آراء
الثلاثاء ١٤ مايو ٢٠١٣
حدثنا شَعَبْ بن عَرَبْ قال: بعد أن طالت مدة سجننا، وانكسر الأمل في خروجنا، وبات الذل طعامنا، والقسوة أساس يومنا، والإهانات شعار وجودنا، قررت ومعظم زملائي الهرب. سجننا لم يكن بالسجن العادي، وإن كان حارسه سادي، يتلذذ بالآلام، وينتهك الأحرام. كان السجن واسع الرقعة، إلا أنه قذر البقعة، خبيث الهواء، به أعداداً غفيرة من بشر وحيوانات كثيرة، يزاحم بعضنا بعضاً، كلٍ يتلمس طريقه ليمضي يومه، حتى إذا حل الظلام، يستسلم لنومه، عالم آخر، به السيارات تسير، والظلم هو السيد الذي يدير، ولا محاسبة لفساد الوزير، ولكن الويل كل الويل إذا سرق الفقير! سجن بلا جدران مادية، ولكن يمتليء بأعين استخباراتية، لها السلطة النهائية، والأحكام الانتهازية. طلبت من المسجونين الاجتماع، وفتح آذانهم والاستماع، وإن أعجبهم حديثي؛ فالانصياع، ولهم الحق بأن يدلوا بدلوهم، ويقترحوا رأيهم. يقول شعب بن عرب: فتحلقوا حولي، واشرأبت الرقاب نحوي، وقبل أن أنطق، صرخ أحدهم أنهم موافقون على ما سأخططه، وعلى كل ما سأرتبه، فنهاه زعيم الدراويش، يسمى بـ أخ بن مسلم، ويكنى بالمرشد، يترأس مجموعة منظمة، كانت من ضمننا، وكأنها ليست مننا، تسيطر على البقالات، وتبيعنا الخضروات، وتعرف كيف تتحدث بلسان أهل السنة والجماعة، وتلحن القول وتظهر السماحة، تحبب الإحسان، وتخاصم النكران، تتلون حين يتطلب التلوين، وتتلوى بعذابات المسجونين، حين تعلو صرخات المظلومين، تطلق على نفسها اسم…
آراء
الثلاثاء ١٤ مايو ٢٠١٣
قرأت قبل أيام إعلانا عجيبا، لشركة «لو سليب فرانسيه» المتخصصة بتصنيع السراويل الداخلية الرجالية، بمقولة جريئة لمؤسسها الشاب الفرنسي جيوم جيبو (28 عاما)، الذي يسعى إلى دعم الصناعة الوطنية الفرنسية بالابتكار وتقديم سراويل معطرة يدوم عطرها الرجالي لثلاثين غسلة، يقول: «تريدون تغيير العالم؟ وتريدون تغيير الأمور؟ ابدأوا بتغيير سروالكم!». هكذا ببساطة تجارية متناهية. لكنها قد تبدو من جانب آخر فلسفة ذكية وتستحق التصفيق، حين يبدأ التغيير من أقرب نقطة إلينا وهي ذواتنا. التغيير سمة لهذا العصر العنفواني الحاشد بالأحداث، وذكر التغيير مدغدغا للمشاعر. الخطابات السياسية، الاقتصاد، المجتمع، حتى الرسائل التي تتضمنها الإعلانات التجارية جاءت على هذا النسق. وحين يتحدث أحدنا عن التغيير، يهرع آخرون إلى ترتيب أولويات التغيير ويجادل في أهميتها. الأولويات هذه تكنيك جيد للانطلاق. ولطالما تكررت كلمة «الأولويات» في مفردات الرأي العام. من يصنف الأولويات؟ الأمر يبدو غامضا وليس بغامض: كيف تتحدث وتطالب بهذا الأمر؟ الأولى أن تطالب بهذا وذاك، إنها الأولويات يا سيدي/سيدتي. كل جهة ترى تصنيف الأولويات من منظار احتياجها هي، والذي هو في النهاية احتياج اجتماعي. قبل سنوات، كنت أجلس على طاولة إفطار رمضاني في أحد فنادق جدة، كان ذلك في مهمة عمل جمعتني وبعض الأمريكيين. وكانت شاشة الفندق الضخمة وسط القاعة تبث مسلسل «طاش ما طاش»، في حين كنت معهم نلتهم الأطباق الشرقية. حوت…
آراء
الثلاثاء ١٤ مايو ٢٠١٣
لم أكن قط تاجراً، ويبدو أنني لن أكون، وأعتقد أن سلالتي الطاهرة ليس فيها من امتهن أو بالأدق ليس فيها من (فلح) في التجارة، فحين قمت بتوزيع «الورث» وإعطاء كل من أخوتي عدداً من الغنم يعد على الأصابع و«يونيتي» عيش، فهمت قصد والدي، رحمه الله، حين كان يؤكد دائماً أننا عائلة علمٍ وأدب! جربت التعمق في التجارة مرتين، في الأولى قمت مع شريك لي (المركزي، عنبر 3، لمن يرغب في زيارته حالياً)، قمنا بشراء كميات كبيرة من التمور قبل موسم رمضان أيام كان رمضان يأتي شتوياً وخفيفاً، ثم قمنا بإرسالها إلى «البصرة» مع السفينة التي كانت تسمى «جبل علي» وتبحر من ميناء راشد في تلك الأيام.. لا أعلم لماذا كسدت بضاعتنا في ميناء البصرة! هل تعرف أنت؟! في المرة الثانية وبعد ولوجي عالم الإعلام، قمنا بتأجير أرض على شارع السلام في أبوظبي، وبناء لوحة إعلانية ضخمة بمقاس 70 متراً، وبعد يومين صدر قرار إغلاق شارع السلام وبقي مغلقاً مدة عامين، ولكن الحمد لله أن علاقتي بشريكي عميقة ومثالية تماماً مثل علاقة فيدل كاسترو بالثائر «تشي جيفارا»، وفي النهاية نفسها أحدهما يعتقل (المركزي، عنبر 3، لمن يرغب في زيارته حالياً)، والثاني تتصدر صورته الصحف وهو مبتسم! الصداقة كنز لا يفنى! اليوم أفكر جدياً في أن أدفع قيمة الكفالة وأخرج شريكي، لأن…
آراء
الإثنين ١٣ مايو ٢٠١٣
أكثر ما أسمعه حين تتم مناقشة الكثير من القضايا أيا كانت من الناس قولهم "الله لا يغير علينا"! حتى أصبحت عادة "كلامية" نسمعها كثيرا ونستسلم لها بقول "آمين".. وكأن التغيير لا يكون إلا للأسوأ! فيتمنون بقاء حالهم "واقف"، على ألا يُغير عليهم أبدا، رغم أنهم غير راضين ولا مقتنعين ودائما متذمرون من سلبية واقعهم ومؤسساته معهم. وكم كنتُ وما أزال أتمنى أحيانا أن أسمع أحدهم يقول: "الله يغيّر علينا للأفضل والأحسن"، لكن فيما يبدو أنها "فوبيا التغيير" أو مخاوف من أوهام محاولة الخروج من "كهف أفلاطون"! لهذا تُرعبهم صغائر الأمور إذا ما حصل أي تغيير للأفضل؛ فيرضون بكساد حالهم خوفا وطمعا.. خشية سلبيات بسيطة قد لا تُقارن بتحقق مصالح كبرى. السؤال هنا: هل هو حال مَرضي أم مُرض أن يتمنى هؤلاء بقاءهم "محلك سر" دون أي تغيير ولو بأمنية التغيير للأفضل؟ أم هو الكسل الذي احتل فيه السعوديون المرتبة الثالثة عالميا؛ لكنه هنا ليس كسلا بدنيا بل كسل معرفي وفكري آخر، يتعلق بنمو "الوعي"؛ نتيجة تعطيل العقل واستبداله بتبعية الآخرين وإن كانوا على خطأ، فقط ليكونوا غير مسؤولين ومتواكلين، ويجدون "شماعة" يرمون عليها أخطاءهم إذا حصلت نتيجة عكسية لهذه التبعية، متناسين أهمية "النفس اللوامة" في تطوير الذات والمضي قدما إلى الأمام. هي عقدة من التغيير وتحمل نتائجه سلبا أو إيجابا…
آراء
الإثنين ١٣ مايو ٢٠١٣
المبادرون أو الرياديون هم أولئك الشباب الموهوبون الذين تركوا طريق الوظيفة المعتاد، وحملوا أفكارهم التجارية على عاتقهم، ووضعوا جهدهم ليل نهار ليحولوها إلى حقيقة واقعة وقصة نجاح من رأس مال صغير، وبعيدا عن "الدلال" الذي تحظى به الشركات الكبرى ذات الميزانيات والفرق الضخمة. في الأسبوع الماضي قدمت عددا من الدلائل على أن تشجيع المبادرات هو الحل رقم واحد عالميا لمشكلة البطالة، وعلى أن المبادرين أو الرياديين هم عادة من يقودون التحولات الجذرية في القطاعات الاقتصادية، لأنهم يغامرون ويفكرون ويبتكرون، بخلاف الشركات التي تحاول عادة اتباع السائد لضمان الأرباح الكبيرة. على الرغم من ذلك كله، وعلى الرغم من وجود مجموعة كبيرة من المشاريع والهيئات الحكومية وصناديق الدعم والتمويل، إلا أن هناك فشلا حقيقيا في هذا الاتجاه، وهناك ضعف واضح في هذا الدعم مقارنة بدول العالم الأخرى، إلى درجة أن حجم دعم المبادرات في العالم العربي كله لا يصل إلى مستوى الدعم الموجود في دول صغيرة حجما مثل سنغافورة أو إسرائيل. لماذا يحصل هذا التقصير بينما يعاني العالم العربي، ومنه دول الخليج، من ارتفاع نسب البطالة، وفي نفس الوقت هناك مستوى لا بأس به من الوعي والسيولة المالية؟ قبل أن أحكي رؤيتي في هذا المجال، تحدثت مع راكان العيدي، وهو مهندس حاصل على الماجستير من أستراليا في مجال المبادرات، والمؤسس والرئيس التنفيذي…
آراء
الإثنين ١٣ مايو ٢٠١٣
هكذا المشهد في سورية منذ عامين: اختطاف عائلات. اغتيالات واسعة. اعتقالات تعسفية. نحر أطفال. حمام دم وأشلاء أبرياء. مذابح جماعية ومجازر يومية. هدم المنازل والمساجد على رؤوس أهلها والمصلين. نظام دموي فاتح شهيته للقتل والتدمير والتعذيب. حصار للمدن والبلدات السورية بالدبابات والطائرات والأسلحة الكيماوية. عصابة «بعثية» إجرامية تنشر الموت على امتداد الوطن السوري. نظام مجرم يتفنن في طُرق ذبح وقتل الأبرياء، ولا يزال العالم «يجبُن» عن مواجهته وإنهاء مأساة الشعب السوري! بعد الضربة الإسرائيلية الأخيرة لنظام الأسد، تأرجح الشارع العربي، فبعض العرب عند سؤالهم عن رأيهم حول تلك الضربة، تأتي إجاباتهم بأنهم على رغم عداوتهم للكيان الصهيوني (الإسرائيلي)، بصفته مجرماً وعدواً ومحتلاً لأرض عربية، ويقتل وينفذ الجرائم والمذابح بحق الفلسطينيين، إلا أن نظام الأسد مجرم ودموي مثله، إذ قتل حتى الآن نحو 70 ألف سوري، ولا يزال يمارس «العربدة»، ويرتكب جرائم ومجازر، لذلك فهم ينظرون إلى تلك الضربة بمنطق «دع هذا الفخار يكسر بعضه»! وأنها وإن كانت من كيان مجرم وعدو، فهي ضد نظام مجرم وعدو! في الثورة السورية تكشّفت البراقع عن وجوه مشوّهة ترفع شعارات ممانعة كاذبة، وهؤلاء في حقيقتهم «انبطاحيون» للطغاة، ملطخون بالدماء، وسيأتي يوم ما للاقتصاص منهم ونبذهم. أتذكر قبل عام تقريباً، وفي اتصال للتلفزيون السوري مع عضو في البرلمان الأردني تدعى ناريمان الروسان، قالت: «إن الشعب…
آراء
الإثنين ١٣ مايو ٢٠١٣
يقال: أهل مكة أدرى بشعابها. وهذا المثل القديم كان معنيا بمعرفة جغرافية مدينة مكة ذات الجبال والشعاب المتداخلة، والتي تفضي منحنياتها إلى أحياء وأزقة وبرحات وأسواق ومواقع، كان هذا فيما مضى من سالف العصر والأزمان، أما الآن فكثير من تضاريس مكة أزيلت، وغدا أهل مكة يبحثون عن منازل يسكنونها، وليسوا في حاجة لذلك المثل العريق. وقد سبق أن كتبت عن نزع ملكيات عقارية في مكة المكرمة استهدف جزءا من منطقة الفلق وجبل قرن، وهي عقارات تم إزالتها وقابل نزعها تأخر في تعويض أصحاب العقارات، وقلت ــ حينها ــ إن تأخر التعويضات أمر غير مستساغ البتة، حيث أن أي جهة أو منطقة يتم اختيار نزع ملكيتها للصالح العام تكون ميزانية التعويض جاهزة، وإذا كان هذا هو الوضع الحقيقي، فلماذا يتم حجب التعويض لشهور أو لسنوات؟ فالمواطن الذي وجد عقاره ضمن الإزالة من حقه ــ شرعا وقانونا ــ أن يعوض في الحال. إذا، لماذا يحدث تباطؤ شديد في تسليم المواطنين حقوقهم من التعويضات، وهل هم بحاجة للصراخ كي تنبه أصواتهم جهات أخرى لوجود مماطلة أو إهمال أو فساد؟ ولا أعرف إلى أين ذهب استفساري واستفسار أصحاب العقارات المنزوعة في وجوب سرعة التعويض، كون الشخص الذي نزعت ملكية عقاره لن يكون قادرا على الشراء أو الاستئجار داخل مكة لارتفاع الأسعار، فكيف به وهو…
آراء
الأحد ١٢ مايو ٢٠١٣
يسود التأزم السياسي والمجتمعي كلَّ البلدان العربية التي جرى فيها التغيير في الحاكم أو نظام الحكم. وهذا إنْ دل على شيء؛ فإنه يدل على أن الذين وصلوا للسلطة أو كادوا، لا يملكون توجهاً واضحاً ولا بدائل يمكن المسير فيها بشيء من الثقة. وهذا أمر مختلف عن الحديث الآخر الذي يقول إن العالم العربي يمر بمخاض هائل، تحوطه استنزافات آتية من إسرائيل وإيران في الإقليم، ومن الصراع الدولي على المنطقة بين الكبار. ولنبدأْ بحالتي سوريا والعراق، باعتبار أن التأزمَ فيهما ما أفضى إلى تغيير الحاكم بعد. فنظام الحكم السائد في العراق منذ عشر سنوات، من صناعة أميركية إيرانية. وقد رُتّبت مجريات «العملية السياسية» بحيث يسود طرف غالب، موزَّعُ الولاء بين إيران وأميركا، أما سيطرته داخلياً فتعتمد على الجيش وقوات الأمن التي بُنيت بطريقة تُخضعُها قانوناً لرئيس الوزراء. وخلاف المالكي مع الأكراد في الحقيقة خلاف على الحدود، وعلى كركوك، لأنهم لا يزالون ماضين باتجاه الاستقلال، وميزانهم في التوقف أو التقدم في العملية الأميركيون والإسرائيليون. وبانتظار حصول تقدم جديد لمصلحتهم يعتبرون ما يحصلون عليه من نظام المالكي بمثابة الغنائم المزيدة. وبانتظار كل ذلك، أقاموا علاقات وثيقة مع تركيا. وهكذا فإن المحافظات السنية الثائرة منذ أربعة أشهر ونيِّف باقية وحدها. وليست هناك غير نقطتين إيجابيتين؛ تتعلق أُولاهما بالاستنفار الشامل في صفوفهم من أجل حقوق…
آراء
الأحد ١٢ مايو ٢٠١٣
حرصت تماما في الأسبوعين الأخيرين أن أتسمر مغرب كل جمعة أمام القناة الأولى للتلفزيون السعودي وهي تعرض تسجيلا لبعض جلسات مجلس الشورى الموقر. وبالمناسبة لا أعرف من أين جاءت كلمة (الموقر) التي أصبحت توصيفا لغويا كلما كتبنا اسم المجلس. والخلاصة أنني توصلت إلى واحد من أحد حلين: إما أن يغير المجلس (الموقر) طريقته المعلبة في نقاش القضايا التي تعرض عليه، وإما أن تتوقف القناة الرسمية عن عرض هذا التسجيل كي لا يفقد الشعب الكريم ثقته بمجلسه البرلماني. اختتم المجلس الموقر جلسته مساء البارحة بالتصويت على المادتين الأخيرتين بعد قراءته لتقرير مستشفيات العيون الوطنية. في التوصية الأولى (يؤكد المجلس على ضرورة إنشاء سجل وطني لأسماء المصابين بإعاقات بصرية)، وفي الثانية (يوصي المجلس بالتوسع في برامج الزمالة العليا لأطباء العيون). هكذا كانت التوصيتان بالضبط، ولكن المفاجأة المدهشة أن ثلاثة أعضاء اعترضوا على التوصية الأولى، فيما اعترض سبعة أعضاء على التوصية الثانية. وبودي أن أسأل: هل قرأ الإخوة الأعضاء في المجلس (الموقر) كلمة واحدة من التوصية التي اعترضوا عليها قبل ضغط الأزرار على توصيتين لو عرضتا على كل ملايين هذا الشعب لما اعترض عليهما فرد واحد عاقل يستطيع فقط أن يقرأ ويضغط. كيف أستطيع أن أستوعب أن كفاءة وطنية اختيرت لأعلى المجالس ترفض توصية بتدوين أسماء مرضى الإعاقة البصرية ثم ترفض في الثانية…
آراء
الأحد ١٢ مايو ٢٠١٣
«إن الرئيس السوري لم يبدل من مواقفه بعد مقتل أكثر من 70 ألف مواطن، وخسارته السيطرة على رقع واسعة من دولته، ولم يبدل مواقفه عندما تعرض رئيس وزرائه لمحاولة اغتيال.. الرئيس السوري لن يغير من سياسته إلا إذا قتل له أحد أو تعرض هو لمحاولة اغتيال». هذا استنتاج صائب لأحد السياسيين بعد أن أخطأ كثيرون في فهم قدرات الرئيس بشار الأسد على المناورة. في رأيي، ومن متابعتي الطويلة له، هو أخطر من أن تختصر إمكاناته في قواته وأجهزته الأمنية رغم ضخامتها. رأيي أن أخطر ما في بشار الأسد.. بشار الأسد نفسه. شخصيا يوحي لضيوفه بأنه جاهل، بلا قدرات، ولا يستطيع أن يقرر ماذا سيفطر غدا. إنما حقيقة شخصيته تتجلى في اثني عشر عاما من الرعب والسير على حافة الهاوية، ونجا من كل مغامراته وجرائمه إلا أزمته الحالية، ربما. وأخشى أنه حتى لو خسر معركة دمشق المصيرية اليوم، قد ينجح في البقاء رئيسا وبدولة ما، ويظل شوكة تدمي المنطقة. ومع أننا نكرر القول بأن الأسد دمية في يد الإيرانيين، لا بد أن نقر بأنه الذي يدير اللعبة، وهو يستخدم الإيرانيين وحزب الله وروسيا لأغراضه، طبعا هم شركاؤه في الحرب والجرائم، أيضا خدمة لأغراضهم. ويمكننا أن نتعرف على بصمته وشخصيته العنيدة، وأسلوبه في إدارة أزماته من خلال سجله في الحكم، يكرر نفسه…
آراء
الأحد ١٢ مايو ٢٠١٣
هل «الجمهورية الإسلامية» الإيرانية نظام طائفي؟ إذا كانت كذلك، فكيف يتفق هذا مع حقيقة أنها تتبنى «المقاومة»، وتستثمر في ذلك كثيراً؟ ما يفرض هذا الموضوع حقيقة أن المنطقة تشهد في العقود الأخيرة تحول الطائفية من كونها موروثاً ثقافياً دينياً إلى قوة سياسية فاعلة ومدمرة على الأرض. ما يحدث في العراق والبحرين وبخاصة في سورية، يجسد هذه الحقيقة في أبشع صورها. لم تكن الطائفية بمثل هذه الصيغة البشعة موجودة من قبل. كانت الطائفية الممأسسة والمسيّسة هامشية. السؤال: متى عادت الحياة إلى الطائفية على هذا النحو في العالم العربي؟ وعلى يد من حصل هذا؟ هل حصل قبل الثورة الإيرانية أم حصل بالتزامن مع هذه الثورة تحديداً؟ بالنسبة إلى المسؤولين الإيرانيين، كما للكثيرين من تيار الصحوة الإسلامية، المسألة واضحة. الغرب هو الذي يغذي الطائفية والصدامات الطائفية لتحقيق أهدافه. آخر من قال بهذا مرشد الثورة الإيرانية الإمام علي خامنئي، وذلك في «مؤتمر الصحوة الإسلامية» الذي عقد في طهران قبل أيام. في كلمته خلال المؤتمر قال خامنئي نصاً: «ما يواجه حركة الصحوة الإسلامية اليوم إثارة الخلافات ودفع هذا الحراك نحو صدامات دموية طائفية ومذهبية وقومية ومحلية. هذه المؤامرة تتابع أجهزة الجاسوسية الغربية والصهيونية تنفيذها اليوم بجد واهتمام في منطقة تمتد من شرق آسيا حتى شمال أفريقيا وبخاصة في المنطقة العربية بدعم من دولارات النفط، والساسة…
آراء
السبت ١١ مايو ٢٠١٣
كانت تجربة ثرية تلك الرحلة الميدانية التي جمعتني بعدد من كتاب الرأي والإعلاميين الإماراتيين والعرب المقيمين في الإمارات. في صبيحة يوم الخميس الموافق 11 من الشهر الماضي، اجتمعت وفريقي مع ضيوفنا الإعلاميين قبل الانطلاق في رحلة ميدانية إلى القرم الشرقي. وكم كنت في غاية السعادة وأنا أستمع لأسئلة وتعليقات ضيوفنا من الوسط الإعلامي حول أشجار القرم ولماذا نكثف الجهود لرعايتها وحمايتها. فعلاً.. لماذا القرم؟ هناك ثروات طبيعية متوارية عن الأنظار رغم تأثيرها الكبير في التنوع البيولوجي ودورها المهم في توازن الطبيعة. من هذه الثروات شجر القرم. تدل كلمة القرم على مجموعة من الأشجار والشجيرات المتحملة للملوحة المرتفعة ذات الأخشاب والأوراق دائمة الخضرة، والتي تنمو في بيئة عالية الملوحة كالأراضي الطينية. تشكل بيئة ساحرة تربط ما بين البيئة البرية والبحرية، وتقع في المناطق الواقعة بين المد والجزر. تمثل هذه الأشجار جسراً واصلاً بين الأنظمة البيئية التي توجد في البر والبحر، وهي موئل للكثير من الكائنات الحية. لدينا في إمارة أبوظبي القرم الشرقي، ولشجرها قيمة لا تقدّر بثمن، وذلك لأسباب تتلخّص بثلاثة مستويات: المستوى الحضاري، والاقتصادي والبيئي. تتمثّل قيمتها الحضارية بأنها ارث وطني أرساه فينا المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. حيث كان حريصاً على زرع أشجار القرم في هذه المنطقة إدراكاً منه لأهميتها البيئية، وتعلّق بها أجدادنا…