آراء
الثلاثاء ٠١ سبتمبر ٢٠١٥
تدعم دولة الإمارات العربية المتحدة أرض الكنانة فى جميع المحافل، وتسعى لدعم الاقتصادى الداخلى لها، وتحسين ظروف المعيشة للمواطن, وتؤيد بقوة عودتها للمشهد السياسي، إقليميا ودوليا، وهذا ما أكده تصريح صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولى عهد أبوظبي، عندما قال: نحن ماضون فى دعم الأشقاء فى مصر على كل المستويات، والوقوف بجانبهم فى كل الظروف. الواقع أن العلاقة لا تتوقف عند دعم مصر اقتصاديا والوقوف على قدميها مرة أخرى وتحقيق طفرة تنموية ملحوظة، وإنما تمتد المسألة إلى ترسيخ موقف الإمارات كدولة داعمة للإرادة المصرية الشعبية. الواضح أن القاهرة تعود بقوة لمكانتها وريادتها فى المنطقة والعالم أجمع، والمهم أن هذه العودة تتم برئاسة قيادة سياسية واعية للبلاد، تدرك حجم المسئوليات الملقاة عليها، وتسعى بكل جد وجهد إلى استعادة مكانة وتأثير مصر على جميع المستويات. استعادة مصر لعافيتها، وعودة للمسرح السياسي، يسهم فى احتواء الكثير من أزمات العالم العربي، إذ إن مواجهة مخاطر الإرهاب والحد من انتشاره، لا يقتصر على الشق الأمنى فقط، بل هناك جوانب اقتصادية مهمة تلعب دورا مساعدا، فتوفير فرص العمل للشباب، ودعم جهود مكافحة الفقر والجهل، والارتقاء بجودة التعليم، والانفتاح على الثقافات الأخرى، كلها عوامل ضرورية لاقتلاع الإرهاب من جذوره، وتنقى البيئة المضطربة التى يتغذى عليها الفكر المتشدد، وتعزز قيم التسامح والتعايش مع الآخر. وكشفت…
آراء
الثلاثاء ٠١ سبتمبر ٢٠١٥
بعد أن ذهب الكثير من المحللين السياسيين على المستوى الدولى والإقليمي وراء خيالاتهم في محاولة تفسير سبب عدم مشاركة الملك سلمان في قمة كامب ديفيد الخليجية - الأمريكية في مايو الماضي، جاء تأكيد البيت الأبيض يوم الخميس الماضي بأن خادم الحرمين الشريفين سيلتقي بالرئيس الأمريكي باراك أوباما في الرابع من سبتمبر في البيت الأبيض، وأنهما سيناقشان الأوضاع في سوريا وفي اليمن وخطوات التصدي للأنشطة الإيرانية في المنطقة والرامية إلى زعزعة استقرارها، جاء ليؤكد أن مسار العلاقات الثنائية يسير وفق مصالح البلدين بغض النظر عن الاختلافات المصلحية. أهمية الزيارة الملكية لا تكمن فقط بسبب حجم الضيف الاستثنائي وإنما أيضا بحكم التوقيت الحالي والتطورات التي تشهدها الساحة السورية واليمنية والملف النووي الإيراني، وضبابية موقف الإدارة الأمريكية وعدم أخذها في الاعتبار مصادر القلق الخليجية واعتبارات الأمن الخليجي، وهو ما يجعل التحدي أمام الرياض وحلفائها الخليجيين في واشنطن هو القدرة على طرح الحجج والأدلة لإثبات عدم صوابية ما ذهب اليه الرئيس الأمريكي ومستشاروه فيما يخص العلاقة مع إيران، وكذلك قدرة دول الخليج على إيجاد حلفاء وأصدقاء جدد وفق مبدأ «المصالح الوطنية أولاً». فيما يخص جديد العلاقات السعودية-الإمريكية.. فيتفق الكثير من خبراء العلاقات الثنائية على أن زيارة العمل لولي ولي العهد ووزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى "سان بطرسبورغ" في الثامن عشر من…
آراء
الإثنين ٣١ أغسطس ٢٠١٥
مدخل: لديَّ وطن أحتمي به وأريد أن يبقى سليماً معافى لأولادي وأحفادي، ومن لا وطن له يصبح متسولاً على أبواب الآخرين. الكتابة في موضوع زاوية اليوم مساهمة توجبها الفترة التاريخية علينا كمواطنين وحكومة ودولة، أي كوطن يحتضن كل هذه المكونات، إن انفرط انفرطت جميعها وضاعت، والأمثلة من حولنا شهود عيان. المفكرون العظماء، ومن ضمنهم رجال الصحافة الكبار، يستمرون على إخلاصهم لقضيتهم الأساسية ويتحولون مع التقدم في السن وتراكم التجارب والمقابلات والحوارات إلى منجم خبرة ذهبي لأوطانهم. الأمثلة على ذلك كثيرة، من المؤرخين آرنولد توينبي، باول كينيدي، جمال حمدان، عبدالوهاب المسيري، صادق جلال العظمة، وصولاً إلى رجال الصحافة والإعلام الملتزمين بقضايا بلدانهم الحقوقية والوطنية. هؤلاء أعدادهم كبيرة لكنها لا تشمل، عربياً، عدداً مقنعاً أسترجعه من الذاكرة ويستحق لقب الكبير الملتزم. بهذا المدخل أريد أن أقول إن المفكر والإعلامي والصحفي الذي استطاع اكتساب هالة من الشهرة فوق رأسه من خلال أدائه أثناء الشباب وأواسط العمر، من المفترض أن يتحول إلى خير ناصح لأمته ولقضيته الوطنية الأولى، فهي التي مكنته من وضع هالة الشهرة على رأسه. يصبح الأمر مفجعاً وغير منطقي عندما يتحول من كان يعتبر من هذا الطراز في بداياته وأواسط عمره، إلى مثبط وطاعن مرتد عن قضيته الوطنية الأولى في الثلث الأخير من عمره وحياته الفكرية أو الصحافية. الحديث هنا عن…
آراء
الإثنين ٣١ أغسطس ٢٠١٥
لعل أشهر تمييز للصفوات الاجتماعية في المجتمعات بحسب خبراء علم الاجتماع السياسي، سيجعل فئة المثقفين مع مديري الصناعة وكبار موظفي الحكومة. فالطبقة المثقفة هي الناقدة للمجتمع والمنتجة للمفكرين التنويريين عبر العصور، ومع اتساع دائرة التحضر الاجتماعي في أي مجتمع تنفصل الحواجز الرفيعة بين فئات الثقافة للتميز بفئتين: المثقفين والأنتلجنسيا، والأخيرة تشير للذين تلقوا تعليما جامعيا مؤهلا للمهن الراقية والعليا. وبما أن المثقفين من ناحية أخرى هم من يسهم في ابتكار ونقل الأفكار لإحداث التغيير بالمجتمع، فقد تنبهت الحكومة الإيرانية لهذا الشأن وسعت عبر العقود للتوجه نحو المدرسة التعليمية، ببساطة يمكن إحصاء كم العنجهية التي تتخذها السلطة الفارسية ضد المثقف الإيراني من خلال القراءة بلمحة عامة في قوقل، فسنجد المثقف المقتول والمسجون واللاجئ السياسي والمقموع والمشنوق والمنتحر، تحت ابتداعات تهم قضائية لا حصر لها، حتى يتهيأ الجو لصناعة صراع فارسي عربي لا ينتهي عبر الأجيال موجهة للعرب، ومن ثم فدوامة الصراع العسكري والجغرافي والأمني لن تتوقف بل تضاف إليها حزم من أزمات الصراع الثقافي والتربوي الموجهة لطلاب المدارس. في المقابل لا يزال المثقف العربي يتناول الشأن الإيراني في خطابه الثقافي بالمزيد من السطحية مع العدم الخوض داخل أعماق العالم الباطني الفارسي ليكاد التنوير الثقافي المتعلق بالشأن الإيراني متعلقا في معلومات مستهلكة عن المذهب الاثني عشري وما يتم تداوله من اقتباسات مستهلكة…
آراء
الإثنين ٣١ أغسطس ٢٠١٥
عمل سنوي جبار تبذله المملكة بدأب من أجل تأمين ضيوف الرحمن. هذا أمر لا يخفى على المنصف، استقبال نحو مليوني حاج في وقت واحد وفي بقعة محدودة، مهمة عظيمة، يدرك مدلولاتها من يتعاملون مع إدارة الحشود البشرية. ومن هنا يمكن النظر إلى التوجيهات التي قدمها نائب الملك الأمير محمد بن نايف ولي العهد رئيس لجنة الحج العليا، إذ طالب ـــ يحفظه الله ـــ خلال ترؤسه لجنة الحج العليا "أن ينصرف حجاج بيت الله الحرام إلى أداء مناسك الحج والتفرغ للعبادة، بعيدا عن التصرفات والشعارات التي تخالف تعاليم الإسلام وتعكر صفو الحج وتؤذي مشاعر الحجاج". ("الاقتصادية" 21/8/2015). هذه الدعوة التي تؤكد عليها المملكة كل عام، تتسق مع قدسية المكان، والأحكام والتوجيهات الربانية، المرتبطة بشعيرة الحج؛ حيث لا رفث ولا فسوق ولا شعارات سياسية متناقضة من شأنها أن تؤدي إلى تعكير الأمن ـــ لا سمح الله. لقد كانت المملكة العربية السعودية منذ تأسيس هذا الكيان الشامخ، تعتبر أن خدمة حجاج بيت الله الحرام شرف وواجب، تتوخى من خلاله رضا الله سبحانه وتعالى. وهي تصرف بشكل دائم على مشاريع الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، وتسعى كل عام إلى التيسير على ضيوف الرحمن. ومن يتابع اقتصاديات الحج، يدرك إن المملكة تركز على المنافع التي تنعكس على الحجاج، ولا تنتظر أي مردود اقتصادي. الأمر هنا لا…
آراء
الإثنين ٣١ أغسطس ٢٠١٥
من المبررات التي ساقتها إدارة أوباما كي تقنع المشرعين والمواطنين الأميركيين، إضافة إلى اللوبي الإسرائيلي القوي، بفوائد الصفقة: أنها تساهم في إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية، وتعطي فرصة استثنائية لطهران لتطوير اقتصادها وبالتالي توفير حياة أفضل لشعبها، وأنها ستـُحّول حكومة طهران من حكومة مارقة ومتمردة على الشرعية الدولية إلى حكومة متعاونة ومنخرطة ومنسجمة مع قوانين المجتمع الدولي ومعايير حقوق الإنسان.. وأنها ستتيح الفرصة لإيران كي تصبح قوة إقليمية لا غنى عنها في صياغة حاضر ومستقبل منطقة الشرق الأوسط، بل وربما اعتمادها كشريك في بناء التوافقات المستقبلية حول قضايا إقليمية ودولية؛ مثل مكافحة الإرهاب، وتحقيق السلام بين الإسرائلييين والفلسطينيين، وإخماد الحروب والتوترات المشتعلة في مناطق شرق أوسطية لإيران نفوذ فيها. لا جديد.. مبررات واهية المبررات الأميركية لتسويغ الصفقة النووية لم تكن سوى أمنيات وأوهام؛ فتدخلات إيران في دول التعاون الخليجي عبر شبكاتها الإرهابية تضاعفت، بدليل الحوادث الإجرامية في البحرين والكويت والسعودية، والتي تبين أن مقترفيها تم تجنيدهم وتدريبهم على أيدي جماعات مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، دعك من قيام الإيرانيين بتطوير حقل الدرة النفطي الكويتي المتنازع عليه دون التشاور مع الكويتيين، كما أن مواقف الأنظمة والجماعات التي تدعمها إيران، زادت تصلباً ورعونة؛ وآية ذلك ازدياد المجازر التي يرتكبها نظام الأسد في سوريا، واستمرار جرائم الحوثيين في اليمن، وبقاء «حزب الله»…
آراء
الإثنين ٣١ أغسطس ٢٠١٥
خرق الحراك الاحتجاجي في وسط بيروت رتابة أخبار الموت في التغطية الإعلامية العربية. بدا غريبًا وسط كل صور الفناء السوري في مختلف تجلياته المأساوية وصور مظاهرات العراق ومشاهد حرب اليمن وكل ما يحدث في المنطقة أن تجذب صور مظاهرات بيروت وصداماتها وأغانيها وجدارها الذي بني وسقط في 24 ساعة انتباه كثيرين. بدا مفاجئًا أن تشغل احتجاجات لبنان مساحة اهتمام واسع لدى الرأي العام في السوشيال ميديا خصوصًا لدى المجتمعات التي تشهد أزمات وحروبًا تتجاوز في أهميتها الواقع اللبناني بأشواط. بدت المظاهرات اللبنانية أقل عنفًا وصدامية من مثيلاتها العربية وهو ما دفع بأصحاب خبرات التظاهر والاحتجاج من مصر وتونس وسوريا واليمن إلى التعليق على ما يحدث في لبنان تارة بعين الخائف من تعرض هذا الحراك للإجهاض والاستغلال وتارة بعين الغابط والداعم.. لكن كانت هناك عيون كثيرة أخرى حصرت اهتمامها وتعليقاتها وهواماتها بصور المتظاهرات اللبنانيات. وهنا لا أتحدث فقط عن ساخرين وناشطين على «تويتر» و«فيسبوك»، بل عن بعض المواقع الإعلامية وعن بعض كتبة المقالات والتعليقات الذين وضعوا عناوين وجمعوا صورًا وخطوا فوقها عبارات من نوع «متظاهرات لبنان يشعلن...».. استعملت كلمة «يشعلن» في أكثر من عنوان حتى من قبل مواقع إخبارية يفترض أنها رصينة. ومن يتابع الانشغال بصور المتظاهرات اللبنانيات سيصاب بالخيبة حين يرى الصور فعلا لا لعيب في الصور لكن لأنها ليست…
آراء
الأحد ٣٠ أغسطس ٢٠١٥
ثمة من يقول اليوم إن تحرّك منظمات المجتمع المدني في لبنان مؤشر إلى سقوط الطبقة السياسية الحاكمة فيه. غير أن كلامًا كهذا يفتقر إلى الدقة. ذلك أن الطبقة السياسية اللبنانية سقطت منذ زمن بعيد، وما كان هذا الواقع بحاجة لبضع مئات أو ألوف من الشباب المُحبَطين، وأيضًا من المدفوعين والمشبوهين، أن يثبتوه في ساحات بيروت وشوارعها. ثم إن المشكلة الفعلية ليست «قضية الزبالة» (النفايات) التي فجّرت الأوضاع. فأزمة الزبالة ليست «بنت ساعتها» كما يقال. وفي غياب استراتيجية بيئية جدّية لا يصح تحميل الحكومة الحالية العرجاء وحدها المسؤولية عنها. ثم مَن قال إن الزبالة هي المشكلة الوحيدة التي أدى عجز السلطة وإفلاس الطبقة السياسية إلى تفاقمها؟ ذلك أن كل لبناني صادق مع نفسه يعلم أن أزمة الكهرباء كارثة، وتداعي النظام التعليمي والتسابق على فتح دكاكين الشهادات الجامعية التي تخرج آلاف الجهَلة كارثة، والانفلات الأمني وفوضى السلاح كارثة، والفساد بمختلف أشكاله وأنواعه والضالعين به كارثة، وتنامي التعصب الديني والمذهبي كارثة، وأزمة بطالة الشباب وهجرة العقول والكفاءات كارثة. كل هذه المشاكل تفاقمت وتتفاقم ولكن منذ عقود. منذ سقطت «الجمهورية الأولى» (1943 - 1975) وقرّر لاعبون إقليميون ودوليون منع قيام «الجمهورية الثانية» ولبنان يترنّح من أزمة إلى معضلة، ومن معضلة إلى محنة. ومع هذا كان سلاح اللبنانيين الوحيد في وجه هذا الواقع.. تجاهله والهروب…
آراء
الأحد ٣٠ أغسطس ٢٠١٥
الجهاز التنفيذي للدولة، دائماً ما يشهد تجديداً مستمراً، عبر الجهاز الوزاري التنفيذي للدولة - مجلس الوزراء - ، الذي يشهد حركة تغير غير معتادة، من الواضح أنه في مرحلة البناء الجديدة والشابة، وعبر مجلسين رئيسين أحدهما اقتصادي تنموي، والآخر سياسي أمني، برئاسة ولي العهد وولي ولي العهد، مجلسان يشكلان أجنحة التنفيذ العاجلة للجهاز الحكومي الكبير. من الطبيعي أن التغيرات والتبديلات ستستمر لبعض الوقت، أو كل الوقت طبقاً للكفاءة والأداء وبحثاً عن تحقيق النتائج المأمولة. الإدارة السعودية الجديدة لن تقبل أداءً أو شخصيات قيادية ووزارية يرى المواطن أنها جزء من التقصير، أو التأزيم العام، فالمطلوب أن تستقر الخبرات الإدارية والخيارات لاستحقاق التكليف. وليس الاستعراض أو الدفاع عن الأخطاء والقصور الظاهر كما ينوه الجميع. نحن في نقلة مرحلية شاملة، شاملة في توجهاتها وقراراتها. وأي أداء يؤدي للتشويش العام، أو يحط من قيمة وهيبة الجهاز الحكومي وفعاليته، في قمة هيكلة التنفيذي، سيكون لافتاً ومثيراً، ومحل حوار وجدل اجتماعي واسع، فالتوقعات مرتفعة والآمال كذلك..! فالقصة ليست وزيراً أو وزارة أو جهازاً، بقدر ما هي هيبة القرار وحزم اتجاهات المرحلة. وكلما كانت قرارات بعض الأجهزة متناقضة أو منقوصة أو عاجزة، أو مجرد فلاشات عابرة لا تغني ولا تسمن عن حاجة أو علاج لمشكلة، فإنَّ هذا الأداء سيكون من النوع الضار، ويفقد أو يحط بالفعل من…
آراء
السبت ٢٩ أغسطس ٢٠١٥
لا بأس.. يمكنك أن تدندن بلحن المسلسل إذا كنت لاتزال تذكره.. ولم تفسده ألحان «بوس الواوا» الطارئة! المعضلة الحقيقية في قضية العلاقة بين الأبناء والآباء هي أن فاقد الشيء لا يعطيه؛ فلا يمكن للابن أن يفهم شعور والديه تجاهه، وما مرا به وأي نوع من المشاعر كانا يكناها له صغيراً، ولماذا كانت خياراتهما كذا وكذا، ولماذا ضحيا بهذا وذاك إلا بعد أن يحمل قطعة اللحم الصغيرة التي تصرخ بصوت يتناقض مع حجمها ليؤذن في أذنها اليمنى، لن تفهم شعورهما تجاهك، إلا في تلك اللحظة التي تخاف فيها وأنت تضع بقايا تمرة لتحنك فيه مولودك وتدعو سراً ألا يختنق بها! المشكلة الأخرى هي أن الذكريات التي يحتفظ بها العقل البشري - في الغالب - تبدأ من العام الخامس أو قبل ذلك بقليل، لو أن الذاكرة تحتفظ بذكريات الطفولة الأولى لتغير شكل تعامل الأبناء مع آبائهم، لو أنهم يذكرون السنوات الأولى لتغير وجه العالم، كل ذلك التعب والهدهدة، والتربيت، وتحمل السوائل والصلائب والغازات والأصوات، لو أنهم يذكرون «فزة» النوم كل ساعتين للاطمئنان على أنك لم تتوقف عن التنفس أو تبتلع حليب قيئك! لهذا كان ذلك المشهد العبقري في فيلم «لوسي»، التي بسبب عقاقير معينة استعادت القدرة على تذكر كل شيء؛ فكان أول شيء اتصالها بوالدتها لتشكرها بطريقة مؤثرة على طعم حليبها الحنون…
آراء
السبت ٢٩ أغسطس ٢٠١٥
لا شك أن مبادرة الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة وتوجيهه لمحافظي مكة المكرمة بلقاء عاجل مع شيوخ القبائل لإعداد وثيقة تحدد "مهر الزواج" للحد من العنوسة، تعد مبادرة جميلة وتستحق التطبيق في كل مناطق المملكة.. ولكن هل العزوف عن الزواج من كلا الجنسين سببه غلاء المهور؟ لو كان السبب في تأخر الزواج وتفشي العنوسة هو غلاء المهور لكان الأمر سهلا، فالدولة مشكورة تمنح قرضا حسنا دون مقابل للمقبلين على الزواج وهو يعادل نصف قيمة المهر لدى العائلات والقبائل المغالية في مهور بناتها.. ولكن المشكلة أكبر من غلاء المهور وتحتاج إلى تحرك على الأصعدة كافة. الحياة برمتها أصبحت غالية ومرهقة للبدن والنفس البشرية.. كل شيء ارتفعت أسعاره والشباب وصل بهم الوعي مبلغا يمنعهم من تكوين أسرة وهو غير قادر على توفير سبل العيش الكريمة لها. المقبلون على الزواج يحتاجون إلى السكن، وتوفير المسكن أصبح أكثر تعقيدا في زمننا هذا وتعانيه الأسر القديمة، فما بالك بمن هو مقبل على الزواج.. الإيجارات مرتفعة ومرهقة لأي شخص من الطبقة المتوسطة، والتملك أصبح مستحيلا في ظل احتكار الأراضي وارتفاع أسعارها بشكل مهول وتقاعس وزارة الإسكان عن توفير المساكن وتعثر الكثير من مشاريعها. صعوبة الحياة والغلاء في كل شيء جعلت من حلم الزواج أمرا صعبا، وجعلت الكثير يتردد في الإقدام على مشروع الزواج، فمن…
آراء
السبت ٢٩ أغسطس ٢٠١٥
يصعب جدا أن تستوعب الإنسانية ادعاءاتنا بأننا تحضرنا وتقدمنا وتطورنا إلى الدرجة التي أصبح فيها الإنسان، بغض النظر عن أي اعتبارات فئوية أو طبقية أو جندرية أو عمرية، إنسانا له ما يستحقه من الاحترام، وله حقوقه التي يجب أن ينهض المجتمع مدافعا عنها كشكل من أشكال إثبات حياة الضمير وتحمل المسؤولية الإنسانية، من واقع الادعاء أو الزعم بأننا أصبحنا كذلك. أقسم بالله أنني لم أشعر باكتئاب خلال السنوات الماضية القريبة مثلما شعرت به اليوم. وكما يقال بأن ضربتين في الرأس توجع، فإن صدمتين لضمير الإنسان أكثر وجعا وإيلاما. المشكلة أن الضحية في الضربتين هي الطفولة وهي جناية أن يكون المخلوق أنثى في مجتمع جند كل ذكوريته المشوهة للخسف بهذه الأنثى بغض النظر عن كونها في الأساس ضحية غيرها، الأب الأسرة، المجتمع الظالم، القوانين الغائبة، العدالة العوراء، الظلم الفاحش المبين الذي يسهل أحيانا إزهاق الأرواح ونحن نتناقل أخبارها ببساطة، بل ببلادة متناهية. في هذا اليوم الكئيب قرأت خبرين: فتاة تموت بسبب الإفراط في الإهمال، وطفلة تموت بسبب الإفراط في «التأديب». يا الله، كم نحن مبدعون في إيجاد التخريجات لانتفاء الإنسانية عنا أحيانا. كم نحن استثنائيون أحيانا في عدم الخجل من الله وخلقه والإنسانية جمعاء. فتاة كانت ضحية لأسرة قاسية وأب تجرد من أدنى موجبات الإنسانية، حبست انفراديا دون اعتبار لحالتها النفسية…