الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠١٣
أن تعتبر آراء وتصورات معينة من منطلقات دينية أن المرأة التي تقع ضحية التحرش هي المذنبة وهي المغوية، وأنها بسفورها ولباسها وهيئة عباءتها وتوسعها وتساهلها في الاختلاط هي مصدر البلاء، هو أمر غير مستغرب، وأن تحذو وتنسجم فئام مختلفة من المجتمع بثقافة اجتماعية تقليدية مع تلك الآراء والتصورات هو أمر أيضاً غير مستنكر، لكن أن نقرأ أخيراً تصريحاً في إحدى الصحف المحلية لأحد أعضاء الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان يقول فيه: «إن بعض تصرفات الفتيات لدينا تدعو الشاب في شكل غير مباشر إلى التحرش بهن» هو مما لا يمكن القبول به من شخصية تعبر عن وجهة نظر جهة مخولة بالدفاع عن الحقوق الإنسانية، ولو تساءلنا عن تلك التصرفات المشار إليها فإنها في معظمها لن تكون خارجة عما سبق ذكره. وعلى كل حال فإن هذا المنطق العجيب الغريب الذي يبرر في شكل غير مباشر للمجرم الجاني والمعتدي المذنب ويلقي باللوم على الضحية وهي الطرف الأضعف، وبدلاً من أن يواجه الواقع بمراراته يلجأ…
الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠١٣
هكذا ومن دون مقدمات، قرر الأهالي في بلدة المسافي التي يحتضنها الجبل إقامة حفل لتكريم الوافدين المقيمين على أراضي البلدة منذ أكثر من ثلاثين عاماً، احتفالية بسيطة ومبادرة ذاتية وأضواء إعلامية أقل، لأن النيات النيرة لا تحتاج إلى مزيد من الأضواء المصطنعة لكي تبرز صفاء قلوب أهلها. المكرمون في الحفل كانوا عشرات المدرسين الذين سكنوا الجبال شباباً وهم اليوم في آخر العمر ينظرون بفخر لطلابهم الذين يعمل أغلبهم في الطيران أو في القوات المسلحة، ولأنهم من الجبل فهم بقية من ترى فيهم «رجولة» حقيقية كادت تختفي مع تغير معالم ومؤشرات الرجولة في مناطق أخرى، المكرمون في الحفل كان بائع بقالة شهيراً في مسافي، وكان «دوبي» يحفظ أشكال وألوان كنادير الأهالي، وكان بائع خضرة، وصاحب بيك أب، وطبيباً يعرفه أهل المنطقة، وعامل مقهى، لم يكونوا رجال أعمال استفادوا من ثرواتها الطبيعية ولم يردوا الدين لها، ولم يكونوا مستثمرين متوقعين! رأيت التأثر الكبير في وجوه المكرمين لهذه اللفتة الجميلة من الأهالي، في…
الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠١٣
تُعد صفقة إيران النووية كسباً نادراً لأسلوب الرئيس الاميركي باراك أوباما الذهني السري للحكم. فقد نتجت عن أسلوبه الحذر السري اخفاقات عديدة خلال السنوات الخمس الماضية، ولكن اسلوبه كان في قلب الصفقة التي تفتقت عنها عطلة نهاية الأسبوع مع طهران والتي تعد انفراجا. إنها من نوع الدبلوماسية السرية التي كان يستحسنها هنري كسينجر. كان أوباما قد بدأ بتفويضه لإجراء اجتماعات سرية حذرة منذ مارس. (آذار) الماضي. وقام أوباما بارسال مبعوثين من الشخصيات غير الظاهرة هما بيل بيرنز نائب وزير الخارجية والمستشار الرئيسي جيك سوليفان. كانت خدعة سحرية كلاسيكية: فبينما تعلقت الأنظار بمحادثات مجموعة (5+1) كانت المهمة الحقيقية تجري في مكان آخر، ثم قُدمت لوزراء خارجية روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا في جنيف قبل أسبوعين كأمر واقع تقريباً. لا عجب إذن أن يستاء ويغضب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، فلقد عقدت هذه الصفقة بعيداً عن الأنظار وطُلب منهما مباركتها بعد انتهاء الأمر. ولم تكن مفاجأة أن…
الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠١٣
في أمسية من الأمسيات الثقافية لمجلس الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي الرمضاني قبل أربعة أعوام تقريباً، ألقيت محاضرة بعنوان: «إحياء المدرسة العقلانية الإسلامية»، ولاقت في ما أظن استحسان الحضور الكرام، وعزمت بعد تلك المحاضرة أن أتابع البحث والدراسة في هذا الموضوع، لكي أحاول أن أغوص في إشكالاته وأسباب غياب مدرسة العقل عن رسم صورة معقولة للنهضة الإسلامية والعربية المفقودة منذ أكثر من سبعة قرون، ولكن الكسل الفكري والانشغال بأمور الحياة الأخرى جعل قراءاتي ودراساتي محدودة في هذا الاتجاه. وقبل أيام عدت من جديد للنظر في الأفكار التي سطرتها في مسودة المحاضرة، ووجدت أن بعضاً منها يصلح لأن يطرح من جديد في مثل هذه المقالة وربما مقالات مقبلة، وبخاصة أن أحداثاً عظاماً لامست شغاف قلوب بعض العرب، وأنعشت آمالهم بنهضة جديدة، ومن أهم تلك الأحداث بلاشك ثورات الربيع العربي التي لا تزال تداعياتها تحرك الرمال التي سكنت لفترة طويلة من الزمن. فبعد أن فشل خيار «الجهاد» المسلح الذي قادته…
الإثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠١٣
في الوقت الذي كانت فيه إيران والقوى الكبرى الست تجتمع في جنيف لإنضاج «طبخة» سياسية للتوصل إلى اتفاق مع طهران في شأن برنامجها النووي، كانت على طاولة قمة ثلاثية خليجية عقدت في الرياض جمعت العاهل السعودي وأميري الكويت وقطر، نقاشات حول مواضيع عدة، في مقدمها مسيرة العمل الخليجي والخلافات البينية، وضرورة التنسيق والتكامل في القرارات قبيل القمة الخليجية التي ستعقد في الكويت قريباً. وتركز الحديث الخليجي على مسائل عدة بينها، التقارب التركي - الإيراني، والتقارب الغربي - الإيراني الذي أفضى إلى اتفاق جنيف. الاتفاق الغربي - الإيراني لا يزال مبدئياً وموقتاً لمدة ستة أشهر في المرحلة الأولى، وهو الخطوة الأولى نحو مسيرة الألف ميل، ربما تنجح فيه إيران عبر المناورات السياسية لكسب الوقت، ولكنها لن تنفذه إذا كانت الصفقة مرنة في «السر»، وهو ما أشار إليه ديبلوماسيون غربيون في جنيف بقولهم إن «صيغة الاتفاق تمثّل حلاً موقتاً، ولا تعترف صراحة بحق أية دولة في إنتاج وقود نووي». لا أعرف لماذا…
الإثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠١٣
من خلال عملي في حقل الإعلام والعلاقات العامة لاحظت أن عددا ليس بقليل من المسؤولين التنفيذيين، تؤرقهم كثيرا ردود فعل الرأي العام السلبية والغاضبة والمشككة أحيانا تجاه قرارات أو مشاريع أو خطوات لها علاقة بعملهم، ويؤكدون بالوثائق والمعلومات أن ما يتداول بين الناس غير صحيح وأن ما كتب في الإعلام أيضا غير صحيح. هؤلاء المنزعجون من غضب الناس اعتادوا على طرح مثل هذه المشاكل بحثا عن حل لها ولإيقاف تداعياتها، لكنني لم أسمع قط من أحد منهم حرصه على معرفة الأسباب قبل سماع ما يمكن أن يتم اقتراحه لتصحيح الصورة عند الرأي العام. أقول من واقع معاش ومن حالات وقفت عليها وتعاملت معها: إن كل المشاكل تكمن في حجب المعلومات عن الناس وعدم التواصل معهم، إما بجهل وقلة وعي بأهمية الاتصال وبأهمية الإعلام أو لتحفظات وحذر لا قيمة له في يومنا هذا. أصحاب القرار في القطاع الحكومي والخاص ومعهم المتحدثون الرسميون ومديرو العلاقات العامة والإعلام، دائما ما تأتي خطواتهم للتواصل…
الإثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠١٣
أخشى أن يصبح نظام التفتيش على مخالفي الإقامة في السعودية روتيناً مملاً حتى بالنسبة إلى موظفي الإدارات، ويصبح عبئاً عليهم، ما لم نضع حلاً سريعاً ودرساً علمياً للوضع، وإلا فمنظر الملاحقة والمطاردة صور تنتشر على الـ«فيسبوك» والـ«تويتر» و«اليوتيوب» لطريقة التعامل أو من يحاول استغلالها في الإساءة للبلد كما حدث مع بعض الجنسيات، فهذا يعني إنفاقاً أكثر وتخصيص موازنة لترحيل المخالفين، والموال طويل. ربما يتساءل السعوديون ما الخطوات المطلوبة مع بدء حملات التفتيش التي تنفذها الجهات المختصة لمخالفي نظام الإقامة حتى يبدو الاقتصاد السعودي أكثر صحة؟ وهل هذه الخطوات ننتظرها لما بعد التفتيش أو من المهم أن تصاحبها، لأن حملة التفتيش ليست محددة؟ فهي ستبقى طالما هناك نية لمعالجة جسد الاقتصاد السعودي من الاعتلال الذي أصابه منذ عقود، نتيجة إهمال السلطات الحكومية في أداء مسؤوليتها، واستغلال المواطن والمقيم لهذا الارتخاء، فاستفاد منها بطريقة خاطئة، هذا يعني من المهم أن تشهد الإدارات والمؤسسات الحكومية وغيرها من الجهات ذات العلاقة بالاقتصاد، صحوة حقيقية…
الإثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠١٣
عاشت الرياض ليلة عصيبة وفاجعة جديدة مساء السبت الماضي، وذلك جراء هطول أمطار غزيرة قابلها سوء التصريف، وهو ما تسبب في شل حركة السير ووقوع الحوادث في الشوارع الرئيسة، إضافة إلى نكبات الغرق في بعض الأنفاق والتقاطعات ذات المستوى المنخفض، بسبب تزايد منسوب المياة، الأمر الذي أدى إلى وجود ضحايا وقتلى ومفقودين، وذلك بحسب إحصاءات المديرية العامة للدفاع المدني. كما أفاد المتحدث الإعلامي بالدفاع المدني بأن جهازه اتخذ جميع الاحتياطات تحسباً لمواجهة التغييرات المناخية واحتمال هطول الأمطار في المرات المقبلة، وعلى رغم أن هذه الوعود غير واضحة فضلاً عن أنها غير مقنعة، ولا يمكن أن نتوقعها حلولاً مرضية، إلا أن هذا في الأصل لا يكفي، لأن هذه الاحتياطات تتحسب لحدوث المصيبة بعد وقوعها ومحاولة الخروج منها بأقل الأضرار، فلم نجد حتى الآن طريقة ممكنة، لإنجاح مشروع تصريف السيول الذي أثبت فشله، في حين أنه يجب اتخاذ الاحتياطات حتى لا نقع في المشكلة من أساسها. نقع في كل مرة تحت تأثير…
الإثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠١٣
صديقتي الإماراتية ونحن في طريقنا للعشاء بدت قلقة وطلبت مني أن أدعو لدبي بأن تفوز في معرض إكسبو 2020. وفي الطريق شاهدت أحد فنادق الجميرا قلقاً هو الآخر من العد التنازلي لاقتراب إعلان النتيجة، وبدا رقم ستة مرسوماً بالضوء على رأسه. الأربعاء المقبل سيجتمع سفراء 166 دولة كي يعلنوا عبر الجمعية العمومية لإقامة المعارض العالمية من هي المدينة الفائزة بين ثلاث مدن، أزمير في تركيا، وإيكاترينبرغ في روسيا، ودبي لن أقول في الإمارات بل في بلاد العرب، لأنها تمثلنا كلنا، وعليه فليست صديقتي الإماراتية وحدها وفندق الجميرا من يترقبان النتيجة بحذر، هناك كثيرون وأنا منهم، شاهدنا على مدى أشهر طويلة جيشاً من شباب الإمارات وشيوخها يخططون ويرسمون ويعدون ويسافرون ويقفون أمام الكاميرات وفوق مسارح العالم، كي يقدموا صورة دبي ورسالتها المنافسة التي تريد أن تدخل بها هذه المسابقة في شعار يقول: «التواصل مع العقول وصناعة المستقبل»، شعارها حديثاً كما هو ظاهر، لكنها تؤكد أنه امتداد تاريخي لحضارة عربية تألقت في…
الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠١٣
في المذكرات التي دونها خلال رحلاته ما بين إنجلترا وويلز، يلاحظ الكاتب الإنجليزي آرثر يونغ (1820) الشواهد الأولى للثورة الصناعية التي انطلقت شرارتها من بريطانيا وعمت أصقاع أوروبا في القرن الثامن عشر، ويحلل الروح السائدة المفعمة بالعقل الطموح آنذاك. فيقول: «إن هذه الأعمال مهما كانت طريقة تشغيلها وأسبابها ونتائجها فهي تنطوي على فوائد لا حصر لها، تسجل لحساب هذا الإنسان الألمعي النافع الذي سيحتل الجدارة أينما ذهب، لأنه سيحمل الناس على التفكير.. هو نجح حين نفض عن نفسه غبار اللامبالاة، والكسل والخنوع والبلادة.. انظروا إلى تدفق الفكر والعنفوان والجهد القوي في شتى سبل الحياة، يمكنكم أن توقنوا الآن بأن ما تفعلونه هو الصحيح». لم يكن البخار الذي انبعث من آلة الاسكتلندي جيمس واط (1819) إعلانا عن انطلاق الثورة الصناعية فحسب، بل كانت أبخرة آلته أيضا أهزوجة شعرية تغنى بها الشعراء والاقتصاديون ومرحلة للحبور بالخطوة العظيمة التي حققتها الإنسانية: «أيتها الطليعة المتقدمة.. أفرطي في الثناء على قدرة القاطرة، أفرطي في الثناء…
الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠١٣
لم يصدر ما هو رسمي عن آلية توزيع السكن والتي ستكون من خلال وزارة الإسكان، وقد طال انتظارها حتى الآن، رغم أن مشاريع الوزارة حتى اليوم لم يتم توزيع شيء منها بعد الانتهاء لأي من المشاريع، المقترحات كثيرة والرأي متعدد عن كيفية توزيع السكن على من يكون أولا. برأيي الشخصي ان المعايير للتوزيع السكني يجب أن تراعي بين موظف حكومي أو غير موظف حكومي لمن لهم دخل سواء براتب أو غير يكشف عن اسمه من خلال مؤسسة النقد والنظر في حساباتهم، لسبب أن بعضهم قد لا يكون محتاجا لوفرة المال لديه فتفوت الفرصة على المستحق الأكثر حاجة، وبين لمن هم ليس لهم رواتب ولا يعملون بجهه حكومية، مثال من يأخذون إعانة وزارة الشؤون فهؤلاء مصنفون " بفقراء ومحتاجين " لذا يجب التمييز بمستويات الدخل ولا يعامل الجميع سواسية، لأنه سيكون هناك إجحاف، ويجب عمل توازنات بالتوزيعات بحيث تتنوع ولا تقتصر على فئة دون فئة. من أهم المعايير برأيي لأولوية السكن…
الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠١٣
عندما هطلت الأمطار بغزارة على الرياض الأسبوع الماضي، وشاهدت مقاطع مصورة لبعض الطرقات والتقاطعات التي تحولت إلى بحيرات خلال دقائق معدودة، تذكرت ما حدث لي في نيويورك قبل أكثر من 23 عاماً، كان يوماً عصيباً، شاهدت فيه الموت أمامي أكثر من مرة، الفرق بالطبع أن أهالي نيويورك لم يحولوا الحدث إلى حفلة «زار» للشماتة والإزدراء والتهكم كما فعلنا مع الأسف. طبعاً لا أقصد بذلك تكميم الأفواه ضد النقد البناء الهادف، لكني بكل تأكيد ضد الإقلال المتعمد و«المنظم» والاستهتار «المقصود» الذي يقوده أفراد وجماعات في الداخل والخارج انفضحت، ولم تعد قادرة على إخفاء مآربها وأهدافها. كنت في رحلة عمل في مدينة نيويورك لحضور معرض عالمي للأغذية في شهر أكتوبر في مطلع التسعينات الماضية، وأنهيت المهمة في اليوم الثالث للمعرض، وأحضّر للعودة إلى المملكة عبر التوقف في باريس، موعد رحلتي الساعة السابعة من مساء اليوم التالي، استيقظت باكراً صباح ذلك اليوم، بهدف التمكن من زيارة متجر لأدوات البولينغ وشراء أربع كور بولينغ…