آراء

آراء

«حرامية الصواني..!!»

الثلاثاء ١٠ ديسمبر ٢٠١٣

تقضي الطقوس بأن يتصل بك «الربع» دون مقدمات، كنوع إضافي من الإزعاج الذي لا يجدون الحياة تحلو من دونه نحن قادمون. وعند العرب منقودة أن تقول لهم «هاتوا ساندويتشاتكم معاكم»، وعندها لا يكون الحل سوى بالاتصال بأقرب مطبخ شعبي ومحاولة إقناعه بأنك ستسدد ديون عزايم رمضان قريباً، وكل ما تطلبه هو فرصة أخرى! تقضي الطقوس أيضاً بأن تأتي الوليمة في صوانٍ عدة، منها المفلطح، ومنها الدائري، وطبيعة الضيوف تحدد نوع الصواني، فمن مدير دائرة وفوق، يجب أن تكون جميع الصواني مفلطحة، ولها غطاء مذهب الأطراف، وإذا كان الضيوف على الدرجة السادسة إلى الثانية بحسب الهيكل الوظيفي للمحليات، تكون الصواني مفلطحة، لكن غطاءها غير مذهب، للعائلة الكريمة والأنساب سنكتفي هنا بالصواني المفلطحة، لكن دون أغطية، أما بالنسبة للربع وشركاء الدومينو وشلة القهوة، فتكفي الصواني الدائرية الشهيرة التي تحمل صورة الوردة الحمراء في قعرها. وتقضي الطقوس أيضاً بأن تدفع بشكل إضافي ومستقل مبلغاً من المال يسمى «تأميناً»، وهو سعر الصينية مضروباً بعشرة، والمفترض بأنك ستعيد الصواني في ما بعد وتتسلم هذا التأمين، لكن لأنك لا تملك ترف تذكر هذا الأمر مع انشغال ذهنك دائماً بخطة الدومينو المقبلة والطريقة التي ستسقط بها «الدرجي» في حضنك عند احتساب النتيجة، ولأن الصواني تتحول دائماً لأدوات لعبث الأطفال، ولأن أماكنها تتحول غالباً بجوار الغسالة لوضع الثياب…

آراء

الاتحاد الخليجي وتطلعات الشعب الخليجي

الثلاثاء ١٠ ديسمبر ٢٠١٣

الموقف العُماني الرافض للاتحاد الخليجي كان صادماً للشارع الخليجي على الرغم من أنه ليس أول اعتراض من دولة عضو في مجلس التعاون على مقترح أو مشروع خليجي، فطوال الثلاثين سنة الماضية، شهد المجلس العديد من الاعتراضات والاختلافات، بل وحتى التهديد بالانسحاب من المجلس بسبب عدم الاتفاق، أو التوافق على مشروع أو موقف ما. ولا يبدو هذا الأمر مقلقاً جداً، فهذا المجلس يضم ست دول مستقلة، تعمل بأساليب ورؤى مختلفة، وإنْ تشابهت في كثير من جوانبها، إلا أن لديها ما تُنافس به بعضها بعضاً، وأموراً تتميز بها عن الدول الأخرى، ومشاريع قد تقدم، وربما تتعارض ومصالحها القُطرية في ذلك الوقت الذي تطرح فيه الفكرة، لذا فإن وضوح الموقف وشفافية القرار، أمر في غاية الأهمية. سواء اتفقنا أو اختلفنا مع الموقف العُماني من الاتحاد الخليجي، وسواء كان مقنعاً بالنسبة إلينا أم غير مقنع، فإن احترام موقف الشقيقة عُمان يجب ألا يتغير، فالموقف السياسي لعُمان ولغيرها من الدول لا يفترض أن يكون له تأثير على العلاقات مع عُمان، وما يدعو لهذا القول، أنه من خلال متابعتي خلال الأيام الماضية لردود الأفعال الشعبية لتصريحات وزير الدولة العُماني للشؤون الخارجية يوسف بن علوي التي أدلى بها خلال قمة الحوار في البحرين، هو مستوى وطريقة الانتقاد الخليجي الشعبي للقرار العُماني، وما قابله من دفاع شعبي عُماني…

آراء

بعد وداع مانديلا

الثلاثاء ١٠ ديسمبر ٢٠١٣

رحيل نيلسون مانديلا غدا حدثاً محلياً في معظم بلدان المعمورة، ونادراً جداً ما يرقى خبر يتصل بفرد من الأفراد إلى خبر بهذه العالمية، خصوصاً أن الراحل لم يكن، عند رحيله، حاكماً وصانع قرار يتأثر به آخرون. الأمر الذي لا يخلو من بُعد وجداني مؤثر، لا يخلو كذلك من إجماع مزعج لا تحظى بمثله إلا الرموز الدينية. حتى العنصريون انضموا إلى القافلة العريضة التي تكرم مانديلا!، فيما نشأ تنازع عليه بين المَضارب الأيديولوجية التي ينسبه كل منها إليه على نحو حصري. لكن الإجماع المزعج هذا يخفي دلالات لا يختصرها التزييف أو الدجل أو الاحتكار، ذاك أن الحداثة جعلت العنصري يخجل بكونه عنصرياً، ومن دون أن تخف عنصريته أو تتراجع، بات مستعداً للاحتفال بهزائم العنصرية. وبالمثل غدا التمدن المسلَّم بفضائله رادعاً دون التغني بالنزعات العنفية، مثلما غدا دافعاً إلى تمجيد رموز النزعات السلمية، حتى لو كان الممجِّد هو نفسه عنيفاً. عند هذه المسارات المتداخلة والملتبسة يقع مانديلا وتَرِكَته، إلا أنه يقع أيضاً في مسار غني من الانتقال والتحول العالميين، فهو في بداياته انتسب إلى نهج بالغ التطرف لا يتردد في مد المقاومة إلى إرهاب. يومها كان المعسكر الاشتراكي وحلفاؤه هم الذين يتعاطفون معه ومع ما يمثل، تماماً كما كان الشيوعيون البيض في جنوب إفريقيا هم البيض الوحيدون الذين يؤيدون نضاله. أما الغرب،…

آراء

التراث الديني… وذهنية الخوف!

الثلاثاء ١٠ ديسمبر ٢٠١٣

الموروث والتراث الديني والفقهي نعني به في عنوان مقالتنا، الآراء والأقـــــــوال والاجتهـــــادات والتفسيرات للنص والوحي المقدس، أي المجهود البشري القابل للتغيير والتجديد، والخاضع للقبول أو الرفض، هذا الموروث والتراث يتصف غالباً في ذهنية وعقلية المسلمين عموماً بالنقاء والصفاء، بحيث لا تشوبه أية شائبة، وهو منزَّه عن خلل المقاصد ومعصوم في غالبه من عثرات الخطأ، ومع مرور الزمن وتعاقب العقود والقرون استفحل هذا الاعتقاد بالموروث الديني، وبرزت معه نزعة التقديس المطلق وخلوه من القصور المعرفي ومن الهنات والمثالب والثغرات، حتى أصبحت أقوال كبار العلماء واجتهاداتهم أقرب إلى كونها نصوصاً مشرعة لا مجرد نقولات وآراء اجتهادية، جاءت في سياق ظروف زمانية ومكانية معينة، وليس مستغرباً والحال هذه أن يدأب «العالم بالدين» إلى تكرار أدبيات ذلك الموروث والتراث الديني على أنه يقينيات مطلقة، وأن فيها الحلول النهائية والأكيدة لمشكلات البشر كلها! على رغم أن الرموز والأعلام والأئمة في صدر الإسلام كانوا يعتبرون أن ما كتبوه من آراء ما هي إلا اجتهادات، قد تحتمل الخطأ بقدر احتمالها للصواب، وأن آراءهم ما هي إلا موضع نقاش وقبول أو رفض ورد، ولذلك فقد تعاقب أئمة المذاهب الأربعة الكبار، وتزامن بعضهم، ومنهم من تتلمذ على الآخر، وعلى رغم ذلك فإن أحداً منهم لم يعتقد وجوب الوقوف عند اجتهادات من سبقه، وهذه الجرأة والفاعلية منهم في الاجتهاد، لأنهم…

آراء

إيجابية حظر الأحزاب الدينية

الثلاثاء ١٠ ديسمبر ٢٠١٣

الدستور المصري الجديد وفي أهم مواده أنه نصّ على حظر الأحزاب على أساس ديني، والحقيقة أننا نعيش أزمة خطرة في عالمنا العربي، خصوصاً بسبب هذه الأحزاب «الإسلاموية» التي تحتكر الإسلام، وتستخدمه كأداة في إقصاء منافسيها السياسيين باسم الدين، فمن يقف في طريقها للوصول إلى سدة الحكم يوصم بالليبرالي والتغريبي، ويصل إلى حد التكفير والقتل، ونحن نشاهد في بلادنا عمليات القتل والتفجير تتم باسم الإسلام من هذه الأحزاب «الإسلاموية»، أعتقد أن حظر قيام الأحزاب على أساس ديني يأتي في خدمة الإسلام نفسه، فكل شعوب العالم تشاهد في وسائل الإعلام عمليات القتل والتفجير التي تنفذ باسم الإسلام، ومع الأسف فإننا، نحن العرب والمسلمين، بدأنا نتعود على عمليات القتل والنحر في مجتمعاتنا، والتي يقوم بها جماعات تدعي أنها تمثل الإسلام، وقد أدخلنا هذه الحركات في صراعات بيننا من جهة، وشعوب العالم الأخرى المختلفة معنا دينياً وثقافياً. ما مرت به دول الربيع العربي من تجربة للأحزاب الدينية، تقدم لنا خطورة توظيف الدين بالسياسة، فحركة الإخوان المسلمين تقدم لنا أن هذه الحركات أضرت بالإسلام كدين نقي في مخلية شعوب المنطقة، هل كان حتمياً علينا أن نمر بهذه التجربة المريرة، لتعرف هذه الشعوب أن الأحزاب «الإسلاموية» يديرها ويقف عليها كل من كان همه الوصول إلى السلطة؟ وهذا قد يكون حقاً لهم من خلال صناديق الاقتراع، وهو…

آراء

الاقتراب من الخطر: تحديات العرب من خارجية إلى داخلية

الإثنين ٠٩ ديسمبر ٢٠١٣

النظرة التشاؤمية التي رسمها مؤتمر اقتصاديات الشرق الأوسط ودور القطاع الخاص الذي نظمه مجلس الغرف السعودية مع صندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي عن التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تجابه منطقة الشرق الأوسط المتمثلة في انخفاض معدلات الاستثمار ومشاركة القطاع الخاص وارتفاع مستويات البطالة في مجتمعات فتية كانت متوقعة في ظل الفشل الذريع في اجراء اي تحسن يذكر على المقترحات الاقتصادية بدءا من اتفاقيات الوحدة الاقتصادية العربية التي وقعت قبل أكثر من خمسين عاما وانتهاء بمنطقة تحرير التجارة العربية الكبرى. ناهيك عن فشل جل الدول العربية في تبني سياسات اقتصادية مرنة وجاذبة للاستثمار وتحرير حركة التجارة البينية. في ظل ذلك الفشل، لا يمكن للقطاع الخاص أن يبادر أو يعمل في بيئة استثمارية محلية مليئة بالتشريعات والانظمة المعرقلة لمسيرته، ناهيك عن ضعف الاداء الوظيفي للفرد في القطاع الحكومي والخاص وتبني قرارات في معظمها اجتهادات فردية تخدم مصالح فردية بغض النظر عن المصالح العليا للتنمية والازدهار. إن مقومات نجاح التكامل الاقتصادي العربي متوفرة بشكل أكبر من أي تجمعات اقتصادية اخرى، فالتباين في الموارد الاقتصادية والاجتماعية هي نواة هذا التكامل، فهناك بلدان مكتظة بالسكان وأخرى فارغة، وهناك بلدان فيها مساحات زراعية شاسعة، وأنهار جارية وأخرى مناطق جدباء وشح في المياه. هناك بحار وشواطئ شاسعة تمتد من أوروبا غربا الى أسيا شرقا، ورغم ذلك ليس هناك…

آراء

لا بديل عن “الانفتاح”!

الإثنين ٠٩ ديسمبر ٢٠١٣

إذا راقبت الحراك الاجتماعي والثقافي في المملكة، وربما في العالم العربي كله خلال السنوات العشر الأخيرة لوجدت أن كثيرا منه مرتبط بكسر الحواجز وتجاوز العادات والتقاليد (بما فيها المسلمات الفكرية) التي لم تعد تملك جاذبية عالية لدى الأجيال الجديدة. نحن نعيش في منعطف هام في تاريخ الإنسانية، حيث استطاعت ثورة المعلومات أن تنهي معنى الحواجز الجغرافية وتحول العالم إلى مجتمع واحد، وصار من المستحيل وضع الأسوار والاعتماد عليها في حماية المجتمع وتقاليده.. ليس هذا فحسب، بل إن "الانفتاح" على الثقافات الأخرى صار ضرورة حقيقية للنجاح والتطور لأي أمة على وجه الأرض، وأي أمة تعزل نفسها، ستواجه بالفشل الاقتصادي والسياسي وربما الثقافي كذلك. هل الانفتاح على الآخرين مخيف؟ قبل أكثر من عشر سنوات كنت في حديث مع أمينة السلمي ـ رحمها الله ـ التي كانت حينها إحدى أبرز الشخصيات الأميركية التي تعمل لمصلحة خدمة قضايا المسلمين والعرب في أميركا، وذلك بعد اعتناقها الإسلام في السبعينات الميلادية. كانت أمينة حينها تنتقد العرب والمسلمين في أميركا، الذين يحاولون عزل أبنائهم عن المجتمع الأميركي أملا في تربيتهم على طريقتهم الخاصة بما يتوافق مع القيم العربية والإسلامية، وذلك في رأيها لأن الثقافة الأميركية كالطوفان الذي لا يمكن مقاومته. الحل في رأي أمينة كان هو أن تعمل من ضمن الثقافة نفسها، وتحاول أن تسمح للطفل بأن…

آراء

المشروع الأخير القضاء على «الحر»

الإثنين ٠٩ ديسمبر ٢٠١٣

منذ 12 شهرا تمحورت استراتيجية نظام بشار الأسد على فكرة هزيمة المعارضة المسلحة بالقوة العسكرية، بتعزيز إمكانياته بالمزيد من الأسلحة وجلب قوات مساندة من إيران والعراق وحزب الله اللبناني. وبسببها نجح في البقاء في الحكم طوال العام الحالي، والمعارك راوحت في مكانها. إنما بكل المدد الهائل الذي حصل عليه لم يفلح في هزيمة المعارضة، التي عادت لتطوق العاصمة، وتقطع طريق المطار، وتنافسه على بقية مناطق البلاد. عمليا، فشل مشروعه ولم يعد سهلا على حلفائه من روس وإيرانيين التضحية بالمزيد من قواتهم وسلاحهم من دون أمل في الأفق، سقوط الأسد مسألة وقت، لكن الوحيد الممكن المزيد من الوقت والمزيد من التكاليف البشرية والمادية. الخطوة الجديدة ليست محاربة الجيش الحر، الذي لا يزال يمثل العمود الفقري للثورة السورية منذ أكثر من عامين، بل تخريبه من الداخل والقضاء على جيش الشعب السوري الثائر. فجأة ظهرت جماعة منافسة «الجبهة الإسلامية»، باعدت بين نفسها وبقية الفصائل الإسلامية المتطرفة، مثل «داعش» و«جبهة النصرة». ثم أعلن ثلاث قيادات من الجيش الحر مع كتائبهم، أحمد عيسى الشيخ وزهران علوش وصدام الجمل، أنهم انشقوا عن الجيش السوري الحر. والأخير نسب إليه كلام لم يمكن لنا التثبت من صحته، أنه انشق لعدم رضاه عن الدعم الخليجي! هذه الانشقاقات، سواء كانت حقيقية أم جزءا من الحرب الدعائية، تعبر عن محاولة لتفريغ…

آراء

عن ياسر.. الذي أعدمته «داعش»

الإثنين ٠٩ ديسمبر ٢٠١٣

في عام 2010 زرت مدينة «بعقوبة» في منطقة «ديالى» العراقية التي حوّلها تنظيم القاعدة العراقي إلى نقطة تمركز أساسي لهجماته وانتشار عناصره.. لم نكد ندخل المدينة حتى دوى انفجار ثم تلاه آخر.. انتفضتُ من مكاني من الدوي ومن الفوضى التي حلت بالمكان فما كان من ياسر، المصور الذي كان يرافقني سوى أن ضحك من جفلتي وسخر من رد فعلي الذي اعتبره مبالغة بعض الشيء. كلما اقتربنا من بؤرة توتر أو من مكان يثير الريبة كان ياسر يزداد هدوءا وتركيزا في عمله. لم يكن يردعه عن التصوير والتقاط ما تيسر له من مشاهد أي اعتبار. كان يحمل كاميرته بخفة ويتنقل بروية لا تشبه الضجة التي ترافق عادة المصورين. كان شقيقه يحمل كاميرا تصوير فوتوغرافية يرافقه غالبا ويساعده. كانا يتباهيان أحيانا بصور التقطاها للحظات صعبة مرّا بها في العراق ومن بينها صورهما جريحين جراء انفجار.. إنه ياسر فيصل الجميلي، مصوّر صحافي عراقي من الفلوجة. كل واحدة من صفاته تلك تحمل مخاطرة بحد ذاتها. فإن تكون من الفلوجة فستكون حتما قد شهدت أو نجوت من معركة ما سواء مع «القاعدة» أو مع الجيش الأميركي حين كان في العراق. وأن تكون مصورا في العراق فهذا يعني أنك معرض للموت أو للخطف أو للاعتقال في أي لحظة وفي أي منطقة. النجاة على مدار اللحظة من…

آراء

أصيح بالخليج … يا خليج

الإثنين ٠٩ ديسمبر ٢٠١٣

نحو 88 مليار دولار حجم التجارة البينية بين دول الخليج العربي في 2012. هذا ما جاء في التقرير الذي نشرته "الاقتصادية الإلكترونية" أمس، ويكشف التقرير أن هناك زيادة تجاوزت 9 في المائة على 2011. لا شك أن انطلاقة مجلس التعاون بين دول الخليج العربي الست، خلال القرن الماضي، كان حاملا لجملة من البشارات والآمال. صحيح أن الخطوات كانت ولا تزال بطيئة، لكنها أوجدت تناغما واندماجا وتواصلا بين دول المجلس. ولا يمكن إنكار الآثار الإيجابية التي تحققت، وكان ولا يزال هناك كثير من الوعود التي تنتظر التحقيق. تتويج هذه التجربة باتحاد، كما تأمل السعودية ودول خليجية أخرى، يبقى حلما يراه البعض قريبا، ويراه البعض الآخر عصيا. ويبدو أن الموقف السلبي من الاتحاد الخليجي للوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في عمان يوسف بن علوي قد أثار ضجيجا. لكن إذا تأملنا الصورة مع قراءة التاريخ، سنجد أن كثيرا من الأمور التي نتعامل معها حاليا باعتبارها بدهيات، كانت في يوم من الأيام مثار خلافات شديدة، ولعلي أذكر على سبيل المثال الاتفاقية الأمنية التي أخذ النقاش بشأنها عقودا، لكن الأيام جعلت أبرز الرافضين للاتفاقية يغدو الأكثر حرصا عليها. إن تطوير منظومة التعاون الخليجي وتحويلها إلى اتحاد، إن تحققت بثلاثة أو أربعة أعضاء، ستكون محفزة لانضواء الجميع تحت لوائه. فقط علينا أن نجعل حماسنا دافعا لمزيد…

آراء

لماذا قرّرت عُمان «الانسحاب»؟

الإثنين ٠٩ ديسمبر ٢٠١٣

سلطنة عمان، دولة هادئة جداً وعضو في مجلس التعاون الخليجي منذ تأسيسه. لا تحبذ الضجيج، وترفض الدخول في الصراعات والمنافسات، وتتجاوز المهاترات، ولا تكترث بالنزاعات البعيدة منها، وتتجاهل المراهقات السياسية التي لا تمسها. هذه الدولة الخليجية «الغامضة» سياسياً، والمنكفئة على نفسها، تعمل بصمت، وتحضر بصمت، وتغادر بصمت، وتناقش بهدوء، حتى وإن اختلفت مع شقيقاتها في المجلس على مرّ سنينه السابقة. الموقف العُماني الرافض لفكرة الانتقال إلى الاتحاد ليس وليد اليوم، بل أعلنت عنه مسقط مباشرة بعد طرح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مبادرته في قمة الرياض الخليجية عام 2011. على هامش القمة الخليجية في البحرين العام الماضي، سألت وزير الخارجية يوسف بن علوي أسئلة عدة عن أسباب عدم انشراح بلاده للاتحاد الخليجي، فرد بهدوء: «هناك متطلبات في مجالات عدة تحتاج إلى التكامل فيها قبل التعجيل بالاتحاد». رددت عليه: «لكن الأوضاع الراهنة في المنطقة تحتم التعجيل به»، فرد بهدوء أيضاً: «يجب أن ننأى بأنفسنا عن الدخول في الصراعات الإقليمية والدولية، ونحن في عُمان نرى أن تحقيق السلام يبدأ من عدم الدخول في النزاعات وعسكرة المنطقة والناس». وأتذكر أن رئيس تحرير صحيفة «الشرق» السابق الزميل قينان الغامدي انضم إلينا واستمررنا في محاورته حول موقف بلاده من تدخلات إيران والأوضاع المأسوية في سورية، وعلى رغم أن بعض إجاباته لم تقنعنا، إلا…

آراء

مانديلا السياسي

الأحد ٠٨ ديسمبر ٢٠١٣

يبقى نيلسون مانديلا زعيماً سياسياً، على رغم توقه منذ تخليه عن الرئاسة في جنوب أفريقيا في 1999 إلى معالجة آفتين أصابتا الإنسانية، هما الفقر ومرض «الأيدز». لا بل فشل في تحقيق حلمه تشكيل جبهة للحد من انتشار الآفتين اللتين ما تزالان تفتكان بالبشر، على رغم تمتعه برصيد دولي لا سابق له وسمعة استثنائية في شفافيتها وعلاقات على أرفع المستويات في كل أنحاء العالم. لقد نظر إلى الفقر و «الأيدز» على أنهما من صنع الإنسان، واعتبر أنه يمكن للإنسان أن يقضي عليهما. كما كان الحال بالنسبة إلى التمييز العنصري في جنوب أفريقيا، والذي شرعه الإنسان وتمكن الإنسان من القضاء عليه. على أي حال كان الرجل عظيماً في نضاله الإنساني كما كان في نضاله السياسي الذي يعطيه مكانته الخاصة بين العظماء في التاريخ. تمتع مانديلا بصفات شخصية أتاحت له أن يقرأ بدقة معنى التطورات في بلاده والعالم. سواء في مرحلة النضال المسلح أو مرحلة السجن أو مرحلة الحوار والمصالحة. لقد خبر بنفسه معنى القهر البشري الذي يولده التمييز العنصري، والاستغلال المادي الذي وفره هذا النظام للأقلية البيضاء منذ وصول الحزب الوطني العنصري إلى الحكم في 1947 في جنوب أفريقيا. وأدرك أنه لا يمكن تحريك النضال ضد هذا النظام المتكامل، قانونياً وسياسياً واقتصادياً، من دون اكتساب الأصدقاء والحلفاء في الداخل والخارج. ليجعل من…