سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

مَنْ لا يرتكب جريمة لا يخف مِنْ تشديد القانون..

آراء

بالتأكيد لن يُعاقب كل شخص يكتب باسم مستعار على وسائل التواصل الاجتماعي بالسجن والغرامة، غريب جداً أن يُفسر البعض المادة (9) من قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية، التي وافق المجلس الوطني في جلسته، أول من أمس، على مضاعفتها، في هذا الاتجاه، رغم وضوح الأمر.

لا شيء جديداً في تعديلات القانون سوى تشديد العقوبة، ولا شك في أن الحكومة حينما تضطر إلى تشديد عقوبة ما، فإن ذلك ناجم عن ممارسات سيئة أو خطرة، تضر بالمجتمع، وتشكل خطورة عليه، لذا استدعى الأمر التشديد ومضاعفة العقوبة.

وعلى الجميع ألا ينسوا أن العقوبة مربوطة بجريمة، لذا من لم يأتِ بفعل يُجرّمه القانون، فيجب ألا يهتم بمبلغ الغرامة، زاد أو تضاعف أو نقص، لأن المبدأ هو الابتعاد عن فعل الجريمة، مهما كان شكلها أو نوعها!

لن يُعاقب من يكتب باسم مستعار، ما لم يخالف القانون، لا بالحبس ولا بالغرامة، ولن يعترض عليه أحد لأنه استخدم اسماً مستعاراً فقط، لكن إن اقترن الاسم المستعار بجريمة فهذه هي القضية التي تستدعي تغليظ العقوبة، وهُنا سيتدخل القانون ليعاقب الشخص، وفقاً لنص المواد القانونية الذي تم إقراره.

في السياق ذاته، لن يضطر إلى التحايل واستخدام «آي بي آدريس» مزور أو وهمي إلا من أضمر الشر، واتجه بقصد وتعمد لتنفيذ جريمة يعاقب عليها القانون، لذلك لا مجال للتهاون هنا، لأن الجرائم الإلكترونية هي التي فرّخت عناصر إرهابية، نشرت الفساد والعنف والقتل في أرجاء العالم، والتشديد جزء مهم للوقاية منها، ومكافحتها، وحماية المجتمع من هؤلاء وتأثيراتهم الفكرية السلبية.

استخدام أيٍّ كان عنواناً وهمياً، أو استخدام «عنوان عائد للغير»، من خلال إنشاء أو إدارة حساب يحمل اسم شخص آخر، بقصد الإساءة لهذا الشخص، أو التضليل، أو أي وسيلة أخرى يصدر عنها قصد جرمي، لابد من أن يوقع عقوبة، وبما أنه يستخدم وسائل من شأنها أن تضلل العدالة، وتُحول دون اكتشافها، فلابد هنا من مضاعفة العقوبة، فالجريمة لم تعد واحدة، بل أكثر من جريمة.

الجرائم الإلكترونية لم تعد شيئاً سهلاً، بل هي مقلقة، وأحياناً تتجاوز مرحلة الجرائم الخطرة إلى الخطرة جداً، وهي ليست مقتصرة على القدح والذم، إنها أكبر من ذلك بكثير، فهي تهدد الاقتصاد أحياناً، وتهدد أمن المجتمع في أحيان أخرى، وعلينا ألا نغفل جانب الإرهاب وتغلغله فيها بشكل مخيف، لذا لا يمكن تركها في دائرة الجنح البسيطة، فهي ليست كذلك، إنها جرائم، والجريمة تحتاج إلى قانون رادع بعقوبات، يسهم في الحد من انتشارها، ومكافحتها، خصوصاً إن كان الأمر يتعلق بمجابهة آفة فكرية تهدد العالم بأسره.

من لم يخطئ لن يعاقب، ومن لن يتعدى على حريات وحقوق الآخرين، ولن يخالف القانون فلن يخشى شيئاً، ومن لن يهدد حياة الناس من خلال التحريض على العنف والإرهاب لن يسجن، ومن يفعل عكس ذلك فالقانون له بالمرصاد، وبالعقوبة المشددة التي أقرها المجلس الوطني الاتحادي، السجن والغرامة التي تصل إلى مليون درهم، هكذا هو الأمر بكل بساطة!

المصدر: صحيفة الإمارات اليوم