلة في ثقافتنا منذ أيام الجاهلية فمن السهل على بعضهم تمريرها وتبريرها وحتى البحث عنها. لكنني أسأل: لماذا الجزم بأن كل صاحب رأي يتقاطع أحياناً مع رأي السلطة في الخليج إنما يغازل به صاحبه شيخاً أو أميراً أملاً في «شرهة»! ولماذا نتهم كل من يختلف مع «الإخوان» في مصر بالانتماء لصفوف «الفلول»؟ وإن كان خليجياً فهو -قطعاً- قابض شرهة؟ يا أخي: أنا فعلاً قلق أن تعود الأوضاع في تونس ومصر إلى أسوأ مما كانت عليه. وأنا منذ ما قبل الربيع أتوجس خيفة من جماعات…
جمال خاشقجيكاتب سعودي ويشغل حالياً منصب مدير قناة "العرب" الإخبارية
السبت ١٠ نوفمبر ٢٠١٢
فوز الرئيس الأميركي باراك أوباما بأربعة أعوام أخرى يدير فيها الولايات المتحدة وبعضاً من العالم، خبر جيد لسورية وأيضاً لدول الربيع العربي. منافسه رومني لم يكن يختلف معه في مسألة دعم المعارضة وإسقاط بشار، ولكنه كان يحتاج على الأقل ستة أشهر حتى يفعّل أي سياسة تجاه سورية الدامية، التي لن تكون ضمن أولوياته لو فاز. ستة أشهر أخرى في سورية تعادل «دهراً» على الشعب، وآلافاً آخرين من القتلى والدمار، وتقديم أمل لبشار الأسد وحلفائه بأن ثمة فرصة له أن ينتصر، كيف ينتصر؟ لا يهم، انتصاره هو بقاء نظامه ولو على بلاد مدمرة مقسمة. في ما يخص بلاد الربيع العربي، فرومني كان سيحمل معه رؤية ضيقة متعصبة، تتوجس من حكم الإسلاميين، يكفي أنه سبق لسانه في المناظرة الأخيرة بينه وبين أوباما بفلوريدا، كشف كيف يساوي بين صعود الإسلاميين للحكم في انتخابات حرة هي الأولى في تلك البلدان مع سيطرة «القاعدة» على شمال مالي. رؤية كهذه كانت ستعطل على الأقل أفكاراً إيجابية…