آراء

آراء

تصريحات الجبير.. هل يفهمها الأسد؟

الجمعة ١٤ أغسطس ٢٠١٥

حسنا فعل وزير الخارجية عادل الجبير حين أكد من موسكو وفي حضور وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، تمسك المملكة برحيل بشار الأسد من المشهد السوري كخطوة لا بد منها كي يتمكن الأشقاء السوريون من إعادة بناء بلدهم، على أسس الحرية والكرامة والاستقلال. لم يترك الجبير فرصة للتخمين أو الاستنتاج، إذ قال بوضوح ألا مكان للأسد في مستقبل سورية، مشددا على أن موقف المملكة لم يتغير رغم مرور أربع سنوات على اندلاع الثورة الشعبية ضد النظام البعثي الذي احتمى في مواجهة شعبه بانتمائه الطائفي، ثم بتقاطعه المصلحي مع بعض القوى الإقليمية الساعية إلى فرض نفوذها في المنطقة، بصرف النظر عن الأرواح التي تهدرها في سبيل ذلك. لقد أنهت تصريحات الجبير حالة التشويش التي سادت السياسة الإقليمية خلال الفترة الماضية جراء التطور الذي لحق بالملف النووي الإيراني وكان من تداعياته التقارب المتنامي بين طهران وواشنطن. كما أنها قطعت الطريق على مزاعم أطلقها منتفعون ببقاء الأسد عن وجود تغيير في السياسة السعودية، والأهم أنه رد على الذين توهموا بوجود مقايضة بين التقدم السعودي على الجبهة اليمنية وتحريك ملف التسوية السلمية في سورية. من جهة ثانية، أظهرت تصريحات الجبير التي تضمنت تمييزاً ناضجاً بين بشار ورجاله من جهة ومؤسسات الدولة السورية من الجهة الثانية، أن السعودية تتحسب من الحلول غير العقلانية وتعمل على التصدي…

آراء

عجز الموازنة بين السندات والاحتياطي

الجمعة ١٤ أغسطس ٢٠١٥

طرحت وزارة المالية هذا الأسبوع سندات اقتراض حكومية بمقدار 20 بليون ريال، والغريب أن وكالة «رويترز» هي أول من نقل الخبر، وليس قناة أو وسيلة إعلام سعودية. وكان محافظ مؤسسة النقد الدكتور فهد المبارك أعلن في أوائل تموز (يوليو) الماضي اقتراض الحكومة 15 بليون ريال من مؤسسات مالية محلية، إضافة إلى سحبها 244 بليون ريال من الاحتياطي خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي. بدورها، نشرت صحيفة «مال» الإلكترونية أيضاً قبل أيام خبراً عن عزم الحكومة طرح سندات مديونية بـ100 بليون ريال خلال العام الحالي، وهو خبر لم تنفه الأجهزة المعنية ولم تؤكده، وإن كان مبرراً ومحتملاً بشكل كبير في ظل تدني أسعار النفط حالياً. وللتذكير والمقارنة، كانت وزارة المالية قدرت الإيرادات المتوقعة في موازنة العام الحالي بـ715 بليون ريال، في مقابل نفقات تبلغ 860 بليون ريال، أي بعجز متوقع بحدود 145 بليون ريال، إلا أنه فعلياً فإن ما تم سحبه من الاحتياطي إلى اليوم، بحسب حديث محافظ «ساما»، مضافاً إليه مقدار دين السندات المطروحة، يبلغ حوالى 279 بليون ريال (244 بليون سحب من الاحتياطي + 15 بليون إصدار السندات الأول + 20 بليون إصدار السندات المعلن هذا الأسبوع)، أي أن العجز بحسب البيانات الحالية زاد إلى اليوم بالضعف تقريباً عن الرقم المقدر في الموازنة بداية العام. بالطبع، ما زلنا…

آراء

خطوات تركية

الجمعة ١٤ أغسطس ٢٠١٥

تستمر تركيا في اجتذاب مزيد من الإعجاب والانبهار بما تمثله من عودة متوازنة ومنطقية لمبادئ وأخلاقيات الإسلام بعد فراق طويل بينهما. يشاهد الزائر الكم الكبير من الاهتمام والعناية بالمفاهيم والموروث الإسلامي للدولة العثمانية. هناك كثير من التحفظ في العالم العربي على نهايات عصر الخلافة العثمانية، لكن هذا لا يلغي الدور الأساس الذي كان لهذه الدولة في نشر الإسلام والمحافظة على وحدة العالم الإسلامي ومحاربة الفئات الضالة خلال القرون التي حكمتها، خصوصا المبكرة منها. تعود تركيا اليوم في حلة مختلفة عن السابق بعيدا عن محاولة السيطرة على العالم الإسلامي، وإنما في مسار محاولة إعادة المجد لهذه الأمة شكلا ومضمونا. تظهر كل فترة مجموعة من المبادرات الرائعة التي تستحق أن تتبناها الدول الإسلامية الأخرى التي عانت ــ هي الأخرى ــ حالة فصام وابتعاد عن دينها بأخلاقياته ومثالياته. الخروج من تأثير الشهوات إلى دعم السلوك المحافظ واحدة من تلك المبادرات المهمة. ينتشر الحجاب ويرتفع الأذان وتحارب مواقع البغاء والقمار والتعري تدريجيا وبعقلانية. تنتشر في الجامعات الدراسات الإسلامية، والبحوث الشرعية ويحتفل الناس بانتصارات الإسلام. يجتمعون في رمضان، ويأكلون مع الفقراء وعمال النظافة. يمارس كل المسؤولين الشعائر الدينية ويحثون على ذلك بعد أن كانت منتقصة في عهد مضى. في هذا الجو الإسلامي تظهر مبادرات شخصية من المواطنين أنفسهم. مبادرات تترجم مفاهيم إسلامية أصيلة وتدفع باتجاه…

آراء

«ما صرّح الحوض عما في أسافله!!»

الجمعة ١٤ أغسطس ٢٠١٥

في سكن الجامعة الكئيب قبل عشرين عاماً من اليوم، كان صديق يعاني العديد «الإشوز»، لكن قرعة الإدارة الجامعية السكنية ألقته في حجرتي، الملل والفراغ والبدعة التي أرجو أن تلقي بمن استحدثها في الدرك الأسفل، والمسماة بالـ«كورسات الصيفية»، والطاقة الجبارة في القدرات الانحرافية، والسكن في «سيح» منعزل أشبه بتجربة جحيمية غاية في القرف، لذا لم يكن من الممكن أن أرد دعوة صديقي في الذهاب بسيارته، والغداء في مطعم المدينة الوحيد للبيتزا، الذي يحتل مكاناً مرموقاً في إحدى محطات البترول بالطبع. في تلك الأيام كان اسم «مارغريتا» يثير مخيلتي الشابة والمريضة، تناولنا الكثير منها، وذهب معزبي للحساب، وأنا أنتظره، بينما أفرغ بقايا كأس المشروب الغازي في جوفي، مرت خمس دقائق ثم عشر ثم نصف ساعة، وتيقنت بأن السخيف قد شرد، رغم صعوبة تركيب هذا الفعل على شخصيته المريضة، دفعت «ثروة» بمقاييس طلاب تلك الأيام، وعدت بالتاكسي ذي الأطراف الذهبية واللوحة الخضراء إلى السكن. حين التقينا ثانية، كان يبكي، ألم أقل لكم بأن لديه «إشوز»؟! الكثير من البكاء ورسالة جهزها ليقرأها لي، وهو يقول: أبي هو السبب! حسناً، لقد قابلت والدك مرات عدة، ولم يبدُ لي كمراهق يحب المقالب السخيفة! لا، الحقيقة أن أبي يكرر علي دائماً: إذا أردت أن تعرف صداقة الشخص الحقيقية فآذه بطريقة معينة، ثم انظر إلى ردة فعله، هنا…

آراء

سعود الذي رحل مبتسماً !

الخميس ١٣ أغسطس ٢٠١٥

في العشر الأخيرة من رمضان المنصرم كنت في طريقي إلى بيت الله الحرام، لم يدر بخلدي أبداً بأن ذلك سيكون آخر عهدي مع الصوت الهادئ الرخيم المنبعث عبر الأثير من مذياع السيارة. ففي برنامجه ليطمئن قلبي مع المفكر الدكتور عدنان إبراهيم كان الفقيد الراحل سعود الدوسري يرسل إلينا إشارات وداع في الشهر الفضيل دون أن يدري ولا ندري! الحمدلله على قضائه وقدره لكن أمثال سعود هم قلةٌ ممن لو أتيحت لهم حياة أخرى لعمروها بهجة وابتسامة وصدقاً ونجاحاً. ليس من قبيل المصادفة أن نقلب في صور سعود بعد وفاته فنجد ابتسامته الوضاءه هي القاسم المشترك الأجمل بين جميع تلك الصور. أن نستعرض تغريدات نعيه عبر مواقع التواصل الاجتماعي فنجدها قد كُتبت من قبل أشخاصٍ ينتمون إلى مختلف المدارس الفكرية والثقافية ومن مختلف الطبقات الاجتماعية. لقد وحدتهم ياسعود بسحرِ صوتك الشجي وقلبك النقي وحبك لمهنتك واحترامك لرسالتك وتواضعك مع كل من حولك. بالنسبة للكثيرين من أبناء جيلي فقد رحلت ياسعود بعد أن وثقت في بدايتك لمرحلة مهمة من تاريخ البرامج الإذاعية في زمنٍ أوشكت فيه هذه الوسيلة الإعلامية على الاندثار في خضم سيل جارفٍ من الأقنية الفضائية اقتحمتها لاحقاً بجدارة وشجاعة ورسخت لنجاحك. في التسعينيات من القرن الماضي كنتَ تجلس كل مساءٍ في لندن رفقة صديق رحلتك المذيع أحمد الحامد داخل…

آراء

الاتفاق النووي بين صراعات الساسة والشعب الإيراني

الخميس ١٣ أغسطس ٢٠١٥

كانت وزارة الثقافة والإرشاد الإيرانية، خلال فترة المفاوضات وبعد التوقيع على الاتفاق النووي، تطالب الصحفيين والإعلاميين بعدم انتقاد الاتفاق والتركيز على إيجابيته، وكيل المديح للفريق المفاوض وعدم نقل أو التطرق لأي انتقادات للاتفاق. لقد تم فضح ذلك بعد تسريب وثيقة تم تداولها بشكل واسع في وسائل التواصل الاجتماعي في إيران، صادرة عن هذه الوزارة وموجهة إلى وسائل الإعلام المحلية. من جانب آخر، ركز خطباء الجمعة (مرتبطون بولي الفقيه مباشرة) على ما وصفوه بـ"الانتصار النووي" وحذّروا من الجدل بين التيارات الحزبية والسياسية حول الاتفاق وعواقب ذلك، إلا أن النظرية شيء والواقع شيء آخر تماما. فبعد موجة البهجة والفرح التي ارتسمت على ردود أفعال النظام الإيراني، بكافة أطيافه ومكوناته السياسية وإن كان بدرجات متفاوتة، برز إلى السطح الخلاف بين التيارات السياسية من أصوليين ومعتدلين داخل الدائرة الضيقة التي تحكم البلاد. بدأت التساؤلات والاستفهامات تنطلق من تحت قبة مجلس الشورى (البرلمان) الإيراني بعد أن قدمت وزارة الخارجية ترجمة -باللغة الفارسية- للاتفاق النووي فتم اكتشاف الكثير من الأخطاء والتجاوزات في الترجمة، فقدمت الخارجية ترجمة ثانية فثالثة وجميعها لا تتطابق مع النص الإنجليزي وتصريحات الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي، ولا تزال المشكلة قائمة. يقول كبير المفاوضين الإيرانيين عباس عراقجي: يجب أن يدرس البرلمان الإيراني الاتفاق النووي، ومن ثم تعلن إيران رأيها النهائي قبل الجانب الأميركي، حتى…

آراء

رحلة الموت.. بحثا عن الحياة!

الخميس ١٣ أغسطس ٢٠١٥

قبل بضع سنوات وفي يوم باريسي ممطر، اخترت دخول إحدى صالات السينما لمشاهدة فيلم فرنسي استأثر باهتمام الجمهور والنقاد في ذلك الوقت إلى درجة أنه شجع البرلمان بعد أن عرض تحت قبته، على إعادة النظر في قانون كان يعاقب بالسجن أو الغرامة على أي شخص يتستر على مهاجر غير شرعي داخل الأراضي الفرنسية، حتى لو كانت دوافعه إنسانية.  قصة الفيلم باختصار تدور حول شاب كردي عراقي يدعى "بلال" تمكن من الوصول إلى مدينة "كاليه" الفرنسية التي تعد أقرب نقطة للعبور إلى الأراضي البريطانية، ويتجمع فيها سنويا المئات من الراغبين بالوصول إلى هناك، هذا الشاب طلب من مدرب سباحة محلي أن يعطيه دروسا في السباحة؛ أملا في أن يتمكن من عبور المسافة الفاصلة بين النقطتين الفرنسية والبريطانية والبالغة نحو خمسة وثلاثين كيلومترا بحرا، غير مكترث ببرودة مياه "المانش"، ولا بالمخاطر التي قد تصادفه أثناء قيامه بمغامرته غير المحسوبة.  لم أصدق حينها أن سيناريوهات الأفلام يمكن أن تتحقق على أرض الواقع، وبشكل أكثر قسوة، إلا وأنا أقرأ الأسبوع الماضي قصة المهاجر السوداني الذي تمكن وبأعجوبة من عبور النفق الفاصل بين فرنسا وبريطانيا تحت مياه البحر مشيا على قدميه، متفاديا كل كاميرات المراقبة، فضلا عن القطارات التي تسير بسرعة ١٦٠ كلم في الساعة، وأسلاك الكهرباء الشائكة التي يعج بها المكان، وعلى الرغم من…

آراء

نحو إلحاق لبنان بـ «دويلة العلويين»

الخميس ١٣ أغسطس ٢٠١٥

ترتسم في سورية مع اشتداد حربها الأهلية، وعلى رغم النشاط الديبلوماسي الدولي المستجد على هامشها، ملامح دويلات أقربُها إلى لبنان «دويلة العلويين» المفترضة التي ترث عن سورية الأم حدودها معه في شرقه وشماله، في حال نجح الجيش النظامي و»حزب الله» في فرض سيطرتهما على ما تبقى من الجبهة السورية الغربية، أي الزبداني والقلمون. لكن إجماع الآراء على هشاشة هذا «الكيان» وضعف تكوينه الجغرافي والبشري والاقتصادي يطرح أسئلة عن المخارج التي قد يلجأ إليها بشار الأسد وراعيه الإيراني لضمان حماية حدوده وتأمين بقائه، وسط مؤشرات إلى أن خطوات تعجيز وتيئيس تصاعدية يتخذها «حزب الله» وحلفاؤه في لبنان بمباركة طهران، هدفها البعيد إلحاق لبنان بـ «الكيان» المزمع. وجاء تشديد وزير الخارجية الإيراني ظريف في بيروت على اعتبار لبنان ضلعاً أساسياً في «محور المقاومة» دليلاً جديداً على تصور طهران لمستقبل هذا البلد ودوره في تكريس امتدادها الإقليمي الذي يقوم أساساً على ادعاء إيران حرصها على قضايا العرب أكثر من العرب أنفسهم. ويبدو أن الإيرانيين الذين تسلموا زمام الشأن السوري، بمشاركة روسية هدفها إبقاء التغطية السياسية الدولية، ورثوا أيضاً الأسلوب السوري في التعامل مع لبنان. إذ لجأت دمشق عندما أرادت إرسال جيشها إلى أراضيه في 1976 أو إعادة نشره في بيروت بعد انكفائه في 1982، إلى نشر الفوضى الأمنية والسياسية ليكون هو «ورقة الإنقاذ»…

آراء

عندك واسطة في الصحة؟

الأربعاء ١٢ أغسطس ٢٠١٥

لا يمكن أن يمر يوم إلا وترى أحدهم يبحث عن "واسطة" لعلاج قريب له في أحد المستشفيات الحكومية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كم هائل من المناشدة والتوسل الذي يصل في أحيان كثيرة إلى "التسول". موضوع مكرر وتحدث عنه الجميع سواء في مواقع التواصل أو في وسائل الإعلام، ومع ذلك ما زال الوضع يتفاقم دون مجيب. لا يهم إن كانت وزارة الصحة تتلقى ميزانية تعادل ميزانية دول، وغير مهم تلك الصور والأخبار التي نطالعها في الصحف وتتحدث عن افتتاح مزيد من المستشفيات الفخمة في كل مناطق السعودية، المهم هل يجد المواطن الباب مفتوحا له للعلاج في أي مستشفى دون واسطة أو منة؟ بالطبع لا ولو كان يجد لما رأينا كثرة التوسلات الباحثة عن "واسطة". هاجس العلاج لا يصيب المرضى فقط الذين يموتون ببطء وهم يبحثون عن واسطة لمراجعة طبيب، أو ينتظرون في قائمة الانتظار بحثا عن سرير، بل أصبح هاجسا للأصحاء أيضا الذين يتخوفون أن يصيبهم مرض أو يصيب أحد أفراد أسرهم ــ لا سمح الله ــ ويجدون أنفسهم مع المتوسلين والباحثين عن واسطة لدخول مستشفى يخفف من آلامهم. خلال الأسبوع الماضي أعلنت الحكومة الصينية عن إدراج كل المواطنين الصينيين العاملين منهم والعاطلين في نظام التأمين الصحي، الذين يبلغ تعدادهم أكثر من 1.3 مليار نسمة، وهو عدد مهول لو تمت مقارنته…

آراء

التشدد الديني في التعليم كمولد للعنف

الأربعاء ١٢ أغسطس ٢٠١٥

منذ عام 1995 كانت ظاهرة الإرهاب موضوعا ثابتا في الصحافة السعودية. وهو انشغال يتضاعف حين تقع أعمال إرهابية كالذي حدث في عسير الأسبوع الماضي. خلال العشرين عاما الماضية كتبت آلاف المقالات واقترحت عشرات المعالجات. لكنك لو نظرت إلى صحافة الأسبوع الماضي مثلا فسوف ترى نفس الأفكار والمقترحات التي قيلت طوال السنوات الماضية. هذه المقالة تستهدف مساءلة التفسيرات الرائجة، والمعالجات التي اقترحت على أساسها. معظم هذه الكتابات يشير إلى التشدد الديني كسبب وحيد لظاهرة العنف. وثمة تمايز في تحديد المسؤولية. فهناك من ينسب المشكلة إلى الحضور المتضخم للدين في الحياة اليومية، من المدرسة إلى الإعلام فضلا عن النشاطات الرسمية والأهلية الأخرى. وهناك من يقصر المسؤولية على الجانب السلبي من ذلك الحضور، أي ما يعتبره مزاحما أو ناقضا لوجوه الحياة الاعتيادية الأخرى، مثل الفن والترفيه والثقافة. وبينهم من يقصر المشكل على أحادية الحضور الديني، أي انحصار الدعوة والتوجيه والثقافة في منهج واحد ومذهب واحد. فحوى هذا التفسير أن التشدد نتاج للتثقيف الرائج في المحيط الاجتماعي. ومن هنا فالعلاج المقترح يركز على التعددية الدينية والثقافية، والانفتاح الاجتماعي، وتقليل الحضور الديني في الحياة اليومية. فهم يدعون مثلا إلى تشجع الفنون وإصلاح مناهج التعليم العام، بما فيها تقليل ساعات التعليم الديني، واستبدالها ببرامج أكثر علاقة بالحياة العصرية. التيار الديني متفق في المجمل على معارضة التفسير…

آراء

جماعة «الغلط من الدولة»

الأربعاء ١٢ أغسطس ٢٠١٥

في عام 1949 كتب جورج أورويل روايته العظيمة «1984»، التي تنبأ فيها بأحداث العالم سنة 1984، تحدثت الرواية عن دولة شمولية تراقب كل شيء وتعرف كل شيء من خلال «شاشة الرصد»، التي تخترق بيوت جميع الناس لتنقل ما يدور خلف الجدران. الأمر قد تغير الآن، فلم يعد العالم بحاجة إلى كل هذه الجهود الضخمة لمعرفة ما يدور في الشارع وخلف الجدران، والفضل لوسائل التواصل الاجتماعي التي كشفت عن توجهات الناس ومستوى تفكيرهم وتطلعاتهم، إلى درجة يمكن معها إجراء دراسة لاستطلاع الرأي العام بمجرد وضع «هاشتاق»، ومن ثم رصد الردود والتعليقات. وبالمثال يتضح المقال، شاهدت فيديو متداولاً على الإنترنت، يعرض سائقاً يؤدي ألعاباً بهلوانية خطرة تمثلت في حمل السيارة للسير على إطاريها الجانبيين، بعد المشاهدة تتبعت بعض التعليقات السلبية المصاحبة للفيديو، كتب أحدهم: «إن هذا الشاب المتهوّر براتبه المرتفع لم يعانِ للحصول على سيارته، فهو لا يدرك قيمة المال، وإن الدولة أخطأت لأنها وفرت له هذا الراتب». لم يرق لي هذا التعليق مطلقاً؛ وكأن على الدولة أن تنغص حياة مواطنيها لتكافح حالات القيادة بتهوّر. تعليق آخر يقترح «على الدولة وضع دوريات أكثر بأماكن تجمعات الشباب»، وأعتقد أن تطبيق هذا الاقتراح يستلزم الاستعانة بأفراد للشرطة يعادل عدد أفراد قوات حلف الناتو. التعليق الأخير كان بصوت أكثر أبوية، أوضح أن «الشباب طاقات، كلنا…

آراء

“داعش” ضد الإيمان

الأربعاء ١٢ أغسطس ٢٠١٥

مزاج جيل الألفية الثانية يشهد تبدلا وتحولا، يأخذ أشكالا مختلفة. بين الشك واليقين، والإفراط والتفريط، والغلو والتشدد. من هنا، تتسيد فكرة النظر إلى الماضي بغضب، كما تتسيد النظرة إلى الرفض أيا كان مصدره باعتباره فكرة جاذبة تجد لها سوقا رائجة حتى في المجتمعات المتباينة في الثقافات والآراء والأديان. الجيل الذي كان يضع صورة جيفارا على التيشيرتات في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، عمد الجيل الذي بعده إلى استنساخ فكرة الرفض والتطرف الديني، وجعل من بعض رموز الإرهاب أيقونات يجعلها تحمل رسائل قد لا تتسق مع طبيعتها. لقد رأينا هذا المشهد خلال تسيد فكرة القاعدة، وعلى الأخص بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) في أمريكا، ونحن نلحظه أخيرا فيما يخص عصابة “داعش” وزعيمها أبو جهل البغدادي. وهذا يفسر انخراط مجاميع من أوروبا شبابا وفتيات ضمن هذا التشكيل العصابي الضال. فكرة اليقين بالنسبة لهؤلاء الشباب والفتيات لا تمثل محركا حقيقيا، خاصة بالنسبة لغير المسلمين، إذ إن من الأمور الجالبة للسخرية، أن تجد شبابا وفتيات غير مسلمين ينخرطون في عصابة متطرفة تقتل غير المسلم، بل تعتبر كل المسلمين مرتدين، عدا تنظيمهم الشاذ. لكن جيل الألفية الثانية، الذي سئم كل شيء وجد نفسه يأخذ بهذه الموضة الدموية المتوحشة، باعتبار الأمر لا يعدو عن كونه تسلية وتغييرا وبحثا عن الذات. في الإطار نفسه، نجد شبابا عربا مسلمين،…