آراء
الإثنين ١٣ يوليو ٢٠١٥
عرفت الراحل العزيز محمد أبوعمير في منتصف الثمانينات من القرن الماضي وكنا طالبين في قسم الإعلام بجامعة الملك سعود. كان دوما برفقة رفيقه عطية الثبيتي. وكنت أنا مع مجموعة من الأصدقاء وخصوصا سلطان المهنا وحامد الحويماني. وكانت الجامعة آنذاك محطة مهمة يمر بها الجنوبي والشمالي، النجدي والحجازي، السني والشيعي، البدوي والحضري في ألفة وطنية مبهرة. كتبت يوما في (الوطن) أنني أعدت اكتشاف وطني خلال دراستي الجامعية، ما بين الدرعية والرياض! كانت الجامعة محطة مهمة في تجربتنا الوطنية. بل كانت بالنسبة لي نافذة رأيت منها الطائف وحائل وعنيزة ونجران وعرعر وشقراء وسيهات. جئت من الجنوب فعرفت أكثر مما كنت أعرفه عن الجنوب. هناك عرفت عن قرب جنوبيا شهما كان فعلاً "الأخ الذي لم تلده أمي". ومنذ الأيام الأولى التي عرفت فيها محمد أبو عمير وجدت فيه الأخ الذي يقدم مصلحة أخيه على مصلحته والصديق الذي لا تعكر صفو صداقته منافسة أو مصالح عابرة. عشنا أياما في الجامعة وخارجها بحلاوتها ومرارتها، نجاحاتها وإخفاقاتها. وكان "أبو سعيد" حاضرا في كل الأوقات، يبارك في كل مناسبة نجاح ويحفز على الوقوف مجددا عند الانكسار! في كل صداقاته كان صادقا وفيا أمينا حتى حينما أشغلته مسؤوليات المنصب عن أصدقائه. وكان حلقة الوصل مع أصدقاء مكانهم القلب وفي مقدمتهم "الإنسان" النبيل خالد السهيل والعزيز جابر القرني وغيرهما.…
آراء
الأحد ١٢ يوليو ٢٠١٥
في فيلم «الموت الصعب والانتقام»، تنفجر قنبلة في وسط مدينة نيويورك خلال الدقيقة الأولى منه، لتجري بعدها أحداثه السريعة. وفي فيلم «سيليولار»، يختطف مجهولون ُمدّرسة علوم في الدقيقة الثالثة منه. ما أجمل الأفلام والمسلسلات الأميركية، لا لف ولا إبطاء ولا دوران. تدخلنا في صلب الموضوع، ولا تضيع دقيقة واحدة في تفاصيل تافهة لا لزوم لها، وكأن صانعيها يقدرون وقت المشاهد الثمين. الوضع معكوس تماماً مع الأفلام والمسلسلات والعربية، التي تضيع جل الوقت في تمهيد لا ينتهي. ولو أخذنا أبسط مثال في أغنيات مقدمات المسلسلات العربية، نجدها وحدها تصل إلى خمس دقائق كاملة من عمر المشاهد، والمشكلة الأخرى، أن مقدمات المسلسلات وحدها، أصبحت ساحة يتبارى فيها مغنو العرب. ولو تفحصنا تلك المقدمات قليلاً، لوجدنا أن محتواها تافه أساساً، فهي صممت لتكون مساحة مجاملات لممثلي المسلسل، الذين قبضوا أجورهم وانتهت مهمتهم، فنقرأ هذه المصطلحات: النجم القدير، والنجمة الكبيرة، وسيدة الشاشة، والممثل الصاعد، وضيف الشرف، والممثلة اللامعة، والطفل الموهوب.. ونرى اسم المؤلف والمنتج والمخرج يكتب مرتين، في أول المقدمة وآخرها. بينما لا نرى أياً من ذلك في مقدمات الأعمال الغربية، حيث يظهر اسم توم كروز وبروس ويليس وجينيفر لورانس كما هي، لا ألقاب ولا تفخيم، للعلم، إن أجور هؤلاء تساوي أو تتجاوز ميزانيات المسلسلات العربية. يدرك صانعو الأعمال الفنية في الغرب، أن وقت…
آراء
الأحد ١٢ يوليو ٢٠١٥
في ظل المفاوضات الجارية بين إيران ومجموعة 5+1 في فيينا، تتهيأ العديد من الشركات ورجال الأعمال إلى استثمار الفرص الهائلة التي تزخر بها السوق الإيرانية بمجرد رفع العقوبات الاقتصادية وعودة إيران إلى النظام المالي العالمي. وبين ثنايا الانتظار تطالعنا زاوية أخرى لا تقل أهمية عن ذلك الانتظار بل إنها تتزامن معه ولعلها تتأثر بذلك الانفتاح سلباً وإيجاباً. تتمثل تلك الزاوية في الدور المنوط بالحرس الثوري وتحديداً في الجانب الاقتصادي الذي أصبح لهذا الأخير ما يمكن أن يطلق عليه بـ«مملكة اقتصادية». نسير مع القارئ في هذا المقال لنرى ما هي تداعيات ذلك الانفتاح على تلك المملكة ومستقبلها. بداية، ولتقريب الصورة لدى القارئ وكما نعلم جميعاً، اتجه التيار الديني الحاكم في إيران مع نجاح ثورة عام 1979م ورغبة منه في الحفاظ على هذه الثورة وصد أي ثورة معاكسة أو انقلابات في المستقبل، اتجه إلى تشكيل قوات الحرس الثوري بوصفها قوات ذات قيادة وتنظيم مستقل عن الجيش النظامي الذي كان يتخوف التيار الديني الحاكم من استمرار ولائه للشاه. جاء «الحرس الثوري» بشعار، وهو حماية الثورة ومكتسباتها، وقد ضم بين جنباته قوى كان لها دورها في الشارع الإيراني وتصفية المناهضين لهذه الثورة وسيطرة رجال الدين عليها. كما ساهم «الحرس الثوري» كذلك بشكل كبير في الحرب العراقية- الإيرانية. وبعد انتهاء تلك الحرب وفي فترة إعادة…
آراء
الأحد ١٢ يوليو ٢٠١٥
بالكلمات أعلاه غرد صاحب السمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان ـ وزير الخارجية بدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة ـ ناعيا ومؤبنا أخاه صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السابق، والمشرف على الشؤون الخارجية ـ الذي فجع العالم من أدناه إلى أقصاه برحيله عن هذه الدنيا الفانية ليلة الجمعة الماضية، في ليلة نفيسة من ليالي رمضان الأجل.. كلمات سمو الشيخ أعادتني إلى التفتيش عن منهج الراحل الكبير، لا سيما أن القائل والراحل من (الأقران)؛ كما يعبر عن ذلك طلاب العلم الشرعي، الذين ذكروا في قواعدهم المعروفة قاعدة شهيرة، هي: "شهادة الأقران تُطوى، ولا تروى"، وفي حالتنا هذه أثبت الشيخ عبدالله أن القاعدة ليست مطلقة، وأن معناها أن أي كلام "سلبي" بين من تساوت رتبهم لا يعتد به، بل إن "شهادة الأقران تطوى وتروى"، خاصة إذا أتت بعد معاصرة استمرت قرابة عِقد من الزمن. عودا على تفتيشي عن (منهج الأستاذ)، عدت بالذاكرة إلى مقال كتبه سمو الشيخ عبدالله نفسه قبل تسعة أسابيع، وتحديدا في 16 من رجب الماضي، عنوانه (رجل الهمة)، إثر قراءته لخبر تنحي الأمير سعود عن منصبه، أكد فيه أنه يظلم الأمير سعود من يشبّهه بهنري كيسنجر ـ وزير الخارجية الأمريكي الأسبق ـ فهو "سعود السياسة العربية، وسعود السياسة الدولية"، ثم ذكر وبكل فضل منه قوله: "تعلمتُ…
آراء
الأحد ١٢ يوليو ٢٠١٥
تمثل وفاة الأمير سعود الفيصل علامة فارقة بالنسبة إلى السعودية. برحيل وزير الخارجية السابق تكون المملكة خسرت صوتاً كان يتمتع إقليمياً ودولياً بقبول واسع، واحترام كبير، وكسب ذلك ليس لأنه كان يمثل دولة إقليمية كبيرة فحسب، بل بشخصيته التي تميز بها، إذ عُرف عن سعود الفيصل ثلاثة أمور: تهذيب يتداخل مع ذكاء لماح، وصلابة موقف تعكس قناعة متجذرة، وقاموس يخلو من اللغو حتى في أصعب اللحظات. في عام 2009 تحدث سعود الفيصل من مكتبه في الرياض إلى صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، حينها كان أكمل 35 سنة في وزارة الخارجية. وقال عن هذه السنين للصحيفة الأميركية: «لم نعرف في كل ذلك الوقت لحظة فرح واحدة، كل ما رأيناه حتى الآن لحظات أزمات، ولحظات صراع». ثم أضاف: «كيف يمكن أن ترى لحظة سعادة في أي شيء يحدث حولك، ولديك شعب مثل الشعب الفلسطيني يعيش كما هي حالهم الآن». قال ذلك قبل ما يقرب من السنتين من انفجار الانتفاضات الشعبية في خمس دول عربية، وانزلاقها إلى حروب أهلية، وانهيار دول، واهتزاز عروش وأنظمة. خلال 40 سنة من العمل الدبلوماسي كان من نصيب سعود الفيصل أن يعمل في أكثر المنعطفات التاريخية دقة وخطورة من تاريخ المنطقة، بدأ عمله في الخارجية بعد أقل من ثلاثة أشهر من انفجار الحرب الأهلية اللبنانية صيف 1975. ثم توالت…
آراء
الأحد ١٢ يوليو ٢٠١٥
دعوني أعترفُ أولاً بأنني أكتبُ السطور التالية بمشاعر متناقضة بين حزنٍ وامتنانٍ وشكرٍ وعزاء .. الحزنُ على فقد رجلٍ كان يوازي أمّةً في حكمته وحنكته وسياسته ومهابته وثقافته وبُعد نظره. أكتبُ هنا كفردٍ من جيلٍ فتح عينيه ليقرأ الدبلوماسية السعودية عبرَ شخصية سعود الفيصل. جيلٌ اقترنت لديه علاقات وطنه الخارجية بأيقونة سعود الفيصل. جيلٌ كان يستمع لصوت سياسة بلاده عبر مؤتمرات سعود الفيصل الصحافية وخطاباته ومداخلاته. سواء في أزمنة السلم أو الحرب، وفي أحلك الظروف وأصعب المنعطفات، ذات الهدوء وذات الاتزان وذات الخطاب العقلاني هو ما يميز الأمير الراحل. في كل الزيارات الخارجية للوفود السعودية ومشاركاتها في مؤتمرات القمم الإقليمية والدولية، كنا نبحث دائماً أين يجلس أمير الديبلوماسية في كاريزما ثقة وهدوء يتمتع بها ويمتد تأثيرها إلى كل من يتابعه. الامتنان لفارسٍ قضى من عمره أربعين عاماً في موقعٍ حساس يعصفُ بشاغله في كثيرٍ من حكومات العالم قديمها وحديثها. لكنه الفيصل، المستشار الأمين لملوك هذه البلاد في رسم السياسة الخارجية المتزنة وترسيخها على مدى عقود .. سياسةٌ عميقةٌ لا تتسعُ المساحة لو أردنا أن ندلف إلى تفاصيلها. لكن حسبنا أن نختزلها هنا في سفارات المملكة العربية السعودية وبعثاتها الديبلوماسية حول العالم، وفي جواز السفر السعودي الذي يجوب به أبناء المملكة أقاصي الأرض في ثقةٍ وراحةٍ واعتزاز .. لم تكن جميعها…
آراء
السبت ١١ يوليو ٢٠١٥
يكرر ساسة الولايات المتحدة الأميركية التزامهم بأمن دول مجلس التعاون بدءاً بالرئيس مروراً بقادة الكونجرس وانتهاءً بوزراء الخارجية والدفاع من خلال وعود وتطمينات يطلقونها بهذا الشأن بين فترة وأخرى. وفي تلك الوعود لا يوجد شيء مغاير أو مختلف في المضمون أو الفحوى لسياسة الإدارة الأميركية القائمة كما صدرت على لسان الرئيس أوباما في قمة كامب ديفيد الخليجية لعام 2015. وهنا تجدر الإشارة إلى أن تصريحات الرئيس أوباما في نهاية القمة تبقى مفتوحة على مصراعيها لشتى التفسيرات، ولكنها في جوهرها تعني بأنه في الوقت الذي يمكن فيه للولايات المتحدة أن تفي بالتزاماتها القائمة، وبأنها راغبة في توفير مظلة أمنية ونووية ودرع صاروخي واقٍ في حالة وجود أخطار خارجية مهددة لأمن دول المجلس آتية من أية قوى خارجية عدائية، إلا أنه يجب على دول المجلس ذاتها أن تكون صاحب المسؤولية الأولى للدفاع عن نفسها. التصريحات التي خرجت على لسان أوباما تعطي انطباعاً بأن دور الولايات المتحدة المستقبلي في الخليج العربي سيكون متركزاً بشكل أكبر على حماية مصالحها الاقتصادية في المنطقة أكثر من كونه أمنياً وعسكرياً لحماية دول المجلس ذاتها ومصالحها الحيوية في مواجهة الآخرين. إن مصالح واهتمامات الولايات المتحدة ستبقى قائمة طالما أن النفط موجود والتجارة قائمة، ولكن مظاهر تلك المصالح وتجلياتها والتعبير عنها ستكون أكثر هدوءاً عما كان عليه الوضع في…
آراء
السبت ١١ يوليو ٢٠١٥
فعلاً.. محظوظ من يتوفاه الله ويرحل عن الدنيا وهو كسعود الفيصل. ليس فقط لاسمه الذي طاف الآفاق ولوى الأعناق، ولا لعمله الذي سيبقى شاهدًا على إخلاصه لوطنه وشعبه، بل لذلك الحب الكبير والشعبية التي خطفها الراحل داخل بلاده وخارجها. لم يكن زعيمًا فتكون الشعبية مفهومة وفي سياقها الطبيعي. لم يكن وزيرًا خدماتيًا يبرع في خدمة مواطنيه ويحتك بهم مباشرة. كان وزيرًا أبعد ما يكون عن التعاطي المباشر مع الناس، إلا أن السعوديين، كما الخليجيين والعرب، أحبوه وتابعوه حاضرًا، وحزنوا عليه ميتًا. لم يفقد الناس وزيرًا كما فقدوا سعود. لم يكن الراحل وزيرًا أو دبلوماسيًا يذهب ويأتي بديل له، بقدر ما حمل على عاتقه مسؤوليات أوطان وبلدان، فما أثقلت كاهله ولا خففت من عزيمته، فلما ترجل الفارس عن جواده، قال له خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بوفاء غير مستغرب: «عرفناكم كما عرفكم العالم أجمع على مدى أربعين عامًا متنقلاً بين عواصمه ومدنه شارحًا سياسة وطنكم وحاملاً لواءها، ومنافحًا عن مبادئها ومصالحها، ومبادئ ومصالح أمتكم العربية والإسلامية، مضحين في سبيل ذلك بوقتكم وصحتكم، كما عرفنا فيكم الإخلاص في العمل والأمانة في الأداء والولاء للدين والوطن، فكنتم لوطنكم خير سفير، ولقادته خير معين»، فماذا كانت إجابة القوي الأمين؟ رد على مليكه بتواضع الكبار: «سوف أظل الخادم الأمين»، معتبرًا أن «ما…
آراء
السبت ١١ يوليو ٢٠١٥
دائمًا كانت قوة السعودية الأولى دبلوماسيتها، مع كثرة الأزمات وعنفها. وحتى عندما تقسو الظروف، وتعجز الحيل السياسية، ويطلق النار، أيضًا تلعب دبلوماسيتها دورًا أساسيا في حماية الدولة بعلاقاتها مع الحكومات والمنظمات الدولية. وعادة يدير السياسة الخارجية للدول اثنان؛ الرؤساء ووزراء الخارجية. والسعودية ليست استثناء، فالملك ووزير الخارجية يتوليان هذه المهمة التي تتطلب مهارات دقيقة وثقافة رفيعة، وهاتان خصلتان عرفنا بهما الأمير الراحل سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي. ولا شك أنه من أكثر الدبلوماسيين علمًا وعلاقات وحكمة ونجاحًا، بدليل أن المملكة نجت من معظم أهوال المنطقة لعقود بفضل قدرتها على الحوار وكذلك المناورة، ونجحت في إدارة حروبها أيضًا بفضل نشاطها الدبلوماسي. وما كان ممكنًا للسعودية، التي رسمت خطا أحمر حول جارتها اليمن ثم استولى عليها أتباع الإيرانيين وحلفاؤهم، إلا أن تواجههم. كان للدبلوماسية الخارجية جهد كبير ضَمَن اعتراف مجلس الأمن بشرعية العمل العسكري، وتجريم قيادات المتمردين، وتحريم تسليحهم. ونجحت في كسب الدول، حكومات تصوت مع المملكة، وحكومات ترسل رجالها للحرب، وحكومات تبعث بوارجها لتغلق الموانئ في وجه سفن إيران، وحكومات ترسل معلومات استخباراتية مهمة، وأخرى تتوسط إيجابيًا. إدارة العلاقات مع الدول لعبة شطرنج تتطلب الذكاء والصبر، ولا شك أنه كان صاحب فطنة وحكمة وصبورًا جدًا. وبحكم تراكم التجارب، فقد خدم أربعة ملوك، صار محل ثقة ليس عند رؤسائه فقط، إنما أيضًا…
آراء
السبت ١١ يوليو ٢٠١٥
قبل أيام، نشر تطبيق «سنابشات» صوراً وفيديوهات من عاصمة الكيان الصهيوني تل أبيب. وكما يحدث كل مرة، تكرر حديث خجول حول مقارنة فلسطين المحتلة تحت حكم الصهاينة ببقية العالم العربي، باعتبار «عواصم العرب» تحترق؛ بسبب حروبهم وصراعاتهم الأهلية وثوراتهم واستبدادهم، في مقابل التقدم والتحضر الذي يُشاهد في تل أبيب. عوضاً عن أن المعطيات غير دقيقة، ومعايير التقويم غائبة، وتختصر الحاضر والتاريخ ببضع ثوانٍ بثت عبر تطبيق في هاتف ذكي، ويتعامى عن الجرائم اليومية لهذا الكيان الغاصب، إلا أن الحديث عن هذه الآراء مهم، وإن لم تكن ظاهرة، بقدر ما هي وسيلة للفت انتباه والحصول على شهرة لحظية. الأمر هنا يشبه تماماً، لو انتصر تنظيم مجرم كتنظيم داعش، وبدأ بالاحتفال بعد عقود بانتصاره، وربما مدنيته وتسامحه، وربما أسس مدينة سماها «البغدادية» تيمناً بخليفته، هل هذا سيمحو ماضيه الأسود آنذاك؟ بالتأكيد لن يحدث هذا. لم ينس أحد أن تنظيم داعش عبارة عن خليط من أمم وجماعات مختلفة متباينة تجمعت من أصقاع الأرض؛ لتبني تنظيمها وتمارس إجرامها. لن ينسى أن هذا التنظيم يبني سطوته بالدم، يهجر ويقتل كل من يقف في طريقه، بغض النظر عن عرقه أو دينه، فيقتل العرب والأكراد والتركمان ويبطش بالمسيحيين والمسلمين، الشيعة والسنة، وكل من يخالفه. يطمس كل فكر لا يتفق معه، وكل تراث لا يروق له. يثور ضد…
آراء
السبت ١١ يوليو ٢٠١٥
يشير البعض لمسألة الزيادة السكانية المطردة ويربطها بكثير من مشاكلنا الحالية مثل البطالة وتكدس المدن، بل ويشير البعض لأهمية فرض سياسات تحديد النسل للتحكم في هذه الزيادة السكانية السريعة. واقع الأمر أننا في المملكة لا نزال إلى اليوم دون استراتيجية سكانية واضحة تبين إذا ما كانت الدولة بحاجة حقا لاتباع سياسات تحديد النسل أو أنها بحاجة لسياسة تحفز النمو السكاني. على مدى تاريخها لم تشهد المملكة سوى 5 عمليات إحصاء سكاني في الأعوام التالية (1962، 1974، 1992، 2004، 2010). وطبقا للباحثة فرانسواز دو بلاير Francoise de Bel-Air كان الإحصاء الأول (1962) ناقصا ولا يعتد به كونه لم يغط كافة أنحاء المملكة أو مناطقها السكانية. أما الإحصاء الثاني (1974) ورغم كونه أول إحصاء سكاني شامل في تاريخ المملكة إلا أن نسبة تغطيته ودقة معلوماته اعتبرت ضعيفة. أما الإحصاء الثالث (1992) فمن الواضح مما تبين من الإحصائيات اللاحقة أن أرقامه ونسبة الزيادة السكانية فيه تم تضخيمها. أما الإحصاء الرابع (2004) فيبدو أنه اعتمد تخفيض نسبة السكان غير السعوديين (خاصة مع ارتفاع نسبة غير النظاميين) وذلك لعدم إظهار حجم غير السعوديين من مجموع السكان. وأخيرا فيما يتعلق بالإحصاء الخامس والأخير (2010) فإنه ورغم مضي 5 سنوات عليه فإن نتائجه النهائية لم تنشر إلى اليوم بشكل رسمي. شهدت المملكة خلال فترة السبعينات والثمانينات طفرة…
آراء
السبت ١١ يوليو ٢٠١٥
لا شك أن هناك كرها دفينا وظاهرا بين بعضنا بعضا تراكم على مدى عقود بسبب انحسار مساحة التسامح بمعناه الحقوقي وليس اللفظي، وهيمنة الرؤية الأحادية عبر احتكار قنوات ومصادر المعرفة والتوجيه العام، وبث خطاب التحريض ضد المختلف. ما الذي يفرق في العلاقة المجتمعية الحاضرة وبين ما كانت عليه في “الزمن الجميل”؟ فالمذاهب من أفكار ومعتقدات وشعائر لم تتغير أو تزد عما كانت عليه سابقا. ما تغير هو أن هامش التسامح كان سائدا بشكل أوسع، وكان ينظر للآخر باعتبار أنه يمارس حقا مشروعا له. بل إن جيل الآباء من أتباع المذاهب المختلفة كانوا يتندرون ببعض الآراء المذهبية المختلفة بينهم، باعتبارها جزءا من عادات وأفكار قد تتحول إلى نقاش يمتزج بالهزل والتندر، دون أن يعتبره الآخر إهانة أو استهزاء. وهكذا كانت مثل هذه العلاقات الاجتماعية هي السائدة بين المختلفين مناطقيا أو قبليا. غاب التسامح بين الناس من مجتمعنا، وسادت تيارات التشدد التي امتزجت بالعنصرية المناطقية، وانتشرت التصنيفات بين مكونات المجتمع، وحدثت مفاصلات بين “نحن وأنتم”، وأبرزت عناصر الاختلاف وغيبت المشتركات. أصبح هم الخطيب المنبري هو تأكيد الهوية الغالبة المختلفة عن الآخر والعمل على الحط من مكانته، والجامعات تحولت إلى مراكز بحثية في تأكيد وتوثيق الاختلاف، والإعلام غيب التنوع القائم في المجتمع بصوره المختلفة. للعودة إلى الوضع الصحيح، لا بد لنا من إعادة…