الثلاثاء ١٩ مارس ٢٠١٣
أثناء خروجي من صلاة الجمعة توقفت لدقائق مع صديق قديم, لم أره منذ زمن, وأخبرني خلال حديثه معي عن رغبة والده في بناء مسجد في منطقتنا يتسع لقرابة خمسمئة مصلِ. فقاطعته قائلاً: جزاه الله خيراً, لكن ألا تلاحظ بأن المنطقة تزدحم بأكثر من ثمان مساجد, وعدد المصلين في معظمها لا يتجاوز أصابع اليدين في الصلوات الخمس؟ فأجابني بثقة قائلاً: ولكن لا تنسى بأنها صدقة جارية, يتجدد أجرها في اليوم خمس مرات, وتستمر في توليد الأجر لعشرات السنين. فاقترحت عليه أن يفكر في مشاريع أخرى أكثر ندرة, بحيث تولد منفعة أكبر للمجتمع, وتنطبق عليها شروط الصدقة الجارية. فأجاب: لا توجد مشاريع أخرى تناسب ميزانيتنا, فالمدارس والمستشفيات تكاليفها باهظة للغاية, لذلك تبقى المساجد هي الخيار الوحيد المتاح أمامنا. حاولت إقناعه بالتكفل بعلاج مرضى أو تسديد فواتير أو كفالة أيتام, لكنه كان يعتذر عنها لأنها ( حسب وجهة نظره ) لا تنطبق عليها شروط الصدقة الجارية, وبالتالي لن تولد أجراً دائماً يتجدد في…
الثلاثاء ١٩ مارس ٢٠١٣
في سلسلة تغريداتك ظهرت مردداً بصيغ مختلفة ما يردده جمهور تويتر خلف أسماء وهمية غالباً أو مستعارة أحياناً كثيرة، أو حقيقة بشكل أقل. الحقيقة إنني أحترمك، وأجدك مختلفا وعميقا ومنفتحا في نسختك المحسنة والمطورة، شخصياً تعجبني أحياناً، إلا أن ما غردت به مطولاً ليس جديدا، حتى في لبوسه الانتهازي لمرحلة. ذكي..؟ نعم. مستوعب لما حولك؟. بكل تأكيد. قادر على الوصول والتواصل؟. بل مبدع فيه. ولديك الكثير وأنت مكسب لناسك وجماعتك. ينقصك الحديث بضمير وطني واضح لا ريب فيه! بعيدا عن الإشارة - (هذا بلد)، ولهذا البلد- ودون ذكر اسم “السعودية”!، كم تمنيت أن تقول- على الأقل - وطني، بلادي، من أجل أن أفهم الخصوصية والحرص والخوف الذي تحدثنا به ومن خلاله، للوطن، وليس لفئة، أو خلافة الأرض دون جغرافيا حديثة مثلا! لو فعلت فإن ما قالت بعموميته هو مطلبنا، في حدود الوقائع لا القفز بها أو عليها، في حدود الحق العام والخاص، وهل أجمل من العدل وحقوق الإنسان، والقانون، والمدنية؟…
الثلاثاء ١٩ مارس ٢٠١٣
مطلب الإصلاح هو مطلب كان ولا يزال على مر التاريخ هدىً سامياً للكثير من المصلحين والفلاسفة، والحركات السياسية والاجتماعية، والناشطين والنخب، والمثقفين في مختلف أرجاء العالم، وفي مفهوم ومعنى الإصلاح، فإن التعريف الذي تبناه برنامج الأمم المتحدة لإدارة الحكم الرشيد في الدول العربية للإصلاح هو «تحسين النظام السياسي من أجل إزالة الفساد والاستبداد»، وأن من مظاهر هذا الإصلاح سيادة القانون والشفافية والمشاركة الشعبية في اتخاذ القرار والعدل، وفعالية الإنجاز، وكفاءة الإدارة، والمحاسبة والمساءلة، والرؤية الإستراتيجية، وهو تجديد للحياة السياسية، وتصحيح لمساراتها»، وعرفته الموسوعة السياسية بأنه «تعديل أو تطوير غير جذري في شكل الحكم، أو العلاقات الاجتماعية من دون المساس بأسسها، وهو بخلاف الثورة ليس إلا تحسيناً وتقوية في النظام السياسي والاجتماعي القائم من دون المساس بأسس هذا النظام، أي أنه أشبه ما يكون بإقامة وتقوية الدعائم التي يقوم عليها ذلك المبنى كي لا ينهار»، وباعتبار ذلك قد يأتي مفهوم الإصلاح مرادفاً لمفهوم التغيير والتحديث في بعض الأحوال، وقد يأتي مغايراً…
الثلاثاء ١٩ مارس ٢٠١٣
«أريس، ساجيتاريوس، أكواريوس، تاتروس»، أسماء غريبة وجدت فجأة أن كل الربع أصبحوا يضعونها بجوار أسمائهم في ملفاتهم التعريفية، خليفة أحمد «تاتروس»، سيف راشد «ساجيتاريوس»، محمد خميس «أكواريوس»، الأمر غريب ولم أفهمه فأنا أعرف أنهم قبليون وليس لديهم «عرق» في مكان آخر، أو للدقة ليس لديهم عرق في «اليونان» تحديداً، فلماذا أصبحت أسماؤهم تذيل بهذه القبائل ذات الأسماء الأقرب إلى التعويذات الشيطانية، حتى فهمت بعد البحث والتحري أن الموضة هي وضع البرج الذي ينتمي إليه صاحب التعريف، رغم أن نصفهم مولود في البيت إياه، وتفضلت إدارة الطب الوقائي بمنحهم تاريخ «1/7» الشهير بمواليد المناطق النائية. إحداهن جاءت لتعربها «فعمتها»، كتبت فلانة الفلانية «عذراء»! «إنزين مب تشي حجيه! عندك أربع عيال!»، ربما سنحسن الظن ونقول إنهم أطفال أنابيب، عيال بيبات بالبلدي! وحتى تعريب الكثيرين في الـ«بروفايل» جاء مشوهاً إلى حد كبير: محمد حسين «الدلو»، سلطان فيصل «الكبش»، وهكذا، ولله في خلقه شؤون! بعيداً عن جلد الذات وبعيداً عن القول إن الاهتمام بالأبراج…
الثلاثاء ١٩ مارس ٢٠١٣
في عام 1990، وقبل ثلاثة أشهر من غزو رئيس العراق صدام حسين للكويت، فاجأ الرئيس اليمني (الشمالي) علي عبد الله صالح الجميع معلنا عن اتفاقه مع رئيس اليمن (الجنوبي) علي سالم البيض بدمج النظامين وإعلان اليمن الموحد. عم التفاؤل البلدين وعموم المنطقة العربية. لكن من عرف وضع اليمن حينها كان يدرك أن المشروع في واقع الأمر تقاسم الحكم بين صالح والبيض. ففي اليمن الجنوبي كان البيض يعيش صراعا مع رفاقه الشيوعيين، وانفرد بالحكم بعد مقتل عبد الفتاح إسماعيل وعلي عنتر وهروب علي ناصر محمد. أتذكر حينها كتبت مقالا في مجلة «المجلة»، عن الوحدة.. إنها الفكرة النبيلة لكنه مشروع خبيث. صالح أعلن نفسه رئيسا والبيض نائبا، وبعد أن ضم الجنوب أراد التخلص من شريكه البيض، أدخل حزب الإصلاح منافسا له في الائتلاف الحاكم، وفجأة انطلقت حملة اغتيالات استهدفت شخصيات يسارية جنوبية ادعى صالح أن قوى إسلامية نفذتها. صالح، بسبب ديكتاتوريته كان اليمنيون يلقبونه بصدام الصغير، ورطهم في أزمة احتلال الكويت عندما…
الثلاثاء ١٩ مارس ٢٠١٣
ربما لدى كل منا «فيل أزرق» في ذاكرته. يجعله أسير التفكير به. أسيراً له. وذلك الفيل الأزرق يعيد إلى الأذهان حكاية الخيميائي، الذي أفنى سنوات من عمره في محاولات يائسة لتحويل التراب إلى ذهب، فقصد بعد أن استبد به اليأس والفشل ساحراً طالباً المشورة، وكانت المفاجأة أن قال الساحر: «عد إلى مختبرك وحاول مرة أخرى، ستنجح، ولكن بشرط !». استدرك الساحر مقاطعاً بهجة الرجل الذي سأله بلهفة عن الشرط، فقال الساحر «الشرط ألا تفكر بفيل أزرق قط، وأنت تقوم بالمحاولة». لم يكن شرطاً يستحق القلق فيما يبدو، هذا ما أبهج الخيميائي الذي غادر مستبشراً بنجاح مهمته. لكن ذلك لم يكن من السهولة بمكان حين غدا الفيل الأزرق الذي حذره منه الخيميائي هاجساً يسيطر على تفكيره، ما انفك يخرج في رأسه كل حين. زرع الساحر في ذهن الخيميائي فكرة بسيطة، لكنها إرهابية، صار يعيشها ويعيش بها. هكذا البشر عادة. وهكذا المجتمعات حين تسيطر أفكار سيئة الذكر والسمعة على رؤوس أهلها، بعضهم،…
الإثنين ١٨ مارس ٢٠١٣
البابا هو بابا الفاتيكان الجديد (بوب فرنسيس) الذي ملأت صوره الشاشات بعد اختياره بابا للكاثوليك حول العالم، أما الرئيس فهو رئيس الصين الجديد (شي جين بينغ) الذي تسلم مهام منصبه رئيسا لواحدة من أكبر دول العالم من حيث تعداد السكان ومن حيث القدرات الاقتصادية والعسكرية. دولة تفرض احترامها على الولايات المتحدة الأميركية مما دفع مستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق زبيجنيو بريجنسكي أن يكتب مقالا متمنيا فيه عدم لجوء الصين لسياسة الهيمنة والاكتفاء بأنها دولة عملاقة والرضا بالمنافسة فقط مع الولايات المتحدة. وتمنى بريجنسكي ألا تنزلق آسيا في منزلق الشيفونية الوطنية التي تدفع المنطقة إلى الحروب. بكل ما للصين من تأثير على النظام العالمي كله وبكل ما لها من ثقل اقتصادي وعسكري، تجاهل الإعلام رئيس الصين الجديد وهام في الدخان الأبيض الذي ظهر من أعلى الفاتيكان. ما أكتبه هنا يجب ألا يفهم على أنه حكم قيمي على الفاتيكان ولا على الكاثوليكية والتي لها أتباع كثر في كل أنحاء العالم، فللفاتيكان بالطبع…
عمار بكاركاتب و أكاديمي متخصص في الإعلام الجديد
الإثنين ١٨ مارس ٢٠١٣
رغم أن عبارة "حرب الهاشتاقات" غير مستعملة حسب البحث على جوجل، إلا أن معظم قراء المقال يدركون ما هي، فهي جزء من استهلاكنا اليومي للمعلومات على تويتر، بل إن إحدى الكلمات الشائعة على تويتر هي أن يتم "هشتقة" شخص معين، وكأنك سجنته بين خطوط رمز الهاشتاق (#) وجهزته لتلقي كل أنواع الضربات التي لا تعرف الرحمة، بل تستمتع بفكرة الهجوم الساحق على الشخص "المهشتق". في الفترة الماضية، بدأ ينتشر نوع آخر من "الهشتقة" وهي خلق هاشتاق مضاد لهاشتاق آخر، ويتحزب الجمهور في فسطاطين، أحدهما يدعم أحد الهاشتاقات والآخر يدعم الثاني، ويمكن طبعا متابعة الإحصاءات لترى أيهما يتقدم أكثر، بل إن موقعا مثل hashtagbattle.com يقدم لك بشكل سريع مثل هذا الإحصاء الذي يقارن هاشتاقين ضد بعضهما. حرب الهاشتاقات هي ظاهرة أخرى من ظواهر هذه الإمكانات الجبارة للشبكات الاجتماعية التي تسمح بأن يجتمع ملايين الأشخاص في مكان افتراضي واحد ليناقشوا موضوعا واحدا وكأننا جميعا نعيش في غرفة واحدة، ولكن في نفس الوقت…
الإثنين ١٨ مارس ٢٠١٣
سعر رغيف الخبز يقفز 100%.. هكذا يقول العنوان الرئيس على هذه الصحيفة بالأمس في قبض شارد على مخبز واحد يتجرأ لفك العقدة. وأعني بالعقدة، ارتباط ربطة الخبز التاريخي بالريال. ولكن: من هو الذي يحاول تخديرنا أن ربطة الخبز وريالها هو المؤشر كي يكون ريالاً في اليوم هو العقدة؟ كل ما يحصل بالسوق هو استغلال سخيف، وجشع يحتاج إلى الكبح بعد قرار وزارة العمل بفرض رسوم إلى (2400) ريال. نحن نعلم جميعاً أن هذا القرار لم يستهدف سوى أقل من ثلث قوة العمل، وأن القرار نفسه لم يضف إلى كاهل هذا الثلث سوى أقل من سبعة ريالات في اليوم الواحد، فما هي التبعات الواهمة الكاذبة التي ندفع ضرائبها على هذا القرار؟: الدجاجة تصبح أقل حجماً ولكنها تكسب أربعة ريالات فوق السعر القديم. طبق البيض يكسب من القرار ثلاثة ريالات إضافية في ظرف أسبوع. عامل الأجرة اليومية في (العمارة) يطلب ثلاثين ريالاً إضافياً فوق الأجرة السائدة قبل القرار. سائق سيارة (السطحة) الذي…
الإثنين ١٨ مارس ٢٠١٣
حالة "الاستقعاد" التي أصبحت السمة الغالبة على المجتمع، هي في الحقيقة نتيجة أزمة نفسية يعيشها الفرد في تعاطيه مع فكرة الأنا والمعرفة والحرية، فالمغرد "المستقعد" يفضل ألا يتكلم إلا لكي ينتقد رأي أحدهم فقط لأنه ملتح مثلا، أو فقط لكون مطلق الرأي امرأة، في حين نجد أن السائق في الطريق السريع يبدأ في مسابقة الريح عندما يرى أن أمامه سيارة تريد أن تتجاوز من أمامه رافضا السماح لها بالمرور وذلك في تجسيد لتحد سخيف يوهمك وكأن في ذلك حماية لرجولته وفحولته الاجتماعية. "الاستقعاد" أو التربص أو التحدي العدائي هي مرادفات أصبح المدير يراها أسلوب إدارة ويراه الموظف دليل ضعف، كما هوالحال للطالب الذي يتحول من مشروع إنسان ناجح لفتى يكره الذهاب صباحا إلى المدرسة لأن معلمه المرتبك على ذاته يفضل أن يحط من قدر التلاميذ أكثر من حرصه على تعليمهم ما يفيدهم ويساعد على تطورهم وتنمية قدراتهم. يقول المثل: (من راقب الناس مات هما)، وهو تماما الهم الذي استطاع أن…
الإثنين ١٨ مارس ٢٠١٣
هل الديموقراطية قابلة للتصدير؟ هذا السؤال المهم هو العنوان لكتاب نشرته «دار جداول» أخيراً. الكتاب لباحثين أميركيين، هما زولتان باراني وروبرت موزر وكلاهما بمرتبة بروفيسور في جامعة تكساس، ونقله إلى العربية جمال عبدالرحيم، وقدّم له الإعلامي والكاتب السعودي عبدالرحمن الراشد. في هذا الكتاب يسهم مجموعة من الأكاديميين السياسيين في البحث والتحليل بغية الإجابة عن السؤال بلغة واضحة عبر عشرة فصول وخاتمة تحليلية ثمينة، في ظل تأكيد أن السعي لتصدير الديموقراطية بالقوة العسكرية يعرّضها للخطر. لا شك في أن السؤال حول قابلية الديموقراطية للتصدير شائك، في مقابل السؤال عن تسويق، أو تعزيز الديموقراطية عبر الأخلاقيات والمساعدات. هناك صعوبات لا يمكن تجاوزها في محاولة تصدير الديموقراطية بالقوة، لكون من مبادئها حق الاختيار ووعي الشعوب بحقوقها وشراكتها ومسؤوليتها الوطنية، قبل الحديث عن أي شيء آخر. عندما أهداني هذا الكتاب الصديق محمد السيف، شكرته مرة، لكن بعد أن قرأته، وجدت أنه يستحق الشكر مرات. يرى عبدالرحمن الراشد في تقديمه للكتاب، أن الديموقراطية تبدو كلمة…
الإثنين ١٨ مارس ٢٠١٣
دمشق في طريقها إلى السقوط. مؤشران رئيسان يقولان ذلك. الدعوة الأسدية للجهاد، والتحرك الغربي الجزئي باتجاه تسليح المعارضة. الرجل البعثي ابن النظام الذي يكفر بكل الأيديولوجيات المقابلة لفكرة العروبة «المسكينة»، صار يستجدي شعبه أن يحملوا أسلحتهم البدائية، وينفروا للدفاع عن القصر «المقدس» في حي المزة! صار - ويا للمفارقة الرهيبة - يدعو للجهاد من خلال موظفيه الدينيين! كل الأنظمة الحاكمة الشبيهة بنظام الأسد، الأنظمة المغتصبة للحكم تعتمد في وجودها على جدار حماية. بعضها يحتمي خلف جدار الممانعة الدائمة واللعب على القضايا القومية، وبعضها يحتمي خلف جدار الدين، وبعضها يحتمي خلف جدار الاختلاف الطائفي المحلي، وبعضها يحتمي خلف جدار القمع، وبعضها يحتمي بجدار القبائل الجاهزة للانقضاض على بعضها بمجرد سقوط النظام، وبعضها يحتمي بأنظمة أكبر منه في مقابل ضمان مصالح القوى في منطقة الضعيف. وحدها الدول الديموقراطية هي التي تحتمي أنظمتها بجدار صناديق الاقتراع. وحدها التي تحتمي باختيار الناس. نظام بشار وأبي بشار الذي يؤمن بالبعث «رباً»، وبالعروبة «ديناً» كان طوال…