الأحد ٢١ فبراير ٢٠١٦
الغالبية الساحقة ممن كتبوا عن الوهابية في الماضي أو الحاضر، بخاصة من غير السعوديين، لا يعرفون شيئاً عن التاريخ المحلي للجزيرة العربية قبل ظهور الحركة الذي أفضى إلى ظهورها، من ثم لا يعرفون عن هذه الحركة ما يبرر لهم اتخاذ موقف موضوعي منها يمكن القول إنه يستند إلى معرفة مباشرة ولصيقة بتاريخ هذه الدعوة. هناك ثلاث مساهمات كبيرة قامت بها الوهابية بعد إنطلاقها في وسط الجزيرة العربية في منتصف القرن 12هـ/18م. المساهمة الأولى أنها جاءت بفكرة الدولة المركزية إلى الفضاء الاجتماعي والسياسي للجزيرة العربية. بهذا يكون ظهور الوهابية بداية دخول الجزيرة إلى مرحلة العصر الحديث. وذلك بناء على أن الدولة السعودية التي نشأت آنذاك كانت البداية التي وضعت ركيزة سياسية للدولة الوطنية التي نعرفها الآن. الصفة الثانية أن ارتكاز الحركة إلى فكرة التوحيد وما ترتب على ذلك من محاربة صارمة لكل المعتقدات والسلوكيات التي تتعارض مع هذه الفكرة، جعل من الوهابية حركة أكثر ميلاً لمناهضة الخرافة والسحر والشعوذة، وبالتالي جعل…
السبت ٢٠ فبراير ٢٠١٦
شكل الأكراد، منذ بداية الحرب في سورية، وقبلها، الهم الأساسي لأردوغان، فحاول احتواءهم في الداخل. فاوض عبد الله أوجلان في سجنه، وتوصل معه إلى اتفاق على وقف الأعمال الحربية في الأناضول، وانسحاب المقاتلين إلى جبال قنديل في العراق، تمهيداً للبحث في مطالبهم ووضع حد للحروب المستمرة بين الطرفين منذ ثمانينات القرن الماضي، والتي راح ضحيتها مئات الآلاف. هذا في الداخل التركي، أما في الخارج فخطط لإقامة «منطقة آمنة» داخل الأراضي السورية بعمق ثمانين كيلومتراً، طالباً تعاون الحلف الأطلسي والأمم المتحدة. منطقة يجمع فيها النازحين العرب ليشكلوا درعاً تمنع الأكراد السوريين من السيطرة على الحدود، آخذاً في الاعتبار ما يشكله ذلك من خطر على بلاده، فضلاً عن أن النازحين، على ما كان يأمل، سيشكلون حاضنة للمسلحين الذين يقاتلون النظام السوري، فتكون المنطقة غطاء شرعياً لهم بحجة أنهم يدافعون عن مخيمات النزوح. لكن ما حدث كان عكس ما خطط له أردوغان تماماً. في الداخل انهارت الهدنة مع «العمال الكردستاني»، وعادت الحرب إلى…
السبت ٢٠ فبراير ٢٠١٦
تشهد المملكة العربية السعودية نموّ جيل جديدٍ غير متوقع من رائدات الأعمال على منصة إنستغرام. فقد توجّه عدد كبير من النساء في المملكة العربية السعودية إلى تطبيق انستغرام للشروع في أعمال تجارية يقمن بها إلى جانب وظائفهن اليومية، متخطيات بذلك القيود الصارمة التي يفرضها عليهن المجتمع. ويشكّل هؤلاء النساء جزءاً معتبراً مما يُسمّى الاقتصاد غير الرسمي للبلاد، ولا يدخلن في تعداد الـ 48% لنسبة نمو الموظفات السعوديات التي بلغت 806,000 بين عامي 2010 و 2014. وصرح السيد خالد خضير، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة »جلو وورك« في الرياض، أول شركة سعودية متخصصة في ربط الباحثات عن عمل مع الوظائف المتاحة عن طريق الإنترنت، التي أمّنت إلى الآن أكثر من 38,000 وظيفة نسائية، أنه يجب على الحكومة استغلال هذه الروح الريادية وتقديم تسهيلات خاصة للنساء لتشجيعهن على افتتاح محلات تجارية بصورة رسمية. بدأت آلاف النساء في المملكة العمل على انستغرام لبيع منتجات فريدة مثل الحرف اليدوية، الطعام، والملابس. إلا أنهنّ يواجهن تحديات…
السبت ٢٠ فبراير ٢٠١٦
أوجد الله -عز وجل- الإنسان على هذه الأرض وميزه عن بقية الكائنات الأخرى بالعقل والفكر، ومن خلالهما سخر له جميع ما تحويه الأرض من خيرات، لكن بعد أن يستخدم عقله وفكره، ويعرف كيف يستفيد منهما وكيف يتعامل معهما؟ من خلال هذا العقل والفكر عرف الإنسان القدرات والمواهب التي يتمتع بها، وعرف أيضاً ما هو أعمق من ذلك، كرامته وقيمته وإنسانيته، فأصبح يناضل من أجلها، لأنه بدأ يدرك أنه لا يمكن أن يعيش على هذه الأرض من دون هذه القيم العظيمة، وهي احترام هذه الروح قبل الجسد، احترام هذه النفس قبل أي شيء آخر، افتقادها يعني افتقاد إنسانيته التي ستحوله إلى كائن غير سوي أو (وحش بصورة إنسان). وفي ظل هذه الوحشية التي تعددت صورها من الظلم أو العدوان والتجني، أو التشهير والقذف، أو السلطة والتسلط على الآخرين من دون وجه حق، هنا يدق جرس الخطر لما سيولد من فوضى ومظلومية وعدوانية متبادلة بين الأفراد. وكل ما كان صاحب تلك الصورة…
السبت ٢٠ فبراير ٢٠١٦
ينتقد بعض الأوساط سياسة باراك أوباما في سوريّة، أو بالأحرى لا سياسته، بصفتها تعبيراً عن نزوع إمبرياليّ. وفي حدود ثنائيّة اليمين واليسار، وإن ضاقت شبكة المعارف التي تفيدنا بها هذه الثنائيّة، لا سيّما في الولايات المتّحدة التي لم تؤخذ بهذا التقليد «الأوروبيّ» أصلاً، فإنّ الإمبرياليّ «يمينيّ» أساساً، وإن ظهر في التاريخ الغربيّ الحديث ساسة «يساريّون» صُنّفوا أيضاً إمبرياليّين. وفي الحالات كافّة، ولأسباب لا تتّسع لها هذه العجالة، يبقى من السهل دائماً تنسيب ما هو مرفوض أو مكروه إلى يمينيّة ما. لكنْ يبقى من الصعب ربط النهج القائم على التخلّي والانكفاء بالإمبرياليّة وميلها الاقتحاميّ الراسخ. أمّا تقاسم مناطق النفوذ في العالم، بوصفه من السمات الملازمة دوماً للتوسّع الإمبرياليّ، فلا يستقيم مع ترك سوريّة، وربّما الشرق الأوسط برمّته، في عهدة بلدين كروسيّا وإيران. في المقابل، ولا سيّما في الولايات المتّحدة وأوروبا الغربيّة، ثمّة نقّاد يأخذون على سياسة أوباما السوريّة أنّها «يساريّة». أمّا الذين منهم لا يستخدمون هذا المصطلح تحديداً فيستخدمون المواقف والأفكار…
جمال خاشقجيكاتب سعودي ويشغل حالياً منصب مدير قناة "العرب" الإخبارية
السبت ٢٠ فبراير ٢٠١٦
بين مثقفين يدعون لاجتثاث خصومهم المفكرين، ودعاة يتهمونهم بالعداء للوطن، يعيش السعوديون حرباً طاحنة بين دعاتهم الدينيين ويمينهم المحافظ، وبين مثقفيهم وكتاب صحفهم، وتيار يقول إنه ليبيرالي. اخترت الانسحاب على رغم أنني تورطت في السابق في صراع التيارات السخيف هذا، والذي بت أسميه «ملهاة الرعيان» إذ لا تفارق مخيلتي صورة مسؤول حكومي يتابع على شاشة بلازما كبيرة اثنين من ممثلي التيارين يتبادلان التهم، ويلوح كل منهما بأوراق تدين الطرف الآخر، وكلاهما يزعم أنه الأحرص على الوطن، بل أحياناً يستدعي السلطة على خصمه، فيبدوان وكأنهما ديكان يصطرعان، فيضحك المسؤول، ليضحك معه جلساؤه، الذين يندر أن يعارضوه في رأي، ويقول: «دعهم يتصارعون فهم يحرقون أنفسهم بأنفسهم»، ولكن كل الأطراف تحرق هذا الوطن بهذا الصراع، بما في ذلك من يشجعه ويتركه بلا حسم، فتتجزر هذه الانقسامات الوهمية، وتتحول إلى قبائل سياسية تختصم حول «ناقة بسوس» وليس حول تكلفة إعاشتها وحقها في الرعي من عدمه، وجدوى زراعة علفها أم استيراده، أو حتى الجدوى الاقتصادية…
الجمعة ١٩ فبراير ٢٠١٦
لئن افترضنا القراءة باباً من أبواب النهوض والتقدّم. فإن السؤال الفوري هو لماذا لا يقرأ العرب؟ يعزفون عن القراءة فيما نتاجهم الإبداعي المكتوب حافل بكل ما يغري بالقراءة، ولغتهم واحدةٌ من أجمل لغات الدنيا لكنها مُهمَلة مرذولة كأنها تهمة أو جريرة. بَعضُ المجوَّفين فكرياً وروحياً لا يتوانى عن التباهي بعدم قراءة العربية(!) فهل صارت اللغة عالة على أهلها أم صاروا عالة عليها؟ العلّة ليست فيها حتى لو اعتلَّت بعض أحرفها، فما صرفُها ونحوها إلا بعض مكامن سحرها وجمالها لكن بعضهم لا يفقهون. نشدد على القراءة بلغتنا أولاً لأسباب كثيرة أتينا عليها في مقالات سابقة، لكننا نحثُّ على القراءة بكلِّ لغة متاحة. لن نعيد مقولاتنا الدائمة بضرورة القراءة مع أن في الإعادة إفادة. التذكير بالبديهيات صار لازماً في مجتمعات مُصابة بألزهايمر معرفيٍّ يجعل شعوبها شبه غائبة أو مغيبة عن الوعي، منشغلةً بماضيها وتركته، منصرفةً عن مستقبلها وما تخفيه أيامها الآتية. كيف تقرأ أُمَّةٌ ونسبةُ الأمية فيها تُقارب العشرين في المئة، فيما…
الجمعة ١٩ فبراير ٢٠١٦
داعبت فكرة تصدير النفايات مخيلة اللبنانيين فترة. يليق ببلاد الأرز ان تكون خالية من المهملات وأن توكل عبء معالجة بقاياهم المنزلية الى من يمتلك وقتاً وموارد يصرفها في علاج ما تخلف من استهلاك اللبنانيين سلعهم ومآكلهم وشتى امور حياتهم. اول ما حملته الإشاعات عن التصدير جاء بعد اسابيع قليلة من اندلاع أزمة النفايات في تموز (يوليو) الماضي. قيل يومها ان لبنان سيصدر نفاياته الى ألمانيا والسويد. اعتز اللبنانيون مثلما اعتزوا يوم استقبلوا الانتداب الفرنسي بأبيات الزجل عن «فرنسا أم الدنيا عموم. اعتزوا يا لبنانيي». صحيح ان بلدك سيقع تحت الاحتلال، لكنه الاحتلال الفرنسي المتحضر. وصحيح انك عاجز عن ايجاد حل لمشكلة ببساطة مشكلة نفاياتك المنزلية لكنك ستصدرها الى دولتين غربيتين صناعيتين. لم يدم اعتزاز اللبنانيين طويلاً. لقد تبين أن السويد وألمانيا تستوردان نفايات لكن ضمن شروط صارمة لاستخدامها لتوليد طاقة نظيفة. وبين النفايات التي تسمح لها الدولتان المذكورتان بدخول اراضيها وبين حالة النفايات اللبنانية، بون شاسع تجوز مقارنته بالبون الفاصل…
الجمعة ١٩ فبراير ٢٠١٦
تعيب طهران وحلفاؤها على المملكة العربية السعودية، ان إعلانها الاستعداد لإرسال قوات برية لمحاربة «داعش» في سورية، في إطار التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد الإرهاب، وتعتبر أن هدف الإعلان السعودي أن «يكون لها موطئ قدم في سورية»، كما قال الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله في خطابه قبل 4 أيام. لا حرج لدى القيادة الإيرانية في أن تهدد الرياض رداً على مبادرتها هذه آخذة عليها السعي الى دور في بلاد الشام، سواء في قتال «داعش»، أم في الحل السياسي للأزمة السورية، فيما هي، الجهة غير العربية، تصادر حق التدخل وتصعيد الحرب وانتهاك سيادة دول عربية والسعي الى قلب موازين قوى داخلية وتنصيب أتباع وتقويض مقومات الدولة ومؤسساتها في هذه الدول، تحت شعار «المقاومة»، وبحجة محاربة الإرهاب. ولا حرج أيضاً لدى طهران في ادعائها محاربة «داعش»، فيما المعارك التي تخوضها، وفق مواقفها المعلنة، تهدف الى حماية بشار الأسد من السقوط أمام الفصائل المعارضة المسلحة المتحاربة هي الأخرى…
الجمعة ١٩ فبراير ٢٠١٦
يصف الكاتب الإنجليزي «هارولد بنتر»، الحاصل على جائزة نوبل للآداب عام 2005، اللحظة التي ترى فيها الشخصيات المسرحية النور بـ«اللحظة العجيبة»، إذ إن الكاتب، بحسب وصفه، لا يلبث أن يدرك بعد أن يخلق تلك الشخصيات التي لم يكن لها وجود، بأنّه يحمل بين ساعديه كائنات من لحمٍ ودمّ، وتملك إرادة ورغبات مستقلة عن أهواء الكاتب. في السياق نفسه، تقول الأديبة السورية غادة السمان: «ليس صحيحاً أن الكاتب يخلق أبطال القصة. الصحيح هو أن أبطال قصته يستعبدونه. إنهم في البداية ينبتون في داخله، لكنهم ينفصلون عنه بسرعة وتبدأ حريتهم تأكل حريته». أما الروائي البرتغالي جوزيه ساراماغو، فيذهب أبعد من ذلك، عندما ينصح الكاتب بوضع سلاسل حول أعناق الشخصيات الروائية، ليتحكم في محاولات جموحها وجنوحها عن إرادته. فهذه الكائنات الورقيّة، التي يظنها الروائي دُمى، يحركها بخيوطه كيفما ووقتما شاء، ستقوم في غفلة منه بقطع الخيوط التي تربطها به، وتتحرّر من سلطته! هنالك كثير من الشخصيات، التي ابتكرها الأدباء، استطاعت مع مرور الوقت…
الجمعة ١٩ فبراير ٢٠١٦
في افتراضاته حول تحولات الرأسمالية، تصور كارل ماركس مرحلة يتجه النظام فيها صوب الطلاق الكامل ما بين الإنتاج والأرباح. بعبارة أخرى، أنك تجني الأرباح من دون إنتاج أي شيء على الإطلاق. وبمعنى من المعاني، فإن ذلك قد حدث بالفعل. فاليوم، على سبيل المثال، القيمة السوقية لعلامة «نايكي» التجارية هي أعلى بكثير من قيمة كل المصانع التي تنتج بضائع الشركة في جميع أنحاء العالم. فهل يمكن للمعادلة التي سحبها ماركس على رأس المال أن تنسحب مرة أخرى على العمل؟ بعبارة أخرى أيضا: كيف تكون الحال عند كسب كثير من الأموال من دون إنتاج أي سلع؟ ينتقل شرف اختراع هذه النسخة من النبوءة إلى الإيرانيين.. حسنا، إلى بعض من الإيرانيين على أفضل تقدير. لأكثر من عشر سنوات لم يكن الاقتصاد الإيراني قادرًا على خلق فرص العمل الكافية لموازنة الانفجار السكاني لفترة الثمانينات من القرن الماضي. وعلى الرغم من مستويات الهجرة العالية فإن النتيجة الملموسة كانت ارتفاعًا كبيرًا في معدلات البطالة، التي يبلغ…
الخميس ١٨ فبراير ٢٠١٦
بالتأكيد لن يُعاقب كل شخص يكتب باسم مستعار على وسائل التواصل الاجتماعي بالسجن والغرامة، غريب جداً أن يُفسر البعض المادة (9) من قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية، التي وافق المجلس الوطني في جلسته، أول من أمس، على مضاعفتها، في هذا الاتجاه، رغم وضوح الأمر. لا شيء جديداً في تعديلات القانون سوى تشديد العقوبة، ولا شك في أن الحكومة حينما تضطر إلى تشديد عقوبة ما، فإن ذلك ناجم عن ممارسات سيئة أو خطرة، تضر بالمجتمع، وتشكل خطورة عليه، لذا استدعى الأمر التشديد ومضاعفة العقوبة. وعلى الجميع ألا ينسوا أن العقوبة مربوطة بجريمة، لذا من لم يأتِ بفعل يُجرّمه القانون، فيجب ألا يهتم بمبلغ الغرامة، زاد أو تضاعف أو نقص، لأن المبدأ هو الابتعاد عن فعل الجريمة، مهما كان شكلها أو نوعها! لن يُعاقب من يكتب باسم مستعار، ما لم يخالف القانون، لا بالحبس ولا بالغرامة، ولن يعترض عليه أحد لأنه استخدم اسماً مستعاراً فقط، لكن إن اقترن الاسم المستعار بجريمة فهذه هي…