آراء

آراء

ترقبوا أزمة الصين!

الخميس ٢٠ أغسطس ٢٠١٥

بعد أزمتي الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي ترقبوا أزمة كبيرة وخطيرة قادمة في الطريق ستؤثر على مجمل الاقتصاد العالمي، وربما تؤدي إلى ركود جديد، إنها أزمة الصين التي تلوح في الأفق وتبذل الحكومة الصينية جهوداً حثيثة لتأجيلها أو الحد منها. وعلامات الأزمة الصينية واضحة للمتتبع، بل إن عالم المال والأعمال يعرف جيداً أنه من الصعب تفاديها بحكم الحجم الهائل للاقتصاد الصيني الذي يعد ثاني أكبر اقتصاد في العالم ويرتبط بعلاقات تجارية قوية مع كل البلدان، بل إن بعضها أصبح يعتمد بصورة شبه كاملة على الواردات والصادرات من وإلى الصين. وضمن أهم بوادر الأزمة الصينية نذكر تضخم الأصول هناك، وأولها تضخم أسعار الأسهم بصورة مبالغ فيها، حيث تعرضت سوق «شنغهاي» للأوراق المالية خلال الشهرين الماضيين لمحنتي انهيار لتنخفض بنسبة 25% وأنقذها مؤقتاً تدخل الحكومة واتخاذها لإجراءات غير مفيدة تماماً، كمنع الشركات الكبيرة من بيع أسهمها وضخ مليارات الدولارات في السوق، إلا أن هذه الإجراءات هي مسكّنات فقط وليست حلولاً، إذ إن تصحيح أسعار الأسهم مسألة لا مفر منها، مما يعني أن تكرار الانهيارين السابقين في الفترة القادمة أمر ليس محل شك. وثاني أهم القطاعات المتضخمة للغاية هو القطاع العقاري، فأسعار العقارات تضاعفت عدة مرات دون سند للأساسيات المتعارف عليها، فهناك فائض كبير في الوحدات السكنية عالية الثمن وقطاع واسع من الناس…

آراء

الاستعداد الدولي للحرب في ليبيا

الأربعاء ١٩ أغسطس ٢٠١٥

كالعادة، التراخي في مواجهة الجماعات المتطرفة يجعل المهمة أصعب لاحقًا، وبكلفةٍ أغلى. هذا وضع ليبيا اليوم. فمنذ بداية الاقتتال كانت المؤشرات والمحطات كثيرة على تنامي ثم انتشار الجماعات المتطرفة المحسوبة على «القاعدة». جماعة «أنصار الشريعة» هدّدت بذبح سفير بورما، في منتصف عام 2012، ولم يلتفت إليها أحد، حتى هاجمت القنصلية الأميركية وقتلت السفير وثلاثة آخرين، فقط بعد شهر من تهديداتها للدبلوماسيين! ردة الفعل كانت عملية كوماندوز أميركية محدودة عندما اعتقلت أحد منسوبي «القاعدة» من بيته في طرابلس. ومرَّت أربعة أشهر قبل أن تضع الحكومة الأميركية «أنصار الشريعة» على قائمة المنظمات الإرهابية، أما الأوروبيون فلم يفعلوا شيئًا على الأرض. ازدادت نشاطات الجماعات المتطرفة فاختطفت رئيس الوزراء حينها، ثم قامت جماعة أخرى فخطفت موظفين في السفارة المصرية مطلع العام الماضي. ورغم تزايد نشاط الإرهاب في هذه الدولة البحر متوسطية والنفطية، لم يرغب أحد في بناء قوة لمواجهة الإرهاب، ربما على أمل أن يتبخَّروا! والأسوأ أن الأوروبيين، وهم المعنيون بالدرجة الأولى بما يحدث لخطورته على مناطقهم، لم يدعموا القوة الوحيدة التي تجرَّأت على الإعلان عن استعدادها لوقف الفوضى. الجيش الليبي، من خلال اللواء خليفة حفتر، أعرب عن استعداده لتولي المهمة. ربما كانت فرصة لتطوير وإدارة قوة عسكرية ليبية ما، تقوم بمهمة توحيد البلاد، والقضاء على الميليشيات، ثم فرض الحل السياسي، الموجود أصلاً، لكن…

آراء

نحو “تبييض” سمعة السعودي

الأربعاء ١٩ أغسطس ٢٠١٥

نحتاج حملة علاقات عامة لتجميل صورتنا التي طالها كثير من الغبش والتشويش بعد أن خدشتها بعض الأعمال التفجيرية التي تم استخدام "أبنائنا" مطية لها بعد أحداث 11 سبتمبر تقاطرت إلى بعض المدن العالمية وعواصم القرار -على نحو متتابع- أفواج مختارة من رجالات الفكر والسياسة من أساتذة الجامعات وأعضاء مجلس الشورى ورجال الأعمال والإعلام، وقد أبلى كثيرها بلاء حسنا في إزالة ما شاب تلك الحادثة من انعكاسات سلبية عن هذه البلاد وأهلها. ولكننا بعد تلك الفترة نحتاج -مرة أخرى- إلى حملة علاقات عامة لإعادة تجميل أنفسنا وتنظيف صورتنا التي طالها كثير من الغبش والتشويش بعد أن خدشتها بعض الأعمال التفجيرية التي تم استخدام "أبنائنا" مطية لها، يضاف إلى ذلك الحملات المسعورة التلفزيونية والصحفية والتويترية التي وجهت عمدا لإلصاق تهم التشدد ودعم الإرهاب بنا على حين أننا أكثر من يتلظى بذلك، وهنا تكمن الحاجة إلى مواجهة ذلك بالأسلوب نفسه، لا سيما أننا حقيقة نملك الأدوات والدلائل على طائفية وإرهاب خصومنا، ولنا في تفجيرات قوات المارينز وتفجير الخبر وأحداث الجابرية، واستهداف موكب أمير الكويت ثم اغتيال الحريري وغيرها مما ينوء الورق بذكره ما يجعلنا أقدر وأقوى على الإشارة والتأكيد على أن ثقافة التفجير والتفخيخ والاغتيالات بدأت من هناك وما زالت، وأن الطائفية هي ثمرة "الولي الفقيه" وإحدى واردات تصدير الثورة التي تسعى إلى…

آراء

أسوأ مكان للعيش !

الأربعاء ١٩ أغسطس ٢٠١٥

احتلت العاصمة السورية دمشق المركز الأخير في لائحة المدن الأكثر ملاءمة للعيش في العالم بحسب قائمة أعدتها وحدة بحثية في مجموعة (ايكونونيست)، ويبدو هذا التصنيف معقولا في ظل الحرب الأهلية الطاحنة التي تشهدها سوريا، ودمشق التي لم يبق من صورتها البهية المليئة بالحياة سوى الذكريات ومشاهد المسلسلات التلفزيونية وأبيات الشعر التي تتحدث عن مدينة كانت فأصبحت.. وسبحان من له الدوام. ليس دمشق وحدها التي انقلب حالها رأسا على عقب في بضع سنوات، فبعد النداء الذي وجهته الجامعة العربية لإنقاذ ليبيا من التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها داعش والتي افترست البلاد والعباد وبعد تحذير العديد من الجهات الأوروبية حول خطورة الوضع في ليبيا، يمكننا أن نقول بأن طرابلس وبنغازي وبقية مدن ليبيا سوف تنافس دمشق وبقية مدن سوريا على لقب أسوأ مكان للعيش. وأظن أن العديد من المدن العربية يمكن أن تنافس دمشق على هذا اللقب من بغداد إلى صنعاء إلى مقديشو، فالعيش الرغيد لم يعد أمرا جيدا في العالم العربي.. لا أحد يحترم العيش اليوم.. كل القلوب معلقة بالموت.. تتغنى به.. وتركض نحوه بلهفة مجنونة.. لذلك تتحول المدينة بأكملها إلى مدينة مفخخة.. مفخخة بكل شيء: بالكراهية بالجواسيس بالأسلحة بالإشاعات بالأحقاد بالثأرات بالأطماع وهكذا حتى يصبح انفجاراتها اليومية دلالة على نشاطها وحيويتها وجثث الأبرياء التي تتناثر في طرقاتها هو علامة الحياة فيها..…

آراء

الجنرال من «التصهير» إلى العبث

الثلاثاء ١٨ أغسطس ٢٠١٥

لبنان يشبه الشعلة الأولمبية. يستعر بالنار إذا كان محيطه العربي هادئاً أو يترقب، وتخبو ناره وتنصرف الأنظار عنه إذا احتدم الصراع من حوله. لكن يبدو أن الجنرال ميشال عون يريد تغيير هذه الصدفة التاريخية، وزج البلد في مدرجات الفوضى. في عام 2009 عطل الجنرال تشكيل الحكومة من أجل توزير صهره جبران باسيل، واليوم يعاود ممارسة «التصهير» في المناصب الرسمية، ويشترط تعيين صهره الآخر شامل روكز قائداً للجيش. لكن عون، هذه المرة، تجاوز تعطيل عمل الحكومة، والتلاعب بصورة الجيش وبنيته التنظيمية، ووصل إلى حد العبث بجدار الأمة، الذي حافظ على استمرار لبنان، وحماه من التمزق والسقوط، وهو مارس تحريضاً طائفياً، ومذهبياً غير مسبوقين. وصف «تيار المستقبل» بتنظيم «داعش»، واتهم رئيس الوزراء تمام سلام بالداعشية. ربما يسهل اتهام أحد بالداعشية، لكن من الصعب، والذنب اتهام ابن الراحل صائب سلام الذي حمل وردة حتى رحل. هذا خطاب خطير. السنّة في لبنان رمز لتمدن الأمة، وقدرتها على قبول التعددية، ورفض «التكتيل» والعسكرة، وضيق الأفق. وحين يأتي عون ويصور الأمة باعتبارها منظمة إرهابية فهو يسيء إلى صورة المسيحيين قبل المسلمين، ويسعى إلى معاودة فتح جرح الحرب الأهلية بطريقة مغولة بالتطرف والنزق. لبنان لم يشهد خلال الحرب الأهلية وما بعدها تكتلاً سنياً في صيغة طائفية، ولم يحدث أن واجه السنة طرفاً في لبنان، بحكم تكوينهم القائم…

آراء

المؤسسة الفاشلة

الثلاثاء ١٨ أغسطس ٢٠١٥

«كانت درجة الحرارة 48 درجة مئوية حين جاء العامل لتركيب مولد المياه الجديد، بعد احتراق الحالي الذي أدى إلى انقطاع المياه عن المنزل، ولأنني كنت ضحية غش لعمالة في السابق, اضطررت إلى أن أقف معه فوق السطح لأشرف بنفسي على عملية التركيب». هكذا دهمتني "دانة" بحديثها دون مقدمات، ثم جرّت كرسيا وجلست عليه أمامي لأرى في عينيها ثقة مبيتة بأنني سأستمع إليها، شعرت بالاستياء لأن مزاجي ذلك الصباح لم يكن على ما يرام، ولكن لم أستطع أن أخذل تلك الثقة المختلطة بآثار دمع رأيته في مقلتيها بإعطائها ظهري، ما يزعجني في ذلك الدهم الأوقات الصعبة التي تأتي فيها، ومع ذلك أرتبك كثيرا من فكرة التملص منها، وأدخل في صراع مع نفسي يحدث من الجلبة ما يكفي لإيقاظ القطة الساكنة بالداخل، التي ما أن تستيقظ حتى تأبى أن تغادر دون أن تملأني بخربشة الآخرين. تنبأ حدسي بطقس عاصف ماطر فسحبت علبة المناديل الورقية من خلف الكمبيوتر بطريقة آلية ووضعتها على حافة المكتب، ثم استرسلت: "كانت ساعات الوقوف تحت الشمس كفيلة بنكء جرح قديم، ومع ذلك لم أتحمل منظر العامل يتصبب عرقا فشعرت بتأنيب الضمير ونزلت إلى المطبخ لأحضر له ما تبقى من مياه الشرب, فبدأت أشعر بالدوار والتعب, فهذه لم تكن أول مرة أشعر فيها بأنني الرجل الحقيقي لهذا المنزل, لدرجة…

آراء

أسطوانة «التصهين» المملة.. سلاح المفلسين

الثلاثاء ١٨ أغسطس ٢٠١٥

إشكال بعض الكتاب في إعلامنا أن التهم بالعمالة والخيانة والتصهين جاهزة لديهم لمن يختلف معهم، فكاتب هنا في صحيفة محلية يعيد أسطوانة الكتاب المتصهينين، وآخر يردد خطابه المهلل في صحيفة خليجية لا يكفون عن نظريتهم المؤامراتية بأن بعض كتاب هذا الوطن هم من يقفون وراء الحملات السياسية، التي نجدها في إعلام بعض الدول الغربية ضد المملكة. مثل هذه الخطاب، الذي يقوده هؤلاء المأزومون، يحاول بكل انتهازية، تأليب الدولة ضد من يختلف معهم في قضايانا، هؤلاء -للأسف- من يدَّعون ويطالبون بالحرية والديموقراطية، ولكن أن يختلف الآخرون معهم فالتهم لديهم جاهزة. فأحدهم يرمي التهم جزافاً لكل من يختلف معه من دون أدلة، فيصف من يختلف معه بأنه يخدم المشروع الصهيوني مثلاً، وأنه قد اختارته تلك الدوائر على أن يكون عميلاً، بعد أن ركز على أهوائه وانحرافاته وتاريخه الأخلاقي. من يستخدم مثل هذه التوصيفات لا شك أنه مفلس فكرياً، فبدلاً من مقارعة أفكار من يختلفون معه في قضايانا السياسية والاجتماعية يلجأ إلى مثل هذه العبارات الرخيصة، والتي إن دلت على شيء فإنما تدل على غوغائيتهم، فهم يعتقدون بأنهم بإطلاقهم لهذه الأوصاف سيكسبون شعبية في المجتمع. بسبب ما تمر به بلادنا في هذه المرحلة الشائكة في حربها مع الإرهاب مثل «داعش» وغيره، الذي لا يتردد في تفجير المساجد وقتل المصلين داخلها، ومحاولته خلق فتنة…

آراء لماذا ذهبنا إلى اليمن؟ – بقلم: ياسر حارب

لماذا ذهبنا إلى اليمن؟ – بقلم: ياسر حارب

الثلاثاء ١٨ أغسطس ٢٠١٥

قبل وفاة السيد محمد مهدي شمس الدين – رحمه الله - الذي كان رئيساً للمجلس الشيعي الأعلى بلبنان، ألقى على ابنه، وهو على فراش الموت، مجموعة وصايا للشيعة في العالم، كانت غاية في الأهمية، جاء فيها: "أوصي أبنائي وإخواني الشيعة الإمامية في كل وطن من أوطانهم، وفي كل مجتمع من مجتمعاتهم، أن يدمجوا أنفسهم في أقوامهم وفي مجتمعاتهم وفي أوطانهم، وألا يميزوا أنفسهم بأي تميز خاص، وألا يخترعوا لأنفسهم مشروعاً خاصاً يميزهم عن غيرهم، لأن المبدأ الأساس في الإسلام هو وحدة الأمة، التي تلازم وحدة المصلحة، ووحدة الأمة تقتضي الاندماج وعدم التمايز". ثم يقول رحمه الله :"وأوصيهم بألا ينجروا وألا يندفعوا وراء كل دعوة تريد أن تميزهم تحت أي ستار من العناوين، من قبيل إنصافهم ورفع الظلم عنهم، ومن قبيل كونهم أقلية من الأقليات لها حقوق غير تلك الحقوق التي تتمتع بها سائر الأقليات. إن هذه الدعوات كانت وما زالت شراً مطلقاً". لقد كان رحمه الله صاحب نظرة بعيدة؛ فقرأ الواقع السياسي في المنطقة بعناية، واستوعب محاولات إيران لتصدير الثورة الخمينية إلى العالم العربي، وتحويل فكرة "ولاية الفقيه" إلى إحدى مُسلّمات المذهب الشيعي لإحكام سيطرتها على شيعة العالم. وقد عارض هذه الفكرة الخمينية، التي لا تُعتبر أصيلة في المذهب الشيعي، علماء كبار عند الشيعة، كالسيد محمد مهدي شمس الدين، والسيد…

آراء

سياحة في عقلية السائح الصحراوي

الإثنين ١٧ أغسطس ٢٠١٥

هل استقرار النظام الطبيعي في تعاقب الفصول، ربيع صيف خريف شتاء، يبرمج الكائن الحي فيه على التعامل بنظام طبيعي مع الحياة، مع مكوناتها وأولاً وقبل كل شيء مع نفسه ومثيله؟. هل لطبائع الاستقرار والنظام في الطبيعة (طقس، مناخ، تضاريس) دور في استقرار طبائع المخلوقات، والعكس صحيح أيضاً؟. أم أنها التربية الأولى منذ الولادة حتى تبلور الفهم الخاص، هي المكون الأهم لما يكون عليه الكائن/ الإنسان لاحقاً من الانسجام أو الفوضوية مع البيئة التي نشأ وتربى بداخلها؟. أو أن الناتج النهائي خلطة تمازج بين البيئة الطبيعية والبيئة التربوية، لكون الاثنتين تتعاونان لتشكيل أسس النظام أو الفوضوية التي يتعامل بها الكائن مع الحياة؟. هل غياب الانتظام المتوقع والمتكرر في العوامل الطبيعية، لصالح التقلب من جفاف إلى رطوبة ومن قحط إلى إرياف ومن قيض حارق إلى برد قارس، بفواصل زمنية عشوائية تأتي بدون موعد، هل هذا يبرمج الكائن العائش فيه على التعامل بمزاجية فوضوية مع الحياة ومع نفسه ومثيله؟. ثم هل عدم الاستقرار هذا يشكل عنصراً أساسياً في تكوين مفاهيم ومخرجات التربية الاجتماعية، بمعنى أن التطرف والتقلب في البيئات الطبيعية يحرض التربية الاجتماعية على التعامل بتطرف مماثل في الإعداد التربوي للنسل، كنوع من التحسب والتحفز لتقلبات المستقبل وللتكيف مع الاحتمالات؟. بالمختصر المباشر، هل تؤسس البيئات المتقلبة، كالصحراوية مثلا بغياب الانتظام الطبيعي فيها، لإنسان…

آراء

الأسير وغياب العدالة

الإثنين ١٧ أغسطس ٢٠١٥

من المفارقة أن يتم الاحتفاء بالقبض على الداعية المتطرف الهارب أحمد الأسير، في وقت هناك على الأقل ثلاثة من المطلوبين دوليًا يحتسون القهوة في الضاحية، جنوب بيروت، دون أن تتجرأ الأجهزة الأمنية على اعتقالهم. تعتقل الأسير بتهم مثل التحريض، وعرقلة سير العدالة، ولا تعتقل المطلوبين الأحياء الثلاثة، المتهمين بقتل رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري. الأسير يستحق اعتقاله على تطرفه وتحريضه ومحاولته تحدي الدولة، لكن العدالة اللبنانية صارت محل سخرية العالم، عندما تتجاهل السلطات متهمين بجريمة أعظم، مثل قتلة الحريري، تفاديًا لإغضاب حزب الله. وغالبية السنة لا يهمهم كثيرًا اعتقال الأسير، إنما يغضبون من ازدواجية المعايير، والظلم الصريح ضدهم. بروز أحمد الأسير هدد التركيبة الاجتماعية السياسية القديمة لطائفته السنية. بإعلانه أنه يمثلها، ويدافع عنها، في مواجهة تنظيمات حزب الله، أحرج القيادات التقليدية. وهو في الحقيقة كان ظاهرة صوتية، ولم يكن قادرًا على بناء تنظيم ميليشيا سنية، وعندما حاول فشل. الزعامات السنية في لبنان مدنية دائمًا. وهذه التركيبة المدنية الرافضة للتسلح، عزز موقفها، بخلاف ما يظنه البعض، وجنب الطائفة، ولبنان عمومًا، حالة حرب أهلية ثانية. نجاح شعبية الأسير القصيرة سببه أنه عزف على وتر المظالم السنية، وحاول التكسب دعائيًا ضد حزب الله في القضية السورية، التي كانت تمثل أكبر جرح للسنة بشكل عام. وعندما وجد الأسير نفسه فجأة وسط الاهتمام اللبناني، والإقليمي…

آراء

عائلات لندن ليست السبب!

الإثنين ١٧ أغسطس ٢٠١٥

كنت في مقال سابق أقف موقف المعارض لإقامة مباراة السوبر السعودية في مدينة لندن، وذلك لأسباب تتعلق بقدرة الجمهور البسيط على حضور المباراة، وكون المباراة الأكثر شعبية في المملكة تحولت إلى سلعة تجارية يتكسب من ورائها عدد من الشركات والقنوات دون أن يكون لذلك أي تأثير إيجابي على فرصة المشجع البسيط في أن يحضر المباراة ويشجع فريقه. بعد نهاية المباراة وفوز نادي الهلال بالبطولة، ظهرت أصوات تندد بإقامة المباراة لأسباب مختلفة تماما، وهي تلك الحجج التي يطلقها البعض استنادا إلى ما يسمى بالخصوصية السعودية، فمن وجهة نظرهم يعد ظهور العائلات السعودية بالشكل الطبيعي مع أولياء أمورهم أو إخوانهم أو أبنائهم مخالفا للخصوصية التي يحملون عليها كل هواجسهم وتشككاتهم التي تنشأ من نفس مرتابة من كل شيء. يعترض المعترضون على ظهور الفتيات دون عباءاتهن التقليدية ويستهجنون جلوسهن وسط كم كبير من الرجال، ويطلقون كل الأوصاف المقيتة كما فعل أحد مشايخ تويتر على فتيات كل جرمهن أنهن يرون أنفسهن متصالحات مع ما يفعلون ومتعاليات على منهج الشتم والقذف. لن أتكلم طويلا هنا عن ضرورة محاسبة كل من سولت له نفسه قذف المحصنات ورمي كل أنواع الشتيمة على مواطنات قررن الاستمتاع بمباراة رياضية في أجواء حماسية لم يكتب لهن حضورها لأن قدرهن أن يكونوا إناثا، بل سأركز على أن المشكلة المثارة ليست في…

آراء

التحضر العلمي هو الانتقام من التخلف

الإثنين ١٧ أغسطس ٢٠١٥

في كتاب اليابانيين الذي ألفه سفير الولايات المتحدة في اليابان إدوين أو رايشاوير عام 1977م، طرح الكاتب سؤالا جوهريا أجاب عليه بنفسه، كان السؤال ما سر اليابان؟ وكان الجواب: سر نهوضها شيئان: إرادة الانتقام من التاريخ، وبناء الإنسان. فالذي نهض باليابان من على ركام رائحة القنابل الذرية المميتة هو الرغبة في تحدي هزيمة الانكسار المدوي أمام العالم الأقوى، كانت الإرادة استنهاض لكل رغبات الانتقام من هزيمة الحرب، والموت الذي لن يجر الأمة اليابانية إلا إلى التخلف، والتخلف هو السرطان المميت للحياة. ألهبت اليابان الحماسة العلمية والتكنولوجية في نفوس أمتها الجريحة والمحروقة من انفجارات هيروشيما وناجازاكي وبطراز رفيع من التوقد الفكري ليحاكي إيقاعه على الأرض لعب الكبار في ساحات الحرب الذي لا يراهن سوى على النصر، فالضرب بالعلوم والاختراعات لن يردعه إلا الضرب بالعلوم والاختراعات المنافسة. واليوم أصبحت اليابان ضمن الدول العظمى التي كفلت لشعبها حق وجوده المهيمن في الصناعة والاقتصاد والتنمية على الخارطة الدولية. في العالم العربي تسبح الشعوب المنكوبة بدول حكومات «الاستعمار الوطني» في خطيئة التخلف الحضاري الذي جاء إليها منقادا مرغما، وتشظت منه انعكاساته المريرة على الواقع العلمي والاقتصادي والصحي. هذا الواقع إذا ما تم استهدافه في أي شعب فلن تهب له نهضة مع الأمم المحيطة به أبدا. النزاعات السياسية وأطماع الاستحواذ على السلطات ونهب الأموال في بلدان…